في السابق، كان الناس يأتمنون «المطوعة» على تعليم أطفالهم. فقبل انتشار المدارس، كانت وسيلة التعليم الوحيدة المعروفة هي حفظ القرآن على يد «المطوعة» التي تفتح بيتها لتعليم أبناء الحي حفظ القرآن وتلاوته. اليوم، أصبحت هذه المهنة جزءاً من التراث، الذي تحرص بعض المهتمات على إحيائه، ولو بشكل فلكلوري.
ففي قرية التراث، وبالتزامن مع مهرجان دبي للتسوق، تطوعت المدرستان: فريدة وشهلا اللتان تعملان في مدرستين حكوميتين، لإحياء هذا التراث، وتعريف الناس بشخصية المطوعة التي اندثرت بعد أن كانت حرفة.
تقول فريدة:
«كانت كل ربة منزل تعرف شيئاً من القرآن الكريم، فتحاول زيادة إيرادات أسرتها، فتقوم بتحفيظ البنين والبنات آيات من القرآن في المنزل. تسمعهم وتقرئهم وتعلمهم مبادئ أولية في الرياضيات».
فمنذ بداية المهرجان، جمعت المعلمتان بضعة طلاب، الذين يعيدون تمثيل مجالس تحفيظ القرآن التي كانت منتشرة سابقاً. وفي أوائل أيام المهرجان، كان الأطفال يبقون طوال الوقت، لتزامنه مع العطلة الدراسية، ولكنهم بعد بدء الدوام المدرسي، اكتفوا بدوام بعد الظهر، الذي يبدأ من الخامسة حتى الليل.
وعن كيفية عمل المطوعة، تشرح فريدة: «كانت المطوعة تقرأ للولد أو البنت، وتستمر في ذلك بحسب استيعابه وقوة ذاكرته، فإن كان سريع الحفظ تستمر في السورة بعد أن يكون قد حفظ سابقتها، أو يبقى يرددها حتى يحفظها».
وقد كان تحفيظ القرآن للأطفال يحتاج من سنتين إلى ثلاث سنوات. وكان يتم عبر طريقتين، كما تشرح فريدة: «أولا الحروف، ومن ثم الكلمات حتى يحفظها الصغار. وتختلف فترة الختام بحسب شطارة الطالب». وحين يختم الطفل القرآن، يجري الاحتفال بذلك، ونسميه «التومينة» حيث تدور المطوعة مع الأولاد والبنين، مرتدين أزهى الملابس ويدورون في الحارات. هي تقرأ قصائد في مدح الرسول. وهم يرددون وراءها.
وكانت تتم مكافأتها من السكان بهدايا عينية من الطحين، أو العدس أو التمر، وأحياناً مبالغ مادية، تساعدها على العيش. فهي لا تتقاضى أجراً، «لكنها تأخذ من الطلاب كل خميس ما يعرف بالخميسية، وهي تساوي الروبية، تعادل نحو درهم واحد». وقد اختفت هذه المهنة اليوم، فلا توجد مطوعات، «لأن الحكومة أنشأت المدارس ورياض الأطفال، فاندثرت هذه المهنة. أصبحت ظاهرة تراثية بعد أن كانت منتشرة في الخمسينات».