آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12554 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7332 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13219 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14581 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48711 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43791 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36006 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20831 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21085 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27038 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-28-2011, 05:14 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


مدينة إرم ذات العماد:*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏‏‏(‏الفجر‏:6-8).‏.القصة


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Cant See Images

Cant See Images

Cant See Images

مدينة إرم قال تعالى:إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏‏‏(‏الفجر‏:6-8).‏

في مطلع سنة‏1998‏ م تم اكتشاف مدينة إرم ذات العماد في منطقة الشصر في صحراء ظفار، ويبعد مكان الاكتشاف ما يقارب 150 كيلو متر شمال مدينة صلالة و80كيلو متر من مدينة ثمريت. وقد ذكرت مدينة إرم وسكانها قوم عاد في القرآن الكريم في أكثر من آية كما في قوله تعالى : إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏*‏‏(‏الفجر‏:6-8).‏



إرم ذات العمادمن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
هذه المقالة عن إرم ذات العماد، المدينة التاريخية.


Cant See Images
إرَم ذات العماد أو مدينة الألف عمود كما تسمى باللغات الأوروبية Irem ،Ubar ،Wabar إضافة إلى (بالإنجليزية: City of a Thousand Pillars‏) والتي تعني مدينة الألف عمود. ورد ذكرها في سورة الفجر في القرآن، وقد اعتبرها بعض الباحثين والمؤرخين أنها مدينة في حين اعتبرها البعض الآخر مثل الطبري أنها قبيلة من بني عاد، كما قيل انها قبيلة ضربها الله بغضبه لكثرة خطاياها، وحسب خبراء الآثار يعتقد أن عمر أنقاض المدينة يعود لنحو 3000 سنة ق.م. [1].
Cant See Images
تاريخ المدينةإرَم ذات العماد هي مدينة عربية كانت مفقودة قبل عمليات البحث المستميتة للكشف عنها وقد كانت تعد من الاساطير بالنسبة لغير المسلمين، حيث أن المسلمين يؤمنون بوجودها بسبب ذكرها في القرآن الكريم. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث ذكر في القرآن أن سكانها كانوا من العرب البائدة من قبيلة عاد، ويذكر بعض الباحثين أن ملك هذه المدينة كان يدعى شدّاد بن عاد حيث أنه أراد أن يقيم الجنة الموعودة في الأرض، ويقال أن لهذا الملك أخ اسمه شديد بن عاد.

ولكن في مطلع سنة‏1998‏ م تم اكتشاف مدينة إرم ذات العماد في منطقة الشصر في صحراء ظفار، ويبعد مكان الاكتشاف ما يقارب 150 كيلو متر شمال مدينة صلالة و80كيلو متر من مدينة ثمريت. وقد ذكرت مدينة إرم وسكانها قوم عاد في القرآن الكريم في أكثر من آية كما في قوله تعالى : إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏*‏‏(‏الفجر‏:6-8).‏
Cant See Images
وجاء ذكر قوم عاد ومدينتهم إرم في سورتين من سور القرآن الكريم سميت إحداهما باسم نبيهم هود‏(‏ عليه السلام‏)‏ وسميت الأخرى باسم موطنهم الأحقاف‏,‏ وفي عشرات الآيات القرآنية الأخرى التي تضمها ثماني عشرة سورة من سور القرآن الكريم.

وفي تفسير ماجاء عن‏(‏ قوم عاد‏)‏ في القرآن الكريم نشطت أعداد من المفسرين والجغرافيين والمؤرخين وعلماء الأنساب المسلمين‏,‏ من أمثال الطبري‏,‏ والسيوطي‏,‏ والقزويني والهمداني وياقوت الحموي‏,‏ والمسعودي في الكشف عن حقيقة هؤلاء القوم فذكروا أنهم كانوا من‏(‏ العرب البائدة‏)‏ وهو تعبير يضم كثيرا من الأمم التي اندثرت قبل بعثة المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم بمئات السنين‏,‏ ومنهم قوم عاد‏,‏ وثمود‏,‏ والوبر وغيرهم كثير‏,‏ وعلموا من آيات القرآن الكريم ان مساكن قوم عاد كانت بالأحقاف‏(‏ جمع حقف أي‏:‏ الرمل المائل‏),‏ وهي جزء من جنوب شرقي الربع الخالي بين حضرموت جنوبا‏,‏ والربع الخالي شمالا‏,‏ وعمان شرقا، أي ظفار حاليا ‏,‏ كما علموا من القرآن الكريم ان نبيهم كان سيدنا هود‏(‏ عليه السلام‏),‏ وأنه بعد هلاك الكافرين من قومه سكن نبي الله هود أرض حضرموت حتي مات ودفن فيها قرب‏(‏ وادي برهوت‏)‏ الي الشرق من مدينة تريم‏.‏ أما عن‏(‏ إرم ذات العماد‏)‏ فقد ذكر كل من الهمداني‏(‏ المتوفي سنة‏334‏ هـ‏/946‏ م‏)‏ وياقوت الحموي‏(‏ المتوفي سنة‏627‏ هـ‏/1229‏ م‏)‏ أنها كانت من بناء شداد بن عاد واندرست‏(‏ أي‏:‏ طمرت بالرمال‏)‏ فهي لاتعرف الآن‏,‏ وإن ثارت من حولها الأساطير‏

في يناير سنة‏1991‏ م بدأت عمليات الكشف عن الاثار في المنطقة التي حددتها الصور الفضائية واسمها الحالي الشصر واستمر إلي مطلع سنة‏1998‏ م وأعلن خلال ذلك عن اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة علي أعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلي‏9‏ أمتار وقطرها إلي‏3‏ أمتار ربما تكون هي التي وصفها القرآن الكريم‏.‏ ‏*‏ في‏1992/2/17‏ م نشر في مجلة تايم‏ (Time)‏ الأمريكية مقال بعنوان ‏(Arabia‏ ص‏sLostSandCastleByRichardOstling)‏ ذكر فيه الكشف عن إرم‏.‏



‏*‏ بتاريخ‏1992/4/10‏ م كتب مقالا بعنوان اكتشاف مدينة إرم ذات العماد نشر بجريدة الأهرام القاهرية لخص فيه ما توصل إليه ذلك الكشف حتي تاريخه‏.‏ ‏*‏ في سنة‏1993‏ م نشر بيل هاريس كتابه المعنون ‏(BillHarris:LostCivilizations)‏

‏*‏ بتاريخ‏1998/4/23‏ م نشر ‏(NicholasClapp) كتابه المعنون TheRoadtoUbar:‏ ‏*‏ بتاريخ‏1999/6/14‏ م نشر بيكو إير ‏(PicoIyer) كتابه المعنون ‏(FallingoffTheMap:SomeLonelyPlacesinTheWorld)‏

وتوالت الكتب والنشرات والمواقع علي شبكة المعلومات الدولية الأنترنت منذ ذلك التاريخ‏ ,‏ وكل ما نشر يؤكد صدق ماجاء بالقرآن الكريم عن قوم عاد ومدينتهم إرم ذات العماد بأنهم :
‏(1)‏ كانوا في نعمة من الله عظيمة ولكنهم بطروها ولم يشكروها ووصف بليني الكبير لتلك الحضارة بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى كأنه ترجمة لمنطوق الآية الكريمة
‏(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏).‏

‏(2)‏ أن هذه الحضارة قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية وهو ماسبق القرآن الكريم بالإشارة إليه‏.‏

يذكر أنه ورد ذكر إرَم في بعض الرقم الطينية القديمة لمدينة إيبلا في سوريا، كما ورد ذكر إرم ذات العماد وملكها شداد في الليلة ال277 والليلة 279 من قصص ألف ليلة وليلة.

لغز المدينة المفقودة:

و هي مدينة «إرم» المذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالى : {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} ويصفها القرآن بأنها: {التي لم يخلق مثلها في البلاد} وتذكر كتب التفسير, ومعاجم البلدان عن هذه المدينة الكثير من الروايات, تحوي مبالغات كثيرة عن عظم تلك المدينة وفخامتها (أنظر على سبيل المثال: الروض المعطار في خبر الأقطار: ص 22 ـ 24) قال ابن كثير في تفسيره؛ 4/508: «وهذا كله من خرافات الإسرائيليين» ويبقى ـ بعد استبعاد مبالغات الرواة وتهويل القصاص ـ أنها مدينة عظيمة), شيدها شداد بن عاد في صحرائها الجنوبية, وبذل النفيس والغالي في بنائها لتكون جنة في الأرض, إذا جاز التعبير..
Cant See Images
وكان لورانس العرب أول من حلم بتحديد مكان المدينة المفقودة, وأطلق اسم «أطلنتيس الصحراء» عليها, ولكن توفي قبل أن يحقق حلمه, ثم تبعه آخرون من الرحالة الذين انطلقوا في بعثات غير مثمرة عامي 1947 و1953, ومنهم الرحالى البريطاني «برترام توماس B.Thomas» الذي استند ـ أثناء رحلته الاستكشافية ـ إلى كلام البدو الذين زودوه بعدد من الإرشادات لإيجاد الطريق إلى «إرم» ولكنه لم ينجح أبدا في العثور عليها.

وفي بداية الثمانينيات بدأ البحث الجدي عندما وقعت بين يدي صانع الأفلام الوثائقية الأمريكي «نيقولاس كلاب N.Clapp» ـ وهو من جملة من شغفوا باكتشاف المدينة ـ المذكرات التي كتبها توماس عام 1932, وتضمنت سيرته ومجموعة تقارير علمية عن الآثار في شبه الجزيرة العربية, وفيها يشير ـ مدعوما بالأدلة ـ إلى وجود طريق قديمة إلى «إرم», وبالإضافة إلى ذلك جمع «كلاب» معلومات أكثر حول الموضوع من مراجع ووثائق تضمنت أسماء 600 مؤرخ وعالم جغرافي ورحالة أكدوا وجود «إرم».
Cant See Images
نتيجة لهذا الجهد النظري قرر «كلاب» تأليف فريق بحث مهمته الانطلاق في بعثة لمدة ثلاثة أشهر لحل لغز المدينة المفقودة, وضم الفريق, المحامي «جورج هدجز G.Hedges» المسؤول عن جمع المال والتبرعات لتمويل البعثة وتنظيم أمورها, وخبيرين في شؤون الجزيرة العربية, هما عالم الآثار المعروف «جوريس زارنز J.Zarins» الذي تولى تحليل المعلومات المتوفرة, والسير «رانولف فينيس R.Fiennes» الذي كان ضمن الوحدات العسكرية البريطانية التي ساعدت الجيش العماني عام 1968, وكان على دراية كبيرة بالمنطقة.
Cant See Images
حصلت البعثة على دعم شخصي من السلطان قابوس ـ الذي بدا مغتبطا جدا للأمر ـ ومن وزارة التراث العمانية, التي تبنت الفكرة وقدمت للبعثة كل عون ورعاية, وكذلك من بنك عمان الدولي ومن شركة نفط عمان.

والجدير بالذكر أن أقدم الإشارات الجغرافية إلى «إرم» وردت في خريطة جغرافية قديمة وضعها الجغرافي السكندري «كلوديوس بطليموس C.Ptolamy» وأشار إلى وجودها في منطقة تقع على مشارف الربع الخالي حاليا, وهي صحراء غير مطروقة واجتيازها محفوف بالمخاطر, وكانت أول زيارة للبعثة لهذه المنطقة المحظورة عام 1990, ولكنها ما لبثت أن غادرتها خوفا من الوقوع في المهالك

أما عملية البحث الجدي فبدأت في نوفمبر عام 1991, وفي أوائل 1992 ـ وبعد أن صرح «كلاب» بأنه بدأ يشعر بالفشل ـ جاء قرار البعثة بالتنقيب في منطقة «سشعر» في «ظفار», وكانت النتائج مشجعة, خاصة بعد أن تم دعم عملية الحفر باستخدام رادارات خاصة بالتربة الرملية تتغلغل في باطن الأرض.

وكان «كلاب» ـ قبل ذلك, وبالتحديد عام 1984 ـ قد طلب من عالمين في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» مسح منطقة شبه الجزيرة العربية بواسطة رادار التصوير الفضائي المركب على مكوك الفضاء «تشالينجر» وبعد مقارنة صور المكوك مع صور أرسلها القمران الصناعيان «سبوت Spot» الفرنسي, و«لاندسات Landsat», أصبح بين يدي البعثة خريطة فريدة لمنطقة الربع الخالي, توضح طرق القوافل القديمة وخزانات المياه الجوفية ومجاري الأنهار القديمة والوديان, وكلها مناطق كان من الصعب جدا رؤيتها بالعين المجردة, إلا أنها ظهرت واضحة جلية بفضل تكنولوجيا التصوير الفضائي.

وقد أظهرت هذه الخريطة وجود طريق للقوافل مدفونة تحت الكثبان الرملية التي يصل ارتفاعها إلى 183م, وبالاستعانة بهذه المعلومات قررت البعثة الحفر قرب نقطة تقاطع طريق القوافل مع مكمن مائي قديم كشفت عنه الصور الفضائية, وهنا كانت الاكتشافات المدهشة.. قلعة محصنة مثمنة الأضلاع, ذات أبراج وجدران شاهقة يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار, وتضم عددا من غرف التخزين وأماكن السكن.. وظهرت المدينة الأسطورية «إرم».




^ Cant See Links
== إرم في القرآن الكريم ==

ورد ذكر إرم ذات العماد في سورة الفجر:

"ألمْ ترَ كيفَ فعلَ ربُكَ بعاد، إرمَ ذاتِ العماد، التي لم يُخْلَقْ مثلُها في البلاد" (سورة الفجر/6-8).

كما أن الله قد أرسل النبي هود لدعوة أهل هذه المدينة للإيمان.

عاد كانوا قومًا لايعبدون الله، وحار العلماء والمفكرون والمؤرخون بأن يعرفوا حقيقة هذه المدينة حتى الآن.

إرم في الأدب العالمي ورد ذكر إرم في العديد من القصص العربية القديمة، وفي قصة ألف ليلة وليلة وبعد ترجمة هذه القصة انتقل اسم المدينة المفقودة إلى الأدب الغربي حيث وردت في العديد من القصص لأدباء أوروبيين مثل:

إحدى روايات الكاتب الأمريكي هوارد فيليبس لافكرافت في قصة (بالإنكليزية: The Nameless City) المدينة التي ليس لها اسم.
إضافة إلى روايات ل جيمس رولينز، فرانك هربرت، شون مكمولين وغيرهم.
ظهور المدينة في لعبة أنشارتد 3: دريكز ديسبشن الصادرة على جهاز بلاي ستيشن 3 و كونها نقطة محورية في القصة .
مصادر^ Cant See Links

Cant See Links

Cant See Images
Cant See Links

Cant See Images
هذا صورة مدينة إرم في صحراء الربع الخالي وهذه صورة موقعها :


آخر تعديل abo _mohammed يوم 11-28-2011 في 06:17 AM.
رد مع اقتباس
قديم 11-28-2011, 05:19 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


رد:مدينة إرم ذات العماد:*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏‏‏(‏الفجر‏:6-8).‏.القصة

من أسرار القرآن
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
‏(68)‏ إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏
بقلم: د.‏ زغـلول النجـار


Cant See Images
هاتان الآيتان الكريمتان جاءتا في اخر الربع الأول من سورة الفجر‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ يدور محورها الرئيسي حول قضية البعث بعد الموت‏,‏ وهي من القضايا الأساسية في العقيدة الإسلامية‏.‏
وتبدأ السورة الكريمة بقسم من الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالفجر‏,‏ وهو يمثل الفترة الزمنية التي يبزغ فيها أول خيط من الشفق الصباحي علي جزء من سطح الأرض فيعمل ذلك علي محو ظلمة الليل بالتدريج حتي شروق الشمس‏,‏ ويبدأ ذلك بوضع الجزء من الأرض الذي يبزغ عليه الفجر في وضع تبدو الشمس منه وكأنها علي بعد‏18,5‏ درجة تحت الأفق‏,‏ وتظل ترتفع في حركتها الظاهرية حول الأرض‏,‏ والتي تتم بدوران الأرض حول محورها امام الشمس حتي ظهور حافة الشمس العليا عند الأفق فتشرق الشمس‏.‏ والفجر الصادق يمثل أول النهار من الناحية الشرعية‏.‏

وظاهرة الفجر تدور مع الأرض في دورتها اليومية حول محورها أمام الشمس‏,‏ فتنتقل من منطقة الي أخري بانتظام حتي تمسح سطح الأرض كله بالتدريج‏,‏ وهي ظاهرة تصاحب بقدر من الصفاء البيئي والنقاء لا تساويها فترة أخري من فترات اليوم في ذلك فتتميز بالنداوة‏,‏ والرقة والهدوء‏,‏ وبانعكاس ذلك كله علي مختلف أنواع الخلائق‏,‏ وربما كان ذلك وغيره من مبررات هذا القسم الإلهي بالفجر‏,‏ والله‏(‏ تعالي‏)‏ غني عن القسم لعباده‏,‏ والمقصود من ورود الآية القرآنية بصيغة القسم هو تنبيهنا الي أهمية الأمر الذي جاء به القسم‏.‏
ويلي القسم بالفجر قسم ثان بـ‏(‏ ليال عشر‏)‏ وقد قيل فيها أنها الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان‏,‏ ومن ضمنها ليلة القدر التي وصفها الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بأنها خير من ألف شهر‏,‏ ويأتي في مقابلتها الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة‏,‏ وفيها يوم عرفة الذي وصفه المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بأنه أفضل يوم عند الله‏,‏ ووصف العشر من ذي الحجة بأنه ما من أيام بأفضل منها عند الله‏.‏

ثم يأتي قسم ثالث بالشفع والوتر وفيه قيل أن المقصود بذلك الصلاة‏,‏ ومنها الشفع كالصلاة الثنائية والرباعية‏,‏ ومنها الوتر كالمغرب وختام الصلاة في آخر الليل‏.‏
ويلي ذلك قسم رابع بالليل إذا يسر وأصل السري هو السير بالليل‏,‏ وإسناد ذلك إلي الليل قيل فيه أنه مجاز بمعني يسري فيه‏(‏ وحذفت ياؤه في الآية الكريمة وصلا ووقفا‏),‏ وقيل أنه ليس بمجاز‏,‏ وذلك لتعاقب كل من الليل والنهار علي سطح الأرض بفعل دوران الأرض حول محورها امام الشمس حتي يخرج نصفها المظلم من انطباق ظلمة السماء علي ظلمة الأرض وذلك بدخول طبقة نور النهار بينهما‏,‏ وانتقال ظلمة ليل الأرض الي جزء آخر منها كان يعمه نور النهار‏,‏ ولا يخفي علي عاقل فوائد تعاقب كل من الليل والنهار علي سطح الأرض‏,‏ وعلي الحياة الأرضية‏.‏


وبعد القسم بهذه الآيات الخمس‏,‏ وبما لها من قيمة في انتظام حركة الحياة تتساءل سورة الفجر‏:‏ هل في ذلك قسم لذي حجر؟
أي لذي لب وعقل وبصيرة؟

وجواب القسم محذوف وتقديره‏:‏ ليعذبن الله‏(‏ تعالي‏)‏ كل كافر ومشرك ومنكر للبعث‏,‏ وكل مفسد في الأرض‏,‏ وكل متجبر علي الخلق‏..‏ ودلالة ذلك هو سرعة الاستشهاد بمصارع عدد من الأمم البائدة من مثل أقوام عاد وثمود وفرعون‏,‏ وقد أشارت الآيات إلي صفة لازمت كل أمة منهم‏,‏ وألمحت إلي شيء من تجبرهم وطغيانهم وإفسادهم‏,‏ وذكرت كيف صب الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي كل منهم عذابه صبا‏,‏ جزاء ما اقترفوه من آثام‏..‏ وأكدت أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ قائم دوما بالمرصاد لكل متجبر علي الخلق وكل مفسد في الأرض وأن سنة الله واحدة في أخذ الطغاة المفسدين في كل زمان ومكان بأقسي أنواع العقاب‏,‏ وأشد ألوان العذاب‏..!!‏
وبعد أن جمعت الآيات في سورة الفجر مصارع عدد من عتاة المفسدين في الأرض‏,‏ وأكدت أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ لهم ولأمثالهم دوما بالمرصاد‏,‏ انتقلت بالحديث إلي شيء من طبائع النفس الإنسانية أمام قضية بسط الرزق وقبضه‏,‏ وما فيها من ابتلاء للعباد‏,‏ فالصالح يشكر النعمة‏,‏ ويصبر علي المحنة‏,‏ وغير ذلك تبطره النعمة التي يراها تكريما لشخصه‏,‏ وتضجره المحنة التي يراها إهانة لكرامته‏,‏ وترد الأيات بأن إنسانا هذا شأنه مخلوق أناني لا يفكر إلا في ذاته‏,‏ قد جبلت نفسه علي عدم الاكتراث بإكرام اليتيم‏,‏ ولا بالتحاض علي اطعام المسكين‏,‏ وبالنهم الشديد في اقتسام الميراث‏,‏ وبالحب الجم للمال‏,‏ ثم تذكر الآيات فورا بالآخرة وما فيها من أهوال حين تدك الأرض دكا دكا‏,‏ كناية عن تدمير الكون كله‏,‏ ثم بعثه وبعث كافة الخلائق فيعرضون امام ربهم‏(‏ لا تخفي منهم خافية‏)‏ والملائكة وقوف صفا صفا بين يدي الله‏(‏ تعالي‏)‏ ثم يؤتي بجهنم في هذا الموقف العصيب الذي يتقرر فيه مصير كل واحد من الخلق‏,‏ وحينئذ يتذكر الانسان مافرط فيه من حياته الدنيا حين لايفيد التذكر بشيء‏,‏ ويتمني لو أنه كان قد قدم شيئا لهذا الموقف الرهيب‏..!!‏
وتصف الآيات جانبا من عذاب الكفار والمشركين في ذلك اليوم العصيب الذي يقول فيه الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
فيومئذ لايعذب عذابه أحد‏*‏ ولا يوثق وثاقه أحد

بينما يسمع نداء الحق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ علي كل نفس طيبة بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
ياأيتها النفس المطمئنة‏*‏ إرجعي إلي ربك راضية مرضية‏*‏ فادخلي في عبادي وادخلي جنتي‏(‏ الفجر‏:27‏ ـ‏30)‏
والإعجاز في سورة الفجر يشمل فيما يشمل القسم بخمس من آيات الله لم تكن أهميتها معروفة في زمن الوحي ولا لقرون متطاولة من بعده‏,‏ بالإضافة إلي وصف شيء من دخائل النفس الإنسانية‏,‏ ووصف عدد من المظاهر والأحداث المصاحبة للآخرة‏,‏ وهي من الغيوب المطلقة التي لا سبيل أمام الإنسان لمعرفة شيء عنها إلا من خلال وحي السماء‏.‏

أما الأعجاز التاريخي في هذه السورة المباركة فهو أبلغ جوانب الإعجاز فيها لاشتماله علي ذكر ثلاثة من طواغيت التاريخ القديم هم قوم عاد‏,‏ ومدينتهم إرم ذات العماد‏,‏ وقوم ثمود الذين وصفتهم الآيات الكريمة بأنهم هم‏..‏ الذين جابوا الصخر بالواد‏,‏ وفرعون ذي الأوتاد وهذه الأمم كانت قد بادت قبل بعثة رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بمئات السنين‏,‏ ولم تكن الامة العربية أمة تدوين وتوثيق‏,‏ هذا فضلا عن بعد أراضي تلك الأمم البائدة عن مكة المكرمة بمئات بل بعشرات المئات من الكيلومترات في زمن لم تكن وسائل المواصلات ميسرة‏:‏
وذكر قوم عاد في القرآن الكريم يعتبر أكثر إنبائه بأخبار الأمم البائدة إعجازا‏,‏ وذلك لأن هذه الأمة قد أبيدت إبادة كاملة بعاصفة رملية غير عادية‏..‏ طمرتهم وردمت اثارهم حتي أخفت كل أثر لهم من علي وجه الأرض‏,‏ وبسبب ذلك أنكرت الغالبية العظمي من الأثريين والمؤرخين وجود قوم عاد‏,‏ واعتبروا ذكرهم في القرآن الكريم من قبيل القصص الرمزي لاستخلاص العبر والدروس‏,‏ بل تطاول بعض الكتاب فاعتبروهم من الأساطير التي لا أصل لها في التاريخ‏,‏ ثم جاءت الكشوف الأثرية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بالكشف عن مدينة إرم وإثبات صدق القرآن الكريم في كل ما جاء به عن قوم عاد‏,‏ وانطلاقا من ذلك فسوف أقصر حديثي هنا علي هذا الكشف الأثري المثير الذي سبق وأن سجلته سورة الفجر في الآيات‏(6‏ ـ‏8)‏ من قبل ألف وأربعمائة من السنين‏,‏ وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي حقيقة أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه لنا بنفس لغة وحيه التي أوحي بها‏(‏ اللغة العربية‏)‏ فظل محتفظا بصياغته الربانية‏,‏ وإشراقاته النورانية‏,‏ وبصدق كل حرف وكلمة وإشارة فيه‏.‏

وقبل البدء في الحديث عن إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏*‏ لابد من استعراض سريع لقوم عاد في القرآن الكريم‏,‏ ولشرح عدد من كبار المفسرين القدامي والمعاصرين لهذه الآيات القرآنية الثلاث‏.‏

قوم عاد في القرآن الكريم


جاء ذكر قوم عاد في سورتين من سور القرآن الكريم سميت إحداهما باسم نبيهم هود‏(‏ عليه السلام‏)‏ وسميت الأخري باسم موطنهم الأحقاف‏,‏ وفي عشرات الآيات القرآنية الأخري التي تضمها ثماني عشرة سورة من سور القرآن الكريم جاء ذكرهم أيضا ونختار منها ما يلي‏:‏
‏(1)‏ وإلي عاد أخاهم هودا قال يا قوم أعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون‏*‏ قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين‏*‏ قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين‏*‏ أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين‏*‏ أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم علي رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون‏*‏ قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد أباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين‏*‏ قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم مانزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين‏*‏ فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بأياتنا وما كانوا مؤمنين‏*‏
‏(‏الأعراف‏:65-72).‏

‏(2)‏ كذبت عاد المرسلين‏*‏ إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون‏*‏ إني لكم رسول أمين‏*‏ فاتقوا الله وأطيعون‏*‏ وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا علي رب العالمين‏*‏ أتبنون بكل ريع أية تعبثون‏*‏ وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون‏*‏ وإذا بطشتم بطشتم جبارين‏*‏ فاتقوا الله وأطيعون‏*‏ واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون‏*‏ أمدكم بأنعام وبنين‏*‏ وجنات وعيون‏*‏ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم‏*‏ قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين‏*‏ إن هذا إلا خلق الأولين‏*‏ وما نحن بمعذبين‏*‏ فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين‏*‏ وإن ربك لهو العزيز الرحيم‏*‏
‏(‏الشعراء‏:123-140).‏

‏(3)‏ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود‏*‏ إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون‏*‏ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون‏*‏ فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينصرون‏*‏
‏(‏فصلت‏:13-16)‏

‏(4)‏ واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم‏*‏ قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين‏*‏ قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون‏*‏ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم‏*‏ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يري إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين‏*‏ ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغني عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ماكانوا به يستهزئون‏*‏
‏(‏الأحقاف‏:21-26).‏

‏(5)‏ كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر‏*‏ إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر‏*‏ تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر‏*‏ فكيف كان عذابي ونذر‏*‏ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر‏*‏
‏(‏القمر‏:18-22).‏

‏(6)‏ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية‏*‏ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فتري القوم فيها صرعي كأنهم أعجاز نخل خاوية‏*‏ فهل تري لهم من باقية‏*‏
‏(‏الحاقة‏:6-8)‏

‏(7)‏ ألم تر كيف فعل ربك بعاد‏*‏ إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏*‏
‏(‏الفجر‏:6-8).‏

وفي غير هذه الأيات جاء ذكر قوم عاد في كل من سورة التوبة‏(70),(‏ هود‏:50-60),‏ إبراهيم‏(9),‏ الحج‏(42),‏ ص‏(12),‏ غافر‏(31),‏ ق‏(13),‏ الذاريات‏(41),‏ الفرقان‏(38),‏ العنكبوت‏(38),‏ والنجم‏(50).‏

من أقوال المفسرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏
ألم تر كيف فعل ربك بعاد‏*‏ إرم ذات العماد‏*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏*‏ت
‏(‏ الفجر‏:6-8)‏

‏*‏ ذكر ابن كثير‏(‏ رحمه الله‏)‏ ما نصه‏:(‏ ألم تر كيف فعل ربك بعاد‏)‏؟ وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين‏,‏ خارجين عن طاعته مكذبين لرسله‏,‏ فذكر تعالي كيف أهلكهم ودمرهم‏,‏ وجعلهم أحاديث وعبرا فقال‏:(‏ ألم تر كيف فعل ربك بعاد‏*‏ إرم ذات العماد‏)‏؟ وهؤلاء‏(‏ عادا الأولي‏)‏ وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا عليه السلام فكذبوه وخالفوه‏,‏ فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم وأهلكهم‏(‏ بريح صرصر عاتية‏),‏ وقد ذكر الله قصتهم في القرآن‏,‏ ليعتبر بمصرعهم المؤمنون‏,‏ فقوله تعالي‏:(‏ إرم ذات العماد‏)‏ عطف بيان زيادة تعريف بهم‏,‏ وقوله تعالي‏:(‏ ذات العماد‏)‏ لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد‏,‏ وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا‏,‏ ولهذا ذكرهم‏(‏ هود‏)‏ بتلك النعمة‏,‏ وأرشدهم إلي أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم فقال‏:(‏ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون‏)‏
وقال تعالي‏:(‏ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة؟ أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة‏)‏ وقال ههنا‏:(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏)‏ أي القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم‏,‏ وقال مجاهد‏:‏ إرم أمة قديمة يعني عادا الأولي‏,‏ قال قتادة والسدي‏:‏ إن إرم بيت مملكة عاد‏,‏ وكانوا أهل عمد لا يقيمون‏,‏ وقال ابن عباس‏:‏ إنما قيل لهم ذات العماد لطولهم‏,‏ واختار الأول ابن جرير‏,‏ وقوله تعالي‏:(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏)‏ الضمير يعود علي القبيلة‏,‏ أي لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد يعني في زمانهم‏,....,‏ وسواء كانت العماد أبنية بنوها‏,‏ أو أعمدة بيوتهم للبدو‏,‏ أو سلاحهم يقاتلون به‏,‏ أو طول الواحد منهم‏,‏ فهم قبيلة وأمة من الأمم‏,‏ وهم المذكورون في القرآن في غير ماموضع‏,‏ المقرونون بثمود كما ههنا‏,‏ والله أعلم‏.....‏

‏*‏ وجاء في تفسير الجلالين‏(‏ رحم الله كاتبيه‏)‏ ما نصه‏:(‏ ألم تر‏)‏ ألم تعلم يا محمد‏(‏ كيف فعل ربك بعاد‏)‏ قوم هود عليه السلام‏.(‏ إرم‏)‏ هي‏:‏ عاد الأولي‏,‏ فـ إرم عطف بيان أو‏:‏ بدل‏,‏ ومنع الصرف للعلمية والتأنيث‏(‏ ذات العماد‏)‏ أي‏:‏ ذات الأبنية المرفوعة علي العمد‏,‏ أو البناء المرتفع‏,‏ ففي الصحاح والعماد‏:‏ الأبنية المرتفعة‏,‏ وقيل‏:‏ ذات الطول‏...(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏)‏ في بطشهم وقوتهم‏..‏
‏*‏ وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ مانصه‏:.....(‏ عاد إرم‏)‏ وهي عاد الأولي‏,‏ وقيل‏:‏ انها من العرب العاربة أو البائدة‏,‏ وكان مسكنهم بالأحقاف وهي كثبان الرمال في جنوب الجزيرة بين حضرموت واليمن‏,‏ وكانوا بدوا ذوي خيام تقوم علي عماد‏,‏ وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش‏,‏ فقد كانت قبيلة عاد هي أقوي قبيلة في وقتها وأميزها‏(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏)‏ في ذلك الأوان‏..‏

‏*‏ وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحم الله كاتبه برحمته الواسعة‏)‏ مانصه‏:.....‏ وعاد هو‏:‏ عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام‏,‏ سمي أولاده باسمه‏....‏ وقيل لأوائلهم ـ وهم الذين أرسل اليهم هود عليه السلام ـ عاد الأولي تسمية لهم باسم أبيهم‏,‏ وإرم تسمية لهم باسم جدهم‏...‏ وقيل لمن بعدهم عاد الآخرة‏,‏ و‏(‏إرم‏)‏ بدل أو عطف بيان لـ‏(‏عاد‏)....‏ وقيل‏:‏ إن‏(‏ إرم‏)‏ قبيلة من‏(‏ عاد‏)‏ وهي بيت ملكهم‏,‏ فهي بدل من‏(‏ عاد‏),‏ بدل بعض من كل‏.(‏ ذات العماد‏)‏ صفة لقبيلة‏(‏ إرم‏)‏ أي ذات الأعمدة التي ترفع عليها بيوت الشعر‏,‏ إذ كانوا أهل خيام وعمد ينتجعون الغيوث ويطلبون الكلأ حيث كان‏,‏ ثم يعودون الي منازلهم‏,‏ وقيل‏:‏ ذات الرفعة والعزة‏,(‏ لم يخلق مثلها‏..)‏ صفة اخري لها‏,‏ أي لم يخلق في بلادهم مثلها في الأيد والشدة وعظم الأجسام‏....‏
‏*‏ وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم جزي الله كاتبيه خيرا مانصه‏:‏ ألم تعلم كيف انزل ربك عقابه بعاد قوم هود‏,‏ أهل إرم ذات البناء الرفيع‏,‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد متانة وضخامة بناء‏...‏

‏*‏ وذكر صاحب صفوة التفاسير‏(‏ جزاه الله خيرا‏)‏ مانصه‏:....‏ أي ألم يبلغك يامحمد ويصل الي علمك ماذا فعل الله بعاد قوم هود؟‏(‏ إرم ذات العماد‏)‏ أي عادا الأولي أهل إرم ذات البناء الرفيع‏,‏ الذين كانوا يسكنون بالأحقاف بين عمان وحضرموت‏(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏)‏ أي تلك القبيلة التي لم يخلق الله مثلهم في قوتهم‏,‏ وشدتهم‏,‏ وضخامة اجسامهم‏....‏

ارم ذات العماد في التراث الاسلامي
في تفسير ماجاء عن‏(‏ قوم عاد‏)‏ في القرآن الكريم نشطت أعداد من المفسرين والجغرافيين والمؤرخين وعلماء الأنساب المسلمين‏,‏ من أمثال الطبري‏,‏ والسيوطي‏,‏ والقزويني والهمداني وياقوت الحموي‏,‏ والمسعودي في الكشف عن حقيقة هؤلاء القوم فذكروا أنهم كانوا من‏(‏ العرب البائدة‏)‏ وهو تعبير يضم كثيرا من الأمم التي اندثرت قبل بعثة المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم بمئات السنين‏,‏ ومنهم قوم عاد‏,‏ وثمود‏,‏ والوبر وغيرهم كثير‏,‏ وعلموا من آيات القرآن الكريم ان مساكن قوم عاد كانت بالأحقاف‏(‏ جمع حقف أي‏:‏ الرمل المائل‏),‏ وهي جزء من جنوب شرقي الربع الخالي بين حضرموت جنوبا‏,‏ ومعظم الربع الخالي شمالا‏,‏ وعمان شرقا‏,‏ كما علموا من القرآن الكريم ان نبيهم كان سيدنا هود‏(‏ عليه السلام‏),‏ وأنه بعد هلاك الكافرين من قومه سكن نبي الله هود أرض حضرموت حتي مات ودفن فيها قرب‏(‏ وادي برهوت‏)‏ الي الشرق من مدينة تريم‏.‏
أما عن‏(‏ إرم ذات العماد‏)‏ فقد ذكر كل من الهمداني‏(‏ المتوفي سنة‏334‏ هـ‏/946‏ م‏)‏ وياقوت الحموي‏(‏ المتوفي سنة‏627‏ هـ‏/1229‏ م‏)‏ أنها كانت من بناء شداد بن عاد واندرست‏(‏ أي‏:‏ طمرت بالرمال‏)‏ فهي لاتعرف الآن‏,‏ وإن ثارت من حولها الأساطير‏.‏

الكشف الحديث عن إرم ذات العماد
‏*‏ في سنة‏1984‏ م زود احد مكوكات الفضاء بجهاز رادار له القدرة علي اختراق التربة الجافة الي عمق عدة أمتار يعرف باسم جهاز رادار اختراق سطح الأرض
‏GroundPenetratingRadarOrGPR
فكشف عن العديد من المجاري المائية الجافة مدفونة تحت رمال الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربا الي أواسط آسيا شرقا‏.‏
وبمجرد نشر نتائج تحليل الصور المأخوذة بواسطة هذا الجهاز تقدم احد هواة دراسة الآثار الأمريكان واسمه نيكولاس كلاب‏
NicholssClapp‏
إلي مؤسسة بحوث الفضاء الأمريكية المعروفة باسم ناسا‏
(NASA)‏
بطلب للصور التي أخذت بتلك الواسطة لجنوب الجزيرة العربية‏,‏ وبدراستها اتضح وجود آثار مدقات للطرق القديمة المؤدية الي عدد من أبنية مدفونة تحت الرمال السافية التي تملأ حوض الربع الخالي‏,‏ وعدد من أودية الأنهار القديمة والبحيرات الجافة التي يزيد قطر بعضها عن عدة كيلو مترات‏.‏

وقد احتار الدارسون في معرفة حقيقة تلك الآثار‏,‏ فلجأوا الي الكتابات القديمة الموجودة في إحدي المكتبات المتخصصة في ولاية كاليفورنيا وتعرف باسم مكتبة هنتنجتون‏
HuntingtonLibrary,
وإلي عدد من المتخصصين في تاريخ شبه الجزيرة العربية القديم وفي مقدمتهم الأمريكي جوريس زارينز
‏JurisZarins‏
والبريطاني رانولف فينيس
‏RanulphFiennes
وبعد دراسة مستفيضة أجمعوا علي أنها هي آثار عاصمة ملك عاد التي ذكر القرآن الكريم ان اسمها‏(‏ ارم‏)‏ كما جاء في سورة الفجر‏,‏ والتي قدر عمرها بالفترة من‏3000‏ ق‏.‏م‏.‏ الي ان نزل بها عقاب ربها فطمرتها عاصفة رملية غير عادية‏.‏ وعلي الفور قام معمل الدفع النفاث بكاليفورنيا‏(‏ معهد كاليفورنيا للتقنية‏)‏
‏(TheJetPropulsionLaboratories,
CaliforniaInstituteofTechnology,J.P.L)‏
باعداد تقرير مطول يضم نتائج الدراسة‏,‏ ويدعو رجال الأعمال والحكومات العربية الي التبرع بسخاء للكشف عن تلك الآثار التي تملأ فراغا في تاريخ البشرية‏,‏ وكان عنوان التقرير هو‏:‏ البعثة عبر الجزيرة
‏TheTrans-ArabiaExpedition‏
وتحت العنوان مباشرة جاءت الآيتان الكريمتان رقما‏8,7‏ من سورة الفجر‏,‏ وقد أرسل الي التقرير لدراسته‏,‏ وقد قمت بذلك فعلا وقدمت رأيي فيه كتابة الي المسئولين بالمملكة العربية السعودية‏,‏
وقد ذكر التقرير ان اثنين من العلماء القدامي قد سبق لهما زيارة مملكة عاد في أواخر حكمها‏,‏ وكانت المنطقة لاتزال عامرة بحضارة زاهرة‏,‏ والأنهار فيها متدفقة بالماء‏,‏ والبحيرات زاخرة بالحياة‏,‏ والأرض مكسوة بالخضرة‏,‏ وقوم عاد مستكبرون في الأرض‏,‏ ويشكلون الحضارة السائدة فيها‏,‏ وذلك قبل ان يهلكهم الله‏(‏ تعالي‏)‏ مباشرة‏,‏ وكان احد هؤلاء هو بليني الكبير من علماء الحضارة الرومانية‏(‏ والذي عاش في الفترة من‏23‏ م الي‏79‏ م‏),‏ والآخر كان هو الفلكي والجغرافي بطليموس الاسكندري الذي كان أمينا لمكتبة الاسكندرية‏.‏وعاش في الفترة من‏100‏ م الي‏170‏ م تقريبا‏),‏ وقام برسم خريطة للمنطقة بأنهارها المتدفقة‏,‏ وطرقاتها المتشعبة والتي تلتقي حول منطقة واسعة سماها باسم‏(‏ سوق عمان‏).‏

ووصف بليني الكبير حضارة عاد الأولي بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخري علي وجه الأرض‏,‏ وذلك في ثرائها‏,‏ ووفرة خيراتها‏,‏ وقوتها‏,‏ حيث كانت علي مفترق طرق التجارة بين كل من الصين والهند من جهة وبلاد الشام وأوروبا من جهة أخري‏,‏ والتي كانت تصدر اليها البخور والعطور والأخشاب‏,‏ والفواكه المجففة‏,‏ والذهب‏,‏ والحرير وغيرها‏.‏
وقد علق كثير من المتأخرين علي كتابات كل من بليني الكبير وبطليموس الاسكندري بأنها ضرب من الخرافات والأساطير‏,‏ كما يتشكك فيها بعض مدعي العلم في زماننا ممن لم يستطيعوا تصور الربع الخالي‏,‏ وهو من أكثر أجزاء الأرض قحولة وجفافا اليوم‏,‏ مليئا في يوم من الأيام بالأنهار والبحيرات والعمران‏,‏ ولكن صور المكوك الفضائي جاءت مطابقة لخريطة بطليموس الاسكندري‏,‏ ومؤكدة ماقد كتبه من قبل كل منه ومن بليني الكبير كما جاء في تقرير معهد الدفع النفاث‏.‏

إرهاصات قبل الكشف عن إرم
‏*‏ في سنة‏1975‏ م تم اكتشاف آثار لمدينة قديمة في شمال غربي سوريا باسم مدينة‏(‏ إبلا‏)
(Ebla)
تم تحديد تاريخها بحوالي‏4500‏ سنة مضت‏,‏ وفي بقايا مكتبة قصر الحكم في هذه المدينة القديمة وجدت مجموعة كبيرة من الألواح الصلصالية‏(‏ حوالي‏15,000‏ لوح‏)‏ تحمل كتابات بإحدي اللغات القديمة التي تم معرفة مفاتيحها وتمت قراءتها‏.‏
‏*‏ في عددها الصادر بتاريخ ديسمبر‏1978‏ م نشرت المجلة الجغرافية الأهلية‏
(NationalGeographicMagazine)‏
مقالا بعنوان
‏'Ebla:Splendorofanunknown
Empire'(vol.154,no6,pp731.-759)‏
لكاتب باسم‏
(HowardlaFay)‏
جاءت فيه الإشارة إلي أن من الأسماء التي وجدت علي ألواح مدينة إبلا الإسم إرم علي أنه اسم لمدينة غير معروفة جاء ذكره في السورة رقم‏89‏ من القرآن الكريم‏.‏
‏*‏ بعد ذلك بعام واحد‏(‏ أي في سنة‏1979‏ م‏)‏ نشر اثنان من غلاة الصهاينة هما‏:‏ حاييم برمانت وميخائيل ويتزمان
‏(ChaimBermantandMichaelWetzman)
كتابا بعنوان‏:‏
‏(Ebla-ARevelationInArchaeology)‏
ذكرا فيه أسماء ثلاثة وجدت مكتوبة علي ألواح الصلصال المكتشفة في‏(‏ إبلا‏)‏ هي‏:‏ شاموتو‏(‏ أو ثمود‏),‏ و‏(‏عاد‏),‏ و‏(‏إرم‏)‏ وذكرا أن هذه الأسماء الثلاثة ذكرت في السورة رقم‏89‏ من القرآن الكريم‏.‏

وأضاف هذان الصهيونيان أن‏(‏ ثمود‏)‏ اسم قبيلة ذكرها سارجون الثاني‏
(SargonII)‏
في القرن الثامن قبل الميلاد‏,‏ بينما الإسم‏(‏ إرم‏)‏ قد اختلف فيه فمن المؤرخين من اعتبره اسما لإحدي القبائل‏,‏ ومنهم من اعتبره اسما لمكان‏,‏ أما عن الاسم الثالث‏(‏ عاد‏)‏ فقد اعتبراه اسما اسطوريا‏,‏ وهذا من قبيل تزييف التاريخ الذي برع فيه الصهاينة منذ القدم‏,‏ وقد سبقهم في ذلك جيش من مزيفي تاريخ الجزيرة العربية علي رأسهم‏
ThomasBertram‏
الذي نشر في الثلاثينيات من القرن العشرين كلاما مشابها‏.‏

‏*‏ في يوليو سنة‏1990‏ م تشكل فريق من البحاث في وكالة الفضاء الأمريكية‏
(NASA)‏
برئاسة‏
(CharlesElachi)‏
ومن معهد الدفع النفاث‏
(J.P.L)‏
برئاسة‏
(RonaldBlom)‏
للبحث عن‏(‏ إرم ذات العماد‏)‏ تحت رعاية وتشجيع عدد من الأسماء البارزة منها‏:
(ArmandHammar,SirRanulphFiennes,GeorgeHedges)‏
ولكن البحث تأجل بسبب حرب الخليج‏.‏

بعد الكشف عن إرم
‏*‏ في يناير سنة‏1991‏ م بدأت عمليات الكشف عن الاثار في المنطقة التي حددتها الصور الفضائية واسمها الحالي الشيصار واستمر إلي مطلع سنة‏1998‏ م وأعلن خلال ذلك عن اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة علي أعمدة ضخمة يصل إرتفاعها إلي‏9‏ أمتار وقطرها إلي‏3‏ أمتار ربما تكون هي التي وصفها القرآن الكريم‏.‏
‏*‏ في‏1992/2/17‏ م نشر في مجلة تايم‏
(Time)‏
الأمريكية مقال بعنوان
‏(Arabia‏ ص‏sLostSandCastleByRichardOstling)‏
ذكر فيه الكشف عن إرم‏.‏

‏*‏ بتاريخ‏1992/4/10‏ م كتبت مقالا بعنوان اكتشاف مدينة إرم ذات العماد نشر بجريدة الأهرام القاهرية لخصت فيه ما وصلني من أخبار ذلك الكشف حتي تاريخه‏.‏
‏*‏ في سنة‏1993‏ م نشر بيل هاريس كتابه المعنون
‏(BillHarris:LostCivilizations)‏

‏*‏ بتاريخ‏1998/4/23‏ م نشر
‏(NicholasClapp)
كتابه المعنون
TheRoadtoUbar:‏

‏*‏ بتاريخ‏1999/6/14‏ م نشر بيكو إير
‏(PicoIyer)
كتابه المعنون
‏(FallingoffTheMap:SomeLonelyPlacesinTheWorld)‏

وتوالت الكتب والنشرات والمواقع علي شبكة المعلومات الدولية منذ ذلك التاريخ‏,‏ ولكن تكتم القائمون علي الكشف نشر مزيد من أخباره حتي يتمكنوا من تزييفه وإلحاقه بأساطير اليهود كما فعلوا من قبل في لفائف البحر الميت وآثار‏(‏ إبلا‏)‏ وغيرها من المواقع‏,‏ ولكن كل مانشر ـ علي قلته ـ يؤكد صدق ماجاء بالقرآن الكريم عن قوم عاد بأنهم‏:‏
‏(1)‏ كانوا في نعمة من الله عظيمة ولكنهم بطروها ولم يشكروها ووصف بليني الكبير لتلك الحضارة بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخري كأنه ترجمة لمنطوق الآية الكريمة‏(‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏).‏

‏(2)‏ أن هذه الحضارة قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية وهو ماسبق القرآن الكريم بالإشارة إليه‏.‏

‏(3)‏ أن هناك محاولات مستميتة من اليهود لتزييف تاريخ تلك المنطقة ونسبة كل حضارة تكتشف فيها إلي تاريخهم المزيف‏,‏ ولذلك كان هذا التكتم الشديد علي نتائج الكشف حتي يفاجئوا العالم بما قد زيفوه‏,‏ ومن ذلك محاولة تغيير اسم‏(‏ إرم‏)‏ إلي اسم عبري هو أوبار
‏(Ubar).‏
هذه قصة‏(‏ إرم ذات العماد‏)‏ مدينة قوم عاد‏,‏ التي جاءت الكشوف الأثرية الحديثة بإثبات ماذكر عنها في القرآن الكريم‏.‏ وإن كان نفر من الأقدمين قد حاول إنكار ذلك تطاولا علي الله وكتابه‏,‏ فإن نفرا من المحدثين قد حاول إنكاره تطاولا علي العلم وأهله في زمن يتكلم فيه الرويبضة كما أخبرنا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ ولا حول ولا قوة إلا بالله‏.‏

ويبقي ماجاء في القرآن الكريم من ذكر لقوم عاد ولمدينتهم‏(‏ إرم ذات العماد‏),‏ ولما أصابها وأصابهم من دمار بعاصفة رملية غير عادية صورة من صور الإعجاز التاريخي في كتاب الله تشهد له بصفائه الرباني‏,‏ وإشراقاته النورانية‏,‏ وبأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏,‏ فالحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والصلاة والسلام علي الرسول الخاتم الذي تلقاه وجاهد في سبيله حتي أتاه اليقين‏,‏ وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏.‏

Cant See Links

Cant See Images


آخر تعديل abo _mohammed يوم 11-28-2011 في 06:20 AM.
رد مع اقتباس
قديم 11-28-2011, 06:11 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


رد: مدينة إرم ذات العماد:*‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏‏‏(‏الفجر‏:6-8).‏.القصة


قصة قوم عاد

Cant See Images

Cant See Images

قد ذكر الله تعالى قوم عاد في سياق حديثه عن نبيه هود عليه السلام قال تعالى :

(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ)(هود:50) .

ولقد حدد القرآن مكان قوم عاد في الأحقاف والأحقاف جمع حقف وهي الرمال، ولم يعيين القرآن موقعها، إلا أن الإخباريين كانوا يقولون إن موقعها بين اليمن وعُمان ..

قال تعالى :
(وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ
عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الاحقاف:21) .



ولقد أخبر القرآن الكريم أن قوم عاد بنوا مدينة اسمها ( إرم )
ووصفها القرآن بأنها كانت مدينة عظيمة لا نظير لها في تلك البلاد
قال تعالى :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {7}
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {8}(سورة الفجر ).


وقد ذكر المؤرخون أن عاداً عبدوا أصناماً ثلاثة يقال لأحدها :
صداء وللأخر : صمود ، وللثالث : الهباء وذلك نقلاً عن تاريخ الطبري.

ولقد دعا هود قومه إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام لأن ذلك سبيل لاتقاء العذاب يوم القيامة .

ولكن ماذا كان تأثير هذه الدعوة على قبيلة ( عاد ) ؟

لقد احتقروا هوداً ووصفوه بالسفه والطيش والكذب ، ولكن هوداً نفى هذه الصفات عن نفسه مؤكداً لهم أنه رسول من رب العالمين لا يريد لهم غير النصح .

قال تعالى :
(قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).(لأعراف:66).

التذكير بنعم الله :

تابع هود مخاطبة قومه محاولاً إقناعهم بالرجوع إلى الطريق الحق مذكراً إياهم بنعم الله عليهم ، فقال : هل أثار عجبكم واستغرابهم أن يجيئكم إرشاد من ربكم على لسان رجل منكم ينذركم سوء العاقبة بسبب الضلال الذي أنتم عليه ؟ ألا تذكرون أن الله جعلكم وارثين للأرض من بعد قوم نوح الذين أهلكهم الله بذنوبهم ، وزادكم قوة في الأبدان وقوة في السلطان ، وتلك نعمة تقتضي منكم أن تؤمنوا بالله وتشكروه ، لا أن تكفروا به ..

(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأعراف:69)

ويحدث القرآن أن قوم هود لم يقوموا بحق الشكر لنعم الله عليهم ، بل انغمسوا في الشهوات، وتكبروا في الأرض ، فقال لهم هود :

(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128} وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ {129}وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ {130} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {131}وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ {132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ {133}وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {134} إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ{135} قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ) الشعراء .

ونلاحظ أن الآيات أشارت إلى أن قوم عاد كانوا مشهورين في بناء الصروح العظيمة والقصور الفارهة. .

ولما عصوا رسولهم أنزل الله تعالى عليهم العذاب وذلك بأن أرسل عليهم ريحاً عاصفة محملة بالغبار والأتربة والتي غمرتهم وقضت عليهم قال تعالى :(وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) (الحاقة:6) .

أما أهم النقاط التي تطرق القرآن لذكرها في قصة هود :

1. أن قوم هود كانوا يسكنونه في الأحقاف والأحقاف هي الأرض الرملية ولقد حددها المؤرخون بين اليمن وعمان .

2. أنه كان لقوم عاد بساتين وأنعام وينابيع قال تعالى :(وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ {132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ {133}وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ )

3. أن قوم عاد بنوا مدينة عظيمة تسمى إرم ذات قصور شاهقة لها أعمدة ضخمة لا نظير لها في تلك البلاد لذلك قال تعالى ( ألم ترى كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد).

4. إنهم كانوا يبنون القصور المترفة والصروح الشاهقة (أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون).

5. لما كذبوا هوداً أرسل عليهم الله تعالى ريحاً شديدة محملة بالأتربة قضت عليهم وغمرت دولتهم بالرمال .

الاكتشافات الأثرية لمدينة "إرم"

فى بداية عام 1990امتلأت الجرائد العالمية الكبرى بتقاريرصحفية تعلن عن: " اكتشاف مدينة عربية خرافية مفقودة " ," اكتشاف مدينة عربية أسطورية " ," أسطورة الرمال (عبار)", والأمر الذي جعل ذلك الاكتشاف مثيراً للاهتمام هو الإشارة إلى تلك المدينة في القرآن الكريم. ومنذ ذلك الحين, فإن العديد من الناس؛ الذين كانوا يعتقدون أن "عاداً" التي روى عنها القرآن الكريم أسطورة وأنه لا يمكن اكتشاف مكانها، لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم أمام ذلك الاكتشاففاكتشاف تلك المدينة التي لم تُذكر إلا على ألسنة البدو قد أثار اهتماماً وفضولاً كبيرين.


نيكولاس كلاب, عالم الآثار الهاوي, هو الذي اكتشف تلك المدينة الأسطورية التي ذُكرت في القرآن الكريم[1].

و لأنه مغرم بكل ما هو عربي مع كونه منتجاًللأفلام الوثائقية الساحرة, فقد عثر على كتاب مثير جداً بينماهو يبحث حول التاريخ العربي, و عنوان ذلك الكتاب "أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932 , و "أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية و التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. أطلق اليونان على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد"[2]وأطلق عليها علماء العرب في العصور الوسطي اسم "اليمن السعيدة", وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من فى عصرهم حظاً. و السبب في ذلك يرجع إلى موقعهم الاستراتيجي من ناحية؛ حيث أنهم اعتُبروا وسطاء في تجارة التوابل بين بلاد الهند وبلاد شمال شبه الجزيرة العربية, ومن ناحية أخرى فإن سكان تلك المنطقة اشتهروا بإنتاج "اللبان" وهو مادة صمغية عطرية تُستخرَج من نوع نادر من الأشجار. وكان ذلك النبات لا يقل قيمة عن الذهب حيث كانت المجتمعات القديمة تُقبل عليه كثيراً.

و أسهب الباحث الإنجليزي "توماس" في وصف تلك القبائل "السعيدة الحظ"[3], و رغم أنه اكتشف آثاراً لمدينة قديمة أسستها واحدة من تلك القبائلو كانت تلك المدينة هي التي يطلق عليها البدو اسم "عُبار", وفى إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة, أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم و قالوا إن تلك الآثار تؤدى إلى مدينة "عُبار" القديمة.

و لكن "توماس" الذي أبدى اهتماماً شديداً بالموضوع, توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه.

و بعد أن راجع "كلاب" ما كتبه الباحث الإنجليزي, اقتنع بوجود تلك المدينة المفقودة التي وصفها الكتاب و دون أن يضيع المزيد من الوقت بدأ بحثه.

استخدم "كلاب" طريقتين لإثبات وجود مدينة "عُبار":

أولاً: أنه عندما وجد أن الآثار التي ذكرها البدو موجودة بالفعل, قدم طلب للالتحاق بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر [4]الصناعي, وبعد عناء طويل, نجح في إقناع السلطات بأن يلتقط صوراً للمنطقة..

ثانياً: قام "كلاب" بدراسة المخطوطات و الخرائط القديمة بمكتبة"هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة. وبعد فترة قصيرة من البحث وجد واحدة, وكانت خريطة رسمها "بطلمى" عام 200 ميلادية , و هو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة و الطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة. و في الوقت نفسه, تلقى أخباراً بالتقاط وكالة ناسا الفضائية للصور التي جعلت بعض آثار القوافل مرئية بعد أن كان من الصعب تمييزها بالعين المجردة و إنما فقط رؤيتها ككل من السماء. و بمقارنة تلك الصور بالخريطة القديمة التي حصل عليها, توصل"كلاب" أخيراً إلى النتيجة التي كان يبحث عنها؛ ألا وهى أن الآثار الموجودة في الخريطة القديمة تتطابق مع تلك الموجودة في الصور التي التقطها القمر الصناعي . وكان المقصد النهائي لتلك القبائل موقعاً شاسعا ً يُفهم أنه كان في وقت من الأوقات مدينة. و أخيراً, تم اكتشاف مكان المدينة الأسطورية التي ظلت طويلاً موضوعاً للقصص التي تناقلتها ألسن البدو. و بعد فترة وجيزة, بدأت عمليات الحفر, و بدأت الرمال تكشف عن آثار المدينة القديمة, ولذلك وُصفت المدينة القديمة بأنها ( أسطورة الرمال "عبار" ).



ولكن ما الدليل على أن تلك المدينة هي مدينة قوم "عاد" التي ذُكرت في القرآن الكريم؟


منذ اللحظة التي بدأت فيها بقايا المدينة في الظهور, كان من الواضح أن تلك المدينة المحطمة تنتمي لقوم "عاد" ولعماد مدينة "إرَم" التي ذُكرت في القرآن الكريم؛ حيث أن الأعمدة الضخمةالتي أشار إليها القرآن بوجه خاص كانت من ضمن الأبنية التي كشفت عنها الرمال.



قال د. زارينزوهو أحد أعضاء فريق البحث و قائد عملية الحفر, إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة لمدينة "عُبار", وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها ذات العماد أي الأعمدة الضخمة, فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التي

ذكرت في القرآن الكريم قال تعالى في سورة الفجر :

" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادْ (6) إِرَمَ ذَاتِ العِمَادْ (7) الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى البِلادْ(8)"

المدينة الأسطورية والتي ذكرت في القرآن باسم إرم Iramوالتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن حتى الآن كَانتْ التي اكتشفت كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة يُقالُ بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِنْ الأعمدةِ التي غطيت بالذهبِ أَو صَنعتْ من الفضةِ وكانت هذه الأعمدةِ رائعة المنظر "


هذه الصورة هي لقلعة من قلاع إرم والتي تقع على عمق 10 أمتار تحت طبقات من الرمال الصحراوية والتي تتميز بأعمدتها الضخمة والتي تم تصويرها عبر أحد الأقمار الصناعية الأمريكية المتطورة

قال تعالى على لسان نبي الله هود: )أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (الشعراء128ـ129).
إن الذي يسافر إلى جزيرة العرب يلاحظ انتشار الصحارى بكثرة في معظم المناطق باستثناء المدن والمناطق التي زرعت لاحقاً.

لكن القرآن الكريم يذكر أنه هذه الصحارى كانت يوماً من الأيام جنات ويعيون.

فقال لهم هود) : أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم( الشعراء

ولقد كشفت السجلات التاريخية أن هذه المنطقة تعرضت إلى تغيرات مناخية حولتها إلى صحارى، والتي كَانتْ قبل ذلك أراضي خصبة مُنْتِجةَ فقد كانت مساحات واسعة مِنْ المنطقةِ مغطاة بالخضرة كما أُخبر القرآنِ، قبل ألف أربعمائة سنة .

ولقد كَشفَت صور الأقمار الصناعية التي ألتقطها أحد الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 1990 عن نظامَ واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد والتي يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخصَ [5]كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقةقالَ" لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة ."

صورة لمجرى نهرين جافين قرب مساكن قوم عاد صورت عبر الأقمار الصناعية

كما وَصفَ الكاتبُ القديم اليونانيُ Plinyهذه المنطقةِ أنْها كانت ذات أراضي خصبة جداً وكانت جبالها تكسوها الغابات الخضراء وكانت الأنهار تجري من تحتها.

ولقد وجدت بعض النقوشِ في بَعْض المعابدِ القديمةِ قريباً من حضرموت، تصور بعض الحيوانات مثل الأسود التي لا تعيش في المناطق الصحراوية وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المنطقة كانت جنات وأنها مصداقاً لقوله تعالى :)واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم( الشعراء.

أما سبب اندثار حضارة عاد فقط فسرته مجلة A m'interesseالفرنسية التي ذكرت أن مدينة إرم أو"عُبار" قد تعرضت إلى عاصفة رملية عنيفة أدت إلى غمر المدينة بطبقات من الرمال وصلت سماكتها إلى حوالي 12 متر [6]

وهذا تماماً هو مصداق لقوله تعالى :

(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }.

من أخبر محمد بن عبد الله عن قصة عاد ومن أخبره عن مكانهم بالتحديد في منطقة الأحقاف أي أرض الرمال والتي هي الربع الخالي الذي يتميز برماله المتحركة التي تشغل معظم مساحته،من أخبره أن قوم عاد بنوا مدينة عظمة تسمى إرم فيها قصور وقلاع ضخمة تتميز بأعمدة عظيمة ، إنه رب العالمين منزل القرآن على قلب حبيبه محمد بن عبد الله .

قال تعالى في كتابه العزيز :
{ وَإِلَى عَادٍأَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـه غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ {50} يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {51} وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ {52} قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }[سورة هود:50، 52].

قال تعالى في كتابه العزيز :{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَة عَادٍ وَثَمُودَ {13} إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِن خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَة فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ {14} فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {15} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }[سورة فصلت:13ـ16].




قصة هود عليه السلام ... كاملة ..

أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام.


سيرته:

عبادة الناس للأصنام:


بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء. نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.

قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله سيدنا هودا إلى قومه.

إرسال هود عليه السلام:

كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.

قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).

وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة.. أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض. إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.

وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.


حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات.. واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.

موقف الملأ من دعوة هود:

يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام. سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟

قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!
تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء.
قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
قال هود: الله .
قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.

واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون.

قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده. لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم.. وتحدث هود:

إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)

إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.

بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب.

هلاك عاد:

وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.

انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم. وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.

استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط. ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.

نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته

Cant See Images


آخر تعديل abo _mohammed يوم 11-28-2011 في 06:29 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir