كان لعبدالله بن الزبير أرض مجاورة لأرض معاوية بن أبي سفيان ، وكان فيهما عبيد لعمارة كلَ أرض ، فدخل عبيد معاوية في أرض عبدالله واغتصبوا منها قطعة .
فكتب عبدالله بن الزبير إلى معاوية : أما بعد:
يامعاوية ، فإن عندك عبيداً قد اغتصبوا أرضي ، فمرهم بالكفَ عنها ، وإلا كان لي ولكم شأن .
فلما وقف معاوية على كتاب عبدالله بن الزبير دفعه إلى ولده يزيد فلما قرأه ، قال : ما تقول يا يزيد ؟
قال : أرى أن تبعث إليه جيشاً يكون أوله عنده ، وآخره عندنا ، يأتيك برأسه ، وتستريح منه .
قال : عندي خير من ذلك .
قال : ماهو يا أبتِ ؟
فقال : عليَ بدواة وقرطاس .
ثم كتب فيه : (( وقفت على كتاب ابن أخي وقد ساءني والله ما ساءه ، والدنيا وما فيها هينة في جنب رضاك ، وقد كتبت على نفسي مسطوراً أشهدت فيه الله تعالى وجماعة من المسلمين ، أن الأرض وما فيها ، والعبيد الذين بها ملكك . فضمَها إلى أرضك ، والعبيد إلى عبيدك ، والسلام )).
فلما وقف عبدالله بن الزبير على كتابه ، كتب له جواباً فيه : (( وقفت على كتاب أمير المؤمنين ، لا أعدمني الله بقاءه ، ولا أعدمه هذا الرأي الذي أحلَه هذا المحل ، والسلام )).
فلما وقف معاوية على الكتاب أعطاه لولده يزيد فلما قرأه تهلَل وجهه فرحاً .
فقال له : يابني ، إنَا لقوم لم نرى في الحلم إلا خيراً .