آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 17877 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 12414 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 18386 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 19846 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 53967 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 49168 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 41157 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 23758 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 24068 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 29968 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-15-2010, 04:47 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


البلاغةُ الواضِحَةُ



البلاغةُ الواضِحَةُ

مقدِّمةٌ
الفصاحةُ - البلاغةُ – الأُسلوبُ


*-تعريفُ الفصاحةِ:
الفصاحةُ :الظهورُ والبيانً، تَقُولُ: أفْصح الصُّبْحُ إِذا ظَهَر. والكلامُ الفصيحُ ما كان واضحَ المعنى، سهل اللفظِ، جيِّدَ السَّبك. ولهذا وجبَ أن تكون كلُّ كلمة فيه جاريةً على القياس الصَّرفي ، بينةً في معناها، مفهومةً عَذْبةً سلِسةً. وإِنما تكونُ الكلمة كذلك إِذا كانت مأْلوفَةَ الاستعمال بَين النابهين من الكتاب والشعراءِ، لأنها لم تَتَداولها ألسِنتُهم، ولم تَجْرِ بها أقلامهم، إلا لمكانها من الحُسْن باستكمالها جميع ما تقدم منْ نُعوت الجوْدة وصِفات ِالجمال.
والذوقُ السليمُ هو العُمْدةُ في معرفةِ حُسنِ الكلمات وسَلاسَتِها، وتمييز ما فيها من وجوه البشاعة ومظاهر الاستكراه؛ لأنَّ الأَلفاظَ أصواتٌ ، فالذي يطْرَبُ لصوْت البُلبُل، وينْفِر من أصوات البُوم والغِرْبان، ينْبُو سمعُه عن الكلمة إذا كانت غريبةً مُتَنَافِرَةَ الحروف . ألا ترى أن كلمتَي "المُزْنةِ" و "الدِّيمةِ " للسَّحابة المُمْطِرة، كلتاهما سَهلَة عذْبَةٌ يسكنُ إليها السمعُ، بخلاف كلمة "البُعَاقِ" التي في معناهما؛ فإنها قبيحةٌ تَصُكُّ الآذانَ. وأمثال ذلك كثير في مُفْردات اللغة تستطيع أَن تُدْركه بذَوْقكَ.


(1) ويشترطُ في فصاحةِ التركيب :- فوْقَ جريان كلماته على القياس الصحيح وسهولتِها -أنْ يسلمَ من ضَعفِ التأْليفِ، وهو خروج ُالكلام عن قواعد اللغة المطردة كرجوع الضميرِ على متأخر لفظاً ورتبةً في قول سيدنا حَسانَ رضي الله عنه :
ولو أّنَّ مَجدًا أخْلَدَ الدهْر واحِدًا … مِنَ النَّاسِ أبْقى مَجْدُهُ الدَّهْرَ مُطعِما
فإنَّ الضميرَ في "مَجده" راجع إلى "مُطعِما" وهو متأَخرٌ في اللفظ كما ترى، وفي الرتبة لأَنه مفعول به، فالبيت غير فصيح.

(2) ويشترطُ أنْ يسلمَ التركيبُ من تنافر الكلماتِ : فلا يكونُ اتِّصالُ بعضها ببعضٍ مما يُسبِّب ثِقَلَها على السمع، وصُعوبةَ أدائها باللسان، كقول الشاعر :
وقبرُ حربٍ بمكانٍ قَفِر ... وليسَ قربَ قبْرِ حربٍ قبرُ
قيلَ: إنَّ هذا البيتَ لا يَتَهيَّأُ لأحدٍ أن يُنْشدَهُ ثلاثَ مرات متوالياتٍ دونَ أن يَتَتَعْتَعَ ، لأَنَ اجتماعَ كلماته وقُربَ مخارجِ حروفها، يحدِثانِ ثِقلاً ظاهرًا، مع أَنَّ كلَّ كلمةٍ منه لو أُخذتْ وحدها كانت غيرَ مُستكْرهةٍ ولا ثقيلةٍ.

(3) ويجبُ أنْ يسلمَ التركيبُ من التَّعقيد اللفظيِّ : وهو أنْ يكون الكلامُ خَفيَّ الدلالة على المعنى المراد بسبب تأْخيرِ الكلمات أو تقديمِها عن مواطنِها الأصليةِ أو بالفصل بين الكلمات التي يجبُ أن تتجاورَ ويتَّصِلَ بعضُها ببعضٍ، فإِذا قلتَ: "ما قرأ إِلاَّ واحدًا محمدٌ مع كتاباً أَخيه"
كان هذا الكلامُ غبرَ فصيح لضعْفِ تأليفهِ، إذ أصلهُ "ما قرأ محمدٌ مع أَخيه إلا كتاباً واحداً، فقُدِّمتُ الصفةُ على الموصوفِ، وفُصل بين المتلازمين، وهما أداةُ الاستثناء والمستثنى، والمضافُ والمضافُ إِليه.

ويشبهُ ذلك قول أبى الطَّيب المتنبي :

أنَّى يكُونُ أبا البَرِيَّةٍ آدَمٌ ... وأبُوكَ والثَّقَلانِ أنتَ محَمَّدُ؟


والوضعُ الصحيحُ أن يقولَ: كيفَ يكونُ آدم أبا البرية، وأبوك محمد، وأنت الثقلان؟ يعنى أَنَّه قد جَمعَ ما في الخليقة من الفضل والكمال، فقد فَصَل بين المبتدأ والخبر وهما "أبوك محمد"، وقدَّم الخبر على المبتدأ تقديماً قد يدعو إلى اللبس في قوله "والثقلان أنت"، على أنه بعد التعسف لم يسلمْ كلامُه من سُخفٍ وهَذَر.

(4) ويجبُ أنْ يسلمَ التركيبُ من التعقيدِ المعنويِّ : وهو أن يَعمدَ المتكلِّم ُ إلى التعبير عن معنًى فيستعمل فيه كلماتٍ في غير معانيها الحقيقية، فيسيء اختيار الكلمات للمعنى الذي يُريده، فيضطرب التعبير ويلتبس الأَمر على السامع. مثال ذلك أن كلمة اللسان تُطلَق أَحياناً ويُراد بها اللغة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ.. } (4) سورة إبراهيم ، أي ناطقاً بلغة قومه، وهذا استعمالٌ صحيحٌ فصيحٌ، فإذا استعمل إِنسانٌ هذه الكلمة في الجاسوس، وقال: "بثَّ الحاكم ألسنته في المدينة" كان مخطئاً، وكان في كلامه تعقيدٌ معنويٌّ،

ومن ذلك قول امرئ القيس في وصْفِ فرَس :

وأَرْكَبُ في الرَّوْع خَيفانةً … كَسا وجْهَهَا سَعفٌ مُنتشر


الخيْفانةُ في الأصل الجرادةِ، ويريدُ بها هنا الفرس الخفيفة، وهذا لا بأْس به وإِن كان تشبيهُ الفرس بالجرادة لا يخلو من ضعفٍ، أمَّا وصفُ هذه الفرس بأنَّ شَعر ناصيتها طويلٌ كَسَعفِ النخل يُغطِّي وجهَها، فغيرُ مقبول؛ لأنَّ المعروف عند العرب أنَّ شعرَ الناصية إذا غَطَّى العينين لم تكنِ الفرسُ كريمةً ولم تكنْ خفيفةً. ومنَ التعقيدِ المعنويِّ قول أبي تمَّام :
جَذَبتُ نَداهُ غدوة السَّبتِ جذْبةً … فخرَّ صريعاً بين أيدِي القصائد
فإِنه ما سكتَ حتى جعل كرمَ ممدوحهِ يَخرُّ صريعاً وهذا من أقبح الكلامِ.


*-تعريفُ البلاغةِ:

البلاغةُ :هي تأْديةُ المعنى الجليل واضحاً بعبارة صحيحةٍ فصيحة، لها في النفس أَثرٌ خلابٌ، مع ملاءَمة كلِّ كلام للموطن الذي يُقالُ فيه، والأشخاصِ الذين يُخاطَبون.

فليستِ البلاغةُ قبلَ كل شيءٍ إلا فنًّا من الفنون يَعْتمِدُ على صفاء الاستعداد الفِطريِّ ودقة إدراك الجمالِ، وتبَينِ الفروقِ الخفيَّة بين صنوف الأَساليب، وللمرانةِ يدٌ لا تُجحَدُ في تكوين الذوق الفنِّي، وتنشيطِ المواهب الفاتِرة، ولا بدَّ للطالبِ- إلى جانب ذلك - منْ قراءَة ِطرائف الأَدبِ، و التَّمَلُّؤِ من نَميره الفياض، ونقدِ الآثار الأدبية والموازنة بينها، وأنْ يكونَ له من الثقةِ بنفسه ما يدفعه إلى الحكمِ بحسن ما يراه حسناً وبقبْح ما يَعُدُّه قبيحاً.

وليسَ هناك من فرق بين البليغ والرَّسام إِلا أنَّ هذا يتناولُ المسموعَ من الكلام، وذلك يُشاكلُ يين المرْئيِّ من الألوان والأَشكالِ، أمَّا في غير ذلك فهما سواء، فالرَّسامُ إِذا همَّ برسم صورة فكَّر في الألوان الملائمة لها، ثم في تأْليفِ هذه الأَلوان بحيث تخْتَلِبُ الأَبصار وتُثير الوجدان، والبليغُ إِذا أَراد أَن يُنْشىءَ قصيدةً أَو مقالةً أو خطبةً فكَّر في أَجزائِها، ثم دعا إِليه من الأَلفاظ والأَساليب أَخفَّها على السمع، وأكثرها اتصالا بموضوعهِ. ثم أَقواها أثرًا في نفوس سامعيه وأروعَها جمالاً.


فعناصرُ البلاغة إذًا لفظٌ ومعنًى وتأليفٌ للأَلفاظ يَمْنَحُها قُوةً وتأْثيرًا وحُسْناً. ثم دقةٌ في اختيار الكلمات والأََساليب على حسب مواطن الكلامِ ومواقعه وموضوعاته، وحال السامعين والنَّزْعةِ النفسية التي تَتَملَّكهم وتُسَيْطِرُ على نفسوسهم، فَرُبََّ كلمةٍ حسُنتْ في موطنٍ ثم كانتْ نابيةً مُسْتكْرَهةً في غيره. وقديماً كرِه الأُدباء كلمة "أَيضاً" وعَدُّوها من أَلفاظ العلماء فلم تَجر بها أقلامهم في شعر أَو نثر حتى ظَهَرَ بينهم من قال :

رُبَّ ورْقَاءَ هَتُوفٍ في الضُّحا … ذَاتِ شَجْوٍ صَدَحَتْ في فَنَنِ
ذَكَرَتْ إلفاً ودهْرًا سَالِفاً … فَبَكَتْ حُزناً فَهاجتْ حَزَني
فَبكائي رُبَّما أرَّقها … ...وبُكاها ربَّما أَرَّقَني
ولَقدْ تَشْكو فَمَا أفْهمُها ….... …ولقدْ أشكو فَما تَفهمُني
غيْر أنِّي بالجوى أعْرِفُها … وهْي "أَيضاً" بالجوَى تعْرفُني


فوَضع "أيضاً" في مكانٍ لا يتَطلب سواها ولا يتَقَبَّل غيرها، وكان لها من الرَّوْعة والحُسنِ في نفس الأديب ما يعْجِزُ عنها البيانُ.
ورُبَّ كلامٍ كان في نفسه حسناً خلَّاباً حتى إِذا جاء في غير مكانه، وسقَطَ في غير مسقَطِه، خرج عن حدِّ البلاغةِ، وكان غَرضاً لسهامِ الناقدينَ.

ومن أمثلة ذلك قولُ المتنبي لكافور الإخشيدى في أَول قصيدة مدحه بها :

كَفى بِكَ داءً أنْ نرى الموتَ شافيا… وحَسْبُ المنايا أَن يَكُنَّ أمانيا


وقوله في مدحه :

وَمَا طَرَبي لمّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً = لقد كنتُ أرْجُو أنْ أرَاكَ فأطرَبُ

قال الواحِدىُّ :
هذا البيتُ يشبهُ الاستهزاءَ فإنه يقول: طَرِبتُ عند رؤيتك كما يطرَبُ الإنسانُ لرؤية المضحكات. قال ابن جنيِّ : لما قرأت على أبي الطيب هذا البيت قلتُ له: مَا زِدتَ على أنْ جعلتَ الرجل قِردًا، فضَحِكَ. ونَرى أن المتنبي كان يغْلي صدرُه حِقدًا على كافور وعلى الأَيام التي ألجأَته إِلى مدحه؛ فكانت تَفرُّمن لسانه كلماتٌ لا يستطيع احتباسها وقديماً زَلَّ الشعراءُ لمعنى أو كلمة نَفَّرتْ سامعيهم، فأَخرجتْ كلامَهم عن حدِّ البلاغة، فقد حكَوا أن أبا النجم دخل على هشام بن عبد الملك وأنشده :


صَفْراءُ قد كادتْ ولمَّا تَفعلِ …كأنَّها في الأُفقِ عيْنُ الأحولِ

وكان هشامٌ أَحْولَ فأَمر بحبسِه.

ومدح جرير عبْدَ الملك بْنَ مَرْوان بقصيدةٍ مطلعها :

أتَصحو أم فؤادُك غيرُ صاحٍ ،= عشِيَّة َ هَمَّ صَحْبكَ بالرّواحِ

فاستنكر عبدُ الملك هذا الابتداءَ وقال له: بلى فؤادكَ أَنتَ.


وَنَعَى علماءُ الأَدب على البُحْتُرى أن يبدأَ قَصيدةً يُنشدها أَمام ممدوحه بقوله :

لَكَ الْوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ تقاصَرَ آخِرُه"= ووشكٌ نوى حيٌّ تزمُّ أباعرهُ


وعابوا عن المتنبي قولَهُ في رثاء أمِّ سيف الدولة :

صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ = على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ

قال ابْنُ وَكِيع : إِن وصفَه أُمّ الملك بجمالِ الوجه غير مختار:

وفي الحقِّ أَنَّ المتنبي كان جريئاً في مخاطبةِ الملوك، ولعلَّ لعظمِ نفسهِ وعَبْقَريَّته شأْناً في هذا الشذوذ.
إذنْ لابدَّ للبليغ أولا من التفكير في المعاني التي تجيش في نفسه، وهذه يجب أَن تكون صادقةً ذاتَ قيمةٍ وقوة ،يظهر فيها أَثر الابتكار وسلامةِ النظر ودقة الذوق في تنسيق المعاني وحسن ترتيبها، فإذا تم له ذلك عَمدَ إِلى الأَلفاظ الواضحة المؤثرة الملائمة، فأَلف بينها تأْليفاً يكسبها جمالاً وقوّة، فالبلاغةُ ليست في اللفظ وحدَه، وليستْ في المعنى وحدَه، ولكنها أثرٌ لازمٌ لسلامةِ تأْليفِ هذين وحُسْن انسجامِهما.
--------
أنواعُ الأساليبِ*

-تعريفُ الأسلوب :
هو المعنَى المَصُوغُ في ألفاظ مؤَلفة على صورة تكونُ أَقربَ لنَيْل الغرض المقصود من
الكلام وأفعل في نفوس سامعيه،

وأَنواع الأساليب ثلاثة:

(1) الأُسلوبُ العلميُّ
هو أهدأُ الأساليب،وأكثرها احتياجاً إِلى المنطق السليمِ والفكر المستقيمِ، وأَبعدُها عن الخيال الشِّعريِّ، لأَنه يخاطب العقلَ، ويناجي الفكر، ويَشرَح الحقائق العلمية التي لا تخلو من غموضٍ وخفاءٍ، وأظهرُ ميزات هذا الأُسلوب الوُضوحُ. ولا بدَّ أن يبدوَ فيه أثرُ القوة والجمالِ، وقوتُه في سطوعِ بيانهِ ورصانةِ حُجَجه، وجَمالهُ في سهولةِ عباراتهِ، وسلامةِ الذوق في اختيار كلماتهِ، وحُسنِ تقريره المعنى في الأَفهام ِمنْ أقرب ِوجوه الكلامِ.

فيجبُ أن يُعنَى فيه باختيار الأَلفاظ الواضحة ِالصريحة في معناها الخالية من الاشتراك، وأن تُؤلّفَ هذه الأَلفاظ في سهولة وجلاءٍ، حتى تكون ثوباً شَفًّا للمعنَى المقصود، وحتى لا تصْبحَ مثارًا للظنون، ومجالاً للتوجيه والتأْويل.
ويحسنُ التنَحِّي عن المجاز ومُحَسِّناتِ البديع في هذا الأُسلوبِ؛ إَلا ما يجيءُ من ذلك عفوًا ،من غير أن يَمَسَّ أصلاً من أصوله أو ميزةً من ميزاته. أمَّا التشبيه الذي يُقصدُ به تقريبُ الحقائق إِلى الأفهام وتوضيحُها بذكر مماثلها، فهو في هذا الأسلوبِ حسنٌ مقبولٌ.

ولسنا في حاجة إلى أَن نُلقيَ عليك أَمثلةً لهذا النوع، فكتُبُ الدراسة التي بين يديك تجري جميعُها على هذا النحو من الأساليب.
(2) الأُسلوبُ الأَدبيُّ
الجمالُ أبرزُ صِفاته، وأظهرُ مُميِّزاته، ومَنشأُ جماله ما فيه من خيالٍ رائعٍ، وتَصْويرٍ دقيقٍ،
وتلمُّسٍ لوجوه الشبهِ البعيدة بين الأشياءَ، وإِلباس المعنويِّ ثوبَ المحسوس، وإِظهارَ المحسوس
في صورة المعنويِّ.
فالمتنبي لا يرَى الحُمَّى الراجعةَ -كما يراها الأَطباءُ- أَثراً لجراثيم تَدْخلُ الجسم، فترفعُ حرارته،
وتُسببُ رِعْدة وقُشَعْرِيرةً. حتى إِذا فرغت نوْبَتها تَصبَّبَ الجسم عَرَقاً، ولكنه يُصوِّرها كما
تراها في تراها في الأَبيات الآتية :

وزَائِرتي كأَنَّ بها حياءً = فلِيْس تَزُورُ إِلاَّ في الظَّلام
بذَلتُ لَها المَطَارف والحَشَايَا = فَعَافتها وباتتْ في عظامي
يضيقُ الجلدُ عَنْ نَفسِي وعنها = فَتُوسِعُهُ بِأَنواعِ السَّقام
كأَنَّ الصبحَ يطْرُدُها فتجرى = مَدَامِعُها بأَربعة سجام
أُراقِبُ وقْتَها مِنْ غَيْرِ شَوْقٍ = مُرَاقَبَةَ المَشُوق الْمُسْتهَام
ويصْدُقُ وعْدُهَا والصِّدْقُ شرٌّ = إِذا أَلْقاكَ في الكُرَب العِظام
أَبِنتَ الدَّهْر عِنْدِي كلُّ بنْتٍ = فكيف وصَلتِ أَنتِ مِن الزِّحامِ


والغُيُومُ لا يراها ابنُ الخياط كما يراها العالمُ بخارًا مُترَاكِماً يَحُولُ إلى ماء إذا صادف في الجوّ طبقة باردة ولكنه يراها :

كأن الغيومَ جُيُوش تَسُومُ = منَ العدْل في كلِّ أرضٍ صلاحا
إذا قاتل المحْل فيها الغَمامُ = بصوبِ الرِّهام أجَادَ الكفاحا
يُقَرْطِسُ بالطَّلِّ فيه السِّهامَ = ويُشرِعُ بالوَبْلِ فيه الرِّماحا
وسلَّ عَليْهِ سُيوفَ البرُوقِ = فأثخَنَ بالضرْب فيهِ الجراحا
تُرَى أَلْسُنُ النوْر تُثني علَيْهِ = فَتَعْجَبُ منهن خُرْساً فِصَاحا

وقد يتظاهرُ الأَديبُ بإنكار أسبابِ حقائق العلم، ويتَلمَّسُ لها من خياله أسباباً تُثبت دَعواهُالأَدبية وتُقوِّي الغرض الذي يَنشدُهُ، فَكَلَفُ البدرِ الذي يَظهرُ في وجهه ليَس ناشئاً عما فيه من جبالٍ وقيعانٍ جافةٍ -كما يقولُ العلماءُ- لأَنَّ المَعرِّى يرى لذلك سبباً آخر فيقول في الرثاء :

وما كلْفةُ البَدْر المُنير قديمةً = ولكنها في وجْههِ أثرُ اللَّطم

ولا بدَّ في هذا الأسلوبِ من الوضوحِ والقوةِ؛ فقولُ المتنبي :

قفي تَغْرَمِ الأولى مِنَ اللَّحْظِ مُهجَتي ... بثانِيةٍ والمُتْلِفُ الشيءَ غارِمُه

غيرُ بليغٍ؛ لأنه يريد أنه نظر إِليها نظرةً أتلفتْ مهجته، فيقول لها :قِفي لأنظركِ نظرة ًأخرى تردُّ إليَّ مهجتي وتُحييها، فإنْ فعلْتِ كانتِ النظرة غرْمَا لِمَا أتلفته النظرةُ الأُولى.

فانظرْ كيف عانينا طويلا في شرح هذا الكلام الموجزِ الذي سبَّبَ ما فيه من حذف وسوءَ تأْليفٍ شِدةَ جفائهْ وبُعْدَه عن الأَذهان، مع أنَّ معناهُ جميل ٌبديعٌ، فكرته مُؤيَّدةٌ بالدليل.

وإِذا أردتَ أن تَعْرف كيف تَظْهرُ القوةُ في هذا الأسلوب، فاقرأ قول المتنبي في الرثاء :

مَا كُنْتُ آملُ قَبلَ نَعْشك أن أرى = رضْوَى على أيْدى الرجالِ يَسيرُ

ثم اقرأ قول ابن المعتز في عبيد الله بن سليمان بن وهب :

قدْ ذَهبَ الناسُ وماتَ الكمالْ = وصاحَ صَرفُ الدَّهْر أين الرجالْ؟
هذا أبُو العَبَّاس في نَعْشِه = قوموا انْظرُوا كيف تَسيرُ الجبالْ

تجدْ أنَّ الأُسلوبَ الأَولَ هادئٌ مطمئنٌ، وأَنَّ الثاني شديدُ المرَّةِ عظيمُ القوَّةِ، وربما كانت نهايةُ قوتهِ في قوله؛ "وصاحَ صَرْفُ الدهر أَينَ الرجال" ثم في قوله: "قوموا انظروا كيف تسيرُ الجبال".

وجملةُ القول : أنَّ هذا الأُسلوبَ يجب أنْ يكون جميلاً رائعاً بديعَ الخيالِ، ثم واضحاً قويًّا. ويظنُّ الناشئون في صناعة الأَدب أَنه كلما كثر المجازُ، وكثرتِ التشبيهاتُ والأخيلةُ في هذا الأُسلوب زادَ حسنُه، وهذا خطأٌ بيِّنٌ، فإنه لا يذهبُ بجمال هذا الأسلوبِ أكثر من التكلُّفِ، ولا يُفْسِدُه شرٌّ من تَعمُّدِ الصناعةِ، ونَعْتقدُ أنه لا يُعجبكَ قولُ الشاعر :

فأمطَرَتْ لؤلؤاً من نرْجِسٍ وسقَتْ ... ورْداً وعضّتْ على العُنّابِ بالبَرَدِ

هذا من السهلِ عليك أَن تَعْرِفَ أَنَّ الشعرَ والنثرَ الفنيَّ هما مَوْطِنا هذا الأسلوب ففيهما يزْدهِرُ وفيهما
يبلغُ قُنَّة الفنِّ والجمال.

(3) الأسلوبُ الخطابيُّ
هنا تَبْرُزُ قوةُ المعاني والألفاظِ، وقوةُ الحجَّةِ والبرهانِ، وقوةُ العقل الخصيبِ، وهنا يتحدَّثُ الخطيبُ إلى إرادةِ سامعيه لإثارةِ عزائمهِم واستنهاضِ هممهم، ولجمالِ هذا الأُسلوبِ ووضوحهِ شأْنٌ كبيرٌ في تأْثيره ووصوله إلى قرارة النفوسِ، ومما يزيدُ في تأْثير هذا الأُسلوب منزلةُ الخطيب في نفوسِ سامعيه وقوةُ عارضته، وسطوعُ حجته، ونبَراتُ صوته، وحسنُ إِلقائه، ومُحْكَمُ إِشارته.

ومن أظهرِ مميزاتِ هذا الأُسلوب التكرارُ، واستعمالُ المترادفات، وضربُ الأمثال، واختيارُ الكلمات الجزلة ذات الرنين، ويحسنُ فيه أَنْ تتعاقبَ ضروبُ التعبير من إِخبارٍ إلى استفهام إلى تعجب إلى استنكار، وأَنْ تكونَ مواطنُ الوقف فيه قويةً شافيةً للنفس. ومن خيرِ الأَمثلة لهذا الأُسلوب خطبةُ على بن أَبي طالب رضي الله عنه لمَّا أَغار سُفيانُ بنُ عوفٍ الأَسدِي على الأَنبار وقتل عامله عليها:

"هذا أَخُو غامدٍ قد بَلغتْ خيْله الأَنْبار وقَتلَ حَسَّانَ البَكريّ وأَزال خَيْلَكمْ عنْ مَسَالِحِها وَقَتل مِنْكم رجالاً صالِحِين. "وقدْ بَلغني أَنَّ الرَّجُل منهُمْ كان يَدْخُلُ على المْرأَةِ الْمُسْلمَةِ والأُخرى المعاهدة ، فَيَنْزعُ حِجْلَهَا ، وقُلْبَهَا ، ورِعاثَها ، ثم انْصَرفُوا وَافِرِين ما نالَ رجلا منهم كَلمٌ ، ولا أرِيقَ لهم دَمٌ، فلو أَن رجلاً مُسْلماً مات مِنْ بَعْدِ هذَا أَسَفاً، ما كان به ملُوماً، بلْ كان عِنْدى جديرًا.

"فَواعجَباً مِنْ جدِّ هؤُلاء في بَاطِلِهمْ، وفَشَلِكُمْ عنْ حقِّكُم. فَقُبْحاً لَكمْ حِين صِرْتُم غَرَضاً يُرْمَى ، يُغار علَيْكمْ ولا تُغِيرُون، وتُغْزَوْن وَلا تغزونَ، ويُعْصى الله وترْضَوْن ". فانظر كيف تدرج ابن أَبى طالب في إِثارة شعور سامعيه حتى وصل إِلى القمَّةِ فإنه أخبرهم بغَزْو الأَنْبار أَولا، ثم بقتل عامله، وأَنَّ ذلك لم يكْف سُفْيان بين عوف فأَغْمد سيوفه في نحور كثيرٍ من رجالهم وأَهليهم.

ثم توجه في الفقرة الثانية إِلى مكان الحميَّةِ فيهم، ومثار العزيمة والنخوة من نفسه كل عربي كريم، أَلا وهو المرأَة، فإِنَّ العربَ تبذل أَرواحها رخيصةً في الذود عنها، والدفاع عن خِدْرها. فقال: إِنهم استباحوا حِماها، وانصرفوا آمِنين.
وفي الفقرة الثالثة أظهر الدَّهَشَ والحَيْرَة من تمسك أعدائه بالباطل ومناصرته، وفشلِ قومه عن الحق وخِذْلانه. ثم بلغ الغيظ منه مبلغه فَعيَّرهم بالجُبن والخَوَر.

هذا مثال من أَمثلة الأُسلوب الخطابي نكتفي به في هذه العُجَالة ، ونرجو أَن نكونَ قد وُفقنا إِلى بيان أَسرار البلاغةِ في الكلام وأَنواع أَساليبه، حتى يكونَ الطالبُ خبيرًا بأَفانين القول، ومواطنِ استعمالها وشرائط تأْديتها، واللهُ الموفق.


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 05:24 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: البلاغةُ الواضِحَةُ

[size="4"]



البابُ الأولُ- علمُ البيان
التشبيهُ


(1) أركانهُ

المشبه
المشبه به
اداة التشبيه
وجه الشبه


الأمثلةُ :

(1) قال المَعَرِّيُّ في الْمَديح :
أَنْتَ كالشَّمْس في الضِّياءِ وإِن جا … …وَزْتَ كيوانَ فِى عُلُوّ المكان

(2) وقال آخرُ :
أَنْتَ كاللَّيْثِ في الشَّجَاعةِ والإقْدام وَالسَّيْفِ في قِراعِ الخُطوب

(3) وقال آخرُ :
كأَنَّ أَخْلاقَكَ فِي لُطْفِها … …ورقَّةٍ فِيها نَسِيمُ الصَّباحْ

(4) وقال آخرُ :
كأَنَّما الْماءُ فِي صفاءٍ … …وَقَدْ جَرَى ذَائِبُ اللُّجَيْن
[/size

البحثُ:
في البيت الأَول عَرفَ الشاعِرُ أَن مَمْدُوحَه وَ ضِيءٌ الوجهِ مُتَلألئُ الطلعة، فأَراد أن يأْتي
له بمَثِيل تَقْوَى فيه الصفةُ، وهي الضياء والإشراقُ فلم يجد أقوى من الشمس، فضاهاه
بها، ولبيان المضاهاة أتي بالكاف.
وفي البيت الثاني رأى الشاعر ممدوحه متصفاً بوصفَيْن، هما الشجاعة ومصارعة الشدائد
، فَبحَث له عن نَظيرَيْن في كلٍّ منهما إِحدى هاتين الصفتين قويةً، فضاهاه بالأسدِ في
الأولى، وبالسيف في الثانية، وبيَّن هذه المضاهاة بأَداة هي الكاف.
وفي البيت اِلثالث وجَدَ الشاعرُ أخلاق صَدِيقِه دمِثَةً لَطِيفَةً تَرتاحُ لها النفسُ، فَعملَ على
أنْ يأْتي لها بنظير تَتَجَلَّى فيه هذه الصَّفة وتَقْوَى، فرأَى أنَّ نسيمَ الصباح كذلك فَعَقَدَ
المماثلة بينهما، وبيَّن هذه المماثلة بالحرف "كأن".
وفي البيت الرابع عَمِل الشاعِرُ على أَنْ يَجدَ مثيلاً للماء الصافي تَقْوَى فيه صِفَةُ الصفاء
فرأَى أَنَّ الفضة الذائبةَ تَتجلَّى فيها هذه الصفةُ فماثل بينهما، وبيَّن هذه المماثلة بالحرف "كأنَّ".
فأَنتَ ترى في كل بيت من الأبيات الأَربعة أَنَّ شيئاً جُعِلَ مَثِيلَ شيء في صفةٍ مشتركة
بينهما، وأَنَّ الذي دلّ على هذه المماثلة أَداةٌ هي الكاف أَو كأَن، وهذا ما يُسَمَّى بالتشبيه،
فقد رأَيتَ أَن لا بدَّ له من أَركان أَربعة: الشيء الذي يراد تشبيهه ويسمَّى المشبَّه، والشيءَ
الذي يُشَبَّه به ويُسمَّى المشبَّه به، (وهذان يسميان طرفي التشبيه)، والصفةُ المشتركة
بين الطرفين وتسمَّى وجه الشَّبَه، ويجب أَنْ تكون هذه الصفةُ في المشَبَّه به أَقوى
وأَشهَرَ منها في المشبَّه كما رأَيت في الأمثلة، ثم أداةُ التشبيه وهي الكاف وكأَن ونحوهما .
ولا بدَّ في كل تشبيهٍ من وجود الطرفين، وقد يكون المشبَّه محذوفاً للعلم به ولكنه يُقَدَّرُ
في الإِعراب، وهذا التقدير بمثابةِ وجوده كما إذا سُئِلت "كيفَ عليٌّ"؟ فقلت: "كالزهرة
الذابِلةِ" فإِن "كالزهرة" خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير هو الزهرة الذابلةُ، وقد يحذف وجه
الشَّبه، وقدْ تحذف الأداة. كما سَيُبَين لك فيما بعد.

القواعدُ

(1) التشْبيهُ:ْ بَيانُ أَنَّ شَيْئاً أَوْ أشْياءَ شارَكَتْ غيْرَها في صفةٍ أوْ أَكْثرَ، بأَداةٍ هِيَ الكاف
أَوْ نحْوُها ملْفوظةً أَوْ ملْحُوظةً.

(2) أَركانُ التَّشْبيهِ أرْبعةٌ، هيَ: المُشَبَّهُ، والمشُبَّهُ بهِ، ويُسَمَّيان طَرَفَي التَّشبيهِ،
وأَداةُ التَّشْبيهِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ، وَيَجبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى وَأَظْهَرَ فِي الْمُشبَّهِ بهِ مِنْهُ فِي الْمُشَبَّهِ.
نَمُوذَجٌ
قال الْمعَريُّ :
رُبَّ لَيْل كأَنَّه الصُّبْحُ في الْحُسـ … …ـن وإنْ كانَ أَسْوَدَ الطِّيْلَسان
وسهيْلٌ كَوجْنَةِ الْحِبِّ في اللَّوْ … …نِ وقَلْبِ الْمُحِبِّ فِي الخفقان
الجواب ُ
المشبه الضمير
المشبه به الحسن العائد على الليل
الأداة كأن
وجه التشبه الحسن والجمال
المشبه
الضمير في كأَنه العائد على الليل الصبح كأَن الحسن
سهيل وجنة الْحب الكاف اللون والاحمرار
سهيل قلب المحب الكاف "مقدرة" الخفقان

تمريناتٌ
(1) بَيِّنْ أَركان التشبيه فيما يأتي:

(1) أَنْت كالبحْر في السَّماحةِ والشَّمْـ … …ـسِ عُلُوًّا والْبدْر في الإِشراقِ
(2) العُمْرُ مِثْلُ الضَّيْفِ أَوْ … …كالطِيْفِ لِيْس لَهُ إِقامةْ
(3) كلامُ فلانٍ كالشَّهْدِ في الحلاوة .
(4) الناسُ كأَسْنان المُشْطِ في الاستواء.
(5) قال أَعرابيٌّ في رجل: ما رأَيتُ في التوقُّدِ نَظْرةً أَشْبَهَ بِلَهيب النارِ من نظْرته.
(6) وقال أَعرابيٌّ في وصف رجلٍ: كانَ له عِلْمٌ لا يخالطه جَهْلٌ، وصِدْق لا يَشُوبه كَذِبٌ، وكان في الجُودِ كأَنهُ الوبْلُ عَنْد المحْلِ .
(7) وقال آخرُ:
جاءُوا علَى خَيل كأَنَّ أَعْناقَها في الشُّهرة أَعلام ،وآذانَها في الدِّقَّةِ أَطرافُ أَقلام، وفرْسانها في الجُرْأَةِ أُسُودُ آجام .
(8) أَقوالُ الملوك كالسيوف المواضي في القَطع والبتِّ في الأُمور.
(9) قلبُهُ كالحجارةِ قَسْوةً وصلابةً.
(10) جبِينُ فلانٍ كَصفْحةِ المِرْآة صفاءً وتلأْلؤًا.
(2) كَوِّن تشبيهاتٍ من الأَطراف الآتية بحيث تختارُ مع كلِّ طَرفٍ ما يناسبه:
العزيمةُ الصادقة، شجرةٌ لا تُثْمر، نَغَمُ الأَوْتار، المطَرُ للأَرض. الحديثُ المُمْتِع، السيفُ القاطع، البخيِلُ، الحياة تدِبُّ في الأَجسام.
(3) كوِّنْ تشبيهاتٍ بحيث يكون فيها كلٌّ مما يأْتي مُشبّهاً:
القِطار … - الهرمُ الأَكبر … - الكِتاب - الحصِان
المصابيح …- الصَّدِيق المُعلِّم ……-الدَّمع
(4)اجْعل كلَّ واحدٍ مما يأْتي مُشبَّهاً به:
بًحْر – أسَد - أُمُّ رؤُم - نسيم عليل- مِرْآةٌ صافيةٌ - حُلْمٌ لذيذ
(5) اِجعل كلَّ واحد مما يأْتي وجْهَ شَبَهٍ في تشبيهٍ من إنشائك، وعيِّن طَرفي التشبيه:
البياضُ – السواد – المرارة - الحلاوة – البُطءُ – السْرْعة - الصلابة
(6) صف بإِيجاز سفينةً في بحر مائجٍ، وضمِّنْ وصفَك ثلاثة تشبيهات.
(7)اشرح بإِيجاز قول المتنبي في المديح. وبيِّن جمال ما فيه من التشبيه :
كالبَدْرِ من حَيثُ التَفَتَّ رَأيْتَهُ = يُهْدي إلى عَيْنَيْكَ نُوراً ثاقِبَا
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِراً = جُوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا
================ =


(2) أقسامُ التشبيهِ

الأمثلةُ:
(1) أنا كالماءَ إِنْ رَضيتُ صفاءً وإذَا مَا سَخطتُ كُنتُ لهيبا
(2) سِرْنا في ليلٍ بَهيم كأَنَّهُ البَحْرُ ظَلاماً وإِرْهاباً.
(3) قال ابنُ الرُّوميِّ في تأْثير غِناءِ مُغَنٍّ :
فَكأَنَّ لذَّةَ صَوْتِهِ وَدَبيبَها… سِنَةٌ تَمَشَّى فِي مَفَاصِل نُعَّس
(4) وقال ابنُ المعتزّ :
وكأَنَّ الشمْسَ الْمُنِيرَةَ دِيـ… ـنارٌ جَلَتْهُ حَدَائِدُ الضَّرَّابِ
(5) الجَوَادُ في السرعة بَرْقٌ خاطِفٌ.
(6) أَنْتَ نجْمٌ في رِفْعةٍ وضِياء تجْتَليكَ الْعُيُونُ شَرْقاً وغَرْبا
(7) وقال المتنبي وقدِ اعْتَزَمَ سيفُ الدولةِ سَفَرًا :
أيْنَ أزْمَعْتَ أيُّهذا الهُمامُ؟ نَحْنُ نَبْتُ الرُّبَى وأنتَ الغَمامُ
(8) وقال الْمُرَقَّش :
النَّشْرُ مسكٌ والوُجُوهُ دَنا ... نيرُ وأطرافُ الأكفِّ عنمْ
البحثُ:
يُشبه الشاعر نفسه في البيت الأَول في حال رضاه بالماء الصافي الهادئ، وفي حال غضبه بالنار الملتهبة، فهو محبوبٌ مخوف وفي المثال الثاني شُبِّه الليلُ في الظلمة والإِرهاب بالبحر. وإِذا تأَمَّلتَ التشبيهين في الشطر الأَول والمثال الثاني رأَيت أَداة التشبيه مذكورة بكل منهما، وكلُّ تشبيه تذكر فيه الأَداةُ يسمَّى مرسلاً. وإِذا نظرتَ إلى التشبيهين مرةً أخرى رأيت أَنَّ وجه الشبه بُيِّنَ وفُصِّلَ فيهما، وكلُّ تشبيهٍ يُذكر فيه وجهُ الشبه يسمَّى مفصَّلاً.
ويصف ابنُ الرومي في المثال الثالث حُسن صوت مُغنٍّ وجميلَ إيقاعه، حتى كأَنَّ لذة صوته تسري في الجسمٍ كما تسري أوائل النوم الخفيف فيه، ولكنه لم يذكر وجهَ الشبه معتمدًا على أنك تستطيع إدراكه بنفسك الارتياح والتلذذ في الحالين. ويشبِّه ابنُ المعتز الشمس عند الشروق بدينار مجلوّ قريب عهده بدار الضرب، ولم يذكر وجه الشبه أيضاً وهو الاصفرارُ والبريق، ويسمَّى هذا النوع من التشبيه، وهو الذي لم يذكرْ فيه وجهُ الشبه، تشبيهاً مجملاً.
وفي المثالين الخامس والسادس شُبِّه الجوادُ بالبرق في السرعة، والممدوحُ بالنجم في الرفعة والضياء من غير أَن تذكر أداةُ التشبيه في كلا التشبيهين، وذلك لتأكيدِ الادعاء بأَنَّ المشبَّه عينُ المشبَّه به، وهذا النوعُ يسمَّى تشبيهاً مؤكدًا.
وفي المثال السابع يسأَلُ المتنبي ممدوحه في تظاهر بالذعر والهلَع قائلا: أين تقصد؟ وكيف ترحل عنا؟ ونحن لا نعيشُ إلا بك، لأَنك كالغمام الذي يحيي الأَرض بعد موتها، ونحن كالنَّبتِ الذي لا حياة له بغير الغمامِ. وفي البيت الأخير يشبِّه المرقش النشر، وَهو طِيبُ رائحةِ منْ يصف، بالمسك، والوجوه بالدنانير، والأنامل المخضوبة بالعنم، وإذا تأَملت هذه التشبيهاتِ رأيت أنها من نوع التشبيه المؤكَّد، ولكنها جمعت إلى حذف الأداة حذفَ وجه الشَّبه. وذلك لأَنَّ المتكلم عمد إِلى المبالغة والإِغراق في ادِّعاء أنَّ المشبَّه هو المشبَّه به نفْسُه. لذلك أَهملَ الأَداة التي تدلُّ على أَنَّ المشبَّه أَضعفُ في وجه الشبه من المشبَّه به، وأَهملَ ذكرَ وجه الشبه الذي ينمُ عن اشتراك الطرفين في صفة أو صفاتٍ دون غيرها. ويسمَّى هذا النوع بالتشبيه البليغِ، وهو مظهرٌ من مظاهر البلاغة وميدان فسيحٌ لتسابق المجيدين من الشعراء والكتاب.
القواعدُ
(3) التشبيهُ الْمُرْسَلُ ما ذُكِرَتْ فِيه الأداةُ.
(4) التشبيهُ الْمُؤَكَّد ما حُذِفتْ منهُ الأَداة.
(5) التشبيهُ الْمُجْمل ما حُذِف منه وجهُ الشبهِ.
(6) التشبيهُ الْمُفَصَّلُ ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبهِ.
(7) التشبيه البليغُ ما حُذِفت منهُ الأَداةُ ووَجهُ الشبه

نموذجٌ
(1) قال المتنبي في مدح كافور :
إذا نِلْتُ مِنكَ الوُدّ فالمَالُ هَيّنٌ وَكُلُّ الذي فَوْقَ التّرَابِ تُرَابُ
(2) وصفَ أعرابيٌّ رجلاً فقال:كأنَّه النهار الزاهر والقمرُ الباهر الذي لا يخفى على كل ناظر.
(3) زرنا حديقةً كأنها الفِرْدوْسُ في الجمال والبهاء.
(4) العالِمُ سِراجُ أُمَّته في الهِداية وَتبديدِ الظلاَم.
الإجابةُ
المشبَّه المشبَّه به نوع التشبيه السبب
كل الذي فوق التراب تراب بليغ حذفت الأداة ووجه الشبه
مدلول الضمير في كأنه النهار الزاهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
مدلول الضمير في كأنه القمر الباهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
الضمير في كأنه العائد على الحديقة الفردوس مرسل مفصل ذكرت الأداة ووجه الشبه
العالم سراج مؤكد مفصل حذفت الأداة وذكر وجه الشبه
تمريناتٌ
(1) بيِّن كلَّ نوع من أَنواع التشبيه فيما يأْتي:

قال المتنبي :
إنّ السّيُوفَ معَ الذينَ قُلُوبُهُمْ = كقُلُوبهنّ إذا التَقَى الجَمعانِ
تَلْقَى الحُسامَ على جَرَاءَةِ حدّهِ = مثلَ الجَبانِ بكَفّ كلّ جَبَانِ
(2) وقال في المديح :
فَعَلَتْ بنَا فِعْلَ السّماءِ بأرْضِهِ = خِلَعُ الأميرِ وَحَقّهُ لم نَقْضِهِ
(3) وقال أيضاً :
وَلا كُتْبَ إلاّ المَشرَفيّةُ عِنْدَهُ = وَلا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ
(4) وقال أيضاً :
إذا الدّوْلَةُ استكفَتْ بهِ في مُلِمّةٍ = كفاها فكانَ السّيفَ والكَفّ والقَلْبَا
(5)و قال صاحبُ كليلةٍ ودمنةٍ :
الرجُل ذو المروءَة يُكْرمُ على غير مال كالأسد يُهابُ وإِن كان رابضاً .
(6) لكَ سِيرةٌ كَصحِيفَة الْـ …ـأَبْرار طاهِرةٌ نَقِيَّهْ
(7) المالُ سَيْفٌ نَفْعاً وضَرًّا.
(8) قال تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِالْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ } (24) سورة الرحمن .
(9) قال تعالى: {. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} (7) سورة الحاقة .
(10) قال البُحْتُرِيُّ في المديح :
ذَهَبَتْ جِدّةُ الشّتَاءِ وَوَافا = نا شَبيهاً بكَ الرّبيعُ الجَديدُ

وَدَنَا العِيدُ، وَهوَ للنّاسِ، حَتّى يَتَقَضّى، وأنتَ للعيدِ عِيدُ
(11) قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) } سورة إبراهيم .
(12) وقال تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (35) سورة النــور.
(13) القلوبُ كالطير في الأُلفَةِ إِذَا أنِستْ.
(14) مدحَ أعْرابيٌّ رجلاً فقال :
له هِزَّة كهزَّة السيف إذا طَرِب، وجُرْأة كجرأة الليثِ إذا غضِب .
(15) ووصفَ أعرابيٌّ أخاً له فقال:كان أخي شَجراً لا يخلَفُ ثَمرُه، وبحْرًا لا يُخَافُ كَدرُه .
(16) وقال البحْتُريُّ :
قُصُورٌ كالكَوَاكِبِ، لاَمِعَاتٌ، يَكَدْنَ يُضِئنَ للسّارِي الظّلامَا
(17) رأيُ الحازم ميزانٌ في الدّقَّة.
(18) وقال ابن التعاوِيذي :
إِذا ما الرَّعد زَمْجَر خِلْتَ أُسْدًا غِضاباً في السحاب لها زَئيرُ
(19) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء يصفُ شمعةً :
مَفْتُولَةٌ مجدُولةٌ … …تَحْكى لنا قَدَّ الأَسَلْ
كأَنَّها عُمْرُ الْفتى … …والنارُ فِيها كالأَجْلْ
(20) وقال أَعرابيٌّ في الذمِّ :
لقد صغَّر فلاناً في عيني عِظمُ الدنيا في عينه، وكأنما يَرى السائلَ إذا أتاهُ مَلَكَ الموتِ إذا رآهُ.
(21) وقال أَعرابيٌّ لأمير : اجْعلْني زِماماً من أَزِمَّتِكَ التي تَجُرُّ بها الأَعداءَ
(22) وقال الشاعر :
كَمْ وُجُوهٍ مِثْلِ النَّهارِ ضِياءً … …لِنُفُوسٍ كالليْلِ في الإِظلامِ
(23) وقال آخر :
أَشْبَهْتِ أَعْدائِي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ ... إذْ كانَ حَظِّي منكِ حَظِّيَ مِنْهُمُ
(24) وقال البحتري في المديح :
كالسّيْفِ في إخْذامِهِ، وَالغَيْثِ في إرْهَامِهِ، وَاللّيْثِ في إقْدامِهِ
(25) وقال المتنبي في وصف شعره :
إنّ هَذا الشّعرَ في الشّعْرِ مَلَكْ = سارَ فَهوَ الشّمْسُ وَالدّنيا فَلَكْ
(26) وقال في المديح :
فَلَوْ خُلِقَ النّاسُ منْ دَهرِهِمْ = لَكانُوا الظّلامَ وَكنتَ النّهارَا
(27) وقال في مدح كافور :
وَأمْضَى سِلاحٍ قَلّدَ المَرْءُ نَفْسَهُ رَجَاءُ أبي المِسْكِ الكَريمِ وَقصْدُهُ
(28) فلانٌ كالمئْذنَة في استقامة الظاهر واعْوجاج الباطن.
(29) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء :
بِرَكٌ تحلَّتْ بالكواكبِ أرضُها = فارتْدَّ وجهُ الأرضِ وهوسماءُ
(30) وقال البُحْتُرِيُّ :
بِنْتَ بِالفَضْلِ والعُلُوّ فأصْبَحْـ = ـتَ سَمَاءً، وأصْبَحَ النّاسُ أرْضَا
(31) وقال في روضة :
وَلَوْ لَمْ يسْتَهِلَّ لَها غَمامٌ … …بِريِّقِهِ لكنْتَ لَها غَمامَا
(32) الدنيا كالمِنْجَلِ استواؤها في اعوجاجها
(33) الحِمْيةُ من الأَنامِ، كالحِمْيةِ من ا لطعام .
(34) وقال المعري :
فَكأَنِّي ما قُلْتُ واللَّيْلُ طِفْلٌ … …وشَبابُ الظَّلْماءِ في عُنْفُوانِ
لَيْلتِي هذِهِ عَرُوسٌ مِن الزَّنْـ … …ـج عليْها قلاَئدٌ مِنْ جُمَان
هرب النَّوْمُ عنْ جُفُونِي فيهَا … …هرب الأَمْن عَنْ فؤادِ الجبانِ
(35) وقال ابن التعاويذي :
رَكِبُوا الدَّيَاجِيَ وَالسُّرُوجُ أَهِلَّة ٌ وَهُمُ بُدُورٌ وَالأَسِنَّة ُ أَنْجُمُ
(36) وقال ابن وكِيع :
سُلَّ سيْفُ الْفجْر مِن غمْدِ الدُّجى…وتعرَّى اللَّيْلُ مِنْ ثَوْب الغلَسْ
(2) اجعلْ كلَّ تشبيهٍ منَ التشبيهين الآتيين مفصَّلاً مؤكَّدًا ثم بليغاً(قال الشاعر ) :
فكأنَّ إيماضَ السيوفِ بَوارِقٌ وعَجاجَ خَيلِهمُ سَحابٌ مُظلِمُ
(3) اِجعلْ كلَّ تشبيهٍ منَ التشبيهين الآتيين مرسلاً مفصلاً ثم مرسلاً مجملاً :
أنَا نَارٌ فِي مُرْتقَى نفسِ الحا… …سِدِ مَاءٌ جارٍ مَع الإخْوَان
(4) اِجعلِ التشبيهَ الآتي مؤكدًا مفصَّلاً ثم بليغاً، وهو في وصف رجلين اتفقا على الوشاية بين الناس :
كَشِقَّيْ مقصٍّ تجمَّعْتما … …على غَيْرِ شَيْءِ سِوى التَّفْرقةْ
(5)كوِّنْ تشبيهاتٍ مرسلةً بحيثُ يكون كلٌّ مما يأْتي مشبَّهاً.
الماءُ – القلاعُ – الأزهارُ – الهلالُ – السيارةُ – الكريمُ – الرعدُ - المطرُ
(6) كَوِّنْ تشبيهاتٍ مؤكدةً بحيثُ يكونُ فيها كلٌّ مما يأْتي مشبَّهاً به:
نسيمٌ ، ماءٌ زُلال ، جنَّةُ الخُلْدِ ، بُرْجُ بَابلٍ ، دُرٌّ ،زهرةٌ ناضرةٌ ، نارٌ مُوقَدةٌ ، البدرُ المتألِّقُ
(7)كوِّنْ تشبيهاتٍ بليغةً يكونُ فيها كلٌّ مما يأْتي مشبَّهاً:
اللسانُ – المالُ – الشرفُ – الأبناءُ – الملاهي – الذليلُ - ا لحسدُ - التعليمُ
(8)اشرحْ قول ابن التعاويذي بإيجاز في وصف بِطِّيخَةٍ وبيِّنْ أنواعَ التشبيه فيه :
حُلْوةُ الريق حلاَلٌ … …دمُها فِي كلِّ مِلَّةْ
نِصفُها بدْرٌ وإِنْ قسَّم… …ـمْتها صَارتْ أهِلَّةْ
(9)وازنْ بين قوليْ أَبي الفتح كُشاجم في وصف روضتين ثم بيِّن نوع كلِّ تشبيهٍ بهما :
ورَوْضٌ عنْ صنِيعِ الغيثِ رَاضٍ …كما رَضيَ الصَّدِيقُ عَنِ الصَّدِيقِ
يُعِيرُ الرِّيح بالنَّفَحات رِيحاً ….. …كأَنَّ ثَراهُ مِنْ مِسْك فَتِيق
كأَنَّ الطَّلَّ مُنْتشِراً علَيْهِ ….... …بقايا الدَّمْعِ في الْخَدِّ الْمشُوق


وقال أيضاً :
غَيثٌ أَتانا مُؤْذِناً بالخَفْضِ … …مَتَّصِل الْوَبْل سريعُ الرَّكض
فالأَرْضُ تُجْلى بالنَّباتِ الغَضِّ … في حليها المُحْمرِّ والمُبْيَضِّ
وأَقْحوان كاللجيْن المحْضِ … …ونرْجس زَاكِي النَّسِيمِ بضِّ
مِثْلِ العُيُون رُنِّقَت لِلْغمْضِ … …تَرْنو فيغشاهَا الْكرى فتُغضي
(10) صِفْ بإيجازٍ ليلةً مُمْطِرَةً، وهاتِ في غضونِ وصفكَ تشبيهين مرسلين مجملين، وآخرين بليغين..



(3) تَشْبيهُ التّمثيلِ
الأَمثلةُ
(1)

قال البُحْتُريُّ :
هُوَ بَحْرُ السّماحِ، والجُودِ، فازْدَدْ = مِنْهُ قُرْباً، تَزْدَدْ من الفَقْرِ بُعْدا
(2) وقال امْرُؤُ الْقَيْس :
وَلَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ ... عليَّ بأنواع الهُمومِ ليبتَلي
(3) وقال أبو فراس الحمداني :

والماءُ يفصلُ بينَ زهـ = رِ الروضِ ، في الشَّطَّينِ، فَصْلا
كَبِسَاطِ وَشْيٍ، جَرّدَتْ = أيْدِي القُيُونِ عَلَيْهِ نَصْلاَ
(4) وقال المتنبي في سَيْفِ الدولة :
يَهُزُّ الجَيشُ حَوْلَكَ جانِبَيْهِ كمَا نَفَضَتْ جَناحَيْها العُقابُ
(5) وقال السَّريُّ الرَّفَّاءُ :
وكأنَّ الهِلالَ نونُ لُجَينٍ = عرِقَتْ في صحيفة ٍ زَرقاءِ


البحثُ:
يُشَبّهُ البحتري ممدوحَه بالبحر في الجود والسماح، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر، ويشبه امرؤ القيس الليل في ظلامه وهوْله بموج البحر، وأنَّ هذا الليل أرخَى حُجُبَهُ عليه مصحوبةً بالهموم والأحزان ليختبر صبْرَهُ وقوة احتماله. وإِذا تأملت وجْه الشبه في كل واحد من هذين التشبيهين رأيتَ أنه صفةٌ أو صفاتٌ اشتركتْ بين شيئين ليس غيرُ، هي هنا اشتراك الممدوح والبحر في صفة الجودِ، واشتراكُ الليل وموجِ البحرِ في صفتين هما الظلمةُ والروعةُ. ويسمَّى وجه الشبه إذا كان كذلك مفردًا، وكونه مفردًا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة، ويسمَّى التشبيهُ الذي يكون وجه الشَّبه فيه كذلك تشبيهاً غير تمثيل.
اُنظر بعد ذلك إلى التشبيهاتِ التالية:
يشبِّهُ أَبو فِراس حال ماء الجدول، وهو يجري بين روضتين على شاطئيه حلَّاهما الزَّهْر ببدائع ألوانه مُنْبثًّا بين الخُضرة الناضرة، بحال سيفٍ لماعٍ لا يزال في بريقِ جدَّته، وقد جرّدَه القُيُونُ على بساطٍ من حريرٍ مُطَرَّزٍ. فأَينَ وجهُ الشبهِ؟ أتظنُّ أَنَّ الشاعر يريد أنْ يَعْقِدَ تشبيهين: الأَولُ تشبيهُ الجدول بالسيفِ، والثاني تشبيهُ الروضة بالبِساط الْمُوَشّى؟ لا، إِنّه لم يرد ذلك، إِنما يريد أَنْ يشبّه صورةً رآها بصورة تخيلها، يريدُ أنْ يشبِّه حال الجدول وهو بين الرياض بحالِ السيف فوق البساط الموشَّى، فوجهُ الشبه هنا صورةٌ لا مفردٌ، وهذه الصورةُ مأخوذةٌ أَو مُنْتَزَعَةٌ من أَشياء عدَّة، والصورة المشتركةُ بين الطرفين هي وجود بياضٍ مستطيلٍ حوله اخضرار فيه أَلوان مختلفةٌ.
ويشبِّه المتنبي صورةَ جانبي الجيش: مَيْمَنَتِه ومَيْسَرَتِه، سيفُ الدولة بينهما، وما فيهِما من حركة واضطرابٍ.. بصورةِ عُقَابٍ تَنفُض جَناحَيْها وتحرِّكُهما، ووجهُ الشَّبه هنا ليس مفردًا ولكنه مُنْتَزَعٌ من متعددٍ وهو وجودُ جانيين لشيءٍ في حال حركةٍ وتمَوُّجٍ.
وفي البيت الأَخير يشبِّهُ السَّريُّ حال الهلال أَبيضَ لمَّاعاً مقوّساً وهو في السماءِ الزرقاءَ، بحال نونٍ من فضةٍ غارقةٍ في صحيفةٍ زرقاءَ، فوجهُ الشبه هنا صورةٌ منتزعةٌ منْ متعددٍ، وهو وجود شيءٍ أبيضَ مقوَّسٍ في شيءٍ أَزرقَ. فهذه التشبيهاتُ الثلاثةُ التي مرت بك والتي رأيتَ أنَّ وجهَ الشَّبهِ فيها صورةٌ مكوَّنةٌ من أشياءَ عِدَّةٍ يسمَّى كلُّ تشبيهٍ فيها تمثيلاً.
القاعدةُ(8)
يُسمَّى التشبيهُ تمثيلاً إِذا كان وجهُ الشَّبه فيهِ صورةً مُنْتَزَعَةً منْ متعددٍ، وغيْرَ تَمْثِيل إِذَا لم يَكُنْ وجْهُ الشَّبَهِ كذلك.
نَمُوذَجٌ
(1) قال ابن المعتز :
قَدِ انقَضَتْ دولةُ الصيام وقَدْ ... بَشَّرَ سُقْمُ الهلالِ بالعيدِ

يَتلوُ الثريا كفَاغِرٍ شَرِهٍ ....... يفتحُ فاهُ لأكلِ عُنْقُودِ
(2) وقال المتنبي في الرثاء :
وما الموْتُ إلاّ سارِقٌ دَقّ شَخْصُهُ يَصولُ بلا كَفٍّ ويَسعَى بلا رِجْلِ
(3) وقال الشاعر :
وَتَرَاهُ في ظُلَمِ الوَغَى، فتَخالُهُ قَمَرً يَكر عَلى الرّجالِ بكَوْكَبِ
الإجابةُ
الرقم المشبه المشبه به الوجه نوع التشبيه
1صورة الهلال والثريا أمامه صورة شره فاتح فاه لأكل عنقود من العنب صورة شيء مقوس يتبع شيئاً آخر مكوناً من أجزاء صغيرة بيضاء تمثيل
2الموت اللص الخفي الأعضاء الخفاء وعدم الظهور غير تمثيل
3صورةُ الممدوح وبيده سيفٌ لامع يشق به ظلامَ الغبار صورة قمر يشقُّ ظلمةَ الفضاء ويتصلُ به كوكب مضيءٌظهور شيء مضيء يلوح بشيء متلألئ في وسط الظلام تمثيل
ب- تمريناتٌ

(1)بيِّنِ المشبَّهَ والمشبَّهَ به فيما يأتي:
(1) قال ابن المعتز يصف السماءَ بعد تقشُّع سحابة :
كأَن سماءَها لما تجلَتْ ... خِلاَل نجومها عند الصباحِ
رياضُ بَنَفْسَج خَضِل ثراهُ ... تفَتح بينه نَوْرُ الأقاحِ

(2) وقال ابن الرومي :
ما أنْس لا أنس خَبَّازًا مَرَرْتُ به… يدْحُو الرُّقاقَة وشْكَ اللمْح بالبصر
ما ببْنَ رُؤيتهَا في كَفِّهِ كُرَةً …... …وبَيْنَ رُؤيتِهَا قَوْراءَ كالقَمِر
إِلا بمقدَار ما تَنْدَاحُ دائِرةٌ…. … في صفْحَةِ الماءِ تَرْمى فِيهِ بالحجر
(3) وقال في المشيب:
أوَّلُ بدْءِ المشيبِ وَاحِدةٌ… … تُشعِلُ ما جاوَرَتْ منَ الشعَر
مِثلُ الحريق العَظِيم تَبْدؤه… … أولُ صوْلٍ صغيرَةُ الشَّرَر
(4) وقال آخر:
تقَلَّدتْني الليالي وهْي مُدْبِرةٌ… … كأَنَّني صَارِمٌ في كَفِّ مُنْهَزِم
(5) قال تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} . (24) سورة يونس
(6) وقال صاحب كليلة ودمنة:
يبْقَى الصَّالحُ من الرجال صالحاً حتى يُصاحِبَ فاسِدًا فإذا صاحبه فسدَ، مثلُ مياه الأَنهار تكون عذْبةً حتى تُخَالِط ماءَ البحر فإذا خالطته مَلحتْ.
وقال: منْ صَنَعَ معروفاً لِعاجِل الجزاءِ فهو كَمُلْقِي الحبَّ للطير لا لِيَنْفَعها بل لِيصِيدَها به.
(7) وقال البحتري :
وَجَدْتَ نَفسَكَ مِنْ نَفسي بمَنزِلَةٍ، هي المُصَافَاةُ، بَينَ المَاءِ والرّاحِ
(8) وقال أبو تمَّام في مُغَنِّيَةٍ تُغني بالفارسية :
ومُسْمِعَةٍ تروقُ السمعَ حسناً ... ولم تصممهُ، لا يصممْ صداها!
لوتْ أوتارَها فشجتْ وشاقتْ ... فلوْ يسطيعُ حاسدُها فَدَاها
وَلَمْ أفْهَم مَعانِيهَا ولكن … ...…ورتْ كَبدِى فَلَمْ أَجْهل شجاها
فبتُّ كأنَّني أعْمَى مُعنًّى ….... …يحبُّ الغانِياتِ ولا يراها
9) وقال في صديق عاقّ :
إنّي وَإِيَّاكَ كالصادى رَأى نَهَلاً… … ودُونَهُ هُوَّةٌ يخشَى بها التَّلَفَا
رأى بعَيْنَيهِ ماءً عَزَّ مَورِدهُ… … ولَيْسَ يمْلِكُ دون الماءِ مُنْصرفَا
(10) وقال الله تَعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (261) سورة البقرة.
(11) وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (20) سورة الحديد.
(12) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} . (39) سورة النــور
(2)ميِّزْ تشبيهَ التمثيل من غيره فيما يأتي:
(1) قال البوصيريُّ في البردة :
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
(2) وقال في وصف الصحابة :
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباً مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم
(3) وقال المتنبي في وصف الأَسد :
يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا
(4) وقال في وصف بحيرة في وسط رياضٍ :
كأنها في نهَارِها قَمَرُ ... حَفَّ بِهِ مِنْ جِنانِهَا ظُلَمُ
(5) وقال الشاعر :
رُبَّ ليلٍ قطعْتُهُ بِصدُودٍ ... أو فراقٍ ما كانَ فيه وَدَاعُ
موحشٍ كالثقيلِ تقذَى به العَينُ ... وتأبى حديثهُ الأسماعُ
(6) وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (41) سورة العنكبوت.
(7) وقال ابن خَفاجة الأندلسيّ :
للهِ نَهْرٌ سال في بَطْحاءِ… … أَحْلَى وُرُودًا مِن لَمَى الحَسْناءِ
مُتعطِّفٌ مِثلُ السِّوَار كأَنَّهُ … …والزهْرُ يكنُفُه مجرُّ سماءِ
(8) وقال أعرابي في صف امرأَة:تَلكَ شمسٌ باهتْ بها الأَرضُ شمسَ السماءِ
(9) وقال تعالى: { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) } [المدثر/49-52]
(10) وقال الشاعر :
في شجَر السرْو مِنْهُم مَثلٌ … …له رُواءٌ وما له ثَمر
(11) وقال التهامي :
فالعيْش نوْمٌ والمنِيَّة يقظَةٌ … …والمرْءُ بينهما خيالٌ سارِ
(12) وقال آخر في وصف امرأَة تبْكي :
كأَنَّ الدُّموعَ على خدِّها… … بقِيَّةُ طَلٍّ على جُلَّنَارْ
(13) وقال تعالى: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) } [الأعراف/175-178] .
(14) وقال تعالى: { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) } [البقرة/17-21] .
(15) وقال أبو الطَّيب :
أَغارُ مِنَ الزُّجاجةِ وهْي تجْرِي… … على شفةِ الأَمِير أِبي الحُسَيْنِ
كأنّ بَياضَها والرّاحُ فيها بَياضٌ مُحْدِقٌ بسَوادِ عَيْنِ
(16) وقال السريُّ الرَّفَّاء :
والتَهَبَتْ نارُنا فمنظَرُها ... يُغنيكَ عن كُلِّ منظَر عجبِ
إذا رَمَت بالشَّرارِ واضطرَمتْ ... على ذرَاها مطارفُ اللَّهَبِ
رأيتَ ياقوتَةً مُشبكَةً ... تَطيرُ منْها قُراضةُ الذَّهبِ
(17) وقال السريُّ الرَّفَّاء أيضاً في وصف دولابٍ :
فانظُرْ إليه كأنه و كأنما كِيزانُهُ والماءُ منها ساكبُ
فَلَكٌ يدورُ بأنجمٍ جُعِلَت له كالعِقدِ فهي شَوارِقٌ وغَواربُ
(3) اجعل كلاًّ مما يأْتي مشبَّهاً في تشبيهِ تمثيلٍ:
(1) جيشٌ منهزمٌ يتْبَعهُ جيشٌ ظافرٌ.
(2) الرجلُ العالم ُبينَ منْ لا يعرفونَ منزلتهُ.
(3) الحازمُ يعملُ في شبابه لِكبرهِ.
(4) السفينةُ تجْري وقد تَرَكَتْ وراءَها أَثرًا مستطيلاً.
(5) المذنِبُ لا يزيدُه النُّصحُ إِلا تمادياً.
(6) الشَّمسُ وقد غَطَّاها السَّحابُ إِلا قليلاً.
(7) الماءُ وقد سطعتْ فوقه أَشعةُ الشمسِ وقتَ الأصِيلِ .
(8) المترددُ في الأُمورِ يَجْذِبُه رَأيٌ هنا ورأْيٌ هناكَ.
(9) الكلِمةُ الطيبةُ لا تُثْمرُ في النفوسِ الخبيثةِ.
(10) المريضُ وقدْ أحسَّ دبيبَ العافيةِ بعد اليأْسِ.
(4)اجعل كلاًّ مما يأْتي مشبَّهاً به في تشبيهِ تمثيلٍ:
(1) الشعلةُ إِذا نُكِسَتْ زادتِ اشتعالاً.
(2) الشمسُ تحْتجِبُ بالغمامِ ثم تظهرُ.
(3) الماءُ يُسرعُ إلى الأَماكن المنخفضةِ ولا يصلَ إلى المرتفعةِ.
(4) الجزارُ يطعِمُ الغنمَ ليذبحَها.
(5) الأَزهارُ البيضاءُ في مروجٍ خضراءَ .
(6) الجدْوَلُ لا تسمعُ له خريرًا وآثارُه ظاهرةٌ في الرياضِ.
(7) الماءُ الزلالُ في فمِ المريضِ.
(8) القمرُ يبدو صغيراً ثم يصير بدراً.
(9) الريحُ تُميلُ الشجيراتِ اللدْنَة وتقْصِفُ الأَشجارَ العاليةَ .
(10) الحَمَلُ بينَ الذئابِ .
(5) اجعل كلَّ تشبيهين مما يأْتي تشبيهَ تمثيلٍ:
1- الحوادثُ كبحرٍ مضطربٍ.…1- الناسُ كركابِ السفينةِ.
2- القتَامُ كالليل. …2- الأَسنَّةُ كالنجومِ.……
3- القمرُ كوجهِ الحسناءَ. …3- الشعر الفاحم كالليل .
4- الشَّيبُ كالصبحِ.4- البحيرةُ كالمرآة. …
(6)اشرح قول مسلم بن الوليد وبين ما فيه من حُسْن وروعة :
وإِنِّي وإِسْمَاعيل يَوْم وفاتِه … …لكالغمْد يوْمَ الرَّوْعِ فارَقهُ النّصْلَ
فإِنْ أَغْشَ قوْماً بعْدَه أَو أَزُرْهمُ … …فكالْوحْش يُدْنيها منَ الأَنَسِ المَحْلُ
(7) صف بإِيجاز حال قومٍ اجتَرفُ سيلٌ قريتَهم واعْملْ على أَن تأْتي بتشبيهيْ تمثيلٍ في وصفك.


(4) التَّشْبيهُ الضمنيُّ
الأَمثلةُ:

(1) قال أَبو تمّام :
لاَ تُنْكِرِي عَطَلَ الْكَريم مِنَ الْغِنَى فالسَّيْلُ حرْبٌ لِلْمكانِ الْعالِي
(2) وقال ابن الرومي :
قَدْ يَشِيبُ الْفَتَى وَلَيْسَ عجيباً … أَنْ يُرَى النَّورُ في الْقَضِيبِ الرَّطيبِ
(3) وقال أَبو الطيبِ :
مَنْ يَهُنْ يَسهُلِ الهَوانُ عليهِ ... ما لجرْحٍ بميتٍ إيلامُ
البحثُ:
قد يَنْحو الكاتبُ أو الشاعر منْحًى منَ البلاغة يوحي فيه بالتشبيه منْ غير أنْ يُصرِّحَ به في صورةٍ من صورهِ المعروفة ، يفعلُ ذلك نُزوعاً إلى الابتكار، وإِقامةِ للدليل على الحكم الذي أَسندهُ إلى المشبَّه، ورغبةً في إخفاءِ التشبيه، لأَنَّ التشبيه كلما دقَّ وخَفيَ كان أبلغَ وأفعل في النفس.
اُنظر بيت أبي تمام فإنه يقول لمنْ يخاطبها: لا تستنكري خلوَّ الرجل الكريم منَ الغنى فإنَّ ذلك ليس عجيباً، لأَن قِمَمَ الجبال وهي أشرفُ الأَماكن وأعلاها لا يستقرُّ فيها ماءُ السيلِ. ألم تلمح هنا تشبيهاً؟ ألم تر أنه يشبِّهُ ضِمْناً الرجلَ الكريمَ المحرومَ الغِنى بِقمّة الجبل وقد خلت منْ ماء السيل؟ ولكنه لم يضَعْ ذلك صريحاً بل أتى بجملة مستقلةٍ وضمَّنها هذا المعنى في صورة برهانٍ.
ويقول ابن الروميِّ: إنَّ الشابَّ قد يشيبُ ولم تتقدمْ به السنُّ، وإنَّ ذلك ليس بعجيبٍ، فإنَّ الغصنَ الغضَّ الرطب قد يظهرُ فيه الزهر الأَبيضُ. فابنُ الرومي هنا لم يأْت بتشبيهٍ صريح فإنه لم يقل: إِنَّ الفتى وقد وَخَطَهُ الشيبُ كالغصنِ الرطيب حين إزهاره، ولكنه أتى بذلك ضمنًا.
ويقول أبو الطيب: إنَّ الذي اعتادَ الهوانَ يسهلُ عليه تحمُّلهُ ولا يتأَلم له، وليس هذا الادعاءُ باطلاً؛ لأَنَّ الميتَ إذا جُرحَ لا يتأَلمُ، وفي ذلك تلميحٌ بالتشبيه في غير صراحةٍ.
ففي الأبياتِ الثلاثة تجِدُ أركانَ التشبيهِ وتَلْمحُهُ ،ولكنك لا تجدُه في صورةٍ من صوره التي عرفتها، وهذا يسمَّى بالتشبيهِ الضمنيِّ.
القاعدةُ
(9) التشبيهُ الضِّمنيُّ: تشبيهٌ لا يُوضعُ فيه الْمُشَبَّهُ والمشبَّهُ بهِ في صورةٍ من صُورِ التشبيهِ المعروفةِ ،بَلْ يُلْمَحان فِي الترْكِيبِ. وهذا النوع يُؤْتَى به لِيُفيدَ أن َّالحُكم الذي أُسْنِدَ إلَى المشَبَّهِ مُمكنٌ.
نَمُوذَجٌ
(1) قال المتنبِّي :
وأصْبَحَ شِعري منهُما في مكانِهِ وفي عُنُقِ الحَسْناءِ يُستَحسنُ العِقدُ
(2) وقال أيضاً :
كَرَمٌ تَبَيّنَ في كَلامِكَ مَاثِلاً ويَبِينُ عِتْقُ الخَيلِ في أصواتِهَا
الإجابةُ :
المشبَّهُ المشبَّهُ به وجهُ الشبهِ نوعُ التشبيهِ
1 حالُ الشِّعر يثني به على الكريم فيزداد الشِّعرٌ جمالاً لحسنِ موضعه حالُ العِقد الثمين يزدادُ بهاءً في عنق الحسناءَ زيادةُ جمالِ الشيء لجمال موضعه ضمنيٌّ
2 حالُ الكلام وأنه ينمُّ عنْ كرم أصل قائله
حالُ الصهيل الذي يدلُّ على كرم الفرس دلالةُ شيءٍ على شيء ضمنيٌّ
تمرينات
(1)بيِّنِ المشبَّهَ والمشبَّهَ به ونوعَ التشبيه فيما يأْتي مع ذكر السببِ:
(1) قال البحتريُّ :
ضَحوكٌ إلى الأبطالِ، وَهوَ يَرُوعُهم، وَللسّيفِ حَدٌّ حينَ يَسطو، وَرَوْنَقُ
(2) وقال المتنبي :
ومِنَ الخَيرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عني أسرَعُ السُّحْبِ في المَسيرِ الجَهامُ
(3) وقال أيضاً :
لا يُعْجِبَنَّ مَضيماً حُسْنُ بِزّتِهِ وهَلْ تَرُوقُ دَفيناً جُودَةُ الكفَنِ
(4) وقال أيضاً :
وما أنا مِنْهُمُ بالعَيشِ فيهم ولكنْ مَعدِنُ الذّهَبِ الرَّغامُ
(5) وقال أَبو فراس :
سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ، " وفي الليلة ِ الظلماءِ ، يُفتقدُ البدرُ "
(2)بينِ التشبيهَ الصَّريحَ ونوعَه والتشبيهَ الضمنيَّ فيما يأْتي:
(1) قال أبو العتاهية :
تَرْجو النَّجاةَ ولَمْ تَسلكْ مسالِكَها … …إِنَّ السَّفينَةَ لا تجْري على اليَبَس
(2) فال ابن الروميِّ في وصف المِدَاد :
حِبْرُ أبي حفصٍ لعابُ الليلِ كأنهُ ألوانُ دُهْمِ الخيلِ
يجري إلى الإخوانِ جَريَ السَّيلِ بغيرِ وزنٍ وبغير ِكيلِ
(3) وقال ابن الرومي أيضاً :
ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ وإن هِيَ أعْرضتْ وقْعُ السِّهام ونَزْعُهُنَّ أليم
(4) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ .. » أخرجه أبو داود .
(5) وقال البحتريُّ في وصف أَخلاق ممدوحه :
وَقَدْ زَادَهَا إفْرَاطَ حُسْنٍ جِوَارُهَا لأخَلاِقَ أصْفَارٍ مِنَ المَجْدِ، خُيَّبِ
وَحُسنُ دَرَارِيّ الكَوَاكِبِ أنْ تُرَى طَوَالِعَ في دَاجٍ مِنَ اللَّيلِ، غَيهَبِ
(3)حوّلِ التشبيهاتِ الضمنيةَ الآتيةَ إلى تشبيهاتٍ صريحة:
(1) قال ابن المعتزِّ :
اصْبرْ على مَضَضِ الحسُو… د فإِنَّ صبْركَ قاتِلُهْ
فالنّارُ تأكُلُ بَعضَها، إنْ لم تجدْ ما تأكلهْ
(2) وقال أبو تمام :
ليسَ الحِجابُ بِمُقْضٍ عنكَ لي أملاً إنَّ السماءَ تُرَجَّى حينَ تحتَجبُ
(3) وقال أبو الطيب :
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ
(4) وقال أيضاً :
أعْيَا زَوالُكَ عَن مَحَلٍّ نِلْتَهُ لا تَخْرُجُ الأقمارُ عن هالاتِهَا
(5) وقال أيضاً :
أعاذَكَ الله مِنْ سِهَامِهِمِ وَمُخْطِىءٌ مَنْ رَمِيُّهُ القَمَرُ
(6) وقال أيضاً :
لَيسَ بالمُنكَرِ إنْ بَرّزْتَ سَبقاً، غيرُ مدفوعٍ عنِ السّبقِ العِرابُ
(4)حوِّلِ التشبيهاتِ الصريحةَ الآتيةَ إلى تشبيهاتٍ ضمنيَّةٍ.
(1) قال مسلم بن الوليد في وصف الراح وهي تُصَبُّ من إِبريق :
كأَنَّها وَحبابُ الماءِ يقْرَعُها… … دُرٌّ تَحدَّر في سِلكٍ مِنَ الذَّهَب
(2) قال ابن النبيه من قصيدة يمدح بها الخليفة الناصر لدين الله :
واللَّيلُ تجري الدَّراري في مجرَّته ... كالرَّوضِ تطفو على نهرٍ أزاهرُهُ
(3) وقال بشار بنَ بَرْد في الفخر :
كأنّ مُثارَ النَّقعِ فوقَ رُؤُّوسنا ... وأسيافَنا ليلٌ تهاوَى كواكبُه
(5)كوِّنْ تشبيهاً ضمنيًّا منْ كلِّ طرفينِ مما يأْتي:
(1) ظهورُ الحقِّ بعد خفائهِ وبروزُ الشمسِ من وراءِ السحبِ.
(2) المصائبُ تُظهرُ فضلَ الكريمِ والنارُ تزيدُ الذهبَ نقاءً.
(3) وعدُ الكريمِ ثمَّ عطاؤُه والبرقُ يعْقُبهُ المطرُ.
(4) الكلمةُ لا يستطاعُ ردُّها ،والسهمُ يخرجُ من قوسهِ فيتعذرُ ردَّه.
(6)هاتِ تشبيهينِ ضمنيينِ، الأَولُ في وصفِ حديقةٍ، والثاني في وصفِ طيارةٍ.
(7)اشرحْ قولَ أَبي تمام في رثاءِ طفلين لعبد الله بن طاهر وبيِّنْ نوعَ التشبيه الذي به :
لهفي على تلك الشواهدِ فيهما لَوْ أُمْهِلَتْ حتَّى تكونَ شَمائِلا
إنَّ الهلالَ إذا رأيتَ نموِّهُ أيقنتَ أنْ سيكونُ بدراً كاملا
==================





(5) أغراضُ التشبيهِ
الأمثلةُ:

(1) قال البحتريُّ :
دانٍ على أيْدي العُفَاةِ، وَشَاسعٌ عَنْ كُلّ نِدٍّ في العلا، وَضَرِيبِ
كالبَدْرِ أفرَطَ في العُلُوّ، وَضَوْءُهُ للعُصْبَةِ السّارِينَ جِدُّ قَرِيبِ
(2) يقال النَّابغة الذُّبْيانيُّ يمدح النعمان بن المنذر :
فإِنَّكَ شَمْسٌ والمُلُوكُ كَواكِبٌ ... إِذا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهنَّ كَوْكَبُ
(3) قال المتنبي في وصف أسد :
ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا
(4) وقال تعالى {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} (14) سورة الرعد.
(5) وقال أَبو الحسن الأَنباريِّ في مصلوبٍ :
مَدَدْتَ يَدَيْكَ نَحْوَهُمُ احتِفاءً … …كَمَدّهِماَ إِلَيْهِمْ بالهباتِ
(6) وقال أَعرابي في ذم امرأَته:
وتَفْتَحُ – لا كانتْ – فَماً لَو رَأَيْتَهُ … …توَهَّمْتَهُ باباً مِنَ النَّار يُفْتَحُ
البحثُ:
وصف البحتريُّ ممدوحَه في البيت الأول بأَنه قريبٌ للمحتاجين، بعيدُ المنزلة، بينه وبين نُظَرَائهِ في الكرم بَوْنٌ شاسعٌ. ولكنَّ البحتري حينما أَحسَّ أَنه وصف ممدوحَه بوصفين متضادينِ، هما القُربُ والبُعدُ، أَرادَ أَنْ يبينَ لك أَنَّ ذلك ممكنٌ، وأنْ ليس في الأمر تناقضٌ؛ فشبَّه ممدوحَه بالبدرِ الذي هو بعيدٌ في السماء ولكنَّ ضوءَه قريبٌ جدًّا للسائرين بالليل، وهذا أَحدُ أَغراض التشبيه وهو بيان إِمكانِ المشبَّه.
والنَّابغة يُشبِّهُ ممدوحَه بالشمس ويشبِّه غيره من الملوك بالكواكبِ، لأَنَّ سطوةَ الممدوح تَغُضُّ من سطوةِ كل ملكٍ كما تخفِي الشمسُ الكواكبَ، فهو يريد أَنْ يبين حالَ المدوح وحالَ غيره من الملوك، وبيانُ الحال منْ أَغراض التشبيه أَيضاً.
وبيتُ المتنبي يصفُ عيْني الأَسدِ في الظلام بشدةِ الاحمرار والتوقدِ، حتى إِنَّ من يراهما من بُعْدٍ يظنهما ناراً لقومٍ حُلول مقيمين، فلو لم يعْمدِ المتنبي إِلى التشبيه لقال: إِنَّ عَيْنَي الأَسدِ محمرتانِ ولكنه اضْطْرَّ إِلى التشبيه لِيُبَيِّنَ مقدارَ هذا الاحمرار وعِظَمه، وهذا منْ أغراض التشبيه أيضاً.
أمَّا الآيةُ الكريمة فإنها تتحدث في شأن مَنْ يعْبدونَ الأوثان، وأنهم إذا دعوا آلهتَهم لا يستجيبون لهم، ولا يرجعُ إليهم هذا الدعاءُ بفائدةٍ، وقدْ أرادَ الله جل شأْنه أنْ يُقرِّر هذه الحال ويُثَبتَها في الأَذهانِ، فشبَّهَ هؤلاءِ الوثنيينِ بمن يبسُط كفيهِ إلى الماء ليشربَ فلا يصلُ الماءُ إلى فمه بالبداهة؛ لأنه يَخْرُجُ من خلالِ أصابعه ما دامت كفاهُ مبسوطتينِ، فالغرضُ منْ هذا التشبيه تقريرُ حال المشبَّهِ، ويأْتي هذا الغرضُ حينما يكون المشبَّهُ أمرًا معنويًّا؛ لأَنَّ النفسَ لا تجزم بالمعنوياتِ جزمَها بالحسيَّات، فهي في حاجةٍ إلى الإقناعِ.
وبيتُ أبي الحسن الأنباري من قصيدةٍ نالتْ شهرةً في الأدب العربي لا لشيءٍ إلا أنها حسّنتْ ما أجمعَ الناسُ على قُبحه والاشمئزازَ منه "وهو الصَّلْبُ" فهو يشبّهُ مدَّ ذراعي المصلوبِ على الخشبة والناسُ حولَه بمدِّ ذراعيهِ بالعطاءِ للسائلينَ أيام حياتهِ، والغرضُ من هذا التشبيه التزيينُ، وأكثر ما يكون هذا النوع ُفي المديحِ والرثاء والفخر ووصفِ ما تميلُ إليه النفوسُ.
والأعرابيُّ في البيت الأخيرِ يتحدَّثُ عن امرأته في سُخط وألمٍ، حتى إِنه ليدعو عليها بالحرمانِ منَ الوجود فيقول: "لا كانتْ"، ويشبِّهُ فمها حينما تفتحُه ببابٍ من أبوابِ جهنَّم، والغرضُ من هذا التشبيه التقبيحُ، وأكثرُ ما يكونُ في الهجاءِ ووصفِ ما تنفِرُ منه النفسُ.
القاعدةُ
(10) أَغْرَاضُ التشبيهِ كثيرةٌ منها ما يأْتي:
(أ) بيانُ إِمْكانٍ المشبَّه: وذلك حِينَ يُسْنَدُ إِليْهِ أمْر مُسْتغْرَبٌ لا تزول غرابتُه إلا بذكر شبيهٍ له.
(ب) بيانُ حالِهِ: وذلك حينما يكونُ المشبَّهُ غيرَ معروف الصفةِ قَبْلَ التشبيه فَيُفيدُهُ التشبيهُ الوصفَ.
(جـ) بيانُ مقدار حالِهِ: وذلك إذا كان المشبَّهُ معروفَ الصفةِ قَبْلَ التشبيهِ مَعْرفَةً إِجْماليَّةً وكان التشبيه يُبَيِّنُ مقدارَ هذه الصفةِ.
(د) تَقْريرُ حالِهِ: كما إذا كانَ ما أُسْنِدَ إِلى المشبَّه يحتاج إِلى التثبيت والإِيضاح بالمثال.
(هـ) تَزْيينُ الْمُشَبَّهِ أو تَقْبيحُهُ.
نموذجٌ
(1) قال ابن الرومي في مدح إسماعيل بن بُلْبُل :
وكم أَبٍ قَدْ علا بِابْنٍ ذُرَا شَرفٍ … …كَمَا علا بِرسولِ الله عَدْنَانُ
(2) وقال أبو الطَّيب في المديح :
أرَى كُلَّ ذي مُلْكٍ إلَيكَ مَصِيرُهُ كأنّكَ بَحْرٌ وَالمُلُوكُ جَداوِلُ
الإِجابةُ
الرقم المشبه المشبه به وجه الشبه الغرض من التشبيه
1 علو الأب بالابن علو عدنان بالرسول ارتفاع شأن الأول بالآخر إمكان المشبه
2 الضمير في كأنك بحر العظم بيان حال المشبه
3 الملوك جداول الاستمداد من شيء أعظم بيان حال المشبه
تمريناتٌ
(1) بيِّنِ الغرضَ منْ كلِّ تشبيهٍ فيما يأتي:
(1) قال البحتريُّ :
دَنَوْتَ تَوَاضُعاً، وَبَعدتَ قَدراً، فشَأناكَ انْحِدارٌ، وارْتِفَاعُ
كذاكَ الشّمسُ تَبعَدُ إنْ تَسامى، وَيَدْنُو الضّوْءُ مِنْهَا، والشّعاعُ
(2) قال الشريف الرضيُّ في الغزل :
أُحِبكِ يا لوْنَ الشَّبابِ لأنني … … رأيْتُكما في القلْبِ والعينِ تَوْءَما
سَكَنْتِ سوادَ القَلْب إِذ كنْتِ شِبههُ … … فلمْ أدر منْ عِزٍّ من القَلْبُ منْكما
(3) وقال صاحبُ كليلةٍ ودمنة:
فضلُ ذي العلم -وإِنْ أخفاه ُ-كالمسكِ يُسْتر ثمَّ لا يَمْنَعُ ذلك رائحتَه أَنْ تفوح.
(4) وقال الشاعر :
وأصْبَحْتُ مِنْ لَيْلَى الغَداة كقابضٍ … …عَلَى الماءِ خانَتْه فُروجُ الأَصابعُ
(5) وقال المتنبي في الهجاء :
وَإذا أشَارَ مُحَدّثاً فَكَأنّهُ قِرْدٌ يُقَهْقِهُ أوْ عَجوزٌ تَلْطِمُ
(6) وقال السرِيُّ الرَّفاء :
لي منزلٌ كَوِجارِ الضَّبِّ أَنزِلُه ضَنْكٌ تَقارَبَ قُطراهُ فقد ضاقَا
أراه قَالَبَ جسمي حينَ أَدخُلُه فما أَمُدُّ به رجلاًو لا سَاقا
(7) وقال ابن المعتز :
غديرٌ يُرَجْرِجُ أمواجَه هبوبُ الرياحِ ومرُّ الصَّبا
إذا الشَّمسُ مِنْ فَوْقِهِ أَشرَقَتْ … …تَوَهَّمْتَه جَوْشَناً مُذْهَبا
(8) وقال سعيد بن هاشم الخالدى من قصيدة يصف فيها خادماً له :
مَا هو عَبدٌ لكنَّهُ ولدُ ... خَوَّلَنيهِ الْمهْيمنُ الصَّمدُ
وَشدَّ أزرِي بحُسنِ خِدمتهِ .. فَهْو يَدِي والذراعُ وَالعضُدُ
(9) وقال المعري في الشيب والشباب :
خَبِّرِيني مَاذَا كرهْتِ مِن الشَّيْـ … …ـبِ فَلاَ عِلْمَ لِي بِذَنْبِ الْمشِيبِ
أَضِياءُ النَّهارِ أِم وضَحُ اللؤْ … …لؤ أَمْ كوْنُه كثغْرِ الحبِيب؟
واذكُري لِي فَضْلَ الشبابٍ وما يجْـ … …ـمعُ مِنْ منْظَرٍ يَرُوقُ وطِيبِ
غدْرُهُ بِالخَلِيلِ أَم حُبُّه لِـ … …ـغَيِّ أَمْ أَنَّهُ كَعيْش الأَدِيبِ؟
(10) ومما ينسب إلى عنترة :
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
الساق منها مثلُ ساق نعامة ٍ والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
(11) وقال ابن شُهيدٍ الأَندلسي يصف بُرْغُوثاً:
أَسْودُ زَنجي، أَهليُّ وحشيٌ، ليس بِوانٍ ولا زُمّيل ، وكأَنه جُزْءٌ لا يتجزأ من ليْل، أو نقطةُ مِداد، أو سويداءُ فؤاد، شُرْبُهُ عبّ ، ومشيهُ وثبٌ، يَكمنُ نهارهُ، ويسيرُ ليلَه، يُداركُ بطعنٍ مؤلم، ويستحلُّ دم البريء والمجرمَ، مُساورٌ للأساوِرة ، ومُجرّدٌ نصْله على الجبابرةِ، لا يُمْنعُ منه أميرٌ، ولا تَنفعُ فيه غيرةُ غيورٍ، وهو أحقرُ حقيرٍ، شرُّهُ مبعوثٌ ، وعهدُه منكوث ٌ ، وكَفى بهذا نقصاناً للإنسان، ودلالةً على قدرة الرحمن.
(2)(أجب عما يلي ):
(1) كوِّنْ تشبيهاً الغرضُ منه بيانُ حال النَّمِر.
(2) " " " " " " الكرةِ الأرضيةِ.
(3) " " " " " مقدارُ حالِ دواءٍ مرٍّ.
(4) " " " " " " " نارِ شبتْ في منزلٍ.
(5) " " " تقريرُ حالِ طائشٍ يرمي نفسه في المهالك ولا يدري.
(6) " " " " " منْ يعيشُ ظلامَ الباطلِ ويؤذيه نورُ الحقِّ.
(7) كوِّنْ تشبيهاً الغرضُ منه بيانُ إمكانِ العظيم من شيءٍ حقيرٍ.
(8) " " " " " " أنَّ التعبَ يُنتجُ راحةً ولذةً.
(9) " " لتزيينِ الكلبِ.
(10) " " " الشيخوخةِ.
(11) " " لتقبيحِ الصَّيفِ.
(12) " " " الشِّتاءِ.
(3) اِشرحْ بإيجازٍ الأبياتَ الآتيةَ وبيِّنِ الغرضَ منْ كلِّ تشبيهٍ فيها :
وَقانا لَفْحَةَ الرَّمْضاءِ وادٍ … …سقاهُ مُضاعَفُ الغَيثِ العَميمِ
نَزَلْنا دوْحَهُ فَحنَا عليْنَا … …حُنُوَّ المُرْضِعاتِ على الفَطِيم
وأرْشَفَنا على ظمأٍ زُلاَلاً … …ألذَّ مِن المُدامةِ للنَّدِيم
================




(6) التشبيهُ المقلوبُ
الأمثلةُ:

(2) قال محمد بن وُهيْب الحمْيَريُّ :
وبَدا الصباحُ كأن غُرَّتهُ ... وَجهُ الخليفة حينَ يُمْتَدحُ
(2) وقال البحتريُّ :
كأن سَنَاها بالعَشِيِّ لصبُحها ... تبَسُّمُ عيسى حين يلفظُ بالوعْدِ
(3) وقال حافظ إبراهيم :
أحِنُّ لهم ودُونَهُمُ فَلاة ٌ كأنَّ فَسِيحَها صَدرُ الحَليمِ
البحثُ:
يقول الحِمْيَرِي: إِنَّ تباشير الصباح تشبه في التلألؤ وجهَ الخليفة عند سماعه المديح، فأنت ترى هنا أنَّ هذا التشبيه خرج عما كان مستقرًّا في نفسك منْ أنَّ الشيءَ يُشَبَّه دائماً بما هو أَقوَى منه في وجه الشبهِ، إذِ المألوفُ أَنْ يقال إِنَّ الخليفة يشبه الصباحَ، ولكنه عكس وقلب للمبالغة والإغراق بادعاءِ أَنَّ وجهَ الشبه أَقوَى في المشبَّه، وهذا التشبيهُ مظهرٌ من مظاهر الافتنان والإبداع.
ويشبه البحترى برق السحابة الذي استمر لماعاً طوال الليل يتبسم ممدوحه حينما يَعِدُّ بالعطاء، ولا شك أَن لمعان البرق أَقوى من بريق الابتسام، فكان المعهود أن يشبه الابتسام بالبرق كما هي عادة الشعراء، ولكن البحتري قلب التشبيه .
وفي المثال الثالث شُبِّهت الفلاة بصدر الحليم في الاتساع، وهذا أَيضاً تشبيه مقلوب.
القاعدةُ:
(12) التشبيهُ المقلوبُ هو جعل المشبَّهِ مشبَّهاً به بادِّعاءِ أَنَّ وجه الشبه فيه أَقوَى وأَظهرُ.
نمُوذجٌ
(1) كأَنَّ النسيم في الرقة أَخلاقُه. …
(2) وكأَنَّ الماءَ في الصفاء طباعُه.
(3) وكأَنَّ ضوءَ النهار جبينُه.…
(4) وكأَنَّ نشرَ الروض حسنُ سيرته.
الإِجابةُ
المشبَّه المشبَّه به وجه الشبه نوع التشبيه
1النسيم أَخلاقه الرقة مقلوب
2الماء طباعه الصفاء مقلوب
3ضوء النهار جبينه الإِشراق مقلوب
4نشر الروض حسن سيرته جميل الأَثر مقلوب
تمريناتٌ(1)
لِمَ كانَ التشبيهُ مقلوباً فيما يأْتي؟(1)

قال ابن المعتز :
والصُّبحُ في طُرَّة لَيْلٍ مُسْفِرِ كأنَّهُ غُرَّةُ مُهْرٍ أشقَر


(2) وقال البحتري :
في حُمرَةِ الوَرْدِ شَكْلٌ من تَلَهّبِها، وللقَضِيبِ نَصِيبٌ مِنْ تَثَنّيهَا


(3) وقال أيضاً في وصف بركة المتوكل :
كأنّهَا، حِينَ لَجّتْ في تَدَفّقِهَا، يَدُ الخَليفَةِ لَمّا سَالَ وَادِيهَا


(4) سارتْ بنا السفينةُ في بحرٍ كأَنه جدْواك ، وقد سطعَ نورُ البدر كأنَّه جَمالُ مُحياكَ.

(2) ميِّزِ التشبيهَ المقلوبَ منْ غير المقلوبِ فيما يأتي وبيّنِ الغرضَ منْ كلِّ تشبيهٍ:
(1) كأنَّ سوادَ الليلِ شعرٌ فاحمٌ.
(2) قال أبو الطيب :
يَزُورُ الأعادي في سَمَاءِ عَجَاجَةٍ أسِنّتُهُ في جانِبَيْها الكَواكِبُ
(3) كأَنَّ النَّبْلَ كلامُه وكأنَّ الوَبْل نوالُه.
(4) قال الأبِيوَرْديُّ :
كلماتي قلائدُ الأعناقِ سَوْفَ تَفنى الدُّهُورُ وَهْيَ بَواقِ
(5) أرسلَ أحدُ كتَّابِ المأمون إليه فرساً وقال :
قَدْ بعَثْنَا بِجوَادٍ … …مِثلُهُ لَيْس يُرامُ
فَرَسٌ يُزْهَى بِهِ لِلـ… …ـحُسْنِ سرْجٌ ولِجامُ
وجْههُ صُبْحٌ ولكنْ … …سائرُ الجسْم ظَلامُ
والذِي يصْلح لِلمَوْ … …لَى على العبْدِ حرامُ
(3) حوِّلِ التشبيهاتِ الآتيةَ إلى تشبيهاتٍ مقلوبةٍ وبيِّنْ أَيُّها أبلغُ:
(1) قال البحتريُّ يصفُ قصرًا فوق هضْبة :
في رَأسِ مُشرِفَةٍ، حَصَاهَا لُؤلُؤٌ، وَتُرَابُهَا مِسْكٌ، يُشَابُ بعَنبَر
(2) وقال أيضاً :
وكانتْ يدُ الفتحِ بنِ خاقانَ عندكُمْ ... يَدَ الغيْثِ عندَ الأرْض أجدَبَها المحْلُ
(3) وقال في الغزلِ :
لَسْتُ أنْساهُ إذْ بَدَاً مِنْ قَرِيبٍ، يَتَثَنّى تَثَنّيَ الغُصْنِ غَضّا
(4) وقال في المديح :وأشرَقَ عن بِشرٍ، هوَ النّورُ في الضّحَى،
وَصَافَى بأخلاقٍ، هيَ الطّلُّ في الصّبحِ

(4) حولِ التشبيهاتِ المقلوبةَ الآتيةَ إلى تشبيهاتٍ غيرِ مقلوبةٍ:
(1) ركبنا قطارًا كأَنهُ الجوادُ السبَّاقُ.
(3) ظهرَ الصبحُ كأَنهُ حجَّتُك الساطعةُ.
(2) فاحَ الزهرُ كأنه ذكركَ الجميلُ.
(4) تقلَّدَ الفارسُ سيفاً كأنهُ عزيمتُه يومَ النزالِ.
(5)كونْ تشبيهاً مقلوباً منْ كلِّ طرفينِ منَ الأطرافِ الآتيةِ مع وضعِ كلِّ طرفٍ معَ ما يناسبُه:
قصْفُ الرعد… . …غضَبةٌ…. …لَمْعُ البرقِ…. …أخلاقُه
نورُ جبينه……. …الصاعقةُ… . …شَعْرُهُ…. …ابتسامُه
شعاعُ الشمس… . …صوتُه… . …سوادُ الليل…. ……أزهارُ الربيع
(6) أَتممِ التشبيهاتِ المقلوبةَ الآتيةَ:
(1) كأنَّ ... قدومَك لزيارتي.…(4) كأَنَّ ... حرارةُ حقدِه.
(2) كأنَّ ... جرأتَك. … (5) كأنَّ ... حدُّ عزيمتك.
(3) كأنَّ ... صوته المنكر. …(6) كأنَّ ... احتياله.
(7) أتممِ التشبيهاتِ المقلوبةَ:
(1) كأنَّ عصفَ الريح ...…(4) كأَنَّ الدُّررَ ...
(2) كأنَّ ذلَّ اليتيم ...… (5) كأَنَّ صفاءَ الماءِ ...
(3) كأنَّ نضرةَ الوردِ ... …(6) كأنَّ السِّحرَ ...

(8)جاءَ في كتب الأَدبِ أَنَّ أبا تمام حينما قال في مدح أَحمدِ بن المعتصم :

إِقدامُ عمروٍ = في سَمَاحةِ حاتِم = في حَلْمِ أَحْنَفَ = في ذَكاء إِيَاس
فقال بعضُ حُساده أَمام ممْدُوحه: "ما زدتَ على أَنْ شبّهتَ الأَمير بمنْ هم دونه".

فقال أَبو تمام :
لا تُنكِروا ضرْبي لَه منْ دُونَه … …مثلاً شَروداً في النّدى والباسِ
فالله قَدْ ضرب الأَقلَّ لِنُورِهِ … …مَثلاً مِن المِشْكاةِ والنبراس


فما معنى الردِّ الذي ساقه أبو تمام في البيتين السابقين؟
وهل في استطاعتك أنْ تدافع عن أبي تمام بحجةٍ أخرى بعد أنْ تنظر في البيتِ جميعهِ؟
وما نوع التشبيهِ الذي يُرْضِي هؤلاءِ النقَّادُ؟(9)
هاتِ تشبيهاتٍ مقلوبةً في وصفِ جريءٍ مقدامٍ، ثمَّ في وصفِ سفينةِ، ثم في وصفِ كلامٍ بليغٍ.

(10) قال المتنبي :
ولَوْلا احتِقارُ الأُسدِ شَبّهتُهمْ بها =ولكِنّها مَعدودَةٌ في البَهائِمِ


تكلَّمْ على ما في البيت السابق من ضروب الحسن البياني، وهل تَري أن المدح
يكون أبلغَ لو قال "شبهتها بهم" وماذا يكون التشبيه إذًا؟


(7) بلاغةُ التشبيهِ وبعضُ ما أُثِرَ منه عن العرب والمُحْدَثين

تنْشأُ بلاغةُ التشبيه منْ أنه ينتقل بكَ منَ الشيء نفسِه إلى شيءٍ طريفٍ يشبهه، أو صورةٍ بارعة تمثِّله.
وكلما كان هذا الانتقالُ بعيدًا قليلَ الخطورة بالبال، أو ممتزجاً بقليل أو كثيرٍ من الخيال، كان
التشبيهُ أروعَ للنفس وأدعَى إلى إعجابها واهتزازها.

فإذا قلتَ: فلانٌُ يُشبه فلاناً في الطول، أو إِنَّ الأرضَ تشبهُ الكره في الشكل، أو أَنَّ الجزرَ البريطانية
تشبهُ بلادَ اليابان، لم يكنْ لهذه التشبيهاتِ أثرٌ للبلاغةِ؛ لظهورِ المشابهةِ وعدم احتياج العثور عليها
إلى براعةٍ وجهْدٍ أدبيٍّ، ولخلوها منَ الخيال.

وهذا الضربُ منَ التشبيه يُقصَدُ به البيانُ والإيضاح وتقريبُ الشيء إلى الأفهام، وأكثر
ما يستعمل في العلوم والفنون.

ولكنكَ تأخذكَ رَوْعةُ التشبيه حينما تسمعُ قول المعري يَصِف نجماً :
يُسرِعُ اللّمحَ في احمرارٍ كما تُسرِعُ ... في اللّمحِ مُقلةُ الغَضبانِ


فإنَّ تشبيهَ لمحات النجم وتأَلقِه مع احمرارِ ضوئه بسرعةِ لمحةِ الغضبان من التشبيهاتِ النادرة التي لا تنقادُ إلا لأَديب.

ومنْ ذلك قولُ الشاعر :
وكأنَ النُّجُومَ بينَ دُجاها ... سُننٌ لاحَ بينهُنَّ ابتداعُ


فإِنَّ جمال هذا التشبيه جاء من شعورك ببراعة الشاعر وحذقه في عقد المشابهة بين حالتين ما كان يخطر بالبال تشابههما، وهما حالةُ النجوم في رُقْعةِ الليل بحال السُّننِ الدينية الصحيحة متفرقةً بين البدعِ الباطلةٍ. ولهذا التشبيه روْعةٌ أخرى جاءََت منْ أَنَّ الشاعر تخيّل أنَّ السنن مضيئةٌ لمَّاعةٌ، وأَنَّ البدعَ مظلمةٌ قاتمةٌ.

ومنِ أبدع التشبيهاتِ قولُ المتنبي :
بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها = وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ


يدعو على نفسه بالبِلى والفناءِ إِذا هو لم يقفْ بالأَطلال ليذكرَ عهد مَن كانوا بها، ثم أَراد أَنْ يصوِّرَ لك هيئةَ وقوفه فقال:كما يقفُ شحيِحٌ فقد خاتمهُ في التراب، مَنْ كان يُوفَّقُ إلى تصوير حال الذاهلِ المتحير المحزون المطرقِ برأسه المنتقل منْ مكان إِلى مكان في اضطراب ودهشة بحال شحيحٍ فقد في التراب خاتمًا ثميناً؟ ولو أردنا أن نورد لك أمثلة منْ هذا النوع لطالَ الكلامُ.
--------
هذه هي بلاغةُ التشبيه من حيث مبلَغ طرافته وبُعد مرماهُ ومقدار ما فيه من خيالٍ، أمَّا بلاغته من حيثُ الصورةُ الكلاميةُ التي يوضع فيها أيضًا. فأقلُّ التشبيهات مرتبةً في البلاغة ما ذكرتْ أركانُه جميعُها. لأنَّ بلاغةَ التشبيه مبنيَّةٌ على ادعاءِ أَنَّ المشبّه عين المشبَّه به، ووجودُ الأداة ووجهِ الشبه معاً يحولان دون هذا الادعاء، فإذا حذفتِ الأَداةُ وحدها، أو وجهُ الشبه وحده، ارتفعت درجةُ التشبيه في البلاغة قليلاً، لأَنَّ حذف أحد هذين يقوي ادعاءَ اتحاد المشبَّه والمشبَّه به بعض التقوية. أمَّا أبلغ أنواع التشبيهِ فالتشبيهُ البليغُ، لأنه مبنيٌّ على ادِّعاء أنَّ المشبَّه والمشبَّه به شيءٌ واحدٌ.
هذا- وقد جرى العربُ والمُحدَثون على تشبيه الجوادِ بالبحر والمطر، والشجاعِ بالأَسد، والوجه الحسن بالشمس والقمر، والشَّهمِ الماضي في الأُمور بالسيف، والعالي المنزلة بالنَّجم، والحليم الرزين بالجبلِ، والأَمانيِّ الكاذبة بالأحلامِ، والوجه الصبيح بالدينار، والشعر الفاحم بالليل، والماء الصافي باللجَيْنِ، والليل بموج البحر، والجيش بالبحر الزاخر، والخيْل بالريح والبرْق، والنجوم بالدرر والأَزهار، والأَسنان بِالبَرْدِ واللؤلؤ، والسفُنِ بالجبال ،والجداولِ بالحيات الملتوية، والشّيْبِ بالنهار ولمْع السيوف، وغُرَّةِ الفرس بالهلال. ويشبهون الجبانَ بالنَّعامة والذُّبابةِ، واللئيم بالثعلب، والطائشَ بالفَراش، والذليلَ بالوتدِ. والقاسي بالحديد والصخر، والبليدَ بالحِمار، والبخِيل بالأرض المُجْدِيَة.
وقد اشتهر رجالٌ من العرب بِخلال محمودةٍ فصاروا فيها أعلاماً فجرَى التشبيهُ بهم.

فيشبه الوفيُّ بالسَّموْءَل ،و الكريم بحاتم، والعادل بعُمر، والحليم بالأحْنَف،
والفصيح بسحْبان، والخطيب بقُسٍّ،والشجاع بعْمرو بن مَعْديكرب، والحكيمُ بلقمان، والذكيُّ بإياس.
واشتهر آخرين بصفاتٍ ذميمة فجرَى التشبيهُ بهم أَيضاً، فيشبه العِييُّ بباقِل ، والأحمقُ بهبَنَّقَةَ ، والنادمُ بالكُسعِيّ ، والبخيل بمارد، والهجَّاءُ بالحُطيّئَة، والقاسي بالحجاج.


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 05:34 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: البلاغةُ الواضِحَةُ



الحقيقةُ والمجازُ
المجازُ اللغويُّ

الأمثلةُ:
(1) قال ابنُ العَمِيد في الغزل :
قَامَتْ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشَّمْسِ ... نَفْسٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي
قامَتْ تُظَلِّلُنِي ومِنْ عجَبٍ ... شَمْسٌ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشَّمْسِ
(2) وقال البحتريُّ يَصِف مبارزة الفَتْح بن خاقان لأسد :
فلَمْ أرَ ضِرْغَامَينِ أصْدَقَ منكُمَا عرَاكاً إذا الهَيّابَةُ النّكسُ كَذّبَا
هِزَبْرٌ مَشَى يَبغي هِزَبْراً، وأغلَبٌ منَ القَوْمِ يَغشَى بَاسلَ الوَجهِ أغلَبَا
(3) وقال المتنبي وقد سقط مطرٌ على سيف الدولة :
لِعَيْني كُلَّ يَومٍ مِنْكَ حَظُّ … …تَحَيَّرُ مِنْهُ فِي أمْرٍ عُجابِ
حِمَالةُ ذَا الحُسَام عِلى حُسامٍ … …وَمَوْقِعُ ذَا السَّحَابِ على سَحَابِ
(4) وقال البحتريُّ :
إذا العَينُ رَاحتْ وَهيَ عَينٌ على الجَوَى، فَلَيْسَ بسِرٍّ ما تُسِرُّ الأضَالِعُ
البحثُ:
انظر إِلى الشطر الأَخير في البيتين الأولين، تجد أنَّ كلمة "الشمسِ " استعملت في معنيين: أحدُهما المعنى الحقيقي للشمس التي تعرفها، وهي التي تظهر في المشرق صبحاً وتختفي عند الغروب مساءً، والثاني إنسانٌ وضاءُ الوجه يشبه الشمسَ في التلأْلؤ، وهذا المعنى غير حقيقي، وإِذا تأملتَ رأيتَ أنَّ هناك صِلَةً وعلاقةً بين المعنى الأصليِّ للشمس والمعنى العارضِ الذي اسْتُعْمِلَتْ فيه. وهذه العلاقة هي المشابهةُ، لأَنَّ الشخص الوضيءَ الوجه يُشْبِه الشمس في الإِشراق، ولا يمكن أن يلتبس عليك الأَمر فتَفْهَم منْ "شمس تظللني" المعنى الحقيقي للشمس، لأَنَّ الشمس الحقيقية لا تُظَلِّل، فكلمة تظللني إِذا تمنع من إِرادة المعنى الحقيقي، ولهذا تسمَّى قرينةً دالةً على أَنَّ المعنى المقصودَ هو المعنى الجديدُ العارضُ.
وإذا تأَملت البيت الثاني للبحتريِّ رأَيت أنَّ كلمة "هِزَبْرًا" الثانية يراد بها الأَسد الحقيقي، وأنَّ كلمة "هزبر" الأُولى يراد بها الممدوحُ الشجاعُ، وهذا معنى غير حقيقي، ورأيت أنَّ العلاقة بين المعنى الحقيقي للأسد والمعنى العارض هي المشابهةُ في الشجاعة، وأنَّ القرينة المانعةَ من إرادة المعنى الحقيقي للأَسد هي أنَّ الحال المفهومةَ من سياق الكلام تدلُّ على أنَّ المقصود المعنى العارض، ومثل ذلك يقال في "أغْلب من القَوْم" و "باسِل الوَجْه أغْلبا" فإِن الثانية تدلُّ على المعنى الأصلي للأسد، والأولى تدل على المعنى العارض وهو الرجلُ الشجاع والعلاقة المشابهةُ، والقرينةُ المانعة من إرادة المعنى الأَصلي هنا لفظيةٌ وهي "من القوم".
تستطيعُ بعد هذا البيان أنْ تدرك في البيت الثاني للمتنبي أنَّ كلمة "حسام" الثانية استعملتْ في غير معناها الحقيقي لعلاقة المشابهة في تَحمُّل الأَخطار. والقرينةُ تُفهم منَ المقام فهي حالِيةٌ، ومثل ذلك كلمة "سحاب" الأَخيرة فإِنها استعملتْ لتدلَّ على سيف الدولة لعلاقة المشابهةِ بينه وبين السحابِ في الكرم، والقرينةُ حالِيَّةٌ أيضاً.
أَمَّا بيتُ البحتري فمعناه أنَّ عين الإنسان إِذا أصبحت بسبب بكائها جاسوساً على ما في النفس من وجْدٍ وحُزْن. فإنَّ ما تَنْطَوِي عليه النفسُ منهما لا يكون سرًّا مكتوماً؛ فأَنت ترى أنَّ كلمة "العين" الأولى استعملت في معناها الحقيقي وأنَّ كلمة "عين" الثانية استعملت في الجاسوسِ وهو غير معناها الأصلي، ولكنْ لأَنَّ العين جزءٌ من الجاسوس وبها يَعْملُ، أطلقَها وأراد الكلَّ شأنَ العرب في إِطلاق الجزء وإِرادة الكلِّ، وأَنت ترَى أنَّ العلاقة بين العين والجاسوس ليست المشابهةَ وإنما هي الجزئيةُ والقرينةُ "على الجوى" فهي لفظيَّةٌ.
ويتَّضحُ منْ كل ما ذكرنا أنَّ الكلماتِ: شمسٌ، وهِزَبْرٌ، وأغْلبُ، وحُسامٌ، وسحابٌ، وعينٌ، استُعملت في غير معناها الحقيقي لعلاقةٍ وارتباطٍ بين المعنى الحقيقي والمعنى العارضِ وتسمَّى كلُّ كلمة من هذه مجازاً لغويًّا.
القاعدةُ
(12) المَجَازُ اللّغَويُّ: هُوَ اللفظُ المُسْتعْمَلُ في غير ما وُضِعَ لَه لِعَلاقة مع قَرينةٍ مانِعةٍ مِنْ إِرادَةِ المعْنَى الحقيقي. والعَلاقةُ بَيْنَ الْمَعْنَى الحقيقي والمعنى المجازيِّ قدْ تكونُ المُشَابَهةَ، وقد تكونُ غيرَها، والقَرينَةُ قد تكونُ لفظيةً وقد تكونُ حَالِيَّةً.
نَمُوذَجٌ
(1) قال أبو الطيب حين مرض بالحمَّى بمصر :
فإنْ أمرَضْ فما مرِضَ اصْطِباري وَإنْ أُحْمَمْ فَمَا حُمَّ اعتزَامي
(2) وقال حينما أنْذر السحابُ بالمطر وكان مع ممدوحه :
تَعَرّضَ لي السّحابُ وقد قَفَلْنا فقُلتُ إليكَ إنّ مَعيَ السّحابَا
(3) وقال آخر :
بِلادي وإِنْ جارتْ على عزِيزهٌ … …وقومي وإنْ ضَنُّوا عليَّ كِرامُ.
الإجابةُ
المجاز السبب العلاقة توضيح العلاقة القرينة
1 مرض


حم لأن الاصطبار لا يمرض


لأن الاعتزام لا يحم المشابهة


المشابهة
شبه قلة الصبر بالمرض لما لكل منهما من الدلالة على الضعف
شبه انحلال العزم بالإصابة بالحمى لما لكل منهما من التأثير السيئ لفظية
وهي اصطباري
اعتزامي

2 السحاب الأخيرة لأن السحاب لا يكون رفيقاً المشابهة شبه الممدوح بالسحاب لما لكليهما من الأثر النافع معي
3 بلادي لأن البلاد لا تجور غير المشابهة ذكر البلاد وأراد أهلها فالعلاقة المحلية جارت
تمريناتٌ
(1)الكلماتُ التي تحتهاخطٌّ استُعْمِلَتْ مرَّةً استعمالاً حقيقيًّا، ومرَّة استعمالاً مجازيًّا، بيَّنِ المجازيَّ منها مع ذكر العلاقةِ والقرينةِ لفظيةً أَو حاليَّةً.
(1) قال المتنبي في المديح :
فيَوْماً بخَيْلٍ تَطْرُدُ الرّومَ عنهُمُ وَيَوْماً بجُودٍ تطرُدُ الفقرَ وَالجَدْبَا
(2) وقال أيضاً :
فَلا زَالَتِ الشّمسُ التي في سَمَائِهِ مُطالِعَةَ الشّمسِ التي في لِثَامِهِ
(3) وقال أيضاً :
عَيْبٌ عَلَيكَ تُرَى بسَيفٍ في الوَغى مَا يَصْنَعُ الصّمْصَامُ بالصّمصَامِ
(4) وقال أيضاً :
إذا اعتلَّ سيفُ الدوْلةِ اعتلّتِ الأرْضُ وَمَنْ فوْقَها والبأسُ وَالكرَمُ المَحضُ

(5) وقال أبو تمام في الرِّثاء :
وما ماتَ حتّى مات مَضْرِبُ سَيْفِهِ ... مِن الضَّرْبِ واعْتَلَّتْ عليه القَنا السُّمْرُ
(6) كان خالد بن الوَليد ِ رضي الله عنه إذا سارَ سارَ النصرُ تحت لِوائهِ.
(7) بنَيْتَ بيوتاً عالِياتٍ وقَبْلَها … …بنْيتَ فَخَارًا لا تُسامَى شواهِقُهْ
(2)(أجب عما يلي) :
(1) أمِنَ الحقيقةِ أم مِنَ المجاز كلمة "الشمسينِ" في قول المتنبي يَرثي أخت سيف الدولة؟ :
فَلَيْتَ طالِعَةَ الشّمْسَينِ غَائِبَةٌ وَلَيتَ غائِبَةَ الشّمْسَينِ لم تَغِبِ
(2) أحقِيقة أمْ مجازٌ كلمة "بدرا" في قول الشاعر؟ :
وَقدْ نَظَرتْ بدْرُ الدُّجَى ورأَيْتُهَا … …فَكان كِلانا ناظِرًا وَحْدَه بَدْرَا
(3) أَحقيقةَ أم مجازٌ كلمة "ليالي" في قول المتنبي؟ :
نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
(4) أحقيقة أمْ مجازٌ كلمةُ "القمرين" في قول المتنبي؟ :
واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
(3)(أجب عما يلي):
(ا) استعمل الأَسماء الآتية استعمالاً حقيقيًّا مرةً ومجازيًّا أُخرى لعلاقة المشابهة:
البَرقُ – الرِّيح – المطر – الدُّرَر – الثعلب – النسْر – النجوم - الحَنْظَل.
(ب) استعمل الأفعال الآتية استعمالاً حقيقيًّا مرةً ومجازيًّا أخرى لعلاقة المشابهة:
غرِقَ – قتَلَ - مزَّقَ – شرِبَ - دَفنَ - أراقَ - رمَى - سقَطَ.
(4) ضعْ مفعولاً به في المكان الخالي يكون مستعملا استعمالا مجازيًّا، ثم اشرح العلاقة والقرينة:
أحيا طلعتُ حربٍ ... نَثرَ الخطيبُ ... …زَرعَ المحْسنُ ...
قَوَّم المعلمُ ... …قتَلَ الكسلانُ ... …حاربتْ أوربا ...
(5)ضع في جملةٍ كلمةَ "أذُنٍ" لتدلَّ على الرجل الذي يميل لسماع الوشاياتِ، وفي
جملةٍ أخرى كلمةَ "يمينٍ" لتدلَّ على القوةِ، ثم بيِّنِ العلاقة.
(6)كوِّنْ أربع جملٍ تشتملُ كلَّ منها على مجازٍ لغويٍّ علاقتُه المشابهةُ.
(7)اشرح بيْتَي البحتري في المديح ثم بيِّن ما تضمنتْه كلمةُ"شمسين" من الحقيقة والمجاز :
طَلَعْتَ لهمْ وقتَ الشرُوقِ، فعَاينُوا سَنا الشمسِ من أُفْقٍ وَوَجهَك من أُفقِ
وَما عايَنُوا شمْسَينِ، قبْلَهُما، الْتقى ضِياؤهُما وَفَقْاً، من الغَرْبِ والشّرْقِ


(1) الاستعارةُ التصريحيةُ والْمَكنيَّةُ
الأمثلةُ:

(1) قال تعالى: {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}
(1) سورة إبراهيم.
(2) وقال المتنبي وقد قابله مَمْدُوحُهُ وعانقَه :
فلم أرَ قَبلي مَن مَشَى البحرُ نحوَهُ ولا رَجُلاً قامَتْ تُعانِقُهُ الأُسْدُ
(3) وقال في مدح سيف الدولة :
أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ
--------
(1) وقال الحجَّاجُ في إحْدى خُطَبه :
إني لأرَى رُؤُوساً قد أينَعَتْ وحانَ قِطافُها وإِنّي لَصَاحِبُهَا .
(2) وقال المتنبي :
ولمّا قَلّتِ الإبْلُ امْتَطَيْنَا إلى ابنِ أبي سُلَيْمانَ الخُطُوبَا
(3) وقال أيضاً :
ألمَجْدُ عُوفيَ إذْ عُوفيتَ وَالكَرَمُ وَزَالَ عَنكَ إلى أعدائِكَ الألَمُ
البحثُ:
في كل مثال من الأمثلة السابقة مجازٌ لُغويٌّ: أيْ كلمةٌ استُعْملت في غير معناها الحقيقيِّ، فالمثالُ الأَول من الأمثلة الثلاثة الأُولى يشتملُ على كلمتي الظلمات والنور ،ولا يُقْصد بالأُولى إلا الضلال، ولا يراد بالثانية إلاَّ الهدى والإيمان، والعلاقة المشابهة والقرينة حاليةٌ؛ وبيتُ المتنبي يحتوي على مجازين هما "البحرُ" الذي يراد به الرجل الكريم لعلاقة المشَابهةِ، والقرينةُ "مشى" و "الأُسْد" التي يراد بها الشجعان لعلاقة المشابهةِ، والقرينةُ "تعانقُه" والبيت الثالث يحتوي على مجاز هو "تصافحتْ" الذي يراد منه تلاقتْ، لعلاقة المشابهةِ والقرينة "بيضُ الهند واللمم".
وإذا تأملتَ كلَّ مجاز سبق رأيت أنه تضمَّن تشبيهاً حُذِف منه لفظ المشبَّه واستعير بدله لَفْظ المشبَّه به ليقومَ مقامَه بادعاء أنَّ المشبَّه به هو عينُ المشبَّه، وهذا أبعدُ مدى في البلاغة، وأدخَلُ في المبالغة، ويسمَّى هذا المجاز استعارةً، ولما كان المشبَّه به مصرّحاً به في هذا المجاز سمّيَ استعارةً تصريحيةً.
نرْجع إِذاً إلى الأمثلة الثلاثة الأَخيرة؛ ويكفي أنْ نوضحَ لك مثالاً منها لتَقيس عليه ما بعده، وهو قول الحجاج في التهديد: "إِنِّي لأَرى رؤوساً قد أيْنَعتْ" فإنَّ الذي يُفهَم منه أَن ْيشبِّه الرؤوس بالثمرات، فأَصلُ الكلام إِني لأرى رؤوساً كالثمراتِ قد أينعت، ثم حذف المشبّه به فصار إني لأرى رؤوساً قد أينعتْ، على تخيُّل أنَّ الرؤوس قد تمثلت في صورة ثمارٍ، ورُمزَ للمشبَّه به المحذوف بشيء من لوازمه وهو أينعتْ، ولما كان المشبَّه به في هذه الاستعارةُ محْتجَباً سميتِ استعارة ًمكنيةً، ومثلُ ذلك يقال في "امتطينا الخطوبا" وفي كلمة "المجد" في البيت الأخير.
القاعدةُ:
(13) الاسْتِعارَةُ مِنَ المجاز اللّغَويَّ، وهيَ تَشْبيهٌ حُذِفَ أحَدُ طَرفَيْهِ، فَعلاقتها المشابهةُ دائماً، وهي قسمانِ:
(أ) تَصْريحيّةٌ، وهي ما صُرَّحَ فيها بلَفظِ المشبَّه بهِ.
(ب) مَكنِيَّةٌ، وهي ما حُذِفَ فيها المشَبَّهُ بهِ ورُمِزَ لهُ بشيء مِنْ لوازمه.
نَمُوذَجٌ
(1) قال المتنبي يَصِفُ دخيل رسولِ الرّوم على سيف الدولة :
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى إلى البَحرِ يَسعَى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
(2) وصفَ أعرابيٌّ أخاً له فقال: كان أخِي يَقْري العينَ جَمالا والأُذنَ بياناً .
(3) وقال تعالى على لسان زكريا عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (4) سورة مريم.
(4) وقال أعرابيٌّ في المدح: فُلانٌ يَرمي بِطَرْفِهِ حَيْثُ أَشَارَ الكَرمُ .
الإجابةُ
(1) أ ـ شُبِّهَ سيفُ الدولة بالبحر بجامع العطاءِ ثم استُعيرَ اللفظُ الدال على المشبَّه به وهو البحر للمشبَّه وهو سيف الدولة، على سبيل الاستعارة التصريحيةِ، والقرينةُ "فأَقبل يمشي في البساط".
ب ـ شُبِّهَ سيف الدولة بالبدرِ بجامع الرّفعةِ، ثم استعيرَ اللفظ الدال على المشبَّه به وهو البدر للمشبَّه وهو سيف الدولة، على سبيل الاستعارة التصريحيةِ، والقرينةُ "فأََقبل يمشي في البساط".
(2) شبِّهَ إمتاعُ العين بالجمالِ و إمتاعُ الأُذن بالبيانِ بقِرَى الضيف، ثم اشتُقَّ من القِرى يَقْرِي بمعنى يُمْتِعُ على سبيل الاستعارة التصريحيةِ، والقرينةُ جمالاً وبياناً.
(3) شُبِّهَ الرأسُ بالوقودِ ثم حذِف المشبَّه به، ورُمزَ إليه بشيءٍ من لوازمه وهو "اشتعل" على سبيل الاستعارة المكنيةِ، والقرينةُ إثبات الاشتعالِ للرأس.
(4) شُبِّهَ الكرمُ بإنسانٍ ثم حُذِفَ ورُمزَ إليه بشيء من لوازمه وهو "أَشار" على سبيل الاستعارة المكنيةِ، والقرينة إثباتُ الإشارة للكرم.
تمريناتٌ
(1) أجرِ الاستعارةَ التصريحية التي تحتها خطٌّ فيما يأتي:
(1)قال السَّريّ الرَّفَّاء الموصلي :
كلُّ زَنْجيَّة كأَنَّ سوَادَ الْـ … …لَيْل أَهْدى لها سَوادَ الإِهَابِ
(2) وقال أيضاًفي وصف مزيِّنٍ :
إذا لمعَ البرقُ في كَفِّهِ أفاضَ على الوجهِ ماءَ النَّعيمِ
له راحَة ٌ سَيرُها راحة ٌ تَمُرُّ على الوَجْهِ مَرَّ النَّسيمِ
(3) وقال ابن المعتز :
جُمِعَ الحقُّ لنا في إمامٍ، قتلَ البخلَ ، وأحيا السماحا
(2) أَجرِ الاستعارةَ المكنيةَ التي تحتها خطٌّ فيما يأْتي:
(1) مدحَ أَعرابيٌّ رجلاً فقال:تَطَلَّعتْ عيونُ الفضلِ لكَ، وأَصغتْ آذانُ المجدِ إليك.
(2) ومدحَ آخر قوماً بالشجاعة فقالَ: أَقْسمتْ سيوفُهمْ ألا تُضيع حقًّا لهم.
(3) وقال السريُّ الرَّفاء :
مواطنُ لم يَسحَبْ بها الغَيُّ ذيلَه وَكَمْ للعوالي بينَها من مساحِبِ
(3) عيِّنِ التصريحيةَ والمكنيةَ من الاستعارات التي تحتها خطٌّ مع بيان السبب:
(1) قال دعبِل الخزاعِيُّ :
لا تَعجَبي يا سَلمُ مِنْ رَجُلٍ ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكى
(2) ذمَّ أعرابيٌّ قوماً فقال: أُولئك قومٌ يصومونَ عن المعروفِ، ويُفْطرون على الفحشاءِ.
(3) وذمَّ آخرُ رجلاً فقال: إِنه سمينُ المال مهزولُ المعروف .
(4) وقال البحتري يرثي المتوكل وقد قتِلَ غِيلةً :
فَمَا قَاتَلَتْ عَنْهُ المَنَايَا جُنُودُهُ، وَلاَ دَافَعَتْ أمْلاَكُهُ وَذَخَائِرُهْ
(5) قال الشاعر :
وإِذا السعادةُ لاحظتْك عيونُها …نَمْ فالمخاوِفُ كلُّهُنَّ أَمانُ
(6) وقال أَبو العتَاهِية يهنِّئُ المهدي بالخلافة :

أتتْهُ الخِلاَفَةُ مُنْقادَةً ... إلَيْهِ تُجَرِّرُ أذْيالَها
(4) ضعِ الأسماءَ الآتيةَ في جملٍ بحيثُ يكُون كلٌّ منها استعارةً تصريحيةً مرةُ ومكنيةً أخرى:
الشمسُ - البلبلُ - البحرُ - الأَزهارُ - البرقُ
(5) حوِّلِ الاستعاراتِ الآتيةَ إلى تشبيهاتٍ:
(1) قال أبو تمام في وصف سحابة :
ديمةٌ سَمْحةُ القيادِ سَكُوبُ ... مستغيثٌ لها الثرَى المكروبُ
(2) وقال السَّرِيّ في وصف الثلج وقد سقطَ على الجبال :
أُلِمُّ برَبعِها حَذِراًفألقَى مُلِمَّ الشَّيبِ في لِمَمِ الجِبالِ
(3) وقال في وصف قلمٍ :
وأهيفُ إنْ زعزعتهُ البنا نُ أمطَرَ في الطّرْسِ لَيلاً أحَمّ
(6) حوِّلِ التشبيهاتِ الآتيةَ إلى استعاراتٍ:
(1) قال كعب بن زهير رضي الله عنه في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم :
إنّ الرّسولَ لَنُورٌ يُسْتضَاءُ بهِ، ... وَصَارِمٌ من سيوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
(2) قال الشاعر :
أنا غُصْنُ من غصونِ سَرْحتِك، … …وفَرعٌ من فروعِ دوْحَتِك
(3) وقال الشاعر :
أَنا السَّيْفُ إِلا أِنَّ لِلسَّيْفِ نبْوةً … …ومِثْلِيَ لا تَنْبُو علَيْكَ مضاربُهْ
(4) قال تعالى :{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ..} (74) سورة البقرة.
(5) وقالت الخنساء ترثي أخاها صخراً :
وإنَّ صَخْراً لَتَأْتَمُّ الهُداةُ به ... كَأَنّه عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ
(6) أَنا غَرْسُ يديك.
(7) وقال شاعر الخوارج :
أَسَدٌ عليَّ وفي الحُرُوب نَعامَةٌ ... رَبْداءُ تَجْفِلُ مِن صَفيرِ الصَّافِرِ !
(7) اشرح قول ابن سِنان الخفاجِي في وصف حمامةٍ، ثم بيِّن ما فيه من البيان :
وهاتِفَةٍ في الْبان تُمْلي غَرامَها … عليْنا وتتْلُو مِنْ صبابَتِها صُحْفَا
ولوْ صَدَقَتْ فِيما تقُولُ من الأَسى … لما لَبسَتْ طَوْقاً وما خضَبَتْ كَفَّا


(2) تَقْسِيمُ الاستعارة إِلى أصْلِيَّةٍ وتَبَعِيَّةٍ
الأمثلة:
(1) قال المتنبي يَصِف قَلماً :


يَمُجُّ ظَلاماً في نَهارٍ لِسانُهُ وَيُفْهِمُ عمّنْ قالَ ما ليسَ يُسمَعُ
(2) وقال يخاطبُ سيف الدولة :
أُحِبّكَ يا شَمسَ الزّمانِ وبَدْرَهُ وَإنْ لامَني فيكَ السُّهَى والفَراقِدُ أ
(3) وقال المعرِّي في الرِّثَاءِ :
فَتًى عَشِقَتْهُ الْبَابلِيَّةُ حِقْبَةً … …فَلم يَشْفِهَا مِنْهُ برَشْفٍ وَلَا لَثْم


(4) قال تعالى :
{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}
(154) سورة الأعراف.
(5) وقال المتنبي في وصف الأَسد :
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا
البحثُ:
في الأَبيات الثلاثة الأُولى استعاراتٌ مكنية وتصريحية؛ ففي البيت الأَول شُبِّهَ القلمُ (وهو مَرْجعُ الضمير في لسانه) بإنسانٍ ثم حذفَ المشبَّه به ورُمزَ إِليه بشيءٍ من لوازمه وهو اللسانُ، فالاستعارة مكنيةٌ، وشُبِّهَ المدادُ بالظلام بجامعِ السواد واستعيرَ اللفظ الدالُّ على المشبَّه به للمشبَّه على سبيل الاستعارة التصريحية، وشبِّهَ الورقُ بالنهار بجامعِ البياض ثم استعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّه به للمشبَّه على سبيل الاستعارة التصريحية.
وفي البيت الثاني شبِّهَ سيفَ الدولة مرةً بالشمسِ؛ ومرّةً بالبدر بجامعِ الرفعة والظهور، ثم استعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّه به وهو الشمسُ والبرد للمشبَّه على سبيل الاستعارة التصريحية في الكلمتين، وشبِّهَ مَنْ دونه مرَّة بالسُّها ومرَّة بالنجومِ يجامعِ الصِّغَر والخفاء، ثم استعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّه به وهو السُّها والفراقد للمشبَّه على سبيل الاستعارة التصريحية في الكلمتين.
وفي البيت الثالث شُبِّهتِ البابليةُ -وهيَ الخمرُ - بامرأةٍ ثم حذفَ المشبَّه به ورُمزَ إليه بشيء من لوازمه وهو "عشِقَتْهُ" على سبيل الاستعارة المكنية.
إِذا رجَعْتَ إِلى كل إجراءٍ أجريناه للاستعارات السابقة، رأيتَ أننا في التصريحية استعرنا اللفظَ الدالَّ على المشبَّه به للمشبَّه وأننا لم نَعْملْ عملاً آخرَ، ورَمَزْنا إليه بشيءٍ من لوازمه، وأَنَّ الاستعارةَ تمَّت أيضاً بهذا العمل؛ وإذا تأملتَ ألفاظ الاستعارات السابقة رأيتها جامدةً غيرَ مشتقةٍ. ويسمَّى هذا النوع من الاستعارةِ بالاستعارةِ الأَصليةِ.
انظر إِذًا إِلى المثالين الأَخيرين تجدْ بكلٍّ منهما استعارةً تصريحيةً، وفي إجرائها نقول: شبِّهَ انتهاءُ الغضبِ بالسكوتِ بجامع الهدوءِ في كلًّ، ثم استعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّه به وهو السكوتُ للمشبَّه وهو انتهاءُ الغضبِ ثم اشتقَّ من السكوتِ بمعنى انتهاءِ الغضب سكتَ بمعنى انتهى.
وشُبِّهَ وصولُ صوت الأَسد إِلى الفرات بوصولِ الماءِ بجامعِ أنَّ كلاًّ ينتهي إلى غايةٍ ثم استعيرَ اللفظ الدالُّ على المشبَّه به وهو الورود للمشبَّه وهو وصول الصوتِ ثم اشتُقَّ منَ الورود بمعنى وصول الصوت ورد بمعنى وصل.
فإذا أنتَ وازنتَ بين إِجراءِ هاتين الاستعارتين وإِجراء الاستعاراتِ الأولى رأيتَ أَنَّ الإِجراءَ هنا لا ينتهي عند استعارةِ المشبَّه به للمشبَّه كما انتهى في الاستعارات الأُولى، بل يزيدُ عملا آخرَ وهو اشتقاقُ كلمةٍ من المشبَّه به، وأنَّ ألفاظ الاستعارة هنا مشتقةٌ لا جامدةٌ، ويسمَّى هذا النوعُ من الاستعارة بالاستعارةِ التبعيةِ، لأنَّ جريانِها في المشتقِّ كان تابعاً لجريانها في المصدر.
ارجع بنا ثانياً إلى المثالين الأخيرين لنتعلَّم منهما شيئاً جديدًا، ففي الأول وهو " وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ " يجوز أنْ يشبَّه الغضبُ بإنسان ثم يحذفُ المشبَّه به ويرْمز إليه بشيءٍ من لوازمه وهو سكتَ فتكون في "الغضبِ" استعارةٌ مكنيةٌ. وفي الثاني وهو "ورد الفراتَ زئيره" يجوز أن يشبَّه الزئيرُ بحيوان ثم يحذف ويرمز إليه بشيء من لوازمه وهو ورد فيكون في "زئيره" استعارةٌ مكنيةٌ، وهكذا كلُّ استعارةٍ تبعيةٍ يصحُّ أنْ يكون في قرينتها استعارةٌ مكنيةٌ غيرَ أنه لا يجوز لك إجراءَ الاستعارة إِلا في واحدةٍ منهما لا في كلتيهما معاً.
القواعدُ:
(14) تَكُونُ الاستعارةُ أَصْلِيّةً إِذا كان اللفظُ الذي جَرَتْ فيه اسماً جامدًا.
(15) تكون الاستعارةُ تَبَعِيّةً إِذا كانَ اللفظُ الذي جَرَتْ فيه مُشْتَقًّا أَوْ فِعْلا
(16) كلُّ تَبَعِيّةٍ قَرينَتُها مَكْنِيَّةٌ ، وإذا أُجْريتِ الاستعارةُ في واحدةٍ منهما امْتَنَعَ إِجْرَاؤُها في الأُخرَى.
نموذجٌ
(1) قال الشاعر :
عضَّنا الدهرُ بِنابهْ ... ليْتَ ما حلَّ بِنابهْ
(2) وقال المتنبي :
حَمَلْتُ إلَيْهِ مِنْ لِسَانِي حدِيقَةً … …سقاها الحِجَى سَقيَ الرِّياضِ السَّحائبِ
(3) وقال آخر يخاطب طائرًا :
أَنْت في خضْراءَ ضاحِكةٍ … …مِنْ بكاءِ العارض الهتِن
الإجابةُ
(1) شُبِّهَ الدهرُ بحيوان مفْترسٍ بجامع الإيذاء في كلٍّ، ثم حُذفَ المشبَّه به ورُمزَ إِليه بشيءٍ من لوازمه وهو "عضَّ" فالاستعارة مكنيةٌ أصليةٌ.
(2) شُبِّه الشعرُ بحديقةٍ بجامع الجمالِ في كلٍّ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبَّه به للمشبَّه فالاستعارةُ تصريحيةٌ أصليةٌ، وشُبِّهَ الحِجا وهو العقل بالسحاب بجامع التأثير الحسن في كلٍّ وحذف المشبَّه به ورمز إِليه بشيءٍ من لوازمه وهو "سقَى" فالاستعارة مكنيةٌ أصليةٌ.
(3) شُبِّهَ الإزهارُ بالضحِك بجامع ظهور البياضِ في كلٍّ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبَّه بهِ للمشبَّه، ثم اشتُقَّ من الضحك بمعنى الإزْهار ضاحِكةً بمعنى مُزهِرة، فالاستعارةُ تصريحيةٌ تبعيةٌ.
ويجوز أنْ نضرب صفْحاً عن هذه الاستعارة، وأَنْ نجْريها في قرينتها فنقول: شبِّهتِ الأرضُ الخضراء بالآدميِّ، ثم حذف المشبَّه به ورمز إِليه بشيءٍ من لوازمه وهو ضاحكةٌ فتكون الاستعارة ُمكنيةً.
وشُبِّه نزول المطرِ بالبكاء بجامع سقوط الماء في كلٍّ، ثم استعير اللفظ الدالُّ عَلى المشبَّه به للمشبَّه، فالاستعارةُ تصريحيةٌ أصليةٌ، ويجوز أن تُجْرَى الاستعارةُ مكنيةً في العارض.
تمريناتٌ
(1)بيِّن الاستعارةَ الأصليةَ والتبعية فيما يأتي:
(1) قال السَّريُّ الرّفاءُ يَصِف شِعْرَهُ :
إذا ما صافحَ الأسماعَ يوماً تبسَّمَتِ الضَّمائرُ والقلوبُ
(2) وقال ابن الرُّوميِّ :
بلدٌ صحِبْتُ به الشبيبةَ والصِّبا ... ولَبِسْتُ ثوبَ العيشِ وهو جديدُ
(3) وقال أيضاً :
حَيَّتْكَ عنَّا شمالٌ طافَ طائفُها بجنه فَجَّرَتْ رَوحاً ورَيْحانا
هبتْ سُحَيراً فناجَى الغُصْنُ صاحبَه ... سِرًّا بها وتداعَى الطيرُ إعلانا
(4) وقال البحتريُّ في وصف جيشٍ :
وإذا السّلاحُ أضَاءَ فيهِ حسبَته بَرّاً تَألّقَ فيهِ بَحْرُ حَدِيدِ
(5) قال ابن نُباتةَ السَّعْدِى في وصف مُهْرِ أغَرَّ :
وأدْهمَ يَسْتَمِدُّ الليْلُ مِنْه … …وتطْلُع بَيْن عَيْنَيْهِ الثُّريا
(6) وقال التّهاميُّ في رثاء ابنه :
يا كَوْكباً ما كانَ أَقْصرَ عُمْرَهُ … …وكَذاكَ عُمْرُ كَواكِبِ الأسْحار
(7) وقال الشريفُ في الشّيب :
ضؤءٌ تَشَعْشَعَ في سوادِ ذَوَائبي … …لا أَسْتضيءُ بهِ ولا أسْتَصْبحُ
بعْتُ الشبابَ بهِ على مِقةٍ لَه … …بَبْعَ العليمِ بِأَنَّه لا يرْبح
(8) وقال البحتريُّ في وصف قَصْرٍ :
مَلأتْ جَوَانِبُهُ الفَضَاءَ، وَعَانَقَتْ شُرُفَاتُهُ قِطَعَ السّحَابِ المُمطِرِ
(9) وقال في وصف روضةٍ :
يُضَاحِكُها الضّحَى طَوْراً، وَطَوْراً عَلَيْها الغَيْثُ يَنسَجِمُ انسِجَامَا
(10) وقال في الشَّيْبِ :
وَلِمَّةٍ كُنْتُ مَشْغُوفاً بِجِدّتِها، فَمَا عَفَا الشّيبُ لي عَنها ولا صَفَحَا
(11) وقال ابن التَّعاوِيذي في وصف روضةٍ :
وأعطافُ الغصُونِ لَها نشَاطٌ … …وأنْفاسُ النسِيم بها فُتُورُ
(12) وقال مِهيار :
ما لِسَارِي اللهْوِ في لَيْلِ الصَّبَا … …ضَلَّ في فَجْرٍ برأسي وضَحا
(2)اجعلِ الاستعاراتِ التبعيةَ الآتية أصليَّةً:
(1) قال الشاعر :
إِنْ أَمْطرتْ عيْنَايََ سَحًّا فعنْ … …بَوَارقٍ في مَفْرِقي تَلْمعُ
(2) وقال الشاعر :
إِنَّ التَّباعُد لا يَضُـ … …ـرُّ إِذَا تقاربتِ القُلُوب
(3)و قال ابن المعتز يصف سحابة :
باكِيةٌ يَضحَكُ فيهَا بَرْقُهَا … …مَوْصُولةٌ بِالأرْض مُرخَاةُ الطُّنبْ

(3)اجعلِ الاستعاراتِ الأصليةَ تبعيةً فيما بأْتي:

(1) شرُّ الناسِ من يرْضَى بهدم دِينه لبناء دنياهُ.
(2) شِراءُ النفوسِ بالإحسانِ خيرٌ منْ بيْعِها بالعُدْوانِ.
(3) إِن خَوضَ المرءِ فيما لا يعْنيهِ وفرارهِ منَ الحقِّ منْ أسبابِ عِثارهِ.
(4) خيْرُ حِليةٍ للشبابِ كَبْحُ النفسِ عندَ جُموحِها.
(4)هاتِ ستَ استعاراتٍ منها ثلاثٌ أصليةٌ وثلاثٌ تبعيةٌ.
(5)اشرح قول السريِّ الرَّفاءَ في وصف دولاب وبيِّن ما فيه من استعارات:
فمِنْ جنَانٍ تريك النَّوْرَ مُبْتَسماً … …في غيْر إِبّانِه والماءَ مُنْسَكِبَا
كأنَّ دُولابها إِذ أنَّ مُغْتَرِبٌ … …نَأَى فحنَّ إِلى أوْطانِهِ طَربا
باكٍ إذا عقَّ زهْرَ الروْض والدُهُ … …مِنَ الغَمام غَدا فِيهِ أباً حَدِبا
مُشَمِّرٌ في مسِيرِ لَيْس يبْعِدُهُ … …عن المَحلِّ ولا يُبْدِى لَه تَعبا
ما زَالَ يَطلُبُ رِفْدَ البحْرِ مُجْتَهِدًا … …لِلْبَرّ حتَّى ارْتَدَى النُّوَّارَ والعُشُبَا


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 05:39 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: البلاغةُ الواضِحَةُ

(3) تقسيمُ الاستعارةِ إلى مرشَّحةٍ ومجرَّدةٍ مُطلَقةٍ
الأمثلةُ:
(أ)
(1) قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ...} (16) سورة البقرة.
(2) وقال البحتريُّ :
يُؤدّونَ التّحِيّةَ مِنْ بَعِيدٍ، إلى قَمَرٍ، مِنَ الإيوَانِ، بَادِ
(3) وقال تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ } (11) سورة الحاقة.
(ب)
(4) وقال البحتريُّ :
وأرى المنايا إنْ رَأتْ بكَ شَيْبَةً جَعَلَتْكَ مَرْمَى نَبلِهَا الْمُتَواتِر
(5) كانَ فُلانٌ أكْتَبَ الناس إِذا شَربَ قلمُهُ منْ دَوَاتِه أوْ غَنَّى فوْقَ قِرْطاسهِ.
(6) وقال قُرَيْظُ بن أُنَيْف :
قَوْمٌ إِذَا الشَّرُّ أبْدَى ناجذيْهِ لَهُمْ طارُوا إِلَيْهِ زَرافاتٍ ووُحْدانَا
البحثُ:
في الأمثلة الأولى استعاراتٌ تصريحية في "اشتروا " بمعنى اختاروا، وفي "قمر" الذي يراد به شخص الممدوح، وفي "طغى" بمعنى زاد، وقد استوفت كلُّ استعارة قرينتَها، فقرينة الأولى "الضلالة"و قرينة الثانية "يؤدون التحية" وقرينة الثالثة "الماءُ"، وإِذا تأملتَ الاستعارة الأولى رأيت أنها قد ذكِر معها شيءٌ يلائم المشبَّه به، وهذا الشيءُ هو "فما ربحت تجارتهم"، وإِذا نظرتَ إِلى الاستعارة الثانية رأَيت بها شيئاً من ملائمات المشبَّه، وهو "من الإيوان باد"، وإِذا تأملت الاستعارةَ الثالثة رأيتها خاليةً مما يلائمُ المشبَّه به أو المشبَّه.
والأمثلة الثلاثة الثانية تشتمل على استعاراتٍ مكنيةٍ هي "الضمير" في رأت الذي يعود على المنايا التي شُبِّهتْ بالإنسان. و"القلم" الذي شُبِّه بالإنسان أيضاً و "الشرُّ" الذي شُبِّه بحيوان مفترس، وقد تمَّتْ لكل استعارة قرينتُها، إِذْ هي في الأُولى إِثبات الرؤْية للمنايا، وفي الثانية إثباتُ الشرب والغناء للقلم، وفي الثالثة إِثباتُ إِبداء الناجذيْن للشرِّ.
وإِذا تأملتَ رأيتَ أنَّ الاستعارة الأولى اشتملتْ على ما يُلائم المشبَّه به وهو "جعلتكَ مرمى نبلها" وأَنَّ الاستعارة الثانيةَ اشتملت على ما يلائم المشبَّه وهو "دواتُه قرطاسه"، وأَنَّ الاستعارة الثالثة خَلَتْ مما يلائم المشبَّه أَو المشبَّه به،و الاستعارة التي من النوع الأَول تسمَّى مرشحةً، والتي من النوع الثاني تسمَّى مجردةً، والتي من النوع الثالث تسمَّى مطلقةً.
القواعدُ:
(17) الاستعارة المُرَشَّحَةُ: ما ذُكِرَ معها مُلائم المشبَّهِ بهِ.
(18) الاستعارةُ المجرَّدَةُ: ما ذكِرَ معها مُلائمُ المشبَّهِ.
(19) الاستعارُة الْمُطْلَقة: ما خَلَتْ منْ مُلائماتِ المشبَّهِ به أو المشبَّه .
(20) لا يُعْتَبَرُ الترشيحُ أو التجريدُ إِلا بَعْدَ أنْ تَتمَّ الاستعارةُ باستيفائها قَرينَتَها لفظيةً أو حالِيَّةً، ولهذا لا تُسَمَّى قَرينةُ التصريحيةِ تجْريدًا، ولا قِرينةُ المكْنيةِ تَرْشِيحاً.
نَموذَجٌ
(1) خلُقُ فلانٍ أرقُّ منْ أنْفاس الصَّبا إِذا غازلت أزْهارَ الرُّبا .
(2) قال الشاعر :
فَإِنْ يهْلِكْ فكلُّ عمودِ قَوْمٍ … …مِنَ الدُّنْيا إِلى هُلْكٍ يَصِيرُ
(3) إِنِّي شديدُ العطشِ إِلى لِقائِك.
(4) قال تعالى :
ولَيْلَةٍ مَرِضَتْ من كُلِّ ناحِيَةٍ ... فلا يُضيءُ لها نَجْمٌ ولا قَمَرُ
(5) وقال الشاعر :
سَقاكِ وحَيّانَا بكِ الله إنّمَا على العِيسِ نَوْرٌ والخدورُ كمائِمُهْ
الإجابةُ
(1) في كلمة الصَّبا وهي الريحُ التي تَهُبُّ منْ مطلَع الشمس - استعارةٌ مكنيةٌ ،لأَنها شُبِّهت بإِنسان وحذِفَ المشبَّه به ورُمِزَ إِليه بشيءٍ من لوازمه وهو أَنفاس الذي هو قرينة المكنية، وفي "غازلت" ترشيحٌ.
(2) في عمود استعارةٌ تصريحيةٌ أَصليةٌ، شُبِّهَ رئيسُ القوم بالعمود بجامع أَنَّ كلاًّ يحْمِل، والقرينة "يهلِك"، وفي "إلى هُلْك يصير" تَجْريدٌ.
(3) شُبِّه الاشتياقُ بالعطش بجامع التطلعِ إلى الغاية، فالاستعارةُ تصريحيةٌ أصليةٌ، والقرينة "إلى لقائك" وهي استعارةٌ مطلقةٌ.
(4) في مرضتُ استعارةٌ تبعية شُبِّهتِ الظلمة بالمرض والجامعُ خَفَاءُ مظاهر النشاط، ثم اشتُق من المرض مرِضتُ، فالاستعارة تصريحيةٌ تبعيةٌ، وفي "ما يضيءُ لها نجم ولا قمر" تجريدٌ.
(5) النورُ: الزهْر، أو الأَبيض منه، والمرادُ به هنا النساء، والجامع الحُسْنُ؛ فالاستعارة تصريحيةٌ أصليةٌ، وفي ذكر الخُدور تجريدٌ، وفي ذكر الكمائم ترشيحٌ فالاستعارةُ مطلقةٌ.
تمريناتٌ
(1)بيِّن نوعَ كلِّ استعارةٍ فيما يأْتي، وعيِّن الترشيحَ الذي بها:
(1) قال السريّ الرفاء :
وقدْ كتَبَتْ أَيْدي الرّبيع صحائفًا … …كأَنَّ سُطُورَ السَّرْوِ حُسْناً سُطُورُهَا
(2) وقال الشاعر :
إِذَا ما الدَّهْرُ جَرَّ على أُناسِ ... حَوَادثَهُ أَناخَ بآخَرينا
(3) وقال المتنبي في ذمّ كافور :
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
(4) وقال علي الجارم في وصفِ موْقِعةٍ :
والموتُ يَخْطرُ في الْجمُوعِ وحَولَه أَجْنادُه من أَنْصُلٍ وَعَوالى
(5) وقال الشاعر :
رأَيتُ حباَلَ الشمسِ كفةَ حابلٍ … …تُحيطُ بِنَا مِنْ أَشْمُلٍ وحُنُوبِ
نَروحُ بِها والموْتُ ظَمْآنُ ساغِبٌ … …يلاحِظُنا في جيئةٍ وذُهوبِ
(6) وقال المتنبي :
أتَى الزّمَانَ بَنُوهُ في شَبيبَتِهِ فَسَرّهُمْ وَأتَينَاهُ عَلى الهَرَمِ
(7) وقال أَبو تمام :
نامَت هُمومِي عَنِّي حِينَ قُلْتُ لَهَا … …هذَا أَبو دُلَفٍ حَسْبي بهِ وكَفى!
(8) حاذِرْ أِنْ تقتُلَ وقْتَ شبابِك، فإِنَّ لكلِّ قتلٍ قِصَاصاً .
(9) وقال بعضهم في وصف الكتب :
لنَا جُلَسَاءُ لا نَمَلُّ حَدِيثَهمْ … …أَلِبَّاءُ مأْمُونُون غَيْبًا وَمَشْهَدَا
(10) وقال أَبو تمام :
لمَّا انْتضَيْتُك لِلْخُطُوبِ كُفِيتُها … … والسَّيْفُ لا يَكْفِيكَ حتَّى يُنْتَضَى
(11) تَلطَّخَ فلانٌ بعارٍ لن يُغْسلَ عنه أَبدًا.
(2)ما نوعُ الاستعاراتِ الآتيةِ وأَينَ التجريدُ الذي بها؟
(1) رَحِمَ الله امرأً أَلجمَ نَفْسَه بإِبعادها عنْ شهواتها.
(2) اشتَر ِبالمعروفِ عِرْضَكَ منَ الأَذى.
(3) أضاءَ رأْيُهُ مُشْكلاتِ الأُمورِ.
(4) انطلقَ لسانُه عن عِقاله فأَوْجزَ وأَعْجَزَ.
(5) ما اكتحلتْ عينُه بالنوم أَرقاً وتَسهيدًا.
(6) قال المتنبي :
وحَجّبَتِ النّوَى الظّبَيَاتِ عني فَساعَدَتِ البراقِعَ والحِجالا
(7) لا تَخضْ في حديثٍ ليس منْ حقِّكَ سماعُه.
(8) لا تتَفكَّهُوا بأعراضِ الناسِ، فَشَرُّ الخُلُقِ الغِيبةُ.
(9) ببنَ فَكَّيْهِ حُسام مُهَنَّدٌ، لهُ كلامٌ مُسَدَّدٌ.
(10) اكتستِ الأَرضُ بالنباتِ والزهْر.
(11) تَبسَّم البَرقُ فأضاءَ ما حولَه.
(3)بيِّن لِمَ كانتِ الاستعاراتِ الآتيةَ مطلقةً واذكر نوعها:
(1) قال أَعرابي في الخمر : لا أشربُ ما يَشْربُ عقلي .
(2) وقال المتنبي يخاطب ممدوحه :
يا بَدْرُ يا بحْرُ يا غَمامَةُ يا لَيثَ الشّرَى يا حِمامُ يا رَجُلُ
(3) ووصف أعْرابيٌّ قَحْطاً فقال : الترابُ يابسٌ والمالُ عابس .
(4) وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (175) سورة البقرة.
(5) رأيتُ جِبالاً تَمْخُرُ العُبابَ.
(6) طارَ الخبَرُ في المدينةِ.
(7) غنًى الطيرُ أُنْشُودَتَهُ فوقَ الأغصان.
(8) برزَتِ الشمسُ منْ خِدْرِها.
(9) يَهْجمُ علينا الدَّهْرُ بجيشٍ منْ أيامِهِ ولياليهِ.
(4)بيِّن الاستعاراتِ الآتيةَ وما بها من ترشيحٍ أو تجريدٍ أَو إطلاقٍ :
(1) قال المتنبي :
في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا
(2) قال التِّهاميُّ يعتذر لحسَّاده :
لا ذَنْب لي قدْ رُمْتُ كَتمَ فَضَائلي … …فَكأَنَّما برقعْتُ وجْهَ نهارِ
(3) قال أبو تمام في المديح :
نَال الْجزيرةَ إِمْحالٌ فقُلتُ لهمْ … …شِيموا نَداهُ إذا ما البرْقُ لَم يُشَم
(4) قال بدرُ الدين يوسُف الذهبي :
هلم يَا صاحِ إِلى رَوْضَةٍ … …يجْلُو بِها العاني صدَا هَمِّهِ
نَسِيمُهَا يَعْثُرُ فِي ذيلهِ … …وَزَهْرُهَا يضْحَك فِي كُمِّهِ
(5) قال ابن المعتز :
ما تَرى نِعْمةَ السَّماءِ على الأرْ … …ض وشُكْرَ الرِّياضِ للأمْطارِ ؟
(6) قال سعيدُ بن حميد :
وعَد البدْرُ بالزيارةِ لَيْلا … …فَإذا ما وفَّى قَضيْتُ نُذُورِي
(7) زارني جبلٌ ضِقْتُ ذَرْعًا بِثرْثَرتِهِ .
(8) قال أعرابيٌّ : ما أشدَّ جَوْلَة الرأي عندَ الهوَى، وأشقَّ فِطامَ النفسِ عند الصَّبا .
(9) ووصف أعرابيٌّ بَنِي بَرْمك فقالَ: رأيتهم وقد لبسُوا النعمةَ كأنها مِنْ ثيابهم.
(5)اجعلِ الاستعاراتِ الآتيةَ مرَّةً مرشحةً ومرةً مجردةً:
لا تلبَسِ الرياءَ، ولا تَجرِ وراء الطيشِ، ولا تعبَثْ بمودةِ الإِخوانِ، ولا تصاحبِ الشرَّ، ولا تنخدعْ إذا نظرتَ في الأمور- بسرابٍ ،بل اتبَّع النورَ دائماً في هذه الدنيا، واجتنبِ الظلامَ، وإذا عَثرتَ فقمْ غير يائسٍ. وإِذا حارَبك الدهرُ، فتجمَّلْ غيرَ عابسٍ.
(6)(أجب عما يلي ): (أ) هاتِ ستَّ استعاراتٍ تصريحيةٍ فيها المرشحةُ والمجردة ُوالمطلقةُ.
(ب) " " " مكنيةٍ " " " "
(7)اشرح الأبياتَ الآتيةَ وبيِّن ما فيها من ضروبِ الحُسْنِ البياني:
قال الشريف في وصف ليلةٍ :
وَلَيْلَة ٍ خُضْتُهَا عَلى عَجَلٍ وَصُبْحُهَا بالظّلامِ مُعتَصِمُ
تَطَلّعَ الفَجْرُ مِنْ جَوَانِبِهَا وَانْفَلَتَتْ مِنْ عِقَالِهَا الظُّلَمُ
كأنَّما الدَّجْنُ في تَزاحُمِهِ … …خيْلٌ، لَها مِنْ بُرُوقهِ لُجمُ
=================
(4) الاستعارُة التمثيليَّةُ
الأَمثلةُ:
(1) عادَ السَّيْفُ إلى قِرَابهِ، وَحلَّ اللَّيْثُ منيعَ غابه.(المجاهدُ عاد إِلى وطنه بعد سفر)
(2) قال المتنبي :
وَمَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ يَجِدْ مُرًّا بهِ الْمَاءَ الزُّلالا
(لمن لم يرزقِ الذَّوْق لفِهْم الشعر الرائعِ)
(3) قَطَعَتْ جَهيزَةُ قَوْلَ كلِّ خَطيبِ .
(لمن يأْتي بالقول الفَصْلِ)
البحثُ:
حينما عاد الرجلُ العامل إِلى وطنه لم يَعُدْ سيفٌ حقيقيٌّ إِلى قرابه، ولم يَنزِل أَسَدٌ حقيقيٌّ إِلى عرِينه، وإِذًا كلُّ تركيب من هذين لم يستعمل في حقيقته، فيكون استعماله في عوْدة الرجل العامل إِلى بلده مجازًا والقرينةُ حالِيَّةُ، فما العلاقة بين الحالين يا ترى، حالِ رجوع الغريبِ إلى وطنه، وحال رجوع السيف إِلى قِرَابه؟ العلاقةُ المشابهةُ؛ فإِنَّ حال الرجل الذي نزل عن الأَوطان عاملا مجِدًّا ماضياً في الأُمور ثم رجوعَه إِلى وطنه بعد طول الكدِّ، تشْبهُ حال السيف الذي استُلَّ للحرب والجِلاد حتَّى إِذا ظفِر بالنصر عاد إِلى غِمْده. ومثل ذلك يقال في: "وحلَّ الليثُ مَنِيع غابهِ".
وبيتُ المتنبي يدلُّ وضْعه الحقيقيُّ على أَنَّ المريض الذي يصاب بمرارة في فمه إذا شربَ الماءَ العذبَ وجده مُرًّا، ولكنه لم يستعمله في هذا المعنى بل استعمله فيمنْ يَعيبون شِعْرَه لعيْب في ذوقهم الشعريِّ. وضعْف في إدراكهم الأدبيِّ، فهذا التركيبُ مجازٌ قرينتُه حالِيَّةٌ، وعلاقتُه المشابهة، والمشبَّه هنا حال المُولَعين بذمِّه والمشبَّه به حالُ المريض الذي يجد الماءَ الزلال مرًّا.
والمثالُ الثالث مَثلٌ عربيٌ، أَصلُهُ أنَّ قوماً اجتمعوا للتشاور والخطابة في الصلح بين حييْن قَتلَ رجلٌ من أَحدهما رجلاً من الحيِّ الآخر، وإنهم لكذلك إذا بجاريةٍ تُدْعَى جَهيزةَ أَقبلت فأَنبأَتهم أَنَّ أَولياءَ المقتولِ ظَفِرُوا بالقاتل فقتلوهُ، فقال قائل منهم: "قَطَعَتْ جَهيزَةُ قَوْلَ كلِّ خَطِيب"، وهو تركيب يُتَمَثلُ به في كل موطن يؤتَى فيه بالقول الفصل.
فأَنتَ ترى في كل مثال من الأمثلة السابقة أنَّ تركيباً استعمل في غير معناه الحقيقي، وأنَّ العلاقة بين معناه المجازيِّ ومعناه الحقيقيِّ هي المشابهةُ. وكلُّ تركيب من هذا النوع يُسمَّى استعارةً تمثيليةً .
القاعدةُ:
(21) الاستعارةُ التمثيلية تركيبٌ استُعْمِلَ في غير ما وُضِعَ له لِعلاَقَةِ المشابَهةِ مَعَ قَرينَةٍ مَانِعةٍ مِنْ إِرادةِ مَعْناهُ الأَصْليِّ.
نَمُوذَجٌ
(1) منْ أَمثالِ العرب : قبل الرِّماءِ تُمْلأُ الكَنائنُ
(إِذا قُلْتَه لمن يريد بناءَ بيتٍ مثلاً قبلَ أَنْ يتوافر لديه المالُ).
(2) أَنتَ ترقُمُ على الماءِ (إِذا قلتَه لمنْ يلِحُّ في شأْنٍ لا يمكنُ الحصولُ منه على غايةٍ).
الإجابةُ
(1) شُبِّهَتْ حالُ من يريد بناءَ بيت قبل إعداد المال له. بحال من يريد القتال وليسَ في كِنانته سهام، بجامع أَن كلا منهما يتعجلُ الأَمر قبل أَن يُعِدَّ له عُدتهُ، ثم استعير التركيب الدالُّ على حال المشبَّه به للمشبَّه على سبيل الاستعارة التمثيليةِ، والقرينةُ حاليَّةٌ. (2) شُبِّهت حالُ من يُلحُّ في الحصول على أَمر مستحيلٍ، بحال منْ يرقُمُ على الماءِ، بجامعِ أَن كلاًّ منهما يعْملُ عملاً غيْر مُثْمِرٍ، ثم استعير التركيب الدالُّ على المشبَّه به للمشبَّه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والقرينةُ حاليَّةٌ.
تمريناتٌ
(1) افرضْ حالاً تجْعَلُها مشبَّهاً لكُلٍّ من التراكيب الآتية، ثم أَجْرِ الاستعارةَ في خمسة تراكيب.

(1) إِنَّك لا تَجْني منَ الشَّوْكِ العنبَ (11) المورِدُ الْعذْبُ كثير الزِّحام.
(2) أَنت تنْفُخُ في رَمَادٍ (12) « اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ » .
(3) لا تنْثُرِ الدُّرَّ أمامَ الخنازير (13) أَنتَ تحْصُدُ ما زَرَعْتَ.
(4) يبتغي الصَّيْدَ في عِرِّيسَة الأسد (14) أِلْقِ دَلْوَكَ في الدِّلاءِ.
(5) أَخذَ الْقوْسَ باريها (15) يُخَرِّبون بيوتَهم بأَيديهم.
(6) اِستسْمَنْتَ ذا وَرَم. (16) إنَّ الحديد بالحديد يُفلحُ .
(7) أَنتَ تَضربُ في حديدٍ بارد (17) لا بُدَّ للمصدور أَن يَنْفُث
(8) هو يَبني قصوراً بغير أَساس (18) لكلِّ جوادٍ كبْوة
(9) لكل صارم نبْوَة (19) ومَن قصَد البحْرَ استقلَّ السَّواقِيا
(10) لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ (20) أحَشفاً وسوءَ كِيلة .
(2)بيَّنْ نوع كلِّ استعارةٍ منَ الاستعاراتِ الآتيةِ وأَجرها:
(1) قال المتنبي :
غَاضَ الوَفَاءُ فَما تَلقاهُ في عِدَةٍ وَأعوَزَ الصّدْقُ في الإخْبارِ وَالقَسَمِ
(2) قال البحتري :
إذا ما الجُرْحُ رُمَّ على فَسَادٍ، تَبَيّنَ فيهِ تَفْرِيطُ الطّبيبِ
(3) وقال الشاعر :
متى يَبْلُغُ البَنْيانُ يَوْماً تَمامُهُ ... إذا كنتَ تَبْنِيهِ وغَيْرُكَ يَهْدِمُ
(4) وقال تعالى: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} (6) سورة الفاتحة.
(5) وقال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} (99) سورة الكهف .
(6) وقال البارودي :
ودعْ مِنَ الأمرِ أدناهُ لأبعدهِ..في لُجَّةِ البَحْرِ ما يُغْنِي عَنِ الوَشل !
(7) وقال آخر :
وَمَن مَلك البلادَ بغير حرْبٍ … …يهونُ علَيْهِ تسْلِيمُ البلادِ
(8) وقال أبو الطّمحان القينيِّ :
أَضاءتْ لَهُمْ أَحْسابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ دُجَى اللَّيلِ حتَّى نَظَّمَ الجَزْعَ ثاقِبُهْ
(9) وقال أبو فراس الحمداني :
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا، و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
(10) وقال المتنبي :
إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ
(11) أَنتَ كمستبضعِ التمرِ إِلى هَجْر .
(12) وقال المتنبي :
وَتُحْيي لَهُ المَالَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا وَيَقْتُلُ ما تحيي التّبَسّمُ وَالجَدَا
(13) وقال يخاطب سيف الدولة :
ألا أيّها السّيفُ الذي لَيسَ مُغمَداً وَلا فيهِ مُرْتابٌ وَلا منْهُ عَاصِمُ
(14) لاَ يضُرُّ السحابَ نُباحُ الكلابِ .
(15) لا يَحمدُ السيفُ كلَّ منْ حَملَه
(16) وقال مَعْن بن أَوس المُزَنِيّ :
وذِي رحِمٍ قَلَّمْتُ أَظْفارَ ضِغْنِهِ ... بِحِلْمِيَ عَنْهُ، وهُوَ لَيْسَ له حِلْمُ
(17) لا تعْدَمُ الْحسْناءُ ذاَماً
(18) وقال تعالى على لسان السحرة : {وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } (126) سورة الأعراف.
(3)اجعل التشبيهاتِ الضمنيةَ الآتيةَ استعاراتٍ تمثيليةً بحذف المشبَّه وفْرض حال أخرى مناسبة تجعلها مشبَّهة:
(1) قال المتنبي :
وَلم أرْجُ إلاّ أهْلَ ذاكَ وَمَنْ يُرِدْ مَوَاطِرَ من غَيرِ السّحائِبِ يَظلِمِ
(2) وقال عبد الصمد بن بابك :
فإنْ زَعمَ الأملاكُ أنَّكَ منهُمُ ... فَخاراً فإنَّ الشمسَ بعضُ الكواكبِ
(3) وقال المتنبي :
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
(4) وقال المتنبي أيضاً :
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
(5) وقال بعضهم في شريفٍ لا يكادُ يجدُ قوتاً :
أيشْكُو لئيمُ القوم كظًّا وبطْنَةً … …وَيَشْكُو فتى الْفِتْيانَ مسَّ سُغُوبِ
لأمرٍ غَدا ما حَوْل مَكَّة مقفِرًا … …جدِيباً وباقي الأرض غَيْرُ جدِيب
(4)اجعل الاستعاراتِ التمثيليةَ الآتيةَ تشبيهاتٍ ضمنيةٍ بذكر حالٍ مناسبة تجعلُها مشبَّهة قبل كل استعارةٍ:
(1) يمشي رُوَيْدًا ويكُونُ أوَّلاً
(2) رضيتَ من الغنيمة بالإِياب
(3) أَنتَ تضيءُ للناس وتحْتَرقُ.
(4) كَفى بك داءً أن تَرَى المَوتَ شَافِياً .
(5) ليس التَّكحُّلُ في العيْنَين كالكَحَل .
(6) ولا بُدَّ دُون الشَّهْدِ مِنْ إبرِ النَّحْل .
(7) هو ينْفُخُ في غير ضُرَمٍ .
(8) أنتَ تحْدو بلاَ بعيرٍ .
(5)اذكر لكلِّ بيتٍ من الأَبياتِ الآتيةِ حالاً يُستشهدُ فيها بهِ ثم أَجرِ الاستعارةَ وبينْ نوعها:
(1) قال المتنبي :
ومَنْ يَجعَلِ الضِّرْغامَ للصّيْدِ بازَهُ تَصَيّدَهُ الضّرْغامُ فيما تَصَيّدَا
(2) وقال نصر بن سيار :
أرى خَلَل الرّمادِ ومِيضَ نَارٍ … …ويُوشكُ أَنْ يكون لها ضرامُ
(3) قال الحماسي محمد بن بشير :
قَدِّرْ لرِجْلِكَ قبلَ الخَطْوِ مَوْقِعَها ... فمَنْ عَلا زَلَقاً عنْ غِرَّةٍ زَلِجَا
(4) وقال المتنبي :
وفي تعبٍ منْ يحْسُدُ الشَّمْسَ ضَوءَها …ويِجهدُ أَن يأتي لهَا بِضريب
(5) وقال البوصيري :
قد تنكرُ العينُ ضوءَ الشمسِ منْ رمدٍ ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
(6) وقال المتنبي :
إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ
(7) وقال أيضاً :
ما الّذِي عِنْدَهُ تُدَارُ المَنايا ... كالَّذي عِنْدَهُ تُدارُ الشَّمُولُ
(8) قال كُثيّر عَزَّة في الغزل :
هنيئاً مريئاً غيرَ داءٍ مخامرٍ لعزَّة َ منْ أعراضنا ما استحلَّتِ
(9) وقال جرير يهجو الفرزدق :
زعمَ الفرزْدقُ أنْ سيقْتُل مِرْبَعاً … …أبْشرْ بِطول سلامةٍ يا مِرْبعُ
(10) وقال عبد الله بن محمد بن أبى عيينة :
ولا بُدَّ للماءِ في مِرْجَلٍ ... على النار مُوقَدَةً أَنْ يَفُورا
(11) وقال الشاعر :
إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
(12) وقال الشاعر :
لَقدْ هُزِلتْ حتَّى بدا مِن هُزالِها …كُلاها وحتى سَامها كلُّ مفلِس
(2)(أجب عما يلي ) :
(أ) هاتِ استعارة تمثيليةً تضْربها مثلاً لمن يكْسلُ ويطمعُ في النجاح.
(ب) " " " " " " ينفقُ أَموالَه في عملٍ لا ينتجُ.
(حـ) " " " " " " يكتبُ ثم يمحو ثم يكتب ُثم يمحو.
(د) هات مثلين عربيين وأَجرِ الاستعارة َالتمثيليةَ في كلٍّ منهما.
(7)اشرح قول المتنبي بإيجاز، واذكر ما أَعجبك فيه من التصوير البيانيِّ :
رماني الدَّهْرُ بالأَرْزَاء حتَّى … …فُؤَادي في غشاءٍ من نِبال
فصِرْتُ إذا أَصابتني سِهامٌ … …تَكسَّرتِ النِّصالُ عَلَى النصالِ
==============








(5) بلاغةُ الاستعارةِ
سبق لك أَنَّ بلاغة التشبيه آتيةٌ من ناحيتين: الأُولى تأْليف أَلفاظه، والثانية ابتكار مشبَّه به بعيد عن الأَذهان، لا يجول إِلا في نفس أديب وهب الله له استعدادًا سليماً في تعرُّف وجوه الشَّبه الدقيقة بين الأَشياء، وأودعه قدْرةً على ربط المعاني وتوليدِ بعضها من بعض إلى مدًى بعيدٍ لا يكاد ينتهي.
وسرُّ بلاغة الاستعارة لا يتعدَّى هاتين الناحيتين، فبلاغتها من ناحية اللفظ، أنَّ تركيبها يدل على تناسي التشبيه، ويحمْلك عمدًا على تخيُّل صورة جديدة تُنْسيك رَوْعَتُها ما تضمَّنه الكلام من تشبيه خفي مستور.
انظر إِلى قول البحتريِّ في الفتح بن خاقان :
يَسمُو بكَفٍّ، على العافينَ، حانيَةٍ،تَهمي، وَطَرْفٍ إلى العَلياءِ طَمّاحِ
ألست ترى كفَّه وقد تمثَّلتْ في صورة سحابةٍ هتَّانة تصُبُّ وبلها على العافين السائلين، وأنَّ هذه الصورة قد تملكت عليك مشاعرك فأذْهلتْكَ عما اختبأَ في الكلام من تشبيه؟
وإذا سمعتَ قوله في رثاء المتوكل وقد قُتلَ غيلةً :
صَرِيعٌ تَقَاضَاهُ السّيُوفُ حُشَاشَةً، يَجُودُ بها، والمَوْتُ حُمْرٌ أظافرُهْ
فهل تستطيع أن تُبعِد عن خيالك هذه الصورة المخيفة للموت، وهي صورةُ حيوان مفترس ضرِّجتْ أظافره بدماءِ قتلاه؟
لهذا كانت الاستعارةُ أبلغَ من التشبيه البليغ؛ لأنه وإِن بني على ادعاءِ أنَّ المشبَّه والمشبَّه به سواءٌ لا يزال فيه التشبيه منْوِيًّا ملحوظاً بخلاف الاستعارة فالتشبيهُ فيها مَنْسيٌّ مجحُودٌ؛ ومن ذلك يظهر لك أنَّ الاستعارة المرشحةَ أبلغُ من المطْلَقَةِ، وأنَّ المطلقة أبلغُ منَ المجردة.
أمَّا بلاغةُ الاستعارة من حيثُ الابتكارُ ورَوْعَة الخيال، وما تحدثه من أثرٍ في نفوس سامعيها، فمجالٌ فسيحٌ للإبداع، وميدانٌ لتسابق المجيدين من فُرسان الكلام.
انظر إلى قوله عزَّ شأْنه في وصف النار: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} (8) سورة الملك ، ترتسم أمامك النار في صورة مخلوقِ ضَخْمٍ بطَّاشٍ مكفهرِّ الوجه عابسٍ يغلي صدرُه حقدًا وغيظاً.
ثم انظر إلى قول أبى العتاهية في تهنئة المهدي بالخلافة :
أتتْهُ الخِلاَفَةُ مُنْقادَةً ... إلَيْهِ تُجَرِّرُ أذْيالَها
تجد أنَّ الخِلافة غادةٌ هيفاءُ مُدَلَّلَة ملولٌ فُتن الناس بها جميعاً، وهي تأْبى عليهم وتصدُّ إِعراضاً، ولكنها تأْتي للمهدي طائعة في دلال وجمال تجرُّ أَذيالها تيهاً وخفرًا.
هذه صورة لا شك رائعة أَبْدع أَبو العتاهية تصويرها، وستبقى حُلوة في الأسماع حبيبةً إِلى النفوس ما بقي الزمان.
ثم اسمع قول البارودي :
إِذَا اسْتَلَّ مِنْهُمْ سَيِّدٌ غَرْبَ سَيْفِهِ تفزَّعتِ الأفلاكُ ، والتفَتَ الدَهرُ
وخبرني عما تحسُّ وعما ينتابك من هول مما تسمع، وقل لنا :كيف خطرت في نفسك صورة الأَجرام السماوية العظيمة حيَّةً حساسة تَرتعِد فَزَعاً وَوَهَلا، وكيف تصورتَ الدهر وهو يلتفتُ دهشاً وذهولاً؟
ثم اسمع قوله في منفاه وهو نهْبُ اليأْس والأمل :
أَسْمَعُ فِي قَلْبِي دَبِيبَ الْمُنَى وألمحُ الشُّبهة َ فى خاطِرِى
تجد أَنه رسم لك صورة للأمل يتمَشى في النفس تمشيًّا مُحَسًّا يسمعه بأْذنه. وأنَّ الظنون والهواجس صار لها جسم يراه بعينه؛ هل رأَيت إِبداعاً فوق هذا في تصويره الشك والأمل يتجاذبان؟ وهل رأيت ما كان للاستعارة البارعة من الأَثر في هذا الإِبداع؟
ثم انظر قول الشريف الرضي في الودَاع :
نَسرِقُ الدّمعَ في الجُيوبِ حَياءً وَبِنَا مَا بِنَا مِنَ الإشفَاقِ
هو يسرق الدمع حتى لا يُوصمَ بالضعف والخَور ساعةَ الوداع، وقد كان يستطيع أن يقول: "نَستُر الدمع في الجيوب حياءً"؛ ولكنه يريد أن يسمو إِلى نهاية المُرْتقَى في سحر البيان، فإنَّ الكلمة "نسْرِقُ" ترسُم في خيالك صورةً لشدة خوفه أَنْ يظهر فيه أثرٌ للضعف، ولمهارته وسرعته في إِخفاء الدمع عن عيون الرقباء. ولولا ضِيق نطاق هذا الكتاب لعرضنا عليك كثيرًا من صور الاستعارة البديعة، ولكنا نعتقدُ أنَّ ما قدمناه فيه كفايةٌ وغِناءٌ.
= ===============










(6) المجازُ المرسلُ
الأَمثلةُ:
(1) قال المتنبيّ :
لَهُ أيَادٍ إليّ سَابِقَةٌ أعُدّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا
(2) وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} (13) سورة غافر.
(3) كَمْ بَعَثنَا الْجَيْشَ جرَّا رًا وَأَرْسَلْنا الْعُيُونَا
(4) وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } (7) سورة نوح.
(5) وقال تعالى: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (2) سورة النساء.
(6) وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام {إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} (27) سورة نوح.
(7) وقال تعالى: { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) } [العلق/17-19].
(8) وقال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (13) سورة الإنفطار.
البحثُ:
عرفتَ أنَّ الاستعارةَ من المجاز اللغوي، وأنها كلمةٌ استعملت في غير معناها لعلاقة المشابهة بين المعنيين الأصلي والمجازي، ونحن نطلب إليك هنا أنْ تتأَمل الأمثلة السابقة، وأَنْ تبحث فيما إِذا كانت مشتملة على مجاز.
انظر إلى الكلمة "أيادٍ" في قول المتنبي؛ أَتظن أنه أَراد بها الأيدي الحقيقية؟ لا. إِنه يريد بها النّعم، فكلمة أَياد هنا مجازٌ، ولكن هل ترى بين الأَيدي والنعم مشابهة؟ لا. فما العلاقة إِذا بعد أَنْ عرفت فيما سبق من الدروس أَنَّ لكل مجازٍ علاقةً، وأَنَّ العربيَّ لا يُرسل كلمةً في غير معناها إِلا بعد وجود صلة وعلاقة بين المعنيين؟ تأَملْ تجد أَنَّ اليد الحقيقية هي التي تمنح النعم فهي سببٌ فيها، فالعلاقة إِذًا السببيةُ، وهذا كثير شائع في لغة العرب.
ثم انظر إلى قوله تعالى: {ويُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السماءِ رزْقاً}؛ الرزق لا ينزلُ من السماءِ ولكنَّ الذي ينزل مطرٌ ينشأُ عنه النبات الذي منه طعامُنا ورزقُنا، فالرزق مسَّببٌ عن المطر، فهو مجاز علاقته المسببةُ، أَمَّا كلمة "العيون" في البيت فالمراد بها الجواسيسُ، ومنَ الهيِّن أن تفهم أنَّ استعمالها في ذلك مجازيٌّ، والعلاقة أنَّ العين جزءٌ من الجاسوس ولها شأنٌ كبير فيه، فأُطلق الجزء وأريد الكل: ولذلك يقال : إِنَّ العلاقة هنا الجزئيةُ.
وإِذا نظرت في قوله تعالى: {وإِنِّي كُلَّما دَعَوتُهُمْ لِتغفِر لهُمْ جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ في آذَانهمْ} رأيت أنَّ الإنسان لا يستطيع أنْ يضع إِصبعَهُ كلها في أُذنه، وأنَّ الأصابع في الآية الكريمة أُطلقتْ وأُريد أطرافُها فهي مجاز علاقته الكليةُ.
ثم تأمل قوله تعالى: {وآتُوا الْيتَامى أمْوَالَهم} تجد أَنَّ اليتيمَ في اللغة هو الصغير الذي مات أبوه، فهل تظن أنَّ الله سبحانه يأمر بإعطاءِ اليتامَى الصغار أموال آبائهم؟ هذا غير معقول، بل الواقع أن الله يأْمر بإعطاء الأموال منْ وصلوا سِنَّ الرُّشد بعد أن كانوا يتامَى، فكلمة اليتامى هنا مجاز لأنها استعملتْ في الراشدين والعلاقةُ اعتبار ما كانَ.
ثم انظر إلى قوله تعالى: {ولا يلِدُوا إِلاَّ فاجرا كفارا} تجدْ أنَّ فاجرًا وكفارًا مجازان لأنَّ المولود حين يولد لا يكون فاجرًا ولا كفارًا ، ولكنه قد يكونُ كذلك بعد الطفولة، فأُطْلِقَ المولود الفاجر وأريد به الرَّجلُ الفاجرُ والعلاقة اعتبارُ ما يكون.
أَما قوله تعالى: {فلْيَدْعُ نادِيهُ} والأَمر هنا للسخريةِ والاستخفافِ، فإِننا نعرف أنَّ معنَى النادي مكانُ الاجتماع، ولكنَّ المقصود به في الآية الكريمة مَنْ في هذا المكان مِنْ عشيرتِهِ ونُصرائه، فهو مجاز أُطلق فيه المحلُّ وأريدَ الحالُّ، فالعلاقة المحليةُ .
وعلى الضدِّ من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيم} والنعيم لا يحُلُّ فيه الإنسان لأنه معنًى من المعاني، وإنما يحلُّ في مكانه، فاستعمال النعيم في مكانه مجازٌ أطلق فيه الحالُّ وأريد المحلُّ فعلاقته الحاليةُ.
وإِذا ثبت كما رأيت أنَّ كل مجاز مما سبق كانت له علاقةٌ غيرُ المشابهة مع قرينة مانعة منْ إرادة المعنى الأصلي، فاعلم أنَّ هذا النوع من المجاز اللغوي يسمَّى المجازُ المرسلُ .
القواعدُ:
(22) المجازُ الْمُرسَلُ : كلمةٌ اسْتُعْمِلَتْ في غَيْر مَعناها الأَصْليِّ لعلاقةٍ غير المشابهةِ مَعَ قرينةٍ مانعةٍ من إِرادةِ المعنَى الأصْليِّ .
(23) مِنْ عَلاقات المجاز المُرْسَل:السَّببيَّةُ – المسَبَّبيَّةُ – الجُزئيةُ – الكليَّةُ - اعْتبَارُ
ما كانَ - اعتبارُ ما يكونُ – المَحَليَِّّةُ - الحالِّيَّةُ.
نَمُوذَجٌ
(1) شَرِبْتُ ماءَ النِّيل.
(2) ألقَى الخطيبُ كلمةً كانَ لها كبيرُ الأَثر.
(3)قال تعالى : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} (82) سورة يوسف.
(4) يَلْبَسُ المصريونَ القطنَ الذي تُنتِجُهُ بلادُهم.
(5) قال المتنبي :
وَالأعوَجيّةُ مِلءُ الطُّرْقِ خَلفَهُمُ وَالمَشرَفِيّةُ مِلءُ اليوْمِ فَوْقَهُمُ
(6) سأُوقدُ ناراً.
الإِجابةُ
(1) ماءَ النيل يرادُ بعضُ مائه فالمجاز مرسلٌ علاقته الكليةُ.
(2) الكلمةَ يراد بها كلام " " " الجزئيةُ.
(3) القريةَ يراد بها أهلها " " " المحليةُ.
(4) القطنَ يراد به نسيجٌ كان قطناً " " " اعتبارُ ما كانَ.
(5) ملءَ اليوم يراد به ملء الفضاء الذي يشرق عليه النهار فالمجازُ مرسلٌ " الحالِّيةُ.
(6) نارًا يراد به حطبٌ يئولُ إلى نار فالمجازُ مرسلٌ " اعتبار ما يكونُ.
تمريناتٌ
(1)بينْ علاقة كلِّ مجازٍ مرسلٍ تحته خطٌّ مما يأْتي :
(1) قال ابن الزَّيات في رثاءِ زوْجه :
أَلاَ منْ رأى الطِّفْلَ المُفارقَ أمَّه بَعِيدَ الكَرى عَيْنَاهُ تبتدرانِ
(2) ويُنسبُ إلى السموءَ ل :
تسِيلُ على حدِّ السُّيوفِ نُفوسُنَا … …وَلَيْسَ على غَيْر السُّيُوف تَسيلُ
(3) وقال الشاعر :
أَلِمَّا على مَعْنٍ وَقولاَ لِقبرهِ … …سَقتْك الغواديَ مربعاً ثُمَّ مَرْبعا
(4)وقال الشاعر :
لا أركبُ البحرَ خوفاً ... عليَّ منهُ المعاطبُ
طينٌ أنا وهوَ ماءٌ ... والطينُ في الماء ذائبُ
(5) وما مِنْ يدٍ إلا يَدُ اللهِ فَوْقَها … …ولاَ ظَالم إِلاَّ سيُبْلى بأَظْلَمِ
(6) وقال المتنبي في ذم كافور :
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ
(7) وقال أيضاً :
رَأيتُكَ محْضَ الحِلْمِ في محْضِ قُدرَةٍ وَلوْ شئتَ كانَ الحِلمُ منكَ المُهنّدَا
(2)بيِّنْ كلَّ مجازٍ مرسَلٍ وعلاقتَه فيما يأتي:
(1) سَكَنَ ابنُ خَلدُونَ مِصْرَ.
(2) منَ الناس مَنْ يأْكلُ القمحَ ومنهم منْ يأْكلُ الذرةَ والشعيرَ.
(3) إنَّ أَميرَ المؤمنين نَثَرَ كنانتَهُ.
(4) رَعَيْنا الغَيْثَ.
(5) قال تعالى : {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (107) سورة آل عمران.
(6) حَمَى فلان ٌغَمامَةَ وَاديهِ (أَي عشْبهِ).
(7) قال تعالى في شأْن موسى عليه السلام :{.. فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ..} (40) سورة طـه.
(8) وقال تعالى: {.. فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ..}(185) سورة البقرة ،(أَي هلال الشهر).
(9) سأُجازيكَ بما قَدَّمَتْ يَدَاكَ.
(10) وقال تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} (43) سورة البقرة ،(أَي صَلُّوا)
(11) وقال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (101) سورة الصافات.
(12) وقال تعالى عن المنافقين : {.. يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ..} (167) سورة آل عمران.
(13) أَذَلَّ فلانٌ ناصيةَ فلانٍ .
(14) سقَتِ الدَّلْوُ الأَرضَ.
(15) سالَ الوادي.
(16) قال عنترة :
فشَكَكْتُ بالرّمْحِ الأصَمّ ثِيابَهُ، ... لَيْسَ الكَريمُ على القَنَا بِمُحَرَّمِ
(17) لا تجالسوا السفهاءَ على الحُمْقِ (أَي الخمرِ).
(18) وقال أَعرابيٌّ لآخرَ: هل لكَ بيتٌ؟ (أَي زوجٌ).
(3)بيِّنْ منَ المجازاتِ الآتية ما علاقتُه المشابهةُ، وما علاقتُه غيرها:
(1) الإِسلامُ يحثُّ على تحريرِ الرِّقابِ.
(2) وقال علي الجارم :
مَلِكٌ شَادَ لِلْكنَانة ِ مَجْداً أحْكَمَتْ وَضْعَ أُسِّهِ آباؤُهْ
(3) تفرَّقَتْ كلمةُ القومِ.
(4) غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغَدرُ.
(5) قال تعالى :{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (84) سورة الشعراء.
(6) أَحيا المطرُ الأَرضَ بعدَ مَوْتها.
(7) قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى..} (178) سورة البقرة (أَي فيمنْ سيقتلون).
(8) قررَ مجلسُ الوزراء كذا.
(9) بَعثتَ إِليَّ بحديقةٍ جلَّتْ معانيها، وأُحْكِمَتْ قوافيها.
(10) شربتُ البُنَّ.
(11) لا تكنْ أُذُناً تتقبَّلْ كلَّ وِشاَيةٍ.
(12) سَرَقَ اللصُّ المنزلَ.
(13) قال تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ..} (36) سورة يوسف.
(4)استعملْ كلَّ كلمةٍ منَ الكلمات الآتية مجازاً مرسلاً للعلاقةِ التي أَمامَها:
(1) عَينٌ – الجزئيةُ.… (4) المدينةُ – المحليةُ.
(2) الشامُ – الكليةُ.… (5) الكَتانُ – اعتبارُ ما كانَ.
(3) المدرسةُ – المحليةُ.… (6) رجالٌ- اعتبار ما يكونُ.
(5)ضعْ كلَّ كلمةٍ منَ الكلمات الآتية في جملتين بحيثُ تكونُ مرةً مجازًا مُرسلاً، ومرةً مجازاً بالاستعارةِ:
القلمُ – السيفُ – رأسٌ – الصديقُ
(6)اشرحِ البيتين وبيِّنْ ما فيهما منْ مجازٍ :
لا يَغُرَّنْكَ ما تَرى مِنْ أُناس … …إِنَّ تَحْتَ الضلوعِ دَاءً دويَّا
فَضَعِ السَّوْطَ وارْفَعِ السَّيف حتَّى … …لاَ تَرى فَوْقَ ظَهرها أَمويَّا
==================










بلاغةُ المجازِ المرسلِ والمجازِ العقليِّ
إذا تأملت أنواع المجاز المرسل والعقلي رأيت أنها في الغالب تؤدي المعنَى المقصود بإيجاز ، فإذا قلت : " هزمَ القائدُ الجيشَ " أو " قررَ المجلس كذا " كان ذلك أوجزَ من أنْ تقول : " هزمَ جنودُ القائد الجيش " ، أو " قرر أهل المجلس كذا " ، ولا شكَّ أنَّ الإيجاز ضربٌ من ضروب البلاغة .وهناك مظهر آخر للبلاغة في هذين المجازين هو المهارة في تخير العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازيِّ ، بحيث يكون المجاز مصوراً للمعنى المقصود خير تصوير كما في إطلاق العين على الجاسوس ، والأذن على سريع التأثير بالوشاية . والخفِّ والحافر على الجمال والخيل في المجاز المرسل ، وكما في إسناد الشيء إلى سببه أو مكانه أو زمانه في المجاز العقلي ،فإن البلاغة توجبُ أنْ يختار السبب القوي والمكان والزمان المختصان.
وإذا دققت النظر رأيت أنَّ أغلب ضروب المجاز المرسل والعقلي لا تخلو من مبالغة بديعة ذات أثر في جعل المجاز رائعاً خلاباً ، فإطلاقُ الكلِّ على الجزء مبالغة ومثله إطلاق الجزء وإرادة الكل ، كما إذا قلت : " فلان فٌم "تريد أنه شره يلتقم كلَّ شيء . أو " فلانٌ أنفٌ " عندما تريد أن تصفه بعظم الأنف فتبالغ فتجعله كله أنفاً . ومما يؤثر عن بعض الأدباء في وصف رجل أنافيٍّ قوله : " لست أدري أهو في أنفه أمْ أنفهُ فيه " .
================
الكنايةُ
الأمثلةُ :
1. تقولُ العربُ : فلانةٌ بعيدةُ مهوَى القُرط .
2. قالت الخنساء في أخيها صخر ٍ :
طويلُ النجادِ رفيعُ العمادِ كثيُر الرمادِ إذا ما شتا .

--------------
3. وقال آخرُ في فضل دار العلوم في إحياءِ لغة العربِ :
وجدتُ فيكِ بنتُ عدنانَ داراً ذكَّرَتها بداوةَ الأعرابِ.
4. وقال آخرُ :
الضَّاربين بكلِّ أبيضَ مخذَمٍ والطاعنينَ مجامعَ الأضغانِ
--------------
5. المجدُ بين ثوبيكَ والكرمُ ملءَ بُرديكَ .
البحثُ :
مهوى القرط المسافةُ من شحمة الأذن إلى الكتف ، وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أنْ يكون العنق طويلاً ، فكأن العربي بدل أنْ يقول : "إن هذه المرأة طويلة الجيد " نفحنا بتعبير جديد يفيد اتصافها بهذه الصفة .
وفي المثال الثاني تصف الخنساء أخاها بأنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد . تريد أنْ تدل بهذه التراكيب على أنه شجاع ، عظيم في قومه ، جواد ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفات إلى الإشارة إليها والكناية عنها ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة ، ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون عظيم المكانة في قومه وعشيرته ، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرةُ حرق الحطب ،ثم كثرة الطبخ ، ثم كثرة الضيوف ، ثم الكرم ، ولما كان كل تركيب من التراكيب السابقة ، وهي بعيدة مهوى القرط ، وطويل النجاد ، ورفيع العماد ، وكثير الرماد ، كُنيَ به عن صفة لازمة، لمعناه ، كان كلُّ تركيبٍ من هذه وما يشبهه كناية عن صفة وفي المثال الثالث أراد الشاعر أن يقول : إن اللغة العربية وجدت فيكِ أيتها المدرسة مكاناً يذكرها بعهد بدواتها .فعدل عن التصريح باسم اللغة العربية إلى تركيب يشير إليها ويعدُّ كناية عنها وهو " بنت عدنان "
وفي المثال الرابع أراد الشاعر وصف ممدوحيه بأنهم يطعنون القلوب وقت الحرب فانصرف عن التعبير بالقلوب إلى ما هو أملح وأوقع في النفس وهو " مجامعُ الأضغان " ، لأنَّ القلوب تُفهم منه إذ هي مجتمع الحقد والبغض والحسد وغيرها .
وإذا تأملت هذين التركيبين وهما : " بنت عدنان " ، " مجامع الأضغان " رأيت أنَّ كلاً منهما كُني به عن ذات لازمة لمعناه ، لذلك كان كل منهم كناية عن موصوف وكذلك كلُّ تركيب يماثلها .
أما في المثال الأخير فإنك أردت أن تنسب المجد والكرم إلى من تخاطبه ، فعدلت عن نسبتهما إلى ما له اتصال به ، وهو الثوبان والبردانِ ‘ ويسمَّى هذا المثال وما يشبهه كنايةٌ عن نسبة . وأظهر علامة لهذه الكناية أنْ يصرحَ فيها بالصفة كما رأيت ، أو بما يستلزم الصفة ، نحو : في ثوبيه أسدٌ ، فإن هذا المثال كناية عن نسبة الشجاعة .
وإذا رجعت إلى أمثلة الكناية السابقة رأيت أنَّ كل منها ما يجوز فيه إرادة المعنى الحقيقي الذي يفهم من صريح اللفظ ومنها مالا يجوز فيه ذلك .
القواعدُ :
(26) الكنايةُ لفظٌ أطلقَ وأريدَ به لازمُ معناهُ مع جوازِ إرادة ذلك المعنَى .
(27) تنقسمُ الكنايةِ باعتبارِ المكنَّى عنه ثلاثةَ أقسامٍ ، فإنَّ المكنَّى عنه قد يكون صفةً، وقد يكون موصوفاً ، وقد يكون نسبةً .
نموذجٌ
1. قال المتنبي في وقيعة سيف الدولة ببني كلاب :
فَمَسّاهُمْ وَبُسْطُهُمُ حَريرٌ وَصَبّحَهُمْ وَبُسْطُهُمُ تُرَابُ
وَمَنْ في كَفّه مِنْهُمْ قَنَاةٌ كمَنْ في كَفّه منهُمْ خِضابُ
2. وقال في مدح كافور :
إنّ في ثَوْبِكَ الذي المَجْدُ فيهِ لَضِيَاءً يُزْري بكُلّ ضِيَاءِ
الإجابةُ:
1- كنَّى بكون بسطهم حريراً عن سيادتهم وعزتهم ،وبكون بسطهم تراباً عن حاجتهم وذلهم ،فالكناية في التركيبين عن الصفة .
2- وكنَّى بمن يحمل قناة عن الرجل ،وبمن في كفه خضابٌ عن المرأة وقال :إنهما سواء في الضعف أمام سطوة سيف الدولة وبطشه ،فكلتا الكنايتين كنايةٌ عن موصوف .
3- أراد أنْ يثبت المجد لكافور فترك التصريح بهذا وأثبته لما له تعلق بكافور وهو الثوب ، فالكناية عن نسبةٍ .
تمريناتٌ
(1)-بينِ الصفةَ التي تلزمُ منْ كلِّ كنايةٍ منَ الكناياتِ الآتيةِ :
(1) نئومُ الضحا . (2) ألقى فلانٌ عصاهُ .
(3) ناعمةُ الكفين .
(4) قرعَ فلانٌ سِنَّهُ .
(5) يشارُ إليه بالبنانِ .
(6) قال تعالى :{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} (42) سورة الكهف.
(7) ركبَ جناحي نعامةٍ .
(8) لوتِ الليالي كفَّه على العصا .
(9) قال المتنبي في وصف فرسه :
وأصْرَعُ أيَّ الوحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ ... وَأنْزِلْ عنهُ مثلَهُ حينَ أركَبُ
(10) فلانٌ لا يضعُ العصا على عاتقِه .
(2)بينِ الموصوفَ المقصودَ بكلِّ كنايةٍ من الكناياتِ الآتيةِ :
(1) قال الشاعر :
قَوْمٌ تَرَى أَرْمَاحَهُمْ يَوْمَ الْوَغَى مَشْغُوفَةً بِمَوَاطِنِ الكِتْمَانِ
(2) وقال تعالى : {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (18) سورة الزخرف
(3) كان المنصورُ في بستانٍ في أيام محاربتهِ إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ونظر إلى شجرة خلاف ،فقال للربيع . ما هذه الشجرةُ ؟ . فقال : طاعة ٌ يا أميرَ المؤمنين !
(4) مرَّ رجلٌ في صحنِ دار الرشيد ومعه حزمة خيزران ، فقال الرشيدُ للفضل بن الربيع : ما ذاك ؟ فقال : عروقُ الرماحِ يا أمير المؤمنين ، وكره أنْ يقول : الخيزران ، لموافقة ذلك لاسم أمِّ الرشيد .
(5) قال أبو نواس في الخمر :
فلما شَربناها ودَبَّ دبيبُها ... إلى مَوْضع الأسْرار قلتُ لها قفي
(6) وقال المعري في السيف :
سليلُ النار دقَّ ورقَّ حتى ... كأن أباه أورثَهُ السلالا
(7) كبرتْ سنُّ فلانٍ وجاءهُ النذيرُ .
(8) سئلَ أعرابيٌّ عن سببِ اشتعال شيبهِ ، فقال : هذا رغوةُ الشبابِ .
(9) وسئلَ آخرُ ، فقال : هذا غبارُ وقائعِ الدهرِ .
(10) يروى أنَّ الحجاجَ قال للغضبان بن القبعثري: لأحملنَّكَ على الأدهم ، فقال : مثلُ الأمير يحملُ على الأدهمِ والأشهبِ ، قال إنه الحديدُ ، قال : لأنْ يكونَ حديداً خيرٌ منْ أنْ يكونَ بليداً .
(3)بينِ النسبةَ التي تلزم كل كناية من الكنايات الآتية :
(1) قال الشاعر :
إنَّ السماحةَ والمروءةَ والندى ... في قبةٍ ضُرِبت على ابن الحشرج
(2) قال أعرابيٌّ : دخلتُ البصرةَ فإذا ثيابُ أحرارٍ على أجسادِ العبيدِ .
(3) وقال الشاعر :
الُيمْنُ يتبعُ ظلَّهُ والمجدُ يمشي في ركابه
(4)بينْ أنواعَ الكناياتِ الآتيةِ وعيِّنْ لازمَ معنَى كلٍّ منها :
(1) مدح أعرابيٌّ خطيباً فقال : كانَ بليلَ الريقِ، قليلَ الحركاتِ .
(2) وقال يزيد بن الحكم في مدح المهلب .
أصْبَحَ في قَيْدِكَ السَّماحَةُ والْ ... جُودُ وفضلُ الصلاحِ والحسبِ
(3) وتقولُ العربُ :
فلانٌ رحبُ الذراعِ ، نقيُّ الثوبِ ، طاهرُ الإزارِ ، سليمُ دواعي الصَّدرِ .
(4) وقال البحتريُّ يصف قتله ذئباً :
فأتْبَعْتُهَا أُخرَى، فأضْلَلْتُ نَصْلَها بحَيثُ يكونُ اللُّبُّ والرُّعبُ والحِقْدُ
(5) وقال آخر في رثاء منْ ماتَ بعلةٍ في صدرهِ :
ودبتْ في موطنِ الحلمِ علةٌ لها كالصلالِ الرقشِ شرُّ دبيب
(6) ووصف أعرابيٌّ امرأة فقال : تُرخي ذيلَها على عُرقوبي ناعمةٍ .
(5)بينْ نوعَ الكناياتِ الآتيةِ ، وبينْ منها ما يصحُّ فيه إرادةُ المعنى المفهوم من صريح اللفظِ . وما لا يصحُّ :
(1)وصف أعرابيٌّ رجلاً بسوء العشرةِ فقال : كان إذا رآني قَرَّب منْ حاجبٍ حاجباً، .
(2) قال أبو نواس في المديح :
فما جازَهُ جُودُ ، ولا حَلّ دونَه، ولكنْ يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ
(3) وتكني العربُ عمنْ يجاهرُ غيره بالعداوة بقولهم :
لبسَ له جلدَ النمر ، وجلدَ الأرقم ، وقلبَ له ظهرَ المجَنِّ .
(4) فلانٌ عريضُ الوساد ، أغمُّ القفا .
(5) قال الشاعر :
تجولُ خلاخيلُ النساءَ، ولا أرَى ... لِرملَةَ خلخالاً يجولُ ولا قُلْبا
(6) وتقول العربُ في المديح : الكرمُ في أثناء حلَّته ، ويقولون: فلانٌ نفخَ شدقيهِ ، أي تكبَّر ، وورمَ أنفُه إذا غضبَ .
(7) قالت أعرابيةٌ لبعض الولاة : أَشكو إليك قلَّةَ الجُرذان .
(8) وقال الشاعر :
بِيضُ المَطابِخِ لا تَشْكو ولائدهُمْ ... طَبْخَ القُدُورِ ولا غَسْلَ المناديلِ
(9) وقال آخر :
مطبخُ داودَ في نظافتهِ . .. أشبهُ شيءٍ بعرش بلقيسِ
ثيابُ طباخِه إذا اتسختْ ... أنقى بياضاً منَ القراطيسِ
(10) وقال آخر :
فتًى مختَصرُ المأكُو لِ والمشْروبِ والعِطْرِ
نقيُّ الكأسِ والقصْعـ ـةِ والمنديلِ والقِدْرِ
(6)اشرحِ البيتَ الآتي وبينِ الكنايةَ التي به :

فلَسْنا على الأَعْقابِ تَدْمَى كُلُومُنا ... ولكنْ على أَقْدامِنا يَقْطُر الدَّما
=================








بلاغةُ الكِنايةِ
الكنايةُ مَظهرٌ من مظاهر البلاغةِ، وغايةٌ لا يصل إليها إلا من لطف طبعُه، وصفتْ قريحتُه، والسرُّ في بلاغتها أنها في صور كثيرةٍ تعطيك الحقيقةَ، مصحوبةً بدليلها، والقضيةً وفي طيِّها برْهانها، كقول البحتري في المديح :
يَغضُّونَ فَضْلَ اللّحظِ مِن حَيثُ ما بدا لهمْ عَنْ مَهيبٍ، في الصّدورِ، مَحبَّبِ
فإنه كنَّى عن إكبار الناس للممدوحِ، وهيبتِهم إياه، بغضِّ الأبصارِ الذي هو في الحقيقة برهانٌ على الهيبة والإجلالِ،وتظهرُ هذه الخاصةُ جليةً في الكناياتِ عن الصفةِ والنسبةِ.
ومن أسباب بلاغةِ الكنايات أنها تضعُ لكَ المعاني في صورة المحسوساتِ، ولا شكَّ أن َهذه خاصةُ الفنون، فإنَّ المصورَ إذا رسم لك صورةً للأملِ أو لليأسِ، بهرَكَ وجعلكَ ترى ما كنتَ تعجزُ عن التعبير عنه واضحاً ملموساً،فمثلُ كثيرِ الرمادِ في الكناية عن الكرمِ ،ورسول ُالشرِّ، في الكنايةِ عن المزاحِ.
وقول البحتريَِّ :
أو ما رأيتَ المجْدَ ألقى رحلَهُ في آل طلحةَ ثمَّ لم ْ يتحوَّلِ
وذلك في الكنايةِ عن نسبةِ الشرف إلى آل طلحةَ.
كلُّ أولئك يبرز لك المعاني في صورة ٍ تشاهدُ، وترتاحُ نفسُك إليها.
ومن خواصِّ الكنايةِ: أنها تمكنُك منْ أنْ تَشْفيَ غلَّتَك منْ خصمِك منْ غيرِ أنْ تجعل َله إليك سبيلاً، ودون أنْ تخدشَ وجهَ الأدب، وهذا النوعُ يسمَّى بالتعريضِ ،ومثالُه قولُ المتنبي في قصيدة، يمدحُ بها كافوراً ويعرضُ بسيفِ الدولة :
فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ
وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً منَ الضّيمِ مَرْمِيّاً بها كلّ مَخْرِمِ
رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ
وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ
فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى هوًى كاسرٌ كفّي وقوْسي وَأسهُمي
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
فإنه كنَّى عن سيف الدولة، أولا: بالحبيبِ المعمم، ثم وصفه بالغدرِ الذي يدعي أنه من شيمةِ النساءِ، ثم لامه على مبادهته بالعدوانِ، ثم رماه بالجبنِ لأنه يرمي ويتقي الرمي بالاستتارِ خلف غيره، على أنَّ المتنبي لا يجازيه على الشرِّ بمثله، لأنه لا يزال يحمل له بين جوانحه هوًى قديماً، يكسرُ كفه وقوسه، وأسهمه، إذا حاول النضالّ، ثم وصفه بأنه سيءُ الظنِّ بأصدقائهِ لأنه سيءُ الفعل، كثيرُ الأوهام والظنون، حتى ليظنَّ أنَّ الناس جميعاً مثلَه في سوءِ الفعل، وضعفِ الوفاء، فانظر كيف نالَ المتنبي من هذا، ومن أوضح مميزات الكنايةِ التعبيرُ عن القبيح بما تسيغُ الآذانَ سماعُه، وأمثلة ذلك كثيرة جداً في القرآن الكريم، وكلام العربِ فقد كانوا لا يعبرون عما لا يحسنُ ذكره إلا بالكنايةِ، وكانوا لشدة نخوتهِِم يكنونَ عن المرأة بالبيضةِ والشاةِ.
ومن بدائع الكنايات قولُ بعض العرب :
أَلاَ يا نَخْلةً مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ ... عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللّهِ السّلامُ
فإنه كنَّى بالنخلةِ، عن المرأة التي يحبُّها.
ولعل هذا المقدار كاف في بيان خصائص الكناية وإظهار ما تضمنته من بلاغة وجمال ..
===============


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 05:50 PM   رقم المشاركة : 5
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: البلاغةُ الواضِحَةُ

أثرُ علمِ البيانِ في تأديةِ المعاني

ظهرَ لك من دراسة علمِ البيان: أنَّ معنًَّى واحداً يستطاع أداؤه بأساليبَ عديدة، وطرائق مختلفةٍ، وأنه قد يوضع في صورة رائعةٍ من صور التشبيه أو الاستعارة،أو المجاز المرسل، أو المجاز العقليِّ، أو الكناية،فقد يصف الشاعر إنساناً بالكرم،فيقول :
يريدُ الملوكُ مَدى جَعفَر ... ولا يَصنعون كما يَصنعُ
وكيفَ ينالون غاياتِه ... وهم يَجمعون ولا يَجمعُ
وليسَ بأوسعِهم في الغِنى ... ولكن مَعْروفه أوسع
فما خَلْفَه لامرىءٍ مطلبٌ ... ولا لامرىء دونَه مَطمعُ
بَدِيهَتُهُ مثلُ تدبيرِه ... ..إذا أجبتَه فهو مُستجمِعُ
و هذا كلامٌ بليغٌ جدًّا، مع أنه لم يقصد فيه إلى تشبيه أو مجاز، وقد وصف الشاعرُ فيه ممدوحهَ بالكرم، وأنَّ الملوكَ يريدون أن يبلغوا منزلته، ولكنهم لا يشترونَ الحمد بالمال كما يفعلُ، مع أنه ليس بأغنَى منهم، ولا بأكثرَ مالاً.
وقد يعتمدُ الشاعر عند الوصف بالكرمِ إلى أسلوبٍ آخر، فيقولُ المتنبي :
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِراً جُوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا
فيشبِّهُ الممدوحَ: بالبحر، ويدفعُ بخيالكَ إلى أن يضاهيَ بين الممدوحِ والبحرِ الذي يقذفُ الدرر للقريبِ، ويرسلُ السحائبَ للبعيد، وكذلك يشبهه بالشمس في كبد السماء وضوؤها يملأ مشارق البلاد ومغاربها وهو يريدُ عمومَ نفعهِ للبعيدِ والقريبِ .
أو قول أبي تمام في المعتصم بالله :
هو البحرُ منْ أيِّ النواحي أتيتَهُ فلجتُهُ المعروفُ والجودُ ساحلهُ
فيدَّعي أنه البحرُ نفسه، وينكرُ التشبيهَ نكراناً يدلَّ على المبالغةٍ، وادعاءِ المماثلة الكاملة.
أو يقول :
علا فلا يستقرُّ المالُ في يده وكيفُ تمسكُ ماءً قنة ُ الجبلِ
فيرسلُ إليكَ التشبيه: من طريقٍ خفيٍّ، ليرتفعَ الكلامُ إلى مرتبةِ أعلى في البلاغة وليجعلَ لك من التشبيهِ الضمنيِّ دليلاً على دعواهُ، فإنه ادَّعى: أنه لعلوِّ منزلته ينحدرُ المالُ من يديه، وأقام على ذلك برهاناً.فقال :وكيف تمسكُ ماءً قُنَةُ الجبلِ ؟.
أو يقول :
جرَى النهْرُ حتى خلتَه منكَ أنعُماً تساقُ بلا ضنٍّ وتعطَي بلا منِّ
فيقلبُ التشبيه زيادةً في المبالغةٍ، وافتناناً في أساليب الإجادة.ويشبِّه ماءَ النهر بنعم الممدوح، بعد أنْ كان المألوفُ، أن تشبَّه النعم، بالنهر الفياضِ .أو يقول :
كأنه حينَ يعطي المالَ مبتسماً صوْبُ الغمامةِ تهمي وهْيَ تأتلقُ
فيعمد إلى التشبيهِ المركَّب، ويعطيكَ صورةً رائعةً، تمثِّلُ لك حالةَ الممدوح وهو يجود، وابتسامةُ السرور تعلو شفتيه، أو يقول :
جادَتْ يَدُ الفَتْحِ، والأنْوَاءُ باخِلَةٌ، وَذَابَ نائِلُهُ، والغَيْثُ قد جَمَدَا
فيضاهي بين جودِ الممدوحِ والمطر، ويدَّعي أنَّ كرم ممدوحه لا ينقطعُ، إذا انقطعتِ الأنواء، أو جمدَ المطرُ.
أو بقولِ البحتريِّ :
قَدْ قُلتُ للغَيمِ الرُّكَامِ، وَلَجّ في إبْرَاقِهِ، وألَحّ في إرْعَادِهِ
لا تَعْرِضَنّ لِجَعْفَرٍ، مُتَشَبّهاً بَنَدَى يَدَيهِ، فَلستَ مِنْ أنْدَادِهِ
فيصرحُ لك في جلاءٍ، وفي غير خشيةٍ بتفضيل جودِ صاحبه على جود الغيم، ولا يكتفي بهذا، بل تراهُ يَنْهى السَّحابَ في صورة تهديدٍ أن يُحاولَ التشبهَ بممدوحه; لأنه ليس من أمثالهِ ونظائرهِ، أو بقول المتنبي :
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
يصف حال رسول الروم داخلا على سيف الدولة، فَيَنْزَعُ في وصف الممدوح بالكرم، إلى الاستعارة التصريحية، والاستعارةُ - كما علمتَ - مبنيةٌ على تناسي التشبيهِ، والمبالغةُ فيها أعظمُ، وأثرهُا في النفوس أبلغُ.
أو يقولُ :
دَعوتُ نَدَاهُ دعوةً فأجابَنِي و عَلَّمنِي إحسانُهُ كَيْفَ آمُلهْ
فيُشَبَّهُ نَدى ممدوحهِ وإحسانهِ بإنسانٍ ،ثم يحذف المشبَّه به، ويرمزُ إليه بشيءٍ من لوازمهِ، وهذا ضربٌ آخر من ضروبِ المبالغة ِالتي تساق الاستعارةُ لأجلها.
أو بقول المتنبي :
قَوَاصِدُ كافورٍ نَوَارِكُ غَيْرِهِ ... وَمَنْ قَصَدَ البَحْرَ اسْتَقَلَّ السوَاقِيا
فيرسلُ العبارةَ كأنَّها مَثلٌ، ويصوِّر لك أنَّ من قصد ممدوحَه استغنى عمَّنْ هو دونه، كما أنَّ قاصدَ البحرِ لا يأبهُ للجداول، فيعطيك استعارة تمثيليةً، لها روعةٌ، وفيها جمالٌ، وهي فوق ذلك تحملُ برهاناً على صدق دعواهُ، وتؤيِّدُ الحال الذي يَدَّعيها.
أو يقول المتنبيِّ :
ما زِلْتَ تُتْبِعُ ما تُولي يَداً بيَدٍ حتى ظَنَنْتُ حَياتي مِنْ أياديكَا
فيعدلُ عن التشبيه والاستعارة، إلى المجاز المرسلِ ويطلق كلمةَ يدٍ ويريدُ بها النعمةَ; لأن اليدَ آلةٌ النعم وسببها.
أو يقول :
أعَادَ يَوْمُكَ أيامِي لِنَضْرَتِهَا واقْتَصَّ جودُك مِنْ فَقرِي وإعْسَاري
فيسندُ الفعلَ إلى اليوم، وإلى الجودِ، على طريقة المجاز العقليِّ.
أو يقول أبو النواس :
فما جازَهُ جُودُ ، ولا حَلّ دونَه، ولكنْ يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ
فيأتي بكنايةٍ عن نسبةِ الكرم إليه، بادِّعاء أنَّ الجودَ يسيرُ معه دائماً; لأنه بَدَل أن يحكم بأنه كريمٌ، ادّعى أنَّ الكرم يسيرُ معه أينما سارَ.
ولهذه الكنايةُ من البلاغةِ، والتأثيرِ في النفس، وحسنِ تصويرِ المعنى، فوق ما يجدُه السَّامعُ في غيرها من بعض ضروبِ الكلام.
فأنتَ ترى أنه من المستطاعِ التعبيرُ عن وصف إنسانٍ بالكرمِ بأربعةَ عشرَ أسلوباً كلٌّ: له جمالهُ، وحُسْنهُ، وبَراعتُه، ولو نشاءُ لأتينا بأساليبَ كثيرةٍ أخرى في هذا المعنى; فإنَّ للشعراءِ ورجالِ الأدبِ افتناناً وتوليداً للأساليب والمعاني، لا يكاد ينتهي إلى حدٍّ، ولو أردنا لأوردنا لك ما يقالُ من الأساليب المختلفة المَنَاحِي في صفات أخرى، كالشجاعة، والإباء، والحزم وغيرها، ولكنَّا لم نَقْصِد إلى الإطالة، ونعتقد أنك عند قراءتك الشعر العربىّ والآثار الأدبية، ستجد بنفسك هذا ظاهراً وسَتَدْهَش للمَدَى البعيدِ الذي وصل إليه العقل الإنساني في التصوير البلاغيّ، والإبداع في صوغ الأساليب
************












البابُ الثاني- علمُ المعاني
الخَبَرُ
(1) الغرضُ من إلقاء الخبر
الأَمثلةُ:
(1) ولِدَ النبي صَلًى اللهُ عَليهَ وسَلَمَ عَامَ الفِيل ، وَأُوحيَ إلِيَه فِي سنِّ الأَربَعين، وأَقامَ بمَكةَ ثَلاَثَ عشْرَةَ سنَةً، وَبالْمَدِينَةِ عًشْرًا.
(2) كانَ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيز لا يَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ المال شيئاً، وَلا يُجْرِي عَلَى نَفسِهِ مِنَ الفيء دِرْهَماً.
(3) لَقدْ نَهضْتَ مِنْ نَوْمكِ اليومَ مُبَكرًا
(4) أَنْتَ تَعْمَلُ فِي حَدِيقَتِك كلَّ يَوْم.
(5) قال يَحيَى البَرْمَكيُّ يُخَاطِبُ الخليفةَ هاَرُونَ الرَّشيد :
إن البرامكة الذِينَ رُمُوا لَدَيْك بداهيه
صُفْرُ الوُجوهِ عَلَيْهمُ خِلَع المَذَلَّةِ بَادِيَهْ
(6) قال الله تعالى حكاية عن زكَريَّا عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (4) سورة مريم.
(7) قال أَحد الأعراب يرْثي وَلدَهُ :
إذا ما دَعَوْتُ الصَّبْرَ بَعْدَكَ والبُكا أجابَ البُكا طَوْعاً ولَمْ يُجِبِ الصَّبْرُ
فإِنّ يَنْقطِعْ منكَ الرَّجاءُ فإِنَّه ... سَيْبقَى عليكَ الحُزْنَ ما بَقِيَ الدَّهْرُ
(8) قال عَمْرُو بْنُ كُلْثوم :
إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِديْنَا
(9) كَتَبَ طَاهِرُ بْنُ الحُسَيْن إِلى العباس بن موسى الهادي و قَدْ استبطأه في خَراج ناحيته :
وَلَيْسَ أخُو الحاجاتِ مَنْ بات نائماً …ولَكنْ أَخُوها مَنْ يَبيتُ على وَجَلْ
البحثُ:
تدبَّر المثالين الأَولين تجد المتكلم إنما يَقْصِد أَن يُفيد المخاطب الحكم الذي تضمنه الخبرُ في كل مثال، ويسمىَّ هذا الحكم فائدة الخبر، فالمتكلم في المثال الأَول يريد أن يُفيد السامع ما كان يجهله من موْلِدِ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتاريخ الإِيحاءَ إليه، والزمن الذي أقامه بعد ذلك في مكة والمدينة وهو في المثال الثاني يخبره بما لم يكن يعرفه عن عُمَرَ بن عبد العزيز من العِفة والزهد في مال المسلمين.
تأمل بعد ذلك المثالين التاليين، تجد المتكلم لا يَقْصِد منهما أن يفيد السامع شيئاً مما تضمنه الكلام من الأحكام؛ لأنَّ ذلك معلومٌ للسامع قبل أن يعْلمه المتكَلم، وإنما يريد أن يبين أنه عالم بما تضمنه الكلام. فالسامع في هذه الحال لم يستفد علماً بالخبر نفسِه، وإنما استفاد أنَّ المتكلم عالمٌ به، ويسمَّى ذلك لازمَ الفائدة.
انظر إلى الأمثلة الخمسة الأخيرة تجد أنَّ المتكلم في كل منها لا يقصد فائدة الخبر و لا لازم الفائدة، وإنما يَقْصِد إِلى أشياءَ أخرى يَسْتطلعها اللبيب ويَلمَحُها منْ سِياق الكلام، فيحيى البرمكي في المثال الخامس لا يقصد أَن ينبئ الرشيد بما وصل إليه حاله وحال ذوي قُرْباه من الذلِّ والصَّغار، لأن الرشيد هو الذي أمر بهِ فهو أولى بأن يعلمه، ولا يريد كذلك أَن يفيده أَنه عالم بحال نفسه وذوي قرابته. وإنما يَستعطفه و يسترحمه ويرجو شفقته، عسى أَن يصغي إليه فيعودَ إلى البرّ به والعطف عليه. وفي المثال السادس يصف زكريا عليه السلام حالَه ويُظهر ضعفه ونفاد قوته. والأعرابيُّ في المثال السابع يتحسر ويُظهر الآسى والحزن على فقْدِ ولده و فلذةِ كَبده. وعمْرو بن كلثوم في المثال الثامن يَفخَر بقومه، ويباهي بما لهم من البأس والقوة: وطاهرُ بنُ الحسين في المثال الأخير لا يقصد الإِخبار. ولكنه يَحُثُّ عاملَه على النشاط و الجدِّ في جباية الخراج ،وجميع هذه الأَغراض الأخيرة إِنما تفهَم من سياق الكلام لا منْ أصْلِ وضْعِهِ.
القواعدُ:
(30) الأَصْلُ في الخَبر أن يُلقَى لأحد غَرَضيْن:
(أ) إِفَادَةُ المخاطَبِ الحُكْمً الذي تَضَمَّنَتْهُ الجُمْلَةُ، وَيسَمَّى ذلك الْحُكْمُ فَائِدَةَ الخَبر.
(ب) إفادة المخاطبِ أنَّ المتكلِّم عالمٌ بالحكْمِ، ويُسَمَّى ذلك لازمَ الفائدة.
(31) قَدْ يُلْقَى الخَبْرُ لأغراض أخرى تُفْهَمُ مِنَ السِّيَاق، مِنْها ما يأتي:
(أ) الاسترحامُ
(ب) إِظْهارُ الضعْفِ.
(ج) إظْهارُ التحسر.
(د) الفَخرُ.
(هـ) الحَثُّ على السعي والجدِّ.
نموذجٌ في بيانِ أغراض الأخبار
(1) كان مُعاوِيةُ رضي الله عنه حَسَنَ السياسةِ و التَّدْبيرِ، يحْلَمُ في موضع الْحِلْم، وَيَشتَد في موضِعِ الشِّدَّة .
(2) لَقدْ أدَّبتَ بَنِيكَ باللين والرفقِ لا بالقَسْوَةِ والعِقاب.
(3) تُوفيَ عُمَرُ بنُ الخطاب رَضي الله عنه سَنَةَ ثلاثٍ وعشرين من الهجرة.
(4) قال أبو فِراس الحَمدَاني :
و مكارمي عددُ النجومِ ؛ ومنزلي مأوَى الكِرَامِ، وَمَنزِلُ الأضْيَافِ
(5) قال أبو الطيب :
وَمَا كُلّ هَاوٍ للجَميلِ بفاعِلٍ وَلا كُلّ فَعّالٍ لَهُ بِمُتَمِّمِ
(6) وقال أيضا يَرثيِ أخت سَيْفِ الدَّوْلة :
غدَرْتَ يا مَوْتُ كم أفنَيتَ من عدَدٍ بمَنْ أصَبْتَ وكم أسكَتَّ من لجَبِ
(7) قال أبو العتاهية يَرثيِ وَلَدَهُ علياًّ :
بكيتُكَ يا عليٌ بدَمْع عيني… فَمَا أغنى البُكاء ُعليك شياً
وكانَتْ في حَيَاتك لي عِظاتٌ… وأنْتَ اليَومَ أوعَظُ مِنْكَ حَيا
(8) وقال عوف بن محلم لعبد الله بن طاهر :
إِنَّ الثَّمانِينَ، وبُلِّغْتَها ... قد أَحْوَجَتْ سَمْعِي إِلى تُرْجُمانْ
(9)و قال أبو العلاء المعرِّي :
وَلِى منطِق لَم يرْضَ لي كُنْه منزلي عَلَى أنني بيْنَ السماكَينِ نازلُ
(10) قال إِبراهيمُ بن المَهْدي يخاطب المأمون :
أتَيْتُ جُرْماً شنيعاً …وأنْتَ لِلْعَفْوِ أهْلُ

فإنْ عفَوْتَ فَمَنْ …و إنْ قَتَلتَ فَعدْلُ
الإِجابةُ
(1) الغرض إِفادة المخاطب الحكم الذي تضمنه الكلام.
(2) " إفادةُ المخاطب أنَّ المتكلم عالم بحاله في تهذيب بنيه.
(3) " إفادةُ المخاطب الحكم الذي تضمنه الكلام.
(4) " إظهارُ الفخر، فإِنَّ أَبا فِراس إنما يُريد أن يفاخر بمكارمه و شمائله.
(5) " إفادةُ المخاطب الحكم الذي تضمنه الكلام؟ فإنَّ أبا الطيب يريد أَن يبين لسامعيه ما يراه في بعض الناس من التقصير في أَعمال الخير.
(6) " إظهارُ الأَسى والحزن.
(7) الغرضُ إظهار الحزن والتحسر على فقد ولده.
(8) " إظهارُ الضعف والعجز.
(9) " الافتخارُ بالعقل واللسان.
(10) " الاسترحامُ والاستعطاف.
تمريناتٌ
(أ) بينْ أغراضَ الكلامِ فيما يأتي:
(1) مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ أَصْلَحَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اللهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ حَافِظٌ .
(2) إنكَ لتَكْظِمُ الغَيْط وتَحْلُمُ عندَ الغضبِ،و تَتَجاوزُ عند القُدْرة، وتَصْفحُ عن الزلة.
(3) قال أبو فِراس الْحَمْدَاني :
إنّا، إذَا اشْتَدّ الزّمَا نُ، وَنَابَ خَطْبٌ وَادْلَهَم
ألفيتَ ، حولَ بيوتنا ، عُدَدَ الشّجَاعَة ِ، وَالكَرَمْ
لِلِقَا العِدَى بِيضُ السّيُو فِ، وَلِلنّدَى حُمْرُ النَّعَمْ
هَذَا وَهَذَا دَأبُنَا، يودى دمٌ ، ويراقُ دمْ
(4) قال الشاعر :
مَضَت الليالي البيضُ في زَمَن الصِّبا …وَأَتَى الْمَشِيبُ بِكَل يوْم أَسْودِ
(5) قال مروانُ بْنُ أبي حَفْصَة من قصيدة طويلة يَرثي بها معْن بن زائدةَ
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى ... مَحامِدَ لَنْ تَبِيدَ ولَنْ تُنالا
كَأَنَّ الشَّمْسَ يومَ أُصِيبَ مَعْنٌ ... مِن الإظْلامِ مُلْبَسَةٌ جلالا
هَوَى الجَبَلُ الذي كانَتْ نِزارٌ ... تَهُدُّ مِن العَدُوِّ به جِبالا
فإن يَعْلُ البِلادَ به خُشُوعٌ ... فقَدْ كانَتْ تَطُولُ به اخْتِيالا
أصَابَ الموْتُ يَوْمَ أصاب مَعْناً مِنَ الأحياء أكْرَمَهُمْ فَعالاَ
وكانَ النّاسُ كلُّهُمُ، لمَعْنٍ ... إلى أنْ زارَ حُفْرَتَهُ، عِيالا
(6) وقال أبو العتاهية قبل موته :
إلهي لا تعذبني فإني .. . مقرٌّ بالذي قد كانَ مني
فما ليَ حيلةٌ إلا رجائي ... لعفوكَ إن عفوت وحُسْنَ ظني
وكمن مِنْ زَلْةٍٍ لي في الخطايا ... وأنت عليَّ ذو فضل ومَنِّ
إذا فكرتُ في نَدَمي عليها ... عضضت أناملي وقَرَعْتُ سني
أجنُّ بزهرة الدنيا جنوناً ... وأقطعُ طولَ عمري بالتمني
ولو أنِّي صدقتُ الزهدَ عنها ... قلبتُ لأهلها ظهرَ المجنِّ
يظنُّ الناسُ بي خيراً وإني ... لَشَرُّ الناس إن لم تعف عني
(7) وقال أَبو نواس في مرض موته :
دَبَّ فِيَّ السّقامُ سُفْلاً وَعُلْوَا… وأراني أموتُ عُضْوًا فَعُضْوَا
ذهبتْ جدتي بطاعَةِ نفسي وتذَكَّرتُ طاعَةَ الله نِضوا
(8)وقال أبو النواس أثناء مرض الموت :
دَبّ فيَّ الفَناءُ سُفْلاً وعُلْوَا، وأراني أموتُ عُضْواً، فعُضْوَا
ليسَ مِنْ ساعَة ٍ مضَتْ ليَ إلاّ نَقَصَتْني بِمرّها بيَ جُزْوَا
ذَهَبَتْ جدّتي بطاعة ِ نَفسِي، وتذَكّرْتُ طاعَة َ للهِ نِضْوَا
لَهْفَ نَفْسي على لَيالٍ ، وأيّا مٍ تَمَلّيتُهنّ لِعْباً، ولَهْوَا
قد أسأنَا كلَّ الإساءَة ِ فاللّـ ـهُمّ صَفحاً عنّا، وغفراً وعفْوَا
(9) إنك إذا رأَيتَ في أَخيك عَيْباً لم تكتمْهُ
(10) قال ابْن نُباتَةَ السعدي :
يفُوتُ ضَجِيعَ الت‍ُّرَّهاتِ طِلابُه ويدْنُو …إِلى الحاجَاتِ منْ بَات ساعيَا
(10) قال الأمير أَبو الفَضْلِ عُبَيْدُ الله في وصف يوم ماطرٍ :
دَهتنا السَّماءُ غَداة َ النّجابِ بغيمٍ على أُفقِه مُسبَلِ
فجاءَ برعدٍ له رَنّة ٌ كَرنّة ِ ثَكلى ولمْ تُثكلِ
وثنّى بوبلٍ عَدَا طَورَهُ فعادَ وبالاً على المُمحلِ
وأشرفَ أصْحَابُنا من أذاهُ على خَطَرٍ هائلٍ مُعضلِ
فمنْ لابدٍ بفنَاءِ الجِدارِ وآوٍ إلى نَفَقٍ مُهمَلِ
ومن مُستجيرٍ يُنادي الغريقَ هناكَ ومن صائحٍ مُعولِ
وجادتْ علينا سَمَاءُ السُّقوفِ بدمعٍ من الوَجدِ لم يُهملِ
(11) قال الجاحظ :
اَلمَشورةُ لِقَاح العقول، ورائِدُ الصواب. والمْسْتَشِيرُ عَلَى النجاح، واستنارة المرءِ برأي أَخيه من عَزم الأمور وحزْمِ التدبير .
(12) قال المتنبي وهو مريض بالحمَّى :
أقَمْتُ بأرْضِ مِصرَ فَلا وَرَائي تَخُبُّ بيَ الرّكابُ وَلا أمَامي
وَمَلّنيَ الفِرَاشُ وَكانَ جَنبي يَمَلُّ لِقَاءَهُ في كُلّ عامِ
(ب) اُنثر قول أبي الطيب، وبيِّن غرضه :
إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ
(جـ) صفْ وطنكَ واجعل غرضكَ من الوصف الفخرَ بمكانه وصفاء سمائه، وخِصْب أرضه وارتقاء عمرانه.
(د) أجب عما يلي :
(1) كوِّنْ ست جمل خبرية تكون الثلاث الأولى منها لإِفادة المخاطب حكمها. والثلاث الأَخيرة لإِفادته أَنك عَالمٌ بالحكم.
(2) كوِّنْ ثلاث جمل تفيد بسياقها وقرائن أَحوالها الاستعطافَ وإِظهارَ الضعف والتحسُّر.
(3) كوِّن ثلاث جمل تفيد بسياقها وقرائن أحوالها الحثً على السعي والتوبيخ والفخر على الترتيب.
===================









أَضْرُب الخَبرِ
الأمثلةُ:
(1) كتبَ معاويةُ رضي الله عنه إلى أحد عماله فقال :
لا ينبغي لَنَا أن نَسُوس الناسَ سياسةً واحدةً، لا نَلِينُ جميعاً فَيَمْرَح الناسُ في المَعْصِيَة، ولا نَشْتَدُّ جميعاَ فَنحْمِلَ الناسَ على المهالك، ولكنْ تكونُ أَنت للشِّدةِ والغِلْظَة، وأَكون أَنا لِلرأْفةِ والرحمةِ.
(2) قال أَبو تمام :
ينالُ الفتى من عيشهِ وهو جاهلٌ ويُكْدِي الفَتَى في دَهْرِهِ وَهْوَ عَالِمٌ
ولَوْ كانَتِ الأرزَاقُ تَجْري على الحِجَا هلكْنَ إذَنْ مِنْ جَهْلِهنَّ البَهَائِمُ
(3) قال الله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} (18) سورة الأحزاب.
(4) قال السَريّ الرَّفاء :
إنَّ البِناءَ إذا ما انهدَّ جانبُه لم يأمَنِ الناسُ أنْ يَنهدَّ باقِيه
(5) قال أَبو العباس السفاح :
لأعْمِلَنَّ اللِّينَ حتَّى لا يَنْفَعِ إلا الشِّدةُ،، و لأكْرِمَنَّ الخاصة ما أَمِنْتُهم على العامة، لأغْمِدَنَّ سيفي حتى يَسُلَّه الحق، ولأعْطِينَّ حتى لا أرى للعطية موْضِعاً.
(6) قال الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ..} (186) سورة آل عمران.
(7) وقال الشاعر :
واللهِ إني لأَخو هِمَّةٍ …تسمو إلى المجد و لا تَفْتُر
البحثُ:
إذا تأملت الأَمثلة المتقدمة وجدتها أخبارا، ووجدتها في الطائفة الأولى خالية من أدوات التوكيد. و في الطائفتين الأخيرتين مؤكدة بمؤكِّد أو مؤكِّدين أو أكثر، فما السرُّ في هذا الاختلاف؟
إذا بحثت لم تجد لذلك سبباً سوئ اختلاف حال المخاطب في كل موطن، فهو في أمثلة الطائفة الأولى خال الذهن من مضمون الخبر، و لذلك لم ير المتكلم حاجة إلى توكيد الحكم له، فألقاه إليه خاليا من أدوات التوكيد، ويسمَّى هذا الضرب من الأخبار ابتدائيّا.

أما في الطائفة الثانية فالمخاطب له بالحكم إلمام قليل يمتزج بالشك، وله تشوُّف إلى معرفة الحقيقة، و في مثل هذه الحال يحسن أَن يلقَى إليه الخبر و عليه مِسْحَةٌ من اليقين تجلو له الأَمر وتدفع عنه الشبهة. ولذاك جاءَ الكلام في المثال الثالث مؤكدا "بقد " و في الرابع مؤكدًا "بإن" و لا ،ويسمَّى هذا الضرب طلبياً.
أما في الطائفة الأَخيرة فالمخاطب منْكرٌ للحكم جاحد له. و في مثل هذه الحال يجب أن يُضَمَّن الكلام من وسائل التقوية والتوكيد، ما يدفع إنكار المخاطب ويدعيه إلى التسليم: ويجب أن يكون ذلك بقدر الإنكار قوة و ضعفا، ولذلك جاءَ الكَلام في المثالين الخامس والسادس مؤكدًا بمؤكدين هما القسم ونون التوكيد. أَما في المثال الأَخير فقد فرض الشاعر أَن الإِنكار أقوى. ولهذا أكده بثلاثة أَدوات هي: القسم وإنّ واللام، ويسمى هذا الضرب إنكاريًّا.
ولتوكيد الخبر أَدوات كثيرة سنأتي عند ذكر القواعد على طائفة صالحة منها.
القواعدُ:
(32) لِلْمخَاطِبِ ثَلاَثُ حالاتٍ:
(1) أَن يَكونَ خالي الذِّهْنِ مِنَ الحُكْمِ، وفي هذه الحال يُلْقَى إلَيْهِ الخبَرُ خالياً مِنْ أدواتِ التوٍ كيد، ويُسَمَّى هذا الضَّرْبُ من الخَبر ابتدائيّا.
(ب) أن يِكونَ مُترَدِّدا في الحكُمِ طالباً أَنْ يَصِلَ إلى اليقين في معرفَتهِ، و في هذه الحال يَحْسُنُ توكيده له لِيَتَمَكنَ مِنْ نفسه، ويُسَمَّى هذا الضَّرب طلبيًّا.
(جـ) أَنْ يَكون مُنْكرًا لهُ، وفى هذه الحال يَجبُ أَنْ يُؤَكَّدَ الْخَبَر بمؤكَّدٍ أَوْ أَكْثَرَ على حَسب إِنكاره قوّةً وضَعْفاً، وَيُسَمَّى هذا الضَّرْبُ إِنكاريًّا .
(33) لِتَوْكِيدِ الخَبَرِ أدواتٌ كثيرَةٌ" منها إِنّ، وأَنَّ، والقَسمُ ولاَمُ الابْتِدَاء، ونُونَا التَّوْكيدِ، وأَحْرُفِ التَّنْبيه، و الْحُرُوفُ الزَّائِدَةُ، وقَدْ، و أما الشَرْطِيَّةُ.
نَمُوذَجٌ في تَعْيِين أضرُبِ الخَبَر و أدوات التَّوْكيد
(1) قال أبو العتاهية :
إني رأيْتُ عَوَاقِب الدُنيَا… فَتَركتُ ما أهوى لما أَخشى
(2) قال أبو الطيب :
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
(3)و قال حَسان بن ثابت رضي الله عنه :
وإني لحلوٌ تعتريني مرارة ٌ، وإني لتراكٌ لما لمْ أعوَّدِ
(4) قال الأرجانيُّ :
إنا لفي زَمَن ملآن مِنْ فِتَن… فلا يعاب به ملآن من فرق
(5)و قال لبيد :
وَلَقَدْ عَلِمْتُ: لَتأْتِيَنَّ مَنِيَّتي .... إنَّ الْمَنَايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها
(6)و قال النابِغَةُ الذبَيانِيُّ :
ولَسْتَ بمُسْتَبْقٍ أَخاً لا تَلُمُّهُ ... على شَعَثٍ أَيُّ الرجالِ المُهَذَّبُ
(7) قال الشريفُ الرضيُّ :
قَدْ يَبْلُغُ الرّجُلُ الجَبَانُ بِمَالِهِ مَا لَيسَ يَبلُغُهُ الشّجَاعُ المُعدِمُ
الرقم الجملة ضرب الخبر أدوات التوكيد
1 أنى رأيت
فتركت ما أهوى طلبي
ابتدائي إنّ
2 على قدر أهل العزم الخ
وتأتى على قدر الكرام الخ
وتكبر في عين الصغير الخ
وتصغر في عين العظيم الخ ابتدائي
ابتدائي
ابتدائي
ابتدائي
3 وإني لحلو تعتريني مرارة
وإني لتراك إنكاري
إنكاري إن واللام
إن واللام
4 إنا لفي زمن الخ البيت
فلا يعاب …" إنكاري
ابتدائي إن واللام
5 و لقد علمت
إن المنايا لا تطيش سهامها إنكاري
طلبي القسم وقد
إن
6 ولست بمستبق الخ طلبي الباء الزائدة
7 قد يبلغ الرجل الجبان الخ طلبي قد
تمريناتٌ
(أ) بيِّن أَضربَ الخبر فيما يأتي وعين أَداة التوكيد:
(1) جاء في نَهْج البلاغة :
الدَّهرُ يُخْلِقُ الاَْبْدَانَ، وَيُجَدِّدُ الاْمَالَ، وَيُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ، ويُبَاعِدُ الاُْمْنِيَّةَ ، مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ ، ومَنْ فَاتَهُ تَعِبَ .
(2) قال الأرجاني :
ذَهَبَ التكَرُّم وَالوَفَاءُ مِنَ الوَرَى …وتصَرَّمَا إلا منَ الأشعار
وفَشَتْ خِياناتُ الثقات وغَيْرِهِمْ …حتى اتهَمْنَا رؤْيَة الأبْصار
(3) وقال العباس بن الأحنف :
فأُقِسمُ ما تركي عِتابَكِ عنْ قِلى ً ولكن لعلمي أنّهُ غيرُ نافعِ
(4)و قال محمد بن بشير :
أنى وإنْ قصُرَتْ عن همتي جدَتى …وكان مالي لاَ يقْرَى عَلَى خُلُقي
لَتَارِكٌ كلَّ أمر كان يلزمني … عارًا وَيُشْرعُنى في المَنْهَل الرًنق
(5) وقال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (62) سورة يونس.
(6)وقال تعالى:{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)}ْ [المؤمنون/1-4] .
(7) قال أبو نواس :
ولقد نهزتُ مع الغواة بدلوهم …وأسمتُ سرح اللهو حيث أساموا
وبلغتُ ما بلغ امرؤ بشبابه .....…فإذا عصارة كل ذاك أثام
(8) و قال أعرابيٌّ :
ولَمْ أَر كالمَعْرُوفِ، أمَّا مَذاقُهُ ... فَحُلْوٌ، وأما وجْهُهُ فَجَمِيلُ
(9)و قال كعب بن سعد الغنوي :
ولستُ بُمبدٍ للرجالِ سريرَتي ... ومَا أنَا عَنْ أسرارِهِمْ بِسَؤلِ
(10) وقال المعري في الرثاء :
إن الذي الوحشةُ في داره …تؤنسه الرَّحمةُ في لحدِهِ
(ب) بين الجمل الخبرية فيما يأتي وعيِّن أضربها؛ واذكر ما اشتملت عليه من وسائل التوكيد :
(1)قال يزيد بن معاوية بعد وفاة أبيه :
"إن أمير المؤمنين كان حبلا من حبال الله مدَّه ما شاء أن يمده ثم قطعه حين أراد أن يقطعه و كان دون من قبله و خيرا ممن يأتي بعده، ولا أزكيه عِنْدَ رَبهِ، و قدْ صارَ إِلَيْهِ، فإِنْ يَعْفُ عنه فَبرَحْمَته وإِن يعاقِبْه فبذنْبه، و قد ولَيتُ بَعْدَهُ الأمْرَ ولَسْتُ أعتذر من جهْل. ولا آسَى علَى طَلبِ عِلم وعَلَى رسْلِكم إذا كَره الله شيئاً غَيَّره، وإِذا أحَبَّ شيئاً يَسَّرَه".
(2)و قال محمد بن إسحاق الواسطي :
لئِنْ كنتُ مُحْتاجاً إلى الحِلْمِ إِنَّني ... إِلى الجَهْلِ في بَعْضِ الأَحايينِ أَحْوَجُ َ
وما كنتُ أَرْضَى الجَهْلَ خِدْناً ولا أَخاً ... ولكنَّنِي أَرْضَى بهِ حينَ أُحْرَج
ولِي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بالحِلْمِ ملْجَمٌ ... ولِي فَرَسٌ للْجَهْلِ بالجَهْل مُسْرَج
فإنْ قال بَعْضُ النَّاسِ: فيهِ سَماجَةٌ، ... لقَدْ صَدَقُوا، والذُّلُّ بالحرِّ أَسْمَج
فمَنْ شاء تَقْوِيمِي فإِنِّي مقَوَّمٌ ... ومَنْ شاء تَعْويجي فإِنِّي مُعَوَّج
(جـ) أجبْ عما يلي :
(1) تخيل أنكَ في جدال مع طالب من قسم الآداب. وأَنت من طلاب العلوم، ثم بيِّن له فضل العلوم على الآداب مستعملاً جميع أَضرب الخبر.
(2) إِذا كنت من طلاب الآداب فبين مزاياها وفضلها على العلوم مستعملاً جميع أَضرب الخبر.
(د) كوِّن عشر جمل خبرية، وضمِّن كلاًّ منها أَداة أَو أكثر من أَدوات التوكيد واستوف الأَدوات التي عرفتها.
(هـ) انْثر البيتين الآتيتين نثرًا فصيحاً وبين فيهما الجمل الخبرية و أَضرُبَهَا :
تَوَدُّ عَدُوِّي، ثُمَّ تَزْعَمُ أَنَّنِي ... صَدِيقُكَ، إنَّ الرَّأْيَ مِنْكَ لَعازِبُ
ولَيْس أخِي مَنْ وَدَّنِي بِلِسانِهِ ... ولكنْ أخِي مَنْ وَدَّنِي وهْوَ غائِبُ
===============









(3) خُروجُ الخبَر عن مُقتَضَى الظاهر
الأمثلةُ:
(1) قال تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ} (37) سورة هود.
(2) قال تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (53) سورة يوسف.
(3) وقال تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (15) سورة المؤمنون.
(4) وقال حَجَل بن نضلة القيسي :
جاءَ شَقِيقٌ عارضاً رُمْحَه …إنَّ بَني عَمِّكَ فِيهمْ رِمَاح
(5) وقال تعالى يخاطب منكري وَحْدَانيَّتِه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (163) سورة البقرة .
(6) الجهلُ ضارٌّ: (تقوله لمنْ يُنكرُ ضررَ الجهل)
البحثُ:
عرفنا في الباب السابق أن المخاطَب إن كان خالي الذهن ألقى إليه الخبر غير مؤكَّد، و إن كان متردّداً في مضمون الخبر طالباً معرفته حَسُن توكيده له و إن كان منكرًا وجب التوكيد، و إلقاء الكلام على هذا النمط هو ما يقتضيه الظاهر،و قد توجد اعتبارات تدعو إلى مخالفة هذا الظاهر نشرحها فيما يأتي:
اُنظر إلى المثال الأول تجد المخاطب خالي الذهن من الحكم الخاص بالظالمين، وكان مقتضَى الظاهر على هذا أن يُلْقَى إليه الخبر غير مؤكدٍ، لكن الآية الشريفة جاءت بالتوكيد، فما سبب خروجها عن مقتضى الظاهر؟ السبب أن الله سبحانه لما نهى نوحاً عن مخاطبته في شان مخالفيه دفعه ذلك إلى التطلع إلى ما سيصيبهم فنزل لذلك منزلة السائل المتردد؟ أحُكِمَ عليهم بالإغراق أم لا؟ فأجيب بقوله: {إنهم مغرقون}.
وكذلك الحال في المثال الثاني فإن المخاطب خالي الذهن من الحكم الذي تضمنه قوله تعالى: {إن النفس لأمارة بالسوء} غير أن هذا الحكم لما كان مسبوقاً بجملة أخرى و هي قوله تعالى: {و ما أبري نفسي } و هي تشير إلى أنَّ النفس محكوم عليها بشي غير محبوب أصبح المخاطب مستشرفا متطلعاً إلى نوع هذا الحكم، فنزل من أجل ذلك منزلة الطالب المتردد و ألقي إليه الخبر مؤكدًا.
انظر إلى المثال الثالث تجد المخاطبين غير منكرين الحكمَ الذي تضمنه قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون }، فما السبب إذًا في إلقاء الخبر إليهم مؤكداً؟ السببُ ظهور أمارات الإنكار عليهم فإن غفلتهم عن الموت وعدم استعدادهم له بالعمل الصالح يُعَدّانِ من علامات الإنكار، ومن أجل ذلك نزلوا منزلةَ المنكرين وألقي إِليهم الخبر مؤكَدَا بمؤكدين.
وكذلك الحال في قول حَجَل بن نضله فإن شقيقاً لا ينكر رماح بني عمه، ولكنَّ مجيئَه عارضاً رمحه من غير تهيؤ للقتال ولا استعدادٍ له، دليل على عدم اكتراثه. و على أنه يعتقد أن بني عمه عُزْل لا سلاحَ معهم، فلذلك انْزل منزلةَ المنكرين، فأكد له الخبر وخوطب خطاب المنكر، فقيل له: "إِن بني عمك فيهم رماح ".
اُنظر إِلى المثال الخامس تر أن الله سبحانه يخاطب المنكرين الذين يجحدون وحدانيته، ولكنه ألقى إليهم الخبر خاليا من التوكيد كما يُلْقَى لغير المنكرين فقال: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } فما وجه ذلك ؟ الوجه أنّ بين أيدي هؤلاء من البراهين الساطعة والحجج القاطعة ما لو تأملوا لوجدوا فيه نهاية الإِقناع ولذلك لم يُقِم الله لهذا الإِنكار وزناً ولم يعتدَّ به في توجيه الخطاب إليهم.
وكذلك الحال في المثال الأخير، فإن لدى المخاطب من الدلائل على ضرر الجهل ما لو تأَمله لارتدعَ عن إِنكاره، ولذلك ألقي إليه الخبر خالياً من التوكيد.
القواعدُ:
(34) إِذَا ألقيَ الْخَبَرُ خالِياً من التَّوْكِيدِ لخالي الذِّهْن، ومؤَكَّدا استحسانا للسائل المُتَردِّدِ، و مؤكدًا وُجُوباً لِلْمُنكِر، كان ذلك الخبرُ جارياً عَلَى مُقْتَضى الظَّاهِر.
(35) وقد يَجْري الخَبَرُ عَلَى خلافِ ما يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ لاعتبارات يَلْحَظها المتكَلِّمُ ومنْ ذلك ما يأتي:
(أ) أَنْ يُنَزَّلَ خاليَ الذِّهْن مَنْزلَةَ السائل المُتَرَدِّدِ إذَا تَقَدَّمَ في الكلام ما يُشِيرُ إِلى حُكْمِ الخَبَرِ.
(ب) أَنْ يُجْعلَ غَيْرُ الْمُنْكرِ كالْمُنْكِر لِظُهور إمارات الإِنكار عَلَيْهِ.
(جـ) أَنْ يُجْعَلَ الْمُنْكِرُ كغَيرِ المنكر إن كانَ لدَيْهِ دَلائلُ وشَوَاهِدُ لَوْ تأملها لارْتَدَعَ عَنْ إِنْكارهِ.
نموذجٌ
بينْ وجهَ خروج الخبر عن مقتضى الظاهر فيما يأتي:
(1) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (1) سورة الحـج .
(2) إنَّ برَّ الْوَالدَيْن لواجبٌ (تقوله لمنْ لا يطِيع والديه).
(3)إِن الله لمُطلِّعٌ على أفعال العبادِ (تقوله لمنْ يظلم الناس بغير حقٍّ).
(4) الله موجودٌ (تقول ذلك لمنْ ينكر وجود الإله)
الإِجابةُ
(1) الظاهر في المثال الأول يقتضي أَن يُلقى الخبر خالياً من التوكيد، لأن المخاطَب خالي الذهن من الحكم ولكن لما تقدم في الكلام ما يشعر بنوع الحكم أصبح المخاطب متطلعاً إِليه، فنزِّلَ منزلةَ السائل المتردد و استُحسن إِلقاءَ الكلام إِليه مؤكدًا جرياً على خلاف مقتضى الظاهر.
(2) مقتضَى الظاهرُ أَن يُلقى الخبر غير مؤكد، لأَن المخاطب هنا لا ينكر أن بر الوالدين واجب ولا يتردد في ذلك، ولكن عصيانه أمارة من أمارات الإِنكار، فلذلك نزِّل منزلة المنكر.
(3) الظاهر هنا يقتضي إلقاء الخبر غير مؤكد أَيضاً، لأَن المخاطب لا يُنكِرُ الحكم ولا يترددُ فيه ولكنه نزِّل منزلة المنكر، وألقى إليه الخبر مؤكدًا لظهور إمارات الإِنكار عليه وهي ظلمه العباد بغير حق.
(4) الظاهر هنا يقتضي التوكيد لأَن المخاطب يَجْحد وجود الله، ولكن لمَا كان بين يديه من الدلائل والشواهد ما لو تأمله لارتدع عن الإِنكار، جعل كغير المنكر. ألقى إليه خالياً من التوكيد جرياً على خلاف مقتضَى الظاهر.
تمريناتٌ
(أ) بين وجه خروج الخبر عن مقتضى الظاهر في كل مثال من الأمثلة الآتية:
(1) قال تعالى: {.. وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ..} (103) سورة التوبة.
(2) و قال:{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) [الإخلاص/1، 2] }.
(3) إِنَّ الفراغ لَمَفْسدةٌ (تقوله لمنْ يعرفُ ذلك ولكنه يَكره العمَلَ).
(4) العلم نافعٌ (تقول ذلك لمن ينكر فائدة العلوم).
(5) قال أبو الطيب :
تَرَفّقْ أيّهَا المَوْلى عَلَيهِمْ فإنّ الرّفْقَ بِالجاني عِتَابُ
(ب)أجب عما يلي :
(1) هات مثالين يكون الخبر في كل منهما مؤكدًا استحساناً، و جارياً على خلاف مقتضى الظاهر واشرح السبب في كل من المثالين.
(2) هات مثالين يكون الخبر في كل منهما مؤكدًا وجوباً وخارجاً عن مقتضى الظاهر، واشرح وجه التوكيد في كل من المثالين.
(3) هات مثالين يكون الخبر في كل منهما خالياً من التوكيد خارجاً عن مقتضى الظاهر، واشرح وجه الخروج في كل من المثالين.
(جـ) اشرح قول عنترة وبيِّن وجه توكيد الخبر فيه :
لله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوا منَ الأكارمِ ما قد تنسلُ العربُ
================














الإنشاءُ
تقسيمُه إلى طلبيٍّ وغير طلبيٍّ
الأمثلةُ:
(1) أَحِبَّ لِغَيْرِكَ ما تحِبُّ لِنفْسِكَ .
(2) من كلام الحسَن رَضيَ الله عنه :لا تَطْلُبْ مِنَ الْجَزَاءِ إِلا بقَدْرِ ما صَنَعْتَ.
(3) وقال أَبو الطيب :
ألا ما لسَيفِ الدّوْلَةِ اليَوْمَ عَاتِبَا فَداهُ الوَرَى أمضَى السّيُوفِ مَضَارِبَا
(4) وقال حسانُ بن ثابت رضي الله عنه :
يا ليتَ شعري وَلَيْتَ الطَّيْرَ تُخْبِرُني… ما كانَ شأنُ عليٍّ وَابنِ عفّانا!
(5) وقال أَبو الطيب :
يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ
(6) وقال الصِّمَّة بنُ عَبْدِ الله :
بنفسي تلْكَ الأرض ما أَطْيَب الرُّبَا! …ومَا أَحْسَنَ اَلْمُصْطَافَ والمتَرَبَّعَا
(7) وقال الجاحظ من كتاب :
أَمَّا بعدُ فَنِعْمَ البَديلُ من الزَّلَّةِ الاعتذارُ ، وبئْسَ العوَضُ من التَّوبةِ الإِصْرَارُ .
(8) وقال عبد الله بنُ طاهر :
لَعَمْرُكَ مَا بِالْعَقْلِ يُكتَسَبُ الغنى… ولا باكْتِساب المالِ يُكتَسبُ العَقْلُ
(9) وقال ذو الرُّمَّة :
لَعَلَّ انْحِدَارَ الدَّمْعِ يُعْقِبُ راحةً …مِنَ الْوَجْدِ أو يشفي شجيّ البلابل
(10) وقال آخر :
عَسَى سائلٌ ذو حاجَةٍ إن مَنَعْتَهُ ... مِنَ اليَوْمِ سُؤالاً أن يُيَسَّرَ في غَدِ
البحثُ:
الأمثلة المتقدمة جميعها إنشائية لأنها لا تحتمل صدقاً، ولا كذباً، وإذا تدبرتها جميعها وجدتها قسمين فأمثلة الطائفة الأولى يطلب بها حصول شيء لم يكن حاصلا وقت الطلب، ولذلك سميَ الإنشاء فيها طلبيًّّا. أما أمثلة الطائفة الثانية فلا يطلب بها شيء. و لذلك يسمَّى الإنشاء فيها غير طلبي.
تدبر الإِنشاءَ الطلبيَّ و أَمثلة الطائفة الأولى تجده تارة يكون بالأمر كما في المثال الأَول، و تارة بالنهي كما في المثال الثاني. و تارة بالاستفهام كما في المثال الثالث، و تارة بالتمني كما في المثال الرابع، وتارة بالنداء كما في المثال الخامس. و هذه هي أَنواع الإنشاء الطلبي التي سنبحث عنها في هذا الكتاب .
اُنظر إلى أمثلة الطائفة الثانية تجد وسائل الإنشاء فيها كثيرة، فقد يكون بصيغ التعجب كما في المثال السادس، أَو بصيغ المدح و الذم كما في المثال السابع أو بالقسم كما في المثال الثامن أو بلعل وعسى وغيرهما من أدوات الرجاء كما في المثالين الأخيرين. و قد يكون بصيغ العقود كبعت واشتريت.
وأنواع الإنشاء غير الطلبي ليست من مباحث علم المعاني ولذلك نقتصر فيها على ما ذكرنا ولا نطيل فيها البحث.
القاعدةُ:
(36) الإِنْشاء نوعان طَلبَيٌّ و غَيْرُ طلبيٍّ:
(أ) فالطلبيُّ ما يَسْتَدْعي مَطْلوباً غَيرَ حاصل وقتَ الطلب، ويكونُ بالأمر، والنهْي، والاستفهام، والتمني، والنِّداءَ .
(ب) وغَيْر الطَّلبي ما لا يَسْتَدْعي مطلوباً، وله صيَغ كَثيرة منها: التَّعَجُّب، والمدح، والذم، والقَسَمُ، وأفعالُ الرجاء، وكذلك صِيَغُ العُقُودِ.
نَمُوذجٌ
لبيان نوع الإنشاء في كل مثال من الأمثلة الآتية:
(1) قال أبو تمام :
لا تسقني ماءَ الملامِ فإنَّني صبٌّ قدِ استعذبتُ ماءَ بُكائي
(2) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أُرَاهُ رَفَعَهُ قَالَ « أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا » .
(3)و قال ابن الزيات يمدح الفضْل بن سهْل .
يا ناصِر الدين إذ رثَّتْ حبائلُه… لأنتَ أكرمُ من آوَى و منْ نصرا
(4)وقال أميةَ بن أبي الصَّلْت في طلب حاجة :
أَأَذْكُرُ حاجَتِي أَم قد كَفانِي ... حَياؤُكَ، إِنَّ شِيمَتَكَ الحَياءُ
(5) و قال زُهيْرُ بن أبى سُلْمى :
نِعْمَ امرَءًا هَرِمٌ، لم تَعْرُ نائِبَةٌ .. إِلاَّ وكانَ لِمُرتْاعٍ بها وَزَرا
(6) قال امرؤ القيس :
أجارتَنا إنا غَريبانِ هاهُنا …وكلُّ غريبٍ للغريب نسيبُ
(7) و قال آخر :
يا ليت منْ يمْنَع المعروفَ يَمْنعُهُ …حتى يذوق رجالٌ غِبَّ ما صنعوا
(8) و قال أبو نُواس يستعطفُ الأمين :
وحياةِ رأْسِكَ لا أَعو ... دُ لمثلها وحياةِ رأْسِكْ
(9)و قال دِعْبلُ الخُزاعيُّ :
ما أكْثر النَّاسِ! لا بلْ ما أقَلَّهم! … اللَّهُ يَعلَمُ أَنّي لَم أَقُلْ فَنَدا
إنِّي لأفْتَحُ عيني حِين افتَحُها …على كثير ولكنْ لا أرى أَحدا
الجوابُ
الرقم صيغة الإنشاء نوعه طريقته
1 لا تسقني ماء الملام طلبي النهي
2 أحْببْ حبيبكَ هوْناً ما عسى أنْ يكون بغيضَكَ يَوْما ما و أبغض بغيضَكَ هوْناً ما عسى أن يكون حبيبَكَ يوْماً ما. طلبي الرجاء
3 يا ناصِر الدين إذ رثَّتْ حبائلُه طلبي النداء
4 أأذكر ٌ حاجتي أم قَدْ كفاني طلبي الاستفهام بالهمزة
5 نِعْم امرأً هرِمٌ لَم تَعرُ نَائِبةٌ غير طلبي المدح نعم
6 أجارتَنا إنا غَريبان هاهُنا طلبي استفهام بالهمزة
7 يا ليت منْ يمْنَع المعروفَ يَمْنعُهُ طلبي النداء بيا التمني
8 وحياة راسك لا أعوُ دُ طلبي القسم
9 ما أكْثر النَّاس! لا بلْ ما أقَلَّهم غير طلبي التعجب
تمريناتٌ
(أ) بين صيغ الإنشاء وأنواعه طرقه فيما يأتي:
(1) قال أبو الطيب يمدح نفسه :
ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ
(2)و قال أيضاً :
لعلَّ عَتْبَكَ محمودٌ عواقبُهُ ... وربّما صحَّتِ الأجسامُ بالْعِلَلِ
(3) و قال أيضاً :
فَيا لَيتَ ما بَيْني وبَينَ أحِبّتي مِنَ البُعْدِ ما بَيني وبَينَ المَصائِبِ
(4) وقال في مدح سيف الدولة :
وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا ؟
(5) وقال فيه أيضا :
يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرَادَ بسَيْفِهِ أصْبَحتُ منْ قَتلاكَ بالإحْسانِ
(6) و قال فيه أيضا :
تَالله مَا عَلِمَ امرُؤٌ لَوْلاكُمُ كَيفَ السّخاءُ وَكَيفَ ضرْبُ الهَامِ
(7) و قال أيضا :
ومَكايِدُ السّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْ وعَداوَةُ الشّعَراءِ بِئْسَ المُقْتَنى
(8)و قال أيضا :
لُمِ اللّيالي التي أخْنَتْ على جِدَتي بِرِقّةِ الحالِ وَاعذِرْني وَلا تَلُمِ
(9) و قال أيضا :
بِئْسَ اللّيَالي سَهِدْتُ مِنْ طَرَبٍ شَوْقاً إلى مَنْ يَبِيتُ يَرْقُدُهَا
(ب) (أجب عما يلي) :
(1) كون ثماني جمل إنشائية منها أربع للإنشاء الطلبي و أربع لغير الطلبي.
(2) اِيتِ بصيغتين للقسم، و أُخرييْن للمدح و الذم، و مثلهما للتعجب.
(3) استعمل الكلمات الآتية في جمل مفيدة، ثم بيًن نوعَ كل إنشاء:لا الناهية. همزة الاستفهام. ليت. لعل. عسى. حبذا. لا حبذا. ما التعجبية. واو القسم. هل.
(جـ) بين الإنشاء وأَنواعه والخبر و أضربه فيما يأتي:
(1) قال عمرو بن أهتم بن سمي السعدي المنقري :
لعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلادٌ بأه لِها ... ولكنّ أخْلاقَ الرِّجالِ تَضيقُ
(2) وقال أبو الطيب المتنبي :
إذا لم تكُنْ نَفْسُ النّسيبِ كأصْلِهِ فماذا الذي تُغني كرامُ المَناصِبِ
(3) وقال عِكْرِشَة أَبو الشَّغْب يَرْثي ابنه شَغْباً :
لَيْتَ الجِبالَ تَداعَتْ يَوْمَ مَصْرَعِهِ ... دَكًّا فلَمْ يَبْقَ مِن أَحْجارِها حَجَرُ
(4)و قال أشجع بن عمرو السُّلمي :
لَئِنْ حَسُنَتْ فَيكَ المَراثِي وذِكْرُها ... لقَدْ حَسُنَتْ مِن قَبْلُ فِيكَ المَدائِحُ
(5) وقال الشاعر :
للّهْوِ آوِنَةٌ تَمُرّ كأنّهَا قُبَلٌ يُزَوَّدُهَا حَبيبٌ راحِلُ
(6) وقال الغَطَمّش الضَّبي :
أَخِلاَّيَ لو غَيْرُ الحِمامِ أَصابَكُمْ ... عَتَبْتُ ولكنْ ليسَ للدَّهْرِ مَعْتَبُ
(7) وقال الشاعر :
إنَّ المساءَةَ للمسرةِ موعِدٌ …أُختان رهنٌ للعشية أو غَدِ
فإذا سمعت بهالك فتيقَّنَنْ …أنَّ السبيل سبيلهُ و تَزوّدِ
(8)وقال المتنبي :
وكلّ شَجاعَةٍ في المَرْءِ تُغني ولا مِثلَ الشّجاعَةِ في الحَكيمِ
(9) وقال سوادة اليربوعي :
لقدْ بكرَّتْ ميٌّ عليَّ تلومني ... تقولُ ألا أهلكتَ منْ أنتَ عائلُه
ذريني فإِنَّ البخلَ لا يُخلِدُ الفَتَى …ولا يُهْلِكُ المعروفُ من هو فاعلُه
(10) وقال الشاعر :
وكلُّ امرئٍ يوماً سيركبُ كارهاً …على النعش أَعناقَ العدا والأقارب
(11) وقال المتنبي :
وما الجَمْعُ بَينَ الماءِ والنّارِ في يدي بأصعَبَ من أنْ أجمَعَ الجَدّ والفَهمَا
(12) وقال علي الجارم :
يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ وجَمالاً يَزِينُ جِسْماً وعَقْلاَ
فانْبِذِي عادة َ التَّبرجِ نَبْذاً فجمالُ النُّفوسِ أسْمَى وأعْلَى
يَصْنَع الصّانِعُون وَرْداً ولَكِنْ وَرْدَة ُ الرَّوضِ لا تُضَارَعُ شَكْلا
(د) حول الأخبار الآتية إلى جمل إنشائية واستوف أنواع الإِنشاء الطلبي التي تعرفها:
الروضُ مزهرٌ- الطيرُ مغردٌ- يتنافسُ الصناعُ -يفيضُ النيل- نَشِطَ العاملُ- أجادَ الكاتبُ
(هـ) بين نوع الإنشاء في البيتين التاليين، ثم انثرهما نثرًا فصيحاً .
يا أَيَّها المُتَحَلِّي غَيرَ شيمَتِه ... ومن سَجِيَّتِه الإكثارُ والمَلَقُ
اِرْجعْ إلى خُلْقِكَ المَعْروفِ دَيْدَنُهُ ... إِنَّ التَّخَلقَ يَأْتِي دُونَهُ الخُلُقُ
الإِنشاءُ الطلبيُّ
(1) الأَمرُ



رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 05:55 PM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: البلاغةُ الواضِحَةُ

الأَمثلةُ:
(1) من رسالة لعليّ رضي الله عنه بعث بها إِلى ابن عَباس وكان عاملا بمكة :
"أَمَّا بَعْدُ، فَأَقِمْ لِلنَّاسِ الْحَجَّ، وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ ، وَاجْلِسْ لَهُمُ الْعَصْرَيْنِ ، فَأَفْتِ الْمُسْتَفْتِيَ، وَعَلِّمِ الْجَاهِلَ، وَذَاكِرِ الْعَالِمَ، وَلاَ يَكُنْ لَكَ إِلَى النَّاسِ سَفِيرٌ إِلاَّ لِسَانُكَ، وَلاَ حَاجِبٌ إِلاَّ وَجْهُكَ، وَلاَ تَحْجُبَنَّ ذَا حَاجَة عَنْ لِقَائِكَ بِهَا، فَإِنَّهَا إِنْ ذِيدَتْ عَنْ أَبْوَابِكَ في أَوَّلِ وِرْدِهَا لَمْ تُحْمَدْ فيَِما بَعْدُ عَلَى قَضَائِهَا.
وَانْظُرْ إِلَى مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ مَالِ اللهِ فَاصْرِفْهُ إِلَى مَنْ قِبَلَكَ مِنْ ذَوِي الْعِيَالِ وَالْمَجَاعَةِ، مُصِيباً بِهِ مَوَاضِعَ المَفَاقِرِ وَالْخَلاَّتِ ، وَمَا فَضَلَ عَنْ ذلِكَ فَاحْمِلْهُ إِلَيْنَا لِنَقْسِمَهُ فِيمَنْ قِبَلَنَا.
وَمُرْ أَهْلَ مَكَّةَ أَلاَّ يَأْخُذُوا مِنْ سَاكِن أَجْراً، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) فَالْعَاكِفُ: الْمُقيِمُ بِهِ، وَالْبَادِي: الَّذِي يَحُجُّ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ.
وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ لَِمحَابِّهِ ، وَالسَّلاَمُ."
(2) وقال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (29) سورة الحـج.
(3) وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة المائدة.
(4) وقال: . {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ..(23) سورة الإسراء
(5) وقال أَبو الطيب في مدح سيف الدولة :
كَذا فَلْيَسْرِ مَن طَلَبَ الأعادي وَمثلَ سُراكَ فَليَكُنِ الطِّلابُ
(6) وقال يخاطبه :
أزِلْ حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بكَبتِهمْ فأنتَ الذي صَيّرْتَهُمْ ليَ حُسّدَا
(7) وقال امرؤ القيس :
قِفَا نَبْكِ من ذِكْرَى حَبيبٍ وَمَنْزِلِ بِسقْطِ اللَّوَى بَيْنَ الدَّخُولٍ فَحَوْمَلِ
(8) وقال أَيضاً :
أَلا أَيُّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلِ ... بِصُبْحٍ، وما الإصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ
(9) وقال البحتري :
فمَن شاءَ فَليَبخُلْ، وَمن شاءَ فليَجُد، كَفاني نَداكمْ من جَميعِ المَطالبِ
(10) وقال أَبو الطيب :
عِشْ عزيزاً أوْ مُتْ وَأنتَ كَرِيمٌ بَينَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ
(11) وقال آخر :
أروني بخيلاً طالَ عُمْرًا ببُخْلِهِ …وَهَاتُوا كَريماً مَاتَ مِنْ كثْرَةِ البَذلِ
(12) و قال غيره :
إِذا لَمْ تَخْشَ عاقِبةَ اللّيالي ولمْ تَسْتَحْي فاصْنَعْ ما تشاءُ
(13) وقال تعالى: {.. وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ..} (187) سورة البقرة.
البحثُ:
إذا تأملت أَمثلة الطائفة الأولى رأيت كلاًّ منها يشتمل على صيغةٍ يُطْلب بها على وجه التكليف والإلزام حصول شيء لم يكن حاصلاً وقت الطلب. تم إذا أَنعمت النظر رأيت طالب الفعل فيها أعظم و أعلى ممن طُلِب الفعل منه. وهذا هو الأمر الحقيقي ،وإِذا تأَملت صِيغَتَهُ رأَيتها لا تخرج عن أَربع: هي فعل الأمر كما في المثال الأول والمضارع المقرون بلام الأمر كما في المثال الثاني ،واسم فعل الأمر كما في المثال الثالث. و المصدر النائب عن فعل الأمر كما في المثال الرابع.
انظر إذاً إِلى الطائفة الثانية تجد أَن الأمر في جميعها لم يستعمل في معناه الحقيقي وهو طلب الفعل من الأَعلَى للأدنى على وجه الإِيجاب والإِلزام، وإِنما يدل على معان أخرى يُدركها السامع من السياق و قرائن الأحوال.
فأَبو الطيب في المثال الخامس لا يريد تكليفاً ولا يقصد إِلى إِلزام. وإِنما ينصح لمن ينافسون سيف الدولة ويرشدهم إلى الطريق المثلى في طلب المجد وكسب الرفعة. فالأَمر هنا للنصح و الإِرشاد لا للإِيجاب والإلزام.
وصيغة الأَمر في المثال السادس لا يُراد بها معناها الأصلي، لأن المتنبي يخاطب مليكه، والمليك لا يأمره أَحد من شعبه . وإِنما يراد بها الدعاء، وكذلك كل صيغة للأَمر يُخاطِبُ بها الأَدنى من هو أَعلى منه منزلة وشأناً.
وإذا تدبرت المثال السابع وجدت امرأَ القيس يتخيَّل صاحبين يستوقفهما ويستبكيهما جرياً على عادة الشعراء، إذ يتخيل أحدهم أَن له رفيقين يصطحبانه في غدُوِّهِ ورواحه، فيوجه إليهما الخطاب، و يفضي إليهما بسرِّه و مكنون صدره، بصيغة الأمر إِذا صدرت من رفيق لرفيقه أو من ندٍّ لِنِدِّه لم يُرد بها الإيجاب والإلزام. وإنما يراد بها محض الالتماس.
و امرؤ القيس في المثال الثامن لم يأمر الليل ولم يكلفه شيئاً، لأنَّ الليل لا يسمع ولا يطيع، وإنما أرسل صيغة الأَمر وأَراد بها التمني.
وإذا تدبرت الأمثلة الباقية و تعرفت سياقها وأحطْت مما يكنُفها من قرائن الأحوال أَدركت أَن صيغ الأمر فيها لم تأت للدلالة على المعنَى الأصلي: وانما جاءت لتفيد التخيير، والتسوية، والتعجيز، والتهديد والإِباحة على الترتيب.
القواعدُ:
(37) الأمر طَلَبُ الْفِعْل على وجْهِ الاِسْتِعْلاء.
(38) لِلأَمْر أَرْبَعُ صِيَغٍ: فِعْلُ الأمر، والْمُضَارعُ المقرونُ بلام الأَمْر ،واسمُ فِعْل الأَمْر، والمَصْدرُ النَّائِبُ عَنْ فِعْل الأَمْر.
(39) قَدْ تَخْرُجُ صِيغ الأَمْر عَنْ مَعْناها الأصليِّ إِلى مَعانِ أُخْرَى تُسْتفادُ مِنْ سِياق الكلام، كالإِرشَادِ، والدّعاءِ، والالْتماس، و التمني، والتَّخْيير والتَّسْوية و التَّعْجيزِ، والتَّهْديدِ، والإِباحةِ.
نموذجٌ
لبيانِ صيغ الأمر وتعيين المراد من كل صيغة فيما يأتي:
(1) قال تعالى خطاباً ليحيى عليه السلام: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (12) سورة مريم.
(2) قال الأرجانيُّ :
شاوِرْ سَواكَ إِذا نابَتْكَ نائبةٌ ... يوماً وإنْ كنتَ منْ أهلِ المَشوراتِ
(3) وقال أبو العتاهية :
واخفِضْ جناحكَ إِن مُنِحْتَ إمَارةً …وارْغَبْ بنَفسِكَ عن رَدَى اللذات
(4)وقال أبو العلاء :
فيا موت زُرْ إِنَّ الحَياةَ ذَمِيمةٌ …ويَا نَفْسُ جدِّي إنَّ دهْرَكِ هازلُ
(5) وقال آخر :
أرِيني جَواداً ماتَ هَزْلاً، لَعَلّني أرَى ما تَرَينَ، أوْ بَخيلاً مُخَلَّدا
(6) وقال خالد بن صفْوَان ينصح ابنه:دع مِنْ أعمال السر ما لا يَصْلحُ لكَ في العلانيَةِ .
(7) و قال بشار بن بُرد :
إذا كنتَ في كُلِّ الأُمُورِ مُعاتِباً ... صَدِيقَكَ، لم تَلْقَ الذي لا تُعاتِبُهْ
فعِشْ واِحداً، أو صِلْ أخاك، فإنَّهُ ... مُقارِفُ ذَنْبٍ تارَةً ومُجانِبُهْ
(8) و قال تعالى: {وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} (30) سورة إبراهيم.
(9) و قال أبو الطيب يخاطب سيف الدولة :
أذا الجُودِ أعْطِ النّاسَ ما أنتَ مالكٌ وَلا تُعْطِيَنّ النّاسَ ما أنَا قائِلُ
(10) و قال قطري بن الفُجَاءَة يخاطب نفسه :
فَصَبْراً في مَجالِ المَوْتِ صَبْراً ... فَما نَيْلُ الخُلُودِ بِمُسْتَطاعِ
الإجابةُ
الرقم صيغة الأمر المعنى المراد الرقم صيغة الأمر المعنى المراد
1 خذ الكتاب المعنى الحقيقي للأمر 6 دع من أعمال السر الإرشاد
2 شاور سواك الإرشاد 7 فعش واحداً أو صل أخاك التخير
3 واخفض جناحك
وارغب بنفسك الإرشاد
الإرشاد 8 قل
تمتعو المعنى الحقيقي للأمر
4 زر
جدي التمني
التمني 9 أعط الناس دعاء
5 أريني التعجيز 10 صبراً المعنى الحقيقي للأمر
تمريناتٌ
(1) لم كانت صيغ الأمر في الأمثلة الآتية تفيدُ الإِرشاد، و الالتماس،والتعجيز، و التمني، والدعاء على الترتيب؟:
(1) وقال المتنبي :
وَكُنْ عَلى حَذَرٍ للنّاسِ تَسْتُرُهُ وَلا يَغُرَّكَ مِنهُمْ ثَغْرُ مُبتَسِمِ
(2) وقال علي الجارم :
يا خَلِيلَيّ خَلِّيانِي وَما بِي أَوْ أعِيدَا إِلَيَّ عَهْدَ الشَّبابِ
(3) وقال عنترة :
يا دَارَ عَبْلَةَ بالْجِواءِ تَكَلَّمِي ... وعِمِي صَباحاً دَارَ عَبْلَةَ واسْلَمِي
(2)لمَ كانت صيغ الأمر في الأمثلة الآتية تفيد الدعاءَ والتعجيز، والتسوية، على الترتيب؟:
(1) وقال مسلم بن الوليد :
اسْلَمْ يزيدُ فَما في الدين من أوَدٍ …… إذا سلمتَ و ما في المُلكِ منْ خَلل
(2) وقال ابن الرومي :
أرني الذي عاشَرْتَهُ فَوَجدْتَه …مُتَغاضِياً لَكَ عَنْ أقَلِّ عثار
(3) وقال تعالى : {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (16) سورة الطور.
(3) بينْ صيغ الأمر و ما يرادُ بها في ما يأتي:
(1) نَصح أحدُ الخلفاء عاملاً له فقال: تَمَسَّكْ بِحَبْلِ اَلْقُرْآنِ وَ اِسْتَنْصِحْهُ وَ أَحِلَّ حَلاَلَهُ وَ حَرِّمْ حَرَامَهُ .
(2)وقال حكيم لابنه :يا بُنَيَّ اسْتَعِذْ باللهِ من شِرَار النَّاس، وكنْ مِنْ خِيارهِمْ على حَذَر.
(3) وقال لقمان الحكيم لولده : يا بُنيَّ زاحِم العلماءَ برُكْبَتَيك وأنْصتْ إليهم بأذنيْكَ، فإنَّ القلبَ يحْيا بنور العلم كما تحيا الأرضُ الميْتَةُ بمطر السماء.
(4) و قال أبو الطيب يخاطب سيف الدولة :
أجِزْني إذا أُنْشِدْتَ شِعراً فإنّمَا بشِعري أتَاكَ المادِحونَ مُرَدَّدَا
وَدَعْ كلّ صَوْتٍ غَيرَ صَوْتي فإنّني أنَا الطّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصّدَى
(5) وقال البحتري :
فاسلَمْ سَلامةَ عِرْضِكَ المَوْفورِ منْ صَرْفِ الحَوَادِثِ، وَالزّمانِ الأنكَدِ
(6) و قال أبو نواس :
فامْضِ لا تمْنُنْ عليّ يداً، منُّكَ المعروفَ مَنْ كدَرِهْ
(7)و قال الصِّمة بن عبد الله :
قِفا وَدِّعا نَجداً وَمَن حَلّ بالحِمَى، ... وَقَلّ لنَجدٍ عِندَنَا أنْ يُوَدَّعَا
(8) قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} (33) سورة الرحمن.
(9) وقال أبو الطيب :
أقِلَّ اشتِياقاً أيّهَا القَلْبُ رُبّمَا رَأيْتُكَ تُصْفي الوُدّ من ليسَ صافيَا
(10)و قال مهيار الديلمي :
و عشْ إما قرينَ أخٍ وفيٍّ أمينِ الغيبِ أو عيشَ الوحادِ
(11) و قال المعري :
أبَنَاتِ الهَدِيل أسعدن أو عد …نَ قَلِيلَ العزَاءَ بالإسْعادِ
إِيهِ لله دركُّنَّ فأنتـ …نَّ اللواتي تُحسِنَّ حفظ الوِدَاد
(4) أجب عما يلي :
(1) هات أمثلة لصيغ الأمر الأربع، بحيث يكون المعنى الحقيقي للأمر هو المراد في كل صيغة.
(2) هات مثالين لصيغة الأمر المفيد التخيير.
(3) "" " " " التهديد
(4) "" " " " التعجيز.
(5) اِلعَبْ واهجُر قراءةَ الدرْسِ.
قد يكون الأمر في الجملتين السابقتين للتوبيخ أَو للإرشاد، أو للتهديد. فبين حال المخاطب في كل حال من الأحوال الثلاث.
(6) اسبحْ في البحرِ
قد يكون الأمر في الجملة السابقة للدعاء، أو للالتماس، أو للتعجيز، أو للإرشاد، فبين حال المخاطب في كل من الأحوال الأربعة
(7) حول الجمل الخبرية إلى جمل إنشائية أمرية واستوف جميع صيغ الأمر:
أنتَ تبكرُ في عملك. يخرجُ عليٌّ إلى الرياض. تصبرُ نفسي على الشدائد. يأخذُ البطل سيفه. يثبت هشامٌ في مكانه. يتركُ محمد المزاح.
(8) اشرح ما يأتي وبين ما راعك من بلاغته وحسن تأديته المعنى:
كان أبو مسلم يقول لقوّاده: "أشعروا قلوبكم الجراءة فإنها من أسباب الظفر، وأكثروا ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام، والزموا الطائفة فإنها حصنُ المحارب" .
=================

(2) النَّهْيُ
الأَمثلةُ:
(1) قال تعالى في النهي عن أَخذ مال اليتيم بغير حق: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ...} (34) سورة الإسراء.
(2) وقال في النهى عن قَطْعِ الإنسان رَحِمَه {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22) سورة النــور .
(3) و قال في النهى عن اتخاذ بطانة السوء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} (118) سورة آل عمران.
(4) وقال مسلم بن الوليد في الرشيد :
لا يعدَمَنْكَ حِمَى الإِسْلامٍ مِنْ مَلِكٍ …أَقَمْتَ قُلتًه مِنْ بَعْدِ تأويد
(5) وقال أَبو الطيب في سيف الدولة :
فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ
(6) و قال أَبو نواس في مدح الأمين :
يا ناقُ لا تَسْأمي ، أو تَبْلُغي مِلْكاً تَقبيلُ راحَتِهِ والرّكنِ سِيّانِ
متى تحطّي إلَيهِ الرّحلَ سالِمَة ً، تَسْتَجْمِعِي الخَلْقَ في تِمْثالِ إنْسانِ
(7) و قال أبو العلاء:
وَلا تجلس إِلى أَهْل الدنايا …فإن خَلائقَ السفَهَاءَ تُعْدِى
(8) و قال أَبو الأسود الدؤلي .
لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
(9) و قال البحتري :
لا تَعْرِضَنّ لِجَعْفَرٍ، مُتَشَبّهاً بَنَدَى يَدَيهِ، فَلستَ مِنْ أنْدَادِهِ
(10) لا تَمْتَثلْ أمري (تقول ذلك لمن هو دونك)
(11) قال أبو الطيب يهجو كافورًا :
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
البحثُ:
إذا تأملت أمثلة الطائفة الأولى رأيت كلاًّ منها يشتمل على صيغة يُطلب بهذا الكف عن الفعل: وإذا أنعمت النظر رأيت طالب الكفِّ فيها أعظم وأعلى ممن طلب منه. فإِن الطالب في أمثلة هذه الطائفة هو الله سبحانه وتعالى والمطلوب منهم هُمْ عبادُه. وهذا هو النهي الحقيقي- وإذا تأملت صيغته في كل مثال يرد عليك وجدتها واحدة لا تتغير، وهي المضارع المقرون بلا الناهبة.
انظر إذاً إلى الطائفة الثانية تجد أَن النهي في جميعها لم يستعمل في معناه الحقيقي. وهو طلب الكف من أَعلى لأَدنى؛ وإنما يدل على معان أخرى يدركها السامع من السياق وقرائن الأَحوال.
فمسلم بن الوليد في المثال الرابع لا يقصد من النهي إلا الدعاءَ للخليفة الرشيد بالبقاء لتأييد الإسلام و إعلاء كلمته.
وأبو الطيب في المثال الخامس إنما يلتمس من صاحبيه أن يكْتُما عن سيف الدولة ما سمعاه في وصف شجاعته و فتكه بالأعداء و حسْن بلائه في الحروب؛ لأنه شجاع و الشجعان يشتاقون إلى الحروب متى ذُكرت لهم، وهذا على ما جرت به عادة العرب في شعرهم إِذ يتخيل الشاعر أن له رفيقين يصطحبانه ويستمعان لإنشاده. فيخاطبهما مخاطبة الأنداد، وصيغة النهي متى وجِّهَتْ من نِدٍّ إلى نده أفادت الالتماس.
وأبو نوَاس في المثال السادس إنما يتمنى أن تتحمل ناقته مشاق السفر وألا ينزل بها السأم حتى تَبلغ ديار الأمين، فترى هناك كيف جمع الله العالمَ في صورة إنسان.

وأبو العلاء في بيته إنما ينصح مخاطبه و يرشده إِلى الابتعاد عن السفهاء و أهل الدنايا.
وأبو الأسود إنما يقصد توبيخ من ينهَى الناس عن السوء ولا ينتهي عنه، ويقصد الآخرون في الأمثلة الثلاثة الباقية إلى التيئيس، والتهديد، والتحقير على الترتيب.
القواعدُ:
(40) النَّهىُ طَلَبُ الكَفِّ عَن الْفِعْل عَلَى وَجْهِ الاستعلاء.
(41) لِلنَّهْى صِيغَةٌ واحِدةُ هي المضَارعُ مَعَ لا النَّاهِيَةِ .
(42) قَدْ تَخْرُجُ صِيغَةُ النَّهي عَنْ مَعْناها الحقيقي إلى مَعانٍ أخرى تُسْتَفَادُ مِنَ السياق و قَرَائن الأحوال، كالدُّعاء، والالتماس، والتمني، والإرشاد، والتوبيخ، والتيئيس، والتهديد، و التحْقِير.
نموذجٌ
بيَن صبغةَ النهي والمراد منها في كل مثال من الأَمثلة الآتية:
(1) قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا .. (56) سورة الأعراف.
(2) و قال أبو العلاء :
لا تَحلِفَنّ على صِدقٍ ولا كَذِبٍ، فما يُفيدُكَ، إلاّ المأثمَ، الحَلِفُ
(3) و قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (11) سورة الحجرات.
(4) و قال تعلى عن المنافقين : {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ..} (66) سورة التوبة.
(5) و قال البحتري يخاطب المعتمد على الله :
لاَ تَخلُ من عَيشٍ يكُرُّ سرُورُهُ، أبَداً، وَنيْرُوزٍ عَلَيْكَ مُعَادِ
(6) و قال الغَزي :
و لا تُثْقِلاَ جيدي بمِنةِ جاهل…أرُوحُ بهَا مِثْل الْحمَام مُطَوَقا
(7) و قال آخر :
لا تطلُبِ المجدَ إِنَّ المجدَ سُلَّمه …صعبٌ وَعِشْ مُسْتريحاً نَاعِمَ الْبَالِ
(8) و قالت الخنساء ترثي أخاها صخرًا
أعيْنَيَّ جُودا ولاَ تَجْمُدَا …ألا تبكِيانِ لِصخْرِ النَّدى
(9)و قال خالدُ بنُ صفْوان:لا تطلبوا الحاجاتِ في غير حِينهَا، ولا تطلبوا مِنْ غير أهْلِها.
الإِجابةُ
الرقم صيغة النهي المعنى المراد الرقم صيغة النهي المعنى المراد
1 ولا تفسدوا المعنى الحقيقي للنهي 6 لا تثقلا الالتماس
2 لا تحلفن الإرشاد 7 لا تطلب التحقير
3 لا يسخر التوبيخ 8 لا تجمدا التمني
4 لا تعتذروا التيئيس 9 لا تطلبوا الإرشاد
5 لا تخل ولا تطلبوا الدعاء
تمريناتٌ
(1) لِمَ كان النهيُ فيما يأتي للإِرشاد، و التمني و التهديد، و التحقير،على الترتيب؟:
(1) قال المتنبي :
لا يَخْدَعَنّكَ مِنْ عَدُوٍّ دَمْعُهُ وَارْحَمْ شَبابَكَ من عَدُوٍّ تَرْحَمُ
(2) لا تُمْطِري أَيَّتُها السماءُ.
(3) لا تُقْلِعْ عن عِنادكَ (تقوله لمنْ هو دونك).
(4) لا تُجْهدْ نفسَك فيما تعِبَ فيه الكرامُ.
(2) بينْ صيغَ النهى والمرادَ من كلِّ صيغة فيما يأتي:
(1) قال أبو الطيب في مدح سيف الدولة :
لا تَطْلُبَنّ كَريماً بَعْدَ رُؤيَتِهِ إنّ الكِرامَ بأسخاهُمْ يَداً خُتِمُوا
(2) وقال الشاعر :
لا تَحْسَبِ الْمجْد تَمْراً أنْتَ آكِله………لَنْ تبْلُغ المَجْد حتى تَلْعقَ الصبرا
(3)و قال الطغْرائي :
لا تطْمحنَّ إلى المراتِبِ قَبْل أن ……تتَكَاملَ الأدواتُ والأسبابُ
(4) و قال الشريف الرضي :
لا تَأمنَنَ عدُوا لانَ جانبُهُ …خشُونَةُ الصِّّلَ عُقْبَى ذلِكَ اللين
(5) و قال أبو الطيب :
فَلا تَنَلْكَ اللّيالي، إنّ أيْدِيَهَا إذا ضَرَبنَ كَسَرْنَ النَّبْعَ بالغَرَبِ
(6) وقال الشاعر :
لا تلهينَّكَ عنْ مَعادكَ لذَّةٌ …تَفْنى وتُورثْ دائِمَ الحسراتِ
(7) وقال المتنبي :
لا تَحْسَبُوا مَن أسرْتم كانَ ذا رَمَقٍ فَلَيْسَ يأكُلُ إلاّ المَيْتَةَ الضبُعُ
(8)و قال أَبو العلاء :
لا تَطْويَا السرَ عني يوْم نائبةٍ …فإنَّ ذلِكَ ذَنْب غيْرُ مُغتَفَر
و الخِلُّ كالماءِ يُبْدِي لي ضمائرَه …مع الصَّفَاءَ ويُخْفِيهَا مع الكَدر
(9) وقال الله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (188) سورة البقرة.
(10) و قال أبو الطيب :
وَلا تَشَكَّ إلى خَلْقٍ فَتُشْمِتَهُ شكوَى الجريحِ إلى الغِرْبانِ وَالرَّخَمِ
(11) لا تطلبِ المجدَ واقنعْ فَمَطْلَبُ المجدِ صَعْبُ
(3) أجب عما يلي :
(1) هات مثالين تفيدُ صيغةُ النهي في كل منهما المعنى الأصلي للنهي.
(2) هات ثلاثة أمثلة تكون صيغة النهي في المثال الأول منها مفيدة الدعاء، و في الثاني الالتماسَ، و في الثالث التمني.
(3) هات ثلاثة أَمثلة تكون صيغة النهي في أَولها للإِرشاد و في الثاني للتيئيس. وفي الثالث للتهديد.
(4) لا تُفَارقْ فِراشَ نومِك.
قد يكون النهى في الجملة السابقة للإرشاد. أو التهديد، أو التوبيخ فبين حال المخاطب في كل حال من الأحوال الثلاث.
(5) حولِ الجمل الخبرية الآتية إلى جمل إنشائيةٍ من باب النهى، و عين المرادَ من صيغة النهي في كل جملة تأتي بها:
(1) أنتَ تعتمدُ على غيرك. (5) أَنتم تعتذرونَ اليوم.
(2) أنتَ تطيعُ أمري. (6) أنتَ تؤاخذني بكل هفوة.
(3) أنتَ تكثرُ من عتاب الصديق. (7) يحضرُ عليٌّ مجلسنا.
(4) أنتَ تنهى عن الشعرِ و تفعله. (8) يهملُ القرويونَ تعليم أبنائهم.
(6) اشرح البيتين الآتيين وبيِّن المراد من صيغتي النهي فيهما :
فَلا تُلْزِمنَّ الناس غير طباعهمْ …فَتَتْعب مِن طول العِتَابِ ويَتعبُوا
ولا تغْتَررْ منْهم بحُسنِ بشاشَةٍ …فَأَكثَرُ إيماضِ البوارقِ خلَّبُ
===================




(3) الاِسْتفهامُ وأَدواتهُ
(أ)- الهمزةُ وهلْ
الأمثلةُ:
(1) أَ أَنْتَ الْمُسَافِرُ أَمْ أَخُوكَ؟
(2) أ مُشْتَر أَنْتَ أَمْ بَائِع؟
أ (3) أشَعِيرًا زَرَعْتَ أَمْ قَمْحاً؟
(4) أراكِباً جئْتَ أَمْ مَاشِياً؟
(5) أَ يَوْمَ الجمعةِ يسْتَريحُ العُمَّالُ أَمْ يَوْمَ الأَحَدِ؟
(6) أ يَصْدَأ الذَّهَبُ؟
ب
(7) أ يسيرُ الغمامُ؟
(8) أتتحركُ الأرضُ؟
(9) هَلْ يَعْقِلُ الحيوانُ؟
جـ
(10) هَلْ يُحِسُّ النباتُ؟
(11) هَلْ ينمُو الْجَمَادُ؟
البحثُ:
الجمل السابقة جميعها تفيد الاستفهام، وهو كما تعلم طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل، وأدواته في أمثلة الطائفتين أ، ب " الهمزة " وفي أمثلة الطائفة جـ "هل". ونربد هنا أن نعرف الفرق بين الأداتين في المعنى والاستعمال.
ندبر أمثال الطائفة " أ " حيث أداة الاستفهام هي الهمزة تجد أن المتكلم في كل منها يعرف النسبة التي تضمنها الكَلامُ، ولكَنه يتردد بين شيئين ويطلب تعيين أحدهما لأنه في المثال الأول مثلاً يعْرف أن السفر واقع فعلا وأنه منسوب إلى واحد من اثنين، المخاطب أو أخيه، فهو لذلك لا يطلب معرفة النسبة، وإنما يطلب معرفة مفرد، وينتظر من المسئول أن يعين له ذلك المفرد ويدل عليه، ولذلك يكون جوابه بالتعيين فيقال له:"أخي"، مثلاً. وفي المثال الثاني يعلم السائل أن واحداً من شيئين:الشراء أم البيع قد نسب إلى المخاطب فعلاً، ولكنه متردد بينهما فلا يدري هو الشراء أم البيع، فهو إذا لا يطلب معرفة النسبة لأنها معروفة له، ولكنه يسأل عن مفرد ويطلب تعيينه، ولذا يجاب بالتعين فيقال له في الجواب:" بائع " مثلاً، وهكذا يقال في بقية أمثلة الطائفة"أ".
وإذا تدبرت المفرد المسئول عنه في أمثلة هذه الطائفة، وكذلك في كل مثال آخر يعرض لك، وجدته دائماً يأتي بعد الهمزة مباشرة سواء أكان مسندًا إليه كما في المثال الأول أم مسندًا كما في الثاني، أم مفعولاً به كما في الثالث، أم حالا كما في الرابع، أم ظرفاً كما في الخامس أم غير ذلك، ووجدت له معادلا يذكر بعد "أم" كما ترى في الأمثلة. وقد يحذف هذا المعادل فتقول: أأنت المسافر؟ أمشتر أنت؟ وهلم جرّاً.
انظر إلى أمثلة الطائفة "ب" حيث أداة الاستفهام هي الهمزة أيضا تجد الحال على خلاف ما كانت في أمثلة الطائفة " أ " فإنَّ المتكلم هنا متردد بين ثبوت النسبة ونفيها، فهو يجهلها ولذلك يسال عنها ويطلب معرفتها، ففي المثال السادس مثلاً يتردد المتكلم بين ثبوت الصدأ للذهب ونفيه عنه ولذلك يطلب معرفة هذه النسبة. ويكون جوابه بنعم إن أريد الإثبات، وبلا إن أريد النفي، وإذا تأملت الأمثلة هنا لم تجد للمسئول عنه وهو النسبة معادلاً.
ومما تقدم ترى أن للهمزة استعمالين فتارة يطلب بها معرفة مفرد، وتارة يطلب بها معرفة نسبة، وتسمَّى معرفة المفرد تصورا ومعرفة النسبة تصديقا.
انظر إلى أمثلة الطائفة " جـ " حيث أَداة الاستفهام " هل " تجد أن المتكلم في كل منها لا يتردد في معرفة مفرد من المفردات، ولكنه متردد في معرفة النسبة فلا يدري أمثبتة هي أم منفية فهو يسأل عنها، ولذلك يجاب بنعم إن أريد الإثبات، وبلا إن أريد النفي، ولو أنك تتبعت جميع الأمثلة التي يستفهم فيها بهل لوجدت المطلوب هو معرفة النسبة ليس غيرُ، "فهل" إِذاً لا تكون إلا لطلب التصديق ويمتنع معها ذكر المعادل.
القواعدُ:
(43) الاِسْتِفْهامُ طلَبُ الْعِلْمِ بشيء لَمْ يَكُن مَعْلوماً مِنْ قَبْلُ، ولهُ أَدَوَاتٌ كثِيرَةٌ مِنْها: الْهَمْزَةُ، وهلْ.
(44) يُطْلَبُ بالْهَمْزَةِ أَحَدُ أَمْرَيْن:
(أ) التَّصَورُ، وهو إِدْراكُ الْمُفْرَدِ، وفي هذِهِ الحَال تأتي الهمْزَةُ متلوَّةً بالْمَسْئُول عَنْهُ ويُذْكَرُ لهُ في الغَالِب مُعَادِلٌ بَعْدَ أَمْ.
(ب)التَّصْديقُ وهو إِدْراكُ النِّسْبَةِ، وفي هذِه الحال يمتَنعُ ذكْرُ الْمُعَادِل .
(45) يُطْلَبُ بهل التَّصْدِيقُ لَيْسَ غَيْرُ، وَيَمتَنِعُ مَعَهَا ذكْرُ الْمُعَادل .
(ب) بَقيةُ أدواتِ الاِسْتِفْهَامِ
الأمثلةُ:
(1) مَنِ اخْتَطَّ القَاهِرَةَ ؟
(2) مَنْ حفر تُرْعَةَ السُّوَيْسِ؟
(3) مَا الْكَرَى؟
(4) مَا الإِسْرَافُ؟
(5) مَتَى تَوَلى الخِلاَفَةَ عُمَرُ؟
(6) مَتَى يَعُودُ المُسَافرُونَ؟
(7) قال تعالى : {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} (6) سورة القيامة
(8) وقال تعالى :{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } (42) سورة النازعات
البحثُ:
الجملُ المتقدمة جميعها استفهامية، وإِذا تأملت معاني أدوات الاستفهام هنا رأيت أن "من " يطلب بها تعيينُ العقلاء، وأن " ما " تكون لغير العقلاء، ويطلب بها تارة شرح الاسم كما إذا قلت: ما الكَرى؟ فتجاب بأنه النوم، وتارة يطلب بها حقيقة المسمَّى، كما إذا قلت: ما الإِسرافُ؟ فتجاب بأَنه تجاوز الحد في النفقة وغيرها، ووجدت أن "متى " يطلب بها تعيين الزمان ماضياً أو مستقبلاً، وأيان للزمان المستقبل خاصة يتكون في موضع التفخيم والتهويل.
وهناك أدوات أخرى للاستفهام هي: كيف، وأين، وأَنَّى، وكم، وأي، "فكيف" يطلب بها تعيين الحال نحو: كيف جئتم؟ و"أين " يطلب بها تعيين المكان نحو: أَين دِجلة والفرات؟ و" أنَّى " تكون بمعنى كيف، نحو: أَنَّى تسودُ العشيرةُ وأَبناؤها متخاذلون؟ وبمعنى من أين نحو: أَنَّى لهم هذا المال وقد كانوا فقراءَ؟ وبمعنى متى نحو: أَنَّى يحضرُ الغائبون؟ و"كم" يطلب بها تعيين العدد نحو: كم جنديًّا في الكتيبة؟ وأما "أيُّ " فيطلب بها تعيين أحد المتشاركَيْن في أَمر يعمهما؟ نحو: أي الأخوين أكبر سنا؟ وتقع على الزمان، والمكان، والحال، والعاقل، وغير العاقل على حسب ما تضاف إليه. جميع هذه الأدوات تأتي للتصور ليس غير، ولذلك يكون الجواب معها بتعيين المسئول عنه.
القواعدُ:
(46) لِلاِسْتِفْهَام أَدَوَاتٌ أخرى غيْرُ الهمزة وهَلْ، وهي:
مَنْ ويُطْلَبُ بهَا تَعْيين الْعُقَلاَء.
ما " " شَرْحُ الاسمِ أو حقيقة المسمَّى.
مَتَى " " تَعْيينُ الزَّمَان مَاضِياً كانَ أو مستقبلا.
أَيَّان " " الْمُسْتَقْبَل خاصَّةً وتكون مَوْضِع التَّهويل.
كَيفَ وَيُطلَبُ بها تَعْيينُ الحال.
أيْنَ " " " المكان.
أَنَّى وتأتى لِمَعَان عِدَّةٍ، فتكونُ بمعْنَى كَيْفَ، وبمعنى مِنْ أَيْنَ، وبمعنى مَتى.
كمْ ويُطَلبُ بها تَعْيينُ العَدَدِ.
أي ويُطلَبُ بهَا تَعْيينُ أَحَدِ الْمُتَشَاركين في أَمْرٍ يَعُمُّهُمَا، ويُسْأَلُ بها عَن الزَّمَان والْحَال والعَدَدِ والعَاقِل وغير العاقل عَلَى حَسَبِ مَا تُضَافُ إِليْهِ.
(47) جَمِيعُ الأَدَوَاتِ الْمُتَقَدِّمةِ يُطلَبُ بها التصوُّر، ولذلِك يكونُ الجوابُ معَهَا بَتعْيين الْمَسْئُول عَنْهُ.
0000000000000000000
(جـ) المعاني التي تُسْتَفَادُ مِنَ الاستفهامِ بالقَرَائن
الأمثلةُ:
(1) قال البحتري :
هل الدهر إلا غمرةٌ وانجلاؤها وشيكاً …وإلا ضيقة وانفراجها؟
(2) وقال أبو الطيب في المديح :
أتَلْتَمِسُ الأعداءُ بَعدَ الذي رَأتْ قِيَامَ دَليلٍ أوْ وُضُوحَ بَيَانِ
(3) و قال البحتري :
ألَسْتَ أعَمّهُمْ جُوداً، وأزْكَا هُمُ عُوداً، وأمضَاهُمْ حُسَامَا
(4) وقال أحمد شوقي :
إلامَ الْخُلْفُ بَيْنَكُمُ إِلا ما؟…وهَذِه الضَّجةُ الكُبرَى عَلامَا
(5) وقال أبو الطيب في الرثاء :
مَن للمَحافلِ وَالجَحافلِ وَالسُّرَى فَقَدَتْ بفَقْدِكَ نَيِّراً لا يَطْلُعُ
وَمَنِ اتخذتَ على الضّيوفِ خَليفَةً ضَاعُوا وَمِثْلُكَ لا يكادُ يُضَيِّعُ
(6) وقال يهجو كافورًا :
من أيّةِ الطُّرْقِ يأتي مثلَكَ الكَرَمُ أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ
(7)و قال أيضاً :
حَتّامَ نحنُ نُساري النّجمَ في الظُّلَمِ ومَا سُرَاهُ على خُفٍّ وَلا قَدَمِ
(8) وقال أيضاً وقد أصابته الحمَّى :
أبِنْتَ الدّهْرِ عِندي كُلُّ بِنْتٍ فكَيفَ وَصَلْتِ أنتِ منَ الزّحامِ
(9) وقال تعالى: {قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ} (136) سورة الشعراء.
(10) وقال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} (53) سورة الأعراف .
(11) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (10) سورة الصف .
البحثُ:
عرفتَ فيما مضى ألفاظ الاستفهام ومعانيها الحقيقية. هنا نريد أن نبين لك أن هذه الألفاظ قد تخرج إِلى معان أخرى تستفاد من السياق.
تدبر الأمثلة المتقدمة تجد البحتري في المثال الأول لا يسأل عن شيء، وإِنما يريد أن يقول ما الدهر إلا شدة سرعان ما تنجلي، وما هو إِلا ضيق يعقبه فرج، فلفظة هل في كلامه إِنما جاءت للنفي لا لطلب والعلم بشيء كان مجهولا.
وأبو الطيب في المثال الثاني إنما ينكر على الأعداء ارتيابهم في عُلا كافور والتماسهم البراهين على ما كتبه الله من النصر واختصه به من الجدِّ السعيد، بعد أن رأوا كيف يتردَّى في المهالك كل من أَراد به شرّا وكيف يُصيب الزمان كل من نوى له سوءا، فالاستفهام في البيت لا يفيد معنى سوى الإِنكار.
والبحتري في المثال الثالث إنما يريد أن يحمل الممدوح على الإِقرار بما ادعاه له من الفوْق على بقية الخلفاء في الجود وبسطة الجسم والشجاعة. وليس من قصده أن يسأل، فالاستفهام في كلامه للتقرير.
والشاعر في المثال الرابع يلوم مخاطبيه على تماديهم في الشقاق واستمرارهم في التخاذل والتنافر. ويقرعهم على غلوهم في الصخَب والضجيج، فهو قد خرج بأداة الاستفهام عن معناها الأصلي إلى التوبيخ والتقريع.
وأبو الطيب في المثال الخامس يقصد إلى التعظيم والإجلال بإِظهار ما كان للمرثي أيام حياته من صفات السيادة والشجاعة والكرم، مع ما في ذلك من إظهار التحسر والتفجع. أَما في المثال السادس حيث يهجو كافورًا فإنه ينتقصه ويعمِدُ إِلى تحقيره والحطّ من كرامته.
وإذا تدبرت بقية الأَمثلة وجدت أَدوات الاستفهام قد خرجت عن معانيها الأَصلية إِلى الاستبطاء والتعجب. والتسوية والتمني، والتشويق، على الترتيب.
القاعدةُ:
(38) قَدْ تَخْرُجُ أَلفاظُ الاستفهام عَنْ معَانِيها الأَصْلِيَّةِ لمعَانٍ أُخْرى تستفَادُ من سياق الكلام كالنَّفْي، والإِنْكَار، والتَّقْرير والتَّوْبيخِ والتعظيم، والتحقير والاستبطاء والتَّعَجبِ، والتّسْويةِ والتَّمَنِّي والتشويق.
نموذج (1)
(1) شَبَّ في المدينة حريقٌ لم تره، فسلْ صديقك عن رؤيته إِيَّاه.
(2) سمعت أنَّ أحد أخويك عليٌّ ونجيب أنقذ غريقاً. فسل عليًّا يعين لك المنقذ.
(3) إذا كنت تعرف أنَّ البنفسج يكثر في أحد الفصلين الخريف أو الشتاء لا على التعيين، فضَع سؤالا تطلب فيه تعيين أحد الفصلين.
الإجابة (1)
الرقم … السؤال المطلوب … شرح الإجابة
(1)…هل رأيت الحريق الذي شب في المدينة؟ …السؤال هنا عن النسبة وهل والهمزة صالحتان للاستفهام عنها فتذكر إحداهما ويؤتى بعدها بالجملة.
(2) …أأنت الذي أنقذت الغريق؟ …السؤال هنا للمسند إليه فيستفهم بالهمزة ويؤتى بعدها بالمسؤول عنه ثمَّ يؤتى بمعادل بعد أم.
(3) …أفي الخريف يكثر البنفسج أم في الشتاء؟ …السؤال عن الظرف ويتبع في تكوينه ما اتبع في المثال السابق.
نموذج (2)
لبيانِ الأغراض التي يدلُّ عليها الاستفهام في الأمثلة الآتية :
(1)قال أبو تمام في المديح :
هَل اجتَمعتْ أَحْيَاءُ عَدْنَانَ كُلُّهَا بِمُلْتَحَمٍ إلاَّ وأَنْتَ أَمِيرُها؟
(2)وقال البحتري :
أأكفُرُكَ النَّعْمَاءَ عِندي، وَقد نمتْ عَليّ نُمُوَّ الفَجْرِ، والفَجْرُ ساطِعُ
وأنتَ الذي أعْزَزْتَني بَعدَ ذِلّتي، فلا القوْلُ مَخفوضٌ ولا الطّرْفُ خاشعُ
(3)وقال ابن الرومي في المدح :
أَلستَ المرءَ يَجْبِي كلَّ حمدٍ إذا ما لم يكنْ للحمدِ جابِ
(4) وقال أبو تمام :
مَا للخُطوبِ طَغَتْ عليَّ كأنَّها جهلتْ بأنَّ نداكَ بالمرصادِ
(5) وقال آخر :
فَدَعِ الوَعيدَ فما وَعيدُكَ ضائري ... أطَنينُ أجْنِحَةِ الذُّبابِ يَضيرُ
(6)قال الشاعر :
أضاعوني وأيَّ فَتى أَضاعوا؟ لِيوْم كريهَة وسداد ثَغْر
الإِجابة
الشرح الغرض صيغة الاستفهام الرقم
لأن المعنى أن بطون عدنان لم تجتمع في مكان قتال إلا أنت أمير عليها. النفي هل اجتمعت أَحياء عدنان 1
فإن البحتري يريد أن يقول لمدحه إنه لا يليق في أن أكفر نعماءك فقد غمرتني بها غمراً، بدلتني بالذل عزا، وبالخضوع والخشوع عظمة وعلواً. الإنكار أأكفرك النعماء عندي. 2
لأن القائل يريد أن يحمل الممدوح على الإقرار بما ادعاه من اجتماع المحامد له. التقرير ألست المرء يجبي كل حمد 3
فإن أبا تمام يعجب من تراكم الشدائد عليه في حين أن ممدوحه لها بالمرصاد يدفعها عنه نداه وعطاياه، ولذلك قال كأنها جهلت بأن نداك بالمرصاد. التعجب ما للخطوب طغت علي 4
لأن الشاعر يشبه وعيد عدوه بصوت أجنحة الذباب. التحقير الطنين أجنحة الذباب يضير 5
لأن المتكلم يريد أن يرفع من شأن نفسه ويبين أنه عماد العشيرة في أو قات الحروب والشدائد. التعظيم أضاعوني وأي فتي أضاعوا 6
تمريناتٌ
(1)أجب عما يلي :
(1) وعدك صديق أَن يزورك في الغد، فشككتَ في أَنه يزورك قبل الظهر أو بعده فضع سؤالاً تطلب به تعيين الوقت.
(2) علمتَ أنَّ واحدًا من عَميْكَ حامِدٍ ومحمود قد اشترى بيتا، فضع سؤالاً تطلب به تعيين المشتري.
(3) إذا كنتَ شاكًا في أَن القصب يزرع في الربيع أو في الصيف، فكيف تصوغ السؤال الذي تطلب به من المخاطب تعيين الزمان؟
(4) سل صديقك عن ميله إِلى الأسفار.
(2) أجب عما يلي :
سل عن: الحال، والمفعول به، والظرف والمبتدأ، والخبر، والجار والمجرور، في الجمل آلاتية:
نظم القصيدة متأثرا - اشترى قلماً - كتب الرسالة ليلاً - عليٌّ الفائز- مصر خِصْبة - الكتاب في البيت.
(3)سلْ عما يأتي:
(ا) أو ل الخلفاء الراشدين. (هـ) عدد المدارس العالية في مصر.
(ب) أطول شارع في المدينة. (و) موطن الفِيلة.
(حـ) حال مصر أيام المماليك. (ز) حقيقة الصدق.
(د) الزمن الذي ينضج فيه العنب. (ح) معنى الضيغَم.
(4)أجب عما يلي :
(1) لم كان الاستفهام في الأمثلة الآتية مفيدا النفي، والإنكار، والتعظيم، على الترتيب؟
(أ)قال الشاعر :
هل الدهْرُ إلا ساعةٌ ثم تنقضي… بما كان فيها منْ بلاءٍ ومنْ خَفْض؟
(ب) قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (40) سورة الأنعام .
(حـ) وقال ابن هاني الأندلسي :
منْ منكُمُ الملكُ المطاعُ كأَنَّهُ ... تحتَ السوابغِ تُبَّعٌ في حِمْيَرِ
(2) لم كان الاستفهام في الأمثلة الآتية مفيداً التقرير، والتعجب والتمني على الترتيب ؟:
(1) قال تعالى: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} (18) سورة الشعراء.
(ب) قالت إحدى نساء العرب تشكَو ابنها :
أنْشَا يُمزِّق أثوابي يؤدبني …أبَعْدَ شيء يبْغى عندِيَ الأدبا؟
(حـ) قال أبو العتاهية في مدح الأمين :
أنا اليوم لي، والحمدُ للَّه، أشْهرٌ ... يَرُوح عليَ الغَمُّ منك ويَبْكُرُ
تذكَّر، أمينَ اللَهِ، حَقّي وحُرْمَتي ... وما كنت تُوليني، لعلَك تَذْكُرُ
لياليَ تُدني منك بالقُرب مجلسي ... ووجهُك من ماءِ البشاشة يقطُرُ
فمَن لي بالعين التي كنتَ مرّةً ... إليَّ بها من سالِفِ الدَّهْرِ تَنْظُرُ؟
(5)ماذا يُرادُ بالاستفهام في الأمثلة الآتية؟:
(1) قال المتنبي :
ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
(2) وقال أيضاً :

وَلَسْتُ أُبالي بَعدَ إدراكيَ العُلَى أكانَ تُراثاً ما تَناوَلْتُ أمْ كَسْبَا؟
(3)وقال أيضاً :
وَهَلْ تُغْني الرّسائِلُ في عَدُوٍّ إذا ما لم يَكُنَّ ظُبًى رِقَاقَا
(4) وقال حينما صرع بدرُ بن عمّار أسدا :
أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا
(5) وقال أبو تمام :
أسَرْبِلُ هُجرَ القولِ مَنْ لوْ هَجوتهُ ... إِذاً لهجانِي عنهُ مَعروفهُ عِندِي
(6) وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي يمدح الرشيد :
وكَيْفَ أَخافُ الفَقْرَ أو أحْرَمُ الغِنَى ... ورَأْيُ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ جَمِيل
(7) وقال أحمد شوقي :
ما أنتِ يا دنيا ؟ أرؤيا نائمٍ أمْ ليلُ عرسٍ ، أمْ بساطُ سلافِ ؟
(8) وقال أبو الطيب :
وَمَا لكَ تُعْنى بالأسِنّةِ وَالقَنَا وَجَدُّكَ طَعّانٌ بِغَيرِ سِنَانِ
(9) وقال الشاعر :
هل بالطُلُول لسائلٍ رَدُّ أَو هَلْ لها بتكلُّمٍ عَهْدُ
(10) وقال الشاعر :
حتَّى متَى أنْتَ في لَهوٍ وِفى لَعِبٍ؟ … والموْتُ نَحْوكَ يهو ي فاتِحاً فاهُ
(11)و قال أبو الطيب :
يَفنى الكَلامُ ولا يُحيطُ بفَضْلِكُمْ أيُحيطُ ما يَفْنى بمَا لا يَنْفَدُ
(12)و قال تعالى: {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة .قلت : ومثله قول تعالى : {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (11) سورة الحديد .
(13)و قال أبو الطيب :
أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا وَأيَّ قُلُوبِ هذا الرّكْبِ شَاقَا
(14)وقال المتنبي في سيف الدولة يعُودُه من دُمّل كان فيه :
وَكَيفَ تُعِلُّكَ الدّنْيا بشَيْءٍ وَأنْتَ لِعِلّةِ الدّنْيَا طَبيبُ
وَكَيفَ تَنُوبُكَ الشّكْوَى بداءٍ وَأنْتَ المُسْتَغاثُ لِمَا يَنُوبُ
(15) قال أبو العلاء المعري :
يا ظالماً! عقدَ اليدَينِ، مصليّاً، مِن دون ظُلمِكَ يُعقَدُ الزُّنّارُ
أتظنُّ أنّكَ للمَحاسن كاسبٌ، وخبيُّ أمرِكَ شِرّةٌ وشَنار؟
(6)أجب عما يلي :
(1) استعمل كل أداة من أدوات الاستفهام في جملتين مفيدتين وأجب عن كل سؤال تأتي به، واجعل غرضك من الاستفهام معناه الحقيقي
(2) استعمل همزة الاستفهام في ست جمل بحيث تكون في الثلاث الأولى منها لطلب التصور، وفي الثلاث الأخيرة لطلب التصديق، واجعل غرضك من الاستفهام معناه الحقيقي.
(3) كوِّن ثلاث جمل استفهامية تامة، أداة الاستفهام في كل منها " هل"، اجعل غرضك من الاستفهام معناه الحقيقي.
(4) هات ثلاث جمل أداة الاستفهام في كل منها " أنى " واستوف المعاني التي عرفتها لهذه الأداة، واجعل غرضك من الاستفهام معناه الحقيقي.
(7)أجب عما يلي :
(1) كون ثلاث جمل استفهامية بحيث يدل الاستفهام في الأولى على التسوية، وفي الثانية على النفي، وفي الثالثة على الإنكار.
(2) هات ثلاث جمل استفهامية: يدل الاستفهام في الأولى منها على التعظيم. وفي الثانية على التحقير، وفي الثالثة على التوبيخ.
(3) مثِّل للاستفهام الخارج عن معناه الأصلي للتعجب، ثم للتمني، ثم للاستبطاء.
(8)اشرح البيتين الآتيين وبين أغراض الاستفهام فيهما، وهما يُنسبان لأعرابي يمدح الفضلَ بن يحيى البَرمكي :
ولَائِمَة لَامَتْكَ يَا فَيْضُ في النَّدَى فَقُلْتَ لَها لَنْ يَقْدَحَ اللَّوْمُ في البَحْرِ
لتثنى الغيض عن عادة الندى ... ومن ذا الذي يثني السحاب عن القطر
(4)التمنَّي
الأمثلةُ:
(1) قال ابن الرومي في شهر رمضان :
فليتَ الليلَ فيه كانَ شهرًا …ومرّ نهارُه مَرَّ السحابِ
(2) و قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} (53) سورة الأعراف .
(3)و قال جرير :
بانَ الشَّبابَ حَمِيدَةٌ أَيَّامُهُ ... لو أَنَّ ذلكَ يُشْتَرَى أَو يَرْجِعُ
(4) و قال آخر :
أَسِرْبَ الْقَطا، هلْ مَنْ يُعيرُ جَناحَهُ ..َعلِّي إِلى من قَد هَويتُ أَطِيرُ
(5)و قال تعالى: {... قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (79) سورة القصص .
البحثُ:
الأمثلة المتقدمة جميعها من باب الإِنشاء الطلبي. وإذا تأَملت المطلوب في كل مثال وجدته أمراً محبوباً لا يرجى حصوله، إِما لكونه مستحيلاً كما في الأمثلة الأربعة الأولى، و إِما لكونه ممكناً غير مطموع في نيله كما في المثال الأخير، ويسمَّى هذا الضرب من الإِنشاء بالتمني.
و الأدوات التي أفادت التمني في الأمثلة المتقدمة هي: ليت، وهل، ولو، ولعل: غير أن الأداة الأولى أفادته بأصل الوضع، أما الثلاث الأخرى فإنها استُعْمِلت فيه للطائف بلاغية.
هذا وإِذا كان المطلوب المحبوب ممكناً مطموعاً في حصوله كان طلبه ترجياً، ويعبر فيه بلعل وعسى، و قد تستعمل فيه ليت لسبب يقصده البليغ كما في قول أبي الطيب :
فَيا لَيتَ ما بَيْني وبَينَ أحِبّتي مِنَ البُعْدِ ما بَيني وبَينَ المَصائِبِ
القواعدُ:
(49) التمني طَلَبُ أمْرٍ مَحْبُوبٍ لا يُرجَى حُصُولُه، إمَّا لِكَونِهِ مُسْتَحِيلاً، وإِمَّا لكونه مُمكِناً غَيرَ مطموع في نَيْلِهِ.
(50) واللفظُ الْمَوْضُوعُ للتمني لَيتَ، وقد يُتَمَّنى بهَل وَلو، وَلَعلَّ، لِغَرَض بلاغيٍّ .
(51) إذا كان الأمرُ المحبوبُ مِما يُرجَى حُصُولُهُ كانَ طَلَبُهُ ترَجِّياً، ويُعَبرُ فيهِ بلعل أَوْ عَسَى، وقد تستعمل فيه لَيتَ لَغَرَض بلاغي ٍّ .
نموذجٌ
لبيان ما في الأمثلة الآتية من تمنٍّ أو ترجٍّ، و تعييِن الأداة في كل مثال:
(1) قال صريع الغواني :
واهاً لأيامِ الصَبا وزمانِهِ لَوْ كانَ أسْعفَ بالقَيام قليلا
(2) و قال أبو الطيب :
فَلَيْتَ هوَى الأحبّةِ كانَ عَدلاً فَحَمّلَ كُلّ قَلبٍ ما أطَاقَا
(3) قال تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} (11) سورة غافر .
الإجابةُ:
البيان الأداة المعنى المراد الرقم
لأن المطلوب هنا ممكن غير مطموع في حصوله. لو التمني 1
" " " " " مطموع في حصوله. ليت الترجي 2
" " " " " غير مطموع في حصوله. هل التمني 3
تمريناتٌ
(1)بين ما في الأمثلة الآتية من تمنٍّ أو ترجٍّ، وبين السرَّ في استعمال ما جاء من الأدوات على غير وضعِهِ الأصلي:
(1) قال مرْوانُ بن أبي حفصة في رثاء معْن بن زائدة :
فليتَ الشامِتِين بهِ فَدوهُ ولَيتَ العُمرَ مدَّ لَهُ فطَالا
(2) و قال أبو الطيب في رثاء أخت سيف الدولة :
فَلَيْتَ طالِعَةَ الشّمْسَينِ غَائِبَةٌ وَلَيتَ غائِبَةَ الشّمْسَينِ لم تَغِبِ
(3)و قال آخر :
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
(4)و قال الله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} (36) سورة غافر .
(5) و قال تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (102) سورة الشعراء
(6)وقال الشاعر :
أمَنْزِلَتي مَيٍّ سلامٌ عليْكما ... هلِ الأزْمُنُ اللاتي مضَيْن رواجعُ
(7) وقال المتنبي :
لَيتَ المُلُوكَ على الأقدارِ مُعْطِيَةٌ فلَمْ يكُنْ لدَنيءٍ عندَهَا طَمَعُ
(8) وقال في المديح :
لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ
(2)أجب عما يلي :
(1) هاتِ مثالين لكل أداة تفيد التمني.
(2) هات مثالين للترجِّي، واستعمل في الأول لعل و في الثاني عسى.
(3) هات مثالين للترجِّي، واستعمل في كل منهما " ليت " و بين السبب البلاغي في اختيار هذه الأَداة.
(3)انثُر البيتين الآتيين نثرًا وهما للمتنبي في مدح كافور :
لحَى الله ذي الدّنْيا مُناخاً لراكبٍ فكُلُّ بَعيدِ الهَمّ فيهَا مُعَذَّبُ
ألا لَيْتَ شعري هَلْ أقولُ قَصِيدَةً فَلا أشْتَكي فيها وَلا أتَعَتّبُ
================


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
سبق لك تقييم هذا الموضوع: