ربما أن ما سبق الإرهاب العالمي الذي وصل ذروته في أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة وأحداث 11 ربيع الأول في الرياض وأحداث الدار البيضاء هو الإرهاب الفكري الذي استشرى في كثير من المجتمعات, خاصة الإسلامية, وتجسد في نظام البعث (كحركة فكرية سياسية) وفي نظام طالبان (كحركة دينية سياسية) ويتمثل الإرهاب الفكري في ممارسة الضغط أو الاضطهاد أو العنف ضد أصحاب الرأي المغاير, أفرادا كانوا أو جماعات. ولكن الإرهاب الفكري لا يتم إلا بتنظيم سياسي يدعمه, أو ببنية اجتماعية قوية تؤيده أو حتى تحرض عليه. وحيث إن الإرهاب الفكري لا يتم إلا في المجتمعات المتقبلة له (دينيا أو سياسيا) فإنه يهدف إلى إخراس الآراء المغايرة لكي يتسنى للتيار الذي يمارسه أن ينشر أفكاره دون أي معارضة من تيارات أخرى. والنتيجة الحتمية لذلك هي تطرف المجتمع أو حتى البلد الذي يمارس فيه ذلك النوع من الإرهاب.
للأسف إن الكثير من البلدان الإسلامية عانت ولا تزال تعاني من هذا النوع من الإرهاب الذي سيؤدي إلى كوارث إن لم تتم معالجته. والشواهد لا تزال كثيرة, ويمكن بسهولة قراءة ما يحدث في الجزائر وفي العراق وإيران وباكستان وغيرها من البلدان الإسلامية على أنه إرهاب فكري لم يدعمه إلى الآن - في كثير من الحالات, نظام سياسي. فيجب على الدول, خاصة الإسلامية التي عانت ولا تزال تعاني من الإرهاب والعنف وتحاول اجتثاثه, أن تتعامل مع ظاهرة الإرهاب الفكري, خاصة التيار التكفيري الذي يرمي المسلم بالكفر أو الزندقة ومن ثم يستبيح دمه أو ماله. وبالتأكيد إن الإرهاب الفكري, الذي يأخذ أشكالا عدة, هو أحد أهم البنى التحتية للإرهاب المتمثل في العنف, ويجب تفكيك تلك البنية التحتية وذلك الفكر عن طريق إظهاره للسطح ومناقشته لكي تستطيع المجتمعات والدول اجتثاث الإرهاب.