آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12581 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7355 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13239 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14610 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48740 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43806 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36024 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20838 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21095 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27050 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-2010, 11:24 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


تفسير آيات الحج من سورة البقرة



تفسير آيات الحج من سورة البقرة



الحمد لله القائل: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً سورة آل عمران(97). والصلاة والسلام على رسوله القائل: (خذوا عني مناسككم)1. وعلى آله وصحبه الغر الأوائل، وعلى التابعين بهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الله -سبحانه وتعالى- قد أوجب على من كان مستطيعاً من عباده حج بيته الحرام، والوقوف بعرفات مع جميع الأنام، والسعي والطواف بين الركن والمقام، وقد بين لهم في كتابه وسنة رسوله صفة الحج وكيفيته.

وسنتناول في هذه الموضوع تفسير الآيات من سورة البقرة التي تتحدث عن الحج ومناسكه ومتعلقاته على وجه الخفة والسرعة والاختصار على شاكلة أهل التفسير في بيان الآيات.

بعد أن بين -سبحانه وتعالى- ما يتعلق بالركن الرابع من أركان الإسلام، وهو ركن الصيام، وأردف بذكر فريضة الجهاد في سبيله؛ ذكر الحج وأحكامه؛ فقال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ... الآيات..



إتمام الحج والعمرة:

يقول تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ أي ائتوا بهما تامتين؛ وهذا يشمل كمال الأفعال في الزمن المحدد، وكذلك صفة الحج والعمرة أن تكون موافقة تمام الموافقة لما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم به. واللام في قوله تعالى: لله يفيد الإخلاص؛ يعني مخلصين لله -عز وجل- ممتثلين لأمره.

وقد استدل العلماء بقوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ على عدة أمور:

أحدها: وجوب الحج والعمرة، وفرضيتهما.

الثاني: وجوب إتمامهما بأركانهما، وواجباتهما، التي قد دل عليها فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وقوله: (خذوا عني مناسككم)2.

الثالث: أن فيه حجة لمن قال بوجوب العمرة.

الرابع: أن الحج والعمرة يجب إتمامهما بالشروع فيهما، ولو كانا نفلا.

الخامس: الأمر بإتقانهما وإحسانهما، وهذا قدر زائد على فعل ما يلزم لهما.

السادس: وفيه الأمر بإخلاصهما لله –تعالى-.

السابع: أنه لا يخرج المحرم بهما بشيء من الأشياء حتى يكملهما، إلا بما استثناه الله، وهو الحصر؛ كما سيأتي بيانه.



بماذا يتحلل من منع عن أداء فريضة الحج أو العمرة؟:

يقول تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ أي منعتم من الوصول إلى البيت لتكميلهما، بمرض، أو ضلالة، أو عدو، ونحو ذلك من أنواع الحصر، الذي هو المنع.

ثم بين بماذا يتحلل من أحصر؟ وماذا عليه أن يفعل إذا أحصر؟ فقال: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ أي إذا أحصرتم فاذبحوا ما استيسر من الهدي، وهو سُبُع بدنة، أو سبع بقرة، أو شاة يذبحها المحصر، ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر؛ كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، لما صدهم المشركون عام الحديبية، فإن لم يجد الهدي، فليصم بدله عشرة أيام كما في المتمتع ثم يحل.

كما أنه يجب على من أحصر أن لا يتحلل بحلق رأسه أو ما أشبه ذلك حتى يهدي؛ لقوله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وهذا من محظورات الإحرام، إزالة الشعر، بحلق أو غيره؛ لأن المعنى واحد من الرأس، أو من البدن، لأن المقصود من ذلك، حصول الشعث والمنع من الترفه بإزالته، وهو موجود في بقية الشعر.

وقاس كثير من العلماء على إزالة الشعر، تقليم الأظفار بجامع الترفه، ويستمر المنع مما ذكر حتى يبلغ الهدي محله، وهو يوم النحر، والأفضل أن يكون الحلق بعد النحر؛ كما تدل عليه الآية.



ارتكاب بعض المحظورات للضرورة:

قوله: فمن كان منكم مريضاً أي واحتاج إلى حلق الرأس؛ أو به أذًى من رأسه وهو صحيح، كما لو كان الرأس محلاً للأذى، والقمل، وما أشبه ذلك؛ ففدية أي فعليه فدية يفدي بها نفسه من العذاب من صيام أو صدقة أو نسك؛ أو هنا للتخيير؛ وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن "الصيام" ثلاثة أيام، وأن "الصدقة" إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع3؛ وأما "النسك" فهو ذبح شاة؛ لحديث عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عُجرة -رضي الله عنه- فسألته عن الفدية، فقال: نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: (ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى) أو (ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى، تجد شاة؟). فقلت: لا، فقال: (فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)4.



المتمتع يلزمه الهدي:

قال تعالى: فَإِذَا أَمِنْتُمْ أي بأن قدرتم على البيت من غير مانع عدو وغيره، فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ بأن توصل بها إليه، وانتفع بتمتعه بعد الفراغ منها فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ أي فعليه ما تيسر من الهدي، وهو ما يجزئ في أضحية، وهذا دم نسك، مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة، ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة بعد فراغ العمرة، وقبل الشروع في الحج، ومثلها القِران لحصول النسكين له.

ويدل مفهوم الآية على أن المفرد للحج ليس عليه هدي، ودلت الآية على جواز بل فضيلة المتعة، وعلى جواز فعلها في أشهر الحج.



ماذا على من لم يجد الهدي؟:

قوله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أي الهدي أو ثمنه فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة، وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر، أيام رمي الجمار، والمبيت بـ "منى" ولكن الأفضل منها، أن يصوم السابع، والثامن، والتاسع، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ أي فرغتم من أعمال الحج فيجوز فعلها في مكة، وفي الطريق، وعند وصوله إلى أهله.

قوله: ذَلِكَ المذكور من وجوب الهدي على المتمتع لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بأن كان عند مسافة قصر فأكثر، أو بعيدا عنه عرفات، فهذا الذي يجب عليه الهدي، لحصول النسكين له في سفر واحد، وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام، فليس عليه هدي لعدم الموجب لذلك.



تقوى الله:

ثم ختم الله الآية بالأمر بتقواه؛ فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ أي في جميع أموركم، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ومن ذلك، امتثالكم، لهذه المأمورات، واجتناب هذه المحظورات المذكورة في هذه الآية.

ثم حذرهم من عقابه؛ فقال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ أي لمن عصاه، وهذا هو الموجب للتقوى، فإن من خاف عقاب الله انكف عما يوجب العقاب، كما أن من رجا ثواب الله عمل لما يوصله إلى الثواب، وأما من لم يخف العقاب، ولم يرج الثواب، اقتحم المحارم، وتجرأ على ترك الواجبات.



أشهر الحج (مواقيت الحج الزمانية):

يقول تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ؛ يخبر تعالى أن الْحَجَّ واقع في أشهر معلومات عند المخاطبين، مشهورات، بحيث لا تحتاج إلى تخصيص، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره، وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس.

وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.

والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: "شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة"، فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالباً.



الحج مدرسة للتربية على الأخلاق الفاضلة:

قوله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ أي أحرم به؛ لأن الشروع فيه يصيره فرضاً، ولو كان نفلاً.

وقوله: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ أي يجب أن تعظموا الإحرام بالحج، وخصوصا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه، من الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصا عند النساء بحضرتهن.

والفسوق وهو: جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام. والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة.

والمقصود من الحج، الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه بذلك يكون مبرورا والمبرور، ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان، فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج.

ثم قال تعالى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ أتى بـ مِن لتنصيص على العموم، فكل خير وقربة وعبادة، داخل في ذلك، أي فإن الله به عليم، وهذا يتضمن غاية الحث على أفعال الخير، وخصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة، فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها، من صلاة، وصيام، وصدقة، وطواف، وإحسان قولي وفعلي.



خير الزاد التقوى:

قوله: وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك، فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين، والكف عن أموالهم، سؤالا واستشرافا، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين، وزيادة قربة لرب العالمين، وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البنية بلغة ومتاع.

وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين. فهذا مدح للتقوى.

ثم أمر بها أولي الألباب، فقال: وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ أي يا أهل العقول الرزينة، اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول، وتركها دليل على الجهل، وفساد الرأي.



لا منافاة بين الحج وبين ابتغاء الرزق في الحج:

قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ؛ لما أمر تعالى بالتقوى أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسب في مواسم الحج وغيره ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب إذا كان المقصود هو الحج، وكان الكسب حلالا منسوبا إلى فضل الله، لا منسوبا إلى حذق العبد، والوقوف مع السبب، ونسيان المسبب، فإن هذا هو الحرج بعينه.



أعمال ما بعد عرفة:

قوله: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات الإِفاضة من عرفات تكون بعد الوقوف بعرفة يوم الحج وذلك بعد غروب الشمس من يوم التاسع من شهر الحجة.

فَاذْكُرُوا اللَّهَ أي باللسان، والقلب، والجوارح؛ فيشمل كل ما فعل عند المشعر من عبادة؛ ومن ذلك صلاة المغرب، والعشاء، والفجر.

والمقصود بـ: المشعر الحرام مزدلفة.

وفي هذه الآية دلالة على عدة أمور:

أحدها: الوقوف بعرفة، وأنه كان معروفا أنه ركن من أركان الحج، فالإفاضة من عرفات، لا تكون إلا بعد الوقوف.

الثاني: الأمر بذكر الله عند المشعر الحرام، وهو المزدلفة، وذلك أيضاً معروف، يكون ليلة النحر بائتاً بها، وبعد صلاة الفجر، يقف في المزدلفة داعيا، حتى يسفر جدا، ويدخل في ذكر الله عنده، إيقاع الفرائض والنوافل فيه.

الثالث: أن الوقوف بمزدلفة، متأخر عن الوقوف بعرفة، كما تدل عليه الفاء والترتيب.

الرابع، والخامس: أن عرفات ومزدلفة كلاهما من مشاعر الحج المقصود فعلها وإظهارها.

السادس: أن مزدلفة في الحرم، كما قيده بالحرام.

السابع: أن عرفة في الحل، كما هو مفهوم التقييد بـ "مزدلفة ".

ثم قال تعالى: وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ أي اذكروا الله تعالى كما منّ عليكم بالهداية بعد الضلال، وكما علمكم ما لم تكونوا تعلمون، فهذه من أكبر النعم، التي يجب شكرها ومقابلتها بذكر المنعم بالقلب واللسان.



الإفاضة من عرفة:

قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا أي من عرفات.

وقوله: مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أي من المكان الذي يفيض الناس منه؛ وكانت قريش في الجاهلية لا يقفون مع الناس في عرفة -يقولون: نحن أهل الحرم فلا نقف خارج الحرم-؛ فأُمر المسلمون أن يفيضوا من حيث أفاض الناس -أي من عرفة-؛ هذا هو ظاهر الآية الكريمة.



الحث على الاستغفار في نهاية كل عمل:

قوله تعالى: واستغفروا الله أي اطلبوا المغفرة منه؛ والمغفرة ستر الذنب، والتجاوز عنه؛ لأنها مأخوذة من المغفر الذي يوضع على الرأس عند القتال لتوقي السهام؛ وليست المغفرة مجرد الستر؛ بل هي ستر، ووقاية.

قوله تعالى: إن الله غفور رحيم؛ هذه الجملة تعليل للأمر؛ أي استغفروا الله؛ لأنه أهل لأن يُستغفَر؛ فإنه -سبحانه وتعالى- غفور رحيم.



وفي هذه الآية الحث على الاستغفار، قال ابن سعدي -رحمه الله-: "وهكذا ينبغي للعبد، كلما فرغ من عبادة، أن يستغفر الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة، ومنَّ بها على ربه، وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة، فهذا حقيق بالمقت، ورد الفعل، كما أن الأول، حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر". وهكذا علمنا النبي-صلى الله عليه وسلم- أن نستغفر الله في عقب كل صلاة مفروضة، وهكذا.. فعلى المسلم أن يحرص على الاستغفار في نهاية كل عمل.



ذكر الله في كل مكان وزمان:

قوله تعالى: فإذا قضيتم مناسككم أي أنهيتم مناسككم؛ وذلك بالتحلل من النسك.

قوله تعالى: فاذكروا الله أمر تعالى بذكره بعد فراغ النسك؛ لأن الإنسان إذا فرغ من العبادة قد يغفل عن ذكر الله.

قوله: كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً؛ أي كما تذكرون آباءكم، أو أشد ذكراً؛ وأشد يشمل الشدة في الهيئة، وحضور القلب، والإخلاص؛ والشدةَ في الكثرة أيضاً؛ فيذكر الله ذكراً كثيراً، ويذكره ذكراً قوياً مع حضور القلب.

وقوله: كذكركم آباءكم؛ لأنهم كانوا في الجاهلية يذكرون أمجاد آبائهم إذا انتهوا من المناسك؛ وكل يفخر بنسبه، وحسبه؛ فأمر الله تعالى أن نذكره -سبحانه وتعالى- كذكرهم آباءهم، أو أشد ذكراً.



وقوله: أو أشد ذكراً قال كثير من النحويين: إن أو بمعنى: بل أي بل أشد وهو هنا متوجِّه؛ ويشبهها من بعض الوجوه قوله تعالى: وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون سورة الصافات(147)؛ وقد ذكر ابن القيم في قوله تعالى: أو يزيدون أن أو هنا ليست بمعنى "بل"؛ ولكنها لتحقيق ما سبق -يعني: إن لم يزيدوا فلن ينقصوا -؛ وبناءً على هذا نقول مثله في هذه الآية: أي كذكركم آباءكم -إن لم يزد فلا ينقص-؛ إلا أنّه هنا إذا جعلناها بمعنى "بل" تكون أبلغ؛ لأن ذكر الله يجب أن يكون أشد من ذكر الآباء.



مطالب الناس تتفق، ومقاصدهم تختلف:

لقد أخبرنا الله –تعالى- عن أحوال الخلق، وأن الجميع يسألونه مطالبهم، ويستدفعونه ما يضرهم، ولكن مقاصدهم تختلف؛ فمنهم: مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا أي يسأله من مطالب الدنيا ما هو من شهواته، وليس له في الآخرة من نصيب، لرغبته عنها، وقصر همته على الدنيا.


ومنهم من يدعو الله لمصلحة الدارين، ويفتقر إليه في مهمات دينه ودنياه، وكل من هؤلاء وهؤلاء لهم نصيب من كسبهم وعملهم، وسيجازيهم تعالى على حسب أعمالهم، وهماتهم ونياتهم، جزاء دائرا بين العدل والفضل، يحمد عليه أكمل حمد وأتمه، وفي هذه الآية دليل على أن الله يجيب دعوة كل داع، مسلما أو كافرا، أو فاسقا، ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه، دليلا على محبته له وقربه منه، إلا في مطالب الآخرة ومهمات الدين.



الحسنة المطلوبة في الدنيا والحسنة المطلوبة في الآخرة:

الحسنة المطلوبة في الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد، من رزق هنيء واسع حلال، وزوجة صالحة، وولد تقر به العين، وراحة، وعلم نافع، وعمل صالح، ونحو ذلك، من المطالب المحبوبة والمباحة.

وحسنة الآخرة هي السلامة من العقوبات، في القبر، والموقف، والنار، وحصول رضا الله، والفوز بالنعيم المقيم، والقرب من الرب الرحيم، فصار هذا الدعاء، أجمع دعاء وأكمله، وأولاه بالإيثار، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الدعاء به، والحث عليه5.



جزاء من دعا بهذا الدعاء:

يقول تعالى: أولئك الداعون بهذا الدعاء: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار لهم ثواب عظيم بسبب ما كسبوه من الأعمال الصالحة. والله سريع الحساب مُحْصٍ أعمال عباده، ومجازيهم بها.



أيام منى (التشريق):

قوله: وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ؛ يأمر تعالى كذلك بذكره في الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد، لمزيتها وشرفها، وكون بقية أحكام المناسك تفعل بها، ولكون الناس أضيافاً لله فيها، ولهذا حرم صيامها، فللذكر فيها مزية ليست لغيرها، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله)6.

ويدخل في ذكر الله فيها: ذكره عند رمي الجمار، وعند الذبح، والذكر المقيد عقب الفرائض، بل قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق، كالعشر، وليس ببعيد.

قوله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أي خرج من "منى" ونفر منها قبل غروب شمس اليوم الثاني فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ بأن بات بها ليلة الثالث ورمى من الغد فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ؛ وهذا تخفيف من الله –تعالى- على عباده، في إباحة كلا الأمرين، ولكن من المعلوم أنه إذا أبيح كلا الأمرين، فالمتأخر أفضل، لأنه أكثر عبادة.



ولما كان نفي الحرج قد يفهم منه نفي الحرج في ذلك المذكور وفي غيره، والحاصل أن الحرج منفي عن المتقدم، والمتأخر فقط قيده بقوله: لِمَنِ اتَّقَى أي اتقى الله في جميع أموره، وأحوال الحج، فمن اتقى الله في كل شيء، حصل له نفي الحرج في كل شيء، ومن اتقاه في شيء دون شيء، كان الجزاء من جنس العمل.

ثم ختم الله آيات الحج بالحث على تقواه؛ فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ بامتثال أوامره واجتناب معاصيه، وما أكثر ما يأمر الله -سبحانه وتعالى- بالتقوى في كتابه العزيز؛ لأن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله -عزّ وجلّ- بفعل أوامره، واجتناب نواهيه على علم وبصيرة.



اتقوه؛ لأنكم إليه صائرون، لقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فمجازيكم بأعمالكم، فمن اتقاه، وجد جزاء التقوى عنده، ومن لم يتقه عاقبه أشد العقوبة، فالعلم بالجزاء من أعظم الدواعي لتقوى الله، فلهذا حث تعالى على العلم بذلك7. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



--------------------------------------------------------------------------------

1 رواه النسائي وأحمد من حديث جابر بن عبد الله، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (7882). وفي عدد من كتبه.

2 سبق تخريجه.

3 أخرجه البخاري ومسلم.

4 رواه البخاري.

5 كما ثبت ذلك في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه.

6 رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (2689). ورواه مسلم بدون لفظ: (وذكر لله) من حديث نبيشة.

7 راجع: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(90- 93) لابن السعدي. تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق. الناشر : مؤسسة الرسالة. الطبعة الأولى (1420هـ). وتفسير ابن عثمين، المجلد الثاني. والتفسير الميسر (1/ 210- 217) لعدد من أساتذة التفسير تحت إشراف الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. وأيسر التفاسير(1/90- 94). لأبي بكر الجزائري.



كلمات
دروس
بحوث ومقالات
خطب
الإمام والمأموم
أحكام المسجد
إدارة المسجد
الأذان والمؤذن

القائمة البريدية


Cant See Links


©جميع الحقوق محفوظة لموقع إمام المسجد 2004
ويحق لمن شاء أخذ ما يريد من مواد هذا الموقع بشرطين : الأول : عزو ما يأخذ إلى موقع إمام المسجد Cant See Links ، الثاني : الأمانة في النقل وعدم التغيير في النص المنقول ولا حذف شيء منه ، والله الموفق .



الحجّ في السنّة واعظ زاده الخراساني

الحجّ والعمرة في اللغة يعنيان القصد والذهاب إلى مكان معين للزيارة(1)، غير أنّ العرب أطلقت اللفظين ـ حتى قبل الإسلام ـ على نوعين من العبادة والزيارة لبيت الكعبة. والقرآن استعمل اللفظين مراراً بهذا المعنى الشائع لهما كقوله تعالى: (وأتمّوا الحجّ والعمرة لله)(2). من هنا فإنّ المعنى الشائع لهذين اللفظين ليس آ«حقيقة شرعيةآ» ولا هو اصطلاح شرعي إسلاميّ كما تصوّر البعض ذلك.

كلمة آ«الحجّآ» ـ بكسر الحاء ـ في الآية: (ولله على الناس حجّ البيت مَنِ استطاع إليه سبيلا)(3) وكذلك كلمتا آ«حَجَّآ» و آ«اعتمَرَآ» في الآية: (فمن حجّ البيت أو اعتمر)(4) تدلّ جميعاً على أنّ الحجّ والعمرة بمعناهما الشائع اليوم كانا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في القاموس وأقرب الموارد، إحدى معاني الحج القصد، وكثرة التردد، يقول صاحب أقرب الموارد حجّ فلاناً حجّاً: قصده، وبنو فلان فلاناً: إذا أطالوا الاختلاف إليه، أي يقصدونه ويزورونه. هذا أصله، ثم تُعورف استعماله في القصد الى مكة للنسك. الحِجّ (بالكسر) لغة في الحج، وقيل بالكسر الاسم وبالفتح المصدر، ويقول في العمرة: اسم من الاعتمار، وهي لغةً: القصد إلى مكان عامر والزيارة التي فيها عمارة الودّ، وشرعاً أفعال مخصوصة تسمّى بالحج الأصغر ... .

(2) البقرة : 196 .

(3) آل عمران : 97 .

(4) البقرة : 158 .

موجودين في اللغة العربية قبل الإسلام.

السورة 22 من القرآن تحمل اسم الحج، ويطلق أحياناً على الحجّ اسم آ«الحجّ الأكبرآ» وعلى العمرة اسم آ«الحجّ الأصغرآ» لمناسبة ما ورد في الآية: (وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر)(1)، مع أنّ هذا اليوم موضع اختلاف بين أن يكون يوم عرفة أي يوم التاسع من ذي الحجة(2)، أو يوم النحر أي يوم العاشر منه.

توافرت الروايات عن طريق الفريقين أنّ الحج من دعائم الإسلام، وأنه واحد من الأسس الخمسة التي بني عليها الإسلام وهي: الشهادتان، والصلاة، والصوم، والحجّ(3)، وفي الروايات الشيعية ذكر اسم ولاية أهل البيت مكان الشهادتين(4) في آخر الأسس الخمسة.

إحدى الروايات النبوية(5) تصف كلّ واحد من أركان الدين بوصف معين، فتصف الصوم أنه جنّة، والزكاة أنه مطهّر للأموال، والجهاد بأنه عزّ الإسلام، وتصف الحج بأنه الشريعة، دلالة على أهمية هذه العبادة حتّى كأنه الشريعة بأجمعها.

أهمية فريضة الحج في الإسلام تبلغ درجة بحيث إن تركها في لسان القرآن كفر: (ومن كفر فانّ الله غنيّ عن العالمين)(6). وفي الجواب عن السؤال بشأن (الأهلّة) يذكر القرآن الحجّ بشكل منفصل، إلى جانب مواقيت سائر الأعمال والعبادات فيقول: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)(7).

يمكن دراسة الحج على أربعة أصعدة: القرآن، والسنّة، والفقه، وعمل المسلمين، وواضح أن البحث الوافي والكامل لكلّ صعيد لا يمكن أن ينفصل عن بقية الأصعدة. غير أننا نستهدف دراسة الحج على صعيد السنّة، ولابدّ قبل ذلك من استعراض سريع لآيات الحج.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التوبة : 3 .

(2) الكافي 4 : 265 عن قول الصادق: الحج الأكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار، والحجّ الأصغر العمرة، في بحار الأنوار، ط كمباني 1 : 74 روايات بهذا المضمون، ورواية بأنه يوم النحر ورواية في ردّ قول ابن عباس تشرح أنه يوم النحر لا يوم عرفة، جامع الترمذي 4 : 162 ويقال للحج الأكبر: يوم النحر، وللحج الأصغر: العمرة.

(3) صحيح البخاري 1 : 9 .

(4) في جامع أحاديث الشيعة 1 : 461 وما بعدها، روايات عديدة بطرق وألفاظ مختلفة عن الرسول الأعظم وأئمة أهل البيت، هذه الرواية في دعائم الاسلام 1 : 2 كالتالي: بني الاسلام على سبع دعائم: الولاية، والطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد.

(5) جامع أحاديث الشيعة 1 : 475 نقلا عن خصال الصدوق وعلل الصدوق.

(6) آل عمران : 97 .

(7) البقرة : 189 .

عرض لآيات الحجّ في القرآن:

الآيات المرتبطة بالحج والكعبة تبلغ ثلاثين آية ووردت في خمس سور هي: البقرة 13 آية(1) وآل عمران: 12 آية(2)، والمائدة: 4 آيات(3)، والتوبة: 3 آيات(4)، والحج: 8 آيات(5). هذا إلى جانب آيات سورة البقرة بشأن القبلة(6)، وحرمة القتل في الحرم(7)، وإلى جانب آيات سورتي آ«الفيلآ» و آ«إيلافآ» التي ترتبط بالكعبة بشكل من الأشكال.

المواضيع التي تناولتها الآيات حول الحجّ بالتفصيل حينا، وبالإجمال حيناً آخر عبارة عن: بيت الكعبة أوّل معبد، وبناء البيت بيد إبراهيم وإسماعيل، ودعوة إبراهيم للناس بالحج، والآيات البيّنات ومقام إبراهيم، وكون الحرم آمناً، ووعد الله للمسلمين بدخول المسجد الحرام، ووجوب الحج على المستطيف ووجوب إتمام الحج والعمرة لله، وأشهر الحج، وبعض محرّمات الإحرام، والحجّ الأكبر، وسقاية الحاج، والطواف وصلاته، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف في المشعر الحرام والإفاضة من المشعر وعرفات،والحلق والتقصير، وذكر اسم الله على الهدي بدل اسم الأوثان، وأكل الأضحية والتصدّق بها، وحكم المعذور عن الحج، والتكبير في أيام منى ومقدار الوقوف فيها، وحرمة الصيد في الحرم وكفارته، وحليّة صيد البحر، وحرمة الشعائر والقلائد، والأشهر الحرم وتعظيم الشعائر الإلهية، وجواز الهجوم في الحرم على من يصدّ الناس عن الحج، كما تتضمّن إشارة إلى فلسفة الحج كما في الآية: (ليشهدوا منافع لهم)(8).

لو ألقينا نظرة سريعة على آيات الحج في القرآن الكريم لاستخلصنا منها المسائل التالية:

1 ـ الكعبة والحرم والمشاهد المقدسة، وهكذا أعمال الحج ومناسكه ذكريات بقيت عن عهد إبراهيم الخليل جدّ الرسول الأكرم، واستمرّت ما يقارب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة : الآيات 125 ـ 129 ، 158 ، 189 ، 196 ـ 201 .

(2) آل عمران : 96 و 97 .

(3) المائدة : 94 ـ 107 .

(4) التوبة : 3 و 19 و 37 .

(5) الحج : 26 ـ 30 و 32 ـ 34 .

(6) البقرة : 142 ـ 145 و 147 ـ 150 .

(7) البقرة : 191 ـ 194 .

(8) الحج : 38 .

من ألفي عام بين أبناء إسماعيل والعرب، لكنها انحرفت وتغيّرت بالتدريج، وهذه المناسك التوحيدية المعبّرة عن الخلوص لله الواحد الأحد، قد تلوّثت بالشرك والوثنيّة، وتبدل بيت التوحيد إلى بيت للأصنام.

نفهم من القرآن أنّ سيدنا إبراهيم دعا الناس ـ لأوّل مرّة بأمر ربّه ـ إلى الحج، وذكرنا أن كلمتي الحج والعمرة كانتا شائعتين قبل الإسلام، من هنا فالحج ليس عبادة فحسب، بل رسالة ودعوة، والعمل به تلبية لتلك الدعوة، والتلبية في الحج إجابة لدعوة الله في الميثاق الأزلي، ودعوة شيخ الأنبياء إبراهيم معاً.

2 ـ نظراً لعراقة مناسك الحجّ، فانّ آيات الحج إمّا أن تكون قبولا، أو رفضاً للمناسك الشائعة بين العرب قبل الإسلام. فلم يتحدّث القرآن عن الحج بلغة التأسيس والإنشاء دون الالتفات إلى تاريخه، كما تحدّث عن سائر العبادات. من هنا فانّ فهم كثير من آيات الحجّ يحتاج إلى فهم تاريخه وسابقته، وهذا ما نجده في محتويات السنّة، وفي الروايات والأحاديث الواردة بشأن الحج. أي أنّ الروايات الواردة عن الرسول والصحابة وأئمة آل البيت تتحدّث عن مراسم وآداب الجاهلية في بعض أعمال الحج، من خلال تفسير الآيات المرتبطة بتلك الأعمال.

3 ـ نستطيع أن نفهم مما تقدّم سبب عدم بيان كيفية مناسك الحج والعمرة بالترتيب في القرآن الكريم. سائر العبادات طبعاً لم تُذكر أيضاً تفاصيلُها في القرآن الكريم، بما في ذلك الصلاة التي هي عمود الدين. بل ذَكر القرآن مسائلها العامة تاركاً للسنّة ذكر التفاصيل، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آ«صلّوا كما رأيتموني أُصلّيآ».

إضافة إلى هذه القاعدة العامة الشاملة لكلّ العبادات، هناك مسألة خاصّة بالحج. فالقرآن استند إلى فهم الناس لأعمال الحج في العصر الجاهلي، واكتفى

بالإشارة إلى نقاط الانحراف في تلك المناسك الجاهلية. لذلك فإنّ الحاجة ماسّة إلى السنّة في تعيين التفاصيل، وتشخيص المواضع والأمكنة داخل مكة وخارجها بما في ذلك مواقيت الإحرام. ولا تبلغ عبادة في حاجتها إلى السنّة مبلغ هذه العبادة.

4 ـ مع أنّ القرآن ذكر في مواضع عديدة إشارة أو تصريحاً أكثر مناسك الحج وأعماله، فبعض أجزاء الحج ليس لها ذكر في القرآن، وسندها الوحيد نجده في السنّة، مثل: استلام الحجر، ورمي الجمار، أو ترتيب الحجّ والعمرة والتفاوت بينهما، وأحكام الخلل والشكوك وكفارة كثير من المحرّمات وأمثالها. ولندخل الآن في صلب الموضوع لدراسة الحجّ في السنّة.

ما هي السنّة؟

السنّة في اللغة الطريقة والأسلوب، وفي عرف المسلمين سنّة رسول الله، ويعبّر عنها وعن القرآن الكريم بالكتاب والسنّة. وهذا الاقتران بين الكتاب والسنّة باعتبارهما مصدرين أساسيين للإسلام، ورد على لسان الرسول الأعظم، وكان شائعاً دون شك في عصر الرسول(1). فحديث الثّقلين في أكثر مصادر أهل السنّة والشيعة ورد بعبارة آ«كتاب الله وعترتيآ» لكنّه ورد في بعض مصادر أهل السنّة بلفظ آ«كتاب الله وسنّتيآ» وإلى هذا اللفظ الأخير استند كثير من الكتّاب والمفكّرين من أهل السنّة في كتاباتهم وأحاديثهم، ناسين عبارة آ«كتاب الله وعترتيآ»(2) بينما تمسك الشيعة بهذه العبارة التي بلغت حدّ التواتر في كثرة رواتها.

غير أن تعبير آ«الكتاب والسنّةآ» شائع على لسان الشيعة في مصادرهم الحديثية والفقهية مثلما هو شايع في المصادر السنيّة باعتبارهما مصدرين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شواهد ذلك في سنن الدارمي 1 : 46 ، 57 ، 58 ، 59 ، 60 .

(2) مصادر هذا الحديث تجدها في مفتاح كنوز السنة ، كلمة (عترة)، المراجعات : 22 ـ ورسالة حديث الثقلين للشيخ قوام الدين الوشنوي القمي ـ وجامع أحاديث الشيعة 1 : 22 ـ 35 و 186 وما بعدها، في ص22 ذكر أنّ هذا الحديث منقول عن 34 صحابي وصحابية وأكثر من 180 من أكابر أهل السنة إضافة الى الشيعة، وفي ص204 ذكر اسم هؤلاء الأفراد نقلا عن صاحب كتاب آ«العبقاتآ».

أساسيين للشريعة(1). ففي الكافي للكليني باب تحت عنوان آ«باب الردّ إلى الكتاب والسنّة، وأنه ليس شيء من الحلال والحرام، وجميع ما يحتاج الناس إليه إلاّ وقد جاء فيه كتاب أو سنّةآ»(2) وباب آخر تحت عنوان آ«باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتابآ»(3). وثمة روايات عن الإمامين الصادق والباقر مضمونها أنّ: آ«ما من شيء الاّ وفيه كتاب أو سنّةآ».

جميع الفرق الإسلاميّة تؤمن بأنّ الكتاب والسنّة مصدران أساسيان من مصادر الفقه، وتجمع عليهما، وإن اختلفت في أصول الفقه الأخرى.

السنّة باعتبارها طريقة الرسول وسيرته قُسّمت بالتدريج إلى القول والفعل والتقرير. أي إنّ كلّ قول أو فعل صدر عن الرسول، ويُنبئ بحكم من الأحكام التكليفية أو الوضعية على صعيد الأعمال الفردية والاجتماعية والعبادية ولو بالايحاء والإشارة المعتبرة، أو السكوت ذي المعنى، هو سنّة، وقابل للاستناد إليه. ومن هنا نستطيع أن نقول: إنّ كلّ حياة الرسول بعد النبوّة بما في ذلك الحركة والسكون والإقدام والامتناع والقول، والسكوت المفيد لحكم حسب القواعد المقرّرة في علم الأصول، هي سنّة قابلة للتأسي بها، ومصداق الآية الكريمة: (ولكم في رسول الله أسوة حسنة)(4); ولذلك اهتمّ المسلمون بتقصّي تفاصيل أعمال وأقوال وسيرة الرسول وحفظها في الصدور، ثمّ تدوينها ونقلها من جيل إلى جيل. وبين أيدينا اليوم كنوز قيّمة، ومجاميع واسعة نفيسة في سنّة الرسول هي كتب السنن وجوامع الحديث، التي هي حصيلة الجهد العلمي لعلماء المذاهب الإسلامية المختلفة. هذا وإنّ جرح الأحاديث الواردة في هذه الكتب وتعديلها وقبولها أو رفضها يحتاج إلى تخصّص في عدد من الفروع العلمية. وهذه الفروع العلمية هي أيضاً حصيلة الجهود العلمية لعلماء الحديث.

مصطلح السنّة الذي كان أساساً يطلق على سنّة رسول الله اتّسع فيما بعد،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جامع أحاديث الشيعة 1 : 126 ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنا إذا لقينا ربّنا قلنا يا ربّنا عملنا بكتابك وسنّة نبيّك، ويقول القوم برأينا، وعنه: إنا لا نعدل بكتاب الله وسنّة نبيّه.

(2) الكافي 1 : 59 .

(3) الكافي 1 : 69 .

(4) الأحزاب : 21 . اُنظر الى آيات حجية سنّة النبي في جامع أحاديث الشيعة 1 : 120 وما بعدها.

وأضحى يشمل عند أهل السنّة أقوال الصحابة الذين يثقون بعدالتهم وقداستهم واجتهادهم. وأصبح قول مثل هؤلاء الصحابة تعبيراً عن قول الرسول. وفي مقابلهم وسّع الشيعة وأتباع مدرسة آل البيت مفهوم السنّة مستندين إلى حديث الثقلين وإلى أدلّة أخرى، لتشمل أقوال وأفعال أئمة آل البيت المعصومين الوارثين لعلم الرسول. ولم يفرّقوا عملياً بين سنّة الرسول وسنّة الإمام. وعلى أيّ حال، كلّ فريق يطلق كلمة السنة على الأحاديث والروايات المعتبرة لديه الدالّة على سنّة الرسول، ولو أنها كانت قول الصحابي أو فعله (أو قول الإمام أو فعله عند الشيعة)، التي يطلق عليها اسم السنّة الحاكية، مقابل ما يسمّى بالسنّة المحكيّة وهي: السنّة الواقعية لرسول الله أو الإمام.

نقصد بالسنّة هنا المعنى العام الشائع لها عند الفريقين، ونستهدف تقديم صور عن أعمال الحج ومناسكه في الروايات والأحاديث الإسلامية، أو كتب السيرة والتاريخ، التي توضّح بأي حال أقوال الرسول وأفعاله في الحج، بما في ذلك آثار أهل السنّة المعتبرة، أو الشيعة الإمامية والزيدية والإسماعيلية. وسنحصر البحث في إطار السنّة، ولا نتطرّق إلى المباحث القرآنية والفقهية ذات العلاقة الأساسية بمباحث السنّة، إلاّ إذا اقتضت الضرورة ذلك.

جولة في أحاديث الحجّ:

الرجوع إلى جميع المصادر الحديثية الموثقة عند المسلمين، ليس بالأمر اليسير، ولا بمقدور هذا البحث المحدود أن يستوعب ذلك. لذلك لابدّ من الاقتصار على كتب معيّنة. فمن كتب أهل السنّة نرجع إلى الصحاح الستّة، أي صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود، وابن ماجة، إضافةً إلى السنن الكبرى للبيهقي وسنن الدارمي .. وإلى طبقات ابن سعد

وموطأ مالك ... وإلى تاريخ الطبري، وسيرة ابن هشام. ومن كتب الشيعة الإمامية: الكافي للكليني، والتهذيب للشيخ الطوسي، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، وبحار الأنوار للعلامة المجلسي، ووسائل الشيعة للشيخ الحرّ العاملي، والوافي للفيض الكاشاني، ومن الزيدية، مسند زيد بن علي، ومن الإسماعيلية، دعائم الإسلام للقاضي النعمان، ونرجع أيضاً عند الضرورة إلى مصادر أخرى.

سنستعرض أولا الموضوعات العامة للحج، وأحاديثه في هذه الكتب، وتجنباً للإطالة نركز البحث بعدها على أحاديث حجّة الوداع.

نستطيع تقسيم محتويات أحاديث الحج إلى عدّة موضوعات:

1 ـ موضوعات غير فقهية لها علاقة بالكعبة ومكة والحج مثل: خلق أرض الكعبة وامتداد الأرض منها (دحو الأرض)، وبدء بناء الكعبة، وحج آدم، وإبراهيم، وإسماعيل، وسائر الأنبياء (عليهم السلام)، وتاريخ الحجر الأسود، وسبب الحثّ على استلامه، وارتباط هذا العمل بمسألة عالم الذر، وأخذ الميثاق من الناس، وامتحان الخلائق عن طريق الكعبة، وأسرار الحج وعلل أعماله، وقصة أصحاب الفيل، وحفر زمزم، وهدم الكعبة وتجديد بنائها، وأمثال ذلك، المتوفّرة في روايات الشيعة المجموعة في الكافي(1)، ومَن لا يحضره الفقيه(2)، وبحار الأنوار(3)، أكثر من كتب أهل السنّة، وتحكي بشكل عام عن علاقة الحج بابراهيم وإسماعيل.


هذا عرض لمواضيع الحج التي لا ترتبط كثيراً بالجانب الفقهي له، وهذه الموضوعات قلّما نجدها في الكتب الحديثيّة المقتصرة على السنن والأحكام، مثل التهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي ووسائل الشيعة، وجامع أحاديث الشيعة، ومستدرك الوسائل من كتب الشيعة، وفي الصحاح والسنن ـ غير صحيحي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 4 : 184 وما بعدها.

(2) من لا يحضره الفقيه 2 : 134 وما بعدها.

(3) بحار الأنوار ، ط كمپاني 21 : 6 وما بعدها.

البخاري وجامع الترمذي اللذين لا يختصان بالسنن ـ من كتب أهل السنّة المعتبرة، لكن كتب التفسير والتاريخ مفعمة بهذه الموضوعات.

2 ـ الموضوعات التي تُشكّل مقدمة لسفر الحج مثل: آداب السفر، وآداب تربية الراحلة المذكورة غالباً في بداية كتب الحج أو في نهايتها، وهكذا آداب زيارة النبي، والمزارات الشريفة، وسائر الأماكن المقدّسة، المذكورة غالباً في نهاية أكثر هذه الكتب.

3 ـ أحكام الحجّ التي هي موضوع بحثنا. القسم الأعظم من روايات الحج في كتب أهل السنّة تتضمّن شرحاً لأعمال وأقوال الرسول الأكرم في حجة الوداف وأحياناً في عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وفتح مكة، أو بشكل عام أحكام الحج دون ذكر الزمان والمكان. أما الكتب الحديثية للشيعة فتتضمّن عرضاً لحجة الوداع ـ كما سيأتي ـ وباباً تحت عنوان آ«حجّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)آ» في بعض هذه الكتب مثل الكافي للكليني(1)، والوافي للفيض الكاشاني(2)، وبحار الأنوار(3)، لكن أكثر الروايات في هذه الكتب تتضمّن أقوال وفتاوى وآراء أئمة آل البيت في مسائل الحج، التي كانوا يُسألون عنها، أو التي ترتبط بمظاهر الانحراف في الحج، وبمسألة حج التمتف وهكذا تتضمن نقلا لأحكام الحج عن رسول الله عن طريق أئمة آل البيت (عليهم السلام).

عناوين أبواب كتب الحديث تفصح عن مضمونها، ويمتاز كتاب آ«وسائل الشيعةآ» من بين الكتب الحديثية بوضع عناوين دقيقة للأبواب مستنداً إلى الأحكام المستفادة من الروايات. وفهرس هذا الكتاب الذي أسماه المؤلف آ«من لا يحضره الإمامآ»(4) يضمّ خلاصة وعصارة للروايات الفقهية عند الشيعة الإمامية.

4 ـ الأحاديث المرتبطة بتفسير آيات الحج، وهو جزء من سائر الأقسام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 4 : 244 .

(2) الوافي 2 : 30 .

(3) بحار الأنوار ، طبعة دار الكتب الإسلامية 21 : 390 .

(4) وسائل الشيعة ج 1 مقدمة الفهرست.

والبخاري في صحيحه(1) اتّخذ من هذه الآيات عنواناً لعدد من أبواب صحيحه، وذكر الروايات الواردة في شرحها. لكن هذه الأحاديث وردت في عدد آخر من كتب الحديث موزّعة على الأبواب الأخرى، كلّ في محلّها. بعض الكتب الحديثية مثل الوافي للفيض الكاشاني، وبحار الأنوار للمجلسي، وجامع الأحاديث، دأبت على ذكر الآيات المرتبطة بكلّ باب في بداية ذلك الباب، وفي مكان واحد. والعلامة المجلسي في بحار الأنوار شرح الآيات أيضاً بعد ذكرها وقبل أن يبدأ بذكر الأحاديث.

ذكرنا حتّى الآن النقاط المشتركة في كتب الحديث بشأن الحج. ونستعرض الآن روايات الحج، ورواتها في كلّ واحد من كتب أهل السنّة والشيعة، لكي نستطيع أن نقارن بينها بعد ذلك.

روايات الحج في كتب أهل السنّة، ورواتها:

التدقيق النسبي في كتب أهل السنّة المذكورة آنفاً، دلّنا على أنّ أحاديث الحجّ والعمرة نقلت عمّا يقارب من خمسة ومائة صحابي(2). وهذه الروايات تتضمّن غالباً مشاهدات الرواة، ومسموعاتهم في حجّة الوداف بيّنوها بشكل صريح حيناً، وبشكل مبهم حيناً آخر. بين هؤلاء عددٌ روى أحاديث عن عمرة الحُدَيبية(3)، وعمرة القضاء(4)، وفتح مكة(5)، أو خروج النبيّ وهجرته من مكّة(6)، ممّا له علاقة بالحج. بين هؤلاء الصحابة أربعة فقط ممّن اشتركوا تأكيداً في حجّة الوداف ورووا القسم الأعظم من الواقعة، أو رووا أحكام الحجّ بشكل عام، وهؤلاء الصحابة بترتيب عدد الروايات المنقولة عنهم:

1 ـ عبد الله بن عباس; ما يقارب من 45 حديثاً.

2 ـ عائشة; ما يقارب من 42 حديثاً.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري 2 : 163، 164، 173، 179، 182، 204، 205.

(2) على النحو التالي:

1. أبو أيوب الأنصاري: 1; 2. أبو أمامة عمن أبصر النبي: 1; 3. أبو رزين العقيلي: 1; 4. أبو موسى الأشعري: 1; 5. أبو سعيد الخدري: 1; 6. أبو بكرة: 1; 7. أم الحصين: 1; 8. أبو غادية رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): 1; 9. أبو مليكة أو ابن أبي مليكة: 1; 10. أبو طلحة: 1; 11. أبو بكر: 1; 12. أبو الطفيل، عامر بن وائلة: 1; 13. أسماء بنت أبي بكر: 1; 14. أبو ذر الغفاري: 3; 15. أم ولد شيبة: 1; 16. أم جندب أو أم سليمان بن عمرو: 1; 17. أبو هريرة: 9; 18. أم سلمة: 2; 19. أسامة بن زيد: 2; 20. أنس بن مالك: 13; 21. أم الفضل: 1; 22. أم حبيبة: 1; 23. أم معقل: 1; 24. أبو بردة بن دينار: 1; 25. أبو شريح العدوي: 1; 26. البراء بن عازب: 1; 27. بلال بن رباح: 1; 28. بلال بن الحارث: 1; 29. بديل بن الورقاء: 1; 30. بريدة: 1; 31. ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 1; 32. جابر بن عبد الله: 21; 33. جبير بن مطعم: 1; 34. جرير بن عبد الله: 1; 35. حارثة بن وهب الخزاعي: 1; 36. حجاج بن عمرو الأنصاري: 1; 37. حفصة بنت عمر: 1; 38. الحصين بن عوف: 2; 39. الحكم والد مسعود بن الحكم الزرقي: 1; 40. رافع بن عمرو المزني: 1; 41. رجل من الصحابة: 1; 42. زيد بن ثابت: 1; 43. زيد بن أرقم: 1; 44. زيد بن خالد الجهني: 1; 45. زيد بن الخطاب: 1; 46. ذويب أبي قبيصة: 1; 47. سبرة والد ربيع بن سبرة: 1; 48. سودة بنت زمعة: 1; 49. سعد بن مالك: 1; 50. سعد بن أبي وقاص:; 51. سراقة بن خثعم:; 52. سعدي بنت عوف: 1; 53. سهل بن سعد: 1; 54. السائب أبو خلاد الأنصاري: 3; 55. سائب بن يزيد: 1; 56. صعب بن جثامة: 1; 57. طلحة بن عبد الله: 1; 58. عاصم والد أبي البداع: 1; 59. عثمان: 3; 60. علي (عليه السلام): حوالي 13; 61. عمر بن الخطاب: 7; 62. عبد الله بن عباس: 4; 63. عائشة: 34; 64. عمرو بن الأحرص: 1; 65. عبد الله بن مسعود: 3; 66. عبيد الله بن العباس: 1; 67. عبد الله بن أبي بكر: 1; 68. عمران بن الحصين: 2; 69. عبد الله بن عمرو بن العاص: 2; 70. عبد الله بن السائب: 1; 71. عبد الله بن أبي مغيث: 1; 72. عبد الله بن يعمر الديلي: 1; 73. عمرو بن خارجة: 1; 74. عبد الرحمن بن معاذ: 1; 75. عبد الله بن قذافة: 1; 76. العلاء الحضرمي: 1; 77. عبد الله بن قرط: 1; 78. عروة بن مضرّس الطائي: 1; 79. عبد الرحمن بن صفوان: 1; 80. عبد الرحمن بن أبي بكر: 1; 81. عبد الله بن الزبير: 1; 82. عبد الله بن عدي بن حمران: 1; 83. عبد الله بن بُجينة: 1; 84. عباس بن مُرداس: 1; 85. عبد الله بن عمر: 32; 86. عقبة بن عامر الجهني: 1; 87. الفضل بن عباس: 2; 88. قدامة بن عبد الله: 1; 89. كعب بن عُجزة: 1; 90. المطلب بن أبي دراعة السهمي: 1; 91. مسوّر وردان: 1; 92. منبط بن شُريط الأشجعي: 1; 93. محرّس الكعبي: 1; 94. مردان: 2; 95. ناجية الأسلمي: 1; 96. نبيثة: 1; 97. نبط والد سلمة بن نبط: 1; 98. والد أبي البداخ: 1; 99. الهرماس بن زياد الجاهلي: 1; 100. يحيى بن أبي كثير: 1; 101. يزيد بن شيبان: 1; 102. يعلي بن أميّة: 1; 103. أبو رافع: 1; 104. ابن أبي أوفى: 1; 105. أسماء بنت عميس: 1

(3) 1. عبد الله بن أبي قتادة: سنن النسائي 5 : 185 ـ 2. أبو قتادة: سنن النسائي 5 : 186 ـ 3. عبد الله بن عمر: التاخ 2 : 151 نقلا عن البخاري ـ 4. كعب بن عُجزة: التاج 2 : 153 رواه الخمسة.

(4) 1. محرس الكعبي: سنن الدارمي 2 : 52 ـ سنن النسائي 5 : 199 و 200 ـ التاج 2 : 149 ـ 2. أنس بن مالك: سنن النسائي 5 : 213 ـ 3. جابر بن عبد الله: سنن الدارمي 2 : 66 ـ 4. عبد الله بن أبي أوفى: سنن الدارمي 2 : 69 ـ سنن ابن ماجة 2 : 995 ـ 5. علي (عليه السلام): سنن الدارمي 2 : 68.

(5) 1. يعلي بن أمية، التاج 2 : 105 رواه الخمسة ـ 2. أنس بن مالك، سنن الدارمي 2 : 73 ـ 3. جابر بن عبد الله، سنن الدارمي 2 : 74 ـ 4. عبد الرحمن بن صفوان، التاج 2 : 120 نقلا عن أبي داود ـ 5. عبد الله بن عباس، التاج 2 : 158 و 162 رواه الشيخان ـ 6. أبو شريح العدوي، التاج 2 : 158 رواه الشيخان والترمذي.

(6) 1. عبد الله بن عدي بن الحمراء، ... .

3 ـ عبد الله بن عمر بن الخطاب; ما يقارب من 32 حديثاً.

4 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري; ما يقارب من 22 حديثاً.

هذه النتيجة التي توصّلنا إليها وجدناها بعد ذلك عند الإمام الشافعي إذ يقول: لهؤلاء الأربعة ميزة في حجّة الوداع(1). إضافةً إلى هؤلاء الأربعة، روي عن أنس بن مالك صحابي الرسول وخادمه ما يقارب من أربع عشرة رواية، وعن عليّ (عليه السلام) في كتب أهل السنّة هذا العدد نفسه تقريباً، لكن الكتب الحديثية الشيعية كما سنرى نقلت عن عليّ روايات كثيرة.

ولابدّ من الإشارة إلى مسألة لا تخفى على المتخصّصين في هذا الحقل: هي أنّ رواية الراوي في كتب الصحاح والسنن تكرّرت، بطريق واحد أحياناً، أو بطرق متعددة أحياناً أخرى، مع وجود اختلاف في ألفاظها. وفي إحصاء روايات الراوي ينبغي أن نحذف المكرّر، وهذا ما فعلناه. ومع أننا فهرسنا روايات الحج في الكتب المذكورة، راجعنا ـ تجنباً للمكرّر ـ كتاب آ«التاج الجامع للأصول من أحاديث الرسولآ» الذي أدغم مكرّر كتاب أو عدّة كتب، واحتسبنا أيضاً الروايات التي لم ترد في هذا الكتاب، ورويت في مصادر أخرى. ومع ذلك لا ندّعي أن إحصاءنا يطابق الواقع تماماً، لكنّه يقترب منه حتماً.

بين هؤلاء الأربعة، ينفرد جابر بن عبد الله الأنصاري بروايته لحجة الوداع كاملة كما رآها، ونحن سندرس هذا الحديث، وحديثاً آخر شبيهاً له روي عن طرق الشيعة دراسة مقارنة. أما الثلاثة الآخرون فَرَووا حجة الوداع بشكل متفرّق من خلال روايات متعددة، وروايات كلّ منهم تتضمّن قسماً رئيساً من أحداث حجة الوداع. وهذا استعراض لمكانة الصحابة الأربعة من حجّة الوداع:

1 ـ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب: ابن عم الرسول، كان في حجة الوداع مع أسرة الرسول الأعظم، وشاهد عن كثب مجريات حجة الوداع. كان له

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح صحيح مسلم 8 : 135 في هذا المصدر ذكرت خصائص كلّ واحد من هؤلاء الأربعة بالتفصيل.

آنذاك من العمر ما يقارب ثلاثة عشر عاماً. ومع أنّ القسم الأعظم من رواياته في هذا المجال تعتمد على مشاهداته ومسموعاته مباشرةً ـ كما صرّح بذلك، هو ـ فمن المؤكد أنّ القسم الآخر سمعه عن الآخرين، وذكر أسماءهم أحياناً من أمثال: الفضل(1) وعبد الله(2)، شقيقيه الأكبرين، وأبي طلحة(3)، وأحياناً رجع الى أفراد من أمثال أبي أيوب الأنصاري(4) للسؤال عن الحج، ورجع أيضاً إلى الحصين بن عوف(5)، وعمر(6).

توصلتُ من خلال دراستي لروايات ابن عباس أن أكثر رواياته التي رواها عن رسول الله في الموضوعات المختلفة وصلته عن طريق الآخرين، وابن عباس وسائر الصحابة لم يذكروا أسماء مَنْ رووا عنهم بسبب الثقة المتبادلة السائدة بين المسلمين آنذاك. وإلاّ فإن سنّ ابن عباس لم يقتض أن يسمع ويدوّن هذا العدد من الروايات مباشرةً عن الرسول، وابن عباس صرّح بنفسه أنه استفاد من معلومات أكثر الصحابة.

إبن عباس مثل عليّ وجابر، وبعض الصحابة الآخرين، قاوم بشدّة رأي الخليفة الثاني بشأن منع حجّ التمتع الذي أقرّه الرسول الأكرم في حجّة الوداع. وهذا الموقف ظاهرٌ في رواياته(7).

2 ـ عائشة زوج الرسول، وابنة الخليفة الأول أبي بكر، صحبت الرسول في هذا السفر، وروت حادثة حيضها في بداية السفر، وما قرّره الرسول لها من حكم، وكيفية عمرتها مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر من آ«التنعيمآ» (محلّ خارج مكة) بأمر الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقصة الأضاحي التي قدّمها الرسول عن أزواجه، وحوادث أخرى عن هذه السفرة(8). رواياتها حول كيفية إحرام الرسول والمسلمين في حجّة الوداع المرتبطة بمسألة عمرة التمتع الخلافية، فيها اختلاف حيّرت المحدّثين(9). يبدو أنّ هذه الروايات المنسوبة إلى أمّ المؤمنين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) طبقات ابن سعد 3 : 180 ـ وسنن ابن ماجة 2 : 971، 1011، 1017.

(2) ...

(3) سنن ابن ماجة 2 : 990.

(4) سنن ابن ماجة 2 : 978 .

(5) سنن ابن ماجة 2 : 971 .

(6) سنن ابن ماجة 2 : 991 ـ وسنن أبي داود 1 : 284 .

(7) سنن النسائي 5 : 153، 154 ـ صحيح البخاري 2 : 155، 157 ـ جامع الترمذي 2 : 38 ـ مستدرك الحاكم النيسابوري 1 : 465 .

(8) في صحيح البخاري 2 : 174 وما بعدها ـ صحيح مسلم 8 : 134 وما بعدها، 157 .

(9)

فيها تحريف لطريقة الإحرام، وانحياز بشكل غير مباشر لتأييد رأي الخليفة الثاني بشأن آ«التمتعآ»، وهذا الانحياز تجلّى في آل الزبير بمن فيهم ابن أخت عائشة عروة بن الزبير(1).

3 ـ عبد الله بن عمر بن الخطاب. كان يوم حجة الوداع شاباً، عمره بضع وعشرون سنة، وكان بدلالة رواياته حاضراً في تلك الحجة. استند في رواياته مراراً إلى مشاهداته في حجة الوداف لكن موقفه من آ«حجّ التمتعآ» الذي منعه والده خلال فترة خلافته، غير واضح. بعض الروايات تحكي معارضته، ومقاومته الشديدة لرأي والده(2)، غير أنّ إصرار خلفاء بني أمية على اتباعه في مناسك الحجّ(3)، تدلّ على أنه انتهج في هذه المسألة السياسة العامة نفسها للحكم الأموي، القائمة على أساس الدفاع عن رأي الخليفة في هذه المسألة، التي اتّخذت منذ زمن عثمان طابعاً سياسياً.

4 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري، أحد أصحاب الرسول الأوفياء، وبعد الرسول استمرّ وفاؤه لعليّ وأهل بيته حتى نهاية عمره الطويل. وتوفّي سنة 78 للهجرة.

جابر في حجة الوداع كان أيضاً شاباً ينيف على العشرين، وتابع كلّ شيء بدقّة رؤيةً وسماعاً، واحتفظَ به في ذاكرته، ونَقَله.

عدد رواياته في الحج، مع أنها أقل من عدد روايات الثلاثة الآخرين، انفردت ـ كما ذكرنا وسنفصّل الحديث في ذلك ـ برواية حجة الوداع من أولها إلى آخرها، وإن نقل الرواة بعد ذلك فقرات من ذلك الحديث بطرق مختلفة، وأحياناً بالطريق نفسه، كما رووا عن جابر ما لم يرد في ذلك الحديث المفصّل أحياناً أخرى.

جابر نقل بصراحة آ«حجّ التمتعآ» عن الرسول، ونقل المنع الذي صدر عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح مسلم 8 : 219 .

(2) سنن الدارمي 2 : 70 ـ سنن النسائي 5 : 151 ـ جامع الترمذي 4 : 39 .

(3) صحيح البخاري 2 : 98 و 99 .

الخليفة لهذا الحج، وفي الخلاف الذي ثارَ بين الصحابة بشأن هذه المسألة أصرّ جابر على العمل بسنّة الرسول(1).

من خصائص جابر الأخرى، أن روايته في حجة الوداع كانت نقطة التقاء بين فقه وحديث الشيعة وأهل السنّة في الحج. فهذه الرواية، وإن كانت قد رويت في كتب أهل السنّة بأسانيدهم وطرقهم، تضمّنت طرقها إمامين من أئمة الشيعة هما: الإمام محمد بن عليّ الباقر، والإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، وكما سنرى فإنّ جميع الطرق تنتهي إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله. وفي الوقت نفسه، أحداث حجّة الوداع رويت بالشكل نفسه مع بعض التفاوت بطرق الشيعة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق. وسنفصّل الحديث في أسانيد كلّ من الروايتين، ومواضع اختلاف نصّهما. كما سنقدّم للقارئ في نهاية المقال النصّ الكامل للحديثين. ولعلّ هذه المقارنة فريدة من نوعها بشأن هذين الحديثين. ولكن قبل ذلك نلقي نظرة على روايات الحج، ورواتها في آثار فرق الشيعة، بما في ذلك الشيعة الإمامية ... .

له تابع في العدد القادم

الهوامش :


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح مسلم 8 : 161 وما بعدها.



التوقيع :




لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم








رد مع اقتباس
قديم 04-02-2010, 03:25 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

undunk

الاعضاء

undunk غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









undunk غير متواجد حالياً


تفسير آيات الحج من سورة البقرة

جزاك الله خيرا اخي على موضوعك وطرحك...

لكن يفضل أن تتأكد من ما تضعه هنا من الأحاديث.. كي تبرأ ذمتك وذمة من يقرأ الحديث ويأخذ به..


اقتباس:وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا خالد - يعني : ابن طَهْمَان ، أبو العلاء الخَفَّاف - حدثنا نافع ابن أبي نافع ، عن مَعقِل بن يسار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وَكَّل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدًا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة".

ورواه الترمذي عن محمود بن غَيْلان ، عن أبي أحمد الزبيري ، به 3 ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.وجدت في الدرر السنية..


أن الحديث من طريق الترمذي أنه ضعيف...

وضعفه الشيخ الالباني... في ضعيف الترمذي.. وضعيف الترغيب والترهيب.. وضعيف الجامع.. وكذلك

مشكاة المصابيح...
تأكد قبل أن تضع حديثا...

دمتم بود..

مع تحياتي..

أبو أنس


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:24 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
سبق لك تقييم هذا الموضوع: