آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 35904 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 24676 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 31092 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 32516 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 65943 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 60155 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51960 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 34366 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 34601 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 40490 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 07-14-2012, 01:50 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: التوحيد دعوة الرسل


دعوة الرسل

موقع القرضاوي


القرآن يحثُّ دائمًا على الاعتبار بالتاريخ، تاريخ الماضين، هو مدرسةٌ نتعلَّم منها، ونستفيد منها الدروس دائمًا، ولذلك يقول الله سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}...
البتراء في الأردن
د. يوسف القرضاوي

{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ *قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ * مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ}

الالتفات من أسلوب القرآن البلاغي:

هل هذه الآيات تكملة وتتمَّة لخطاب موسى لقومه، أم هي بيانٌ استئنافي، أو ما يُسمِّيه علماء البلاغة: التفاتًا لموضوع جديد؟!

بعض المُفِّسرين مالوا إلى أنه من تتمَّة كلام موسى. والبعض قال: لا، هو كلام جديد.

وأنا مع هذا القول الثاني؛ فقد انتهى كلام موسى، وبدأ القرآنُ في خطاب جديد للمشركين، بدليل أنَّ الخطاب لقوم يكفرون بالله، ويكفرون بالرسل. وقومُ موسى ما كفروا بالله ولا برسولهم، هم يقولون: {إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} مما يدلُّ على أنهم كَفَرة ومُكذِّبون.

حثُّ القرآن على الاعتبار بالتاريخ والسَّيْر في الأرض:

فهو ابتداء كلام من جديد، يوظَّف فيه التاريخ لخدمة الرسالة، والتاريخ مَخْزِنُ العبر، وذاكرة الأمم. والقرآن يحثُّ دائمًا على الاعتبار بالتاريخ، تاريخ الماضين، هو مدرسةٌ نتعلَّم منها، ونستفيد منها الدروس دائمًا، ولذلك يقول الله سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [النمل:69].

{قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران:137].

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46].

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [غافر:82].

فهو يطلبُ منا أن نسيرَ في الأرض، نرحل مُشَرِّقين ومُغَرِّبين، وننظر في آثار الأمم ونستفيد منها.

مصيرُ الأمم المُكذِّبة:

الأمم التي كذَّبت رُسُل الله، وعَصَتْ رُسُلَ الله، واتَّبعت ما كان عليه الآباء، ورفضت التوحيد. ماذا كان مصيرها؟

التاريخ يُحدِّثنا أنَّ مصيرها كان هو الهلاك. فهو هنا يقول: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ } النبأ هو: الخبر ذو الشأن. وهذه أخبار لها شأن، لأنها تتعلَّق بأُمم صَدُّوا عن رُسل الله، ووقفوا ضدَّ الرسالة.

الله سبحانه وتعالى من لطفه وفَضْله ورحمته وحكمته لم يَدع الناس هَمَلاً، ولم يتركهم سُدىً، بل أرسل إليهم رُسُلاً مُبشِّرين ومُنْذرين، ومُنبِّهين ومُعلِّمين: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165].

حاجة العقل البشري إلى هداية الوحي:

كان الناس في حاجة إلى مَنْ يأخذ بأيديهم ليعرِّفَهم ما يُحبُّ الله وما يكرهه، وما يرضاهُ وما يَسخْطه، لم يكتفِ بالعقل وحده، لأنَّ العقل وحده قد يضل الطريق، قد لا يهتدي إلى سواء السبيل. رأينا كبار الفلاسفة يقعون في أخطاء كبيرة، حتى لا يعرفون حقَّ الله عزَّ وجل ومقام الله جلَّ جلاله. أكبر فلاسفة اليونان (أرِسْطوطاليس) يقول: (إنَّ الله لا يعلم في الكون شيئًا، ولا يَحُلُّ فيه، ولا يعْقد، ولا يُدَبِّر فيه أمرًا، الله لا يعلم إلا ذاتَهُ، إنما هذا اسمه عالم الكون، والفساد لا يعلم فيه شيئًا).

حتى إنَّ مؤرخ الفلسفة – مؤرِّخ أمريكاني مشهور- أرَّخ للتاريخ في كتاب شهير اسمه: (قصة الحضارة) (1)، وله كتاب آخر اسمه: (مباهج الفلسفة).

يقول في (مباهج الفلسفة): (يا لإله أرِسْطو من إلهٍ مسكين، إنه لا يعمل في الكون شيئًا، ولا يُدبِّر فيه أمرًا، إنه مثل ملك الإنجليز يملك ولا يحكُم). فهذا إله أرِسْطو لا يعرف شيئًا في هذا الكون إطلاقًا. وهناك فيلسوف ثاني اسمه (أفلاطون) - إذا كان إله أرسطو لا يعرف إلا نفسه، فإله أفلاطون لا يعرف نفسه.

هؤلاء فلاسفة كبار، ولكنهم انحدروا إلى هذا المستوى من الفهم لمقام الله عزَّ وجل!!

ومن هؤلاء الفلاسفة مَنْ يقول بفلسفة اللذَّة، ومَنْ يقول بفلسفة المنفعة، ومَنْ يقول بفلسفة القوة، ومَنْ يقول: إنَّ الإله مات والإنسان عليه أن يفعل ما يشاء – (نيتشة) وغيره من الفلاسفة – واختلفَ بعضهم مع بعض وناقض بعضهم بعضًا، هذا يُثبت، وهذا ينفي، وهذا يُحق وهذا يُبطل، حتى قال أحد أساتذة الفلاسفة: (إنَّ الفلسفة لا رأي لها؛ لأنها تعطي الشيء ونقيضَه) هذا يقول شيئًا، والثاني يقول بخلافه تمامًا.

ولذلك كان الناس في حاجة إلى شيء يعين العقل، لأنَّ العقل وحده لا يستطيع أن يهدي الإنسان سواء السبيل.

رأينا العرب في جاهليتهم هداهم العقل إلى أن يئدوا البنات:{وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } [التكوير:8، 9]. قتلوا الأولاد من إملاق، أو خشيةَ إملاق -بنين وبنات– إما من فقر واقع، أو خوف فقر متوقَّع!

رأيناهم يفعلون هذا، ورأينا الأمم تفعل أشياء غريبة جدًّا، لهذا كان الناس في حاجة إلى رسالة، إلى وحيٍ من الله عزَّ وجل. الوحيُ هذا يُرشد العقل إذا انحرف، ويهديه إذا ضل، ويُصوِّبه إذا أخطأ.

خطأ الحواسّ وتصحيح العقل لها:

هناك هدايات عدَّة: هداية الحواس – ربنا أعطانا الحواس الخمس: البصر، والسمع، والشمّ، واللمس، والذوق. هذه الحواسّ الخمس قد تُخطأ، ما الذي يُصَحِّح خطأها؟ العقل.. يعني أنت قد تنظر إلى النَّجم في السماء فيتهيَّأ لك أنه كالكرة الصغيرة.

والنَّجْمُ تستصغرُ الأبصارُ رؤيتَهُ والذَّنْبُ للطَّرف لا للنَّجْم في الصِّغرِ (2)

فهذه النجمة التي في عينيك صغيرة، هي أكبر من الأرض بملايين المرات... عشرات الملايين... مئات الملايين... علم الفلك والرياضيات وحساب الرياضيات أوصلهم إلى هذا.

يمكن أن ينظر أحدنا إلى الظل فيراه ساكنًا - حسب البصر- الظل ساكن، بعد دقائق الظل تحرَّك، إذن لم يكن ساكنًا، هو يتحرَّك ببطء، ولكن البصر لا يراه.

يمكن للبصر أن يرى في الصحراء السَّراب يحسبه ماءً، حتى إذا أتيت الموضع الذي رأيت فيه ماء لم تجد عنده ماء ولا شيئًا، فهذا البصر هو أقوى الحواس يمكن أن يخدعك، ما الذي يُصحِّح خطأ الحواس؟ العقل..

فإذا أخطأ العقل ما الذي يصحِّحه؟ الوحي.. فالوحُي كان نورًا على نور، زيادة على نور الفطرة، ونور العقل كان نور الله.

عجائب الطاقة الإنسانيَّة:

وليس بعجيبٍ أن يُوحيَ الله إلى البشر، ما العجيب في هذا؟! {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ } [يونس:2]. ما العَجَب في هذا؟!

العَجَب أن يكون الإنسان عنده قدرة على أن يَتلقَّى وحيَ الله! الإنسان أعطاه الله طاقات عجيبة، بعض الناس عنده طاقة جسميَّة يحمل مائتين وستين كيلوجرام، ناس عندهم قدرة، كالذي يجرُّ سيارة بأسنانه، طاقات عجيبة في الإنسان، ولعلكم رأيتم بعض هذه الأعاجيب.

الأستاذ أحمد حسين ألف كتابًا سمَّاه: (الطاقة الإنسانية) (3)، وذكر من عجائب الطاقة الإنسانيَّة الشيءَ الكثير الكثير.. فما الذي يُدهش الإنسان أن تكون عنده طاقة روحية، يستطيع أن يتلَّقى بها كلامَ الله ووحيَ الله عزَّ وجل، أو من ناحية الربوبية ما الذي يُعجز الله أن يخاطب الإنسان بكلام يُسمعه إيَّاه؟ ليس هذا بعجيب.


نعمة إرسال الرسل وموقف أقوامهم منهم:

فإرسال الرسل نعمةٌ من الله عزَّ وجل ورحمة منه، وهي تدلُّ على تمام حكمة الحكيم، الذي يُريد أن يوصلَ الهداية الكاملة إلى الناس، فلم يكتف بعقولهم وحدها ولا بضمائرهم وحدها، ولكنْ أرسل لهم - مع هذا العقل العام بمثابة العقل البشري – الوحي، النبوة، الرسالة.

هؤلاء الرسل جاءوا إلى أقوامهم، ولكن للأسف نرى كثيرًا من الأقوام كذبوا الرسل، ومن هنا كان هذا الخطاب: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} أمَا جاءكم أخبار هؤلاء الأقوام؟ وكيف وقفوا ضدَّ الرسل الذين أرسلهم الله لهم، وكذَّبوهم:{وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا}[نوح:21]، {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}[هود:59].قوم نوح: {اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا}[نوح:21]. وعاد قوم هود:{اتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } [هود:59].

وقوم فرعون: {اتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ }[هود:97].

كَذَّب هؤلاء الرسل، ألم يأتكم نبؤهم؟ نبؤهم فاضَت به الأخبار، وعرفه القاصي والداني، خصوصًا هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه.

الاستفادة من تاريخ الرسل وأممهم:

قومُ نوح هم الذين أغرقهم الطُّوفان، وقصةُ الطوفان معروفة عند البشر جميعًا، ولذلك يعدُّ سيدنا نوح أبا البشرية الثاني، لأن آدم يعدُّ أبا البشرية الأول، ونوحًا أبو البشرية الثاني: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ }[الصافات:77].
فقوم نوح جاء الطُّوفان فأغرقهم، وكذلك عاد وثمود، وقصَّتهم على وجه الخصوص معروفة عند العرب؛ لأنَّ كُلاً من عاد وثمود هم قوم من العرب، يسمّون العرب البائدة الذين بادوا، ودَرَستْ آثارهم، ولذلك يقول الله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ } [العنكبوت:38 ]. تمرُّون على مساكنهم.

عاد كانوا في الأحقاف: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ} [الأحقاف:21].

في جنوب الجزيرة هناك إقليم اسمه إقليم الأحقاف – حتى الآن – وثمود: مدائن صالح. مَنْ يذهب إلى تبوك يمرُّ بمدائن صالح.

والنبيُّ - عليه الصلاة والسلام – هو والصحابة لمَّا ذهبوا في غزوة تبوك مرُّوا بحِجْر ثمود، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخلوا على هؤلاء المُعذَّبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم" (4) .

{وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} [العنكبوت:38]، ولذلك قال الله تعالى في أواخر هذه السورة:{وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ }[إبراهيم:45] فهو يُذكِّرهم بهذا التاريخ، لا بد أن يستفيدوا من تاريخ الأمم وتاريخ الرسل.

{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} (5)

القوم المُهْلَكون:

قوم نوح أهلكهم الطُّوفان، وثمود – قوم صالح- أهلكوا بالصَّيْحة، وعاد – قوم هود – أهلكتهم الريح: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ*وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ*سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 5-7].
والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله:


هناك قوم إبراهيم، وهناك قوم لوط – المُؤْتفكات أو المُؤْتفكة – الذين جَعَلَ الله قريتهم عاليَها سافلَها، وأمطر عليهم حجارةً من سجيل منضود.

وهناك قومُ مَدْيَن، وهناك قومُ فرعون، كلُّ هؤلاء جاءوا من بعد عاد وثمود:{لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ}، كناية عن أقوام كثيرين، وليس من شأن القرآن أن يُعنى بتفصيل هؤلاء، لأنَّ المهم هو العبرة.

فالذين كذَّبوا رُسلَهم وعَصَوْا ربَّهم ماذا كان مصيرهم؟ كان مصيرهم العذاب والهلاك، هَلَكوا لم تُغْن عنهم حُصونُهم من الله شيئًا، لم تُغْن عنهم قصورهم، لم تُغْن عنهم قوتَّهم: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فصلت:15].
{جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}

الرسل سفراء عن الله عزوجل:

الرسلُ جاءتهم بالبيِّنات، وهي الآيات البيِّنات التي تدلُّ على صدقهم، وصحَّة نبَّوتهم، وأنهم لا يُمثِّلون أنفسَهم، وإنما يُمثِّلون الإرادة الإلهيَّة.

الرسولُ هذا بمثابة سفير يُمثِّل السماء في الأرض، كما نرى في عصرنا، السُّفراء يمثِّلون دولَهم، وأي سفير يأتي إلى دولة لكي تعرف الدولة أنَّ هذا جاء من البلد الفلاني ومن الدولة الفلانية، لا بدَّ أن يقدِّم أوراق اعتماده التي تدلُّ على أنه يُمثِّل هذه الدولة، والرسلُ حينما يأتون يقولون: نحن جئنا من قِبَلِ الله سبحانه، رسل مبعوثون من عند الله. نقول: ما الدليل على هذا؟{فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء:154]. فلا بدَّ أن يأتي بالآيات البيِّنات التي تدلُّ على أنه مبعوث العناية الإلهيَّة، وأنه لا يتكلَّم من عند نفسه، وإنما يتكلَّم بوحيٍ من ربه.

مجيء الرسل بالآيات الواضحات:

فكلُّ رسول معه من الآيات البيِّنات ما يدلُّ على صدقه، وهي قد تكون معجزة – آية خارقة– يُحيي الموتى، يبرأُ الأكمه والأبرص، أو العَصَا تنقلب حية...إلخ.

وقد تكون شيئًا آخر، سيرته نفسها تدلُّ على صدقه، القرآن لم يقل: أرسلنا رسلنا بالمعجزات، ولكن قال: بالبيِّنات أو بالآيات،{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا}[هود: 96].

الآية والبيِّنة: العلامة الدالَّة على صدق الرسول، قد تكون آيةً حسيَّة كونيَّة خارقة، وقد تكون آيةً أخلاقية (6). قد تكون دلالة من الدلالات التي تدلُّ على أنَّ هذا الرجل صادق وليس كاذبًا، ليس مُزيَّفًا في دعواه.

وقد تكون-البينات-: العقائد والمناهج والأحكام، جاءوا بأحكام بيِّنة، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ } [التوبة:33]. هذه من البيِّنات، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} [الحديد:25] فالبيِّنات إما الآيات الدالة على الصدق أو المناهج الإلهية التي تهدي البشر إلى التي هي أقوم.

--------------------------------

(1) هو كتاب موسوعيّ تاريخي، من تأليف الفيلسوف والمؤرِّخ الأمريكي (ويل ديورانت)، ويتكوّن من أحد عشر جزءًا، يتحدث فيه عن قصة جميع الحضارات البشرية، منذ بدايتها وحتى القرن التاسع عشر، وقد ترجم الكتاب إلى العربية وأصدرته المنظمة العربية للعلوم.

(2) من شعر: المعري.

(3) كتاب يبحث في إثبات الوجود الغيبي وما وراء المادة، ويعيب على الماديين غرورهم، ويضرب الأمثلة للهفوات والأخطاء التي وقع فيها علماء المادة. وقد قدّم الكتاب الأستاذ أحمد حسين، وعدّه كتاب الموسم. وقد طبع في القاهرة سنة 1962، ويقع في 512 صفحة. وللأستاذ أحمد حسين عدد من المؤلفات الأخرى، منها: تفسير فاتحة الكتاب، وجزء عم، ومطالعات في المكتبة الإسلامية، وتاريخ الإنسانية.

(4) متفق عليه: رواه البخاري في الصلاة (433)، ومسلم في الزهد والرقائق (2980)، كما وأحمد (4561)، والنسائي فى الكبرى كتاب التفسير(11274)، عن ابن عمر.

(5) (ألم يأتكم): استفهام تقريري، أي: قد بلغكم ذلك حقًا. وفي الاستفهام تعجُّب وتوبيخ للمخاطبين على عصيانهم وتجاهلهم لما يعلمون من انتقام الله. (نبؤ الذين من قبلكم) أي: نبأ إهلاك الكافرين الذين من قبلكم، وهو خبر عظيم ظاهر. ففي الآية إيجاز بالحدف.

(6) وقد تكون آية بيانية كلامية.
Cant See Links


رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir