مازن طفل صغير يلعب مع أقرانه أمام الدار عمره تسع سنوات وأتى هشام جاره يصيح به
هشام أنظر يامازن هذا ابن عمتي راضي أتى مع عمتي لزيارتنا
مازن : مرحبا بك يا راضي
هشام : راضي يحب أن يتعرف عليك
مازن : أنا مازن جاركم في البيت الملاصق لهشام
راضي : مرحبا بك
مازن :... أنا سعيد اليوم لأن خالي سيأتي ... كان مسجونا وسيفرج عنه اليوم
راضي : وهل خالك متزوج
مازن : لا ... إنه في العشرين من عمره وقد سجن من تسع سنوات تقريبا ... لم أراه في حياتي ... ترى كيف سيكون شكله
راضي : يعني كان في الحادية عشر ..
مازن : نعم وقد سجن من أجل أمي رحمها الله
راضي : وكيف كان هذا ؟
مازن : حينما كنت رضيعا مرضت أمي وأصيبت بالحمى .. وسارعوا لإدخالها المستشفى بالقرية المجاورة
راضي : وماذا حدث بعد أن ذهبت إلى المستشفى
مازن : هي لم تذهب إلى المستشفى كان المرور إلى المستشفى ممنوع .. منعها العساكر اليهود ... ولم تحتمل الحمى فماتت في اليوم التالي
راضي :رحمها الله ...ولكن ما دخل خالك بهذه القصة
مازن : لقد كان متعلقا بأخته جدا ... وحزن عليها وظل يجري بعد موتها وتوقف أما الجندي الذي منع خروجها وقذفه بحجر ... فما كان من الجندي إلا أن كسر ذراعيه ثم ساقه إلى حيث لا ندري
راضي : هذه القصص تحدث بيننا كل يوم ... أنت لم ترشيئا يا مازن فلي جار يحكي لنا عما حدث في صابرا وشاتيلا قديما و
( مازن مقاطعا)
مازن :نعم كان هذا من عشرين سنة يوم أن ولد خالي ...نجت أمي وجدتي سلمى من هذه المجزرة ... التي ذهب فيها سته أخوال وثلاثة خالات وجدي واخوته
راضي : وكيف نجت جدتك وأمك من هذه المجزرة التي لم ينجو منها إلا قليل جدا
مازن : كانت جدتي في المستشفى تلد خالي ورافقتها امي وكانت في الرابعة عشر ...ولما عادو لم يجدوا الأهل والأحباب ... فسافروا إلى جدتي أم ياسين
راضي : هل هي قريبتهم ؟
مازن : هي خالة جدتي ... وهذا هو بيتها ... هي طيبة جدا وتحبني كثيرا
هشام : كفاكما ثرثرة ... هيا نلعب ...
مازن : هيا بنا سأعلمكما أغنية جميلة تغنيها لي جدتي دوما ...
هشام : غدا ستشرق الشمس ... أعرفها وأحب أن أسمعها منك وسنغنيها معا
( معنى الأغنية )
غدا على شجرة الزيتون ستشرق الشمس... وتوقظ الحمامة لتطعم صغيرها الجائع من الأمس... فتشدوا وهي تحلق أن يا معشر الحمام ... الشمس أشرقت بالحب والسلام ... فهيا يارفاق لنجلب الطعام
( وبينما الأطفال يغنون يقترب منهم شاب في العشرين يبحث فيهم بلهفة قائلا)
الشاب : من منكم مازن ؟
( توقف الأطفال يبحلقون فيه ثم انطلق مازن يقول بتساؤل )
مازن : هل انت خالي وحيد ؟
( يتهلل وجه الشاب ويحتضن مازن وهو يبكي , فيتجمع المارة يحيون الشاب الذي لم يعرفوه من أول وهلة , وتنادي النسوة ... أتى ابنك يا أم وحيد ... أين أنت يا أم ياسين )
تندفع النساء من الدار ليحتضنون الفتى الغائب بعيون دامعة وقلوب أوجعها كثرة الحزن والألم ...كان هذا بين زغاريد النساء الآتي كن يخفين دموعهن بالزغاريد ...
ودخل وحيد الدار ومازن لا ينزل عينه من على خاله والنساء تبكين من شدة التأثروبقي راضي وهشام على باب الدار
وفي الصباح كان مازن وراضي وهشام مجتمعون يلعبون ويثرثرون
راضي : ما أكثر هذه القصص التي تحدث ... تعرف ياصابر أنا كنت دائما أكره يتمي ... وأقول لنفسي لو أن لي أب لكان سندا لي وحماية
هشام : نسيت أن أقول لك ان أباه شهيد
مازن : لا تحزن فالشهيد يسكن الجنة .
راضي : لم أعد أحزن بالفعل بعد أن رأيت ما حدث لمحمد الدرة ... ليس هناك أي فرق
مازن : وماذا كان بوسع الأب المسكين أن يفعل .
راضي : تقول امي الله هو الذي يحمينا ..
صابر : معها حق ...تعرف ... أنا أبي رجل كبير في السن ... لذلك لا خوف عليه من هذه الأفعال الوحشية من قبل اليهود .. أعتقد أنه لن يستشهد كأخواي الكبار
راضي : وهل نسيت ما حدث للشيخ يا سين ...لقد كان شيخا مقعدا
أطرق صابر ثم قال : لقد ضرب بصاروخ وهو يغادر الجامع لصلاة الفجر ..نعم إن الله هو الذي يحمينا ...
هشام : يكفينا مجئ الخال وحيد... إنه خبر سار يستحق أن نحتفل به ... أنا أريد أن أنطلق فرحا ... هيا نتسابق الي هذه التلة القريبة
راضي : هيا بنا ...
مازن : هيا فلنبدأ
( ينطلق الأطفال يتسابقون فيصل مازن أولا ثم راضي ثم هشام فيصيح مازن فرحا )
مازن : هيييه ... أنا الأول ...
راضي : وأنا الثاني
( يجلس الأطفال وهم يضحكون )
مازن : لقد تركت خالي نائم ... اسيقظ وصلى الفجر ثم نام... وجدتي تعد طعام الإفطار
راضي : لابد وأن خالك وحيد سهر معكم
مازن : نعم لقد سهرنا حتى نمت وأنا بجوار خالي ولا أدري كيف ذهبت الى الفراش
هشام : انظروا ... إنهم اليهود ... هاهم هناك ...إنهم يقلعون اشجار الزيتون
مازن : لماذا يقلعون اشجار الزيتون ... لقد تعبنا في زراعتها ... لماذا ..
مازن : وعلام ستشرق الشمس غدا
راضي : بل متى ستشرق الشمس ؟...متى ستشرق الشمس ؟
( يقول الأطفال الثلاثة والدموع تخنق كلماتهم )
الجميع : متى ستشرق الشمس ؟