يقوم الأمن القومي لأي دولة على دعائم معينة أهمها التعليم والقضاء والجيش.. وكل عنصر من هذه العناصر له أهمية بارزة لضمان الاستقرار والرخاء والاطمئنان في حياة الشعوب.
لكن أود أن اركز في مقالي هذا على التعليم واخص بالذكر التعليم العالي.. فالمعلم او الاستاذ هو بالدرجة الاولى المسؤول عن التكوين الجذري الفكري الذي يبني عليه ماهية سلوك وأبعاد شخصية المتعلم.. ولا يتناقض شخصان على أهمية العلم والمعرفة في صقل شخصية الفرد وتنمية خلقه وتهذيب سلوكه.
وما نراه من تقليص لفرص القبول في مرحلة التعليم العالي هو بداية انطلاق نحو هوة قعرها بعيد وخطرها شديد وضررها مديد.
إن من حق كل فرد في هذا البلد الحصول على فرصة للتعلم وليس من حقه المطالبة بالتوظيف او الترقية، وهذا هو طموح من يرد العلم للعلم.. اما من يرى ان من حق الفرد الحصول على التعليم والعمل في آن واحد فهو لا يدرك سوء التوافق او عدمه بين حاجات سوق العمل وبين التخصصات المتوفرة بجامعاتنا وهذا خلل لابد من التنبيه له ومعالجته.
الجدير بالذكر ان جامعاتنا مع قلتها تشكو قلة اعضاء هيئة التدريس وخاصة في مرحلتي الماجستير والدكتوراة كما ان فرصة القبول للدراسة بهاتين المرحلتين قليلة جدا وربما نمر في يوم من الايام بمرحلة أضيق من عنق الزجاجة تجبرنا على العودة لبدايات التعليم لدينا من حيث جلب المتعاقدين رغم توفر كوادر سعودية جيدة بحاجة الى استثمار.
ان ما نعيشه الآن من نقص في اعضاء هيئة التدريس بالجامعات لهو مدعاة لمراجعة انظمة القبول والتسجيل بمرحلتي الماجستير والدكتوراة وهو مدعاة لفتح باب القبول ولو ببرنامج تأهيلي لمدة فصل دراسي واحد ومن يحصل على معدل محدد يحق له الاكمال في مرحلة الماجستير.
انني اعتقد من وجهة نظري الخاصة بأن التعليم الجامعي هو تعليم تقليدي بحاجة الى ابداع وتطوير واعتقد ان جزءا من القصور هو في بعض الكوادر البشرية من اعضاء هيئة التدريس حيث تجد المنهج الذي يقدم للطلاب هذا العام هو منهج قدم لغيرهم قبل عشرين عاما وهذا هو ما أرمز أليه (بتأسن المعلومات) بالرغم من أن طبيعة الفكر أن يهزم الفكر وبالرغم من العيش في ثورة معلوماتية وانفجار معرفي هائل.
كذلك من أوجه القصور لدى جامعاتنا عدم وجود معايير للجودة وعدم وجود مقاييس أداء محددة كذلك عدم اخضاع بعض الاساتذة لدورات تدريبية كما هو الحال في بعض الجامعات العريقة في العالم.
ختاما اقول ايها الأحبة ان النظام في كثير من الاحيان قد يئد الطموح والتطلع لمستقبل افضل، ومن يهنأ بالنوم دون حلم خير ممن يحلم دون تحقيق حلمه.