آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12611 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7381 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13261 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14635 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48771 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43832 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36041 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20851 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21113 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27059 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 06-15-2010, 04:47 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


البلاغةُ الواضِحَةُ



البلاغةُ الواضِحَةُ

مقدِّمةٌ
الفصاحةُ - البلاغةُ – الأُسلوبُ


*-تعريفُ الفصاحةِ:
الفصاحةُ :الظهورُ والبيانً، تَقُولُ: أفْصح الصُّبْحُ إِذا ظَهَر. والكلامُ الفصيحُ ما كان واضحَ المعنى، سهل اللفظِ، جيِّدَ السَّبك. ولهذا وجبَ أن تكون كلُّ كلمة فيه جاريةً على القياس الصَّرفي ، بينةً في معناها، مفهومةً عَذْبةً سلِسةً. وإِنما تكونُ الكلمة كذلك إِذا كانت مأْلوفَةَ الاستعمال بَين النابهين من الكتاب والشعراءِ، لأنها لم تَتَداولها ألسِنتُهم، ولم تَجْرِ بها أقلامهم، إلا لمكانها من الحُسْن باستكمالها جميع ما تقدم منْ نُعوت الجوْدة وصِفات ِالجمال.
والذوقُ السليمُ هو العُمْدةُ في معرفةِ حُسنِ الكلمات وسَلاسَتِها، وتمييز ما فيها من وجوه البشاعة ومظاهر الاستكراه؛ لأنَّ الأَلفاظَ أصواتٌ ، فالذي يطْرَبُ لصوْت البُلبُل، وينْفِر من أصوات البُوم والغِرْبان، ينْبُو سمعُه عن الكلمة إذا كانت غريبةً مُتَنَافِرَةَ الحروف . ألا ترى أن كلمتَي "المُزْنةِ" و "الدِّيمةِ " للسَّحابة المُمْطِرة، كلتاهما سَهلَة عذْبَةٌ يسكنُ إليها السمعُ، بخلاف كلمة "البُعَاقِ" التي في معناهما؛ فإنها قبيحةٌ تَصُكُّ الآذانَ. وأمثال ذلك كثير في مُفْردات اللغة تستطيع أَن تُدْركه بذَوْقكَ.


(1) ويشترطُ في فصاحةِ التركيب :- فوْقَ جريان كلماته على القياس الصحيح وسهولتِها -أنْ يسلمَ من ضَعفِ التأْليفِ، وهو خروج ُالكلام عن قواعد اللغة المطردة كرجوع الضميرِ على متأخر لفظاً ورتبةً في قول سيدنا حَسانَ رضي الله عنه :
ولو أّنَّ مَجدًا أخْلَدَ الدهْر واحِدًا … مِنَ النَّاسِ أبْقى مَجْدُهُ الدَّهْرَ مُطعِما
فإنَّ الضميرَ في "مَجده" راجع إلى "مُطعِما" وهو متأَخرٌ في اللفظ كما ترى، وفي الرتبة لأَنه مفعول به، فالبيت غير فصيح.

(2) ويشترطُ أنْ يسلمَ التركيبُ من تنافر الكلماتِ : فلا يكونُ اتِّصالُ بعضها ببعضٍ مما يُسبِّب ثِقَلَها على السمع، وصُعوبةَ أدائها باللسان، كقول الشاعر :
وقبرُ حربٍ بمكانٍ قَفِر ... وليسَ قربَ قبْرِ حربٍ قبرُ
قيلَ: إنَّ هذا البيتَ لا يَتَهيَّأُ لأحدٍ أن يُنْشدَهُ ثلاثَ مرات متوالياتٍ دونَ أن يَتَتَعْتَعَ ، لأَنَ اجتماعَ كلماته وقُربَ مخارجِ حروفها، يحدِثانِ ثِقلاً ظاهرًا، مع أَنَّ كلَّ كلمةٍ منه لو أُخذتْ وحدها كانت غيرَ مُستكْرهةٍ ولا ثقيلةٍ.

(3) ويجبُ أنْ يسلمَ التركيبُ من التَّعقيد اللفظيِّ : وهو أنْ يكون الكلامُ خَفيَّ الدلالة على المعنى المراد بسبب تأْخيرِ الكلمات أو تقديمِها عن مواطنِها الأصليةِ أو بالفصل بين الكلمات التي يجبُ أن تتجاورَ ويتَّصِلَ بعضُها ببعضٍ، فإِذا قلتَ: "ما قرأ إِلاَّ واحدًا محمدٌ مع كتاباً أَخيه"
كان هذا الكلامُ غبرَ فصيح لضعْفِ تأليفهِ، إذ أصلهُ "ما قرأ محمدٌ مع أَخيه إلا كتاباً واحداً، فقُدِّمتُ الصفةُ على الموصوفِ، وفُصل بين المتلازمين، وهما أداةُ الاستثناء والمستثنى، والمضافُ والمضافُ إِليه.

ويشبهُ ذلك قول أبى الطَّيب المتنبي :

أنَّى يكُونُ أبا البَرِيَّةٍ آدَمٌ ... وأبُوكَ والثَّقَلانِ أنتَ محَمَّدُ؟


والوضعُ الصحيحُ أن يقولَ: كيفَ يكونُ آدم أبا البرية، وأبوك محمد، وأنت الثقلان؟ يعنى أَنَّه قد جَمعَ ما في الخليقة من الفضل والكمال، فقد فَصَل بين المبتدأ والخبر وهما "أبوك محمد"، وقدَّم الخبر على المبتدأ تقديماً قد يدعو إلى اللبس في قوله "والثقلان أنت"، على أنه بعد التعسف لم يسلمْ كلامُه من سُخفٍ وهَذَر.

(4) ويجبُ أنْ يسلمَ التركيبُ من التعقيدِ المعنويِّ : وهو أن يَعمدَ المتكلِّم ُ إلى التعبير عن معنًى فيستعمل فيه كلماتٍ في غير معانيها الحقيقية، فيسيء اختيار الكلمات للمعنى الذي يُريده، فيضطرب التعبير ويلتبس الأَمر على السامع. مثال ذلك أن كلمة اللسان تُطلَق أَحياناً ويُراد بها اللغة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ.. } (4) سورة إبراهيم ، أي ناطقاً بلغة قومه، وهذا استعمالٌ صحيحٌ فصيحٌ، فإذا استعمل إِنسانٌ هذه الكلمة في الجاسوس، وقال: "بثَّ الحاكم ألسنته في المدينة" كان مخطئاً، وكان في كلامه تعقيدٌ معنويٌّ،

ومن ذلك قول امرئ القيس في وصْفِ فرَس :

وأَرْكَبُ في الرَّوْع خَيفانةً … كَسا وجْهَهَا سَعفٌ مُنتشر


الخيْفانةُ في الأصل الجرادةِ، ويريدُ بها هنا الفرس الخفيفة، وهذا لا بأْس به وإِن كان تشبيهُ الفرس بالجرادة لا يخلو من ضعفٍ، أمَّا وصفُ هذه الفرس بأنَّ شَعر ناصيتها طويلٌ كَسَعفِ النخل يُغطِّي وجهَها، فغيرُ مقبول؛ لأنَّ المعروف عند العرب أنَّ شعرَ الناصية إذا غَطَّى العينين لم تكنِ الفرسُ كريمةً ولم تكنْ خفيفةً. ومنَ التعقيدِ المعنويِّ قول أبي تمَّام :
جَذَبتُ نَداهُ غدوة السَّبتِ جذْبةً … فخرَّ صريعاً بين أيدِي القصائد
فإِنه ما سكتَ حتى جعل كرمَ ممدوحهِ يَخرُّ صريعاً وهذا من أقبح الكلامِ.


*-تعريفُ البلاغةِ:

البلاغةُ :هي تأْديةُ المعنى الجليل واضحاً بعبارة صحيحةٍ فصيحة، لها في النفس أَثرٌ خلابٌ، مع ملاءَمة كلِّ كلام للموطن الذي يُقالُ فيه، والأشخاصِ الذين يُخاطَبون.

فليستِ البلاغةُ قبلَ كل شيءٍ إلا فنًّا من الفنون يَعْتمِدُ على صفاء الاستعداد الفِطريِّ ودقة إدراك الجمالِ، وتبَينِ الفروقِ الخفيَّة بين صنوف الأَساليب، وللمرانةِ يدٌ لا تُجحَدُ في تكوين الذوق الفنِّي، وتنشيطِ المواهب الفاتِرة، ولا بدَّ للطالبِ- إلى جانب ذلك - منْ قراءَة ِطرائف الأَدبِ، و التَّمَلُّؤِ من نَميره الفياض، ونقدِ الآثار الأدبية والموازنة بينها، وأنْ يكونَ له من الثقةِ بنفسه ما يدفعه إلى الحكمِ بحسن ما يراه حسناً وبقبْح ما يَعُدُّه قبيحاً.

وليسَ هناك من فرق بين البليغ والرَّسام إِلا أنَّ هذا يتناولُ المسموعَ من الكلام، وذلك يُشاكلُ يين المرْئيِّ من الألوان والأَشكالِ، أمَّا في غير ذلك فهما سواء، فالرَّسامُ إِذا همَّ برسم صورة فكَّر في الألوان الملائمة لها، ثم في تأْليفِ هذه الأَلوان بحيث تخْتَلِبُ الأَبصار وتُثير الوجدان، والبليغُ إِذا أَراد أَن يُنْشىءَ قصيدةً أَو مقالةً أو خطبةً فكَّر في أَجزائِها، ثم دعا إِليه من الأَلفاظ والأَساليب أَخفَّها على السمع، وأكثرها اتصالا بموضوعهِ. ثم أَقواها أثرًا في نفوس سامعيه وأروعَها جمالاً.


فعناصرُ البلاغة إذًا لفظٌ ومعنًى وتأليفٌ للأَلفاظ يَمْنَحُها قُوةً وتأْثيرًا وحُسْناً. ثم دقةٌ في اختيار الكلمات والأََساليب على حسب مواطن الكلامِ ومواقعه وموضوعاته، وحال السامعين والنَّزْعةِ النفسية التي تَتَملَّكهم وتُسَيْطِرُ على نفسوسهم، فَرُبََّ كلمةٍ حسُنتْ في موطنٍ ثم كانتْ نابيةً مُسْتكْرَهةً في غيره. وقديماً كرِه الأُدباء كلمة "أَيضاً" وعَدُّوها من أَلفاظ العلماء فلم تَجر بها أقلامهم في شعر أَو نثر حتى ظَهَرَ بينهم من قال :

رُبَّ ورْقَاءَ هَتُوفٍ في الضُّحا … ذَاتِ شَجْوٍ صَدَحَتْ في فَنَنِ
ذَكَرَتْ إلفاً ودهْرًا سَالِفاً … فَبَكَتْ حُزناً فَهاجتْ حَزَني
فَبكائي رُبَّما أرَّقها … ...وبُكاها ربَّما أَرَّقَني
ولَقدْ تَشْكو فَمَا أفْهمُها ….... …ولقدْ أشكو فَما تَفهمُني
غيْر أنِّي بالجوى أعْرِفُها … وهْي "أَيضاً" بالجوَى تعْرفُني


فوَضع "أيضاً" في مكانٍ لا يتَطلب سواها ولا يتَقَبَّل غيرها، وكان لها من الرَّوْعة والحُسنِ في نفس الأديب ما يعْجِزُ عنها البيانُ.
ورُبَّ كلامٍ كان في نفسه حسناً خلَّاباً حتى إِذا جاء في غير مكانه، وسقَطَ في غير مسقَطِه، خرج عن حدِّ البلاغةِ، وكان غَرضاً لسهامِ الناقدينَ.

ومن أمثلة ذلك قولُ المتنبي لكافور الإخشيدى في أَول قصيدة مدحه بها :

كَفى بِكَ داءً أنْ نرى الموتَ شافيا… وحَسْبُ المنايا أَن يَكُنَّ أمانيا


وقوله في مدحه :

وَمَا طَرَبي لمّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً = لقد كنتُ أرْجُو أنْ أرَاكَ فأطرَبُ

قال الواحِدىُّ :
هذا البيتُ يشبهُ الاستهزاءَ فإنه يقول: طَرِبتُ عند رؤيتك كما يطرَبُ الإنسانُ لرؤية المضحكات. قال ابن جنيِّ : لما قرأت على أبي الطيب هذا البيت قلتُ له: مَا زِدتَ على أنْ جعلتَ الرجل قِردًا، فضَحِكَ. ونَرى أن المتنبي كان يغْلي صدرُه حِقدًا على كافور وعلى الأَيام التي ألجأَته إِلى مدحه؛ فكانت تَفرُّمن لسانه كلماتٌ لا يستطيع احتباسها وقديماً زَلَّ الشعراءُ لمعنى أو كلمة نَفَّرتْ سامعيهم، فأَخرجتْ كلامَهم عن حدِّ البلاغة، فقد حكَوا أن أبا النجم دخل على هشام بن عبد الملك وأنشده :


صَفْراءُ قد كادتْ ولمَّا تَفعلِ …كأنَّها في الأُفقِ عيْنُ الأحولِ

وكان هشامٌ أَحْولَ فأَمر بحبسِه.

ومدح جرير عبْدَ الملك بْنَ مَرْوان بقصيدةٍ مطلعها :

أتَصحو أم فؤادُك غيرُ صاحٍ ،= عشِيَّة َ هَمَّ صَحْبكَ بالرّواحِ

فاستنكر عبدُ الملك هذا الابتداءَ وقال له: بلى فؤادكَ أَنتَ.


وَنَعَى علماءُ الأَدب على البُحْتُرى أن يبدأَ قَصيدةً يُنشدها أَمام ممدوحه بقوله :

لَكَ الْوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ تقاصَرَ آخِرُه"= ووشكٌ نوى حيٌّ تزمُّ أباعرهُ


وعابوا عن المتنبي قولَهُ في رثاء أمِّ سيف الدولة :

صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ = على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ

قال ابْنُ وَكِيع : إِن وصفَه أُمّ الملك بجمالِ الوجه غير مختار:

وفي الحقِّ أَنَّ المتنبي كان جريئاً في مخاطبةِ الملوك، ولعلَّ لعظمِ نفسهِ وعَبْقَريَّته شأْناً في هذا الشذوذ.
إذنْ لابدَّ للبليغ أولا من التفكير في المعاني التي تجيش في نفسه، وهذه يجب أَن تكون صادقةً ذاتَ قيمةٍ وقوة ،يظهر فيها أَثر الابتكار وسلامةِ النظر ودقة الذوق في تنسيق المعاني وحسن ترتيبها، فإذا تم له ذلك عَمدَ إِلى الأَلفاظ الواضحة المؤثرة الملائمة، فأَلف بينها تأْليفاً يكسبها جمالاً وقوّة، فالبلاغةُ ليست في اللفظ وحدَه، وليستْ في المعنى وحدَه، ولكنها أثرٌ لازمٌ لسلامةِ تأْليفِ هذين وحُسْن انسجامِهما.
--------
أنواعُ الأساليبِ*

-تعريفُ الأسلوب :
هو المعنَى المَصُوغُ في ألفاظ مؤَلفة على صورة تكونُ أَقربَ لنَيْل الغرض المقصود من
الكلام وأفعل في نفوس سامعيه،

وأَنواع الأساليب ثلاثة:

(1) الأُسلوبُ العلميُّ
هو أهدأُ الأساليب،وأكثرها احتياجاً إِلى المنطق السليمِ والفكر المستقيمِ، وأَبعدُها عن الخيال الشِّعريِّ، لأَنه يخاطب العقلَ، ويناجي الفكر، ويَشرَح الحقائق العلمية التي لا تخلو من غموضٍ وخفاءٍ، وأظهرُ ميزات هذا الأُسلوب الوُضوحُ. ولا بدَّ أن يبدوَ فيه أثرُ القوة والجمالِ، وقوتُه في سطوعِ بيانهِ ورصانةِ حُجَجه، وجَمالهُ في سهولةِ عباراتهِ، وسلامةِ الذوق في اختيار كلماتهِ، وحُسنِ تقريره المعنى في الأَفهام ِمنْ أقرب ِوجوه الكلامِ.

فيجبُ أن يُعنَى فيه باختيار الأَلفاظ الواضحة ِالصريحة في معناها الخالية من الاشتراك، وأن تُؤلّفَ هذه الأَلفاظ في سهولة وجلاءٍ، حتى تكون ثوباً شَفًّا للمعنَى المقصود، وحتى لا تصْبحَ مثارًا للظنون، ومجالاً للتوجيه والتأْويل.
ويحسنُ التنَحِّي عن المجاز ومُحَسِّناتِ البديع في هذا الأُسلوبِ؛ إَلا ما يجيءُ من ذلك عفوًا ،من غير أن يَمَسَّ أصلاً من أصوله أو ميزةً من ميزاته. أمَّا التشبيه الذي يُقصدُ به تقريبُ الحقائق إِلى الأفهام وتوضيحُها بذكر مماثلها، فهو في هذا الأسلوبِ حسنٌ مقبولٌ.

ولسنا في حاجة إلى أَن نُلقيَ عليك أَمثلةً لهذا النوع، فكتُبُ الدراسة التي بين يديك تجري جميعُها على هذا النحو من الأساليب.
(2) الأُسلوبُ الأَدبيُّ
الجمالُ أبرزُ صِفاته، وأظهرُ مُميِّزاته، ومَنشأُ جماله ما فيه من خيالٍ رائعٍ، وتَصْويرٍ دقيقٍ،
وتلمُّسٍ لوجوه الشبهِ البعيدة بين الأشياءَ، وإِلباس المعنويِّ ثوبَ المحسوس، وإِظهارَ المحسوس
في صورة المعنويِّ.
فالمتنبي لا يرَى الحُمَّى الراجعةَ -كما يراها الأَطباءُ- أَثراً لجراثيم تَدْخلُ الجسم، فترفعُ حرارته،
وتُسببُ رِعْدة وقُشَعْرِيرةً. حتى إِذا فرغت نوْبَتها تَصبَّبَ الجسم عَرَقاً، ولكنه يُصوِّرها كما
تراها في تراها في الأَبيات الآتية :

وزَائِرتي كأَنَّ بها حياءً = فلِيْس تَزُورُ إِلاَّ في الظَّلام
بذَلتُ لَها المَطَارف والحَشَايَا = فَعَافتها وباتتْ في عظامي
يضيقُ الجلدُ عَنْ نَفسِي وعنها = فَتُوسِعُهُ بِأَنواعِ السَّقام
كأَنَّ الصبحَ يطْرُدُها فتجرى = مَدَامِعُها بأَربعة سجام
أُراقِبُ وقْتَها مِنْ غَيْرِ شَوْقٍ = مُرَاقَبَةَ المَشُوق الْمُسْتهَام
ويصْدُقُ وعْدُهَا والصِّدْقُ شرٌّ = إِذا أَلْقاكَ في الكُرَب العِظام
أَبِنتَ الدَّهْر عِنْدِي كلُّ بنْتٍ = فكيف وصَلتِ أَنتِ مِن الزِّحامِ


والغُيُومُ لا يراها ابنُ الخياط كما يراها العالمُ بخارًا مُترَاكِماً يَحُولُ إلى ماء إذا صادف في الجوّ طبقة باردة ولكنه يراها :

كأن الغيومَ جُيُوش تَسُومُ = منَ العدْل في كلِّ أرضٍ صلاحا
إذا قاتل المحْل فيها الغَمامُ = بصوبِ الرِّهام أجَادَ الكفاحا
يُقَرْطِسُ بالطَّلِّ فيه السِّهامَ = ويُشرِعُ بالوَبْلِ فيه الرِّماحا
وسلَّ عَليْهِ سُيوفَ البرُوقِ = فأثخَنَ بالضرْب فيهِ الجراحا
تُرَى أَلْسُنُ النوْر تُثني علَيْهِ = فَتَعْجَبُ منهن خُرْساً فِصَاحا

وقد يتظاهرُ الأَديبُ بإنكار أسبابِ حقائق العلم، ويتَلمَّسُ لها من خياله أسباباً تُثبت دَعواهُالأَدبية وتُقوِّي الغرض الذي يَنشدُهُ، فَكَلَفُ البدرِ الذي يَظهرُ في وجهه ليَس ناشئاً عما فيه من جبالٍ وقيعانٍ جافةٍ -كما يقولُ العلماءُ- لأَنَّ المَعرِّى يرى لذلك سبباً آخر فيقول في الرثاء :

وما كلْفةُ البَدْر المُنير قديمةً = ولكنها في وجْههِ أثرُ اللَّطم

ولا بدَّ في هذا الأسلوبِ من الوضوحِ والقوةِ؛ فقولُ المتنبي :

قفي تَغْرَمِ الأولى مِنَ اللَّحْظِ مُهجَتي ... بثانِيةٍ والمُتْلِفُ الشيءَ غارِمُه

غيرُ بليغٍ؛ لأنه يريد أنه نظر إِليها نظرةً أتلفتْ مهجته، فيقول لها :قِفي لأنظركِ نظرة ًأخرى تردُّ إليَّ مهجتي وتُحييها، فإنْ فعلْتِ كانتِ النظرة غرْمَا لِمَا أتلفته النظرةُ الأُولى.

فانظرْ كيف عانينا طويلا في شرح هذا الكلام الموجزِ الذي سبَّبَ ما فيه من حذف وسوءَ تأْليفٍ شِدةَ جفائهْ وبُعْدَه عن الأَذهان، مع أنَّ معناهُ جميل ٌبديعٌ، فكرته مُؤيَّدةٌ بالدليل.

وإِذا أردتَ أن تَعْرف كيف تَظْهرُ القوةُ في هذا الأسلوب، فاقرأ قول المتنبي في الرثاء :

مَا كُنْتُ آملُ قَبلَ نَعْشك أن أرى = رضْوَى على أيْدى الرجالِ يَسيرُ

ثم اقرأ قول ابن المعتز في عبيد الله بن سليمان بن وهب :

قدْ ذَهبَ الناسُ وماتَ الكمالْ = وصاحَ صَرفُ الدَّهْر أين الرجالْ؟
هذا أبُو العَبَّاس في نَعْشِه = قوموا انْظرُوا كيف تَسيرُ الجبالْ

تجدْ أنَّ الأُسلوبَ الأَولَ هادئٌ مطمئنٌ، وأَنَّ الثاني شديدُ المرَّةِ عظيمُ القوَّةِ، وربما كانت نهايةُ قوتهِ في قوله؛ "وصاحَ صَرْفُ الدهر أَينَ الرجال" ثم في قوله: "قوموا انظروا كيف تسيرُ الجبال".

وجملةُ القول : أنَّ هذا الأُسلوبَ يجب أنْ يكون جميلاً رائعاً بديعَ الخيالِ، ثم واضحاً قويًّا. ويظنُّ الناشئون في صناعة الأَدب أَنه كلما كثر المجازُ، وكثرتِ التشبيهاتُ والأخيلةُ في هذا الأُسلوب زادَ حسنُه، وهذا خطأٌ بيِّنٌ، فإنه لا يذهبُ بجمال هذا الأسلوبِ أكثر من التكلُّفِ، ولا يُفْسِدُه شرٌّ من تَعمُّدِ الصناعةِ، ونَعْتقدُ أنه لا يُعجبكَ قولُ الشاعر :

فأمطَرَتْ لؤلؤاً من نرْجِسٍ وسقَتْ ... ورْداً وعضّتْ على العُنّابِ بالبَرَدِ

هذا من السهلِ عليك أَن تَعْرِفَ أَنَّ الشعرَ والنثرَ الفنيَّ هما مَوْطِنا هذا الأسلوب ففيهما يزْدهِرُ وفيهما
يبلغُ قُنَّة الفنِّ والجمال.

(3) الأسلوبُ الخطابيُّ
هنا تَبْرُزُ قوةُ المعاني والألفاظِ، وقوةُ الحجَّةِ والبرهانِ، وقوةُ العقل الخصيبِ، وهنا يتحدَّثُ الخطيبُ إلى إرادةِ سامعيه لإثارةِ عزائمهِم واستنهاضِ هممهم، ولجمالِ هذا الأُسلوبِ ووضوحهِ شأْنٌ كبيرٌ في تأْثيره ووصوله إلى قرارة النفوسِ، ومما يزيدُ في تأْثير هذا الأُسلوب منزلةُ الخطيب في نفوسِ سامعيه وقوةُ عارضته، وسطوعُ حجته، ونبَراتُ صوته، وحسنُ إِلقائه، ومُحْكَمُ إِشارته.

ومن أظهرِ مميزاتِ هذا الأُسلوب التكرارُ، واستعمالُ المترادفات، وضربُ الأمثال، واختيارُ الكلمات الجزلة ذات الرنين، ويحسنُ فيه أَنْ تتعاقبَ ضروبُ التعبير من إِخبارٍ إلى استفهام إلى تعجب إلى استنكار، وأَنْ تكونَ مواطنُ الوقف فيه قويةً شافيةً للنفس. ومن خيرِ الأَمثلة لهذا الأُسلوب خطبةُ على بن أَبي طالب رضي الله عنه لمَّا أَغار سُفيانُ بنُ عوفٍ الأَسدِي على الأَنبار وقتل عامله عليها:

"هذا أَخُو غامدٍ قد بَلغتْ خيْله الأَنْبار وقَتلَ حَسَّانَ البَكريّ وأَزال خَيْلَكمْ عنْ مَسَالِحِها وَقَتل مِنْكم رجالاً صالِحِين. "وقدْ بَلغني أَنَّ الرَّجُل منهُمْ كان يَدْخُلُ على المْرأَةِ الْمُسْلمَةِ والأُخرى المعاهدة ، فَيَنْزعُ حِجْلَهَا ، وقُلْبَهَا ، ورِعاثَها ، ثم انْصَرفُوا وَافِرِين ما نالَ رجلا منهم كَلمٌ ، ولا أرِيقَ لهم دَمٌ، فلو أَن رجلاً مُسْلماً مات مِنْ بَعْدِ هذَا أَسَفاً، ما كان به ملُوماً، بلْ كان عِنْدى جديرًا.

"فَواعجَباً مِنْ جدِّ هؤُلاء في بَاطِلِهمْ، وفَشَلِكُمْ عنْ حقِّكُم. فَقُبْحاً لَكمْ حِين صِرْتُم غَرَضاً يُرْمَى ، يُغار علَيْكمْ ولا تُغِيرُون، وتُغْزَوْن وَلا تغزونَ، ويُعْصى الله وترْضَوْن ". فانظر كيف تدرج ابن أَبى طالب في إِثارة شعور سامعيه حتى وصل إِلى القمَّةِ فإنه أخبرهم بغَزْو الأَنْبار أَولا، ثم بقتل عامله، وأَنَّ ذلك لم يكْف سُفْيان بين عوف فأَغْمد سيوفه في نحور كثيرٍ من رجالهم وأَهليهم.

ثم توجه في الفقرة الثانية إِلى مكان الحميَّةِ فيهم، ومثار العزيمة والنخوة من نفسه كل عربي كريم، أَلا وهو المرأَة، فإِنَّ العربَ تبذل أَرواحها رخيصةً في الذود عنها، والدفاع عن خِدْرها. فقال: إِنهم استباحوا حِماها، وانصرفوا آمِنين.
وفي الفقرة الثالثة أظهر الدَّهَشَ والحَيْرَة من تمسك أعدائه بالباطل ومناصرته، وفشلِ قومه عن الحق وخِذْلانه. ثم بلغ الغيظ منه مبلغه فَعيَّرهم بالجُبن والخَوَر.

هذا مثال من أَمثلة الأُسلوب الخطابي نكتفي به في هذه العُجَالة ، ونرجو أَن نكونَ قد وُفقنا إِلى بيان أَسرار البلاغةِ في الكلام وأَنواع أَساليبه، حتى يكونَ الطالبُ خبيرًا بأَفانين القول، ومواطنِ استعمالها وشرائط تأْديتها، واللهُ الموفق.


رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
سبق لك تقييم هذا الموضوع: