هل أنت في مأمن من "اللص الصامت"

هل أنت في مأمن من "اللص الصامت"





4 أكتوبر -- أظهرت نتائج أحد الأبحاث الميدانية التي أجريت مؤخراً في المملكة العربية السعودية على مجموعة من النساء السعوديات اللاتي يتمتعن بصحة جيدة أن هؤلاء النساء يعانين من إنخفاض واضح في معدلات كثافة العظام مقارنة بالنساء الأمريكيات . ويعد هذا الأمر بمثابة مؤشراً قوياً على زيادة إحتمالات تعرض النساء في المملكة العربية السعودية إلى مرض هشاشة العظام بدرجة كبيرة . ويطلق المتخصصون على مرض هشاشة العظام الذي غالباً ما يؤدي إلى العجز والإعاقة أو حتى أحياناً يشكل تهديداً على الحياة ، إسم "اللص الصامت" . هذا ويرجح الباحثون أن يكون السبب وراء إنخفاض معدلات كثافة العظام ناتجاً عن تعرض النساء للحمل المتكرر وإزدياد فترات الرضاعة بالإضافة إلى إنتشار نقص فيتامين "د" بين النساء خاصة في المملكة . وحيث أن هذا المرض يأتي دائما بدون أي أعراض أو مقدمات تشير إلى الإصابة به ، فعادة ما يكون كسر العظام هو أول علامات الإصابة بنقص حاد وخطير في نسبة الكالسيوم بالجسم .

إحصائيات حول مرض هشاشة العظام

تشير الإحصائيات إلى أن هناك حوالي 28 مليون شخصاً في الولايات الأمريكية معظمهم من النساء معرضين لخطر الإصابة بمرض هشاشة العظام ، كما أن هناك ما يقرب عن 10 مليون شخص يعانون من الإصابة بهذا المرض ، بالإضافة إلى 18.5 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بالمرض بدرجة عالية . وقد أظهرت الأبحاث أن نسبة 80% من المصابين بمرض هشاشة العظام هن من النساء ، كما وجد أن واحدة من بين كل إثنتين من السيدات المعرضات للإصابة بكسور في العضام نتيجة لمرض هشاشة العظام تبلغ من العمر 50 عاماً أو أكثر . والرجال كذلك ليسوا بمأمن من هذا المرض ، فقد أظهرت الإحصائيات أن هناك ما يزيد عن 5 مليون رجل بالولايات المتحدة الأمريكية يعانون من هذا المرض المقعد .

العوامل المحددة لخطر التعرض للإصابة بالمرض

هناك العديد من العوامل التي تحدد مدى إمكانية تعرض الجسم للإصابة بالمرض ، ومن أهم هذه العوامل :

العمر : تزداد إحتمالات التعرض للإصابة بمرض هشاشة العظام مع تقدم العمر ، حيث تصبح العظام أقل كثافة وأكثر ضعفاً .

الصفحة (2) : هل أنت بمأمن عن "اللص الصامت"

الجنس : تتعرض النساء لخطر الإصابة بمرض هشاشة العظام بدرجة أكبر من الرجال ، حيث تكون أنسجة العظام لدى المرأة أقل منها عند الرجل نتيجة للتغيرات التي تطرأ على الوظائف العضوية في الجسم وتصاحب إنقطاع الطمث عند النساء .

السلالة : تتعرض النساء من السلالتين القوقازية والآسيوية لخطر الإصابة بمرض هشاشة العظام أكثر من غيرهن من النساء ، كما أن النساء من السلالات الإفريقية والأمريكية واللاتينية عرضة أيضاً للإصابة بالمرض .

التكوين العظمي ووزن الجسم : يتعرض الناس ذوي الأجسام النحيفة والعظام الصغيرة لخطر الإصابة بالمرض أكثر من غيرهم .

إنقطاع الطمث / حالة الدورة الشهرية : إنقطاع الطمث (بصورة طبيعية أو نتيجة لعملية جراحية) عند النساء يزيد من خطر الإصابة بمرض هشاشة العظام . بالإضافة إلى ذلك فإن النساء اللاتي ينقطع عنهن الطمث قبل المرحلة السنية المعروفة بإسم "سن اليأس" نتيجة حالات مرضية خاصة مثل فقدان الشهية أو الشره أو نتيجة القيام ببذل مجهود بدني مفرط يصبحن عرضة لفقدان أنسجة العظام والإصابة بالمرض .

نمط الحياة والعادات : تؤدي الكثير من العادات الخاطئة التي يمارسها الأنسان يومياً مثل التدخين وعدم حصول الجسم على كميات كافية من الكالسيوم وعدم المداومة على ممارسة على الرياضة كالمشي ، إلى زيادة خطر التعرض للإصابة بمرض هشاشة العظام .

الأدوية والأمراض : ترتبط الإصابة بمرض هشاشة العظام بتناول أدوية محددة (مثل الأدوية التي تحتوي على مركب الكورتيزون) ، بالإضافة إلى أنه يعد أحد المضاعفات الهامة لعدد من الأمراض مثل الإختلال الوظيفي للغدد الصماء (فرط نشاط الغدة الدرقية) إلتهاب المفاصل الرثياني ، وعدم القدرة على الحركة .

التاريخ الطبي للأسرة : من المرجح أن يكون العامل الوراثي له علاقة أيضاً بمرض هشاشة العظام وتعرضها للكسر بسهولة . فالشابات اللاتي سبق لأمهاتهن التعرض لكسور فقارية تكون أنسجة عظامهن أقل قوة نتيجة لعامل الوراثة .

الصفحة (3) : هل أنت بمأمن عن "اللص الصامت"

حملات التوعية

تقوم الدكتورة نادية غنام ، إستشارية الغدد الصماء والاستقلاب والسكر ، بعقد ندوات طبية حول مرض هشاشة العظام على مدار يومين في عيادتها بمدينة جدة وذلك بهدف نشر الوعي بين الناس عن هذا المرض . وقد صرحت الدكتورة نادية قائلة : "مازال العديد من الناس في منطقة الشرق الأوسط على غير دراية كافية بهذا المرض ومدى تأثيره على حياتهم ، حيث يجب عليهم أن يعلموا أن مرض هشاشة العظام يعد بمثابة "اللص الصامت" . فمن الممكن أن نعيش لسنين طويلة قبل أن ندرك أن عظامنا قد سلبت منا أو أنها لم تعد بالقوة الكافية .

وفي واقع الأمر فإن النساء تعد أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث لهن في مرحلة إنقطاع الطمث ، حيث تنخفض بصورة ملحوظة مستويات "الأستروجين" ، وهو واحد من الهرمونات التي تساعد على المحافظة على قوة العظام ، خلال فترة إنقطاع الطمث كما يزداد معدل فقدان الكالسيوم والأنسجة العظمية بشكل كبير في هذه المرحلة السنية . وبالرغم من أن المحافظة على قوة العظام منذ الطفولة تعتبر أمراً هاماً كبداية ضرورية ، إلا أن السيدات في منتصف العمر غالباً ما ينصحن بالخضوع للعلاج بالتعويض الهرموني لتأخير هذا الفقدان الواضح للعظام . كما أن النساء اللاتي يمارسن الرياضة ويؤدين تدريبات شاقة وكذلك النساء اللاتي يتعرض لفقدان الشهية العصبي واللاتي ينخفض وزنهن لدرجة تؤدي إلى توقف الدورة الشهرية يصبحن عرضة لفقدان الكالسيوم بسرعة نتيجة إختلال التوازن الهرموني في أجسامهن ، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تعرضهن للإصابة بمرض هشاشة العظام في سن مبكرة . إن كثيراً من الناس يجهلون هذا المرض ، وغالباً ما يحضر إلى العيادة نساء يشتكين من آلام شديدة في الظهر على أثر التعرض لإصابة عند القيام بحمل طفل صغير أو نتيجة الإنحناء قليلاً للأمام أثناء القيام من المقعد . وبإجراء الأشعة اللازمة نكتشف وجود كسـر في العمود الفقري والسبب بالطبع هو تعرضهن للإصابة بهشاشة العظام ."

الكالسيوم يقي من الإصابة بهشاشة العظام

وأشارت الدكتورة نادية غنام إلى طرق الوقاية من مرض هشاشة العظام بقولها : "إن الوقاية من مرض هشاشة العظام ممكنة على كل حال ، فقد أظهرت الأبحاث الطبية أن تناول الكالسيوم هو أفضل وسيلة للوقاية من هشاشة العظام على مدى الحياة . ويتم إختزان الكالسيوم بصفة أساسية في العظام ، وهو يساعد على إنقباض العضلات وتخثر الدم ودعم وظائف الأعصاب . وقد لا يعلم الكثير من الناس أن خلايا العظام تتكون وتفقد بصفة مستمرة أي أنها في حالة تغيير تلقائي دائم ، حيث يحدث تغيير وإستبدال الهيكل العظمي لدى البالغين تلقائياً مرة كل 7-10 سنوات ، بينما يحدث

الصفحة (4) : هل أنت بمأمن عن "اللص الصامت"

ذلك عند الأطفال بمعدل مرة كل عامين تقريباً .

فإذا لم تتناول الكالسيوم بكميات كافية فإن الجسم يستعيض عن هذا النقص في الكالسيوم اللازم للدم والأنسجة الرخوة عن طريق استهلاكه من العظام ورويداً رويداً تتعرض العظام للضعف والهشاشة بلا أدنى شك ، ومن ثم تزيد إحتمالات تعرض العظام للكسر . وأفضل طريقة للحصول على الكالسيوم الكافي للجسم هي كثرة تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم إبتداءً من سن الطفولة وحتى ما بعد سن إنقطاع الطمث ."



وجدير بالذكر أن جسم الإنسان البالغ يحتوي على حوالي 1200 غرام من الكالسيوم . وتتركز نسبة 99% من الكالسيوم الموجود بالجسم في الهيكل العظمي . ويعمل الكالسيوم على تقوية وصلابة العظام ومنحنا القدرة على الوقوف بإعتدال والمشي والجري والقفز ، وعلاوة على ذلك فإنه يدخل أيضاً بصفة أساسيه في تركيب الطبقة العاجية للأسنان ، وهي المادة العظمية الصلبة الواقعة تحت المينا والتي تشكل الجزء الرئيسي للأسنان . أما نسبة الـ 1% المتبقية فتوجد في الدم وسوائل الجسم الأخرى حيث تعمل على تنظيم إنقباض وإنبساط العضلات وتنظيم العمليات الحيوية الأخرى في الجسم مثل تخثر الدم .

من أين يحصل الجسم على الكالسيوم ؟

تضيف الدكتورة نادية غنام قائلة : "أننا نعتمد في تأمين إحتياجاتنا من الكالسيوم بصفة أساسية على مجموعة واحدة من الطعام وهي الحليب ومنتجات الألبان . فالحليب والجبن والزبادي تمدنا بأكثر من نصف كمية الكالسيوم التي نتناولها يومياً ، حيث يسهل على الجسم إمتصاص الكالسيوم الموجود بهذه المصادر ومن ثم الإنتفاع به ."

ويمكننا الحصول على إحتياجاتنا من الكالسيوم من خلال تناول وجبات متنوعة . هذا ، ويوجد أدناه قائمة بكميات الكالسيوم التي يحتاجها الجسم في المراحل السنية المختلفة . وتختلف الكميات التي يحتاجها الجسم من الكالسيوم بإختلاف المراحل السنية ، حيث توصي المؤسسة الوطنية الأمريكية لمرضى هشاشة العظام بتناول الكميات الآتية من الكالسيوم يومياً :

الصفحة (5) : هل أنت بمأمن عن "اللص الصامت"

1000 غرام للبالغين من الرجال والنساء
1200-1500 غرام للشباب من سن 11-24 سنة والسيدات الحوامل والمرضعات .
1500 غرام للنساء في مرحلة ما بعد إنقطاع الطمث واللاتي لا يستخدمن علاج تعويضي لهرمون الأستروجين .


كما يوجد الكالسيوم أيضاً في الخضروات ذات اللون الأخضر الداكن ، والحبوب ، واللوز ، والفاصوليا ، وسمك السلمون أو السردين . كل هذه الأطعمة تساعد على تأمين جزء من إحتياجات الجسم للكالسيوم .

إلا أن تناول الكالسيوم بكميات كبيرة تزيد عن الاحتياجات المطلوبة يؤثر سلبيا على قدرة امتصاصه داخل الجسم . لذا فإن الطريقة المثلى لتزويد الجسم باحتياجاته من الكالسيوم يجب ان تتم عن طريق المصادر الغذائية .

وقد يكون من الضروري بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من عدم القدرة على تحمل سكر الحليب (اللاكتوز) عدم الإسراف في تناول منتجات الألبان والاستعاضة عنها بتلك التي تحتوي على نسب ضئيلة من سكر اللاكتوز . أما بالنسبة الى الأشخاص النباتيين الذين لا يتناولون منتجات الألبان على الإطلاق ، فيمكنهم تأمين احتياجاتهم من الكالسيوم عن طريق مصادر غذائية اخرى مثل الخضراوات الطازجة والأسماك المعلبة والخبز والحبوب .

الصور المرفقة