آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 34917 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 23880 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 30226 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 31637 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 65075 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 59293 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51158 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 33549 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 33811 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 39764 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-05-2007, 07:57 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين
إخوتي وأخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي

أما بعد ـ
فإمتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية " نتدارس اليوم حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه‏.‏

هذا الحديث خرجه مسلم من رواية سعيد بن عبدالعزيز وخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من رواية شهر بن حوشب

فقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي يعني أنه منع نفسه من الظلم لعباده كما قال عز وجل ‏{‏وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ‏}‏ ق وقال ‏{‏وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ‏}‏ آل عمران وقال ‏{‏وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ‏}‏ غافر وقال ‏{‏وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ‏}‏ فصلت وقال ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا‏}‏ يونس وقال (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) النساء وقال (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) طه والهضم أن ينقص من جزاء حسناته والظلم أن يعاقب بذنوب غيره ومثل هذا كثير في القرآن وهو مما يدل على أن الله قادر على الظلم ولكن لا يفعله فضلًا منه وجودا وكرما وإحسانا إلى عباده

وقد فسر كثير من العلماء الظلم بأنه وضع الأشياء في غير مواضعها

وقوله وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يعني أنه تعالى حرم الظلم على عباده ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم فحرام على كل عبد أن يظلم غيره مع أن الظلم في نفسه محرم مطلقا وهو نوعان:
أحدهما ظلم النفس وأعظمه الشرك كما قال تعالى ‏{‏إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏}‏ لقمان فإن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق فعبده وتألهه فهو وضع الأشياء في غير مواضعها وأكثر ما ذكر في القرآن وعيد للظالمين إنما أريد به المشركون كما قال الله عز وجل ‏{‏وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ البقرة ثم يليه المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائر وصغائر
والثاني ظلم العبد لغيره وهو المذكور في هذا الحديث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وروي عنه أنه خطب بذلك في يوم النحر من يوم عرفة وفي اليوم الثاني من أيام التشريق وفي رواية ثم قال اسمعوا مني تعيشوا ألا لا تظالموا إنه لا يحل مال امريء مسلم إلا عن طيب نفس منه‏.‏
وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الظلم ظلمات يوم القيامة وفيهما عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله ليملي الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ ‏{‏وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ‏}‏ هود‏.‏
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه
وقوله يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم هذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم وإن العباد لا يملكون لأنفسهم شيئًا من ذلك كله وإن من لم يتفضل الله عليه بالهدي والرزق فإنه يحرمهما في الدنيا ومن لم يتفضل الله عليه بمغفرة ذنوبه أوبقته خطاياه في الآخرة قال الله تعالى ‏{‏مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا‏}‏ الكهف ومثل هذا كثير في القرآن وقال تعالى ‏{‏مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}‏ فاطر وقال ‏{‏وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا‏}‏ هود وقال تعالى حاكيا عن آدم وزوجه عليهما السلام أنهما قالا ‏{‏رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ الأعراف وعن نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال ‏{‏وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ هود وقد استدل إبراهيم الخليل عليه السلام بتفرد الله بهذه الأمور على أنه لا إله غيره وإن كل ما أشرك معه باطل فقال لقومه ‏{‏أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ‏.‏ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ‏.‏ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ‏.‏ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ‏.‏ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ‏.‏ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ‏.‏ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ‏.‏ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ‏.‏ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ‏}‏ الشعراء فإن من تفرد بخلق العبد وبهدايته وبرزقه وإحيائه وإماتته في الدنيا وبمغفرة ذنوبه في الآخرة مستحق أن يفرد بالإلهية والعبادة والسؤال والتضرع والاستكانة له قال الله عز وجل ‏{‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ الروم‏.‏

وفي الحديث دليل على أن الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك كما يسألونه الهداية والمغفرة وفي الحديث ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع‏.‏
وكان بعض السلف يسأل الله في صلاته كل حوائجه حتى ملح عجينة وعلف شاته وفي الإسرائيليات أن موسى عليه الصلاة والسلام قال يا رب إنه ليعرض لي الحاجة من الدنيا فأستحي أن أسألك قال سلني حتى ملح عجينك وعلف حمارك فإن كل ما يحتاج العبد إليه إذا سأله من الله فقد أظهر حاجته فيه وافتقاره إلى الله وذاك يحبه الله‏.‏
وقوله كلكم ضال إلا من هديته قد ظن بعضهم أنه معارض لحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل خلقت عبادي حنفاء وفي رواية مسلمين فاجتالتهم الشياطين وليس كذلك فإن الله خلق بني آدم وفطرهم على قبول الإسلام والميل إليه دون غيره والتهيؤ والاستعداد له بالقوة لكن لا بد للعبد من تعليم الإسلام بالفعل فإنه قبل التعلم جاهل لا يعلم كما قال عز وجل ‏{‏وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا‏}‏ النحل وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم (ووجدك ضالا فهدى) الضحي والمراد وجدك غير عالم بما علمك من الكتاب والحكمة كما قال تعالى ‏{‏وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا‏}‏ الشورى فالإنسان يولد مفطورًا على قبول الحق فإن هداه الله تعالى سبب له من يعلمه الهدى فصار مهديًا بالفعل بعد أن كان مهديًا بالقوة وإن خذله الله قيض له من يعلمه ما يغير فطرته كما قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه‏.‏
وأما سؤال المؤمن من الله الهداية فإن الهداية نوعان هداية مجملة وهي الهداية للإسلام والإيمان وهي حاصلة للمؤمن وهداية مفصلة وهي هداية إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام وإعانته على فعل ذلك وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلًا ونهارا ولهذا أمر الله عباده أن يقرأوا في كل ركعة من صلاتهم قوله اهدنا الصراط المستقيم الفاتحة‏.‏
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه بالليل اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ولهذا يشمت العاطس فيقال له يهديكم الله كما جاءت به السنة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليًا أن يسأل الله السداد والهدى وعلم الحسن أن يقول في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت
وأما الاستغفار من الذنوب فهو طلب المغفرة والعبد أحوج شيء إليه لأنه يخطيء بالليل والنهار وقد تكرر في القرآن ذكر التوبة والاستغفار والأمر بهما والحث عليهما‏.‏
وخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون‏.‏
وخرج البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة‏.‏
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر قال إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة يقول رب اغفر لي وتب على إنك أنت التواب الرحيم‏.‏
وخرج الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساءوا استغفروا‏.‏

وقوله يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يعني أن العباد لا يقدرون أن يوصلوا إلى الله نفعا ولاضرا فإن الله تعالى في نفسه غني حميد لا حاجة له بطاعات العباد ولا يعود نفعها إليه وإنما هم ينتفعون بها ولا يتضرر بمعاصيهم وإنما هم يتضررون بها قال الله تعالى ‏{‏وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً‏}‏ آل عمران وقال ‏{‏وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا‏}‏ آل عمران، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا قال الله عز وجل ‏{‏وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا‏}‏ النساء وقال حاكيًا عن موسى ‏{‏وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ‏}‏ إبراهيم وقال ‏{‏وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏ آل عمران وقال ‏{‏لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ‏}‏ الحج‏.‏
والمعنى أنه تعالى يحب من عباده أن يتقوه ويطيعوه كما أنه يكره منهم أن يعصوه ولهذا يفرح بتوبة التائبين أشد من فرح من ضلت راحلته التي عليها طعامه وشرابه بفلاة من الأرض وطلبها حتى أعيى وأيس منها واستسلم للموت وأيس من الحياة ثم غلبته عينه فنام واستيقظ وهي قائمة عنده وهذا أعلى ما يتصوره المخلوق من الفرح هذا كله مع غناه عن طاعات عباده وتوباتهم إليه وإنه إنما يعد نفعها إليهم دونه ولكن هذا من كمال جوده وإحسانه إلى عباده ومحبته لنفعهم ودفع الضر عنهم فهو يحب من عباده أن يعرفوه ويحبوه ويخافوه ويتقوه ويطيعوه ويتقربوا إليه ويحب أن يعلموا أنه لا يغفر الذنوب غيره وأنه قادر على مغفرة ذنوب عباده كما في رواية عبدالرحمن بن غنم عن أبي ذر لهذا الحديث من علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة ثم استغفرني غفرت له ولا أبالي‏.‏
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عبدًا أذنب ذنبا فقال يا رب إني فعلت ذنبا فاغفر لي فقال الله علم عبدي أن له ربا يغفر الذنوب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي وفي حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما ركب دابته حمد الله ثلاثًا وكبر ثلاثًا وقال سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك وقال إن ربك ليعجب من عبده إذا قال رب اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري خرجه الإمام أحمد والترمذي وصححه‏.‏
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها
كان بعض أصحاب ذي النون يطوف ينادي آه أين قلبي من وجد قلبي فدخل يومًا بعض السكك فوجد صبيا يبكي أمه تضربه ثم أخرجته من الدار وأغلقت الباب دونه فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالًا لا يدري أين يذهب ولا أين يقصد فرجع إلى باب الدار فجعل يبكي ويقول يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت بابك عني ومن يدنيني إذا طردتيني ومن الذي يدنيني إذا غضبت علي فرحمته أمه فنظرت من خلل الباب فوجدت ولدها تجري الدموع على خديه متمعكا في التراب ففتحت الباب وأخذته حتى وضعته في حجرها وجعلت تقبله وتقول يا قرة عيني ويا عزيز نفسي أنت الذي حملتني على نفسك وأنت الذي تعرضت لما حل بك لو كنت أطعتني لم تلق مني مكروها فتواجد الفتى ثم صاح وقال قد وجدت قلبي قد وجدت قلبي وتفكروا في قوله تعالى ‏{‏وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ‏}‏ آل عمران فإن فيه إشارة إلى أن المذنبين ليس لهم من يلجأون إليه ويعولون عليه في مغفرة ذنوبهم غيره‏.‏
وكذلك قوله في حق الثلاثة الذين خلفوا ‏{‏حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏}‏ التوبة فرتب توبته على ظنهم أن لا ملجأ من الله إلا إليه فإن العبد إذا خاف من مخلوق هرب منه وفر إلى غيره وأما من خاف من الله فما له من ملجأ يلجأ إليه ولا مهرب يهرب إليه إلا هو فيهرب منه إليه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك‏.‏
وكان يقول أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك‏.‏
قال الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما من ليلة اختلط ظلامها وأرخى الليل سربال سترها إلا نادى الجليل جل جلاله من أعظم مني جودا والخلائق لي عاصون وأنا لهم مراقب أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا فيما بيني وبينهم أجود بالفضل على العاصي وأتفضل على المسيء من ذا الذي دعاني فلم أستجب إليه أم من ذا الذي سألني فلم أعطه أم من الذي أناخ ببابي فنحيته أنا الفضل ومني الفضل أنا الجواد ومني الجود وأنا الكريم ومني الكرم ومن كرمي أن أغفر للعاصين بعد المعاصي ومن كرمي أن أعطي العبد ما سألني وأعطيه ما لم يسألني ومن كرمي أن أعطي التائب كأنه لم يعصني فأين إلى غيره يهرب الخلائق وأين عن بابه يلتجيء العاصون خرجه أبو نعيم ولبعضهم في المعنى قائلا‏:‏
أسأت ولم أحسن وجئتك تائبًا *** وأني لعبد عن مواليه يهرب ‏؟‏
يؤمل غفرانا فإن خاب ظنه *** فما أحد منه على الأرض أخيب

وقوله بعد هذا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا ولو كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا هو إشارة إلى أن ملكه لا يزيد بطاعة الخلق ولو كانوا كلهم بررة أتقياء قلوبهم على قلب أتقى رجل منهم ولا ينقص ملكه بمعصية العاصين ولو كان الجن والإنس كلهم عصاة فجرة قلوبهم على قلب أفجر رجل منهم فإنه سبحانه الغني بذاته عمن سواه وله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فملكه ملك كامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه على أي وجه كان وفي هذا الكلام دليل على أن الأصل في التقوى والفجور هي القلوب فإذا بر القلب واتقي برت الجوارح وإذا فجر القلب فجرت الجوارح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم التقوى ههنا وأشار إلى صدره

و قوله لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسئلته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر فالمراد بهذا ذكر كمال قدرته سبحانه وكمال ملكه وإن ملكه وخزائنه لا تنفذ ولا تنقص بالعطاء ولو أعطي الأولين والآخرين من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد وفي ذلك حث الخلق على سؤاله وإنزال حوائجهم به‏.‏
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يد الله ملأي لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أفرأيتم ما أنفق ربكم منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء
وقال أبو سعيد الخدري إذا دعوتم الله فارفعوا في المسئلة فإن ما عنده لا ينفذه شيء وإذا دعوتم فاعزموا فإن الله لا مستكره له وفي بعض الإسرائيليات يقول الله عز وجل أيؤمل غيري للشدائد والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم ويرجي غيري ويطرق بابه بالبكرات وبيدي مفاتيح الخزائن وبابي مفتوح لمن دعاني من ذا الذي أملني لنائبة فقطعت به أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت به أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتحه له أنا غاية الآمال فكيف تنقطع الآمال دوني أبخيل أنا فيبخلني عبدي أليس الدنيا والآخرة والكرم والفضل كله لي فما يمنع المؤملين أن يؤملوني لو جمعت أهل السموات والأرض ثم أعطيت كل واحد منهم ما أعطيت الجميع وبلغت كل واحد أمله لم ينقص ذلك من ملكي عضو ذرة كيف ينقص ملك أنا قيمه فيا بؤسا للقانطين من رحمتي ويا بؤسا لمن عصاني وتوثب على محارمي، وقوله ولم ينقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر لتحقيق أن ما عنده لا ينقص البتة كما قال تعالى ‏{‏مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ‏}‏ فإن البحر إذا غمس فيه إبرة ثم أخرجت لم تنقص من البحر بذلك شيئا، وكذلك لو فرض أنه شرب منه عصفور مثلًا فإنه لا ينقص البحر البتة ولهذا ضرب الخضر لموسى عليهما السلام هذا المثل في نسبة علمهما إلى علم الله عز وجل وهذا لأن البحر لا يزال تمد مياه الدنيا وأنهارها الجارية فمهما أخذ منه لم ينقصه شيء لأنه يمده ما هو أزيد مما أخذ منه وهكذا طعام الجنة وما فيها فإنه لا ينقص كما قال تعالى ‏{‏وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ‏.‏ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ‏}‏ الواقعة وقد جاء كلما نزعت ثمرة عاد مكانها مثلها وروي مثلاها فهي لا تنقص أبدًا ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الكسوف ورأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا خرجاه في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وخرجه الإمام أحمد من حديث جابر ولفظه ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه شيئًا وهكذا لحم الطير الذي يأكله أهل الجنة يستخلف ويعود كما كان حيا لا ينقص منه شيء وقد روي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه فيها ضعف وقاله كعب وروي أيضًا عن أبي أمامة الباهلي من قوله قال أبو أمامة، وكذلك الشراب يشرب منه حتى تنتهي نفسه ثم يعود مكانه ورؤي بعض العلماء الصالحين بعد موته بمدة في المنام فقال ما أكلت منذ فارقتكم إلا بعض فرخ أما علمتم أن طعام الجنة لا ينفد وقد تبين في الحديث الذي خرجه الترمذي وابن ماجه السبب الذي لأجله لا ينقص ما عند الله بالعطاء بقوله ذلك بأني جواد واجد ماجد أفعل ما أريد عطائي كلام وعذابي كلام إنما أمري لشيء إذا أردت إنما أقول له كن فيكون وهذا مثل قوله تعالى ‏{‏إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏}‏ يس، وقوله تعالى ‏{‏إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ‏}‏ النحل‏.‏
وفي مسند البزار بإسناد فيه نظر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خزائن الله الكلام فإذا أراد الله شيئًا قال له كن فكان فهو سبحانه إذا أراد شيئًا من عطاء أو عذاب أو غير ذلك قال له كن فيكون فكيف يتصور أن ينقص هذا، وكذلك إذا أراد أن يخلق شيئًا قال له كن فيكون كما قال ‏{‏إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ‏}‏ آل عمران وفي بعض الآثار الإسرائيلية أوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام يا موسى لا تخافن غيري ما دام لي السلطان وسلطاني دائم لا ينقطع يا موسى لا تهتمن برزقي أبدًا ما دامت خزائني مملوءة لا تفنى أبدًا يا موسى لا تأنس بغيري ما وجدتني أنيسا لك متى طلبتني وجدتني يا موسى لا تأمن مكري ما لم تجز الصراط إلى الجنة وقال بعضهم‏:‏
لا تخضعن لمخلوق على طمع *** فإن ذاك مضر منك بالدين
واسترزق الله مما في خزائنه *** فإنما هي بين الكاف والنون
، وقوله يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها يعني أنه سبحانه يحصي أعمال عباده ثم يوفيهم إياها بالجزاء عليها وهذا (كقوله فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره) الزلزلة، وقوله (ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولا يظلم ربك أحدًا) الكهف، وقوله (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) آل عمران، وقوله (يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه) المجادلة، كما قال تعالى ‏{‏وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏}‏ آل عمران‏.‏
ويحتمل أن المراد يوفي عباده جزاء أعمالهم في الدنيا والآخرة كما في قوله (من يعمل سوء يجز به) النساء وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر ذلك بأن المؤمنين يجازون بسيئاتهم في الدينا وتدخر لهم حسناتهم في الآخرة فيوفون أجورهم وأما الكافر فإنه يعجل له في الدنيا ثواب حسناته وتدخر له سيئاته فيعاقب بها في الآخرة ويوفيه جزاءها من خير أو شر فالشر يجازى به مثله من غير زيادة إلا أن يعفو الله عنه والخير تضاعف الحسنة عنه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لا يعلم قدرها إلا الله كما قال تعالى ‏{‏إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ الزمر‏.‏
وقوله‏:‏ فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه إشارة إلى أن الخير كله فضل من الله على عبده من غير استحقاق له والشر كله من عند ابن آدم من اتباع هوى نفسه كما قال عز وجل ‏{‏مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ‏}‏ النساء‏.‏
وقال علي رضي الله عنه لا يرجو عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه‏.‏
فالله سبحانه إذا أراد توفيق عبد وهدايته أعانه ووفقه لطاعته، وكان ذلك فضلًا منه ورحمة وإذا أراد خذلان عبد وكله إلى نفسه وخلى بينه وبينها فأغواه الشيطان لغفلته عن ذكر الله واتبع هواه، وكان أمره فرطا، وكان ذلك عدلا منه فإن الحجة قائمة على العبد بإنزال الكتاب وإرسال الرسول فما بقي لأحد من الناس على الله حجة بعد الرسل فقوله بعد هذا فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه إن كان المراد من وجد ذلك في الدنيا فإنه يكون حينئذ مأمورًا بالحمد لله على ما وجده من جزاء الأعمال الصالحة الذي عجل له في الدنيا كما قال من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون النحل ويكون مأمورًا بلوم نفسه على ما فعلت من الذنوب التي وجد عاقبتها في الدنيا كما قال تعالى ‏{‏وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏}‏ السجدة فالمؤمن إذا أصابه في الدنيا بلاء رجع إلى نفسه باللوم ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار‏.‏
وفي المسند وسنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن إذا أصابه سقم ثم عافاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل من عمره وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله وأطلقوه لا يدري بما عقلوه ولا بما أطلقوه
وقال سلمان الفارسي إن المسلم ليبتلى فيكون كفارة لما مضى ومستعتبا فيما بقى وإن الكافر يبتلى فمثله كمثل البعير أطلق فلم يدر لما أطلق وعقل
وإن كان المراد من وجد خيرًا أو غيره في الآخرة كان إخبارا منه بأن الذين يجدون الخير في الآخرة يحمدون الله على ذلك وأن من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه حين لا ينفعه اللوم فيكون الكلام لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر كقوله صلى الله عليه وسلم من كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار والمعنى أن الكاذب عليه يتبوأ مقعده من النار وقد أخبر الله تعالى عن أهل الجنة أنهم يحمدون الله على ما رزقهم من فضله فقال (ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) الأعراف وقال تعالى ‏{‏وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء‏}‏ الزمر وقال تعالى ‏{‏وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ‏.‏ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ‏}‏ فاطر وأخبر عن أهل النار أنهم يلومون أنفسهم ويمقتونها أشد المقت فقال تعالى ‏{‏وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم‏}‏ إبراهيم وقال تعالى ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ‏}‏ غافر‏.‏
وقد كان السلف الصالح يجتهدون في الأعمال الصالحة حذرا من لوم النفس عند انقطاع الأعمال على التقصير‏.‏
وفي الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا ما من ميت يموت إلا ندم إن كان محسنًا ندم على أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئًا ندم أن لا يكون استعتب‏.‏
وقيل لمسروق لو قصرت عن بعض ما تصنع من الاجتهاد فقال والله لو أتاني آت فأخبرني أن لا يعذبني لاجتهدت في العبادة قيل كيف ذاك قال حتى تعذرني نفسي إن دخلت النار أن لا ألومها أما بلغك في قول الله تعالى ‏{‏وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ‏}‏ القيامة إنما لاموا أنفسهم حين صاروا إلى جهنم فاعتنقتهم الزبانية وحيل بينهم وبين ما يشتهون وانقطعت عنهم الأماني ورفعت عنهم الرحمة وأقبل كل امريء منهم يلوم نفسه‏.‏
وكان عامر بن عبد قيس يقول والله لأجتهدن ثم والله لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله وإلا لم ألم نفسي‏.‏
وكان زياد بن عياش يقول لابن المنكدر ولصفوان بن سليم الجد الجد والحذر الحذر فإن يكن الأمر على ما نرجو كان ما عملتما فضلًا وإلا لم تلوما أنفسكما‏.‏
وكان مطرف بن عبدالله يقول اجتهدوا في العمل فإن يكن الأمر ما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات وإن يكن الأمر شديدًا كما نخاف ونحذر لم نقل ‏{‏رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ‏}‏ فاطر نقول قد عملنا فلم ينفعنا ذلك‏.‏


التوقيع :


اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عدد مااحاط به علمك
وخط به قلمك واحصاه كتابك
وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين





رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir