عندما نسمع عن السابقين ومقدار حفظهم نقول هؤلاء عباقرة وأبطال خارقون، فقد كان الشيخ عبد القادر المبارك يحفظ القاموس المحيط كاملا، وحماد الراوية كان يحفظ على كل حرف من حروف الهجاء 100 قصيدة لـ100 شاعر وشاعرة! أما الألماني بولس كونراد بطل العالم في مسابقة الذاكرة يستطيع تذكر 234 اسما لأشخاص رآهم لمرة واحدة خلال ربع ساعة ونابليون وروزفلت كانا يذكران أسماء الضباط وجميع الموجودين في الاستقبالات الرسمية!
والعجيب والمدهش أن الدراسات النظرية والفحوص المخبرية لأدمغتهم أثبتت أنهم لا يختلفون عنا تشريحيا فهم يملكون الأدمغة نفسها وبعدد الخلايا نفسها.. حتى عندما قيل للمتنافسين في مسابقة الذاكرة العالمية أنتم خارقون وعباقرة نفوا هذه الصفات عنهم تماماً ولم يكن ذلك تواضعا بل حقيقة.. إذاً ما الذي يميزهم؟ ولماذا ننسى نحن أبسط الأشياء؟
الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو التدريب وتنشيط الذاكرة، فالذاكرة تشبه العضلة إن دربناها اشتدت وقويت وإن أهملناها وهنت وفقدت مرونتها، فلدى كل منا طاقة تذكر كامنة نحتاج لمعرفتها وفك أسرارها وأول سر من أسرارها اعتمد عليه المتبارون في الرياضات الذهنية هو أن "الذاكرة مكانية"، فإذا أردت أن تطبع معلومة في مخك وتسترجعها في أي وقت تشاء فما عليك سوى تشييد بيوت أو قصور في الخيال وملئها بصور لما تريد حفظه بترتيب معين وربط كل صورة بحوادث أو أشياء استثنائية أو غريبة أو مضحكة لكى تتذكرها بسهولة، فالأشياء العادية لا تحتفظ بها الذاكرة طويلا، وكلما أردت استرجاع معلومة ما عليك سوى التجول في ردهات قصرك وبين غرفه، وقد لا تحفظها في قصر أو مبنى كما فعل بطل الذاكرة الماليزي الدكتور "باب سوي تشوي" كان يستخدم أجزاء جسمه لتساعده على حفظ واسترجاع قاموس أكسفور الإنجليزي الصيني ذي الـ 75 ألف كلمة!
ولكي تنجح هذه الطريقة معك كما حدث مع "جوشوا فوير" الكاتب العلمي الذي ذهب لكي يغطي مسابقة الولايات المتحدة للذاكرة فتحول خلال سنة إلى بطل من أبطالها، يجب أن تمسح من قاموس كلماتك أنا أنسى أو مخي لا يستطيع استيعاب معلومات جديدة (فلو غذيت مخك بعشر معلومات كل ثانية لمدة 100 سنة متواصلة لن تشغل نص مساحة ذاكرتك)، وتزيد انتباهك (التركيز) وتبعد عن كل ما يشتت ذهنك، كان "جوشوا" أثناء التدريب يضع سدادة في أذنيه ويلبس نظارة معتمة تماماً بها فتحات صغيرة جداً يرى من خلالها، زيارة قصرك بين فترة وأخرى (التكرار والمراجعة)، تحتاج إلى عشر دقائق يوميا للتدريب وفي النهاية ستجد أنك تحمل قصرك إلى أي مكان تذهب إليه دون أن تخاف عليه من التلف أو الضياع أو هجوم الفيروسات وبذلك نعيد أدمغتنا إلى رؤوسنا.
بقي أن نعرف أن أدمغتنا تحتوي على 150 مليار خلية عقلية في كل واحدة منها مليون وصلة "سنابس" كل منها يحتوي على مليون خلية ذاكرة! وتنتقل المعلومات بين هذه الخلايا بسرعة 300 كيلومتر في الثانية!! فسبحان الخالق المبدع الذي صورنا فأحسن صورنا.
Cant See Links
العرض العادي
