في العالم اليوم أطنان من الحقد والكراهية التي توازي أخطر الأسلحة النووية وتتفوق عليها. وفي العالم اليوم قليل المشاعر التي تحميه من الدمار وتقلل من كوارثه، وترفو أحزانه بخيوط الانسانية، وتداويه ببلسم الحب.
هذا العالم المجنون ليس بحاجة إلى يوم واحد للاحتفال بالحب، انه بحاجة للعودة الى رحم الطبيعة ليفهم معاني الحب وليدرك قيمه الجميلة التي توازي النبالة والطيبة، فربما حمتّه ذات يوم من الحقد والكراهية والدمار.
عندما يحتفل العالم بعيد الحب أو يوم العشاق أو السان فالنتين داي نسبة للقديس فالنتين الذي دخل المسيحية في روما الوثنية قبل 17 قرناً وراح يزوج الجنود حسب الطقوس المسيحية سراً فأعدمه الامبراطور والذي حمل هذا العيد اسمه، فان العالم يحتفل ليس موقع اكتمال السعادة بالتقاء العشاق، بل هي بداية للبحث عن السعادة تتكرر كل عام علّ الانسان يجد خيطاً يقوده الى قلب الآخر، فالقلوب المضيئة باتت قليلة والقلوب المظلمة تزداد كل سنة مئات بل آلاف المرات.
أليس غريباً ان نلصق التهم بالأيام الجميلة ونسميها تقليداً غربيا، أو ليست الثياب المكشوفة عند السرة تقليداً غربيا!
وتحت هذا السقف يمكن اضافة السيارات التي تشفط على الطريق والرنات العجائبية للهواتف النقالة وقطعان المتسكعين على جانبي الطرقات محتسي الشراب البارد، ولائكي اللبان، وحاملي الدببة في مراكز التسوق وكأنهم فقدوا طفولتهم ويحاولون استعادتها عبر لعبة فراء عملاقة، وقد زدنا على الغرب جيشاً من المشيشين الذين يقرقرون آراكيلهم حتى الفجر.
وأضفنا نكهات معسلة ومفرولة ومتفحة الى قائمة ألف ليلة وليلة التي يمضيها شبابنا في المقاهي بانتظار فوزهم بالدوري أو بجائزة نوبل في الفيزياء، فيزياء تقطيع اوصال الوقت وتجميع النكات من مواقع اضحك وفرفش على شبكة الانترنت.
ما هو التقليد الغربي في ظل كل تلك الاختراعات التي نتحف البشرية بها، ولا نتوانى عن استنساخ جورج وسوف ونانسي عجرم وتحويل مدرستنا وطعامنا وسياستنا وسلامنا وكلامنا الى فيديو كليب يتفوق على الغرب تفوقاً يكفي لتحرير فلسطين والعراق فنحن اكثر عدداً، ولدينا من الراقصات اكثر من الذباب في الصيف.
ان لحظة الحب تشبه واحة خضراء في صحراء اليأس، وكان من الأنسب لو اننا نستثمرها في تواصلنا مع من نحبهم، لا ان نلصق بها تهم التشبه والتقليد، وفي الذاكرة تلك اللحظات التي ينتظر فيها العاشق لحظة حصوله على الهاتف لاجراء مكالمة مع من يحب بعيداً عن الرقابة الفطرية للاسرة حيث لكل كلمة طعمها العذب، ولكل تنهيدة عشرات المعاني، وحيث عين على الباب حتى لا يفسد احد لحظة اشتياق عذبة..
اليوم في يد كل منا هاتف نقال ورسالة جاهزة اخترعتها شركة صناعية، ولكن أين هو الكلام العذب والشوق الملتهب وقد أصبحت الحياة ذاتها بلا قلب.
ما أقسى المكان الذي لا يضيئه الحب بقنديله وما أوحش الإنسان إذا تيبست مشاعره وضرب العطب روحه.