آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12618 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7383 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13264 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14641 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48773 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43836 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36044 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20851 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21116 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27060 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-22-2013, 10:53 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الخطابة

الخطابة


تعريف الخطابة : تعريف فن الخطابة

سوف نتطرق في هذا المقال لموضوع الخطابة وخصائصها وأنواعها وكل ما يخصها لكن في البداية لنتكلم بشكل عام عنها .الخطابة فن قديم استخدمها العرب في أيام الجاهلية، وهذه الطريقة هي الأكثر اقناعاً وتأثيراً وإنتشاراً، و استخدمت الخطاية كوسيلة للإرشاد و النصح في أمور الحياة والدين والمبادئ والقيم والمذاهب حيث تؤدي إلى إثارة حماس الناس لفكرة، أو الإستعداد لحرب، أو السلم وحقن الدماء. إلا أن الخطابة بعد الإسلام أصبحت أكثر بلاغة وحكمة بما كان يتوخاه الخطباء الإستعانة بأسلوب القرآن واقتباس الأحاديث النبوية

سوف نتطرق في هذا المقال لموضوع الخطابة وخصائصها وأنواعها وكل ما يخصها لكن في البداية لنتكلم بشكل عام عنها .الخطابة فن قديم استخدمها العرب في أيام الجاهلية، وهذه الطريقة هي الأكثر اقناعاً وتأثيراً وإنتشاراً، و استخدمت الخطاية كوسيلة للإرشاد و النصح في أمور الحياة والدين والمبادئ والقيم والمذاهب حيث تؤدي إلى إثارة حماس الناس لفكرة، أو الإستعداد لحرب، أو السلم وحقن الدماء.

إلا أن الخطابة بعد الإسلام أصبحت أكثر بلاغة وحكمة بما كان يتوخاه الخطباء الإستعانة بأسلوب القرآن واقتباس الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، فأوجب الإسلام عليهم خطباً في المناسبات الإسلامية كصلاة الإستسقاء و صلاة العيدين والجمع الأسبوعية.من أهم الأماكن الناسبة للخطابة هي المسجد ,حيث يلتقي فيه المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة, ولا يوجد مجلس أفضل وأصلح منه للخطابة.

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: وكان -صلى الله عليه وسلم- لا يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله... وكان يخطب قائماً... وكان يختم خطبته بالاستغفار)

محتويات
1 تعريف الخطابة : تعريف فن الخطابة
1.1 الخطابة اليونانية
1.2 الخطابة في العصر الجاهلي
1.3 الخطابة في العصر العباسي
1.4 الخطابة في العصر الحديث
1.5 أنواع الخطابة
1.6 أجزاءالخطبة

1.7 خلاصة
1.8 مراجع
تعريف الخطابة : تعريف فن الخطابة

الخطابة هي القابلية على صياغة الكلام بأسلوب يمكِّن الخطيب من التأثير على نفس المخاطب .وقد عرفها أرسطو بأنها (قوة تتكلف الإقناع الممكن) وقال ابن رشد الخطابة هي : (قوة تتكلف الإقناع الممكن في كل واحد من الأشياء المفردة).وقد عرفت أيضا بأنها(فن مشافهة الحضور للتأثير عليهم واستمالتهم).
هناك تعريف اخر للخطابة وهو أنها نوع من الفنون النثرية فائدتها التأثير و الإقناع بحضور الجمهور المتلقي .

هناك ثلاثة أمور يجب الإهتمام بها في الخطابة وهي :


1)مواصفات المؤدي (الخطيب):
أن يمتلك الخطيب عمق وإدراك وفهم للحياة ومدى سبره لغورها وفهمه لأحوالها. والمواصفات الشكلية من حيث حسن النبرة و جهارة الصوت. وأن يكون حسن المظهر

2)مواصفات الأداء(الإلقاء):
الإهتمام بالأداء والإلقاء المحكم والتقليل من الأمور المنفرة مثل السعال و التنحنح والتأتأة والتردد والتكرار الممل والحركات العشوائية و صياغة الكلام بأسلوب جامع لقواعد اللغة من نحو وبلاغة وشامل لأصول المعالجة المنطقية والعلمية للأمور .

3)مواصفات النص الملقى :
يجب أن يكون النص سهل اللغة وعدم إستخدام الكلمات العامية . أن لا يكون النص طويل و لا قصير "خير الأمور أوسطها".

الخطابة اليونانية
يعود الفضل الأول في إرساء الخطابة واستنباط فنونها إلى اليونانيين قبل الميلاد ويعود اهتمام اليونانيين بالخطابة لارتباطها بطبيعة الحياة اليونانية التي غلبت عليها المجادلات الفلسفية والسياسية وشيوع حالة الحرية الفردية والتعبير عن الرأي ، وقد كان لظهور مجموعة من المتكلمين الذين عُرفوا بالسفسطائيين لتميزهم بالقدرة على الخطابة المؤثرة والإلقاء المحكم الدور الكبير في تطور الخطابة اليونانية مما جعل الخطابة مهنة يسعى إليها من يريد البلوغ إلى المراتب العليا من طبقات المجتمع . ويُعد مؤلَّف الخطابة لأرسطو أول مؤلَّف جامع ومنظِّر لعلم الخطابة .
وقد بلغت الخطابة ذروتها في العهد الروماني حيث برز خطباء مشهورون مثل : شيشرون وافتتحت العديد من المدارس الخاصة بتعليم الخطابة

الخطابة في العصر الجاهلي

أما الخطابة في العصر الجاهلي كان لها حظ وافر عند العرب لتمتع اللغة العربية بالفصاحة والبيان التي مثلت الجانب الأهم فيما ورد من خطب ذلك العصر .
من خطباء ذلك العصر : قس بن ساعدة الإيادي ، وخارجة بن سنان خطيب داحس والغبراء ، وخويلد بن عمرو الغطفاني خطيب يوم الفجار ، وأكثم بن صيفي .
وبطلوع فجر الإسلام على الجزيرة العربية نشطت الخطابة واشتدت الحاجة إليها لاحتياج الدين الجديد للتبليغ في نشر وإقناع الناس في دعمه ، كما كان للخطابة الأثر البالغ في جميع مراحل تطور الدعوة من استنفار الهمم للجهاد والدفاع عن الدين ضد الكائدين والمتربصين به وتبليغ أحكامه وتعاليمه للمسلمين . وأصبحت للخطابة في ظل الإسلام مواسم وأوقات كخطبتي العيدين وخطبة الجمعة

الخطابة في العصر العباسي
بلغت الخطابة أعلى ما يمكن أن يصل إليه علم من اهتمام ورعاية وإنتاج في العصر العباسي . حيث لم يكتفِ بما توفر من تجارب عند العرب بل ترجموا ما كان عند غيرهم من آداب الخطابة وفنونها إلى العربية . ومن الكتب المهمة التي ترجمت في هذا العصر كتاب الخطابة لأرسطو الذي ترجمه إسحاق بن حنين وعلق عليه الفارابي .
وكان لظهور الفرق الكلامية خصوصاً المعتزلة أكبر الأثر في ازدياد رونق الخطابة
الخطابة في العصر الحديث

بالرغم من تطور وسائل الاتصال الجماهيري وتنوع أشكالها في العصر الحديث لم تفقد الخطابة رونقها بل ازدادت أهميةً لقدرة وسائل الاتصال الجديدة من أجهزة التلفاز والمذياع المرتبطة بالأقمار الصناعية من تعميم الخطاب على عدد هائل من سكان المعمورة . والخطابة اليوم خصوصاً الخطابة السياسية والدينية تُعد من أكثر أنواع الخطابة تأثيراً في الجماهير .
أنواع الخطابة
1) الخطبة الوعظية(الدينية)

2) الخطبة الإحتفالية

3) الخطبة السياسية

4) الخطبة القضائية

5)الخطبة الإجتماعية

6)الخطبة الحربية

أجزاءالخطبة
1) المقدمة

2)العرض (السرد)

3)المناقشات

4)الملاحظات الثانوية

5)الخاتمة (الخلاصة)

خلاصة
الخطابة موهبه عظيمة ونعمة كبيرة ، و سبقنا المجتمع الغربي إلى وضع نظم و قواعد وأصول هذا الفن لكن العرب القدماء سبقوا جميع الأمم في حسن الخطابة و إتقان و روعة الأداء. حيث يقولون عن الخطابة : أن تقول فلا تبطئ . . . وأن تصيب فلا تخطئ.
مراجع
الموسوعة العربية العالمية -2009-الخطابة فن-mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid=!%C7%E1%CE%D8%C7%C8%C9! 144575_0-شوهد بتاريخ 24/5/2012


رد مع اقتباس
قديم 01-22-2013, 10:56 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الخطابة

عناية الإسلام بالخطابة
الشيخ عطية محمد سالم
المصدر: كتاب: "أصول الخطابة والإنشاء".
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/10/2008 ميلادي - 19/10/1429 هجري
زيارة: 10708

جاء الإسلام؛ فكانت عنايته بها أشدَّ واهتمامه بها أقوى، كيف لا ورسالته كلها مبناها على وحي يوحى وقرآن يتلى وقراءته عبادة، وكانت كبرى المعجزات إنَّما هي فصاحة وبلاغة، تحدث الفصحاء والبلغاء في صميم لغتهم وفي عقر ديارهم، فتراجع أمامها فرسان البلاغة، وتراجع دونها أئمَّة البيان، واستسلموا لسلطانها وسجدوا لسحر بيانها: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23].

وقد نوه القرآن الكريم عن مدى عظم الخطابة والبيان وصلتهما بالرسالات والدعاة في غير ما موطن؛ فعن أصل الرسالة يقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، أي: البيان الذي يصحبه الإقناع ويثمر الاستجابة كما عاب العجز عن الإبانة في مقام الخصومة يصحبه الإقناع ويثمر الاستجابة كما عاب العجز عن الإبانة في مقام الخصومة وإثبات الحجة في قوله تعالى عن النساء: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18]، أي: لعجزهن عن مواجهة الخصم وإقامة الحجة.

ونوَّه عن مساندتها للرسالة في قصة بَعثَة مُوسَى - عليه السلام - ومساندته بأخيه هارون كما في قوله تعالى عن موسى - عليه السلام -: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 34، 35]، فكانت فصاحة أخيه من عوامل ترشيحه للرسالة وشد عضد أخيه.

وفي مقدم وفد بني تميم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - صورةٌ واضحةٌ لعِظم أثر الخطابة في الدعوة الإسلامية، وقد ساقها المفسرون والمؤرخون: أنهم قدموا عام الوفود واجتمع الناس في المسجد، ونادَوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرج إليهم وهم المعنيون بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4].

فلما خرج إليهم قالوا: جئنا نفاخرُك ونشاعرُك بخطيبنا وشاعرنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بالشعر بُعِثْت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا)).

فقال الزبرقان بن بدر لشاب: "افخر واذكر فضل قومك"، فقال: "الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض، من أكثرهم عددًا ومالاً وسلاحًا، فمن أنكر علينا فليأتِ بقولٍ هو أحسن من قولنا، وفعلٍ هو أحسن من فعلنا".

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شماس - وكان خطيبه -: ((قم فأجبه))، فقال: "الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، دعا المهاجرين من بني عمِّه أحسن الناس وجوهًا وأعظمهم أحلامًا فأجابوه، والحمد لله الذي جعلنا أنصارَ دينه، ووزراء رسوله، وعِزًا لدينه؛ فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمَن قالها منع نفسه وماله، ومن أباها قتلناه، وكان غرمه علينا هينًا، أقول قولي هذا، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات".

ثم قام شاعرهم فأنشد، ثم أجابه حسان - رضي عنه - فقال الأقرع بن حابس - رئيس الوفد -: "والله، ما أدري: ما هذا الأمر؟ تكلم خطيبنا فكان خطيبُهم أحسنَ قولاً، وتكلم شاعرنا فكان شاعرُهم أشعرَ وأحسَنَ قولاً"، ثم دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنك رسول الله[1].

ففي تلك الواقعة بالذات ومثيلاتها، تسجيل لأهمية الخطابة ودورها الفعال في خصوص الدعوة، حيث نلمس النقاط الآتية:
1 - تخصيص الخطيب للرسول - صلى الله عليه وسلم - من قوله: فقال - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس - وكان خطيبه - مع أنه - صلى الله عليه وسلم - أُعطِي جوامعَ الكلِم، وأفصَحُ العربِ والعجم.

2 - كون الخطابة سلاحًا للدفاع عن الدعوة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لثابت: ((فأجبه))، ومعلوم أن الإجابة دفاعٌ كما قال حسان لأبي سفيان في أول الأمر: "هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأجَبْتُ عَنْهُ"[2]، فالإجابة دفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم.

3 - أن قوة الخطابة مدعاةٌ للإقناع والاستمالة، ومن ثم الاستجابة للدعوة؛ لقول الأقرع بن حابس بعد سماعه خطابة ثابت بن قيسٍ وتأثره بها: "والله، ما أدري: ما هذا الأمر؟" إلى أن قال: "فكان خطيبهم أحسنَ قولاً، وكان شاعرهم أشعر وأحسن قولاً"، ثم دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونطق بالشهادتين وأعلن إسلامه، فكان للخطابة أعظم الأثر في الدفاع عن الإسلام، وفي الدعوة إليه.

وكذلك كان لها الحظ الأوفى في قتال الأعداء؛ كما روي ابن إسحاق في غزوة بدرٍ: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحرَّضهم على القتال، وقال: ((والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرًا محتسبًا، مقبلاً غير مدبر؛ إلاَّ أدخله الله الجنة))، فكان لكلماته - صلى الله عليه وسلم - أقوى تأثير على نفوسهم، جعل أحد المقاتلين - عمير بن الحمام - يستعجل الموت، ويستطيل الحياة، فيقول: "بخ، بخ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلاَّ أن يقتلني هؤلاء"، وكان بيده تمرات يأكلهن، فقذف بهن وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل"[3]، وبهذه الروح اندفع المؤمنون إلى قتال العدو ونصرهم الله تعالى، وهكذا كان في عهد الخلفاء والفتوحات الإسلامية، كانت الخطابة تسبق القتال، وكذلك في السلم؛ فقد عُنِي بها كل العناية حتى أصبحت جزءًا من العبادة، فنصبت لها المنابر في المساجد، وجعلت في مقدمة الجُمَع والأعياد، واختص بها أفاضل الناس وأئمتهم في مهام الأمور، للأمر والنهي، والتوجيه والبيان.

وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد بيان أمر أو جد جديد يحتاج إلى بيان صَعِدَ المنبر.

وخطب الناس، كما في قصة بُرَيْرَة لما اشترط أهلها على عائشة - - رضي الله عنها - أن تعتقها ويكون الولاء لهم، خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيَّن أن كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل: ((الولاء لمن أعتق))[4].

وقد كانت خطبته في حجة الوداع خلاصةً عامةً، جامعةً شاملةً لمهام الدين، وأسسِ التعامل، منها: ((أي يوم هذا؟ في أي شهر هذا؟ في أي بلد هذا))، وفي كلها يجيبون بأنها "أوقات وأماكن محرمة"، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذه))[5]، انظر إلى قوة التأكيد في التحريم، ثم يوصي بالنساء خيرًا، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه من البيان والبلاغ في أعظم جمعٍ للمسلمين.

وكذلك خطبته بعد صلاة الصبح إلى الظهر، ومن بعد صلاة الظهر إلى العصر، ومن بعد صلاة العصر إلى المغرب[6]، ما ترك شيئًا إلاَّ وعرض له في مقامه ذلك، حفظ من حفظ ونسي من نسِي[7].

ثم من بعده خلفاؤه الراشدون - - رضي الله عنهم - وفي أحرج المواقف وأخطرها كيوم وفاته - صلى الله عليه وسلم - فذهب الكثيرون وأخذ الناس يدوكون، وعمر يهدد من يقول: مات محمدٌ.

وما كشف عن وجه الحقيقة المذهلة إلاَّ أبو بكر - رضي الله عنه - بخطبته على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد حمد الله والثناء عليه: "أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت"، ثم تلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، فهدأت عاصفتهم وثاب إليهم رشدهم حتى قال عمر: "والله، لكأني لم أسمعها إلاَّ الآن، وكأنها الآن أنزلت"[8].


ومثل ذلك يوم السقيفة، لما تنازع الناس أمرَ الخلافة، والتبس عليهم الموقف، وما أزال اللبس، ومهَّد الطريق، وثبت الحق وجمع الشمل، إلاَّ أبو بكر - رضي الله عنه - بخطبته حين قدم عليهم ومعه عمر - رضي الله عنه - وقد زوَّر كلماتٍ يلقيها، قال عمر: "والله، لقد أتى عليهن كلِّهن أبو بكر - رضي الله عنه".

وما أنهى أبو بكر - رضي الله عنه - خطبته، حتى بويع بالخلافة، بدأه بها عمر، وتتابع عليه الحاضرون، وتمت له البيعة خليفةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم[9].

وهكذا كل مَن جاء بعده من الخلفاء والأمراء والولاة، إلى أواخر العصر العباسي، ظلت الخطابة موضع العناية وأداة التوجيه إلى أن أصيب العالم الإسلامي بما يسمى (الانحطاط الأدبي)، فأهملت الخطابة، واقتصرت على الجمع والأعياد، وفي شكليات وتقاليد حتى أصبحت خطبة الجمعة تعاد وتكرر في كل جمعة من موعدها في السنة الَّتي تليها، ووضعت دواوين لهذا الغرض، وصارت مهمة الخطيب أن يتلو ما كتب غيره، فضعفت الملكات الخطابية وماتت القدرة الإنشائية.

إلى أن وجدت دعوات التحرر في كثير من البلاد الإسلامية ودعاة الإصلاح، فحرروا الأفكار وهذبوا العقائد، وتنشطت الأذهان بالدعوة أو مناقشتها، فنَشطت وانتعشت الحركة العلمية والأدبية، ونهضت الخطابة حين تنبَّهَت الملكات.

والذي نشاهده اليوم، من الحركات الكلامية والمساجلات الخطابية، إنَّما هو أثر من آثار تلك النهضة وإن اختلفت مجالاتها.

والذي يهمنا كمسلمين أولاً، وقبل كل شيء في مشارق الأرض ومغاربها، ودعاة إلى الله بوجه خاص، أن نُعنَى بالخطابة عناية فائقة، ولا سيما الخطابة الدينية على سعة مدلولها، من وعظ وإرشاد، وتوجيه وتثقيف وبيان لتعاليم الإسلام، في أصول الدين وفروعه ومحاسنه، في العبادات والمعاملات الاجتماعيات وكافة نظمه العامة والخاصة للأفراد والجماعات.

ولئن كانت هذه مهمَّة طلاب العلم في كل بلد وفي كل مدرسة أو جامعة، فإن مهمة طلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة أعظم، وهي بهم ألصق، لما تتاح لهم فرصة اجتماع بكافة أبناء العالم الإسلامي في مواسم الحج، سواء في مكة أم المدينة.

ولهذا وجب أن يُعْنى بالخطابة والإنشاء والبحث والتوسع في هذا المجال فوق ما يتخيل للبعض؛ لأننا في أمسِّ الحاجة إلى دعاة خطباء بلغاء؛ ولأننا نجزِم بحاجة كل داعية إلى قوة الخطابة بالقدر الذي يقنع من يدعوهم أو يتخذ خطيبًا لبعض المواقف، وكذلك القائد مع جنده بالقدر الذي يبث فيه روح الحماسة والشجاعة والتضحية.


ولا يتم ذلك لمن شاء النجاح فيها، والوصول إلى غايته عن طريقها؛ إلاَّ عن طريق أسس الخطابة وعوامل قوتها ونجاحها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قال السيوطي في "الجامع الكبير" (كنز العمال: 30316) [رواه] الروياني وابن منده وأبو نعيم وقال: غريب تفرد به المعلى بن عبدالرحمن بن الحكيم الواسطي، قال الدارقطني: هو كذاب؛ [ورواه] ابن عساكر.
[2] أخرجه مسلم (2490).
[3] ذكره ابن إسحاق في السيرة (سيرة ابن هشام 2/ 627) بدون إسناد، وأخرجه مسلم (1901) من حديث أنس بن مالك.
[4] أخرجه البخاري (2563)، ومسلم (1504).
[5] أخرجه البخاري (1741)، ومسلم (1679)، من حديث أبي بكرة.
وأخرجه البخاري (1739)، من حديث ابن عباس.
وأخرجه البخاري (1742) من حديث ابن عمر.
وأخرجه مسلم (1218) من حديث ابن عمر.
[6] أخرجه مسلم (2892).
[7] أخرجه البخاري (6604)، ومسلم (2891).
[8] أخرجه البخاري (4454).
[9] أخرجه البخاري (3668).


رابط الموضوع: Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 01-22-2013, 11:03 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الخطابة

تطور الخطابة الإسلامية
5 تشرين الأول (أكتوبر) 2010بقلم عبد الكريم البوغبيش

المقدمة:

الخطابةهي احدي الفنون الادبية التي کا ن لهاالدور الاساس في بثّ الدعوةالنبوية ولولافصاحةالرسول الاکرم وبلاغة لسانه لما أُستجيبت من قبل الجمهورالفصيح آنذاک وکمانعلم کانت مکانةالخطابةوالشعررفيعةالمستوي في عصرماقبل الاسلام والعصرالاسلامي ، فلهذا نري الاعجازالنبوي اعجاز ادبيّ سماويّ يتحدي الجميع ولم يستطع شخص الاتيان بمثله ولوباية واحدة، فلقدعجزکبار الخطباءوالبلغاءتحدي القران الکريم ، ونحن في هذا المقال الوجيزتحدثنا عن الخطابةوتعاريفها الّتي وردت في کتب الادب العربي نشأتهاوتطورها في العصرالجاهلِي مع ذکرلاغراضها، وبعدذلک تحدثنا عن النثرالفني في عصر صدرالاسلامِ واساليبه وذکرنا اهميّةالخطابةمن خلال النص القرآني، ثم أتينا باغراض الخطب الاسلاميّة، فمنها دينية، ومنها عسکريّةوجهاديّةوأخري سياسيّة، مع نماذج مختصرة، وفي ختام هذه المقدمة اذکربانه لانقصدمن الخطابةالاسلامية خطابةالعصرالاسلامي بل کل مايتعلق بالخطب الاسلامية دون تحديدعصر.

تعريف الخطابة :

عُرِّفت الخطابة بتعاريف عديدة ، لا يتباعد بعضها عن بعض ولكن منها ما ليس جامعاً لكل أنواع الخطبة وجزيئياتها، ومنها ما ليس مانعاً من دخول أشياء معها مثل : الوصايا والدروس والإعلانات وماشابه هذا. وقدوردت تعاريف کثيرة للخطابة نأتي بنماذج منها: الخطابة:فن مخاطبةالاخرين بطريقةالقائيّةتشتمل علي قوّة تتکلّف الاقناع الممکن في کل واحد من الامور المفردة، وهو ما يسمّي باليونانيةالروطوريقا».[1]

ويقول الاستاذابراهيم البدوي:«إنّالخطابة إحدي الفنون الراقيةالتي يحتاجها الانسان خاصةًالعلماء والمفکرين ومبلغيي الرسالة الإلهيّةوخدمة أهل الوحي والائمةوالسائرين علي درب الإصلاح والتحرير والسالکين طريق القيادة والتدبير...».[2]

ويقول ايضاً: «والخطابة في الحقيقة فن الانسان في عملية التأثيرعلي الإنسان الآخرفي کلّ القضاياالمتصلة بحياته المفتحة علي المسؤولية العامّةفي حرکته في المسير، في الدنيا والآخرة».[3] والخطابة هي أشدّ الانواع الادبية التزاماً، لأنّّها تهدف ابداً الي التأثير والإقناع، معبّرةً عن عقيدة الخطيب ورأيه في مشکلات الموجود، تشتدّ بإشتداد الأزمات الّتي ترتبط ارتباطاً جذريّاً بمصير الجماعة وتقرير مستقبلها وترجحها بين النزعات والتيّارات التي تحدق بها...».[4]

«الخطابة کانت من الفنون الأدبيّةالتي بلغت من الکمال حدّاًبعيداًوفي اليونان قدبلغوا بهذا الفن وذلک ، لأنّ خطوطهم السياسيّة کانت ترتکز الي حدّ بعيدعلي قدرتهم الخطابيّة...».[5] الخطابة:«هي شئ في جميع الامم وبکل الاجيال إليه اعظم الحاجة حتي الزنج الّذين کانوا رعاةً والفلاحيين».[6]

وجاءفي کتاب صناعة الخطابةللسيدعبدالحسين القزويني في تعريف الخطابة:«أنّهاضرب من الکلام غايته التأثيرفي الجمهور عن طريق السمع والبصر وهي فطريّة في الانسان کالنطق ».[7] وبعد ذکرما ورد من تعاريف للخطابة نلاحظ أنّ الخطابة هي من اهمّ الفنون الادبيّةالّتي تهدف الي إيصال خبرٍ أوفکرةٍ ما لجماعة من المستمعين علي نحو مؤثر ومقنع ، وهکذا نري الإقناع والتأثير هما غايتا الخطابة ومحوراهاالرئيسيان، قال الله تعالي في محکم کتابه:«وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاًٌبليغاً».[8] وأيضاًمن غاياتها إرشاد الناس الي الحقائق وحماهم علي ماينفع في االعاجل والآجل، وهي معدودة من وسائل الرياسة والزعامة، وکانوا يعدّونهاشرطا ًللإمارة فهي تکمل الانسان وترفعه الي قمم المجد والشرف والعزّة.

نشأةالخطابة العربيّة:

مما لا شکّ فيه أن عرب ماقبل الاسلام كانت لهم خطب قوية وأنهم اعتمدوا عليها في مواقفهم الهامةوالمصيريّة واستعملوها في مجتمعاتهم ودعواهم للحرب والغزو أو السلم والسلام فقد ذهب الكثير من هذه الخطب مع الزمن وحفظ لنا التاريخ قليلاً منها كما حفظ أسماء خطباء كانوا مشهورين ولم يبقَ من خطبهم شيء وذلك لفشوّ الأمية ، وبُعد الزمن. وقد كانت أسباب الخطابة متوفرة لعرب ماقبل الاسلام أي الجاهلية، فهم متمتعون بحرية قلما توفرت لغيرهم ولهم مقدرة قوية على الحديث، واللغة العربية ذات نغم يثير المتكلم والسامع ويبعث الخطيب على الاستمرار في حديثه ولهذا كانت لهم مقدرة على الکلام المرتجل ومواجهة المواضيع التي تطرأ من غير أن يكونوا قد اعدوا له حديثاً من قبل، وعلي هذا النمط الارتجالي تأتي على السنتهم العبارات البليغة والحكم الصائبة قال الجاحظ : « فما هو إلا أن يصرف العربي همه إلى جملة المذهب وإلى العمود الذي إليه يقصد فتأتيه المعاني إرسالاً وتنهال عليه الألفاظ انتهالاً "»[9] ولا يعني هذا أن کلّ خطابهم كانت مرتجلة.

أغراض الخطابةالجاهليّة:

دارت الخطابةالجاهلية في نطاق البيئة الّتي نشأت وترعرعت فيها، فکانت خطابةبطولةوفروسيّةيفوه بها الخطباءللدعوةالي القتال والحضّ علي النزال، وکانت خطابةدفاعٍٍٍ أوصلحٍ وسلام؛وکانت خطابةمفاخرةأومنافرةأمام حکم يحکم، أوفي حضرةملکٍ تميل بميله کفّةُالميزان.[10]

وکانت خطابةُزهدٍ تدعوالناس الي الصدوف عن بهارج الدنيا والتعلّق بحبال الاخرة؛وکانت خطابة کهّان يسجعون سجع الحمام في سبيل هدف غيبيّ يُطلقون وراءَه الاقاويل ، وينصبون علي جوانبه الأحابيل؛ کانت خطابةُزواج يُعقَ ويبارک، أو خطابةُموتٍيُلمّ فيفجع، ويرمي القلوب في هوّةٍسحيقةٍمن الحزن، ويحمل علي التأمّل في حقيقةالوجود؛وکانت اخيراًخطابة وصايا يتوجه بها الطّاعنون في السنّ الي أبنائهم أحفادهم للسيربهم في سبيل الخيروالشرف...[11].

وأما قيمةُ هذه الخطب من حيث الفصاحةوالبلاغةنجدها في ذروةالبيان خاصةعندالکهّان واشباههم من الذين يتسلّحون بذرابة اللسان وعنف البيان، ونستطيع القول بأنّ الأمة العربية قد بلغت من الفصاحة والبلاغة والبيان ما لم تبلغه أمة من الأمم قبلها أو بعدها وكان الشعراء والبلغاء هم فخر القبيلة وعزها ومجدها وإذا قالوا فقولهم كان بمثابةالتنزيل عندأقوامهم وإذا تكلموا فكلامهم رافع خافض ، وبلغ من عز الكلمة وشرفها ومكانتها أن كانت تعلق في جدران الكعبة أقدس مكان عندهم وأعز بنيان لديهم وكان من أشهر خطباء العرب : قس بن ساعدة الإيادي ، وقيس بن خارجة بن سنانة خطيب داحس والغبراء ، وعتبةبن أبي ربيعة، سهيل بن عمروالأعلم، ونفيل بن عبدالعزّي، وابوعمّار الطائي، وهاني بن قَبيٌصة، وسعدبن الربيع و... نموذج من خطب الجاهلية لقسّ بن ساعدة الإيادي:

هوخطيب العرب قاطبة، وبه يضرب المثل في البلاغةوالحکمةکانيدين بالتوحيد، ويؤمن بالبعث، ويدعوالعرب إلي نبذ العکوف الي الاصنام وعبادتها، ويهديهم ويرشدهم الي عبادةالخالق.ومن خُطَبِه التي خَطبها في سوق عکاظ قبل البعثة النبويّةنأتي بهذا الخطبةکنموذج للخطب الجاهليّة وهي:

أيّها النّاس اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات:وکلّ ما هو آتٍ آت، ليلٌ داجٍ ونهارٌساجٍ وسماءٌ ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحارٌ تزخروجبال مُرساة، وأرض مُدحاةوأنهار مُجراة، إنَّ في السماء لَخبرآًوإنَّ فيالأرض لعِبراً ما بال النّاس يذهبون ولايرجعون أَرضوافأقاموا؟أم تُرکوا فناموا؟يقسم بالله قسماً لاإثمَ فيه إنَّ لله ديناً هوأرضي لکم وأفضلُ من دينکم الذي أنتم عليه، إنکم لتأتون من الأمر منکراً.[12] نلاحظ في هذه الخطبة المذکورة أعلاه أنّ خطيب العرب وحکيمها يعتمد علي اسلوب السجع الموسيقيّ بعبارات قصيرة وتشابيه واستعارات کثيرة ، شديدة الوقع في قلب السامع وعاطفته.يقول الفاخوري :«انّه ينقضبخطبه علي سامعيه انقضاضاًلکي يقتلعهم من ذواتهم الماديّة وينلهم الي ذواتهم الروحيّةفيرتفعوامن صَنَميّتهم الي عبادةالله الحقّ.وهکذا فخطابته رسالةتبشيريّةتُوقظ الضمائر وترغب في الخيروالحسني.[13]

الخطابة الاسلامية وأنواعها:

قبل الدخول في الکلام حول الخطابةفي صدرالاسلام ومواضيعها رأيت من المستحسن ان اتحدث بصورة موجزة عن النثرالفني في هذا العصر:

النثر في عصر صدر الإسلام:

ذکرنافيماسبق أنّه کان للعرب نثرلم يصل الينا منه الکثيرإلا ما رُوي من أمثالهم وحکمهم ووصاياهم وخطبهم ومنافراتهم ومفاخراتهم ومحاوراتهم ونثرکهّانهم المسجّع، ثمّ جاءت الدعوةالاسلاميّة ونزل القران الکريم بلسان عربيٌّ مبين علي يد نبيّ أمين، واختلف العرب حيال ما وصل الينا من نثرجاهليّ بين مکّذبٍ ومصدّق فازدادت دواعي الحجاج والکلام والخطابة، وأخذيزدهروينموويسموويقوي. ولقدکان في کلام الباري عزّوجلّ والحديث النبويّ ألوان رائعةکثيرةمن المعاني الشريفة والأساليب الرائعة والالفاظ الساحرةالخلّابةفاقتدي بهما العرب ، ونهلوا من موردهما، وأخذوايصوغون أدبهم علي مثالها، فاتسعت أغراض النثر واستحکمت أساليبه وعذبت ألفاظه وعمقت معانيه. ومن الجديربالذکرأنّ القران الکريم والحديث النبويّ الشريف جعلا للنثر دولةو وضعاه في مکانةأسمي من مکانةالشعر ، فاصبح هو اهم ّألوان الادب في ذلک العصر.


ما هي مواضيع النثر الفني في هذا العصر؟

شملت موضوعات النثر الفني في هذا العصرما يلي:

1-الدعوة إلي العقيدة الإسلاميّة وبيان مبادئها وغاياتها وأهدافهاالمثلي الکريمة.

2-بيان السياسة الشرعِيةوالاجتماعيّة.

3-الخطابةفي الأمور الجامعة والحوادث الماجئة وفي المناسبات الکثيرة.

4-اصبح أداة الدعوة والدولةولسان المدنيّةالإسلاميّةکافة.

5-کتبت به الرسائل الدينيّة والسياسيّة.

معاني النثر الإسلامي في هذاالعصر:

1-کانت تتبع من مَعين النبوة وأدب القران الکريم من الدعوةإلي التوحيد والخُلق والفضيلةوالحقُ والخيروالإخاء الإنساني وتقرير الايمان بالله وأنبيائه وکتبه وملائکته واليوم الآخرة.

2-کانت معانيه تصدر عن عقل خصب وذهن متوقّدوتفکير منظم.

3-وتمتازبحرارةالايمان وقوّةالعقيدةفيها وبغلبة الروح الديني عليها.

4-وهي فوق هذا کلّه صورةللحياةفي هذا العصر الکريم بما اشتمل عليه من فتوحات وإنتصارات وأحداث سياسيّةوثدرات فکريّةوإجتماعيّة.[14]

أسلوب النثر الاسلامي:

جاءفي کتاب الحياةالأدبيّة بعدظهورالاسلام للخفاجي أنّ النثرالاسللامي إمتازاسلوبه بحسن السبک وجمال رصفه وقوّةنظمه وإحکام فصوله والتئام أجزائه وذلک من تأثبرهم بالقران الکريم والحديث النبويّ الجليل ؛کما يمتازببعده عن الغرابةوالاستکراه والسجع المتکلّف والخطأفي مقامات الکلام ومقتضيات الأحوال ؛کمايمتاز بکثرةمافيه من اقتباس من القران وکلام الرسول صلّي الله عليه وآله وسلّم وبقوّته و وضوحه وجلاله وسلاسته مماتجده واضحاًفي الآثارالفنيّة الأدبيّة الّتي حفل بها هذا العصر[15]

الخطابة الإسلاميّة:

فجّر الإسلام الکثير من الطاقات البشريّة الکامنة عند الإنسان العربيِّ حين تجسّد في عقولهم وصدورهم؛ بمعني أنّ الدين الجديد قدّم لهم الحوافز الفکريّة والوجدانيّة لتظهر فصاحتهم وبلاغتهم الأدبيّة بأجلي مظاهرها في هذا العصر ، ثمّ إنّ التبدّل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في حياة الناس جاء ليشحّذ أذهانهم ويکثر من دواعي القول عندهم، وذلک حين أصبحت الخطابة لسان الدعوة الإسلاميّة وأداتها الأولي الّتي تد عو العرب إلي نبذ العقائد الجاهليّة، وتحثّهم علي الدخول في الإسلام واعتناقه الّذي يخرجهم من الظلمات إلي النور؛کما کان من الواجب علي الر سول وخطبائه أن يردّوا علي وفودالقبائل العربيّةوخطبائهم للکشف عن أکاذيبهم وإظهارمفاسدهم الّتي يقيمون عليهاوشرح محاسن العقيدة الاسلاميّة الّتي تضمن لهم العزّفي الدّنيا والسعادةفي الآخرة.

ولها دورها الخاص في الحياةاليوميةللمسلمين لتقريب تعاليمها إليهم وتعميق فهمهم لدينهم الجديدوتبين أحکامه في الحلال والحرام ووتنظيم علاقاتهم ومصالحهم، وحلّ مشاکلهم في ضوء مبادئه وأحکامه. وکان للخطابةدور هام في موضوع الجهادوالفتوحات الاسلاميّةحين کان القادةوالمرشدون الدينيون يلهبون مشاعر عساکرهم بما أعدّ الله من خير للمجاهدين والشهداءفيتسابقون إلي ميادين الحرب والقتال من غيرخوف أو رعب يرُجف الصدورلتحقيق النصرأوالشهادةفي سبيل الله، کلّ هذا الايمان مرضاةً لله جلّ وعلا«عجلّتُ إليک ربّي لترضي»[16]

أهمية الخطابة من خلال النص القرآنيّ :

لقد نوه القرآن الكريم على مدى عظم البيان بالقول وصلته بالرسالات والدعاة في غير ما موضع فمن ذلك أن الله عز وجل كرّم الإنسان وامتنّ عليه بأن جعل له جزءاً من أعضائه يستطيع به البيان والإفصاح عن مراده والتعبير عن شعوره وأفكاره ، قال الله تعالي: « ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين»[17] ومما يبين قدر هذه النعمة والإحساس بعظمتها النظر إلى من حرمه الله من هذه النعمة أو من بعضها ، فعندما عرَّض عدو الله فرعون بعلة لسان رسول الله موسى فيما حكاه القرآن من قوله : « أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين».[18]

عندما حدث ذلك وبعد أمر الله عزّ وجلّ موسى بدعوة فرعون ومن معه دعا ربه أن يؤيده بأخيه هارون قال عز وجل :« قال ربي أني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لسان فأرسل إلى هارون ».[19]


وقال تعالي حاكياًعن لسان موسي:

« وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني أني أخاف أن يكذبون* قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ»[20] ، فكانت فصاحة أخيه من عوامل ترشيحه للرسالة وشد عضد أخيه. وفي قُدوم وفد بني تميم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - صورةٌ واضحةٌ لعِظم أثر الخطابة في الدعوة الإسلامية، وقد ساقها المفسرون والمؤرخون: أنهم قدموا عام الوفود واجتمع الناس في المسجد، ونادَوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرج إليهم وهم المعنيون بقوله تعالى: «ِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ» [21].

فلما خرج إليهم قالوا: جئنا نفاخرُك ونشاعرُك بخطيبنا وشاعرنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما بالشعر بُعِثْت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا».فقال الزبرقان بن بدر لشاب: «افخر واذكر فضل قومك»، فقال: «الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض، من أكثرهم عددًا ومالاً وسلاحًا، فمن أنكر علينا فليأتِ بقولٍ هو أحسن من قولنا، وفعلٍ هو أحسن من فعلنا».

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شماس - وكان خطيبه : «قم فأجبه»، فقال: «الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، دعا المهاجرين من بني عمِّه أحسن الناس وجوهًا وأعظمهم أحلامًا فأجابوه، والحمد لله الذي جعلنا أنصارَ دينه، ووزراء رسوله، وعِزًا لدينه؛ فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمَن قالها منع نفسه وماله، ومن أباها قتلناه، وكان غرمه علينا هينًا، أقول قولي هذا، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات». ثم قام شاعرهم فأنشد، ثم أجابه حسان - رضي عنه - فقال الأقرع بن حابس - رئيس الوفد: «والله، ما أدري: ما هذا الأمر؟ تكلم خطيبنا فكان خطيبُهم أحسنَ قولاً، وتكلم شاعرنا فكان شاعرُهم أشعرَ وأحسَنَ قولاً"، ثم دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنك رسول الله».[22]. وإننا نلاحظ مدي اهميةالخطابةودورها البنّاءفي نشرالدين الجديد وهي إحدي الفنون الادبيّة الّتي ساهمت بصورةمياشرةوفعّالةفي تثبيت الإسلام و إحکام بنيانه ونشره في الجزيرةالعربية ومن ثم بثه في ارجاءالمعمورةولولا وجود الخطباء الاکفياء لماانتشرالاسلام هذاالانتشارالواسع ولماا حتلّ هذه المکانة المرموقة في صدور الناس وعقولهم ، نعم ، وجود خطباءکفء في مقدمتهم من أُنزل عليه کلام الله الذي هدي به البشريّة من الظلمات الي النوروهو الرسول الأکرم محمّدصلي الله عليه وآله وسلّم ينطق بلسان عربيّ مبين، يقو ل تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» [23]، أي: البيان الذي يصحبه الإقناع ويثمر الاستجابة كما عاب العجز عن الإبانة في مقام الخصومة يصحبه الإقناع ويثمر الاستجابة، كما عاب العجز عن الإبانة في مقام الخصومة وإثبات الحجة في قوله تعالى عن النساء: «أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ» [24]، أي: لعجزهن عن مواجهة الخصم وإقامة الحجة.

أنواع الخطابةالاسلامية:

تعددت انواع الخطابة ومواضيعهافي العصرالاسلامي ، فهي تُلقي في کثير من المحافل الاجتماعيّةوالسياسيّةوالدينيّة والادبيّةوغيرها ، فاصبحت تتماشي ومقتضيات الحال فمنها خطب دينيّةوخطب سياسيّة، وجهاديّة، والعسکرية، والقضائيّة، والتأبينيّةوغيرهاولکن نحن لسنا بصدد التعريف يهاکلها، بل سنتحدث عن اهمّ انواع الخطابة التي لعبت دوراً مميزاًوهامّاً في توسيع ونشر الدين الجديد الاسلامي مع ذکر نماذج من فحول الخطباء الاسلاميين علي رأسهم الرسول الاکرم صلي الله عليه وآله وسلّم وفي مايلي شرح لبعض انواع الخطب الاسلاميّة:

1-الخطابةالدينيّة:

من اهمّ الخطب الاسلاميّة تلک الّتي کانت تُلقي علي مسامع النّاس لإرشادهم الي الله عزّ وجلّ وبيان احکام دينه. وقد وردت تعاريف متعددةللخطب الدينيّة في عديد من الکتب الادبيّة نأتي بعضٍ منها: الخطب الدينيّة:«هي الخطب الّتي تُلقي في المساجد والکنائس ، متعمدة التأثيرعلي السامعين وحضهم علي الفضيلة وترک متاع الدّنيا».[25].

«وهي الّتي تُلقي لوعظ النّاس وإرشادهم وتبصيرهم في شؤن دينهم وتوضيح عقائدهم وحثّهم علي المعروف ونهيهم عن المنکر».[26]

لاحظنا مماسبق من تعاريف أنّ غاية الخطب الدينيّة هي ارشاد الناس الي تقوي الله وکسب رضاه ونيل سعادة الدّنيا والآخرة. من الخطب الدينيةنأتي بنموذج مقتطف من خطب سيدالخطباءالرسول الاکرم عليه افضل الصلاةوالسلام: بُعث الرسولُ الاکرم عليه أفضل الصّلاةوالسلام في الأمة العربية بمعجزة لم يأتِ بها نبيٌّ أويُبعث بها رسول، ألا وهي كتاب يتلى وبيان يقرأ ، فاق كلام البشر وقدرة الخلق وبلاغة الإنس والجن إلى يوم القيامة وصدق الله عز وجل إذ قال: « قل لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا »[27] وكان رسول الله أفصحُ النّاسِ وأبلغُهم وأخطبُهم ، وخطبُه محفوظةومدوّنة.

قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم بعدحمدالله ثنائه :« ايها الناس انّ لکم معالِم، فانتهوا الي مَعالمکم و انَّ لکم نهايةً فانتهوا الي نهايتکم فانّ العبد بين مخافتين أجَل قد مضي لايدري ما الله فاعل فيه و أجل باقٍ لايدري ما الله قاضٍ فيه. فَلياخُذ العبد من نفسِهِ لِنَفسِهِ و من دنياه لِآخرتِهِ و من الشبيبة قبل الکبر و من الحياة قبل الممات. فوالذي نفسُ محمدٍ بيدهِ. ما بعد الموت مِن مُستَعتَب و لا بعد الدنيا من دابرٍ الاّ الجنة أو النار.»[28]

إنَّ خطب الرسول کثيراًماتکون قصيرة العبارات کثيرةالمعاني، وفيها حثٌّ للاعمال الصالحة ونهيٌّ من ارتکاب الباطل ، فيها تبشير وفيهاوعيد، تبيشر بالجنة ووعيد بجهنّم.وهي من حيث الإلقاءتکون ارتجاليّة ، تُبدأبالبسملة وحمدوثناءالباري تبارک وتعالي ، لأنَّ الخطبة التي لا تفتتح بالحمد لله تسمى« بتراء » كخطبة زيد بن أبيه بالبصرة في عصر بني أمية ، و الخطبة التي تخلو من الشهادة بعد الحمد لله ، تّسمّي «جذماء»ومما يؤكد ذكر الشهادة في خطبة الجمعة. قال رسول الله : « كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء » والجذماء هي المقطوعة.

ومن خصائص خطب النبيّ محمّد عليه افضل الصلاةوالسلام أنّها تُفتتح بـ«ا لحمدلله ونستعين بالله، نؤمن به ونتوکل عليه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذبالله من شَرور أنفسنا ومن سيئات اعمالناومَن يهدِه الله فلا مُضلّ له ومن يُضلل فلا هادي له واشهدألّا إله إلا الله وحدَه لا شريک له.وبعضٌ منها تفتتح بهکذا عبارات:أُوصيکم عبادالله بتقوي الله وأحثّکم علي طاعته، أو بذکر «الله أکبر».[29] وتُختتم بذکر السلام عليکم وعلي رسول الله ورحمةااللةوبرکاته والسلام عليکم ورحمةالله وبرکاته والله اکبر ولا قوّة إلا بالله العظيم والسلام عليکم.

وقد كانت خطبته في حجة الوداع خلاصةً عامةً، جامعةً شاملةً لمهام الدين، وأسسِ التعامل، منها: «أي يوم هذا؟ في أي شهر هذا؟ في أي بلد هذا»، وفي كلها يجيبون بأنها "أوقات وأماكن محرمة"، فيقول - صلى الله عليه وسلم : «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذه»[30] انظر إلى قوة التأكيد في التحريم، ثم يوصي بالنساء خيرًا، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه من البيان والبلاغ في أعظم جمعٍ للمسلمين.

2- الخطابة السياسيّة:

«هي الخطب الّتي تُلقي في شئون الدولة وسياستها ولإظهار بعض الإمور الّتي تحتاجها أو لإطلاع الجماهير علي مسلک الحکم وعلي الخطوط العريضة الّتي رسمها لنفسه وعلي النهج الّذي يريد أن ينتهجه والسبيل الّذي سيسلکه في إدارة البلاد وإنعاش امور العباد».[31] ويقول الحاوي:«تتناول الخطب السياسية الموضوعات الّتي تتعلق بتنظيم الجماعة وإقامة الحکم فيها أَ کان ذلک في المجالس النيابيّة، أم في الاجتماعات الإنتخابيّة، فضلاًعن الندوات العامة والمحافل الدوليّة».[32]

3-الخطب العسکريةّ والجهاديّة:

«هِي الخطب الّتي يلقيها القادة -عادةً-إلي الجندوالعساکروأغراضهامعروفة، منتثبيت للإقدام وبعث العزيمة في النفوس وإذکاءُلحماسة الجند والدفع بهم إلي القتال بثقةٍ بالنفس وصلابةٍ وقوّة».[33] ومن الخطب العسکرية ناتي بخطبة طارق بن زيادذلک القائدالعربي الذي فتح بلادالاندلس حيث ال فيها: «ايّها الناس اين المفَرُّ، البحرُ من ورائکم و العدّو امامکم و ليس لکم والله الّا الصِّدقَ و الصبرواعلموا أنکم في هذهٍ الجزيرة أضيعُ من الايتام في مآدب الّلئام و قد استقبلکم عدّوکم بجيشه و أسلحتُه و أقوانُه مُوفُورةُ و انتم لا وَزَرَ لکم الّا سيوفکم و لا أقوات الا ما تستخلصُون من ايدي عُدوُّکم إن امتَّدت بکم الايام علي افتقارکم، ولم تسنجزوالکم امراً ذهب ريحکم ، وتعوّضت القلوب من رُغَبها منکم الجُرأَةَ عليکم، فادفعوا عِن أنفسکم خِذلانَ هذهٍ العاقبه من أمرکم بِمُناجَزَة هذِهِ الطّاغَية.... و اعلموا أنّي أول مُجيب الي مادعوتکم اليه. و انّي عند مُلتقي الجَمعين، حاملٌ بنفسي علي طاغية القوم لذريق فقاتله ان شاءَ الله فاحملوا معي فان هلکتُ بعده فقد کُفيتم أمرَه و لن يُعوزکم بَطَلٌ عاقل تُسندون أمورکم اليه و ان هلکت قبل وصولي اليه. فاخلفوني في عزيمتِي هذهِ و احملوا بأنفسکم عليه و اکنفوا المُهِمَّ في فتح هذِهِ الجزيرة بقتله فانَّهُم بعده يُخذلون.».[34]

کمانعلم أنّ طارق بن زيادذلک البطل الذي فتح بلاد الاندلس ، وکان خطيباً مصعقاً مقداماً يعشق المجد وتصبو نفسه الي الفتوحات، ولم تهز عزيمته في فتح اسبانيا جيوش رودريک ملک الاسبان، ولم يتراجع بل أحرق اسطوله البحري ليقطع امل النجاة فلا نجاة اليوم إمّا النصر وإمّا الموت، فخطب خطبه الشهيرة الّتي ورد ذکرها.

الاستنتاج:

1-الخطابة هي احدي وسائل الدفاع عن الدعوة النبويّة ، وكان لها أعظم الأثر في الدفاع عن الإسلام، وفي الدعوة إليه ولولاها لما وصل الينا الاسلام.

2 - إن قوة الخطابة مدعاةٌ للإقناع والاستمالة، ومن ثم الاستجابة للدعوةالنبويّة.

3- وكذلك كان لها الحظ الأوفى في قتال الأعداء؛ كما روي ابن إسحاق في غزوة بدرٍ: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحرَّضهم على القتال، وقال: «والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرًا محتسبًا، مقبلاً غير مدبر؛ إلاَّ أدخله الله الجنة»، فكان لكلماته - صلى الله عليه وسلم - أقوى تأثير على نفوسهم، جعل أحد المقاتلين - عمير بن الحمام - يستعجل الموت، ويستطيل الحياة، فيقول: «بخ، بخ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلاَّ أن يقتلني هؤلاء، وكان بيده تمرات يأكلهن، فقذف بهن وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل»[35]، وبهذه الروح اندفع المؤمنون إلى قتال العدو ونصرهم الله تعالى، وهكذا كان في عهد الخلفاء والفتوحات الإسلامية، كانت الخطابة تسبق القتال، وكذلك في السلم؛ فقد عُنِي بها كل العناية حتى أصبحت جزءًا من العبادة، فنصبت لها المنابر في المساجد، وجعلت في مقدمة الجُمَع والأعياد، واختص بها أفاضل الناس وأئمتهم في مهام الأمور، للأمر والنهي، والتوجيه والبيان.

المصادر:

1-القرآن الکريم

2- ابن ابي الحديد. عبدالحميد بن هبة الله:شرح نهج البلاغه. الطبعةالثانية دارالفکر. بيروت 1373هـ ش

3- ابن الاثير، عزالدين ابن الحسن علي: اسدالغابة في معرفة الصحابة، دارالآفاق. بيروت. بدون تاريخ.

4- ابن قتيبه، ابومحمد عبدالله بن مسلم: الامامة و السياسة، منثورات الرضي. قم هـ ش1363.

5- ابن قتيبه، ابومحمد عبدالله بن مسلم: عيون الأخبار، الطبعة الاولي دار الکتب العلمية بيروت 1986 م.

6-إبن هشام، عبدالملک: السيرةالنبويّة، ، تحقيق مصطفي السقا وزميله، مطبعة عيسي البابي الحلبي1979م.

7-أرسطو:کتاب الخطابة؛تعريب أبراهيم سلامة، مصر مطبعةلجنةالبيان1953م.

8- بدوي، إبراهيم:فن الخطابة، دار الامير، بيروت الطبعةالاولي ، 1994م.

9- الجاحظ، ابوعثمان عمروبن بحر: البيان و التبيين، مطبعة الفتوح الادبيّة، القاهرة 1332هـ.ش

10-حاوي، إيليا:فن الخطابةوتطوره عندالعرب، دارالثقافة، بيروت1417هـ.

11- الحوفي. احمد محمد: فن الخطابه، الطبعةالثالثة، دارالفکر العربي، بدون تاريخ.

12-الخفاجي ، عبدالمنعم:الحياة الادبيّةبعدظهورالاسلام، دارالجيل، بيروت1990م.

13-زکي صفوت، احمد: جمهرة خطب العرب في عصور العربيّة الزاهرة. الطبعةالاولي، دارالحداثة. بيروت 1985م.

14- زيدان، جرجي، تاريخ آداب اللغة العربية، دارمکتبة الحياة، بيروت، 1983 م

15-الصالح، صبحي:نهج البلاغة، الطبعةالاولي، بيروت، 1387 هـ ش

16-الطبري. ابوجعفر محمدبن جرير:تاريخ الطبري. چاپ سوم. دارالکتب العلمية، بيروت 1048هـ.1988م.

17-عبدربه، احمد بن محمد: العقد الفريدالطبعةالاولي، دارالکتب العلمية. بيروت.

18- عبده ، محمد:شرح نهج البلاغة، المکتبة التجارية الکبري، المطبعةالرحمانيه. بدون تاريخ.

19- العسکري، ابوهلال الحسن بن عبدالله بن سهل: کتاب الصناعتين الکتابة و الشعر، الطبعةالاول، داراحياء الکتب العربّية، 1371هـ.ش

20.الفاخوري ، حنّاء:الجامع في تاريخ الادب العربي(الادب القديم)، دارالجيل الطبعة لثانية، بيروت1995م.

21-فروخ ، عمر: تاريخ الأدب العربي، دار النشر توس، ايران، طهران، الطبعةالثانية، 1382هـ. ش.

22.القزويني، سيدعبدالحسين:صناعة الخطابة، مؤسسة البلاغ، بيروت1408هـ

23-المسعودي، ابوالحسن علي بن الحسين: مروج الذهب و معادن الجوهر. الطبعةالرابعة، مطبعةالسعادة، القاهره 1384هـ-

24-ميرلوحي، سيدعلي:مختارات من روائع الأدب العربي في العصرالإسلامي، سمت، طهران1381هـش

25.الهاشمِي، أحمد، جواهرالادب، دارإحياءالتراث العربي، الطبعةالاولي بيروت1999م.

26-اليسوعي، لويس شيخو. علم الخطابه، چاپخانه الاباء السيوعيين، بيروت 1890م.

حواشي:

[1]أرسطو، 1953م، ص100.
[2] بدوي، إبراهيم، 1994م ، ص13.
[3]المصذرنفسه ص8.
[4] حاوي، إيليا، 1417هـ. ص8.
[5]أمين، أحمد، ج1ص252.
[6]الجاحظ، 1332هـ، ج3 ص6.
[7]القزويني، سيدعبدالحسين، 1408هـ، ص5.
[8]النساء/99.
[9] الجاحظ، 1332هـ، ج3ص28.
[10] الفاخوري ، حنّاء، 1995م، ص117.
[11] المصذرنفسه ص117.
[12] الهاشمِي، أحمد، 1999م، ص239 .
[13] الفاخوري ، حنّاء، 1995م، ص125.
[14]ميرلوحي، سيدعلي، 1381هـش .
[15] الخفاجي ، عبدالمنعم ، 1990م، صص98-101.
[16] طه/84.
[17] البلد/9.
[18] الزخرف/52.
[19]الشعراء/13.
[20] القصص/30-34 .
[21] الحجرات/4 .
[22] قال السيوطي في "الجامع الكبير" (كنز العمال: 30316) [رواه] الروياني وابن منده وابو نعيم.

[23]ابراهيم/4 .
[24]الزخرف18.
[25] حاوي، إيليا، 1417هـ24-25.
[26] بدوي، إبراهيم، 1994م ، ص73.
[27]انفال/12.
[28] زکي، صفوت. احمد، 1985م، صج1ص101.
[29] ابن قتيبه، 1363هـ ش، ج2ص251.
[30] اخرجه البخاري"1741"ومسلم"1679"من حديث ابي بکرةِ.
[31] بدوي، ابراهيم، 1994م، ص75.
[32] حاوي، إيليا، 1417هـ، ص23-24.

[33] القزويني، سيدعبدالحسين، 1408هـ ص42.
[34]الهاشمي، أحمد، 1999م، ص272.
[35] سيرةابن هشام، 1979م/6272 .

Cant See Links


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:46 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir