المؤلف : تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمي رضي الله عنها.
الناشر : دار الأندلس، بيروت، ط 6، عام 1389 هـ.
المواصفات : 152 صفحة، مقاس 24 × 17 سم.
ديوان اشعر شعراء الرثاء، الخنساء – رضي الله عنها – هي من الشعراء المخضرمين، حيث أدركت الإسلام وأسلمت، كانت من بيت شرف ومجد، ولها أخوان، هما : صخر ومعاوية، وكانت شديدة الإعجاب بهما، لما كانا يتحليان به من الكرم والجود، والشجاعة والنجدة، وفن الطعان والفروسية، خاصة صخر.
وقد كان لمقتل أخويهما: معاوية وصخر أثر كبير في نفسها، حيث تفجرت شاعريتها بأجمل قصائد الرثاء التي قالتها، وقيل : إنها لبست ثياب الحداد – بعدهما – ثلاثين عاماً، وما فتئت تقول الشعر في أخيها صخر حتي من الله تعالي عليها بالإسلام، فأسلمت وأقلعت عن شعار الجاهلية التي لبسته، وشعر التفجع الذي عُرفت به، وحسن إسلامها، ولما كانت موقعة القادسية جمعت أبناءها الأربعة، وأوصتهم أن يجاهدوا في سبيل الله تعالي، وألا يجنبوا، فقاتلوا وقتلوا عن بكرة أبيهم، فلما علمت بذلك حمدت الله، وقالت : الحمد لله، الذي شرفني بموتهم، وتوفيت بعدهم – علي ما قيل – بستة وعشرين عاماً.
فسبحان من غير حالها ! من بكاء ونياحة ودعوة جاهلية عاشتها ثلاثين عاماً، إلي صبر وتجمل، وتجلد ويقين، وصبر واحتساب، ورجاء لما عند الكريم الجواد، سبحانه وتعالي، وهكذا الإيمان الحق إذا خلطت بشاشته القلوب غير أحوالها، وأصلح شأنها، وهذب نوازعها، وأزال عوارها، وسلك بها الصراط المستقيم.
فمن امرأة نائحة، تحث نفسها علي البكاء ومواصلته، والمبالغة فيه، بما لا مزيد عليه – يصوره لنا شعرها، في مثل قولها في أخويها:
سأبكيهما – والله – ماحن واله وما أثبت الله الجبال الرواسيا
وقولها:
فأقسمتُ لا ينفك دمعي وعولتي عليكَ بحزنٍ ما دعا الله داعية
وقولها:
فأقسمتُ لا أنفكُ أحدرُ عبرةً تجول بها العينانِ مني لتسجُما
وقولها:
يا عين جودي بالدموع المستهلات السواجمِ
فيضاً كم انخرق الجُمعانُ وجالَ في سلكِ النواظمِ
وقولها:
إذا قَمُحَ البكاءُ علي قتيل رأيتُ بكاءك الحسنَ الجميلا
وقولها:
يا عين جودي بالدموع السُجولِ وابكي علي صخر بدمع همول
لا تخذليني عند جدّ البكا فليس ذا – ياعين – وقتُ الخذول
أبكي أبا حسان واستعبري علي الجميل المستضاف المخيل
وقولها:
ألا ليت أمي لم تلدني سويةً
وكنتُ تراباً بين أيدي القوابل
وخرت علي الأرض السماءُ فطبقت
ومات جميعاً كلُ حافٍ وناعِلِ
غداة غدا ناع لصخر فراعني
وأورثني حزناً طويل البلابلِ
ثم غير الله تعالي حالها بالإيمان، إلي أن تقول – عند فقد فلذات كبدها الأربعة في يوم واحد: ( الحمد لله الذي شرفني بموتهم ).
وفي الديوان أكثر من تسع مئة بيت، موزعة في أربعة وتسعين قصيدة، من غرر الشعر العربي، قوة ومتانة، يجد قارئه أن من قال إنها أشعر شعراء الرثاء، لم يعد الحقيقة، ولم يجاوز الصدق، فرحمها الله ورضي عنها.
من كتاب دليل مكتبة المرأة المسلمة
تأليف: أحمد بن عبد العزيز الحمدان.
العرض العادي
