بسيط ومختزل ....وكأن أحدى تماثيل جياكوميتي أستعارت روحه لتتلبس صمته ألحزين ألدافىء...بيته لم يكن يختلف عن ألبيوت ألمتلاصقه في نفس ألحي ...وألتي تشبه أسنانا صفراء نخرها ألتسوس ...وفي ألليل حين يتلفع ذلك ألحي بعباءة ألسكون ألذي لا يقطعه سوى صفير ألصراصر ألمتحصنه بجراح ألجدران ألتي تنزف أنتظاراتها ألبارده ألمتعفنه ...يتسلل بخجل صوت كاظم لطيفه بحشرجته ألحزينه وهو يحاول بجهد تمثل صوت داخل حسن ..ولكن نبراته تلتسق بلسان النسمات ألليليه ألجافه ...ألمطعمه بحقن ألبعوض فتبدو تلك ألنبرات وكأنها قرقعة ورق في كوز فارغ ...وبعد تلك ألحفله ألقسريه ألتي يدعو أليها كاظم لطيفه ....يغط جسد ذلك ألحي العتيق بحلم لا يتجاوز ألحصول على كيلو زوري ينشر على ألحبال ....تمهيدا لعمل أكلة ...ألمسموطه .....ألمعروفه في ألسبعينات بجنوب ألعراق
وفي أول ألصباح ....ومع دبيب أرجلنا ألحافيه ألصغيره ومع تأرجح حقا ئبنا ألتي صنعت من قماش ثياب أباءنا ألقديمه ...يخرج كاظم لطيفه حاملا مكنسة ألسعف ألطويله على كتفه وهو يتبختر بنعمة ألتواضع ...ليمسح عن شوارع قلعة سكر غبارألنعاس وألنفايات ألمتزاحمه أثر يوم شاق ...يفتش ألفقراء جيوب ألصباح ..كأطفال يبحثون في ثوب أبيهم عن دبق حلوى....أو قرص نعناع صغير يسكتون به لهفتهم ...كان أبو جواد كما يحب أن نسميه ...حريصا في صمته ..حتى يخاله ألفضوليون ...يحمل سرا...لايريد أن يدلقه ألا في كأس ألموت...أربعون سنه وهو يمشط جدائل ألمدينه ...كطفلة تتأهب للعيد ...
في أخر مره ...وقبل سنتين وقفت أمامه وهو يجلس في مقهى مظلم بينما كان شعاع ألفانوس من ألجهه ألمعاكسه لوجهه يشكل مع دخان ألنركيله ألمتصاعد بكثافه من فمه ..لوحة حزينه غامضه ...
حاولت أن أسأله ...ماهو ألسر ألذي نضدته في درج ألخوف ....وألعتمه ؟..ولكنني تراجعت تحت تأثير ذلك ألجو ألمزدحم بأشارات صوفيه ..ووعدت تطفلي اللجوج ...بأنني سأسأله غدا...وفي صباح أليوم ألتالي ...دسست كل أملك من رصيد شجاعتي في حقيبة خجلي ألمزدحمه ...
كان كاظم لطيفه ساعتها يتمدد في صندوق خشبي مخترقا قطرات ألمطر ألدافقه بأنفعال ....وشوارع ألناحيه ألتي قطف ألموت من عثق صباحاتها ....فارسها ألطيب ألصامت
أردت أن أقول له وهو يغط في حلم ألتبخر من عالمنا ألبارد ألثقيل ...أردت أن أقول له ...أبو جواد ..أنتظر ..لم تطلب من ألحكومه مكافأة خدمتك ألكبيره ...ولكن دمعه ساخنه ...وبخت ألسؤال ... جلست في ألمقهى...لأرتب سرير ذاكرتي .. بسيكارة وكوب قهوه ...حينها كان ألتلفزيون يعرض جلسة صاخبه لأعضاء ألجمعيه ..ليسنوا قانونا لرواتبهم ومكافأتهم ...والحمد لله كان ألتصويت بألأجماع ....