والدتي تحب القراءة جداً، وتريدني أن أكون مثلها، أي أن أحب القراءة، وقد جلبت لي الكثير من الكتب المنوعة لكي أقرأ ولكنني أشعر بالملل والضجر عند القراءة، وأريد إرضاء أمي فماذا أفعل؟
ابنتك نهوى.
حبيبتي نهوى:
كم سعدت لرسالتك هذه لأنها تدل على حسن خلقك وبرّك بوالدتك، ووالدتك طبعاً تريد لك الخير دائماً، فهي تعيش في سعادة حقيقية بين الكتب، وتتمنى أن تعيشي هذه السعادة، ولن
تتأكدي من كلامي هذا إلا إذا جرّبت متعة القراءة. ومشكلتك هذه تكاد تكون عامة في هذا الجيل (جيل التلفزيون والكمبيوتر والانترنيت) أي أن التلفزيون والكمبيوتر والانترنت قد استولى على تفكيركم، وأخذ من وقتكم الكثير، وعوّضكم عن القراءة، بما فيه من متعة وجاذبية وسحر، ولكن نحن المسلمين يجب أن تكون لنا شخصيتنا القوية التي تؤثّر ولا تتأثر، فمن فوائد القراءة الرائعة أنها تبني شخصيتنا على أسس سليمة واضحة، لأننا نأخذ خبرات الآخرين وتجاربهم، ونستفيد من أخطائهم فنتجنبها، وهكذا نرى أن القراءة تعيننا على حلّ مشكلاتنا الاجتماعية لأنها تمدنا بالمعلومات الضرورية، وترفع من مستوى فهمنا للناس وكيفية التعامل معهم، كما أن القراءة تعيننا على حلّ مشكلاتنا العلمية أيضاً، فهي تزيد من تحصيلنا الدراسي فنصبح متفوقين متميزين، كما أن الغذاء يمدّ الجسم بالطاقة والحيوية، فالقراءة أيضاً تغذي عقولنا وتنميها، وغذاء الروح والعقل أسمى من غذاء الجسم، أليس كذلك؟
وبعد أن عرفنا فوائد القراءة يجب علينا أن نتخذ خطوات سريعة لزرع حب القراءة في قلوبنا، أولاً نتخيّر كتاباً صغير الحجم، عليه رسومات ملونة جذابة، كي لا نشعر بالملل، واستعيني بوالدتك لتختار لك الكتاب المناسب إذا استعصى عليك ذلك، وإذا بدأت بالقراءة وشعرت بالملل فاتركي الكتاب فوراً وتحدثي مع والديك أو إخوتك قليلاً، ثم عودي للقراءة، كرري ذلك كلما شعرت بالملل، أو غيّري الكتاب، فقد تجدين في الكتاب الآخر المتعة، وإذا فرغت من قراءة كتاب، تحدثي عن الكتاب مع أمك أو أحد إخوتك، أو إحدى أخواتك، حتى لا تنسي ما قرأته، وتشجعي غيرك على القراءة أيضاً.
الآن أتركك في رعاية الله وحفظه، وأتمنى لك أوقاتاً ممتعة بين الكتب، ولا تنسي أننا أمة (اقرأ)، أي أن أول آية كريمة في القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي:
[اقرأ باسم ربك الذي خلق].
مجلة الفاتح ـ العدد الثامن عشر ـ جدتي
Cant See Links