مازالت قضية الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، تتفاعل، فالردود تتوالى وان كان بصورة مختلفة ومن دون عنف، مقارنة بما كان عليه الأمر قبل أيام. ثمة محاولات جرت وتجري للتفكير في المسألة ووضع الأمور في نصابها. بالأحرى لمعالجتها بطريقة تبرز التصريحات ذات الطابع الاعتذاري، كما على ـ وهذا هو الأهم ـ ضرورة العمل لاتخاذ اجراءات تكفل عدم تكرار مثل هذا العمل المشين.
آخر هذه المحاولات وأبرزها قيام الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا بجولة في المنطقة، بدأها بلقاء مع الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مقره بجدة.
أعطى سولانا تأكيدات وإيضاحات عدة. فهو «نفى نفياً قاطعاً» أن يكون هناك من يشجع أو يؤيد نشر هذه الرسومات المسيئة، من بين الدول الأوروبية، وقد شدد على هذه الناحية بلغة لا تقبل التأويل. كذلك أكد، خلال مؤتمره الصحافي مع الأمين للمؤتمر الدكتور إكمال الدين إحسان أوغلو، بأنه يحمل «رسالة احترام» للعالم الإسلامي أجمع.
وأضاف أن هذا «الاحترام للأمة الإسلامية ليس من اليوم فقط بل غداً وإلى الأبد». وفي هذا السياق نوه سولانا بأهمية «الحوار» الذي من خلاله «يتم التوصل الى حلول للمشكلات». يأخذ هذا الكلام أهميته من كونه أتى في إطار توافق بين سولانا وأوغلو على خطوتين عمليتين:
الأولى تأييد المنظمة والاتحاد اتخاذ الأمم المتحدة إجراء يمنع الإساءة الى جميع الأنبياء والأديان.
الثانية تتعلق بإجراءات مختلفة لضمان عدم تكرار مثل هذه الإساءة.
ليس ذلك فحسب، بل ان الأمين العام للمؤتمر الإسلامي طالب بخطوات أخرى، أهمها دعوة البرلمان الأوروبي الى اعتماد تشريعات «ضرورية» تكفل التصدي لما سمّا بظاهرة «الاسلاموفوبيا»، في أوروبا. على اعتبار استمرار هذه الظاهرة يؤدي الى شحن النفوس ورفع منسوب العداء لديها تجاه الإسلام والمسلمين. كذلك دعا أوغلو الى اعتماد «مدونة» سلوك لوسائل الإعلام الأوروبية، على غرار قرار المنظمة الدولية المتعلق بمحاربة تشويه الأديان. أيضاً أوصى بإدراج فقرة عاملة تمنع «التجديف» في نظام «مجلس حقوق الإنسان»، الذي يجري الآن التفاوض حوله.
ولم يخف أوغلو عتبه على بعض الجهات الأوروبية في تعاملها مع الرسوم، والذي لم يكن على القدر المطلوب، مشدداً على ان المؤتمر الإسلامي لم يعمل على تأجيج مشاعر العداء والكراهية ضد الدنمارك بل على العكس، كان هو أول من أدان أحداث العنف التي استهدفت السفارات الدنماركية والنرويجية.
سولانا دعا في المقابل «الحكومات الإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني الى العمل على منع الأفعال التي تؤذي الآخرين»، في إشارة الى بعض الأحداث التي وقعت في عواصم عربية.
الآن، الضرر وقع، رسام كاريكاتور سفيه قام بعمل قبيح، في جريدة هامشية، الإساءة الى الرسول صلى الله عليه وسلم جرحت المسلمين وأثارت مشاعرهم وغضبهم. وزاد الطين بلّة أنه أعيد نشر الرسوم في صحف أوروبية أخرى.
من جهة ثانية فإن بعض ردود الفعل أضرت أكثر مما نفعت.
بعد الكلام الذي قاله سولانا، آن الآوان لدفع الجهود نحو الإجراءات التي تكفل عدم تكرار مثل هذه الحادثة الكريهة.
العرض العادي
