آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 23583 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 16219 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22378 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 23804 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 57737 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 52581 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 44514 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26900 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 27239 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 33115 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-23-2009, 10:19 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رؤية عربية لحوار الحضارت


رؤية عربية لحوار الحضارت

بقلم: أ. السيد يسين



برز موضوع الحضارات منذ عام 1990 بعد سقوط الاتحاد السوفييتي
والكتلة الاشتراكية وانهيار النظام الثنائي القطبية الذي دار في جنباته الصراع
الإيديولوجي الحاد بين الرأسمالية والشيوعية. وظهر نوع من أنواع الصراع
الإيديولوجي بعد سقوط النماذج القديمة في العلاقات الدولية والسياسية
والاقتصاد والاجتماع. ودار صراع فكرى سياسي بين اتجاهين :
الأول يزعم أن صراع الحضارات سيكون هو البديل للصراع الأيديولوجي
الذي ساد طوال القرن العشرين، والثاني يدعو للحوار بين الحضارات
في ضوء العولمة التي غيرت من شروط هذا الحوار وطريقة تنفيذه.

وقد ساد الاتجاه الثاني إلى حد كبير بعد مبادرة الرئيس الإيراني
محمد خاتمي في خطابه للأمم المتحدة عام 1999 ودعوته إلى
حوار الحضارات، واتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا
بالإجماع بأن يكون عام 2001 هو عام حوار الحضارات.

وعقدت ندوات شتى تحت إشراف الأمم المتحدة واليونسكو
حول حوار الحضارات، أبرزها المؤتمر الذي نظمته اليونسكو
في ليتوانيا في أبريل من عام .2000 وقد شاركت فيه ببحث
عن " مفاهيم الحضارة في القرن الحادي والعشرين ".

كما أنّ إيران بادرت بتنظيم حوارات بين الحضارات القديمة :
الفارسية واليونانية والرومانية والمصرية. غير أن تتبعي الدقيق
للخطاب الفكري لحوار الحضارات، كشف لي بجلاء ووضوح
أن هذا الحوار يفتقر – حتى الآن – إلى منهج محدد ورؤية
واضحة وأجندة للموضوعات التي ينبغي أن يدور حولها الحوار.

لكل ذلك، ومن واقع دراساتي المنشورة التي حاولت فيها أن
أؤصل لحوار الحضارات، أقترح منهجا ورؤية لهذا الحوار يقوم
على أجندة بحث محددة، تركز على بحث الإشكاليات المعرفية
والمشكلات الواقعية التي ستواجه الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.


الإشكاليات المعرفية تم تحديدها في مؤتمر " حوارات القرن الواحد
والعشرين " الذي عقدته منظمة اليونسكو من سنوات. والمشكلات
الواقعية التي حدّدها بشكل علمي تقرير " حالة المستقبل " الذي
أصدره عام 1999 المشروع الألفي الذي تقوم به
جامعة الأمم المتحدة في طوكيو.



1-شروط الحوار بين الحضارات

إذا كانت العولمة بكل تجلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية ستؤثر
على شكل ومضمون واتجاهات الحوار بين الحضارات فإنه علينا
أن نناقش شروط هذا الحوار التي طرحها في سلسلة من الأسئلة
المهمة رولاند دراير في بحثه المهم الذي قدمه في مؤتمر أوروبا
العالم في لشبونة عام 1990 والسؤال الأول هو :
هل تساند التغيرات السياسية الهائلة في أوروبا الشرقية وما
أحدثته من صدى دولي كبير للحوار الحضاري بين أوربا والعالم
والسعي نحو الحريات - الديمقراطية في إفريقيا وآسيا وأمريكا
اللاتينية.إن هذا السؤال الذي صيغ عام 1990 أثبتت خبرة العقد
الماضي صدق حدس الباحث في طرحه بهذه الصيغة.

فمما لا شك فيه أن انهيار الاتحاد السوفييتي وزوال الكتلة
الاشتراكية بعد التحولات العميقة التي حدثت في النظم
السياسية لدولها والبنية الاقتصادية لمجتمعاتها قد فتح الطريق
واسعا وعريضا أمام تحولات ديموقراطية كبرى
داخل أوروبا، وعلى مستوى العالم أجمع.

لقد ترافقت هذه الأحداث مع النهاية الفعلية للقرن العشرين
الذي سادته نظم شمولية شتى قامت على أساس القهر السياسي
المنظم للشعوب والإلغاء الفعلي للمجتمع المدني بكل ما كان
يحفل به من أحزاب سياسية ونقابات عمالية ومهنية وتجمعات ثقافية،
وجمعيات تطوعية. كما أن النظم السلطوية كانت شائعة
أيضا وما زالت لها آثار في بعض النظم السياسية الراهنة. ولا شك أن
التغيرات التي حدثت في الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية
كانت إعلانا مدويا عن السقوط النهائي لتراث النظم الشمولية.

ومن ناحية أخرى بدأت معركة الشعوب ضد النظم السلطوية
التي ما زالت في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تحارب آخر معاركها.

وليس هناك من شك في أن الديمقراطية والتعددية واحترام
حقوق الإنسان أصبحت من أبرز شعارات العولمة بغض النظر
عما يحيط بكل قيمة من هذه القيم من إشكاليات معرفية ومشكلات واقعية.

فهل هناك نموذج وحيد للديمقراطية يتمثل في الديمقراطية
الغربية أم أن هناك دعوات لصياغة نماذج أخرى للديمقراطية
تحمل في طياتها بصمات الخصوصية الثقافية لحضارات بعينها
مثل الشورى الإسلامية؟ وهل يؤدى الاعتراف بالتعددية الثقافية
إلى مخاطر على التكامل الإقليمي للدول لو صعّدت بعض التيارات
السياسية دعواتها في مجال التعددية الثقافية لكي تطالب بالحكم
الذاتي وكيف يمكن حل التعارض الممكن في حقوق
الإنسان بين العالمية والخصوصية؟

وبغض النظر عن هذه الإشكاليات المعرفية والمشكلات الواقعية
فمما لا شك فيه أن الديمقراطية، نظرية وممارسة، أصبحت
أحد الموضوعات المهمة الداخلة في صميم حوار الحضارات.

ويشهد على ذلك نمو وتصاعد الجهود الفكرية في مختلف
القارات في مجال تأصيل نظرية الديمقراطية، وإبراز أنماطها
المتعددة وتحليل إشكالياتها والتصدي بإيجابية لتذليل العقبات أمام تطورها.

ولو رصدنا كم الكتب والمجلات التي صدرت في العالم في العقد
الأخير لمعالجة موضوع الديمقراطية لأدركنا أنه يكاد يكون
الموضوع الأول الذي شغل عشرات الباحثين والمفكرين.

وإن أضفنا إلى هذه الحركة الفكرية العالمية الجهود العملية في كثير
من المجتمعات لإحياء تقاليد المجتمع المدني، حيث نشأت
جمعيات تطوعية متعددة تهتم بالديمقراطية وتدعيم قيم
حقوق الإنسان، والإسهام الشعبي في التنمية البشرية لأدركنا
أننا في خضم الموجة الثالثة للديموقراطية كما عبّر عنها
المفكر السياسي الأمريكي صمويل هنتنجتون.

وهكذا يتضح أن التحولات الكبرى التي حدثت في أوربا
عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وسقوط الكتلة الاشتراكية،
ساعدت على انتشار الموجة الثالثة للديمقراطية.

إشكاليات الحضارة العالمية:

هناك مؤشرات ثقافية متعددة تشير إلى أننا بصدد تشكل حضارة عالمية.
وليس هناك من شك في أن تصاعد موجات العولمة بتأثير تعمق
آثار الثورة الاتصالية الكبرى والتي تعتبر شبكة الإنترنت رمزها البارز،
أسهمت في بلورة عديد من ملامح هذه الحضارة العالمية
البازغة والتي تعتمد اعتمادا أساسيا على الثورة العلمية
والتكنولوجية التي قامت منذ عقود في عدة بلاد صناعية متقدمة
وساعدتها على الانتقال بكفاءة من المجتمع الصناعي إلى
مجتمع المعلومات العالمي والذي يتحول ببطء وإن كان بثبات إلى مجتمع المعرفة.

وهذه الحضارة العالمية تثير في الواقع إشكاليات متعددة.

ولعل أول الأسئلة المطروحة بشأن شروط حوار الحضارات في هذا المجال هو :
هل الحوار المتكافئ والمتبادل بين الحضارة الأوروبية العلمية
والتكنولوجية والحضارات التقليدية للعالم الثالث ممكن؟


وجوابنا على هذا السؤال أن هذا الحوار ليس ممكنا فحسب ولكنه ضروري.

بل إنه بناء على استقراء الشواهد الواقعية قائم فعلا منذ عقود طويلة .

ذلك أن ممثلي الحضارات التقليدية من الساسة والمفكرين
أدركوا منذ زمن أنه لا يمكن لهم أن يخرجوا من دائرة التخلف
والدخول في عالم التقدم الإنساني بكل ميادينه إلا باقتباس عديد من القيم
والمؤسسات والإنجازات التي حققتها الحضارة الأوربية العلمية والتكنولوجية.

ولم يمنع من دوام عملية الاقتباس " المناظرات " الكبرى
التي دارت بين المحافظين في الحضارات التقليدية والمجددين. ذلك
أن المحافظين احتجوا بأن اقتباس أدوات التقدم الأوروبي من شأنه
القضاء على الخصوصيات الثقافية لحضاراتهم التقليدية.

دارت هذه المناظرات في العالم العربي والعالم الإسلامي
على اتساعه باسم الخصوصية الثقافية العربية والإسلامية
كما دارت في آسيا وفي اليابان على وجه الخصوص بين
أنصار الحفاظ على الروح اليابانية ودعاة التجديد الذين
دعوا إلى عملية اقتباس واسعة من الحضارة الغربية،
وهم الذين نجحوا في النهوض باليابان علميا وتكنولوجيا
بحيث أصبحت في مقدمة الدول الصناعية والتكنولوجية
الرائدة في العالم.

ومعنى ذلك أن التيار المحافظ قد هزم تاريخيا،
غير أننا في العالم العربي ما زلنا نضيع وقتنا في هذه المناظرات
العقيمة لأننا لم نستطع لأسباب سياسية وثقافية
متعددة أن نعبر عتبة التخلف وأن نح لّق في آفاق التقدم.

الحوار إذن دائر منذ زمن بين الحضارة العلمية والتكنولوجية والحضارات التقليدية.

ولكن :

هل هو حوار متكافئ أم لا؟ الإجابة أنه لا يمكن أن يكون متكافئا،
ذلك أن الحضارة العلمية والتكنولوجية في مركز القوة وهى
صاعدة بقوة الدفع التي استمدتها منذ قرون حين قامت
الثورة الصناعية في أوربا التي شيدت على أساسها
مجتمعات صناعية أثرت تأثيرا عميقا في أنساق القيم
واتجاهات الناس وسلوكهم الاجتماعي. وذلك اعتمادا
على قيم الحداثة الغربية التي تتمثل أساسا في العقلانية
والفردية والاعتماد على العلم والتكنولوجيا وتبنى مفهوم
وضعي في البحث العلمي يركز أساسا على ما يمكن قياسه
والابتعاد عن أنماط التفكي الأسطوري والغيبي. غير أن
الحضارات التقليدية ما زالت في غالبيتها العظمى غارقة في
أنماط التفكير غير العلمية وكثير من الأقطار الواقعة في
دائرتها تسودها نظم شمولية وسلطوية غير ديمقراطية وبالتالي
هناك حواجز عديدة أمام حرية التفكير والتعبير.

وحتى بالنسبة للدول الشمولية والسلطوية التي نجحت في اقتحام
تسخيرها للقيام بعملية التنمية البشرية المتكاملة نتيجة دخول
ميادين العلم والتكنولوجيا الحديثة فإنها لم تستطع هذه النظم في
حروب عقيمة مع جيرانها أو لانغماسها في حروب أهلية نتيجة
ضيق الأفق السياسي وانسداد طرق التعبير الديمقراطي.

وهناك سؤال آخر :

هل تعبر القيم العلمية والتكنولوجية عن
حضارة عالمية أم أنها تعكس تقنينا لحضارة واحدة؟


وفي تقديرنا أن القيم العلمية والتكنولوجية أصبحت في الواقع تعبر
عن حضارة عالمية. وهي وإن نبعت أساسا في إطار
الحضارة الغربية فعلينا ألا ننسى أن هذه الحضارة هي حضارة
إنسانية سبق لها أن أخذت من حضارات سابقة عليها وأهمها
على وجه الإطلاق الحضارة المصرية القديمة والحضارة الإسلامية
في عصرها الذهبي، أيام كانت منتجة للعلم بكل فروعه ورائدة
في علوم الطبيعة والكيمياء والفلك. ويبقى سؤال أخير :

إلى أي مدى تعتبر القيم المتضمنة في البيان العالمي لحقوق الإنسان جزءا من حضارة عالمية؟

والإجابة أن قيم حقوق الإنسان أصبحت بالفعل
- ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين
- تعبيرا عن حضارة عالمية وذلك بغض النظر عن
المناظرات القائمة في هذا المجال بين العالمية
والخصوصية في حقوق الإنسان. ذلك أن هناك إجماعا
على أن غالبية القيم التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان والمعاهدات والمواثيق التي تلته إنما تعبر في
الواقع عن ضمير عالمي سائد، وتبقى مجموعة صغيرة
من القيم يدور النقاش حولها على أساس أنها قيم
أوروبية في الواقع برغم الادعاء أنها قيم عالمية.

2-إشكاليات معرفية ومشكلات واقعية

إذا كنا طرحنا من قبل مجموعة مترابطة من الأسئلة
تتعلق بشروط الحوار بين الحضارات وخصوصا في ظل
العولمة بتجلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية فإننا نريد
اليوم أن نتعرض لكيفية تنفيذ الحوار بين الحضارات.

ولعل أول الأسئلة المطروحة هو :

هل تنفيذ الحوار بين الحضارات يتطلب
تعريفا عالميا متفقا عليه على ما هي الحضارة؟


هذا السؤال بالذات خصصت له ورشة عمل كاملة في
مؤتمر حوار الحضارات الذي انعقد في قلنيوس عاصمة
ليتوانيا في الأسبوع الأخير من شهر إبريل في عام .2001 وكان
الهدف من هذه الورشة - كما ورد في أوراق المؤتمر
هو تحليل مفاهيم الحضارة المختلفة والدراسة المقارنة
للحضارات للوصول إلى مفهوم شامل ومتكامل
للحضارة يكون أساسا لحوار الحضارات.

ووفقا لجدول أعمال المؤتمر كلفت من منظمة اليونسكو
بإعداد بحث باللغة الإنجليزية
عن " مفاهيم الحضارة في القرن الحادي والعشرين ".

والواقع أنني حين تلقيت التكليف اندهشت إلى حد ما
لأن هذا الموضوع يتسم بأنه نظري، إن كان يمكن مناقشته
في حلقة بحث أكاديمية ضيقة في إحدى الجامعات
فإنه - لا يصلح في تقديري - للمناقشة في مؤتمر عالمي
يضم أعضاؤه خليطا من المشاركين، بعضهم باحثون
أكاديميون يتقنون لغة الجدل النظري، والآخرون رجال
عمل وتطبيق لا يميلون كثيرا إلى الخطابات النظرية التي
يولع بها في العادة الباحثون الأكاديميون.
وليس في هذه الملاحظات إطلاقا تقليل من أهمية
تحديد المفاهيم وضبط المصطلحات ولكنها تتعلق
بالسياق المناسب الذي يمكن مناقشتها في إطاره.

وأيا ما كان الأمر فإن العلم الاجتماعي ميز منذ فترة مبكرة
حقا بين مفهومي الحضارة Civilization والثقافة Culture
وبمناسبة تكليفي من اليونسكو بإعداد البحث المشار
إليه سابقا عن " مفاهيم الحضارة في القرن الحادي والعشرين " رجعت

إلى الكتاب الموسوعي " الديناميات الاجتماعية والثقافية "
الذي ألفه عالم الاجتماع الشهير وفيلسوف الحضارة المرموق
بتريم سوروكين الأمريكي الجنسية الروسي الأصل.
في هذا الكتاب المرجع والذي يتكون من أربعة أجزاء
متكاملة عني سوروكين بالتمييز الدقيق بين الحضارة والثقافة.
وهو جريا على التفرقة التقليدية بينهما يقرر أن الحضارة
كمفهوم تركز أساسا على الأدوات والمنتجات المادية في
حين أن الثقافة تعنى أساسا بالقيم والجوانب المعنوية.
ومن ناحية أخرى يمكن القول كما ذهب إلى ذلك فيلسوف التاريخ
أرنولد توينبي في كتابه " دراسة التاريخ "- أن الحضارات
العالمية محدودة في حين أن الثقافات تتعدد إلى ما لا نهاية.
ومن هنا يمكن الحديث عن الحضارة اليونانية والحضارة
الغربية والحضارة المصرية القديمة والحضارة العربية
الإسلامية والحضارة الصينية باعتبارها أبرز الحضارات،
في حين أنه يمكن القول أن تحت كل حضارة
من هذه الحضارات تندرج ثقافات شتى.

فالحضارة الغربية مثلا تضم بين جنباتها ثقافات متعددة
كالثقافة الفرنسية والثقافة الإيطالية والثقافة الألمانية.
وهذه الثقافات، وإن كانت تنهض على مجموعة من الأسس
الجوهرية التي تكوّن مفردات رؤية العالم الغربية إلا
أنها - كثقافات - تتمايز كل منها عن الأخرى على أساس
التاريخ الاجتماعي الفريد لكل بلد .

وتصدق هذه الملاحظة

على الحضارة العربية الإسلامية التي تنهض
على " رؤية محددة للعالم " غير أن هذا لا ينفي أن هناك ثقافات
متعددة في أقطار مختلفة وإن كانت تتبنى بشكل عام رؤية
العالم العربية الإسلامية إلا أنها تتمايز عن بعضها
البعض حسب قراءة التاريخ الاجتماعي لكل قطر.

التعريفات المختلفة للحضارة:

وبغض النظر عن مناسبة طرح هذا الموضوع النظري في مؤتمر
عالمي عام أو عدم مناسبته فإن تحديد التعريفات المختلفة للحضارة
مسألة أساسية إذا كنا نريد حقا أن نمارس عملية رشيدة لحوار الحضارات.
وقد قام بجهد إبداعي في هذا المجال أستاذ من كازاخستان دعاه
مركز الدراسات الآسيوية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية
بالقاهرة ليحاضر في موضوع " حوار الحضارات في العالم الحديث "،
وهو عبد الملك نفسانيايف.

وكان المفروض أن أشاركه نفس
الجلسة وأعرض لمفهومي عن حوار الحضارات غير
أن الظروف لم تسمح له بالحضور إلى القاهرة ولكنه أرسل
نصا مكتوبا زاخرا بالأفكار العميقة في الموضوع.

وقد استطاع هذا الباحث القدير أن يعرض لسبعة معانٍ تتردد
عادة في كتابات الباحثين وهم يستخدمون المفهوم كما يلي :

أ- المعنى الأول للحضارة هو النظرة للمجتمع بكل مكوناته التي تكفل له البقاء.

وينبغي أن يلاحظ أنه في أية دراسة لمجتمع محدد فإن
المجتمع المركب عادة ما يتضمن أنساقا فرعية
سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية.

ب- تلعب " المدينة " دورا مهما في السياق الحضاري
لأنها على عكس المجتمع البسيط التكوين تتسم بتقسيم
متقدم للعمل وبتشكيل محدد للسلطة السياسية وبعلاقات
عسكرية بين المدن - الدول.

جـ - عادة ما ترتبط الحضارة في الوقت الراهن بالبناء
الاجتماعي الحديث السائد في الدول المتقدمة التي حققت
مستوى مرتفعا من التنمية التكنولوجية مصحوبة بشبكة
واسعة من المؤسسات المدنية والسياسية والاجتماعية والقانونية،
والتي تمد المجتمع بمعدلات ثابتة من التنمية.

ويتم في هذا السياق تجاهل الحضارات التاريخية التي
لم تنبع من الغرب والتي لا علاقة لها بالزمن الحاضر.

د- إن الحضارة هي المجتمع الإنساني المنظم جيدا والذي
يمد الشخصية بالحقوق الأساسية.

بما يتضمنه ذلك من حق الملكية وحرية الضمير وحرية
اعتناق الأديان، وقد اشتقت عبارة السلوك الحضاري
من هذا المعنى من معاني الحضارة.

حـ - عادة ما يتضمن معنى الحضارة فكرة محصلة
النشاط الإنساني الذي تشكله المكونات المادية
والتكنولوجية والاقتصادية للحياة العامة والمؤسسات الاجتماعية.

وأحيانا ما تختزل العوامل المادية إلى مؤشر واحد يلعب
دورا حاسما في المجتمع مثل عصر البرونز أو
الحديد أو تربية الماشية أو الزراعة أو الصناعة.

ط - الحضارة في أحد معانيها هي المظهر
الكيفي للمجتمعات الواسعة التي تجلت في التاريخ العالمي
أو التي ما زالت موجودة حتى الآن. وعادة ما يشار في
هذا الصدد إلى المسيحية الغربية والمسيحية الشرقية
والحضارة الإسلامية والهندية والبوذية. وقد أدت هذه
الاستعمالات لمفهوم الحضارة إلى ظهور العلم المقارن
وخصوصا المقارنة بين المجتمع الغربي والشرقي وكذلك
المقارنة بين الأنساق الدينية والثقافية لمختلف الشعوب.


ي - تستخدم الحضارة أخيرا باعتبارها تمثل قيما اجتماعية
وثقافية عامة تنهض على أساس قيم عالمية تعبر عنها
الأديان العالمية والأنساق الأخلاقية والقانونية والفنية.

في ضوء ذلك كله، نشأت في العلم الاجتماعي
' نظرية عن الحضارة ' يسودها تياران أساسيان :

الأول يركز على الجوانب المادية في المجتمع مثل إنتاج
السلع والاقتصاد والثاني يعتمد على المناهج الإنسانية
في البحث ويركز على تنوع الغرب الحديث فيما يتعلق
بالجوانب الاجتماعية والثقافية .

ومن هنا يهتم هذا التيار بالأديان واللغات
والآداب والفلسفة والتاريخ.


وفي تقديرنا أن التفرقة القديمة بين الحضارة باعتبارها
تركز على الجوانب المادية في المجتمع والثقافة
بحسبانها تركز على الجوانب المعنوية تسقط في
الواقع في إطار هذا المفهوم الواسع للحضارة.

المثقفون وحوار الحضارات

وإذا كنا اهتممنا بأهم الإشكاليات المعرفية في حوار الحضارات
وهى إشكالية تعريف الحضارة والتفرقة بينها وبين
الثقافة فإنه - في مجال تنفيذ حوار الحضارات - يثار سؤال مهم :

هل يمثل المثقفون الحوار بين الحضارات وإلى أي مدى
يجب أن تكون الثقافة الشعبية جزءا من الحوار؟

والواقع أن هذا السؤال بالغ الأهمية. ذلك لأن المثقفين
عادة ما يهتمون بما يطلق عليه ' الثقافة العالمة ' ويتجاهلون
إلى حد كبير الثقافة الشعبية. وقد أثبتت دراسات التحليل الثقافي
الحديثة، الأهمية الكبرى للثقافة الشعبية وتأثيرها الحاسم
في تشكيل الوعي الاجتماعي وفي صناعة العقل الشعبي.
ومن هنا يمكن القول إنه لا ينبغي أن يقتصر الحوار
بين الحضارات على المثقفين بل لا بد أن يشارك فيه ممثلون
للثقافات الشعبية بمختلف تياراتها .

ذلك أننا نعرف جميعا أنه في عدد من المجتمعات
المعاصرة تسود ظاهرة ' الانفصام الثقافي "، ونعنى بها الفجوة
المعرفية والفكرية بين النخبة والجماهير ناهيك عن الاختلافات
العميقة في الحساسية الفنية والأذواق والاتجاهات الجمالية.

ومن هنا لن يكتمل الحوار بين
الحضارات في رأينا بدون تضمينه الثقافة الشعبية.

وإذا ثار سؤال آخر :

هل الاتصال ما بين الحضارات

أمر مرغوب فيه وما هي حدوده فإن الإجابة لدينا أنه ما
من شك - إذا وضعنا في الاعتبار الصراع الحاد على
جبهة المجتمع العالمي بين الدول والملل والأعراق
والأقليات - فإن الحوار بين الحضارات أضحى عملية
ضرورية تهدف في المقام الأول إلى التعريف بالذوات
الحضارية والتعرف على الآخر المختلف حضاريا من خلال
عملية مدروسة لإسقاط الصور النمطية الجامدة
سواء عن الذات أو عن الآخر.

وفي هذا المجال، ليس هناك حدود لحوار الحضارات ذلك
أن الأمل هو التوصل في النهاية إلى الاتفاق على
صياغة مجموعة متناسقة من القيم العالمية التي تأخذ
في اعتبارها التنوع الإنساني الخلاق في الوقت الذي تسعى فيه
إلى التركيز على القواسم المشتركة بين حضارات العالم جميعا.

ومما لا شك فيه أن الثورة الاتصالية الكبرى التي يتعمق
مجراها منذ عقود أدت إلى توسيع نطاق الاتصال الإنساني بغير حدود.

بحيث يمكن القول إنها تمثل في الواقع البنية التحتية التي
ستساعد في النهاية على تخليق حضارة عالمية تقوم بدورها
في تقليل المسافات بين البشر وتعمل على تعميق التفاعل الإنساني


Cant See Links

.


التوقيع :


اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عدد مااحاط به علمك
وخط به قلمك واحصاه كتابك
وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين





رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir