العودة   منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة > كليةالشريعة College of Sharia > قسم الماجستيرSection Masters

آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 20691 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14562 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20722 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22154 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56219 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51356 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43235 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25650 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26016 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 31927 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-24-2012, 04:32 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


فلسفة التشريع الإسلامي في ضوء مقاصد الشريعة


بسم الله الرحمن الرحيم

فلسفة التشريع الإسلامي في ضوء مقاصد الشريعة

بحث مقدّم من:

الدكتور/ بشير عبد العالي شمام
أستاذ مشارك جامعة إفريقيا العالمية
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
قسم الشريعة والقانون


الحمد الله الذي علم الخلق مالم يعلموا، وهداههم إلى أقوم السبل وأسدّ المناهج،ووضع فيهم العلم بذلك على التدريج؛ تارة بالإلهام، وتارة بالتعليم؛ وطالبهم بتعلم جميع ما يستجلب به المصالح وتدرأ به المفاسد؛ إنهاضا لما جبل فيهم من تلك الغرائز الفطرية، والمطالب الإلهامية؛ كان ذلك من قبيل الأفعال، أو الأقوال، أو العلوم والاعتقادات، أو الآداب الشرعية أو العادية، والصلاة والسلام على محمد عبد الله ورسوله الذي أرسله ربه للناس كافة بشيرًا ونذيرًا وهاديًا ومعلمًا؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيَّ عن بيّنة.
وبعد؛ فهذه دراسة عن فلسفة التشريع الإسلامي في ضوء مقاصد الشريعة، أردت من خلالها أن أعرض المبادئ التي يقوم عليها التشريع الإسلامي، والأسس التي يستند إليها، في ضوء أهم القواعد المقصدية، لعلي بذلك أسهم بتقديم رؤية إسلامية لحل الإشكال القانوني القائم في بلاد المسلمين منذ خواتيم القرن الثامن عشر.
وأعني بالإشكال القانوني تخلّف التشريع في سائر بلاد المسلمين عن تلبية حاجات الأمة، وعجزه عن مواكبة حركة المجتمع، وقصوره عن تنظيمها، مما جرّأ بعض الأقلام على أن تصف الفقه الإسلامي بالجمود والشكلية.
ويبدو أنّ مشكلة التشريع كانت ضمن أزمة شاملة تعلقت بكل أوجه المعارف، وبكل النظم السياسية والاقتصادية، والإدارية، ولعل الركود التشريعي كان أثرا من آثار الأزمة المعرفية، والنظامية المشار إليها آنفا، لا بسبب جمود الفقه الإسلامي ونزعه نحو الشكلية.
والدليل على بطلان دعوى جمود الفقه الإسلامي قدرته المذهلة التي واجه بها التغيرات المتواصلة التي حصلت للمجتمع الإسلامي على مر تاريخه، رغم تنوع الثقفات واختلاف البيئات، فما تخلف قط عن الإيفاء بمتطبات الحركة الواقعية للمجتمعات الإسلامية.
والدليل على بطلان دعوى شكلية الفقه الإسلامي استناده في جوهره وروحه إلى المقاصد والمعاني، وأنّ العبرة فيه بها لا بمجرد الألفاظ والمباني، وهو ما يسعى هذا البحث إلى إبرازه، إبطالا للباطل بالرد على دعوى شكلية هذا الفقه، وإحقاقًا للحق بلفت انتباه أهل الاهتمام لما ينبغي أن يراعى في التشريع والفتوى والقضاء من قواعد مقصدية.
على أنّ الإلمام بكل القواعد المقصدية أمر يحتاج إلى سفر ضخم، تضيق عنه صفحات هذه الورقة المختصرة، فأكتفي بعرض أهم تلكم القواعد، وذلك وفق المباحث التالية:
- المبحث الأول: الإطار العام للبحث.
- المبحث الثاني: فلسفة التشريع بين قطعيات النصوص ومقاصد التشريع.
- المبحث الثالث: فلسفة التشريع في ضوء الموازنة بين المصالح والمفاسد.
- المبحث الرابع: فلسفة التشريع في ضوء قاعدة التيسير ورفع الحرج.
- المبحث الخامس: فلسفة التشريع في ضوء مقصد عموم الشريعة.
- المبحث السادس: فلسفة التشريع في ضوء مقصد مراعاة الفطرة.

- المبحث الأول: الإطار العام للبحث، وتحته ثلاثة مطالب

المطلب الأول: بيان المراد بفلسفة التشريع.
أولاً بيان المراد بالفلسفة: الفلسفة كلمة يونانية الأصل معناها الحرفي "حب الحكمة". حتى السؤال عن ماهية الفلسفة "ما هي الفلسفة؟" يعد سؤالا فلسفيا قابلا لنقاش طويل. وهذا يشكل أحد مظاهر الفلسفة الجوهرية وميلها للتساؤل والتدقيق في كل شيء والبحث عن ماهيته ومظاهره وقوانينه. لكل هذا فإنّ المادة الأساسية للفلسفة مادة واسعة ومتشعبة ترتبط بكل أصناف العلوم، وربما بكل جوانب الحياة، ومع ذلك فالفلسفة مادة تحوي بقية العلوم والتخصصات. توصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير" أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون.
شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شمولية للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة إسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة، ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة وما بعد الحداثة والعدمية.
والفلسفة الحديثة حسب التقليد التحليلي في أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة، تنحو لأن تكون تقنية أكثر منها بحتة، فهي تركز على المنطق والتحليل المفاهيمي conceptual analysis، بالتالي مواضيع اهتماماتها تشمل نظرية المعرفة، والأخلاق، وطبيعة اللغة، وطبيعة العقل.
هناك ثقافات واتجاهات أخرى ترى الفلسفة بأنها دراسة الفن والعلوم، فتكون نظرية عامة ودليل حياة شامل. وبهذا الفهم، تصبح الفلسفة مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة.
في حين يعتبر المنحى التحليلي الفلسفة شيئا عمليا تجب ممارسته، تعتبرها اتجاهات أخرى أساس المعرفة الذي يجب اتقانه وفهمه جيدا([1]).
ودون الخوض أكثر في المعنى الاصطلاحي للفلسفة، نعني بالفلسفة في سياق هذا البحث، دراسة علم ما من حيث تبيّن أسسه التي يقوم عليها، ومبادئه التي ينطلق منها، ومن ثم تكوين نظرية عامة حوله.

ثانيا: بيان المراد بالتشريع:
1- التشريع لغة: مصدر شرّع ـ بتشديد الراء ـ مأخوذ من الشريعة، يقول صاحب مقاييس اللغة الشين والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو شيءٌ يُفتَح في امتدادٍ يكون فيه. من ذلك الشّريعة، وهي مورد الشَّارِبة الماء. واشتُقّ من ذلك الشِّرْعة في الدِّين، والشَّريعة. قال الله تعالى: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} ([2])، وقال سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ}([3]). ومن الباب: أشرعت الرُّمَح نحوه إشراعًا. ورَّبما قالوا في هذا شَرَعْت. والإبْل الشُّرُوع: التي شَرَعَت ورَوِيَت. ويُقال أشرعْتُ طريقًا، إِذا أنفذتَه وفتحتَه، وشرعت أيضًا. وحِيتانٌ شُرَّع: تَخفِض رؤوسَها تشرب. وشَرَعْت الإِبلَ، إِذا أمكنتَها من الشّريعة. هذا هو الأصل ثم حُمِل عليه كلُّ شيءٍ يُمدُّ في رفعةٍ وغير رفعة. من ذلك الشِّرَع، وهي الأوتار، واحدتها شِرْعة، والشراع جمع الجمع. ومن ذلك شِرَاع السَّفينة، وهو ممدودٌ في علوٍّ، وشُبّه بذلك عنقُ البعير([4])

وجاء في لسان العرب شرع الوارد يشرع شرعا وشروعا: تناول الماء بفيه وشرعت الدواب في الماء تشرع شرعا وشروعا أي دخلت، ودواب شروع وشرع شرعت نحو الماء، والشريعة والشراع والمشرعة المواضع التي ينحدر إلى الماء منها، قال الليث وبها سمي ما شرع الله للعباد شريعة من الصوم والصلاة والحج والنكاح وغيره، والشرعة والشريعة في كلام العرب مشرعة الماء وهي مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون، وربما شرعوها دوابهم حتى تشرعها وتشرب منها، والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون الماء لا انقطاع له، ويكون ظاهرا معينا لا يسقى بالرشاء، وإذا كان من السماء والأمطار فهو الكَرْع، وشرع إبله وشرعها أوردها شريعة الماء فشربت ولم يستق لها، وفي المثل أهون السقي التشريع، وذلك لأنّ مورد الإبل إذا ورد بها الشريعة لم يتعب في إسقاء الماء لها كما يتعب إذا كان الماء بعيدا ([5]).
2 – التشريع اصطلاحا: كثرت التعاريف لمصطلح التشريع - تبعا لاختلافهم في تحديد الجهة الصادر عنها التشريع، والتي تمثّل بنظر المعرّف مصدرًا للإلزام، أعني أهي إلهية، أو وضعية، ونقدم في ما يلي نموذجا لكلا الاتجاهين:
أ- تعريف التشريع عند الاتجاه الذي يعتقد أنّ مصدره إلهي: عرفها فضيلة الإمام محمود شلتوت بقوله: "إنّ الشريعة اسم للنظم والأحكام التي شرعها الله أو شرع أصولها أو كلف المسلمين إياها، ليأخذوا بها في علاقتهم بالله وعلاقتهم بالناس" ثم فصّل التعريف فقال: وإنها على كثرتها ترجع إلي ناحيتين:
1. ناحية العمل الذي يتقرب به المسلمون إلي ربهم، وهذه الناحية المعروفة في الإسلام باسم (العبادات).
2. ناحية العمل الذي يتخذه المسلمون سبيلًا لحفظ دمائهم ودفع مضارهم فيما بينهم وبين أنفسهم، وفيما بينهم وبين الناس، على الوجه الذي يمنع المظالم وبه يسود الأمن والاطمئنان، وهذه الناحية هي المعروفة في الإسلام باسم (المعاملات وتشمل الأسرة والميراث وما يتعلق بالأموال والعقوبات) ([6])
ويؤخذ على هذا التعريف قصرالتقرب إلى الله تعالى على القسم الأول، ولا شك، أنّ القسم الثاني منه ما يراد به التقرب إليه سبحانه أيضًا، إلا أنّ التقرب في القسم الأول مطرد ولا اعتداد بالعمل من دونه، ثم هو يتحقق عبر علاقة يغلب عليها أنها فردية بين العبد وربه، والتقرب في القسم الثاني غير مطرد، ويعتد بالعمل من دونه نوع اعتداد، والعلاقة فيه يغلب عليها أنها بين العبد وأخيه.
ولقد اختار ابن عاشورالمفهوم الضيق للتشريع في كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية حيث قال: (إني قصدت في هذا الكتاب خصوص البحث عن مقاصد الإسلام من التشريع في قوانين المعاملات والآداب) ([7]).
يلاحظ أنه أدخل الآدب في التشريع، ولعله قصد بذلك الآداب العامة المتعلقة بالمعاملات، والتي ينبغي أن يلزم بها الكافة ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها، لا آداب العبادات، ولا مطلق آداب المعاملات، إذ معظم ذلك لا يتم تشريعه في شكل قوانين.
ولا شك أنّ هذا التضييق لا تحتمله أصول الشرعة التي لا تفرق بين عبادات ومعاملات وجنايات وآداب عامة.
وعلى هذا، إذا جاز لنا أن نعرف التشريع، مع تفادي المؤاخذات آنفة الذكر نقول: التشريع الإلهي هو: مجموعه الأحكام والآداب العامة التي شرعها الله تعالى للأمة بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في العبادات والمعاملات لإصلاح الناس وإسعادهم في المعاش والمعاد.
وعلى هذا نعني بالتشريع الإلهي خصوص ما شرعه الله تعالى في الرسالة الخاتمة، على اعتبار أنّ الرسالات السابقة منسوخة، والتعريف ينبغي أن يقصر على التشريع الجاري به العمل لا الملغى. {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}([8])، وهو المصطلح على تسميته بالتشريع الإسلامي.
ب- تعريف التشريع عند الاتجاه الذي يعتقد بأنه وضعي: للتشريع عند أصحاب هذا الاتجاه إطلاقان:
الإطلاق الأول: "سن القواعد القانونية بواسطة السلطة المختصة في الدولة (السلطة التشريعيية)، وفقًا للإجراءات التي يرسمها الدستور) ([9]) أو هو (مجموعة الأوامر والنواهي والقواعد التي يضعها فرد أو جماعة، وتختارها بواسطة من له السلطان لتحتكم إليها، وتسير علي ضوئها في الحياة) ([10]).
والتشريع بهذا الإطلاق العام هو الذي يعد مصدرا للقانون([11])
الإطلاق الثاني: القاعدة القانونية ذاتها التي تضعها السلطة المختصة، أو النص الذي يصدر عن هذه السلطة، والذي يحتوي على قاعدة أو أكثرمن القواعد القانوية ([12]).
والتشريع بهذا الإطلاق يرادف لفظ القانون بإطلاقه الخاص، كتشريع الصحافة أو قانونها([13]).
على أنّ التشريع الإسلامي بالمفهوم الضيق قد يستعمل في معنى يتداخل مع تعريف التشريع الوضعي، وذلك إذا عمدت الدولة إلى تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، ثم أجازتها بواسطة مؤسسساتها المختصة، فيكون المراد بالتشريع حينئذ ما سُن من قوانين مستمدة من التشريع الإسلامي.([14]).


ثالثا: بيان المراد من إضافة الفلسفة إلى التشريع: كما تقدم أعني بالفلسفة في سياق هذا البحث، دراسة علم ما من حيث تبيّن أسسه التي يقوم عليها، ومبادئه التي ينطلق منها، وعلى هذا يكون معنى فلسفة التشريع تبيّن الأسس والمبادئ التي انطلق منها الإسلام في تشريعاته، وخاصة قواعده الآمرة التي أرساها لتحكم حياة الإنسان وتضبط سلوكه.

المطلب الثاني: التعريف بمقاصد الشريعة:
1. التعريف بالمقاصد لغة: كلمة مقاصد، جَمْعُ: مَقْصَد، ترجع إلى مادة (قصد) قال ابن فارس (القاف والصاد والدال) أصولٌ ثلاثة، يدلُّ أحدها على إتيانِ شيءٍ وأَمِّه، والآخَر يدل على كسره والثالث يدل على اكتنازٍ في الشيء.
فالأصل الأول: يقال قصَدته قَصْدًا ومَقْصَدًا. وأقْصَدَه السَّهمُ، إذا أصابه فقُتِل مَكانَه، وكأنّه قيلَ ذلك لأنَّه لم يَحِد عنه.
والأصل الآخر: قَصَدْت الشيءَ كسرته. والقِصْدَة: القِطْعة من الشيء إذا تكسَّر، والجمع قِصَدٌ.
والأصل الثالث: الناقة القصيد: المكتنِزة الممتلِئة لحمًا. ولذلك سمِّيت القصيدةُ من الشِّعر قصيدةً لتقصيد أبياتها، ولا تكون أبياتُها إلاَّ تامَّة الأبنية. والمعنى الأول هو الذي يناسب هذا البحث.
2. التعريف بالشريعة لغة: 3. التعريف بالشريعة اصطلاحا: تقدّم في تعريف التشريع في اللغة الرجوع إلى مادة (شرع) مما يغني عن تكراره ههنا ونكتفي بتعريف الشريعة في الاصطلاح
فنقول وبالله التوفيق: هي الائتمار بالتزام العبودية، وقيل هي الطريق في الدين([15]).فالشرع والشريعة على هذا واحد، قال في المغرب الشرعة والشريعة الطريقة الظاهرة في الدين([16]) .
والمختار أن يقال: الشريعة هي ما سنَّه الله من الأحكام، وأنزلها على خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم.
4. التعريف بمقاصد الشريعة: بعد التعريف بالمقاصد والشريعة مفردان أنتقل لأعرِّف بالتركيب الإضافي: فأقول وبالله التوفيق: لم يتعرض أحد من العلماء المتقدمين للتعريف بالمقاصد، ولعل مرد ذلك لوضوح المصطلح لديهم، حتى جاء الإمام محمد الطاهر بن عاشور فعرفها بقوله: "هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا تختص ملاحظاتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة" ([17])
وقد عُرفت مقاصد الشريعة بعد ابن عاشور بعدة تعريفات ([18]) لعل أولاها بالاعتبار أن يقال هي علم يُعنَى ببيان الغايات التي قصدها المشرع من التشريع عامة، أو في باب من أبوابه، أو في حكم من أحكامه.


المطلب الثالث: نبذة تاريخية عن مقاصد الشريعة وفائدة أن نفقه فلسفة التشريع في ضوئها:
أولا نبذة عن تاريخ علم مقاصد الشريعة: يمكن تقديم هذه النبذة من خلال أربعة مراحل مر بها هذا العلم.
المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل التدوين: لم يكن مصطلح المقاصد في عصر التنزيل معروفا، ولا عرف في عصر الصحابة والتابعين، إلا أنّ المتتبع للفقه في هذه المراحل يجد الكثير منه مبنيّا على مراعاة مقصد الشارع من التشريع: سواء في نصوص الكتاب العزيز أوالسنة المطهرة، أوفتاوى وعمل الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، لكن دون تدوين لذلك في كتاب، فلما انْقَلَبَتْ العلوم صناعة، ودُوِّنت المصنفات، وصُنِّفت الكتب؛ برز تدريجيا مصطلح المقاصد.
المرحلة الثانية: مرحلة بثّ المقاصد في المدوّنات الأصولية: وتتمثل هذه المرحلة بما قام به علماء الأصول من الإشارة إلى مقاصد الشريعة في تآليفهم وتصانيفهم، ومن أبرز أولئك: إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في كتابه: البرهان ([19])، والإمام أبو حامد الغَزَّالي في كتابه: المستصفى ([20])، وسيف الدين الآمدي في كتابه الإحكام ([21])
المرحلة الثالثة: مرحلة بداية التدوين: وفي هذه المرحلة ظهرت مقاصد الشريعة في شكل قواعدَ كلية، وتمثل ذلك أساسًا في ما قام به سلطان العلماء العز بن عبد السلام، في كتابه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام ([22])، والقواعد الصُّغْرى([23]). ثم اعتنى الإمام القَرَافي المالكي بتحرير وتهذيب ما قرَّره شيخه العز بن عبد السّلام، وذلك في منثور كتبه، وبخاصة كتب: الفروق([24])، والنفائس([25]).
المرحلة الرّابعة: مرحلة الاكتمال والنضج: وتبدأ بما قام به الإمام الشاطبي، في كتابه: الموافقات من جهد؛ حيث جمع مسائل هذا العلم، وأصَّل قواعده، وحَقَّق مباحثه، وذلك في القسم الثالث من مدونته الأصولية الفذة، فجمع بين مبادئ وأسرار الشريعة، وحِكَم التشريع([26]).
ولعل من الأسباب التي أهّلت الإمام الشاطبي للعناية بالمقاصد أنه مالكي المذهب، وقد عُلم أن من أصول المذهب المالكي مراعاة المصالح ([27])، ثم وجود مَلَكَة الاستنباط والتعليل، والقوة في علم اللسان لدى الإمام الشاطبي.
ثانيا: فوائد فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة: أن تُبحث فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة هذا مما له فوائد جمّة، يمكن إجمالها في ثلاث فوائد أساسية:
أولها: فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة به نتعرّف إلى كمال التشريع وحكمته وإحكامه، وإنه سبحانه حكيم لا يفعل شيئًا عبثًا ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة، هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا) ([28]). فيكون المكلف أرسخ يقينا، إذ العلم بالمقاصد يزيد النفس طُمَأنينة بالشريعة وأحكامِها، والنفسُ مَجْبولة على التسليم للحُكم الذي عرفتْ عِلَّته
ثانيها: فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة يفيد في معرفة مراتب المصالح والمفاسد، ودرجات الإعمال في الواقع، وهذا مُهِمّ جدا للمشرع، وللفقيه، وللقاضي، عند الموازنة بين مختلف الخيارات المتاحة أمامه، وما ينبعي أن يقدّم منها وما ينبغي أن يؤخّر. يقول ابن تيمية: "والمؤمن ينبغي له أن يَعْرف الشرورالواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة، كما يَعْرف الخيرات الواقعة، ومراتبها في الكتاب والسنة، فيُفَرِّق (بين) أحكام الأمور الواقعة الكائنة، والتي يُراد إيقاعها ليقدِّم ما هو أكثر خيرًا وأقل شرًّا على ما هو دونه، ويَدْفع أعظم الشرين باحتمال أدناهما، ويَجْتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما، فإنّ من لم يَعْرف الواقع في الخلق، والواجب في الدين: لم يَعْرف أحكام الله في عباده، وإذا لم يَعْرف ذلك كان قوله وعمله بجهل، ومن عبد الله بغير علم كان ما يُفْسِد أكثر مما يُصْلِح) ([29])
ثالثها: فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة نافعة للمشرع، وللفقيه، وللقاضي، كي يميّزوا في الأحكام بين الأصول والفروع، وبين الكليات والجزئيات، وبين القواعد والتفريعات، وهم أشدّ ما يكونوا حاجة إلى معرفة ذلك حتى لا يتمسّكوا بفرع ويفرّطوا في كلّي، يقول الشاطبي: "إذا تعارض أمر كلي وأمر جزئي؛ فالكلي مقدم؛ لأنّ الجزئي يقتضي مصلحة جزئية، والكلي يقتضي مصلحة كلية، ولا ينخرم نظام في العالم بانخرام المصلحة الجزئية، بخلاف ما إذا قدم اعتبار المصلحة الجزئية؛ فإنّ المصلحة الكلية ينخرم نظام كليتها ([30]).

المبحث الثاني: فلسفة التشريع بين قطعيات النصوص ومقاصد الشريعة:


يجب على المشرع، حين يسن القانون، والفقيه حين تقويمه إياه، والقاضي حين تنزيل النصوص على الوقائع، يجب عليهم أن يوازنوا بين أمرين:
- النصوص الشرعية الثابتة.
- المقاصد الشرعية المستقرأة مما لا يحصى من الأدلة.
والحمل على الظاهر مطلقا دون التفات إلى المقاصد يوقع فيما وقعت فيه الظاهرية من جمود على الظواهر ولو أدى ذلك إلى مخالفة بدائه العقول.
وهجر المعاني التي دلت عليها الألفاظ مطلقا بدعوى التعلق بالحِكَم يوقع في ما وقعت فيه الباطنية من قطع الصلة بين الألفاظ ومدلولاتها، ومن ثَمّ الاحتكام إلى الأهواء والأمزجة، يقول الغزالي: (أشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع،... فلا هو تصرف بمحض العقول بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد([31])
وقد قسم الشاطبي الناس بإزاء معرفة مراد الشارع إلى ثلاثة أقسام:
أحدها أن يقال: أنّ التمسّك بالألفاظ دون المعاني التي يقتضيها الاستقراء ولا تقتضيها الألفاظ بوضعها اللغوي، وهو رأي الظاهرية الذين يحصرون مظان العلم بمقاصد الشارع في الظواهر والنصوص.
والثاني في الطرف الآخر من هذا؛ إلا أنه ضربان:
الضرب الأول: دعوى أن مقصد الشارع ليس في هذه الظواهر ولا ما يفهم منها وإنما المقصود أمر آخر وراءه، وهذا رأي كل قاصد لإبطال الشريعة، وهم الباطنية؛ فإنهم لما قالوا بالإمام المعصوم لم يمكنهم ذلك إلا بالقدح في النصوص والظواهر الشرعية لكي يفتقر إليه على زعمهم.
الضرب الثاني: بأن يقال: إن مقصود الشارع الالتفات إلى معاني الألفاظ، بحيث لا تعتبر الظواهر والنصوص إلا بها، فإن خالف النص المعنى النظري طرح النص وقدّم المعنى النظري، بناء على وجوب مراعاة المصالح على الإطلاق، أو بناء على تحكيم المعنى جدًا حتى تكون الألفاظ الشرعية تابعة للمعاني النظرية، وهو رأي "المتعمقين في القياس"، المقدمين له على النصوص.
والثالث: أن يقال باعتبار الأمرين جميعا، على وجه لا يخل فيه المعنى بالنص، ولا بالعكس؛ لتجري الشريعة على نظام واحد لا اختلاف فيه ولا تناقض، وهو الذي أمّه أكثر العلماء الراسخين. ([32])
والذي نرى على المشرع الالتزام به في تشريعه، هذا الأخير الذي وصفه الشاطبي بأنه أمّه أكثر العلماء الراسخين، أو على حد تعبير الغزالي الذي ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع.
ومما يؤيد هذا المنحى في التشريع أنّ الإفتاء في الفروع المستجدة والحادثات المعاصرة المتسارعة التي تضغط على المسلمين بثقلها وسعة امتدادها وعمق تأثيرها إذا واجهناها بنصوص قد بترت عن مقاصدها العليا فإنها تقصر عن تلبية الحاجة والإجابة عن الأسئلة، وإذا تصرفنا بمحض العقول دون التفات إلى النقول، أو التفتنا إلى النقول ولكن حكّمنا المعاني جدا حتى قدمناها مطلقا على النصوص، فإننا بذلك نكون قد وضعنا أولى الخطوات مستدبرين شرع الله.
فرجال الهيئات التشريعية اليوم مدعوون إلى كثير من الحذر في التعاطي مع النوازل المستجدة والطوارئ المتغيرة التي تستوجب مزجا بين روح النص ومغزاه، وبين دلالة اللفظ ومقتضاه، بحيث تراعى الأقيسة والاستقراءات، وتراعى المصالح والأعراف ولكن في ضوء الدراية التامة بمقاصد التشريع وعلم تام بدلالات الألفاظ.
ونؤكد على أنّ الاكتفاء بالنصوص وحدها يولّد كيانا مجتثًّا عن الواقع لا يغني في التصدي لمشكلات الواقع الراهن، كما أنّ المبالغة في الابتعاد عن دلالات النصوص بالتأويل البعيد يولد كيانا مشوها قد لا تشهد له الشريعة بالاعتبار([33]).

المبحث الثالث: فلسفة التشريع في ضوء الموازنة بين المصالح والمفاسد.


ليعلم كل من تولى وظيفة التشريع، أو الإفتاء، أو القضاء أنّ المقصد الأعلى للشريعة الإسلاميّة جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها وهذا الأمر في غاية الأهمية وذلك لأنّ (الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها.. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل) ([34]).

وهذا مبحث دقيق فينبغي التنبه إلى أنّ المراد بالمصالح والمفاسد ما كانت كذلك في حكم الشرع، لا ما كان ملائمًا أو منافرًا للطبع ولا يكون تقريرها وفق أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية ودرء مفاسدها العادية([35]) ثم النظر في تقرير المصالح والمفاسد والترجيح بينها يحتاج إلى تقوى لله صادقة، وبصيرة علمية نافذة، ومعرفة بالواقع واسعة، ليتمكن المشرع، أو المفتي، أو القاضي من تحقيق مقصود الشريعة التي (جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وأنها ترجح خير الخيرين وشر الشرّين وتحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما) ([36])، والدقة في هذا المبحث تكمن في أنّ المصالح والمفاسد متشابكة متداخلة قلّما تخلص إحداهما دون أن تعلق بها شائبة من الأخرى، كما يقول الغزالي: اعلم أنّ الأسباب الدنيوية مختلطة: قد امتزج خيرها بشرها، فقلما يصفو خيرها، ولكن تنقسم إلى ما نفعه أكثر من ضره، وإلى ما ضره أكثر من نفعه، وإلى ما يكافىء ضرره نفعه ([37])، قلت لما كان الأمر كذلك، كان حقا على من يتصدى للتشريع والفتوى والقضاء أن يبذل الطاقة في التوصّل إلى موازنة دقيقة في ضوء المقاصد الشرعية حتى يتبين له ما ينبغي أن يقدم وما ينبغي أن يؤخّر، كما عليه تحرّي أرجح المصالح عند تزاحمها وتعذّر تحصيلها جميعا، وتوقّي أكبر المفاسد عند تكالبها عليه وتعذر دفعها جميعا، وعلى هذا فإنّ النظر العقلي يفترض أنّ حال المشرع بإزاء المصالح والمفاسد وطرق الموازنة بينها لا يخلوا من أربع حالات:
الحالة الأولى: أن تتعارض لديه المصالح والمفاسد وتكون المصالح أرجح: إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعل ذلك امتثالا لأمر الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فإن تعذر ذلك سعي في جلب المصلحة واحتمال ما يترتب على ذلك من مفسدة، مثل قطع اليد الممتدة إلى مال الغير بالسرقة حفاظا على أموال الناس، وإتلاف أموال الكفار بالتحريق والتخريب وقطع الأشجار فإنه جائز لإخزائهم وإرغامهم، بدليل قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}([38])، ومثله قتل خيولهم وإبلهم، إذا كانت تحتهم في حال القتال. وكذلك قتل أطفالهم إذا تترسوا بهم، لأنه أشد إخزاء لهم من تحريق ديارهم وقطع أشجارهم([39]).
والتلفظ بكلمة الكفر مفسدة محرمة لكنه جائز بالحكاية والإكراه، إذا كان قلب المكرَه مطمئنا بالإيمان، لأنّ حفظ المهج والأرواح أكمل مصلحة من مفسدة التلفظ بكلمة لا يعتقدها القلب ([40]) .
الحالة الثانية: أن تتعارض لديه المصالح والمفاسد وتكون المفاسد أرجح: نقول كما في الحالة الأولى إن فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك، فإن تعذر وكانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة واحتسبنا فوات المصلحة، وبرهان ذلك قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} ([41]) فهذه الآية أصل في أنّ هذه الدار وضعت على الامتزاج بين الطرفين والاختلاط بين القبيلين، فمن رام استخلاص جهة فيها لم يقدر على ذلك، وبرهانه التجربة التامة من جميع الخلائق، وأصل ذلك الإخبار بوضعها على الابتلاء والاختبار والتمحيص، فلهذا لم يخلص في الدنيا لأحد جهة خالية من شركة الجهة الأخرى ([42]).
الحالة الثالثة: أن تتزاحم عليه المصالح، فإن أمكن تحصيلها كلها فلا ينبغي أن يفرّط في شيء منها، فإن تعذر الجمع فلا يخلو الأمرمن حالين:
- إما أن يترجح بعضها فيتعين عليه تحصيل ما ترجّح.
- وإمّا أن تتساوى المصالح في نظره وتتكافأ أثارها، فيتخير، والمسألة أقرب إلى الافتراض، إذ التساوي من كل وجه عزيز، فلا يعدم الالمشرع مرجحا يستند إليه في تقديم بعض المصالح على بعض.
الحالة الرابعة: أن تتكالب عليه المفاسد: ويقال فيها ما يقابل ما قيل في تزاحم المصالح، أي إن أمكن دفع كلها لا ينبغي أن نتأخر عن ذلك، فإن تعذر الجمع فلا يخلو الأمرمن حالين أيضا:
- إما أن يترجح عظم إحدى المفسدتين فيتعين عليه درء الأفسد فالأفسد والأرذل فالأرذل ، فإن تساوت فيتخير أيهما يدفع وأيهم يتحمّل، ولن يعدم مرجح إن شاء الله([43]).
وبناء عليه إذا وجد المشرع نفسه يواجه عدة مفاسد في المجتمع لا طاقة له بدرئها جميعا، كشيوع آفة الزنا واللواط مثلا، وكلاهما محرّم مجمع على تحريمه، بل من الكبائر الموبقات، فإنه يتخيّر أيهما يدرأ، ويمكن أن يقال بترجح تقديم درء آفة الزنا على جريمة اللواط؛ لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب، وضياع ما يُقدّر من مواليد، وهي مفاسد ينفرد بها الزنا دون اللواط.
والفقهاء باستقرائهم عرفوا أن جلب المصالح ودرء المفاسد سنة تشريعية، فبنوا عليها جملة من قواعدهم الفقهية، ومن ذلك:
* ترجح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ([44]).
* يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ([45]).
* يرتكب أخف الضررين اتقاء لأشدهما ([46])
* الضرر لا يزال بالضرر ([47]).
* درء المفاسد أولى من جلب المنافع ([48]).
"ولقد حظيت هذه القواعد المصلحية باهتمام كبير من علماء الأمة؛ حتى بلغت مع العلامة الشاطبي أوجا عظيما متقدما امتدادا للنهج الذي سنه الإمام الشافعي؛ فلقد انصتبت نخبة من العقول العظيمة التي امتلأت يقينا بعظمة الإسلام، وغاصت في نصوص الوحي كتابا وسنة، وفي تراث الفقه والتطبيق الأساسي وسائر علوم الإسلام خلال القرون، كما استوعبت جملة المعرفة البشرية المعروفة في العصر، وصاغت من خلال كل ذلك قواعد للتشريع على ضوء ما استخلصته من مقاصد الدين، وجملة مقاصد الدين تدور حول مصالح العباد؛ فإنما لأجل ذلك جاء الدين ([49])، يقول الشاطبي: "إنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراء ولا ينازع فيه الرازي ولا غيره" ([50])، ويقول: "إن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا" ([51]).
والاتجاه العام في الفكر الإسلامي المعاصر يتجه إلى قبول أصول الشاطبي إطارا عاما لمعالجة المشكلات المستجدة في حياة المسلمين، انطلاقا من هذا الأصل العظيم؛ أنّ الدين إنما أنزل للتحصيل وللمحافظة على مصالح الناس في الدنيا والآخرة, وفي هذا المنظور العام والمقصد العام للشريعة أمكن لجزئيات الدين أن تجد مكانها اللائق بها كفرع من أصل، وفي هذا المنظور نفسه يمكن أن تجد المشكلات المستجدة في حياة المسلمين حلولها المناسبة" ([52]).

المبحث الرابع: فلسفة التشريع في ضوء قاعدة التيسير ورفع الحرج.


التيسير على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم من المقاصد العظيمة في التشريع والفتوى والقضاء، كما قال تعالى في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} ([53]). وقال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر} ([54])، وقال تعالى: {يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفًا} ([55])، وقال تعالى: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} ([56])، والآيات الدالة على يسر الشريعة والدين في كتاب الله العزيز كثيرة متضافرة.
والأحاديث الواردة في بيان أهمية هذا المقصد العظيم، ومكانته كثيرة متظافرة أيضا، حتى قال الإمام الشاطبي رحمه الله: "إنّ الأدلة على رفع الحرج في هذه الأمة بلغت مبلغ القطع" ([57])، ففي صحيح مسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِى مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِى مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» ([58]). وكان صلى الله عليه وسلم يذكر بهذا المقصد العظيم، ويحلّي به وصاياه للدعاة، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِى بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: «بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا» ([59]).
(عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والرواح وشيء من الدلجة) ([60]) . وعنه أيضا قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه) قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا أَىْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلاَةُ، وَالصِّيَامُ، وَالْجِهَادُ، وَالصَّدَقَةُ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ». قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى إِثْرِهَا (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قَالَ نَعَمْ (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) قَالَ نَعَمْ (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ) قَالَ نَعَمْ (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) قَالَ نَعَمْ ([61]). فعلى كل مشرع ومفت وقاض أن يسلك في وظيفته التيسير، وأن يترفق بالناس، ولا يحمّلهم ما لا يطيقون.

المبحث الخامس: فلسفة التشريع في ضوء مقصد عموم الشريعة:


من المعلوم من الدين بالضرورة أنّ أحكام الشريعة عامّة، والقاعدة الأصولية المشهورة تقول: "يبقى العام على عمومه ما لم يرد دليل التخصيص" ([62])
ونريد من العموم ههنا، العموم المعنوي ([63])، كان له صيغة معينة أو لم تكن، فإذا قلنا في وجوب الصلاة أو غيرها من الواجبات وفي تحريم الظلم أو غيره: إنه عام فإنما معنى ذلك أنّ ذلك ثابت على الإطلاق والعموم، بناء على أنّ الأدلة المستعملة هنا إنما هي الاستقرائية، المحصِّلة مجموعها القطع بالحكم ([64]) وعلى هذا إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة، فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان، ولا حكايات الأحوال ([65])، بل معظم ما كان كذلك قضى أهل العلم بأنّ المراد به العموم، كقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} ([66]) فإنه تعالى ذكر زيدًا بالاسم، ثم عقّب بالتعليل الدال على التعميم. وفي حديث (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) قال أبو بكر إنّ أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنك لن تصنع ذلك خيلاء) ([67]). لم يجعله جل أهل العلم خاصا بأبي بكر، بل عمّموه ليشمل كل من لم يقصد الخيلاء، قال الزرقاني في شرح الموطأ: (حدث للناس اصطلاح بتطويلها (أي الثياب) وصار لكل نوع من الناس شعار يعرفون به، ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع منه) ([68])
وأصرح من هذا ما جاء عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِى رَجُلٍ أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ لاَ تَحِلُّ لَهُ، فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ إِلاَّ وَقَدْ أَصَابَهُ مِنْهَا إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا. فَقَالَ:«تَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ قُمْ فَصْلِّ». قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الآيَةُ (أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) الآيَةَ فَقَالَ: أَهِىَ لَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً. قَالَ :«بَلْ هِىَ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» ([69]).
ولا يعكّر على ما قررناه ما ارتضاه جمهور الأصوليين من جواز تخصيص العموم وتقييد المطلق بأخبار الآحاد وغيرها من الأدلة الظنية، لأنّ هذا خارج عن مسألتنا، فإنّ ما نحن بصدده أن يُجعل الجزئي معارضًا للكلي، أي أن تكون القاعدة كلية فترد بإزائها قضية عينية تقتضي بظاهرها المعارضة في تلك القضية بعينها. كما إذا ثبت لنا أصل عصمة الأنبياء من الذنوب، ثم جاء قوله: "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات" ([70]) ونحو ذلك؛ فهذا لا يؤثر لإمكان حمله على وجه لا يخرم ذلك الأصل، وأما تخصيص العموم؛ فشيء آخر لأنه يجب أن يعمل بهما بناء على أنّ المراد بالعام ما بقي من الأفراد بعد إخراج ما دل عليه الخاص، وبهذا لا يعد مقابلة الخاص للعام تعارضا عند الأصوليين، بل يحمل الخاص على أنه بيان لما أريد من خطاب العموم([71]).
ولأنّ الشريعة ليست نصوصا جامدة، وليست أيضا مدونة قانونية بحيث وضعت لكل فعل وحالة حكما، لذلك اعتمدت خطاب العموم ليتسع المجال للتفسير والتحديد والإضافة والتجديد عن طريق استخدام العقل الفردي والجماعي في الاجتهاد في رد الجزئيات المشخصة إلى ما تندرج تحته من خطاب العموم ([72])
ولأنه لا يتأتى الإحاطة بالجزئيات لاستحالة حصرها؛ كان لا بد في التشريع من توخي القواعد العامة، إلا أنه لما كانت سنة الله في الاجتماع البشري أكثرية لا عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك؛ كان من المناسب إجراء القواعد على العموم العادي، لا العموم الكلي التام الذي لا يختلف عنه جزئي ما، ألا ترى أنّ علامة البلوغ جُعلت دليلًا على وجود العقل، والعقل يكون عنده في الغالب لا على العموم؛ إذ لا يطرد ولا ينعكس كليًّا على التمام؛ لوجود من يتم عقله قبل البلوغ، ومن ينقص وإن كان بالغًا، إلا أنّ الغالب الاقتران، ومع ذلك؛ فلم يعتبر الشارع تلك النوادر، بل أجرى القاعدة على مجراها من العموم ([73]).
فإذا ثبت ذلك ظهر أنّ لا بد من إجراء العمومات الشرعية على مقتضى الأحكام العادية، من حيث هي منضبطة بالمظنات، إلا إذا ظهر مغاير؛ فيعمل على ما يقتضيه الحكم فيه ([74]).
ومما يناسب عموم الشريعة أن كان الأصل في التشريع الإسلامي عدم مراعاة الخصوصات، وإنما تراعى الخصوصيات بطريق الاستثناء من القواعد العامة الكلية، أو بعدم التشريع أصلًا ([75])، بحيث تكون الإباحة الأصلية إطارا لتتمتع مختلف الشعوب التي يشملها النظام الإسلامي بممارسة عوائدهم، فليست عادات العرب بملزمة للفرس أو الترك أو الحبش، ولا العكس.
ولأنّ من سمات المنهج الإسلامي الواقعية والمرونة بما يحقق خلوده وصلاحه لكل زمان ومكان، ولأنّ حياة الجماعات البشرية في حركية دائمة - مثل حياة الأفراد - تتوارد عليها حالات الصحة والمرض، والنصر والهزيمة، والتقدم والتأخر، والضعف والقوة؛ فلا مناص لدين جاء ليغطي حياة البشرية في كل أصقاعها على امتداد الزمان من أن يعتمد خطاب العموم ليتسع لتغطية كل أوضاع التطور التي يمكن أن تمرّ بها جماعة أو جماعات المسلمين دائما ([76]).

- المبحث السادس: فلسفة التشريع في ضوء مقصد مراعاة الفطرة.

أولا: تحديد معنى الفطرة: قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ([77]).
فالفطرة: الخلقة: أَلاَ ترى إلى قوله: {لا تبديلَ لخلقِ الله}؟ ([78]) أي النظام الذي أوجده الله في كل مخلوق: جسدا وعقلا: فمشي الإنسان برجليه فطرة جسدية، وأن يتناول بهما الأشياء خلاف الفطرة. واستنتاج الأسباب من مسبباتها فطرة عقلية، واستنتاجها من غير مسبباتها خلاف الفطرة ([79]).
وفطرة الله معناها أن أصل الاعتقاد فيه جار على مقتضى الفطرة العقلية، وأما التشريعات وتفاريعها فهي: إما أمور فطرية أيضًا، أي جارية على وفق ما يدركه العقل ويشهد به، وإما أن تكون لصلاحه مما لا ينافي فطرته، وقوانين المعاملات راجعة إلى ما تشهد به الفطرة لأنّ طلب المصالح من الفطرة ([80]).
وقد عدّ ابن القيم العمل بالقياس من الفطرة التي فطر الله عليها الناس قال رحمه الله: (هذا مما فطر الله عليه عباده، ولهذا فهمت الأمة من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ([81]) جميع وجوه الانتفاع من اللبس والركوب والمسكن وغيرها وفهمت من قوله تعالى {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}([82]) إرادة النهي عن جميع أنواع الأذى بالقول والفعل وإن لم ترد نصوص أخرى بالنهي عن عموم الأذى، فلو بصق رجل في وجه والديه، أوضربهما بالنعل.. وقال إني لم أقل لهما أفّ لعده الناس في غاية السخافة والحماقة والجهل؛ من مجرد تفريقه بين التأفيف المنهي عنه وبين هذا الفعل قبل أن يبلغه نهي غيره، ومنع هذا مكابرة للعقل والفهم والفطرة) ([83])
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ" ([84])
وقد اختلف العلماء في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة أشهرها أنّ المراد بالفطرة الإسلام، والمعنى أنّ الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات، فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية أدركت الحق، ودين الإسلام هو الدين الحق ([85]) وليس المراد به أنه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين ويريده فالله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا ([86])، ولكن فطرته سبحانه موجبة مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته، ففطروا على فطرة مستلزمة للإقرار بالخالق ومحبته وإخلاص الدين له، وموجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئا بعد شيء: بحسب كمال الفطرة إذا سلمت عن المعارض، كما أنّ كل مولود يولد فإنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من الأغذية والأشربة: فيشتهي اللبن الذي يناسبه ([87])، ومن ثم شبهت الفطرة باللبن، كما في حديث الإسراء أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ جَاءَنِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ ([88]). كالطفل إذا خلي وفطرته لم يعدل عن اللبن فهو مفطور على إيثاره على ما سواه.
ومن الأدلة على ما تقدم قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} ([89]) وقوله {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} ([90]) وقوله: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} ([91]).
فالفطرة هي الخِلقة الأصلية التي خلق الله الناس عليها، والأشياء الِفطرية قسيمة لأشياء أخرى مكتسبة، والأشياء الفطرية ما لا تحتاج إلى تلقين ولا إلى تعليم ولا إلى اكتساب، بل يولد عليها الإنسان، مثل بقوة فوق هذا الكون، والميل إلى الجنس الآخر، وحب من أحسن إليه، وحب الصدق وكراهية الكذب، حب الأمانة وكراهية الخيانة، حب الوفاء وكراهية الغدر.


ثانيا: مقصد الإسلام في مسايرة الفطرة: الإسلام جاء بمراعاة هذه الفطرة ولم يجئ بمصادمتها أو التمرد عليها: لا في عقائده ولا في تشريعاته ولا في أخلاقياته ولا في آدابه، نعم جاء بما يُهذِّب الفطرة، بما يسمو بها ولكن لم يجئ ليبطلها، فلم يجئ بتحريم الطيبات، ولكن جاء بما يسموا بها من مجرد الإشباع الغريزي إلى مقام الاستعانة بها على محابّ الله عزّ وجلّ، لم يحرم التمتع بالجمال، فإنّ الله جميل يحب الجمال ([92]) ولم يَشرع الإسلام الرهبانية ولم يشرع تعذيب الجسد لتصفية الروح، لم يُحرم الجنس من حيث الأصل، بل أباحه في نطاق الزواج، ولكنه أنكر أشد الإنكار الزواج المثلي لأنه مصادم للفطرة...
إذا استبان معنى الفطرة، فإنّ الإسلام لا يشرع ما ينافيها، كيف والله سبحانه ركز في أعماق النفوس الميل إليها، وجعلها لا تقبل سوى الحق ولا تؤثر عليه غيره، وأيدها بعقول تفرق بين الحق والباطل، وكمّلها بشرعة تفصّل لها ما هو مستقر في الفطرة وأدركه العقل مجملا: فالفطرة قابلة، والعقل مزك، والشرع مبصر مفصل لما هو مركوز في الفطرة مشهود أصله دون تفاصيله بالعقل: فاتفقت فطرة الله المستقيمة والعقل الصريح والوحي المبصر المكمل، ([93]) ونحن لو أجلنا النظر في المقصد العام من التشريع نجده لا يعدو أن يساير حفظ الفطرة والحذر من خرقها واختلالها، حتى أنه يمكن أن ننزل الأحكام التكليفية الخمسة بحسب سلامة الفطرة أو انخرامها، فما أفضى إلى خرق عظيم للفطرة يعد في الشرع ممنوعا، وما أفضى إلى حفظها يعد واجبا، وما كان دون ذلك في الطرفين فهو منهي عنه في أو مطلوب على الجملة، وما لا يمسّها فمباح ([94]).
وتوضيحا لمقصد الشريعة في حرصها على موافقة الفطرة نقدم مثلا تطبيقيا من أحكام الأسرة، لتعذرالاستقصاء.
لعل المقصد الأساس من مقاصد أحكام الشريعة في الأسرة هو حفظ النوع البشري، فاستمرارية هذا النوع مثل كل الأنواع الحية لا تتمّ إلّا بالتزاوج، وإذا كانت أنواع الحيوان تتمّ استمرارية وجودها بمجرد التزاوج الغريزي المرسل فإّن الإنسان بالنظر إلى الدورالمطلوب منهلا يمكن حفظ نوعه على الوجه الذي يقتضيه ذلك الدور إلّا من خلال التزاوج الأسري، ومن ثمة شرعت الأحكام المتعّلقة بالأسرة قاصدة إلى حفظ النوع الإنساني بما يتلاءم مع الهدف من وجوده.
فالتشريع الإسلامي لم يصادم الفطرة بحيث أبطل كل علاقة جنسية، بل أباح أن يتمتع الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل في نطاق الزواج ليساير الفطرة، لأنه لو لم يشرع الزواج لسعى الإنسان إلى إشباع هذه الغريزة الفطرية ولو بالتمرد المعلن أو المبطن على التشريعات التي تصادم فطرته، كما فعل الغرب تجاه النظرة الكنسية المستقذرة للجنس.
ومن تجلّيات مقصد مسايرة الفطرة حفظ الأنساب والحفاظ عليها من الاختلاط والتداخل، فالحفاظ على النسب يتضمن من المغازي الاجتماعية والنفسية والصحية ما يكون به النسل أقوى وأقدر على الاستمرارية والبقاء، كما أنّ الأنساب المحفوظة تقوّي من الانتماء الاجتماعي للفرد، كما تقوي نفسيا من الشعور بالثقة بالنفس([95]).
لذلك حرم الت شريع الإسلامية تحريما قاطعا كل علاقة جنسية تتم خارج إطار الأسرة المكونة ضمن الشروط والضوابط الشرعية، عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِى إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِى مِنْهُ وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِى تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِى نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا فَتَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ وَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ فَتُسَمِّى مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ فَيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا وَنِكَاحٌ رَابِعٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ يَكُنَّ عَلَمًا لِمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِى يَرَوْنَ فَالْتَاطَهُ ([96]) وَدُعِىَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلاَّ نِكَاحَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ الْيَوْمَ ([97])، قال ابن القيم رحمه الله من محاسن الشريعة تحريم نكاح البغايا فإنه من أقبح الأمور والناس إذا اجتهدوا في تعيير الرجل قالوا زوج بغي، ومثل هذا فطرة فطر الله عليها الخلق فلا تأتي شريعة بإباحته ([98]).
ثالثا: الغرب ومصادمة الفطرة: وفي الجهة المقابلة تقوم الفلسفة الغربية في مجال الجنس على طرف نقيض من هدي الأديان، ولعل أقبح ما تشمئز منه النفس وتنفر منه الفطر السليمة أن بلغت بهم الوقاحة أنهم استدركوا على الباري عزّ وجلّ في قصة قوم لوط فخطّأوا الملكين لمعاقبتهم (الأبرياء) من الشاذين جنسيا بالطمس على أعينهم ([99])، وتدمير قرية سدوم وجعل عاليها سافلها ([100]). قال تعالى:{فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ} ([101])
كما استقر في الغرب مصطلح (ثورة جنسية) وهو تعبير يستخدم عادةً للإشارة إلى تحرّك اجتماعي سياسي ظهر خلال الستينيات وامتد حتى سبعينيات القرن الماضي. وربما استخدم منذ أواخر العشرينيات، إلا أنه غالبًا ما كان يعزى استخدامه إلى التأثر بكتابات فرويد حول التحرر الجنسي والقضايا الجنسية النفسية، وخلال الستينيات أخذت تحدث تغييرات واسعة بخصوص الطريقة الذي ينظر بها المجتمع الغربي إلى الجنس، كان من شأنها إعلان عصر جديد من إلغاء التعصب المرتبط بالجنس، وتنحية طريقة تفكير الأسلاف القدامى بعيدًا، كما أدت إلى نشوء تشريعات جديدة بشأن السلوك الجنسي؛ العديد منها لا يزال يُعمل به إلى الوقت الحاضر ([102]).
رابعا: حتمية العودة إلى الفطرة: وبعد أربعة عقود تقريباعلى اندلاع الثورة الجنسية في الأقطار الغربية، ثم توسعها بسبب العولمة لتصبح إباحية جنسية شاملة في مجموع أقطار المعمورة، بدأت تلوح في المجتمعات الغربية نفسها ثورة مضادة لها في الاتجاه، متساوية معها في الإرادة والقوة، محمولة بعدة أجنحة وأسباب على رأسها التخمة الجنسية، وحصاد الإباحية، والصحوة الدينية.
وهكذا لم يعد الحرمان الجنسي هو المشكل الأكبر، ولكن المشكل الأول اليوم التخمة الجنسية، ولما كانت العفة من الفطرة، انبرى فريق يطالب بالعودة إليها رغم الحملة التي يصنعها الإعلام لتسويق الجنس وتعزيز سوق الغرائز الجنسية ([103]).
شيء لا يصدق: في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يوجد أكبر منتجي الأفلام الجنسية الفاحشة (البورنوغرافية) الموجهة للكبار وللقاصرين، تتصاعد ثورة مضادة للإباحية الجنسية، ويعلو صوت العفة والاستعفاف، ويختار الشباب والمراهقون أن يبقوا عذارى: ذكرانا وإناثا إلى لحظة الزواج. إنه لأمر ملفت للنظر حقا، ويستحق التوقف والتحليل([104]).

الخاتمـة

الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، وبمحض فضله وكرمه تقضى الحاجات، فالفضل له سبحانه أولًا وآخرًا، وبعد: فقد انتهيت من هذا البحث إلى النتائخ، التالية:
1- اجتهدت في بيان معنى فلسفة التشريع، وهي الأسس والمبادئ التي انطلق منها الإسلام في تشريعاته، وخاصة قواعده الآمرة التي أرساها لتحكم حياة الإنسان وتضبط سلوكه.
2- أن تُبحث فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة هذا مما له فوائد جمّة، أجملتها في ثلاث فوائد أساسية:
أولها: فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة به نتعرّف إلى كمال التشريع وحكمته وإحكامه.
ثانيها: فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة يفيد في معرفة مراتب المصالح والمفاسد، ودرجات الإعمال في الواقع، وهذا مُهِمّ جدا للمشرع، وللفقيه، وللقاضي، عند الموازنة بين مختلف الخيارات المتاحة أمامه، وما ينبعي أن يقدّم منها وما ينبغي أن يؤخّر.
ثالثها: فقه فلسفة التشريع في ضوء مقاصد الشريعة نافعة للمشرع، وللفقيه، وللقاضي، كي يميّزوا في الأحكام بين الأصول والفروع، وبين الكليات والجزئيات، وبين القواعد والتفريعات، وهم أشدّ ما يكونوا حاجة إلى معرفة ذلك حتى لا يتمسّكوا بفرع ويفرّطوا في كلّي.
3- دعوت الهيئات التشريعية إلى كثير من الحذر في التعاطي مع النوازل المستجدة والطوارئ المتغيرة التي تستوجب مزجا بين روح النص ومغزاه، وبين دلالة اللفظ ومقتضاه، بحيث تراعى الأقيسة والاستقراءات، وتراعى المصالح والأعراف ولكن في ضوء الدراية التامة بمقاصد التشريع وعلم تام بدلالات الألفاظ.
4- أكدت على أن الاكتفاء بالنصوص وحدها يولّد كيانا مجتثًّا عن الواقع لا يغني في التصدي لمشكلات الواقع، كما أنّ المبالغة في الابتعاد عن دلالات النصوص بالتأويل البعيد يولد كيانا مشوها قد لا تشهد له شريعة بالاعتبار
5- المقصد الأعلى للشريعة الإسلاميّة جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها وأنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها.. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل.
6- نبهت إلى أنّ المراد بالمصالح والمفاسد ما كانت كذلك في حكم الشرع، لا ما كان ملائمًا أو منافرًا للطبع، ولا يكون تقريرها وفق أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية ودرء مفاسدها العادية.
7- النظر في تقرير المصالح والمفاسد والترجيح بينها يحتاج إلى تقوى لله صادقة، وبصيرة علمية نافذة، ومعرفة بالواقع واسعة، ليتمكن المشرع، أو المفتي، أو القاضي من تحقيق مقصود الشريعة.
8- المصالح والمفاسد متشابكة متداخلة قلّما تخلص إحداها دون أن تعلق بها شائبة من الأخرى، ولكن تنقسم إلى ما نفعه أكثر من ضره، وإلى ما ضره أكثر من نفعه، وإلى ما يكافىء ضرره نفعه، فلما كان الأمر كذلك، كان حقا على من يتصدى للتشريع والفتوى والقضاء أن يبذل الطاقة في التوصّل إلى موازنة دقيقة في ضوء المقاصد الشرعية حتى يتبين له ما ينبغي أن يقدم وما ينبغي أن يؤخّر، كما عليه تحرّي أرجح المصالح عند تزاحمها وتعذّر تحصيلها جميعا، وتوقّي أكبر المفاسد عند تكالبها عليه وتعذر دفعها جميعا.
9- التيسير على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم من المقاصد العظيمة في التشريع والفتوى والقضاء.
10- إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة، فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان، ولا حكايات الأحوال، بل معظم ما كان كذلك قضى أهل العلم بأنّ المراد به العموم.
11-الشريعة ليست نصوصا جامدة، وليست أيضا مدونة قانونية بحيث وضعت لكل فعل وحالة حكما، لذلك اعتمدت خطاب العموم ليتسع المجال للتفسير والتحديد والإضافة والتجديد عن طريق استخدام العقل الفردي والجماعي في الاجتهاد في رد الجزئيات المشخصة إلى ما تندرج تحته من خطاب العموم.
12- لما كانت الإحاطة بالجزئيات غير ممكنة لاستحالة حصرها؛ كان لا بد في التشريع من توخي القواعد العامة، إلا أنه لما كانت سنة الله في الاجتماع البشري أكثرية لا عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك؛ كان من المناسب إجراء القواعد على العموم العادي، لا العموم الكلي التام الذي لا يختلف عنه جزئي ما.
13- مما يناسب عموم الشريعة أن كان الأصل في التشريع الإسلامي عدم مراعاة الخصوصيات، وإنما تراعى الخصوصيات بطريق الاستثناء من القواعد العامة الكلية، أو بعدم التشريع أصلًا، بحيث تكون الإباحة الأصلية إطارا لتتمتع مختلف الشعوب التي يشملها النظام الإسلامي بممارسة عوائدهم.
14- فطرة الله معناها أن أصل الاعتقاد فيه جار على مقتضى الفطرة، وأما التشريعات وتفاريعها فهي: إما أمور فطرية أيضًا جارية على وفق ما يدركه العقل ويشهد به، وإما أن تكون لصلاحه مما لا ينافي الفطرة، وقوانين المعاملات راجعة إلى ما تشهد به الفطرة لأنّ طلب المصالح من الفطرة.
15- ونحن لو أجلنا النظر في المقصد العام من التشريع نجده لا يعدو أن يساير حفظ الفطرة والحذر من خرقها واختلالها، حتى أنه يمكن أن ننزل الأحكام التكليفية الخمسة بحسب سلامة الفطرة أو انخرامها، فما أفضى إلى خرق عظيم للفطرة يعد في الشرع ممنوعا، وما أفضى إلى حفظها يعد واجبا، وما لا يمسّها فمباح
16- المقصد الأساس من مقاصد أحكام الشريعة في الأسرة هوحفظ النوع البشري من خلال التزاوج الأسري، ومن ثمّة شرعت الأحكام المتعّلقة بالأسرة قاصدة إلى حفظ النوع الإنساني بما يتلاءم مع الهدف من وجوده، وكذا مسايرة الفطرة وذلك بإشباع الغريزة الجنسية بطريق شرعي وهو الزواج.
17 - الحفاظ على النسب يتضمن من المغازي الاجتماعية والنفسية والصحية ما يكون به النسل أقوى وأقدر على الاستمرارية والبقاء، كما أنّ الأنساب المحفوظة تقوّي من الانتماء الاجتماعي للفرد، كما تقوي نفسيا من الشعور بالثقة بالنفس؛ لذلك حرمت الشريعة الإسلامية تحريما قاطعا كل علاقة جنسية تتم خارج إطار الأسرة المكونة ضمن الشروط والضوابط الشرعية، لأنها مما يصادم الفطرة الأمر الذي وضح جليًا في بلاد الغرب حيث ظهر في بلاد الغرب تيّار قوي يطالب "بالعفة" وهي أمر "فطري" في مقابل التخمة الجنسية التي أصبحت المشكل الأول لفريق من هؤلاء الغربيين.


والله ولي التوفيق

([1]) ويكبيديا: الموسوعة الحرة، بوابة الفلسفة/wiki/ ar.wikipedia.org//htt
([2]) المائدة: 48.
([3]) الجاثية: 18.
([4]) أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، ط1، 1420هـ - 1999م3/ 262 .
([5]) محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب،دار صادر – بيروت، الطبعة الأولى: 8/175.
([6]) د/محمود شلتوت، الإسلام عقيدة وشريعة، دار الشروق، ط:10، القاهرة 1400هـ / 1980م ص 73.
([7]) الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور: مقاصد الشريعة الإسلامية، الشركة التونسية للتوزيع، ط:1، 1978م، ص:9
([8] )آل عمران:85.
([9]) د. علي سيد حسن: المدخل إلي علم القانون، دار النهضة العربية، ط سنة 1983 مصر.ص: 125
([10]) د. محمد سلام مد كور: الفقه الإسلامي، مكتبة النهضة المصرية ط سنة 1954، ص 8
([11]) علال الفاسي، مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، دار الغرب الإسلامي، 1991، ط: 57.
([12]) المرجع السابق، ونفس الصفحة.
([13]) انظر المرجع السابق، ونفس الصفحة.
([14]) انظر د. حمد الريسوني، الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية، دار الكلمة للنشر والتوزيع، مصر، ط:1، 2009، ص:21
([15]) محمد عميم الإحسان المجددي البركتي، قواعد الفقه، الناشر الصدف ببلشرز، سنة النشر 1407هـ – 1986م، كراتشي.
([16]) أبو الفتح ناصر الدين بن عبد السيدبن علي بن المطرز، المغرب في ترتيب المعرب المؤلف: تحقيق: محمود فاخوري، وعبدالحميد مختارمكتبة أسامة بن زيد – حلب الطبعة الأولى ، م1979.
([17]) ابن عاشور مقاصد الشريعة، ص:51، مصدر سابق
([18]) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، لعلال الفاسي، ص: 7. مصدر سابق، والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية، د/ يوسف حامد العالم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فريجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الطبعة الأولى، 1412هـ 1991م ص: 79
([19])انظر: البرهان في أصول الفقه، تأليف عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني أبو المعالي، تحقيق د. عبد العظيم محمود الديب، الناشر الوفاء، سنة النشر 1418، المنصورة – مصر: 1/30،
([20]) انظر: المستصفى في أصول الفقه، تأليف : محمد بن محمد الغزالي أبو حامد، تحقيق : محمد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى ، 1413هـ ، ص:174، 175.
([21]) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، 1/306، مصدر سابق.
([22]) هوكتاب في القواعد الفقهية والأصولية، وبيان مقاصدالشريعة وأهداف الدين في التشريع والأحكام، ويجمعالكتاب بين أصول الفقه والقواعدالفقهية، والقواعد المصلحية المقصدية، مع تمثيل لذلك من الأحكام الفرعية.
([23]) هو عبارة عن تلخيص لكتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مع بعض الإضافات.
([24]) يعدكتاب "الفروق" للإمام أحمد بن إدريس الفراقي (ت684هـ خلاصة تأملاتصاحبه ودراسته العميقة، لعلمي الفقه وأصوله، كما يعد خلاصة مسيرة منسبقه من علماء الأمة في تنظيرهم العميق لهذينالعلمين الجليلين؛ وفي تطويرهما واستكمال بنائهما، بالشرح والتوضيح والاستدلال والتعليل؛ ثمباستخراج الضوابط والقواعد لكل منهما. والقرافي، لم يكتفبتدوين حصيلته الدراسية لهذين العلمين بلخطا بهما خطوة ضرورية كانت ناقصة، وهي المقابلة بينالقواعد في ذاتها، وتحديد الفروق المنطوية عليها، الأمر الذي لم يلتفت إليهالسابقون في الغالب، هذا من جانب.ومن جانب آخر اهتم الكتاب بإثراء معانيالأحكام، باستخراج حِكَمها وبيان عللها، وتحديد مقاصدها وضبط وسائل هذهالمقاصد، مما ساهم في إرساء علم المقاصد وسهل على من جاء بعده استكمالالبحث فيه وإتمام تقعيده.(عن موقع فن وأدب بتصرف):
Cant See Links
([25]) يعد كتاب «نفائسالأصول في شرح المحصول،للإمام القرافي، من الكتبالقيمة في علم أصول الفقه عامة ،وفي أصول المذهب المالكيخاصة، ومؤلفه رحمه الله صاحبالباع الطويلة في هذا العلم الشريف، فلقد صنف مؤلفات عديدة تشهد لهببراعته فيمجالات العلم المختلفة، و له فيها منهج جديد، وله جيادالمؤلفات في العلومالشرعية والعقلية، اشتهرت كتبه وأقبل على اقتنائهاالعالم والمتعلم، ورزقتالقبول
([26]) انظر: مرجع العلوم الإسلامية، تأليف : د/محمد الزحيلي، دار المعرفة– بيروت، ص:631.
([27]) انظر شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، تأليف شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1973م ص: 446، 447
([28]) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، الشهير بابن قيم الجوزية، تحقيق : محمد بدر الدين أبو فراس النعساني الحلبي، دار الفكر - بيروت، 1398 هـ– 1978م.ص:.190
([29]) تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، جامع الرسائل، تحقيق : د. محمد رشاد سالم، دار العطاء، الرياض الطبعة : الأولى 1422هـ، 2001م ، 2 /305.
([30]) إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، الموافقات، تحقيق: أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان دار ابن عفان، الطبعة : الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م.1/498
([31]) الغزالي، المستصفى في علم الأصول، ص: 4، مصدر سابق.
([32]) الشاطبي،الموافقات،: /134، مصدر رسابق.

([33]) انظر فقه الدعوة الإسلامية في الغرب ووجوب تجديدها على الحكمة والوسطية والاعتدال المؤلف : أ. علي بن أحمد بن الأمين الريسوني ).مصدر الكتاب : موقع الإسلام Cant See Links ) ص:23، بتصرف.
([34]) محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل - بيروت، 1973، 3/3.
([35]) الموافقات 2/37-40
([36]) تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، الطبعة : الثالثة ، 1426 هـ / 2005 م، 20/48.
([37]) محمد بن محمد الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين، دار االمعرفة، بيروت، 4/100، مختصراً.
([38]) الحشر: 5
([39])أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، تحقيق : محمود بن التلاميد الشنقيطي، دار المعارف بيروت – لبنان. 1/78، 79.
([40]) المصدر السابق: 1/84.
([41]) البقرة: 219
([42]) إبراهيم بن موسى لشهير بالشاطبي، الموافقات، 46،45،مصدر سابق
([43]) العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام: 1/79، مصدر سابق.
([44]) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الاعتصام، تحقيق هاني الحاج، المكتبة التوفيقية ، مصرص:456.
([45]) أحمد بن الشيخ محمد الزرقا شرح القواعد الفقهية، تحقيق، مصطفى أحمد الزرقا، دار القلم، 1409هـ 1989م دمشق / سوريا ص: 197
([46]) عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، مكتبة الدعوة - شباب الأزهر (عن الطبعة الثامنة لدار القلم) ص: 208
([47]) الشَّيْخ زَيْنُ الْعَابِدِيْنَ بْنِ إِبْرَاهِيْمِ بْنِ نُجَيْمٍ، الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ، عَلَى مَذْهَبِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ النُّعْمَانِ، دار الكتب العلمية، بيروت،لبنان، طبعة :1400هـ=1980م
([48]) محمد عميم الإحسان المجددي البركتي، قواعد الفقه، الناشر الصدف ببلشرز، 1407 – 1986، مكان النشر كراتشي ص:81.
([49]) انظر راشد الغنوشي الحريات العامة في الدولة الإسلامية مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،ط1، 19993م: ص358
([50]) الموافقات 2/12.
([51]) المرجع السابق: 2/9
([52]) انظر راشد الغنوشي الحريات العامة في الدولة الإسلامية، ص359، مصدر سابق.
([53]) الأعراف:157.
([54]) سورة البقرة: 185.
([55]) سورة النساء: 28ا
([56]) سورة الحج: 78
([57]) الموافقات:1/520.
([58]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الطلاق، باب: بَيَانِ أَنَّ تَخْيِيرَ امْرَأَتِهِ لاَ يَكُونُ طَلاَقًا إِلاَّ بِالنِّيَّةِ. حديث رقم: 3763.
([59]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الجهاد والسير، باب: فِى الأَمْرِ بِالتَّيْسِيرِ وَتَرْكِ التَّنْفِيرِ..حديث رقم: 4622.
([60]) أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب الوحي، باب ما جاء في الطاعات وثوابها، حديث رقم:351، قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري، انظر صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تأليف: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي: مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة الثانية، 1414 ، 1993، تحقيق : شعيب الأرنؤوط
([61]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب:الإيمان باب: باب قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ)، رقم الحديث:
([62]) أبوعبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، مقدمة تحقيق الموافقات، دار ابن عفان، الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م 1/39.
([63]) من العلماء من يقسم العموم من حيث طريق معرفة عمومه إلى لفظي ومعنوي. فاللفظي هو المستفاد من الصيغ، والمعنوي هو المستفاد من المعنى. ومصطلح العموم المعنوي ليس شائعا في كتب الأصول، ولكنه ورد في مؤلفات بعض المحققين منهم، كابن تيمية والزركشي والشاطبي، وأما أنواع العموم المعنوي فلا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الأصول وإن لم يسمها بهذا الاسم.
([64]) الموافقات: 4/7.
([65]) الموافقات: 4/8.
([66]) الأحزاب:37.
([67]) أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه و سلم ( لو كنت متخذا خليلا، حديث رقم: 3465.
([68]) محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411هـ 4/344.
([69]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب الوضوء من الملامسة، حديث رقم: 605.
([70]) أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ، 6/ 388/ رقم 3357، 3358 وكتاب النكاح، باب اتخاذ السراري، 9/ 126/ رقم 5084"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل -عليه السلام- 4/ 1840/ رقم 2371" عن أبي هريرة مرفوعًا.
([71]) يقول ابن السمعاني القول ببناء العام على الخاص استعمال لهما جميعا وهو استعمال الخاص فيما يتناوله بصريحه، واستعمال العام فيما وراء ما تناوله الخاص، وعلى هذا بطل القول بالتعارض. أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلمية، 1418هـ- 1997م، بيروت: 1:/202
([72]) انظر راشد الغنوشي الحريات العامة في الدولة الإسلامية، ص: 120. مرجع سابق
([73]) انظر الموافقات: 4/14 مرجع سابق
([74]) المرجع السابق 4/15
([75]) عدم التشريع وترك منطقة فراغ أمر مقصود قال –صلى الله عليه وسلم- إن الله حد حدودا فلا تعتدوها و فرض لكم فرائض فلا تضيعوها و حرم أشياء فلا تنتهكوها و ترك أشياء من غير نسيان من ربكم و لكن رحمة منه لكم فأقبلوا و لا تبحثوا فيها، أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الأطعمة، حديث رقم: 7114.

([76]) المرجع السابق، ص: 358
([77]) الروم30.
([78]) ابن عاشور، محمد الطاهر، مقاصد الشريع الإسلامية، ص: 57، مصدر سابق.
([79]) الروم30.
([80]) التحرير والتنوير21/91، مصدر سابق
([81]) النساء: 10.
([82]) الإسراء: 23.
([83]) محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، أبو عبد الله، إعلام الموقعين عن رب العالمين، /218 مصدر سابق
([84]) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، حديث رقم: 1292
([85]) انظر:أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة - بيروت ، 1379 هـ 3/ 247 – 249.
([86]) إشارة إلى قوله تعالى:{ وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }النحل: 78.
([87]) محمد بن أبي بكر، الشهير بابن قيم الجوزية، أحكام أهل الذمة، تحقيق : يوسف أحمد البكري وشاكر توفيق العاروري، الناشر: رمادى للنشر الدمام ، ودار ابن حزم، بيروت الطبعة الأولى ، 1418 – 1997، 2/1020
([88]) أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم، دار الجيل بيروت مع دار الأفاق الجديدة ـ بيروت، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول اللهوفرضالصلوات، حديث رقم: 429.
([89]) طه: 50.
([90]) القيامة: 38.
([91]) الأعلى: 2،3
([92]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، حديث رقم: 275
([93]) محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، تحقيق: د. علي بن محمد الدخيل الله دار العاصمة – الرياض، الطبعة الثالثة ، 1418هـ– 1998م، 4/1278،1277
([94]) ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، ص: 59.
([95]) د/ عبد المجيد النجار، مقاصد الشريعة في أحكام الأسرة ، من إصدارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: ص:9-10.
([96]) فالتاطه: أي التصق به، وأصل اللَّوْط - بفتح اللام – اللصوق، محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب، عون المعبود شرح سنن أبي داود، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الثانية ، 1415هـ،6/ 260
([97]) أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود، دار الكتاب العربي ـ بيروتكتاب الطلاق، باب فِى وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِى كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، حديث رقم: 2274.
([98]) ابن القيم، أحكام أهل الذمة، 3/462، مصدر سابق.
([99]) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ }القمر:37
([100]) انظر د/ محمد عثمان إسماعيل، في تصديره لترجمة كتاب " نكبة الإيدز: نتاج طبيعي لثورة الحداثة، الدار السودنية للكتب، ص:15.
([101]) هود: 82
([102]) عن وكيبيديا الموسوعة الحرة. Cant See Links مصطلح: (ثورة جنسية).
([103]) موقع صحيفة الرياض، مقال بعنوان: برامج العفة قادمة.. د/ نورة بنت خالد السعد Cant See Links
([104]) انظر التقرير الخاص الذي نشرته الأسبوعية الأمريكية الشهيرة "نيوزويك" في نسختها العربية بتاريخ 10 ديسمبر 2002م، في أربعة عشر صفحة(36 49)، أهم ما في التقرير مقالان حول استمساك المراهقين الأمريكيين بالعذرية والعفة، وانخراط الحكومة الأمريكية الحالية في ذلك، بل ودعمها المالي والمعنوي للاختيار الجديد عن طريق الزيادة في الغطاء المالي المخصص للإنفاق على برامج العفة.



مصدر الخبر : بريد الــحــــوار نــــت


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir