آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 20768 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14602 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20764 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22195 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56257 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51374 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43266 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25676 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26050 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 31951 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-10-2006, 07:16 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


كليــة طب دبــي للبنـــات




كليــة طب دبــي للبنـــات : من دليل الكليـــة في خمس سنوات

فلسفة البرنامج : رؤبــة عامة على تطور التعليم الطبي في العالم و موقع الكلية الجديدة في هذه الخريطة - المزايا والمقومـــات

كلمة الدكتورة/ زهـيرة عابـدين

عميدة الكليـة

Cant See Links


The New Curriculum: Background and Synopsis of Dubai Girls' Medical School

في أوائل شتاء 1986م دعاني فضيلة الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه إلى دبي وحدثني في أمر إنشاء كلية طب للبنات بدبي على أن أخطط وأتولى أمر التأيس لها وتسيير العمل بها.

وقد خشيت أول الأمر من تحمل هذه المسئولية، لا لأنها مسئولية كبيرة وعمل مكلف فحسب، ولا لكبر سني وما لدي من مسئوليات والتزامات ومشروعات وأعمال كبيرة في بلدي، ولا لبُعد المسافة وصعوبة استمرارية الإشراف القريب... ولكن – فوق كل هذا- لأن لي فلسفتي الخاصة في التعليم الطبي، فخشيت ألا نلتقي في الرأي أو أن أجد معوقات في التنفيذ. لكن بعد أن تكررت الزيارة، وطال الحديث مع فضيلة الحاج سعيد وبعد أن تفهمت فلسفته وآراءه، وحدث تقارب كبير في التفكير والآراء والأساليب والغايات. وجدت هذا الرجل المسلم المصلح
- الذي لم يتلق العلم في معاهده المعتادة، ولكنه عرف الحياة، وخبرها في صدق وإيمان- قد تكونت لديه تصورات سليمة لما يجب أن تكون عليه الفطرة السليمة، فهم واضح لما أراده الله لنا من طهارة الفكر ونقاوة الأثـر.

لقد كان يتحدث فألمس في حديثه العمق في التفكير، وكأنه اطلع على شتى أساليب التعليم والتربية الحديثة... وجدته على نور من ربه، وعلى علم استقاه من مورد رباني بسبب التقوى والإخلاص )واتقوا الله ويعلمكم الله( قلت في نفسي إن الرجل – الذي نجح في إنشاء أول بنك إسلامي يعمل على أسس راسخة، والذي له ما له من أعمال عظيمة في خدمة الناس والمجتمع- سوف ينجح بعون الله إذا وُفِّق الذي يعمل بجانبه بصدق وإخلاص.

وقد كانت فكرة تطوير مناهج التعليم الطبيب وأساليبه فكرة قديمة مُحَبَّبة لنفسي، لكني كنت أراها حلمًا بعيدًا عن الواقع الذي أعيشه، وأرى طريق التنفيذ في مصر شاقًا غير معبد، لقد مارست مهنة تعليم الطب وقضيت فيها أكثر من أربعين عامًا، ولمست ما لمست من عيوب ومعوقات، وعشت مع تلاميذي حياتهم، وتذوقت مرارة ما يقاسون، فتذكرت المرارة التي ذقتها أنا أيضًا إبَّان تلمذتي مثلهم.

وفي عام 1962م دعاني الأستاذ مونكريف الأستاذ بجامعة لندن ورائد صحة الطفل بها – إلى دراسات عليا أعدها بعض أساتذة طب الأطفال من جامعات مختلفة في آسيا وأفريقيا، وكان موضوع التعليم الطبي في الشرق والغرب ومتطلباته من أول أهداف هذه الدراسات، واستدعت هذه الدراسات أن نجوب البلاد، فمررنا بكليات الطب في شتى بلدان انجلترا، ولمسنا عن قرب أسلوب التعليم ومناهجه، كما زرنا بعض كليات الطب في أفريقيا وآسيا... كان كل ذلك قبل أن تأخذ هذه المشكلة أبعادًا جديدة في البحث والنقاش على الصعيد العالمي.

بعد ذلك تعاقبت المناقشات والمؤتمرات العالمية لبحث هذا الموضوع، وكان في سبات عميق منذ أكثر من مائتي عام منذ أن أُسِّست أول كلية طب بأدنبرا في إنجلترا منذ مائتين وخمسين عامًا، فلقد كانت الجامعات حريصة على ألا تعبث الأيدي بما وُضع من مناهج وأساليب للتعليم الطبي العتيد خشية أن يهبط المستوى، أو تهتز سمعة هذه الجامعات.

وهكذا جاء عرض الحاج سعيد فرصة لتحقيق حلم قديم، وصادف في نفسي هوى، وانفتح له قلبي، وشاء الله تعالى أن تجد الفكرة طريقها إلى النور وتبدأ أول كلية طب بدبي.

بدأ التحرك وبدأ فضيلة الحاج سعيد في المباني وذَهَبْت أنا مع زوجي الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم أبو الفضل أستاذ علم الكيمياء الإكلينيكية بجامعة القاهرة إلى أوربا وإنجلترا في زيارة إلى بعض الجامعات بغرض الاطلاع على مناهج التعليم الطبي في الكليات القديمة والمتطورة والحديثة، ولإعداد التجهيزات اللازمة للكلية الجديدة كما بدأت في إعداد المادة العلمية والمنهج الدراسي الجديد، ثم شرعت في انتقاء هيئة التدريس والعاملين، وفي سبتمبر 1986م تم اختيار أول دفعة من طالبات الكلية الجديدة وبدأ العمل فعلاً باسم الله وبتوفيق منه سبحانه وتعــالى.


الدوافع التي دعت إلى إنشاء كلية طـب دبي للبنات

قامت كلية طب دبي للبنات لتحقق الأهداف الآتية :


1 - تربية جيل من المسلمات على الخلق القويم والمبادئ السامية المستقاة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله القدوة والأسوة.

2 - خدمة للإنسان، وبالذات خدمة للمرأة التي تأبى أن تنكشف على (الطبيب الرجل).

3 - رغبة في شحذ همة الفتاة المسلمة وإثبات ما قرره سبحانه من أن المرأة والرجل أمام الله سبحانه، هما من نفس واحدة، وتركيب واحد، وعقل واحد، وأن المرأة مسئولة مثل الرجل ومأجورة مثله تمامًا.

4 - حفاظًا على الفتاة المسلمة ذات الهمة، من الاغتراب بدون من يقوم على أمرها، ويحافظ عليها في بلد غريب إذا هي سعت إلى علم إنساني نافع وأرادت أن تعد نفسها لعمل إنساني صالح.

5 - وأخيرًا وليس آخرًا توسيع أفق الفتاة، وإطلاعها على أسرار صنع الله في خلق الإنسان، وقدرته سبحانه على تسيير عملية الحياة المعقدة فيه، حتى يرسخ إيمانها به سبحانه وحتى تعبد ربها من خلال هذا العلم العظيم، وهذا في الواقع الأصل والقصد من وجودها في الحياة، وهو غاية الغايات )وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون( فهي ترى عظمته من خلال هذا العلم وتعرفه حق المعرفة من خلال هذه الدراسة العميقة المتخصصة.

آداب مهنة الطب من خلال تعاليم الإسلام

(مادة أساسية في مناهج الدراسة)

أقرّ غير المسلمين من الأمم التي شاء الله أن تحظى بنصيب أوفر من العلم والتي أسماها العُرف «الأمم المتحضرة» أقروا بضرورة تدريس ما أسموه آداب المهنة (Medical ethics) وقرنوا هذه المادة بدراسة ما أسموه بالأديان أو بالعقائد.

وقد جعلوها مادة أساسية في دراسة الطب في الكليات المتطورة والتي أرادت أن تصلح ما فسد في سياسة تعليم الطب القديمة البالية.

أقر هؤلاء أن أول ما يطلب من الطبيب هو التحلي بالصفات السامية، وأنه لابد أن يكون إنسانًا قبل كل شيء، لابد من أن يتسم بالرحمة والعطاء والبذل بسخاء، والإخلاص في عمله، وإنكار الذات والتضحية، ولابد أن يحسن معاملة مريضه أولاً ويحسن لكل من يعمل معه ثانيًا، ولابد أن يكون الدافع لكل هذا من قرارة نفسه دون رقيب عليه، ومن هنا جاءت الضرورة من الناحية العقائدية، ضرورة أن يؤمن بالله، وإن لم يقولوها علنًا.

إذا كان هذا هو الحال في الأمم الإلحادية التي قامت حضارتها أول ما قامت – وما زالت- على العلمانية التي تنكر وجوده سبحانه، ولا تؤمن إلا بوجود الإنسان، وبعقل الإنسان، وبقدرات الإنسان، فما أحرانا ونحن أمة الإسلام، أمة العقيدة السليمة، عقيدة العقل المتحرر، عقيدة الحكمة لمن أوتي الحكمة، عقيدة الشهادة بوجود الخالق العظيم، القادر العليم الذي يرى العمل، ويحاسب على السر والجهر – ما أحرانا أن نعمق هذه المفاهيم في برامج الدراسة على المدى الطويل.

نعم إن الطبيبة المسلمة لابد أن تتصف بكل أسس الأخلاقيات التي وضعت كأساس تربوي في هذا العلم – علم سلوكيات وأخلاقيات وآداب الطب والطبيب.

وإذا كانت حكومة الإمارات وغيرها من حكومات الدول الإسلامية قد أقرَّت أن الإسلام هو أساس المجتمع خلقًا وسلوكًا، وأن قوانينها لابد أن تكون مستقاة من هذه الشريعة وهذا القانون – فكيف لا يكون علم السلوكيات أو آداب المهنة هو أساس العلوم الطبية عندنا، وأن نجاهر بتسميته «آداب المهنة من خلال تعاليم الإسلام» ؟

نعم لقد نالت هذه المادة في برنامج كليتنا الناشئة حظًا أوفر، وَوَضِعت في المناهج على مدى سنوات الدراسة، ونرجو أن تسير في طريق الإسلام حقًا، وأن تترجم المناهج أفعالاً، فتؤتي ثمرها، وتكون للمرضى رحمة إن شاء الله.

وإن إنجاح هذه المادة – كما هو الحال في سائر المواد – لا يكون بالتلقين، ولا يكون بحفظ آيات من القرآن العظيم، وأحاديث الرسول الكريم بلا وعي ولا إدراك ولا تفكر، بل يكون بترويض عقل الطالبة على إعمال الفكر، كما يكون بإعطاء القدوة لها، لأن ذلك سيكون ذا أثر بالغ في الطالبة إذا رأت أولاً هذه الصفات متمثلة في سلوكيات المدّرسات، وإذا لمستها في نفس مدّرستها وفي حياتها وفي معاملاتها مع المرضى.

لهذا تحرص الكلية – فيما تحرص أيضًا – على أن تكون هيئة التدريس على إسلام قوي، وعقيدة سليمة، وأن تكون على مستوى خُلقي رفيع وعلى تقوى وإيمان مظهرًا وسلوكًا: تؤدي المناسك كما أمر الله، وتتلطف مع الطالبات والمرضى كل من تتعامل معه، وتتفانى في العمل بجد وإخلاص ونشاط، ثم يأتي تركيز كل هذه المعاني بحفظ بعض من آي الذكر الحكيم، ومن أحاديث الرسول العظيم.


ولئن ذكرنا أمر السلوكيات والأخلاقيات الإسلامية فإن العقيدة أوْلَى. فهي الأساس، فلن تكون السلوكيات نابعة من النفس والرقيب عليها من الداخل إلا إذا كان الإيمان بالله راسخًا فيها، وإن آيات الله الناطقة والدليل القاطع على وجوه سبحانه وعلى قدرته لتظهر جلية في هذا العلم الجليل، فالطب كله آيات ناصعات، ودلائل واضحات على هذا الوجود وهذه القدرة، وعلى الأستاذة أن تبذر هذه البذرة الصالحة في نفس الطالبة، وتعودها على الوقوف والتدبير والتفكر، عند كل ما ترى من آيات في تركيب الإنسان الظاهر والخفي، والكبير والدقيق وفيما يؤديه هذا المُركب على مستوى العضو الكبير المنظور أو على مستوى الخلية الصغيرة التي لا ترى إلا بالمجهر، أو على مستوى دقائق الظواهر العلمية من كيماوية وكهربائية وفيزيائية في كل الوجود وقادر بلا حدود... نعم على الأستاذة المسلمة أن تُنَمِّي في تلميذتها عادة التفكير والتأمل في خلق الله وفي صُنع الله كما أمر الله.

)إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب(

[سورة آل عمران]

)أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلفت. وإلى السماء كيف رفعت. وإلى الجبال كيف نصبت. وإلى الأرض كيف سطحت( [سورة الغاشية]


)إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها( [سورة البقرة]

)وفي أنفسكم أفلا تبصرون( [سورة الذاريات]

إن هذا اللون من العلوم مملوء بالآيات الظاهرات التي تُرَسِّخ مفاهيم الإيمان، وتشحذ الهمم للعمل الجاد الصادق، وتُضْفِي على القلب والنفس سكينة التسليم والتبجيل بما لا يدع مجالاً لسخط أو يأس، أو غرور أو تكبرّ، أو كلل أو ملل ومما ييسر الأمر على الطابة طوال سنين تعلم هذا الفرع.

إن الطالبة المسلمة الراسخة الإيمان سوف تتعود بالتوجيه من أستاذتها وبقدوة منها أن تلبّي أمر الرسول وتوجيهات الرسول في ألا تبدأ أي عمل إلا باسم الله، وألا تطلب المعونة إلا من الله، فإذا أقدمت على فحص مريض أو إجراء عملية جراحية أو استعمال أي من أدوات الإسعاف... الخ لمريضها فسوف تفعل ذلك بقلب مطمئن ونفس متفائلة بالعون والتوفيق بعد ذكر اسم الله «ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذ بي لأعيذنّه» الحديث القدسي.

كل هذه المعاني لابد أن تكون في برامج الدراسة الطبية والمناهج الطبية لا بالتلقين الذي هو وسيلة غير المؤمن من الأساتذة والمحاضرين بل بشكل حي ما دام الضمير الحي يستولي على مشاعر الأستاذة والإيمان بالله تنطق به أفعالها وسلوكياتها وأقوالها.

والحديث يطول في هذا الباب التربوي الهام للطبيبة المسلمة ويكفي في هذا المجال أن نركز على لزوم الجانب التطبيقي والقدوة والممارسة لا على الأقوال ونركز كذلك على أن تكون أفعالنا مطابقة لما نقول وما نَعْلَم وما نُعَلِّمْ.






نبـذة عن تاريخ التعليم الطـبي

يمكن القول بأن الحاجة إلى التطبيب وإلى بعض المعلومات الطبية اللازمة للمحافظة على الصحة والعلاج والتخفيف من الآلام بدأت منذ نشأة الإنسان الأول، وفي تاريخ العصور القديمة ما يدل على ذلك، كتاريخ قدماء المصريين أو الدولة الرومانية أو البيزنطية.

ولكننا نستطيع القول بأن نشأة الطب كفن وتعليمه كعلم يرجع إلى عهد الحضارة الإسلامية والمسلمين الأول وذلك منذ أكثر من ألف سنة، حيث كانت تنتشر دور العلم والمكتبات القديمة في بغداد ثم في القاهرة والإسكندرية، وإن تاريخ الأزهر الشريف يشهد بأنه يرجع إلى أكثر من ألف عام فلقد كان منارًا للعلم والتعلم في شتى فنون العلم، وقد جدِّد حديثًا فدخل التعليم الطبي في جامعته الشهيرة.

وفي أوروبا ترجع جذور النهضة العلمية بما فيها العلوم الطبية إلى (الأندلس) وإلى مراكز العلم الإسلامية والعلماء المسلمين إبان النهضة العلمية الإسلامية، فمدرسة الطب ساليرنو في 1096م ومن بعدها مدارس أخرى في مونبيلييه وباريس وبادوا وليدن كلها تدين للنهضة العلمية في أندلسيا المسلمة التي استقى منها الأوروبيون وأخذوا مبادئ التعليم وأسسه عنها، أما في إنجلترا فإن أول مدرسة لتعليم الطب كانت بأدنبرا منذ حوالي مائتين وخمسين سنة، ثم انتشرت بعد ذلك معاهد كثيرة وكليات أخرى للتعليم الطبي في إنجلترا وفي العالم الحديث والقــديم.

إلا إنه بالرغم من النهضة العلمية الحديثة التي حدثت في أوروبا وبلاد الغرب ظل التعليم الطبي جامدًا بلا تغيير ولا تبديل، وظل هذا الجمود سائدًا، والجامعات تخاف أي تغيير بحجة المحافظ على المستوى العلمي فيها وحفاظًا على سمعتها وشهرتها حتى سنوات قريبة، وكان الطبيب حديث التخرج يواجه مسئولية كبيرة لم يستعد لها، فقد نظَّمت هذه الكليات برامجها لتؤهل الطبيب حديث التخرج لأن يكون طبيبًا باطنيًا، وجراحًا ومولدًا في نفس الوقت، وذلك عن طريق تمضية سنين طوالاً في دراسة نظرية فيها ما فيها من تكديس العلم في عقول الطلبة الجامعة والعاجزة عن أي تفكير أو تأمل وبدون أية تجربة أو تدريب حي.



التعليم الطبي بين الماضـي والحاضـر

نواحي القصور في الأساليب والمناهج القديمة :

يمكن أن نلخص القصور في أسلوب تعليم الطب التقليدي القديم فيما يلي :

1 - ازدحام المقررات الدراسية بالمحاضرات التقليدية بما ينفع وما لا ينفع طالب الطب في هذه المرحلة التحضيرية.

فاختيار المقرر المناسب للوقت والمرحلة التي يمر فيها الطالب والذي يتفق مع الغرض والهدف أساس لا يستقيم البنيان بدونه، وإن التطويل الممل والحشو الضار بالاستيعاب والهضم يعتبر إثمًا لا يغتفر لهذه التقاليد العتيدة.

2 - طول مدة الدراسة مما يسبب إعياء الطالب وفقده للحماس الذي أقبل به على هذا الفن الممتع الجميل، ويبدأ الطبيب الممارسة في سن متقدمة بعد إتمام الدراسة، وقد ضعفت ظواهر حب الاستطلاع والرغبة في الجديد والاستكشاف، وإعمال العقل والتفكير في كل مفيد، والاستعداد الطيب لتحمل المسئولية، والبذل والعطاء بنشاط – وكلها سمات للشباب- بجانب ما يخسره المجتمع من سنين عمل وعطاء تفيده وتستجيب لمطالبه.

3 - استخدام أسلوب التلقين البغيض، وكأن الطالب وعاء لتجميع معلومات، وقد أفقده هذا الأسلوب القدرة على التفكير والثقة في نفسه وفي ذكائه وقدراته مما جعله يتراجع عن أي تساؤلات أو استكشافات، وكان كل همه هو استيفاء ما يتعلمه، وتخزين ما يتلقاه من معلومات، ومما لابد أن يحفظه عن ظاهر قلب ليوم الامتحان.

4 - نظام الامتحانات وكثرة الامتحانات التي أصبحت شبحًا مخيفًا وعبئًا ثقيلاً، تفرض على الطالب أن يفرغ فيها ما حفظ، ويريح جوفه بعد تفريغ ما أعياه.

5 - معظم الأساتذة وخصوصًا أساتذة العلوم الأساسية في سني الدراسة التحضيرية كانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم أساتذة جامعيون، يقاسون باتساع علمهم وقدراتهم على الأبحاث العلمية والعلوم البحتة، ناسين أن علم الطب هو علم الإنسان، وأن الغاية هي التعامل مع إنسان مريض، وأنه لا يُعِد أستاذًا باحثًا، ولكنه يُجهز طبيبًا عاملاً، مما شكك الطالب فيما يدرس وفي أي علاقة له بالهدف الأساسي الذي يصبو إليه.

6 - ولقد سببت العلوم الأساسية ببُعدها عن الهدف نوعًا من التفكك، فأصبح لكل مادة قسم خاص بعيد كل البُعد عن الآخر وأصبح كل أستاذ في عالمه الخاص، قسم الكيمياء، قسم الفسيولوجيا، قسم التشريح... وهكذا أصبح الطالب في غموض وجهل بأي صلة تربط هذه العلوم بعضها ببعض أو تربطها بالهدف الأساسي من تعليم الطب.

7 - كان الغالب في تعليم أي مادة الناحية النظرية – المحاضرات وكتابة المذكرات بعيدًا عن أي مادة حية، أو تجربة عملية أو وسائل إيضاحية جذابة، أو معايشة مع الواقع الذي سيعيش فيه الطالب مع مريضه... مما زاد في صعوبة هضم العلم وجعل الطالب في يأس يكاد أن يحطمه ويذهب به وبآماله.

8 - لم يتعود الطالب المسكين في يوم من أيام دراسته أن يُعمل فكره ويتذوق حلاوة حل مشكلة، أو الكشف عن حقيقة، أو حتى حرية إبداء رأي، حتى شعر أنه شيء مهمل ضعيف، بلا قدرات ولا قيمة أو شأن في دنياه التي يعيشها طوال مرحلة الدراسة.

9 - كان الانفصال ما بين الإكلينيكي والإكلينيكي أَمَرّ وأَدهى، والانفصال بين كل ما يُلَقَّن من علوم أساسية وبين المرحلة الإكلينيكية يكاد يكون انفصامًا كاملاً.

10 - كان الأمر في الدول النامية أشد وطأة، فالأمراض أكثر انتشارًا، وتزايد السكان أكثر سرعة، والحاجة إلى الطبيب المعالج أكبر وأكثر إلحاحًا، والثورة العلمية وفتح باب التعليم وكثرة أعداد المتقدمين للجامعة مع قصور في أي فرص متاحة من أساتذة ومعامل – كل ذلك أدَّى إلى تزاحم فوق المعقول في حجرات المحاضرات والمعامل والمشرح مما ينزل بمستوى أي تعليم متـاح.

11 - في كل هذه المتاهات ضاعت أي فرصة لأي علاقة بين الطالب وأستاذه ولم تعد فكرة الأستاذ الرائد والأب المُوَجِّه والناصح حقيقة مُستَطاعَة بأي حال.

12 - أخيرًا كما أشرنا من قبل بأن المناهج والأسلوب لم يتصفا بأي شيء من المرونة ولم يكن هناك أي استعداد للمناقشة فيهما بغية التعديل والإصلاح، وكأنما كان كتابًا سماويًا يخشى عليه من عبث الإنسان، كذلك لم يكن هناك أي متسع ولا استعداد لإدخال أي جديد من العلوم المستحدثة، بل كانت المناهج بعيدة عن كل تقدم وجديد في العلم الذي كان يقفز قفزًا، ويشاهد كل يوم شيئًا جديدًا له قيمته في إعداد الطبيب.

كان لابد إذًا من ثورة وتغيير كما أشرنا من قبل، وكما سنذكر في تاريخ الطب وتعليم الطب بين الماضي والحاضر، كان لابد من تحديد الهدف من البرامج الدراسية في إعداد الطبيب الناشــئ.

وبعد هذا العرض السريع لمساوئ البرامج القديمة نستطيع أن نعرض الأهداف ونقاط التطور التي لعبت دورًا هامًا على مسرح الطب الحديث.




ما الهدف الأساسي من التعليم الطبي ؟

الهدف بلا شك هو تخريج طبيب إنسان له شمائل متميزة كالرحمة، وتقدير المسئولية، والإحسان في العمل، والبذل والعطاء الذي قد يصل إلى التضحية، وأن يكون له رصيد من المادة العلمية اللازمة، تكوّن قاعدة عريضة، ومعلومات عامة لكنها غير متعمقة، فنحن لا نعد عالمًا أو باحًا كما هو الحال في الكليات الجامعية الأخرى، بل إننا نُعِد دارسًا له علم بمعلومات أساسية، قد تعود على إعمال عقله للاستفادة مما تعلم في أقصى الحدود، وأن يستطيع من خلال ما تعلم أن يحل ما يعرض له من مشاكل. وبهذه المواهب سوف يستطيع أن يعامل المريض
– الذي هو الهدف النهائي- المعاملة الصحيحة وأن يوجه التوجيه الرشيد. إن المطلوب من الطبيب الناشئ أن يريح مريضه، وأن يَفْهم مريضه، وأن يؤدي الفحص عليه أداءً صحيحًا، وأن يأخذ تاريخ المرض، ويتعرف على ظروف المريض الاجتماعية والنفسية (السيكولوجية) وأن يحسن تحليل النتائج التي حصل عليها، حتى يقدم التشخيص السليم، ويعطي العلاج الشافي، أو يطلب الفحوص اللازمة، أو يوجه المريض التوجيه الرشيد، [لمن يستطيع أن يشخص ويعالج...الخ] وليس المطلوب أن يعرف كل جديد، وأن يشخص كل مرض، لكن المطلوب أن يكون على المستوى اللائق خلقًا وذكاء وتفكيرًا وعملاً ونشاطًا وتوجيهًا، وألا يقصر في شيء من كل هذا.

وبعد ما تبين الهدف من التعليم الطبي الأوَّلي والذي بات واضحًا لا خلاف عليه، نستطيع أن نقدم عرضًا سريعًا لمتطلبات ومقترحات سبل الإصلاح من خلال ما سبق عرضه من قصور وعيوب في المناهج القديمة.



سبل التطوير في سبيل إنجاح التعليم الطبي

· حسن اختيار الطلبة الجدد قبل قبولهم للدراسة. لابد أن يكون الطالب على مستوى عالٍ من الذكاء، والاتجاه العام للمقبول هو تقدير شهادة الثانوي العامة، مع تقييم لشخصيته واستعداداته وصحته العامة ولياقته عمومًا عن طريق عمل مقابلة شخصية، وتقدير مدى تحمسه للدراسة الطبية.

· إعداد المكان والقاعات الصحية المطلوبة من حجرات دراسة وقاعة محاضرات ومعامل مجهزة ومشرحة والمكتبة والوسائل التعليمية والمستشفى التعليمي ومتحف باثولوجي وغرف فحص وتحضير المرضى وغرف الأشعة، لتكون مستعدة لاستيعاب عدد من الأطباء... الخ من التجهيزات.

· مراجعة المناهج للعلوم المختلفة وتبسيطها وتطويرها، وتجنب الحشو الذي لا يفيد طالب الطب، وإعداد المذكرات والكتب والمراجع اللازمة.

· الحد أو التقليل من سني الدراسة الأساسية قبل الحصول على الدرجة العلمية، وكذلك الامتحانات التحريرية والنظرية.

· إضافة بعض مواد أو علوم جديدة أو إضافة جديدة للعلوم الأساسية القديمة بما يمليه التقدم والنهضة العلمية الحديثة.

· ربط العلوم الأساسية المختلفة بعضها ببعض، ثم ربطها بالعلوم الإكلينيكية، وكسر الحواجز بين بعضها بعضًا، حتى تنكشف العلاقة بين التعليم وتحقيق الهدف المطلوب.

· العمل على تعويد الطالب على إعمال الفكر والتفهم والهضم، والاستنتاج والملاحظات الدقيقة، وإيجاد الحل لما يعرض من بعض مشكلات أو صعوبات سواء في التشخيص أو العلاج، وأن تتحقق له الشجاعة الكافية في إبداء الرأي والتساؤل عن كل غامض.

· الاستعانة بوسائل الإيضاح والشرائح والأشرطة والفيديو والنماذج الصناعية من البلاستيك وخلافه والرسومات والأطالس إلى غير ذلك مما يُسّهل الفهم، ويساعد على تثبيت المعلومات.

· الإكثار من المناقشات في مجاميع صغيرة مما يساعد على تقييم مستمر للطالب ولتفهمه للغامض عليه، ولتكون وسيلة مراجعة مستمرة مما يفيد في تثبيت المعلومات.

· الحد من الامتحانات العرفية والتي لا تمت للأسلوب العلمي الصحيح في تقييم الطالب أو إفادته بل تكون عبئًا وتعطيلاً للتحصيل.

· اتخاذ ما نسميه ملازمة المرضى والمستشفى (Clinical attachment) وهو تعبير ينم عن أن الطالب أصبح ملازمًا لمستشفى وعن أن التحصيل أصبح عن طريق العمل الإكلينيكي والدراسة بجوار المريض، كما ينم عن أن المادة التعليمية أصبحت بعيدة عن الخيال النظري، وأصبحت حية على المريض نفسه في مستشفى تعليمي ويعمل الطالب مع عدد صغير من 2-4 من زملائه في وحدة خاصة في المستشفى مع الطبيب أو الأطباء المسئولين عن القسم.

ويشعر بأنه واحد منهم ومسئول معهم عن المريض، على أن يراجع عمله طبيب القسم الذي يتولى إرشاده إن لزم الأمر، وكذلك يحضر الطالب أيضًا مع الأستاذ الزيارات الخاصة على المرضى ويشترك بالمناقشات ويطرح ما يشاء من أسئلة...الخ.

ويقوم الطالب كذلك باستقبال المريض وفحصه وطلب الأبحاث والتحاليل اللازمة له وتشخيصه وعلاجه، كما يحضر الاجتماعات العلمية العامة بالمستشفى التي تعرض فيها الحالات الإكلينيكية، ونستعرض من كل الوجوه، ثم تناقش نتائج الفحوص والتشخيص في ضوء هذه النتائج، مما يكون له أثر عميق في نفس الطالب وقدراته على الاستنتاج والتشخيص، وكذلك يحضر المشرحة ويستمع لعرض نتائج تشريح جثث الوفيات من المرضى في ضوء المعلومات الإكلينيكية التي أخذت لهم في المستشفى، كل هذا يكسبه الكثير من التدريب العملي والكفاءات العالية وتعتبر هذه الدراسة الإكلينيكية على المرضى من خير مستحدثات التطوير في عالم التعليم الطبي، وقد أثبتت إلى حد كبير فائدتها، وانتشرت في الكليات الحديثة، وفي الكليات القديمة المتطورة على نطاق واسع، حيث يمضي الطالب سني التعليم الإكلينيكي في المستشفى كل الوقت، ولا يوجد في الكلية لتلقي المحاضرات سوى ساعتين أو ثلاث في الأسبوع، وانتشر تبعًا لذلك التعليم الذاتي أي (Self Learning) الذي ثبت أنه أكثر نفعًا من التلقين عن طريق المحاضرات التقليدية.

· يجرى التعليم أيضًا بساطة الأساتذة في العيادات الخارجية، وفي زيارات ومرورات حول الأسرة.

بعد هذا العرض السريع للوسائل المقترحة والتي يمارس الكثير منها في الكليات الحديثة والكليات المتطورة نرى من اللازم التعرض لمشكلة اختصار مدة الدراسة، إذ قد يتسبب ذلك في مشكلة تكديس المناهج خصوصًا كما أسلفنا أن المناهج الحديثة قد شملت بعض علوم جديدة لم تكن تدرس من قبل مثل الصحة العامة والصحة الوقائية التي كانت تدرس في المرحلة الإكلينيكية فقط، وأصبحت تشغل حديثًا كل المراحل، والصحة النفسية وآداب المهنة التي لم تلعب دورًا في التعليم الطبي في القديم، وكذلك إدخال الكثير من المستحدثات في الكيمياء، ودراسة علم الوراثـة.

وإننا لنرى أن بعض ذوي الرأي أغفل اختصار الدراسة في التطور الحديث، ونجد المجلس الطبي بإنجلترا قد أكّد حديثًا عام 1957م على ضرورة تبسيط مناهج التعليمي الطبي وعدم تكديسها في حين أكد على ألا تقل مدة الدراسة عن خمسة أعوام إلى أن يستقر الأمر للمناهج والأساليب الحديثة وتكتسب منها الخبرات.



السياسة التعليمية بكلية دبي الطبية للبنات

وضعت السياسة التعليمية وأساليب الدراسة والمقررات والمادة العلمية عمومًا في ضوء ما عمل من دراسات في مناهج التعليم الطبي قديمه وحديثه، وفي ضوء ما ظهر من عيوب في النظم التعليمية القديمة، ومن خلال ما طرح من نقاط في التطوير والتحسين، وما لمسناه كطلبة وأساتذة في الماضي البعيد، والحاضر القريب.

ويمكن عرض الهيكل العام لهذه السياسة بعد أن تم الاتفاق عليه مع مؤسس الكلية الحاج سعيد آل لوتاه وبعض رجال الفكر فيما يلي :

اختصار فترة دراسة العلوم الأساسية في سني الدراسة الأولى (ما قبل الإكلينيكي) عن طريق تعديل البرامج وتبسيطها وحذف ما رأيناه غير أساسي لطاب الطب في المرحلة الأولى من دراسته وغير ضروري في المراحل التعليمية القادمة، أو ما بعد إتمام الدراسة للطبيب الناشئ أو الطبيب العام، وقصارى القول أننا حاولنا أن نتخلص من أي حشو مُعِّوق يطيل الدراسة من حيث المدة من غير كسب أو فائدة.

هذا وقد راعينا ألا تقل عدد الساعات التي خصصت للمواد الأساسية عن نظائرها في الكليات الحديثة، بل قد زادت أحيانًا، إذ زادت ساعات المناقشات والدروس العملية والإيضاح بجانب إضافة بعض المواد الحديثة اللازمة لطالب الطب، أما كيف وفقنا بين الحد من سني التعليم الطبي حتى جعلناه أربع سنوات بدلاً من ست سنوات أو أكثر في النظام القديم، وعن خمس سنوات في بعض النظم والكليات الحديثة، فسوف نعرض لذلك في نقاش أوسع في باب خاص، وكل ما نرجوه من هذا التطور والاختصار في سني الدراسة أن نحفظ على الطبيب الحديث التخرج شبابه وحماسه وتطلعاته وقدرات التفكير والتحليل مما سوف يضاعف عطاءه وإنتاجـه إن شاء الله.

لم يحدث التغيير في صلب المادة العلمية والمقررات العلمية فحسب بل شمل أسلوب العطاء، فبعد أن كان الطالب وعاء لتلقي معلومات نظرية محتشدة، لا يعطى له فيها فرصة أي تفكر أو تساؤل – أصبحت الدراسة أكثر إمتاعًا، والعلم أكثر وضوحًا، وفرصة إعمال الفكر والتساؤلات البناءة والنقاش الحر مفتوحة أمام الطالب، وقد استخدمت الوسائل الإيضاحية الحديثة من شرائح وشرائط إلى فيدو إلى دروس عملية توضح وتساعد على الفهم والتحصيل، إلى متاحف ومعارض، هذا في خلال دراسة العلوم الأساسية، أما في خلال الدراسة الإكلينيكية فالنية متجهة لأن تكون الدراسة حية على المريض وبجانب المريض ومن خلال الكشف وتحصيل المعلومات، ثم إجراء الفحوص المعملية والسريرية، ثم الاستنباط وإعمال الفكر في التشخيص السليم ووصف العلاج المناسب، كل ذلك سوف يجري في المستشفى التعليمي حيث يعمل الطالب مع مجموعة صغيرة من الطلبة وضمن وحدة إكلينيكية يشعر الطالب فيها أنه عضو عامل لا دخيل ولا زائر، بل ستكون أعماله تحت ملاحظة أستاذه أو المشرف عليه الذي يوجهه، والذي يكون مرجعًا يرجع إليه، ويسترشد به كلما دعت الضرورة لذلك، وهذه الفترة سوف تشغل عامين كاملين كما كانت أحيانًا قبل التطوير، وكما هو جار حديثًا في أكثر الكليات المتطورة، لكن اختلف المنهج والأسلوب عن الماضي الذي كان مليئًا بالمحاضرات النظرية والمعلومات المكدسة، وسوف يمضي الطالب بإذن الله كل وقته في المستشفى، ولا يذهب للكلية لتلقي المحاضرات النظرية سوى ساعتين في الأسبوع، وسوف يأخذ الدوريات الليلية، ويتلقى المرضى في الحوادث وحالات الولادة، وسيكون التعليم بجانب المريض وعلى المريض في مرورات على المرضى في القسم الداخلي أو على المرضى بالعيادة الخارجية، وسوف يحضر الطالب الاجتماعات العلمية التي تعرض فيها الحالات. تاريخ الحالة ونتائج الكشف الطبي والفحوص الطبية والمناقشات، ويسمع آراء ذوي الخبرة، ويشترك في النقاش وتوجيه الأسئلة... الخ، مما يوسع آفاق التفكير ويزكي ملكة التفكر والاستنتاج، ويشعل روح الرغبة في الدراسة والتحصيل، ويفتح الباب لما نسميه التعليم الذاتي (Self Learning) والذي حل إلى حد كبير مكان التحصيل العرفي عن طريق المحاضرات التقليدية العتيدة.

وكذلك يحضر الطالب المشرحة التي تُشَرَّح فيها جثث المرضى من المستشفى، ويعرض فيها تاريخ المريض بالكامل ثم يرى بعينيه التغييرات المرضية في الجثة ويصل إلى التشخيص السليم، كل ذلك يُنَمِّي فيه كما قدمنا ملكة إعمال الفكر والقدرة على الاستنتاج السليم وحب الاطلاع والتعليم الذاتي، ولقد ثبت بالفعل فائدة هذا الأسلوب التعليمي وسلّم به الجميع وأقروا أفضليته عن أسلوب التعليم التقليدي.

· انعزال الأقسام التعليمية القديمة في مرحلة التعليم الأساسي قضى عليه إلى حد كبير، وأصبح قسم التشريح والهستولوجي والفسيولوجي وعلم الأجنة والكيمياء كلها تعمل جنبًا إلى جنب وتفيد المادة العلمية مجتمعة مع بعضها بعضًا، مما أوضح للطالب وحدة الهدف وشده إليه

، وكذلك حدث الربط بين مرحلة التعليم الأساسي والتعليم الإكلينيكي الذي أدخل من أول المراحل جنبًا إلى جنب مع علم الأمراض (Pathology) وعلم البكتريا والأدوية (Pharmacology) بل أصبح الشطر الأكبر من هذه العلوم يدرس كعلوم تطبيقية... يعيها الطالب عن اقتناع، ولا يراها جافة غير هادفة ثقيلة على نفسه.

هذه سياستنا أو فلسفتنا في التدريس والإعداد نرجو أن تؤتي أُكُلها بإذن ربها وعلى الله التيسير.

· توخينا اختيار المدرس الكفء علميًا وخلقيًا بأن يكون مثلاً وقدوة، ويحسن العرض والتفهيم، ويكون متفهمًا للسياسة والفلسفة التعليمية للكلية، حتى يسهم عن اقتناع ويعمل بإخلاص ونشاط واستمتاع.

· راعينا واهتممنا بل وركزنا على الناحية الوقائيـة :

دأب الطبيب في الماضي القديم والقريب على الناحية العلاجية للمريض، وعلى أن يكون شغله الشاغل الكشف الطبي وكتابة العلاج، دون أن يفي الناحية الوقائية حقها، أو يلم بأسسها، ويحاول تعميق مفهومها وأساليبها لمريضه ويروضه على أن كل ما يبذل في سبيل اتقاء المرض أساسًا خير من ألف علاج للمريض. ونرجو أن نبرز هذا المفهوم وندعم هذا النوع من التعليم الطبي في مناهجنا وقد جعلناه كما جعلته أكثر الكليات المتطورة الحديثة مادة أساسية تدرس على طول سني الدراسة، وتنال حقها من الناحية العملية والممارسة، والقرآن الكريم خير معلم في هذا الأفق وأكثر ما فيه من أوامر وتوجيهات وتشريعات هي من أجل الوقاية من كثير من أمراض النفس والجسد ومن مشكلات الحياة.

· فسحنا المجال في مناهجنا لمادة التربية والسلوكيات ولما أسميناه آداب المهنة من خلال المنهج الإسلامي وتعاليمه، وقد قرنّا هذه المادة بما أسميناه العقيدة وأسماه غيرنا الأديان، فالعقيدة الراسخة في الله تعالى كما علمنا الإسلام هي أساس المعاملات والآداب وفضائل الأخلاق كما أسلفنا في مقدمة الكتاب، والعقيدة في الإسلام ليست كلمة بل هي إيمان راسخ وصادق، ويؤثر على جميع الأعمال والعلاقات والمعاملات.

· حاولنا أن يكون الاتصال بأمراض البيئة ومشكلاتها في الدول النامية وثيقًا، وأعطينا علم الطفيليات اهتمامًا أكثر مما يلقاه في العالم الغربي، وألقينا ضوءًا أكبر على أمراض سوء التغذية وإسهال الأطفال والحميات وغيرها من الأمراض الأكثر انتشارًا في بيئتنا، كما ركزنا في المناهج على التثقيف الصحي على كل المستويات وهو عامل أساسي في الصحة الوقائية.

· راعينا الحد من عدد الطلبة ما أمكن ذلك مما يفيد في الفهم والتحصيل، ومما يسهل مهمة الطالب والمدرس على السواء، فأصبح التعليم في المراحل الأولى (العلوم الأساسية) بحيث لا يزيد العدد في القاعة عن أربع وعشرين فتاة، ونظمنا الفصول الدراسية والمعامل على هذا الأساس، وسوف تقسم هذه المجموعات إلى مجموعات أصغر في مرحلة التعليم الإكلينيكي في المستشفيات في السنوات الإكلينيكية القادمة.

كذلك جعلنا كل طالبتين تتلازمان ما أمكن في الدرس في داخل الكلية وإن أمكن خارج الكلية، وفي التعاون سواء في الناحية العلمية فَتُعَلِّم الواحدة الأخرى أو في نواحي أخرى اجتماعية وصحية وشخصية.

كذا نحاول جاهدين الربط بين الطالبة والمدرّسة ونرجو أن نوفق في نظام الريادة حيث يكون لكل مجموعة صغيرة من الطالبات رائدة من هيئة التدريس، تكون لها بمثابة الأم الموجهة والناصحة ومثلاً وقدوة ومعينة في شتى الآفاق سواء في الأمور التعليمية أو غيرها من أمور الحياة، ونرجو أن تنجح المدرّسة الصالحة في تعمق ضرورة الإيمان، والارتباط الوثيق بالخالق القادر العليم الرحيم المعين، فما أشد حاجة الفتاة في هذه السن وفي هذه الظروف من سني حياتها لمثل هذا الإيمان.

· راعينا ألا يكون الامتحان شبحًا مخيفًا ولا عبئًا ثقيلاً على الطالبة، بل على العكس هو فرصة لتثبيت المعلومات، ولكي تُقَيِّم الطالبة نفسها، كما يقيمها أساتذتها.

· وزعنا الدراسة على فترات تستغرق الفترة اثني عشر أسبوعًا منها عشرة أسابيع تعلم ونشاط مدرسي، ثم مراجعة وتقييم، يعقبها أسبوعان راحة وإجازة، وبهذا لا يحدث إجهاد مضن متواصل، ولا تُعْطى، إجازات طويلة تَفْتُر فيها الهمم، وتنسى الطالبة العلم والتعلم، كما جعلنا الدراسة اليومية صباحية ومسائية، وتتخللها فترة ليست بالقصيرة ترتاح فيها الطالبة وتأكل وتؤدي الصلاة، وربما تستمتع بساعة من النوم تعوضها في المساء، أو تستذكر وتقرأ وتراجع خلالها، وهذا النظام مُسْتَمَد من يوم المسلم كما قسمته المناسك والعبادات وَرَبَّى عليه الرسول e أصحابه الكرام، ولقد ساعد نظام الفترات التعليمية والإجازات غير الطويلة على توفير الساعات الكافية لتغطية متطلبات المناهج بجانب خفض سني الدراسة كما أشرنا إلى ذلك من قبل.

ونود أن نقف هنا لنقارن نظامنا بالنظام الذي اتبعته كلية طب ليستر وكلية طب نوتنجهام وهما الكليتان اللتان وقع الاختيار عليهما لإقامة علاقات دائمة في تبادل الأساتذة والممتحنين، وفي التدريب أو الدراسات الإكلينيكية للطالبة في الخارج، أما ليستر فقد حددت مدة دراسة الطب بخمس سنوات فقط، وجعلت العلوم الأساسية في الثلاث سنوات الأولى منها، وكما أسلفنا لم تختلف مناهج علوم التشريح والفسيولوجيا والكيمياء وهي العلوم الكبيرة والتي وزعت على عامين دراسيين من مناهجنا، ولم تعد حظًا أوفر من الساعات، ونحن نعتقد أن في برنامج ليستر وقت فراغ يتسع لساعات من الدراسة النافعة خصوصًا إذا لاحظنا أن علم الأمراض (الباثولوجي العام وعلوم البكتريولوجي والفارماكولوجي) لم تشغل إلا حوالي خمسة عشر أسبوعًا من العام الثالث، في حين استطعنا أن نوفر لها في مناهجنا حوالي عشرين أسبوعًا في الشطر الأول من العام الثاني لدراسة العلوم الأساسية ثم عشرين أسبوعًا أخرى علوم أساسية تطبيقية بجانب العلوم الإكلينيكية في الشطر الثاني من نفس العام، هذا مع استمرارية تدريس هذه العلوم الأساسية، وبالأخص علم الأمراض خلال السنوات الإكلينيكية في الدراسات النظرية (المحاضرات وعند عرض نتائج تشريح مرضى المستشفى).

وكذلك بالمقارنة مع كلية طب نوتنجهام اتضح أن العلوم الأساسية كلها قد شغلت العامين الأولين، وأنها أجازت للطالب الذي يجتاز اختبارات العامين الإكلينيكيين الحصول على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة، أي بعد أربع سنوات فقط من بدأ الدراسة، إلا أنها أرجأت تسليمه الدرجة إلى حين إنهاء سنة تدريب وعمل، واكتفت في هذه السنة الأخيرة بحسن الأداء ورأي الأستاذ المشرف دون حاجة إلى امتحان تحريري آخر، وكأنها قد أرادت هذا التحفظ لتجعل دراسة الطب خمس سنوات تمشيًا مع تعليمات المجلس الطبي العام في بريطانيا.

من هذا العرض نجد أن كلية دبي الطبية في اختصارها لمدة الدراسة لأربع سنوات ما زالت متمشية مع التطور الحديث ومع ما حددته أولى الكليات المتطورة في إنجلترا (كلية طب نوتنجهام) وكذلك نجد أنها خصصت سنة تدريب بعد ذلك أسوة بالكلية المذكورة.

· حرصت الكلية على دعوة أساتذة وممتحنين من الخارج من الكليات التي تسير على مناهج مشابهة أو مطابقة لها حتى تتيح للطالب فرصة التدريب بعد تأهيلها لدرجة البكالوريوس والجراحة في الخارج في هذه الكليات، وكذلك لتمكينها إن أرادت من إجراء الدراسات العليا التخصصية في هذه الكليات بعد إنجاز عام التدريب.

بهذا نكون قد أعددنا لدراسة ناجحة هادفة تتيح للطالبة ممارسة العمل في وطنها، كما تتيح لها بعد التخرج أن تعمل الدراسات التخصصية في أشهر الجامعات والكليات الحديثة المتطورة.






[ Up ] [ What' New? ] [ ACADEMIC CHAIR ] [ OUTREACH ] [ ACTIVITIES ] [ PERSPECTIVES ] [ ESSAYS ] [ RESOURCES ] [ CURRICULUM ] [ ARCHIVES ] [ GALLERIA ] [ LINKS ] [ FEEDBACK ] [ New Page 14 ]


التوقيع :



قال تعالى :
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت:33]






رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:12 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir