خروفة
عبدالعزيز المسلم - كاتب وباحث إماراتي - 23 فبراير,
خروفة (بفتح الحاء وتشديد الراء، وفتح الفاء وتسكين التاء المربوطة) هي الحكاية الخرافية، وقد يطلق هذا المسمى على جميع أشكال الحكايات الشعبية، لكنه غالباً يطلق على الخرافية منها، أما مصطلح قصة أو حزوة فيطلق على الحكايات غير الخرافية، أي الحكايات الشعبية في الأدب الشعبي في الإمارات العربية المتحدة.
وهناك نوع من الحكايات المغناة تسمى خريريفة وهو تصغير خروفة، وجمع خروفة خراريف، والمصدر خرافة، وإنما خروفة تصغير لخرافة كما هو الحال في زرافة و«زروفة».
في الصحاح: خرافة اسم رجلٍ من عذرة استهوته الجن فكان يحدث بما رأى فكذبوه، وقالوا حديث خرافة، وفي المعجم الوجيز: الخرافة هي الكلام المتملح والمكذوب، يقال هذا حديث خرافة، كما يقال أيضاً خرف خرفاً فسد عقله من الكبر، فهو خرف وهي خرفة، أما في رائد الطلاب: فالخرافة هي الحديث المضحك المكذوب، وفي الأدب هي قصة قصيرة تسرد حادثة تدور على حياة الحيوانات وألسنتها وتمثل في ثوبها الخارجي المموه واقعاً إنسانياً.
البعض يعمد إلى تسمية الخروفة أسطورة مشبهاً إياها بالأساطير، رغم أن الأسطورة بعيدة نسبياً عن الخروفة، إلا أن الرابط بينهما كما يراه بعض الباحثين في شخصية بطل الحكاية الخرافية التي تكون أشبه بالأسطورة، والعودة للحياة بعد الموت، والقدرات الخارقة، والعوالم غير المعقولة.
أما تعريف الأسطورة كما جاء في معجم الأساطير: فهو أن الأساطير تهدف إلى تفسير شيء ما في الطبيعة، وتقوم أساطير أخرى بتفسير التقاليد والعادات الاجتماعية والممارسات الدينية وأسرار الحياة والموت.
فالخيال والخرافة والزخرفة اختلطت بالملاحظة اختلاطاً كبيراً، بعض الأساطير وضعت للتعليم، لكن بعضها الآخر لم يكن يهدف إلا للمتعة والتفنن في رواية القصص.
هكذا تفسر المعاجم والقواميس الخروفة والخرافة، وفي الموروث الإماراتي هكذا هي الحكايات الخرافية حاضرة بعوالمها الخيالية، فهي من أعمدة الأدب الشعبي، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الشعر الشعبي تليها الأمثال والألغاز والمعضلات اللسانية.
أما أشهر ما يروى من خراريف في الإمارات تلك التي ترتبط بعوالم البحر والصحراء والواحات والجبل، وهي المكونات الرئيسة للبيئة الإماراتية، ومما يمكن ذكره في هذا المقام من عناوين (خطّاف رفاي، بابا درياه، وأم الدويس، وأم الهيلانه، وبوالصناقل، وسميلع الرقطا، وبعير بوخريطة) وما سواها لا يقل عنها أهمية، فالأدب الشعبي يزخر بحكايات خرافية كثيرة عمادها شخصيات أسطورية غاية في الإبهار والروعة.
في الخراريف يمكن لفتاة أن تتزوج غصن شجرة، يمكن لشاب أن يتزوج دجاجة، كما يمكن لأطفال أن يسكنوا في حبة أرز، والوادي يمكن لمياهه أن تنساب إلى الأعلى، وملك البحر يمكنه أن يجهز غرفة نوم جميلة في صدره ويضع زوجته في تلك الغرفة، ويقفل صدره بقفل ومفتاح.. كل شيء جائز، والعبرة والموعظة هي الأهم، والنهايات يجب أن تكون سعيدة، والخلاصة مفيدة كباقي الحكاية.
في عالم الخروفة لا توجد فوارق بين الناس، غير الأخلاق النبيلة والفضائل، والشجاعة والمثل العليا، ليس بالمال ولا بالمنصب يقدر الناس، بل بأحاسنهم أخلاقاً كما يحثنا ديننا الحنيف.
بستان الحكايات في الإمارات بستان كبير، جميعنا نقف على بوابته، ننظر إلى ما يمكننا النظر إليه، من خلال تلك البوابة، وبحدود قدرتنا على الإبصار، نجني بحدود قدرتنا وليس بقدر الطاقة الإنتاجية لذلك البستان.
Cant See Links
Cant See Links
العرض العادي
