آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 35675 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 24488 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 30867 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 32326 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 65743 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 59953 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51801 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 34214 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 34444 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 40364 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-03-2007, 06:06 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صديقة الاطفال

مشرفة

مشرفمشرف

صديقة الاطفال غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









صديقة الاطفال غير متواجد حالياً


حكاية مصرية حكاية جدو ( قصة تاريخية للأطفال )

حكاية مصرية حكاية جدو ( قصة تاريخية للأطفال )

عاد وائل من مدرسته سعيدا ... دخل حجرته ثم وضع حقيبته .. ثم انطلق يبحث عن جده فوجده في حجرته يختم صلاته وما أن أتمها حتى انطلق إليه وائل يحدثه
وائل : كيف حالك الآن ياجدي العزيز
الجد : مرحبا وائل .. ماذا فعلت في الإختبار ؟
وائل : كان اختبارا سهلا ... المهم ... انتهت المذاكرة ... وعليك أن تحكي لي حكاية عن المغول كما وعدتني ... وأذكرك أن وعد الحر دين عليه
الجد : هاهاها .. وأنا عند وعدي يا وائل ... من أين نبدأ ..
وائل لقد جمعت بعض معلومات عن الموضوع ... من ماما وبابا ..والمكتبة .. فأنا لا أعلم أي شئ عن المغول كما قلت لك ...
الجد : وماذا عرفت عنهم ؟
وائل : قل لي أولا ... هل المغول هم التتار ؟
الجد : لقد أطلقوا عليهم التتار ... ولكن ليست هذه هي الحقيقة ؟
وائل : وما هي الحقيقة ؟
الجد : قل لي أولا ... ماذا عرفت عن المغول ؟
وائل : قال أبي أن قائدهم يدعى ... يدعى ... آه تذكرت يدعى جانكيس خان ...
الجد : نعم ... ولكن هذا ليس اسمه ... إنه لقب ..
وائل : لقب ؟!! ... وما اسمه الحقيقي ... ومامعنى هذا اللقب ؟
الجد : معنى جانكيس خان ( الحاكم الأعظم ) ... أما اسمه الحقيقي فهو تيموجين
وائل : اسم القائد تيموجين ... ولكن من هم المغول ومن أين أتو ؟
الجد : إنهم جيش جرار من الرعاة البدو
وائل : جيش من الرعاة البدو ... أنا أتصورهم أناس بدائيين لا يعرفون فنون القتال ومن كلمة جيش جرار أفهم أنهم كانوا يعتمدون على كثرتهم

الجد : لا... إنهم كانوا بارعين في فنون القتال حتى إن الطفل الصغير يتدرب فيهم على ركوب الخيل في سن الخامسة تقريبا
وائل : أي أنهم جيش كبير من الجنود المدربين
الجد : لقد كانت الحرب هي شغلهم الشاغل وكانوا ذوي أجسام قوية
وائل : إنهم إذا جيش مخيف ...
الجد : نعم هم كذلك ..
وائل : ولكن كيف كانت بدايتهم ؟
الجد : كانت بدايتهم هي بداية جانكيس خان ؟
وائل : وما حكاية جانكيس خان ؟
الجد : هذه مغالطة ... لقد اتفقنا أن أحكي لك حكاية عن المصريين أيام القائد قطز الذي انتصر على المغول ... وأنت تريدني الآن أن أحكي لك عن جانكيس خان .
وائل : احكي لي عن جانكيس خان ... أو تيموجين قائد المغول حتى أفهم قصتك ..
الجد: حسنا ... الغداء لم يعد بعد ... سأحكي لك قصة تيموجين باختصار إلى أن تجهز أمك الغداء
وائل : كلي آذان صاغية
الجد : كان يا ما كان في منغوليا بآسيا ولد صغير يدعى تيموجين ... وكان تيموجين ابن يوسكاي رئيس القبيلة ... وحينما كان تيموجين في التاسعة من عمره قتل التتار أبوه ... فاشتغل هو وإخوته في صيد السمك من نهر أونون كما قاموا بعمل شراك لصيد الحيوانات ليواجهوا نفقات الحياة ... وكانت أمهم تجمع التوت البري وتبيعه لتربي صغارها ... ولم تكن لقمة العيش هي شغلهم الشاغل فقط ... بل كانوا يتدربون على ركوب الخيل وفنون القتال كباقي أفراد القبيلة ... حتى بلغ تيموجين مبلغ الرجال ... فقرر أن يتحالف مع طغرل زعيم قبيلة كرايت .... كما تحالف مع جاموكا وقرر أن يكون ( آنذا)
وائل : وما معنى آنذا ؟
الجد : آنذا يعني أخا في الدم
وائل : أي أنه أصبح له حليفين أحدهما هو زعيم قبيلة كرايت ... ويدعى ...سأتذكر .. اسمه طغرل
الجد : الإسم صحيح
وائل : ثم تحالف مع ذلك الذي جعله ( آنذا) أي أخا في الدم ... وكان اسمه جاموكا
الجد : أنت منتبه جيدا.
وائل : أكمل يا جدي .. وماذا حدث بعد ذلك
الجد : أغارت قبيلة ميركيت على قبيلة تيموجين
وائل : لماذا ؟
الجد : ليس لسبب ... هذا هو شأنهم مع بعض .. فهم قبائل يغير بعضهم على بعض .. ويغتصب أحدهم أموال بعض
وائل : أي أنهم يعيشون بالحرب وللحرب
الجد : نعم ... وفي إحدى غارات قبيلة ميركيت على قبيلة تيموجين إختطفوا عروسه
وائل : وهل كانت له خطيبة في ذلك الوقت ؟
الجد : نعم وكان اسمها بورتي ... فاستعان تيموجين بحليفيه جاموكا وطغرل ... واستطاع أن يسترد عروسه
وائل : حسنا .. أكمل من فضلك يا جدي
الجد : ولما أصبح تيموجين في سن الرجال جمع عدة قبائل تحت إمرته ... إما بالغزو وهذا هو الشائع بينهم ... أو اشتراهم بالغنائم ... ثم هزم التتار اللذين قتلوا والده وقد كان عديم الرحمة
وائل : كيف ؟ هل أغار عليهم واستعبد رجالهم ؟
الجد : لا ... لقد أباد جميع الرجال ... باستثناء الذكور الصغار ... أما الأطفال والنساء فقد استرقوا ... وعمليا لم تقم للتتار قائمة بعد ذلك
وائل : وطبعا أصبح أقوى بعد ذلك ..
الجد : أجل ... ولكن حدث تحول في التحالفات
وائل : كيف ؟
الجد : لقد اعترض حليفيه جاموكا وطغرل على قوة تيموجين الكامنة في استحوازه على كل هذه القبائل والغنائم وحده
وائل : أي اختلفوا ... وكرهو أن تكون له كل هذه القوة وحده ... حسنا .. وماذا حدث بعد ذلك ؟
الجد : هجم تيموجين على جيش طغرل في معركة شرسة دامت ثلاث أيام
وائل : أيحارب حليفه ؟!
الجد : نعم ... بدأ بطغرل وسحق جيشه سحقا ... ثم أغار على قبيلة النايمان وهزمهم وأسر حليفه جاموكا
وائل : انتظر !!... أليس هذا هو أخيه في الدم ( آنذا ) ؟
الجد : نعم .
وائل : وماذا فعل به ؟
الجد : قتله
وائل : قتله !!! ... تخلص من حليفيه وحتى الذي آخاه في الدم
الجد : نعم ... وهكذا كون تيموجين نفسه كقائد بمساعدة حليفيه ثم تخلص منهما
وائل : وماذا حدث بعد ذلك ؟
الجد : لما بلغ تيموجين سن الأربعين إجتمع مجلسا لكبراء القبائل ومن بينهم تيموجين وقروا أن يلقبوه بلقب جانكيس خان
وائل : جانكيس خان يعني الحاكم الأعظم ..أليس كذلك ؟
الجد : نعم ... وهكذا تقدم المغول بقيادة جانكيس خان ولم يقف في وجههم شئ ولم يهزموا ولا مرة واحدة
وائل : لم يهزموا أبدا أبدا ... لقد سمعت أنهم توغلوا كثيرا حتى أنهم وصلوا لبعض بلاد أوروبا
الجد : نعم وقد اقتربوا جدا من مصر فقد احتلوا العراق ثم سوريا وقبل أن يدخلوا مصر قابلهم جيش المصريين بقيادة قطز وهزمهم ... كانت هذه هي الهزيمة الأولى وقد تراجعوا بعدها وانكمشوا حتى تخلص العالم من شرورهم
وائل : ولكن يا جدي ماهو سر استمرار المغول ولماذا لم ينهزموا أبدا طوال هذه الفترة ؟
الجد : لقد كان المغول بارعون في القتال .. ولم يكن لديهم شفقة أو رحمة فكان من الممكن أن يبيدوا قرية بأكملها ليضمنوا استسلام كل ما حولها ثم أنهم كانوا يلجئون للحرب النفسية
وائل : كيف ؟ لا أفهم هذه العبارة ؟
الجد : كانوا مثلا يصنعون حرابا لها ثقوب لتحدث صفيرا أثناء مشي الجنود فيظن الناس أنهم يسخرون الجان فيلقوا الرعب في نفوس أعدائهم ..
وائل : فهمت أي أنهم كانوا يلجئون للإرهاب .
الجد : نعم .. وما لا يصلوا إليه بالقوة يصلون إليه بالمكر والدهاء
وائل : وكيف استطاع المصريون فقط من كل هذه البلاد الكثيرة أن يهزموا هذا المارد المخيف المسمى المغول .
الجد : هذا يطول شرحه ... وستتبينه في القصة .
وائل : إحكي لي الآن .
( تدخل أم وائل الغرفة لتدعوهم للطعام )
الجد : أرأيت ... إنه موعد الطعام ... هيا للطعام أولا ... وبعدها أحكي لك ما تشاء
* * *
تتقدم أم وائل لسفرة الطعام بينما يسحب الجد كرسيه ليجلس فيدخل أبو وائل البيت في هذه اللحظة
فيفرح وائل لمقدمه فيسلم الأب على أهل بيته ثم يذهب ليغسل يديه
وائل : سآكل بسرعة حتى أستمع لقصة جدي
الأم : ماذا ستحكي لنا اليوم يا أبي
الجد : المهم يا سيد وائل ممنوع الأكل بسرعة حتى لا تصاب بعسر هضم وتذكر أن عملية المضغ مهمة جدأ لهضم الطعام ..
( يأتي أبو وائل ويجلس على كرسييه )
الأب : سمعت شيئا عن الحكايات ... فماذا ستحكي اليوم يا أبي
الجد : سأحكي حكاية مصرية في عصر قطز ...
الأب : سأتخلى عن ساعة النوم وأسمع مع وائل يا أبي
الأم : وأنا أيضا أحب حكاياتك يا أبي
الجد : إتفقنا ... سأحكي لكم جميعا بعد الغداء


حكاية جدو


في غرفة المعيشة يدخل وائل وهو سعيد ثم يدخل الجد ثم يتبعه الأب فيجلس وائل بجوار جده ثم تدخل أم وائل ومعها عصير الليمون المثلج ثم تجلس بجوار زوجها ويبدأ الجد في سرد القصة
الجد : كان يا ما كان في قديم الزمان رجل حليم اسمه فهيم وكانت زوجته هنية جميلة بهية


* * *
يجلس فهيم على الكنبة الوثيرة ومن خلفه مشربية كبيرة والستائر مسدلة على جانبيها والسجاد يفرش الأرضية كلها ثم تدخل زوجته هنية وقد ظهر عليها الحمل وقد أسندت ظهرها بيد وأمسكت صحنا في اليد الأخرى لتضعه أمام فهيم
هنية : لقد صنعت لك العاشورة ... هاهي
فهيم : سلمت يداك يا هنية
( يدق الباب فتفتح هنية ليدخل ابن الجيران ومعه صحن عاشورة )
هنية : أين أنت يا سعيد لقد ناديت عليك ولم تلبي
سعيد : كنت ألعب مع الصغار على السطح
( تأخذ منه هنية الصحن وتعطيه صحنا آخر )
هنية : كل عام وأنت بخير ... خذ هذا الصحن لأمك ثم تعالى لتأخذ باقي الصحون لباقي الجيران
سعيد : سمعا وطاعة سآتي فورا
( تجلس هنية لتكمل طعامها )
فهيم : هات صحن أم سعيد ... ( يتذوق منه )
فهيم : إنه لذيذ ولكن ما صنعته أنت أحلى
هنية : لقد وضعت فيه القشدة والمكسرات
فهيم : آآآه .. القشدة والمكسرات ... لقد عرفت السر ( يضحكان )
* * *
على سطح البيت تجلس صباح وإيفون وقد أثقلهما الحمل... و الأطفال يجرون هنا وهناك ولا يهدؤن وهما عاجزتان عن إطعامهم
صباح : يا ولد ... تعالى هنا ... إهدأ قليلا ... تعالي أنت ياابنتي
( الأطفال يمرحون ويلعبون ولا يستجيبون لهم )
إيفون : لا فائدة
( تدخل هنية السطح فتسلم على جاراتيها )
هنية : كيف حاليكما ؟
إيفون : بخير
صباح : هل خرج فهيم ...
هنية : نعم ... هل أكل الأطفال ؟
إيفون : أبدا يا هنية لا نقدر على الجري خلفهم ... سأتركهم حتى يتعبون من اللعب ويهدؤن قليلا
صباح : سينامون فورا ... هاتي الصحن أنا سأطعمهم
( يستجيب الأطفال لهنية ويأكلون )
إيفون : الأطفال يحبونك يا هنية ولا يأكلون إلا معك ... أليس كذلك يا صباح
صباح : أجل ... أنت تريحينا من عناء الجري ورائهم ليأكلوا
إيفون : وهي أيضا تحب الأطفال كما يحبونها ... أدعو الرب أن يعطيك طفلا هذا العام
صباح : آمين
* * *


في بهو بيت هنية فهيم متوتر قلق ... بينما صوت صراخ هنية يعلو من وقت لآخر ثم نسمع صوت بكاء طفل .. ومن بعدها تخرج الخالة أم ابراهيم الداية من غرفة هنية
فهيم : بشريني يا خالة
أم ابراهيم : مبروك .. رزقك الله ببنت كالقمر
فهيم : الحمد لله وكيف حال هنية
أم ابراهيم : بخير يا ولدي ... ماذا ستسميها يا فهيم
فهيم : سأسميها زهرة على اسم امي
ينظر للداية بفرح ثم يخرج من جيبه مبلغ من المال ليعطيها أجرها
أم ابراهيم : فرحتنا بابنتك لا تقدر مبروك يا ولدي ... سأذهب الآن فصباح وإيفون تلدان وينبغي أن أكون معهما
* * *
تريزا أخت إيفون قلقة لاتهدأ ولا تستطيع الجلوس وبينما هي على هذا الحال تصل ام ابراهيم الداية
تريزا : أدركينا يا خالة ... إيفون متعبة جدا هذه المرة
( تسرع أم ابراهيم لغرفة إيفون و بعد قليل نسمع صراخ الطفل فتجلس تريزا بعد أن اطمأنت قليلا وهي تحمد الله )
تريزة : أشكر الرب . .. أتمنى أن تكون إيفون بخير
( تخرج أم ابراهيم من الغرفة )
أم ابراهيم : حمدا لله على سلامة أختك يا تريزا ... لقد تركت أمك بالداخل تعتني بها وجئت أحدثك على انفراد
تريزا : خيرا يا خالة !!
أم ابراهيم : كما تعلمين أختك صحتها ضعيفة جدا ... فهذا هو طفلها السابع ... لن أوصيكي على تغذيتها .. أما الطفل فهو بخير والحمد لله
تريزا : بالنسبة للتغذية سأفعل كل مافي وسعي
أم ابراهيم : لقد جئت توا من عند صباح .. وهي تعاني مما تعانيه أختك .. أتمنى أن يقدرا على إرضاع الطفلين


يتبع


أم ابراهيم وصباح وإيفون يجلسن في السطح بعد أن مر على الولادة شهر ... يوجد بالسطح تكعيبة للعنب وكراسي خشبية يجلسن عليها ...
أم ابراهيم : لقد حزنت لموت ابنة هنية ... ولكنها سيدة مؤمنة صابرة
إيفون : لقد تطوعت وأرضعت ولدي وولد صباح بعد أن كادا أن يموتا .. من الجوع
صباح : لم نعد قادرتان على إرضاعهما
إم ابراهيم : إن صحتكما ضعيفة ... وعليكما بالإعتناء بها لتستطيعا أن تخدما أبنائكما
صباح : معك حق يا خالة أم إبراهيم ... ونحمد الله أن أرسل لنا هنية تنقذ حياة طفلينا
إيفون : لقد اقترحت عليها أن تسميهما مادامت ستتولى رعايتهما
* * *
هنية في البهو وقد تعافت .. وبجوارها الطفلين تنظر لهما بسعادة وفهيم سعيد لسعادتها ويشاركها في مداعبة الطفلين
فهيم : حمدا لله على سلامتك يا هنية ... كل شئ يهون ... المهم سلامتك
هنية : ليس لدي ما أرد به على كلماتك ... كنت أتمنى أن أسعدك بطفل ولما وصل
فهيم : لا تكملي ... فليس بيدك أو بيدي ... إنها إرادة الله وهيهات أن نفهم حكمته
هنية : الحمد لله الذي عوضني بولدي هذان , لقد قالت إيفون وصباح علي أن أسميهما فما رأيك
فهيم : لا أعرف ماذا نسميهما
هنية : سأسمي هذا عزيز ... وهذا حبيب
فهيم : عزيز وحبيب ... اسمان جميلان
* * *
مرت عشر سنوات وها هي هنية وصباح وإيفون قلقات ينتظرن بالسطح والأطفال من حولهم قد كبروا ...
هنية : لقد تأخرا ... ترى ماذا حدث لكما يا أحبائي
إبنة صباح : لقد وصل حبيب وعزيز
( يدخل السطح طفلان في العاشرة مبتسمان سعيدان )
إيفون : يبدوا أنهما نجحا
هنية : أحقا يا عزيز ... أحقا يا حبيب
الطفلان : نجحنا
( تضمهما هنية وهي سعيدة بهما بينما تزعرد باقي النساء )
* * *
هولاكو حفيد جنكيس خان في قاعة من قاعات أحد قصوره يتحدث إلى بعض أتباعه
هولاكو : لقد قررت أنا هولاكو العظيم أن أغزو غرب آسيا ..العراق والشام ثم أبدأ أفريقيا بمصر
وقد جلبت ألف خبير منجنيقات من الصين
وأصبح حجم الجيش مئة وخمسين ألف جندي ... وقد طلبتكم لتكونا عيوني في بغداد ودمشق والقاهرة ... أنتم تتكلمون بلسان عربي وهذا سيسهل مهمتكم
أحد الرجال : ولكن ما هي مهمتنا على وجه التحديد ؟
هولاكو : أريد أخبار المكان الذي تصلون إليه أولا بأول ... وأريدكم أن تثيروا الفتن بين الناس و تحرقوا المزارع والمصانع في جميع الولايات وتضعفوا قوتهم حتى إذا وصلنا كانت مهمتنا سهلة
( يشير هولاكو لأحد جنوده فيأتي له بزجاجات سم صغيرة ... ثم زجاجات كبيرة بها مواد سريعة الإشتعال )
هولاكو : هذا هو السم وهذه مواد حارقة سريعة الإشتعال ستتدربون عليها جيدا
أحدهم : وكيف سنتلقى التعليمات
هولاكو : بالحمام الزاجل وستدربون عليه أيضا
* * *
فهيم يجلس في دكانه بين العطارة يتحدث إلى أحمد صبيه
فهيم : هات ورقة وقلم لنكتب ما نقص في المحل
أحمد : الزعفران أوشك أن ينتهي
فهيم : الزعفران .... وماذا أيضا
( يدخل عزيز وحبيب الدكان ليسلما على فهيم )
عزيز : لقد جئنا ..
فهيم : مرحبا بالقمران ...
حبيب : لقد أعجبتنا هدية النجاح شكرا لك يا أبي فهيم
فهيم : العفو يا سيد حبيب ... المهم أن تنجحا دوما ..
عزيز : وأين نصيبنا من السكر النبات .. ( يقوم فهيم يناولهم السكر النبات )
فهيم : هاهو نصيبك ... وهذا نصيب حبيب
حبيب : وأين نصيب أمنا هنية ..
فهيم : هاهاها ...يعجبني أنكما دوما لا تنسيا أمكما هنية .. خذ يا سيدي ... هذا نصيب أمك هنية
* * *
جواسيس المغول في الصحراء متوجهون إلى مصر وهم كثيرون رجال ونساء يتحدث أحدهم لزميله
ميرزا : ها قد وصلنا مصر تقريبا ... ماذا سنفعل يا كيوك ؟
كيوك : إياك يا ميرزا أن أسمعك تناديني باسمي ثانية : علينا أن نتعامل بأسمائنا التي اختارها لنا مولانا هولاكو
ميرزا : أنت اسمك السيد علاء ... وأنا مبروك ... وأنت أبا الفضل ... وأنت خليفة ... وأنتي قيثارة ... وأنتي منيرة ..
كيوك : ولكن ينبغي أن تكون بين الناس يا مبروك كما أمر هولاكو العظيم فكيف يكون ذلك وأنت لهجتك المصرية غير سليمة
ميرزا : بسيطة ... علي أن أدعي البلاهة والثأثأة ... ك ك ك ... كيف ... ح ح ح حالك ؟
( يضحكون جميعا من كلامه )
كيوك : على كل منا أن يتوجه وجهته ... فعليكم أنتم أن تتوجهوا لصعيد مصر ... وأنتم إلى الشرقية
... وأنتم إلى الغربية ... وأنتم إلى الإسكندرية ... أما نحن فنتوجه إلى القاهرة وسندخل على أننا تجار عرب وهاتان الحلوتان سنبيع إحداهما للملك المنصور والأخرى لفرد من أفراد الشعب له أهمية
ميرزا : لا تنسى اسم النخاس الذي سيتعامل معنا وينفذ خطتنا
كيوك : لدي معلومات كاملة عنه ... إنه زميلنا لا تقلق
* * *
في السوق وبين الحوانيت نجد ميرزا أو مبروك كما سماه هولاكو .. وقد علق على رقبته مجموعة من السبح الكبيرة ولبس ثيابا بالية وراح يتكلم كلام الدراوييش بصوت عالي وكلام تغلب عليه الثأثأة
مبروك : يا رب يا كريم .. ارزقنا واطعمنا واسقينا يا رب
فهيم : خذ هذه ( يعطيه صدقة )
مبروك : يأخذ عدوك وينصرك على من يعاديك
فهيم : من أين أنت يا أخي ... لم أرك هنا من قبل
مبروك : من بلاد الله التي هي لخلق الله .... يا صاحب الملك يا كريم
* * *
في سوق آخر من أسواق القاهرة نخاس يبيع الإماء والعبيد يقترب منه أبا الفضل والسيد علاء ثم يقولا له :- كبيرنا يقرؤك السلام فيرد النخاس قائلا:- وعليه السلام ... أين البضاعة فيرد أبا الفضل
:- هاتان الحلوتان فيقول النخاس :- سمعا وطاعة ... سأنفذ من الغد
* * *
في خان الحاج أحمد عوف دخل الجواسيس الثلاثة أبا الفضل والسيد علاء والسيد خليفة فتعرفوا على صاحب الخان وعرفوهم بأنفسهم كتجار عرب فأنزلهم الحاج أحمد في خانه ورحب بهم
* * *
بعض عبيد قصر السلطان يوزعون الطعام على من بالسوق ومن بالشارع ... فيتقدم منهم فهيم يأخذ صحنا ويسأل أحد العبيد ..
فهيم : خيرا إن شاء الله هل هو نذر لمولانا السلطان المنصور ( يقف مبروك يستمع )
العبد : لا ... إن مولاتي أم علي أمرتنا بتوزيع هذه الحلوى على الناس جميعا
فهيم : لماذا يا ترى ؟ أهو نذر ؟
العبد : لأنها تخلصت من مولاتي شجرة الدر وثأرت منها كما قتلت زوجها
فهيم : آآآه ... ولهذا توزع الحلوى
العبد : خذ صحنك ودعني أكمل عملي
( يقترب الجيران الثلاثة فهيم وعلي وبطرس ثم يجلسون بالكراسي أمام دكاكينهم متقاربين يأكلون الطعام السلطاني ويتحدثون ... أما مبروك فقد أخذ صحنا يأكله بالقرب منهم ليستمع ما يدور من كلام )
بطرس : الله ... إن طعمه لذيذ جدا ... ما ألذ الطعام السلطاني بالزبيب والمكسرات ... ترى ماسم هذا الطعام
علي : هل هذا هو كل ما يشغلك ... سميه أم علي ( يضحكان من كلامه )
فهيم : ما أسرع الأحداث من حولنا ... لقد قتلت شجرة الدر السلطان أيبك ... ثم تولى ابنه المنصور
بطرس : لقد رأيته في الموكب الذي ركبه من القلعة إلى قبة النصر ... إنه صبي صغير
علي : ثم قتلت أم علي شجرة الدر
بطرس : من قتل يقتل ولو بعد حين
علي : وها نحن نأكل نذر أم علي
فهيم : أرجو الله أن يوفق الملك المنصور ... فهو حديث العهد و صغير السن
علي : وهل تظن أنه هو الذي يحكم ... لقد قال لك بطرس إنه صبي صغير ... إن الحاكم الفعلي هو وزيره ووزير أبيه شرف الدين الفائزي
* * *
في غرفة الجواسيس بالخان جلس الجواسيس الثلاثة يدبرون ويتحاورون
علاء : لقد طفت بالقاهرة اليوم ووجدت مصنعا للزجاج مبنيا من الخشب يعمل به عددا لا بأس به من الرجال ... فلو اسطعنا إحراق المصنع بمن فيه
أبو الفضل : علينا دراسة الموضوع . ولنبدأ من الغد
خليفة : ولكن ينبغي أن نتعامل مع الناس غدا صباحا ليكتمل التقرير الذي سنرسله لهولاكو
علاء : علينا أن ننتهي من هذا الموضوع بأسرع وقت لكي نكمل مهمتنا

* * *
الوقت مبكر والحوانيت مغلقة وفهيم أتى مبكرا يسبح الله فإذا به يجد مبروك نائما أمام دكانه
فهيم : بسم الله الرحمن الرحيم ... أنت يا .... لقد نسيت ما اسمه .... آه مبروك ( يستيقظ مبروك )
فهيم : لماذا تنام هنا يا رجل ... أليس لك مكان يؤويك ؟ ( يصل أحمد صبي فهيم )
أحمد : صباح الخير يا حاج فهيم
فهيم : صباح الخير يا أحمد ... أنظر لهذا المسكين ليس له مأوى
مبروك : ربك هو الوهاب
فهيم : إسمع يا احمد .. عندما يأتوا الصبية خذهم إلى المخزن وهيئوا له غرفة لينام بها .. وابلغ زوجتي هنية أن تفرشها له
مبروك : اسكنك الله في فسيح جناته
* * *
مخزن فهيم في نفس بيته بالدور الأرضي وهاهم العمال ينظفون حجرة بالمخزن لمبروك
أحمد : إحملوا هذه الأجولة وضعوها في الغرفة الأخرى
مبروك : ربك هو الوهاب ... ربنا يخليك يا عم فهيم
أحمد : كله من أجلك يا عم مبروك ... ادعي لنا
مبروك : ربنا ينجينا من شر قداقترب ... ينجينا من زمان العجب
أحمد : زمان العجب !!!
مبروك : يا خوفي من زمان العجب ... فيه الحرب من غير سبب ... وفيه الدم للركب ... من الأزهر للحسين وعد وانكتب
أحمد : ماذا تقول ؟!!
مبروك : وعد وانكتب ... وعد وانكتب
* * *
الجواسيس الثلاثة يطوفون بين الحوانيت ثم توقفوا أمام حانوت علي للأقمشة
علي : يا أهلا وسهلا بالكرام ... تفضلوا ... هل تريدون أقمشة ... ملاءات ... فوط
خليفة : نعم أريد عشر ملاءات وخمس فوط
أبو الفضل : وأنا مثله ... وأريد من هذا القماش المزركش
علاء : أما أنا فأريد عشرين ملاءة ... وعشرين فوطة
( ينظر لهم علي مليا ثم يقول )
علي : خذوا مني نصف البضاعة ومن بطرس النصف الآخر
علاء : أليس لديك كل الكمية
علي : بل عندي .. ولكن هذه البيعة كبيرة .. ونصفها يكفيني ويرضيني ... أما بطرس فهو لم يبيع اليوم
( ينظر الرجال بعضهم لبعض )
* * *
حبيب وعزيز في فناء المدرسة يتحدثان مع بعض اصدقائهما
حبيب : مادام زميلنا سعد لم يأت اليوم فيجب علينا أن نزوره في البيت ... فمن منكم يعرف بيته
عزيز : قبل أن نذهب لسعيد ينبغي أن نمر على آباءنا في الدكاكين لنبلغهم بغيابنا
صديقهم : إذا نتقابل بعد إبلاغ آباءنا ونذهب معا .. فأنا أعرف بيته
* * *
الأطفال الثلاثة يزورون زميلهم سعد الذي لم يحضر للمدرسة ... بيته متواضع ... إخوته يجرون من هنا لهناك ويلقون بالأشياء هنا وهناك
حبيب : خيرا يا سعد ما الذي أخرك عن المدرسة ؟
عزيز : هل أنت مريض ؟
زميلهم : دعوه يتكلم ... ( يطرق سعد خجلا )
سعد : الحقيقة أنا لست مريضا .. ولكن أنتم تعلمون أن أمي كانت مريضة وتوفيت من عدة شهور ... وكلما زاد الوقت كلما ازددنا ارتباكا ... لقد نسيت أختي أن تغسل لي ثيابي بالأمس ... نقعتها وتركتها
عزيز : لا بأس يا سعد ... فأختك ما زالت صغيرة حاول أن تساعدها وأن تذكروا بعظكم بعض
سعد : أنا سعيد لأنكم جئتم لزيارتي ... سأمر على أبي أستأذنه ثم آتي معك أنقل الدروس
حبيب : وأين يعمل أبيك ؟
سعد : إنه يعمل في مصنع الزجاج بجوار البيت ( يقوم الأصدقاء ليذهبوا مع سعد )
* * *
الأصدقاء الأربعة في المصنع ... يشاهدون ويراقبون العامل وهو يلتقط الزجاج المنصهر بعصاة حديدية مفرغة والزجاج المنصهر كالعجين فينفخ في طرف العصا لتنتفخ قطعة الزجاج ثم يشكلها
سعد : هييه ... هل نسيتم أنفسكم ... هيا نذهب لأبي
حبيب : اعذرنا فهذه أول مرة نشاهد صناعة الزجاج
عزيز : أجل حبيب معه حق ( يتوغلون لداخل المصنع حيث يغلف الزجاج في أقفاص بها قش حتى لا ينكسر ... فيجدون أبو سعد يحمل قفصا ملئ بالقش والزجاج فيبتسم لولده واصدقاءه ثم يضع القفص جانبا ليكلمهم )
سعد : السلام عليك يا أبي
أبو سعد : وعليك السلام يا سعد
سعد : هؤلاء أصدقائي أتو للسؤال عني لما تغيبت عن المدرسة
أبو سعد : مرحبا بكم يا أحبائي
سعد : هل تسمح لي يا أبي أن أذهب لبيت حبيب أنقل منه الدروس التي فاتتني
أبو سعد : لا مانع ... ولكن لا تتأخر
سعد : شكرا لك يا أبي

بسم الله الرحمن الرحيم

سعد وحبيب وعزيز وصلوا لبيت هنية حيث كانت تتحدث مع إيفون وصباح
هنية : السلام عليكم .. أهلا بك
سعد : وعليك السلام
عزيز : وضعت كتبي هنا ... آه هاهي
حبيب : وأنا سأشرح لك الدرس
هنية : لماذا تأخرت عن المدرسة ما دمت لست مريضا ( ينظر لها سعد ولم يجيب )
هنية : لا تكن كسولا يا سعد ( يبكي سعد )
صباح : وهل يبكي الرجال
إيفون : لا تتكاسل مرة أخرى ... هنية تلفت نظرك لصالحك
حبيب : دعونا الآن سنذاكر على السطح ... ويجب أن يعلم الجميع أن سعد ليس كسولا
هنية : لم أشأ أن أبكيك يا ولدي ( يتركونها وينصرفون فيبدوا الندم على وجه هنية )
* * *
تدخل هنية السطح حيث حبيب وعزيز
هنية : لقد رأيت صاحبكم من الشباك وهو ينصرف ماله سريع الغضب
حبيب : لأنك أحرجته ... إنه مسكين ماتت أمه ولا يجد من يرعى شؤنه وأخته تحاول أن تساعدهم
ولكن يبدوا أنها ليست قادرة
هنية : ياللطفل المسكين ... كل هذا الهم الكبير يحمله .. وكم له من الإخوة والأخوات
عزيز : هو وإخوته سته
هنية : ياللصغيرة المسكينة ... ستة أطفال والأب .. يعني سبعة أفراد ... كيف تخدمهم
هنية : لابد أن نحاول مساعدتهم
إيفون : ما الحكاية ؟
صباح : أشركينا معك ..
* * *
في بهو بيت هنية تحكي هنية لزوجها فهيم عن هؤلاء الأطفال المساكين وهي متأثرة جدا وفهيم يهدئ روعها
فهيم : وما الذي يحزنك الآن ؟
هنية : كل ما حكيته لك عن هؤلاء الأطفال المساكين ولا تدري لماذا أنا حزينة
فهيم : إن الحزن لا يحل مشكلة ... وهي مشكلة كبيرة ... كان يجب أن تجدي فكرة بدلا من هذا الكلام الذي لا فائدة منه
هنية : قالت إيفون وصباح أنهن سيخبزن الفطير والشريك ويزورون هؤلاء الأطفال
فهيم : والله فكرة ... وعندما يجد الأطفال طعام جاهز يتفرغون لباقي شؤنهم
هنية : نعم ... هذه العادة عند الموت ... ولكن هؤلاء الأطفال يريدون حلا آخر
فهيم : لا أفهم فيم تفكرين
هنية : إنهم يريدون حلا دائما ... لا ينبغي أن نذهب جميعا بمخبوزاتنا مرة واحدة ثم ننقطع مرة واحدة ... بل كل منا تصنع مخبوزاتها في يوم وبعد عدة أيام تذهب واحدة أخرى
فهيم : كلام معقول
هنية : وسأجهز لهم في مرة طعام مطهي ... ومرة أخرى مخبوزات وهكذا
فهيم : عين العقل ... أنا موافق
* * *
في غرفة الجواسيس بالخان يجلس الجواسيس الثلاثة أبو الفضل وعلاء وخليفة يتحدثون
أبو الفضل : علينا أن نكتب تقريرنا الأولي عن مصر لهولاكو
(علاء يملي على أبو الفضل )
علاء : أكتب … الشعب المصري شعب مترابط جدا … يحبون بعضهم البعض لدرجة الإيثار … كلهم يعبدون الله … بعضهم مسلمون وبعضهم مسيحيون … مازلنا نبحث عن الأهداف التي سندمرها … أما مهمتنا مع المصريين فهي صعبة جدا لما سلف ذكره من ترابطهم وتعاونهم
خليفة : لقد اخترت مصنع الزجاج وعلينا أن ندبر للحريق بدقة
أبو الفضل : ولهذا لا يجب علينا أن نتعجل حتى لا يكون للفشل معنا نصيب
* * *
فهيم في دكانه مع صبيه أحمد يحدثه
أحمد : لقد نفذ الزعفران والزبائن يسألون عنه فمتى نشتريه
فهيم : لم يصل الحاج سليم بعد فأنا لا أشتري بضاعتي إلا منه
أحمد : وإلى أين سافر
فهيم : لقد أرسل لي رسولا من العراق وقال إنه لن يتأخر
أحمد : أتمنى أن يصل سريعا
فهيم : كان المفروض أن يصل بالأمس ولكنه لم يأتي … إذهب إسأل عنه يا احمد
( يدخل الحاج سليم الدكان ويسلم على من بالمكان )
سليم : السلام عليكم
فهيم : وعليك السلام … غير معقول … يقولون إبن الحلال يظهر عند ذكره …
سليم : وها أنا قد أتيت ( يعانقه فهيم )
فهيم : حمدا لله على سلامتك .. لقد أوحشتنا
سليم : وأنتم أيضا
فهيم : وكيف بغداد وأهلها ؟
سليم : بخير
أحمد : هل أحضرت لنا الزعفران يا عم الحاج سليم
سليم : الزعفران وكل ماتريد … ستصلك البضاعة بعد صلاة الظهر
فهيم : المهم أنك حضرت فقد أوحشتني … وأوحشتني حكاياتك ..ستأتي اليوم تسهر عندي مع علي وبطرس
سليم : في السطح كالمعتاد
فهيم : سأنتظرك لا تتأخر
* * *
هنية تحمل سبتا به طعام ومخبوزات على رأسها وتقف أمام باب بيت سعد ومعها حبيب وعزيز ..
فيدق عزيز الباب فيفتح لهم طفل صغير لا يتعدى عمره الأربع سنوات .. تدخل هنية وتضع السبت وتجلس على كنبة قريبة من الباب … وفي أثناء ذلك سمعت جلبة بالداخل ثم صوت صراخ طفل .. فانزعجت وقامت تسأل عن الحكاية
هنية : ماذا هناك … يا من بالدار
( تخرج فتاة في الثانية عشر من عمرها تحمل طفلة صغيرة لم تكمل الثانية من عمرها ورجلاها محمرتان وتصرخ من الألم
هنية : ماذا هناك
الفتاة : كنت أصنع الشاي وذهبت لأحضر السكر فسحبت المفرش من على المنضدة فوقع عليها الشاي ( تأخذ هنية الطفلة منها وتضعها في حجرها )
هنية : يا حبيبتي المسكينة … هاتها يا … ما اسمك يا حلوة
حبيب : أنا حبيب صديق سعد وهذه أمي هنية
الفتاة : مرحبا بكما … وانا سعاد
هنية : تعالي نغسل رجلها بالماء البارد أولا
سعاد : تفضلي ( بينما هما تدخلان يدخل سعد من باب البيت المفتوح )
سعد : مرحبا بكما
حبيب : أهلا بك
عزيز : جئنا مع أمنا هنية ( تخرج هنية وهي تحمل الطفلة الصغيرة )
هنية : إذهب يا حبيب أنت وسعد لأبيك فهيم هات من عنده وصفة للحرق ( تجلس هنية على الكنبة )
هنية : هات لي مشط أمشطها ( الطفلة مستسلمة لهنية )
* * *
يجلس فهيم وعلي وبطرس على السطح يحتسون الشاي . وبينما هم كذلك يدخل عليهم سليم فيحيونه ويرحبون به
بطرس : حمدا لله على سلامتك … أوحشتنا يا رجل
علي : هل تغيب عنا كثيرا لتعرف معزتك عندنا
فهيم : وهل هو لا يعرف حتى الآن
بطرس : ما هي أخبارك وأحوال العراق وأهله
فهيم : متى ستسافر مرة أخرى
سليم : لست أدري فالأخبار في العراق ليست على ما يرام ولا أدري كيف ستسير الأمور
فهيم : كيف ؟
سليم : يقولون إن المغول على الأبواب
فهيم : هل تركتهم يستعدون للقتال
سليم : يا ليتهم كانو يفعلون … يقولون إن الوزير ابن العلقمي أشار على المستعصم بقطع أرزاق أكثر الجند
على : يفعل ذلك في مثل هذا الوقت … لماذا ؟ وقد قال الله سبحانه وتعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل )
فهيم : هذا قرار غير عاقل وإن صدر عن المستعصم لقلنا أنه خليا من الرأي والتدبير … أما أن يشور عليه الوزير بذلك فهو أمر عجيب !!
بطرس : ولكن كيف عرفت كل هذا ؟
سليم : لي أصدقاء هناك لهم مراكز كبيرة بالقصر … ويبدوا أنه فاض بهم الكيل وراحوا يتكلمون خوفا ويأسا
على : كان الله في عونهم … إنه أمر يغيظ
سليم : يبدوا أنهم يطمعون في مصانعة المغول ويظنون أنهم سينالون ذلك بهذه الطريقة
بطرس : المغول على ما نسمع عدوا قويا … وإن أغروهم بتصفية الجيش لن يتركوهم
سليم : هذا ما يخشاه الناس
فهيم : الحق معهم … فما الذي يدعوا هولاكو لأن يتركهم إن كان يمكن أن يأخذهم ببساطة
سليم : أرجو أن تأتي العواقب سليمة
فهيم : نتمنى ذلك
* * *
الحارة مزينة بالأعلام والفوانيس ودكان فهيم مزدحم والناس يشترون التمر والمكسرات فهيم يتكلم مع أحد الزبائن وهو يدفع له النقود
فهيم : ومتى ستكون الرؤية بإذن الله
الزبون : الليلة بعد آذان العشاء تعالى معنا إلى المسجد لتعرف متى يكون رمضان
* * *
يدخل فهيم بيته فيجد هنية تنتظره وهي سعيدة وصوت الأطفال في الحارة يغنون أغاني رمضان
هنية : كل عام وانت بخير .. غدا رمضان هل عرفت ؟
فهيم : طبعا أنا قادم من الجامع وقد ثبتت الرؤية
هنية : هاهم الأطفال يغنون
فهيم : على ذكر الأطفال … ماذا ستفعلين في رمضان لسعد واخوته
هنية : سنرسل لهم جميعا أول يوم رمضان . ثم نقسم العمل كل يوم واحدة منا ترسل لهم , ولقد انظم لنا أناس كثيرة من الحارة
فهيم : الحمد لله … هكذا اطمأنيت عليهم
هنية : الحمد لله هل ستسهر اليوم للسحور
فهيم : طبعا … تعالي نرى الأطفال من الشباك وهم يغنون
* * *
الحارة مزينة بالأعلام والفوانيس وقد اقترب موعد الإفطار ونرى في الحارة موائد صغيرة (طبلية) رصت بجوار بعضها البعض وعليها أنواع الطعام … وجلس رجال الحارة جميعا أمام الموائد بجوار بعضهم البعض والصبية يحولون الصحون من البيوت ويضعوها على الموائد ونلاحظ أن بطرس يجلس بين الرجال وكذلك مبروك … يؤذن الآذان فينتظر الجميع حتى ينتهي المؤذن ثم يبدأون الطعام … يمر رجلا مسرعا يريد أن يلحق ببيته للإفطار فيمسك به أهل الحارة
فهيم : تعالى يا أخي … أقسمت عليك أن تفطر معنا أولا ثم تكمل مع أولادك … تفضل
* * *
على السطح هنية وصباح وإيفون وحولهم البنات والأطفال الصغار يتناولون طعام الإفطار
* * *
صباح وهنية وإيفون ينظفون الخضار في بيت صباح و باب البيت مفتوح … وبينما هم يتحدثون كان حبيب وعزيز يجرون هنا وهناك ثم يصعدون السلم وينزلون وهما يتسابقان وبينما هم بالطابق الثالث عند شقة صباح دخل مبروك شقة إيفون التي كان بابها مفتوح في الدور الثاني ثم دخل المطبخ فوجد قدرا مغطى فرفع الغطاء فوجده منقوع الكركديه فأخرج من جيبه السم ووضع في القدر الذي أمامه على المنضدة ثم تلفت حوله بسرعة وأغلق الإناء … ثم خرج مسرعا … فقابله حبيب وعزيز وهما يتسابقان .. فاستوقفاه يسألاه
حبيب :ماذا تفعل هنا ؟!!
مبروك : كنت أبحث عن السيدة أم جرجس .
عزيز : وماذا تريد منها ؟
مبروك : أنا صائم جائع ..أريد أن أعرف منها هل ستصنع كنافة لذيذة كالتي صنعتها بالأمس
( يضحك عزيز وحبيب على كلام مبروك )
حبيب : تريد أن تطمئن على مستقبلك الغذائي … إطمئن يا سيدي … ستأكل اليوم قطائف
( مبروك يدعي الحزن )
مبروك : يعني هذا أنه لا كنافة اليوم ياللخسارة
( يضحك الطفلان ثم يكملان سباق الجري ولكن داخل شقة إيفون حتى يصلا إلى المطبخ فيحاول حبيب الإمساك بعزيز …فيجرى منه حبيب وهاهم حول المنضدة التي تتوسط المطبخ وعليها منقوع الكركديه … ثم يمسك بها عزيز وهو يفلت من حبيب ويجري فتقع المنضدة فينسكب الكركديه على الأرض فيتوقف الولدان ينظران لبعضهم البعض)
حبيب : أنظر لما فعلت
عزيز : لم أكن أقصد … لو علمت أمنا إيفون ستخاصمنا
حبيب : علينا أن نصنع غيره في القدر وننظف المكان بسرعة قبل أن يلتفت لنا أحد
( القدر انسكب على آخره ولكن بعض أوراق الكركديه مازالت فيه … يأخذ عزيز القدر ويضعه على المنضدة بعد أن أعادها حبيب لوضعها ثم أضاف المزيد من أوراق الكركديه ثم أضاف حبيب الماء ثم غطيا الإناء كما كان … ثم قاما بتنظيف الأرضية
عزيز : مارأيك
حبيب : كأن شيئا لم يكن ( يضع كل منهما يده على الآخر ويخرجان من البيت )
* * *
في غرفة الإستقبال جلس أبو وائل وأمه يستمعان للجد … أما وائل فقد كان غاضبا
الجد : وماالذي يغضبك إلى هذا الحد
وائل : أنا غاضب من هذا الغشاش القاتل … كيف يعيش مع الناس ويعاشرهم فيكرموه ويؤووه ويطعموه ثم يقتلهم بالسم … لو أنه شهر السيف في وجوههم كان أفضل له ولكنه جبان
الجد : أنا أتعجب منك يا وائل … فأنت تعلم من البداية أنه ما دخل مصر إلا ليقتل ويخرب
وائل : معك حق … أكمل من فضلك
* * *
اليوم هو ثاني أيام رمضان والرجال جالسون ينتظرون الآذان على الموائد الصغيرة بالحارة … وأكواب الكركديه توزع على الحاضرين … يؤذن الأذان ويبدأ الجميع في تناول الطعام ويشربون مع طعامهم … نلاحظ وجود مبروك الذي يأكل معهم ولا يشرب
* * *
بعد صلاة العشاء كانت هنية ببيتها تعاني من مغص شديد وزوجها فهيم يعاني من نفس الحالة فيطرق الباب فيتحامل فهيم على نفسه ويفتح الباب فيجد بطرس وقد أصابه ما أصابهم
بطرس : مابك أنت الآخر … لقد أصيبنا جميعا بمغص … والصغار يتقيأون … جئت أسألك عن دواء من عطارتك
فهيم : أنا لست أفهم السبب لأصف الدواء
( بينما هما يتحدثان جاء علي وهو يتأوه ويتألم من المغص … ثم توافد بعض الرجال من الحارة لنفس السبب … والجميع يشكو نفس الشكوة وكلهم يطلب دواءا من فهيم )
فهيم : في هذه الحالة لابد من استدعاء الطبيب
* * *
يدخل مبروك غرفته صامت … يجلس على سريره يحدث نفسه :- ترى مالذي حدث … إن هذا السم الذي وضعته هو سم زعاف يقتل في ثواني … فما الذي حدث ( يتأمل زجاجة السم ثم يقول لنفسه ) :- لقد قال لي هولاكو أن أتعامل مع هذا السم بحذر … فنقطة واحدة منه تكفي لقتل قبيلة … وأنا لم أبخل عليهم به … فماذا حدث ؟؟!!
* * *
في الحارة ... الرجال مجتمعون بالحارة ينتظرون الطبيب الذي صعد أحد البيوت ليكشف على أهلها
ثم يظهر الطبيب مع رب البيت الذي فحصهم الطبيب .. فيقول لهم :- يكفيني ما رأيته ... هذه حالات تسمم ولا بد من أخذ دواء تركيب الآن ..
علي : ومن أين يأتينا التسمم ؟
بطرس : إنه شئ عجيب
فهيم : هل تريد شيئا من العطارة فأنا عطار ودكاني هنا بالحارة
الطبيب : حسنا ... افتح الدكان لنصنع الدواء بسرعة
( ينصرف الطبيب مع فهيم الذي يفتح له الدكان )
* * *
يجلس الجواسيس الثلاثة بغرفتهم بالخان يدرسون عملية حرق المصنع ... ويضعون أمامهم خريطة للمصنع
أبو الفضل : هاهي الخريطة ... العمال يدخلون من هذا الباب ... ثم يترك الجميع البوابة ويبدأون عملهم من أمام الفرن هنا ... ثم لا يعودون للمنطقة التي أمام البوابة إلا بعد الظهيرة حين ينتهون من ملئ الأقفاص بالمنتجات الزجاجية
علاء : ماذا تريد أن تقول
أبو الفضل : البوابة ... البوابة مهملة في الصباح المبكر ... فلو أننا أغلقنا البوابة من الخارج كما يفعلون ليلا وأشعلنا النار سيحترقون قبل أن ينقذهم أحد
خليفة : لا بأس فلننفذ غدا صباحا
الجميع : اتفقنا
* * *
في بهو بيت هنية النساء ينامون من التعب هنا وهناك ومعهم الأطفال ... تفيق هنية من النوم فتوقظ النساء وتطمئن عليهم
هنية : لقد نمنا من التعب بعد تناول الدواء
إيفون : أحمد الرب لقد كتب لنا عمرا جديدا
صباح : لقد زال المغص ولكن أين الرجال
( تنظر هنية من المشربية فتجد الرجال مجتمعين بالحارة يسهرون على راحتهم ... وقد زال الخطر عنهم جميعا )
هنية : لقد زال الخطر والحمد لله ... علينا أن نطمئن على باقي أهل الحارة وندعو الرجال للراحة بعد هذه الليلة الرهيبة
* * *
الجواسيس يطوفون حول المصنع والعمال يفدون إليه حتى وصل كل العمال واختفوا بالداخل فأغلق أبو الفضل الباب بالمغلاق الحديد الذي كان موضوعا بجوار الباب لهذا الغرض ... وما أن أتم أبو الفضل مهمته حتى انطلق الجواسيس الأربعة يمشون مع السور للجهه الأخرى من المصنع ثم صعد مبروك وتسلق لسقف المصنع ثم سكب سوائل على السطح الخشبي هذا والثلاث جواسيس الباقين يتحدثون بصوت عال ليلفتوا النظر إليهم حتى يكمل مبروك عمله
أبا الفضل : ما رأيك يا خليفة نذهب لذلك اللبان في ميدان الحسين فإن لديه حليب ممتاز
خليفة : في الصباح الباكر أفضل الشاي أو القهوة لأفيق ... لا أريد الحليب الآن
* * *
في الجهة الأخرى من المصنع باب المصنع مغلق ... مر عليه شاب من أهل الحارة متخلف عقليا يدعى هاني ... فوجد الباب مغلقا ففتحه وهو ساخط على العمال الذين أغلقوه ... ثم نادى على العمال
فحضر بعضهم
هاني : أنا سأخاصمكم جميعا ولن ألعب معكم أبدا
أحدهم : لماذا يا هاني ؟
هاني : لأنكم لا تحبون هاني ولا تريدون أن يلعب معكم
الرجل : لا تصدق هذا الكلام ... نحن نحبك يا هاني
هاني : ولماذا أغلقت الباب بالمغلاق
الرجل : الباب مفتوح يا هاني ( يبكي هاني متأثرا منهم )
الرجل : إنه مسكين فلتطيبوا خاطره
أحد العمال : لقد جئنا نلعب معك يا هاني ... هيا يا رجل لاتبكي
هاني : سنلعب قطار ... هه
الرجل : كيف
هاني : إمسك هاني من هنا وأنت إمسكه وهيا نقول توت توت ..( يضحك الرجال ويمسكون بعضهم ببعض و يقولون كما يقول هاني ويمسكون به فيأخذهم خارج المصنع )
* * *
في الجهة الأخرى من المصنع أنهى مبروك مهمته ثم نزل بسرعة من على السطح ... الوقت مبكر ولا يوجد مارة ... يمسك مبروك بزجاجة أخرى مع خليفة ثم يلقي بها على السطح فتنكسر الزجاجة وينسكب ما بها من سائل فيمتزج بما ألقاه مبروك ويشتعل المزيج فيسرع الجواسيس خطاهم خارج الحارة ... والنار تتأجج وتزيد ... والسقف الخشبي يشتعل بسرعة

بسم الله الرحمن الرحيم

أبو سعد داخل المصنع يحمل قفصا ... ولما شعر بالحريق حاول الهرب فتعثر وسقط فارتطمت رأسه في الجدار فوقع مغشيا عليه والنار تشتعل بسرعة من حوله في القش الذي يشتعل بسرعة رهيبة
* * *
فهيم والرجال مازالوا يقفون أمام البيت وقد نزل أحد الأطفال يطمئنه على أهل البيت ويدعونهم للراحة ... وفي هذه الأثناء يلاحظ فهيم أن الناس تجري في اتجاه الحارة المجاورة فاستوقف أحدهم يسأله
فهيم : ما الحكاية ... ماذا يحدث ؟
الرجل : مصنع الزجاج في الحارة المجاورة احترق
فهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله .. أهكذا في الصباح الباكر
( ينطلق فهيم وبطرس وعلي وباقي رجال الحارة ليساعدوا في إطفاء الحريق )
* * *
يدخل فهيم بيته وهو حزين مطأطئ الرأس فتستقبله هنية
هنية : لماذا تأخرت هكذا أنت لم تنم بالأمس ... الحمد لله لقد لطف الله بنا
فهيم : لقد احترق مصنع الزجاج بالحارة المجاورة
هنية : ما الذي يحدث لنا ... تسمم وحريق في ليلة واحدة
فهيم : حادث التسمم لطف الله فيه ... أما الحريق فقد مات فيه المسكين أبو سعد
هنية : سعد صديق عزيز وحبيب ؟
فهيم : هو بعينه
هنية : ياللصغار المساكين ... وماذا سنفعل الآن
فهيم : لا يمكن أن يبقى الصغار وحدهم
هنية : لا يمكن طبعا
فهيم : أنا أفكر أن نأخذهم هنا فالبيت واسع ونحن ميسورون والحمد لله ... ولكن سيكون هذا عبئ ثقيل عليك فهل
هنية : لا تكمل ... فمن يرفض ثواب رعاية الأيتام ... أنا موافقة بالطبع
فهيم : مادمنا متفقين ... هيا بنا الآن
هنية : ولكنك متعب ألن ترتاح
فهيم : ولن أستطيع النوم إلا إذا أمنت هؤلاء الأطفال المساكين
هنية : هيا بنا ( ترتدي الطرحة والحذاء وتنطلق مع زوجها )
* * *
في بيت سعد حضر فهيم مع زوجته ليقنعوا الأطفال بالإقامة عندهم فتجيبهم سعاد من بين دموعها
سعاد : يعلم الله كم أحبكم ولكن
سعد : أنا أشكر لك وقفتك معنا يا عمي وهذا جميل لن أنساه لك ... ولكن العبئ سيكون كبير عليك ... إن أردت أن تساعدني خذني عندك لأعمل في الدكان لأتحمل مسؤلية إخوتي ( فهيم يحتضن سعدويقول له ) :- أنا موافق بشرطان ... أولهما أن تأتي للإقامة عندي والثاني ألا تنقطع عن المذاكرة
سعد : وكيف سأعمل إذا
فهيم : سندبر هذا الأمر
سعاد : ولكن هذا البيت الصغير هو بيتنا ملكنا وبه زكرياتنا مع أبي وأمي ... كل شئ فيه يذكرني بهما ( تحتضن هنية سعاد وتقول لها )
هنية : ومن قال لك إننا سنترك البيت تماما ... نحن سنتركه على حاله وسنمر عليه من حين لآخر ... ولن نغير شئ فيه.
فهيم : هل وافقتما ؟
سعد : مادمت سأعمل عندك فلا مانع
سعاد : مادمت سآتي هنا من حين لآخر فلا مانع
هنية : هيا بنا نحضر ثيابكم وأغراضكم
* * *
في بيت فهيم تدخل هنية وهي تحمل سبتا كبيرا على رأسها وتجر أحد الأطفال وفهيم في يده صرة ملابس وسعد يحمل كتبه المدرسية
هنية : مرحبا بكم في بيتكم الجديد
سعاد : بيتك جميل يا خالتي هنية ... ( يدخل مبروك خلفهم وعلى وجهه علامات الغيظ والقهر)
فهيم : مالك يا مبروك تنظر للأطفال هكذا ( يدعي مبروك البلاهة )
مبروك : هل سيأخذون غرفتي ؟
فهيم : لا تخف لن يأخذ أحدا غرفتك ( ينصرف مبروك )
هنية : مسكين هذا الرجل
* * *
الجواسيس الأربعة في غرفتهم بالخان مغتاظون ويكادوا أن يموتوا غيظا
أبو الفضل : يفشل المخطط من أجل صبي متخلف عقليا
مبروك : ولا يسفر الحادث إلا عن مقتل رجل عجوز كان سيموت اليوم أو غدا
علاء : وما وصلنا من أن أحدهم تبنى أطفاله بهذه السرعة يغيظني
مبروك : وماذا لو أنك ترى الذي أراه ... إن هذا الرجل وزوجته يعاملونهم كما لو كانوا أولادهم أو أكثر
علاء : وأهل الحارة يتبارون في تقديم المساعدة لهم فبطرس تبرع لهم بملاءات جديدة .. وعلى تبرع لهم بالفوط والأقمشة الجديدة .. وتاجر آخر بالحارة المجاورة تبرع بأقمشة والخياطة تحيك لهم بنصف أجر ... ليته لم يموت أبيهم
أبو الفضل : سيبدأ زملاءنا في المحافظات ينفذون عملياتهم فماذا نقول نحن لهولاكو
علء : علينا أن نكتب تقرير لهولاكو في أسرع وقت
خليفة : الجارية التي بقصر الملك المنصور تقول أنه صغير السن لا يكاد يفقه حديثا , أو يتخذ قرار في أبسط الأمور
علاء : أعتقد أن هذا هو الخبر الوحيد الذي يمكن أن يصل لهولاكو ويسعده
* * *
في السوق جلس بطرس وفهيم وعلي أمام دكاكينهم وقد اقترب بعضهم من بعض وهم يتكلمون بسعادة وود... أما مبروك فهو مغتاظ يبحث عن حيلة يوقع بها بين الأصدقاء ... حتى وصل منادي ينادي في الناس بخبر مشؤم
المنادي : يا أهالي القاهرة ... البقاء لله ... مات الخليفة المستنصر بالله منصور .. مقتولا بيد الطاغية هولاكو ... يا أهالي القاهرة ( يكرر النداء)
فهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله ... مات خليفة المسلمين ... مات مقتولا
علي : هذه نتيجة الإستهتار بالعدو ... لماذا لم يجهز جيشه حتى وإن أراد مهادنة
فهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله ... لاحول ولا قوة إلا بالله
بطرس : كلنا سنموت ... ولكن العراق الآن في يد هولاكو ... بلا جيش أو عدة أو قوة ... ماذا سيفعل بهم هذا الدموي
فهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله
( تدمع عينا فهيم فيربت بطرس على كتفه .. فيقوم فهيم من مجلسه حزين )
علي : فهيم ... فهيم ... إلى أين أنت ذاهب
* * *
في طنطا ,أمام مخزن الغلال و الجواسيس يحومون حول مخزن الغلال ثم يلقون بالزجاجة الحارقة ويسرعون بالفرار
* * *
بين الحوانيت رجل في حالة إعياء ثيابه متسخة أشعث أغبر يصيح في الناس بخبر موت الخليفة
الرجل : نهب العراق يا قوم ... مات أهل العراق جميعا
( يسمع الناس صوت الرجل ولا يدرون إن كان ينقل خبرا أم يهزي حتى يراه فهيم فيعرفه)
فهيم : عبد التواب ... ماذا دهاك ؟ ... ماذا جرى ؟... متى رجعت ؟
عبد التواب : قتلوا أهل العراق جميعا
فهيم : ماذا تقول ؟ تعالى استريح لتقدر على الكلام ( يجلسه فهيم ويسقيه )
فهيم : متى جئت من السفر ؟ .. لقد سبقك سليم ... ولم مكثت هناك ؟
عبد التواب : لأرى مالا أحب ( يبكي عبد التواب فيربت على كتفه فهيم )
عبد التواب : قتل هولاكو أمير المؤمنين واستولى على بغداد وقتل كل أهلها ... كلهم لم يبق على أحد ... لم يرحم الشيخ أو الصغير ... لم يبق حتى على الرضيع ... أتعرف كيف مات أمير المؤمنين
فهيم : سمعت بموته
عبد التواب : لفوه في بساط هو .. وأهله ... كل في بساط ... ثم ألقوا بهم للخيول تدهسهم حتى الموت ..
فهيم : لا أكاد أصدق ... هل أنت تعي ما تقول أم تهزي
( يتركه الرجل ويمشي ينادي على الناس )
عبد التواب : صدقوني يا أهل القاهرة ... هولاكو قتل أمير المؤمنين ... قتل أهل بغداد جميعا ... قتل النساء والأطفال والشيوخ
( مبروك لا يستطيع أن يخفي سعادته ... ولا يلاحظه أحد إلا عزيز )
فهيم : لو صدق عبد التواب
بطرس : تكون المصيبة كبيرة
* * *
( في طنطا النار تشتعل في مخزن الغلال والفلاحين متجمعين حول المخزن فيتقدم أحد الشباب وقد غطي جسمه ببطانية واقتحم النار لينقذ أجولة الحبوب فتنادي عليه زوجته وهي خائفة )
الزوجة : ارجع يا عوض ... ارجع يا عوض
( يدخل عوض وسط النار وينقذ جوالا ثم يعود مرة أخري فيتشجع الشباب ويحذون حذوه كل غطى جسمه بالبطانية واقتحم النار ليعود مسرعا بجوال من الغلة )

* * *
الجواسيس الثلاثة بغرفتهم بالخان يكادوا ينفجرون من الغيظ
أبو الفضل : هذه المرة خططت بنفسي لقد قمت بواجبي على أكمل وجه ... فيأتي هذا المجنون ليقتحم النار وينقذ ثلاثة أرباع المحصول هو والمجانين الذين تبعوه ... كدنا نخرب البلد كلها لولا هذا المجنون
علاء : أنا لا أفهم هؤلاء الناس هل هم طيبون لدرجة البلاهة ...أم فدائيون يقتحمون النار ... أم متحابون يصعب قلبهم على بعض
خليفة : هم كل هذا والبقية مازلنا لا نعرفها وكل ما فات يدعونا للحذر
أبو الفضل : لقد أطفئوا فرحتنا بانتصار هولاكو
خليفة : نعم أنا أتفق معك في هذا
* * *
وائل مازال في غرفة المعيشة يجلس بجوار جده وأبوه وأمه يستمعان باهتمام أما هو فيستوقف جده ويسأله
وائل : انتظر يا جدي لقد تزاحمت الأحداث مرة واحدة ... لقد قلنا أن الخليفة كان يعيش في بغداد ثم قتل ... ثم انقضوا على بغداد ... وقتلوا كل أهلها ... هل هذا معقول
الجد : لقد قتلوا كل من قابلوه من أهل بغداد ولم يبق منهم أحد إلا من اختبأ
وائل : إلى هذه الدرجة بلغت بهم الوحشية ... والطريقة التي قتل بها الخليفة أيضا في منتهى الوحشية
الجد : إنك لا تعرف كل شئ بعد ... انتظر وسنرى
* * *
في طنطا أهل البلد سعداء بعوض يدعون له ويفخرون به
العمدة : أنا وأهل البلد جميعا نشكرك على شجاعتك وإقدامك فلولاك لهلك المحصول
عوض : أنا لم أفعل إلا الواجب
شيخ البلد : أكرمك الله يا عوض .. أنت رجل شجاع
* * *
في بهو بيت فهيم ... هنية تجلس تبدل ملابس الصغيرة وتمشط شعرها بينما يدق الباب فتفتح هنية وهي تحمل الصغيرة فإذا بعوض أخو زوجها وزوجته وأولاده
هنية : مرحبا بكم ... أهلا وسهلا ... يالها من مفاجأة سعيدة
عوض : رحب الله بك يا زوجة أخي
( يدخل الضيوف بينما تشير هنية لعزيز قائلة )
هنية : إذهب يا عزيز نادي على أبوك فهيم من دكانه ... قل له أخوك وعائلته هنا
* * *
في دكان العطارة يجلس سليم مع فهيم يتحدثان
سليم : لقد حدث حريق في قريتي بالصعيد كاد أن يذهب بالمحصول كله لولا أن أهل البلد تصدوا له واقتحموا النار وأنقذوا المحصول
فهيم : وحريق المصنع هنا كان غريبا
سليم : لقد قلت لأهل بلدتي وحذرتهم من تخزين قش الأرز فوق أسطح المنازل ...
فهيم : وهل كان المحصول بالمنازل
سليم : لا بل في مخزن للغلال ... ولكن مؤكد أنه كانت هناك أشياء قابلة للإشتعال .. فالحرائق تندلع من أقل شرارة يمكن أن تنقلها الريح
فهيم : المصنع هنا كان ملئ بالقش
سليم : هذه هي المشكلة
فهيم : ولكن الأشياء القابلة للإشتعال موجودة بكل مكان ... ونستعملها دوما
سليم : ربنا يستر ... ويبعد عنا كل شر
( يأتي عزيز ليخبر فهيم بوصول أخيه )
عزيز : تعالى بسرعة لقد أتى أخوك ... عمي عوض وأسرته عندكم بالبيت
فهيم : عوض أخي إنها مفاجأة سارة
* * *
فهيم يدخل بيته ويعانق أخيه عوض ويندفع الأطفال لعمهم يقبلونه ويسلمون عليه
هنية : لقد جاءوا لزيارتنا بعد أن نجاهم الله من حريق كبير كاد أن يأكل المحصول
فهيم : صحيح هذا الكلام يا عوض ؟
عوض : نعم ونحمد الله أن نجانا وأنقذ معظم المحصول
فهيم : عجبا ... الحرائق وحوادث التسمم ... مالذي يحدث لنا ..
عوض : ما بك ؟
فهيم : أتساءل ... لماذا كثرت حالات الحريق والتسمم هذه الأيام ؟ ... وهل لها علاقة ببعضها ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
في السطح تجلس صباح وإيفون تنظفان الخضار فإذا بهنية تدخل لتنضم لهم ومعها خضرواتها
إيفون : ها هي هنية وصلت ... لقد تأخرت اليوم
هنية : الطفلة الصغيرة سهرتني بالأمس فهي دائما تبكي في الليل
صباح : إعطيها قبل النوم مغلي النعناع مع الكمون
هنية : لقد نصحتني بذلك زوجة عوض ... وقد تحسنت الطفلة على هذا الشراب فمنذ أن سافر عوض وعياله من إسبوع كنت أصنع لها هذا المشروب فتهدأ وتنام ولا تقوم في الليل ... ولما نسيت أيقظنا المغص
إيفون : لا تنسي لافالصغار دائما يحتاجون هذه المشروبات حتى يناموا ويرتاحوا
* * *
هنية تحضر القلة الموضوعة في المشربية فتجد فهيم يغلق الدكان وبجواره علي وبطرس يربتان على كتفه ثم يصحب رجلا آخر وينصرف مبتعدا عن الحارة
هنية : خير ... مالذي جعل فهيم يغلق الدكان ... ولم لم يتركه لسالم ... وإلى أين ذهب ؟
سعد : لا تشغلي بالك ... سأذهب استطلع الأمر
هنية : اللهم اجعله خير
* * *
إيفون في بيتها تتحدث مع زوجها بطرس
إيفون : ماذا تقول يا بطرس ... مات عوض أخو فهيم ... لقد كان هنا منذ اسبوع
بطرس : مع الأسف هذا ما حدث .. فقد تسمم هو وزوجته بشراب به سم ولكن الله لطف بباقي المدعوين في الفرح وانسكب الشربات بالصدفة
إيفون : أنا لا أفهم شئ ... هو وزوجته ماتا ... مساكين الأطفال
بطرس : بل المسكين هو فهيم ... فصدمة موت أخيه الشاب وزوجته ليست بالهينة ... ومسؤلية أولاد أخيه ليست سهلة
إيفون : لست أفهم ما هو السر في موضوع الحرائق وحالات التسمم التي لا نجد لها سببا
* * *
في بيت فهيم فؤاد أكبر أبناء أخيه يبكي وهنية تربت على كتفه وتنساب دموعها هي الأخرى وفهيم جالس على الكنبة في ذهول يقف بجواره عزيز وحبيب وسعد ...ينظرون إليه بشفقة ولا يملكون له شئ ... تلعب ابنة أخيه عند قدميه فهي صغيرة جدا لا تعي الأحداث ثم تجلس في حجر عمها فيضمها فهيم ويبكي ... يربت الأطفال على كتف فهيم وتدمع عيونهم جميعا ... أما هنية فتقوم تحاول أن تدبر شؤن الصغار جميعا و لتهرب بدموعها بعيدا
* * *
على السطح وقت الغروب يجلس فهيم ومعه بطرس وعلي وعبد التواب الذي نعى الخليفة وهاهم علي وبطرس يحدثون فهيم
بطرس : كما قلت لك ينبغي أن تتماسك حتى لا ينهار الأطفال
علي : لا تترك نفسك للحزن هكذا يافهيم ... إنها إرادة الله
بطرس : هيا يا علي نغلق الدكاكين لنجلس معه
( ينصرف الصديقان ويبقى عبد التواب الذي لا يقل حزنا عن فهيم ... يركن فهيم رأسه إلى الحائط بجوارعبد التواب الذي يركن رأسه أيضا للحائط ويتكلم كل منهم عن أحزانه وكأنه لا يسمع كل منهم ما يقوله الآخر )
فهيم : عوض كان هو كل أهلي
عبد التواب : كل أصدقائي في بغداد ماتو ... لم يبق منهم أحد .. لم يبق أحد
فهيم : مات مسموما بعد أن نجاه الله من الحريق
عبد التواب : خدعوا أمير المؤمنين ...رأيت الخدعة بنفسي ...رأيتها بنفسي
فهيم : مساكين الأطفال لم يبق لهم أحد في الدنيا ... وأنا أيضا لم يعد لي سواهم
عبد التواب : لقد خانه الوزير ابن العلقمي ... خانه ابن العلقمي
فهيم : هل سيتعود الصغار على هنية ؟
عبد التواب : اخترع له قصة زواج وهمية وساقه للموت وتركه ... لعنة الله عليك يا ابن العلقمي
فهيم : كيف يندس السم في طعامنا جميعا دون أن ندري؟
* * *
علي وبطرس يصطحبون فهيم لباب الدكان وخلفهم يمشي عبد التواب ... يفتح بطرس وعلي باب الدكان ثم يصطحبون فهيم للداخل ويجلسونه ثم يتحدثون معه.
علي : لقد عز علينا جميعا فراق عوض أخيك ... ولكن ينبغي أن تخرج من أحزانك لترعى شؤن صغارك
بطرس : سعد وإخوته اللذين تبنيتهم وأولاد أخيك ... إنهم أحد عشر صغيرا يحتاجون لأب يحميهم
علي : نعم ... أنا أوافق على كل الذي قاله بطرس وأكرر ... ينبغي أن تلتفت لصغارك
عبد التواب : نعم ينبغي أن نفيق من أحزاننا ينبغي أن نفيق ونفتح عيوننا وعقولنا لنراهم
علي : نرى من ؟
عبد التواب : من يتربصون بنا ... من يريدون هلاكنا ... إما أن نحيا بكرامة وندفع الشر عن أولادنا وديارنا وأراضينا وإما أن نموت بكرامة

بطرس : مالك يا عبد التواب لا ترى من الدنيا إلا المغول والسياسة
عبد التواب : نعم ... أرى هولاكو في كل مكان هنا وهناك ... وإما أن يفعل بنا كما فعل بإخواني في العراق وإما أن نتصدى له
علي : لا تبالغ
عبد التواب : لا تستهين بالأحداث كما فعل اللذين من قبلك ... اليوم سأقابلكم في السطح ... لقد قررت أن أترك الحزن لا بد أن أخبركم بكل ما عندي لنرى ما يمكننا عمله
علي : على الرحب والسعة
* * *
في الليل كان فهيم وبطرس وعلي وعبد التواب مجتمعين ... وكان عزيز وحبيب وسعد وفؤاد يجلسون بالقرب من عمهم فهيم الذي تعلقوا به كثيرا
عبد التواب : لقد جئت اليوم أحذركم من شر قد اقترب ... واعلموا أن المغول ليسوا بالجيش القوي فقط بل هم أهل مكر ودهاء ... واعلموا أننا مستهدفين إن لم يكن الآن فبعد قليل
علي : هل تظن أنهم قادمون
عبد التواب : بل أنا متأكد ... ويجب أن تعلموا أن مكرهم ودسائسهم تسبقهم دائما
بطرس : كيف ؟
عبد التواب : سأحكي لكم ما أعرفه ... ويمكنكم أن تقيسوا عليه
فهيم : هات ما عندك
عبد التواب : حينما كنت في بغداد سمعت أن هولاكو سيزوج ابنته من ابن الخليفة أمير المؤمنين وأن الوزير ابن العلقمي أشار على أمير المؤمنين أن يقبل لأن في ذلك حقن لدماء المؤمنين
علي : وهل رفض ؟
عبد التواب : على العكس ... لقد وافق ورحب وخرج لإستقبال هولاكو.... أما أنا فقد كنت فضولي فذهبت للمكان الذي اتفقا أن يتقابلا فيه واختبأت لأرى هل صحيح سيحدث زواج كما يقول الناس أم أنها خدعة كما كنت أتوقع
بطرس : وماذا رأيت ؟
عبد التواب : ياليتني مارأيت ... كان المكان بالخلاء حيث نصبت خيمة كبيرة فخمة واختبأت أنا بالقرب من المكان خلف صخرة كبيرة ولما حضر الخليفة وحواشيه وجمع من الأعيان وأقاربه وطبعا كان ابنه في المقدمة
فهيم : هييه وماذا حدث ؟
عبد التواب : لما وصلوا لم يجدوا هولاكو ولكنهم ساقوهم لتلك الخيمة لينتظروه أما الوزير فتركهم وانصرف ثم قتلوا جميعا بعد أن غادر الوزير
بطرس : ولماذا انصرف الوزير أولا ثم قتلوا بهذه الطريقة البشعة
عبد التواب : كل شئ يدل على أن الوزير كان يعمل مع هولاكو في الخفاء
علي : الخائن ... لقد باع بلده وأهله
عبد التواب : أنا متتبع أخباره ... لقد أبق هولاكو على حياته ولكنه ذاق من المغول الذل والهوان ولم تطل أيامه ... مات من الحسرة والندم
فهيم : إنه غبي ... مثال لكل خائن
بطرس : وهذا يدل على ذكاء هولاكو فمن يبيع أهله فهو خائن ليس له أمان
عبد التواب : ولكن ما حدث في بغداد لم يحدث فجأة ... فقد كان يتعاون مع ابن العلقمي كما ثبت لنا ومن المؤكد أن كان له عيون هناك ومن الضروري أن يكون له عيون هنا وفي الشام
بطرس : هذا كلام سليم
عبد التواب : لقد بلغني أمس أن مخزن غلال في المنوفية قد احترق ولم يستطع الناس أن ينقذوا منه إلا قليل ... مما سيؤثر على سعر أقوات المصريين ... والحريق الذي أخمده عوض أخيك رحمه الله ... وحريق الصعيد وحريق مصنع الزجاج ... وحالات التسمم كل هذا يثير الشكوك في نفسي
( ينظر الأطفال الأربعة بعضهم لبعض ثم يقومون من المكان )
* * *
تجلس هنية تطوي الملابس وترتبها للصغار ثم تقوم لتضعها في مكانها فتشعر بدوار .. فتجلس من شدة الدوار ثم تعاود المحاولة لتقع مغشيا عليها فتنزعج سعاد
سعاد : أمي هنية ... ردي علي ( تتركها سعاد وتجري تنادي على الجارات )
سعاد : خالتي صباح ... خالتي إيفون
( يلتف الأطفال حول هنية يحاولون إفاقتها )
* * *
أم ابراهيم الداية وصباح وإيفون في غرفة نوم هنية يطمئنون عليها أما هنية فممدة على السرير ويبدوا عليها الإعياء
أم ابراهيم : كما قلت لك هذه حالة حمل
هنية : هل أنت متأكدة يا خالة أم ابراهيم
أم ابراهيم : طبعا متأكدة
إيفون : لو لم تكن الظروف لأطلقت زغرودة
هنية : إياك أن تفعلي ... فيكفينا ما نحن فيه من حزن
صباح : لعل الله أراد لكم أن تخرجوا من الحزن يا هنية ... جعله الله قدم الخير والسعد علينا جميعا
* * *
الأصدقاء الأربعة حبيب وعزيز وسعد وفؤاد يجتمعون في بيت بطرس وحدهم
فؤاد : هل سمعتم ما قاله عمي عبد التواب ... هل تفكرون فيما أفكر فيه
سعد : نعم هذا يعني أن المغول يعبثون هنا .. وأنهم خلف حريق المصنع والمخزن و
حبيب : ولا تنسى التسمم الذي كدنا نصاب به والتسمم الذي أودي بحياة عمي عوض وزوجته رحمهما الله
عزيز : هذا يعني أنهم حولنا ومندسين بيننا
فؤاد : لذلك يجب أن نفتح عيوننا وعقولنا لكل كبيرة وصغيرة
* * *

بسم الله الرحمن الرحيم
يدخل فهيم بهو البيت فيستقبله الصغار اللذين يبشرونه بحمل زوجته
الأطفال : أمي هنية حامل ... أم ابراهيم كانت هنا
فهيم : ماذا تقول ... الآن غير معقول ... هذه حكمتك يا رب
* * *
أسدل الليل ستائره السوداء فلا نكاد نتبين أي شئ .. صوت طفل صغير يبكي من الألم .. صوته يبدد سكون الليل فتفتح الأنوار ونرى بهية تخرج بالطفلة الصغيرة أخت سعد لبهو البيت تحاول أن تهدئها
ويخرج خلفها فهيم ثم يصحو الأطفال الواحد تلو الآخر
بهية : البنت مصابة بمغص ... سأغلي لها كمون مع نعناع
( تعطي بهية الطفلة لفهيم ثم تدخل لتصنع مشروب للطفلة المريضة )
بهية : خذها قليلا إلى أن أصنع لها المشروب
( يأخذها فهيم ويربت على كتفها وهي تبكي ويجلس بجواره سعد وفؤاد ... وبعد قليل ترجع بهية من الداخل )
بهية : لقد نفذ الكمون الغير مطحون والذي يصلح للغلي ... هل تحضر لي قليلا منه من المخزن
( يعطيها فهيم الطفلة ثم يحضر المفتاح ويفتح الباب لينزل فيتبعه سعد وفؤاد ... أما هنية فهي تمسك الطفلة بحنان وتربت على كتفها والطفلة ما زالت تبكي )
* * *
( يفتح فهيم باب المخزن وفي يده فانوس يضئ له المكان وإلى جواره فؤاد وسعد وما أن فتح الباب حتى انطلقت قطة صغيرة لداخل المخزن )
سعد : لا عليك منها سأخرجها من المخزن أنا وفؤاد
( يدخل فهيم يحضر الكمون ويصعد ويترك الطفلان ليخرجا القطة ويغلقا الباب ... يجري سعد خلف القطة فتجري بدورها منه .. ثم تصعد فوق الأجولة المتراصة فوق بعضها البعض والتي يصل ارتفاعها إلى شراعة الباب الذي يسكن خلفه مبروك فيصعد فؤاد خلفها ولكنها أفلتت منه وكانت شراعة الباب الزجاجية مكسور منها جزء صغير ... فلفت نظر فؤاد نارا متأججة لمحها داخل غرفة مبروك .. فنظر من الجزء المكسورفيقول سعد :- هاهي القطة..... فيشير إليه فؤاد أن يصمت ثم يدعوه للنظر معه من هذا الجزء المكسور ... ينظر الولدان فيجدا مبروك قد أشعل نارا في إناء غريب وهو في وضع سجود ثم رفع رأسه من وضع السجود ثم أخذ يتكلم بلغة غريبة ولكن الملحوظ أن طريقة كلامه سليمة بلا تلعثم أو ثأثأة
* * *
في بيت فهيم .. الطفلة الصغيرة هدأت وبدأت تستسلم للنوم واستكانت في حضن هنية فقامت تضعها في فراشها ... دخل سعد وفؤاد وهم في حالة ذهول مما حدث .. أخذ فهيم المفتاح ثم هم بالدخول غرفته لينام فاستوقفه الأطفال ليكلموه
فؤاد : عمي فهيم نريدك في أمر هام .
فهيم : خيرا ألا تنتظرا الصباح
سعد : لا بل الآن ( يتوجس فهيم من لهجتهما )
فهيم : خيرا ... ما الذي حدث
فؤاد : سنحكي لك عن ما رأيناه اليوم بالمخزن
فهيم : سنحكي لك بشرط أن تعدنا بأن تفكر جيدا قبل أن تتصرف
فؤاد : بين يديك أن تأخذ ثار أبي .. وأبو سعد ... وأهل بغداد جميعا
سعد : والأهم أن تمنع الشر عن مصر ( ينظر لهما فهيم باستغراب )
فهيم : أنا لا أفهم شيئا
سعد : سنحكي لك وستفهم
فؤاد : المهم أن نتصرف بحكمة ... لانريدهم أن يفلتون
( يتكلم الأطفال بغضب )
* * *
اليوم الجمعة والوقت الظهيرة وصوت قراءة القرآن يملأ المكان .. فهيم على باب شقة بطرس يدق الباب فيفتح جورج
فهيم : كيف حالك يا جورج ؟
جورج : بخير يا عمي .. تفضل
فهيم : أريد أبوك ( يحضر بطرس على صوت فهيم وينصرف جورج )
بطرس : تفضل يا أخي
فهيم : لاوقت الآن إنه موعد الصلاة ... اسمع يا بطرس سأنتظرك بعد الصلاة في بيت عبد التواب
بطرس : إنه دوما يأتي هنا ليلا فلماذا
فهيم : ششش إخفض صوتك ... ولا تقل لأحد من أهل البيت ... ولا تسأل كثيرا ... عندما تأتي ستفهم
( يكمل فهيم عبارته وهو يبتعد بينما بطرس متعجب ثم يعلو صوت المؤذن بالآذان )
* * *
وصل فهيم للجامع ثم وقف ينتظر على باب الجامع إلى أن وصل على فانحنى فهيم يخلع حزاءه ويحدث علي بصوت منخفض
فهيم : سنجتمع عند عبد التواب بعد الصلاة
علي : لماذا ال
فهيم : ششش اخفض صوتك ونفذ ما أقول
( ينظر له علي باستغراب بينما فهيم يدخل الجامع وينتظر بجوار الباب من الداخل إلى أن يأتي عبد التواب فيحدثه بصوت منخفض )
فهيم : مرحبا عبد التواب ... سنجتمع عندك بعد الصلاة
عبد التواب : على الرحب و
فهيم : ششش.. اخفض صوتك وبلغ سليم ( يدخل فهيم الجامع ويجلس بين المصلين )
* * *
اجتمع الأصدقاء في بيت عبد التواب وهم حائرون لا يدرون سبب تصرفات فهيم الغريبة
علي : خيرا يافهيم .... ماذاحدث ؟
فهيم : جمعتكم اليوم لأمر خطير ... ولقد اخترت بيت عبد التواب لأنه يعيش وحده بعد موت زوجته وزواج ابنه
بطرس : ماسر هذه السرية العجيبة .. ؟
سليم : ماذا حدث لكل ذلك ؟
فهيم : إنهم المغول ... لقد كنا معا بالليلة الماضية وكنا نتكلم عن المغول أمام الصغار ... وفي الليل حدث ما أكد لنا وجودهم بيننا وعرفت أحدهم
الجميع : من ؟
فهيم : مبروك
الجميع : غير معقول !!!!!
* * *
الأطفال الأربعة مجتمعون في السطح وحدهم يجلسون تحت التكعيبة حبيب وعزيز وفؤاد وسعد
فؤاد : هذا هو الأمر الذي اكتشفناه ولأنني أثق فيكما قد حكيت لكما لكي نتبع جميعا هذا الرجل ونعرف من هم أعوانه
حبيب : لقد لاحظت أنه كان سعيدا وقت أن سمع خبر نعي الخليفة وانتصار هولاكو على العراقيين
عزيز : انتظر ... ألا تذكر يا حبيب يوم أن رأيناه يخرج من بيت أمنا إيفون
حبيب : نعم أذكر ... لقد ادعى أنه يسأل عن الكنافة ... نعم الكركديه ... هو الذي سمم الكركديه ... ولولا أنه وقع على الأرض لمتنا جميعا
عزيز : بعد ما عرفته لا أطيق أن أرى هذا الخائن
سعيد : لا ... لانريد انفعال ... علينا أن نتحلى بالصبر لنصل إلى أعوانه
عزيز : من البداية لم أشك فيه لأنه أبله
فؤاد : لا هو أبله ولا نحن بلهاء
* * *
مازال الرجال مجتمعين عند عبد التواب
فهيم : هذا ما عرفته أضعه بين أيديكم فما هو الرأي ؟
عبد التواب : إحذر أن يشعر أنك تفهمه ... حاول أن تتجاهله ولا تجعله يغيب عن ناظريك
سليم : علينا أن نراقبه ... ولكن دون أن يشعر
بطرس : أتعجب من كل ما يحدث ... ولكنه أمر خطير
عبد التواب : وصلني أن هولاكو يأخذ بلدا تلو الآخر وأنه على وشك أن يدخل حلب
سليم : لو دخل الشام لم يبق أمامه إلا مصر ... ولابد من صده قبل دخوله هنا
فهيم : يلزمنا المال والرجال والقيادة الراشدة
علي : علينا أن نمسك بالجواسيس أولا ثم يكون ما يكون
* * *
يجتمع علي وفهيم وبطرس وسليم وعبد التواب بالسطح و يتكلمون بصوت منخفض والأطفال الأربعة يشاركونهم الجلسة
سليم : بلغني أن الأمير بيبرس البندقداري قدم من الشام بعد أن استولى هولاكو على حلب والشام ... وانظم لعساكر مصر
فهيم : لم يعد هناك وقت ينبغي أن نتحرك خلف الهدف بسرعة
بطرس : نعم فالوقت ليس في صالحنا
* * *
مبروك يروح ويجئ في الحارة يتكلم بعبارات تثير الخوف والفزع في نفوس الناس ... والأطفال الأربعة يتظاهرون باللعب
مبروك : يا خوفي من زمان العجب فيه الحرب من غير سبب .. وفيه الدم للركب ... من الأزهر للحسين .. وعد وانكتب ... وعد وانكتب
( يمشي مبروك وهو يردد هذه العبارة ويخرج من الحارة )
سعد : تعالوا نلعب في حارتنا
( ينطلق الأطفال خلف مبروك يقذفون طوبة لبعضهم البعض وهم يمشون ويحدثون جلبة )
* * *
وقف مبروك يقول نفس العبارة على باب الخان فخرج أعوانه الثلاثة بعد قليل ... يمشي مبروك ويمشي خلفه الجواسيس والأطفال يتظاهرون باللعب بطوبة صغيرة يقذفونها لبعضهم البعض ويحثون جلبة
مبروك : يا خوفي من زمان العجب فيه الحرب من غير سبب .. وفيه الدم للركب .. من الأزهر للحمام ... وعد وانكتب
ينظر الأطفال بعضهم لبعض ... ويقذفون الطوبة بين أرجلهم ويراقبون ... فإذا مبروك ينصرف في اتجاه والجواسيس في اتجاه فينطلق عزيز خلف مبروك وينطلق الباقون خلف الجواسيس الباقين
* * *
عاد مبروك للحارة وكان خلفه عزيز ... دخل مبروك غرفته ... ثم دخل عزيز دكان فهيم فسأله فهيم عما حدث بصوت منخفض ... وبدأ عزيز يكلمه ويحكي له كل ما رآه وسمعه
* * *
وصل الجواسيس الثلاثة لباب الحمام والأطفال الثلاثة خلفهم ثم رسموا رسما على الأرض وتظاهروا باللعب عليها وظلوا يقفزون فوق هذا التقسيم ( لعبة الأولى ) .. وبعد قليل وصل فهيم الذي فهم من عبارة مبروك أنه يدعو جماعته للذهاب إلى الحمام ثم أخرج حافظة نقوده وأخذ يعد نقوده ثم تظاهر بأنه فقد شئ وظل يبحث عنه .... خرجت جارية من باب الحمام ترتدي حبرة سوداء
نظرت لهم الجارية وتظاهرت بأنها ستقع وأوقعت منديل به شئ ... وتركته وانصرفت مسرعة فالتقط أحدهم المنديل وانصرف وبقي واحد ... انطلق فهيم خلف الفتاة يمشي خلفها ويتكلم معها عن بعد وبصوت منخفض
فهيم : ياللجمال ... ليتني أعرف أين أبيك لأخطبك الآن ... ألن ترحمي قلبي وتدليني عليه ...
( تبتسم الفتاة وتستمر في المشي ويستمر خلفها فهيم )
* * *
مازال الأطفال الثلاثة يلعبون في الشارع أمام الحمام ومازال أحد الجواسيس يتمشى حول الحمام إلى أن خرجت جارية أخرى ترتدي الحبرة أيضا .. تمشي الجارية خطوتان ثم تسقط منديلا حريري ملفوف ... يلتقط الرجل المنديل وينصرف فيمشي الأطفال خلف الفتاة وهم يتظاهرون باللعب بالطوبة كالكرة الصغيرة يقذفونها لبعضهم البعض
* * *
في غرفة الأولاد ببيت فهيم يتحدث فهيم مع الأطفال الأربعة وقد أغلقوا عليهم الباب
فهيم : من الجملة التي قالها مبروك فهمت أنهم ذهبوا إلى الحمام
عزيز : وإلى أين وصلت هذه السيدة التي تبعتها
فهيم : ذهبت لبيت الأديب الشاعر سيف الدين أبو الحسن
حبيب : ترى هل هي جاريته
فهيم : هذا بالتأكيد ... فالأمير سيف الدين ليس مجرد شاعر ... إنه يعمل في شد الدواوين ويلازم الوزير باستمرار
فؤاد : ماذا يعني شد الدواوين ؟
إنه رفيق الوزير والمسؤل عن دواوين المالية بالدولة
فهيم : وأنتم أين ذهبت الجارية التي تبعتموها
عزيز : قصر الملك المنصور
فهيم : عظيم ... لهم عين عند الملك المنصور وعين عند الأمير سيف الدين وعين عندنا في الحارة ... وأيديهم المنفذة بالخان
حبيب : لا بد أن نقبض عليهم بسرعة
فهيم : سأجتمع بالرجال لنعرف إلى من نتكلم ... وإلى من ننضم ... أخشى ألا يقدر المنصور خطورة الموقف
( تفتح هنية باب الغرفة لتستطلع الأمر )
هنية : مالكم تجلسون وحدكم ؟
فهيم : لقد جعنا فقلنا نأتي لنأكل ولكن يبدوا أن الطعام لم ينتهي بعد
هنية : من قال لك ذلك ... الطعام جاهز دقائق وأعده لكم
* * *
يجتمع الرجال عند عبد التواب وقد استمعوا لأخبار فهيم الجديدة
عبد التواب : لقد وصلنا لهم وينبغي أن نتحرك بسرعة
سليم : لقد جئت لأقول لكم عن أخبار مهمة حدثت اليوم ... بعد انضمام بيبرس إلى قطز .. جاءنا طلب من هولاكو لاستسلام مصر ... وقد انتخب كبار البلد قطز لأنهم يرونه الأفضل والأقدر على خوض هذه المعركة المنتظرة
بطرس : وماذا فعل مع الملك المنصور
سليم : لقد حدد إقامته في قصره مع والدته
فهيم : إذا فالحديث يكون مع قطز ( يقف فهيم قائلا )
فهيم : هيا بنا إلى قطز يا رجال
علي : الآن ؟
فهيم : ودون أي تأخير
* * *
في بيت الأمير قطز الرجال يتكلمون معه بحماس وقد قصوا عليه قصة الجواسيس فقال لهم
قطز : لقد فهمت منكم ... ولا تخشوا من أمر الجواسيس ... فمادمنا نعرف مكانهم سنقبض عليهم في التو ... أما رغبتكم في الإنضمام للمحاربين فيلزمكم تدريب تحت قيادة بيبرس ... عليكم بجمع المتطوعين وعلينا الباقي
* * *
وائل مازال يستمع لجده كما ينصت والديه باهتمام
وائل : انتظر يا جدي لقد اسرعت بالحديث ولم تقول لي كيف أبعد الملك المنصور
الجد : لقد وصل إلى مصر كمال الدين عمر بن العديم رسولا من الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب والشام ... فأنزله قطز بالكبش فجمع القضاة والفقهاء والأعيان لمشاورتهم في أمر المغول وحضر هذا الإجتماع الملك المنصور
وائل : جميل ... وماذا بعد
الجد : كانوا يتحدثون عن المغول ... وقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على العالم قتالهم وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينوا به على جهادكم بشرط ألا يبقى في بيت المال شئ ... وتبيعوا ما لكم من الحوائص المذهبة والآلات النفيسة ويقتصر كل جندي على مركوبه وائل : انتظر يا جدي .. لاتسترسل .. مامعنى كلمة حوائص ؟
إنها أداة كان يلعب بها الأمراء الكرة وهم يركبون الخيل ... وخلاصة القول أن يبدأ الملك والأمراء بالتخلي عن الترف ويبدأوا بالتبرع وينفقوا كل مافي بيت المال ثم يفتحون باب التبرع لعامة الناس
وائل : مطالب عادلة ... وماهو رأي المنصور ؟
الجد : إنه لم يشارك بالرأي أبدا فهو صغير السن لا يكاد يفهم في مثل هذه الأمور
وائل : إنه أمر خطير
صاهابي : لقد طالب الناس بخلع المنصور وتولية قطز
وائل : كان الشعب يقظا
الجد : وكان الموقف دقيق ... ولكن كل هذا لم يأخذ وقتا .. وهذا لخطورة الموقف
وائل : وهكذا بدأ عهد قطز
* * *
العساكر يسوقون الجواسيس جميعا والناس يهللون ويكبرون ويدعون الله أن ينصرهم
* * *
فهيم يخرج من حجرته مسرعا ومعه صندوق صغير وخلفه هنية وهو يكلمها وهو متعجل
فهيم : هذا الصندوق فيه كل ما ادخرته ولابد أن أساهم به لتجهيز الجيش يا هنية
هنية : انتظر ( يتوقف فهيم فتخلع هنية سواراتها وقرطها وعقدها وخاتمها ثم تعطيه لفهيم )
هنية : خذ هذه الأشياء معك فقد تنفع
فهيم : ولكن
هنية : لا تراجعني فأنا لا أريد من الدنيا إلا أن تعود لي منصورا سالما
( يربت فهيم على كتفها ثم يأخذ الذهب وينصرف )
* * *
فهيم في دكانه وقد وضع أمامه الصندوق الذي به المال والذهب فإذا بأهل الحارة يضعون تبرعاتهم لفهيم والنساء تظعن له حليهن الذهبية حتى ملأت التبرعات المائدة التي وضعت عليها .
* * *
في بيت قطز فهيم وعلي وبطرس يضعون تبرعات أهل الحارة فيأخذهم قطز ويضعهم بجوار باقي التبرعات فإذا هي مال وفير
* * *
سعد واخته في بيتهما يجمعون الأواني النحاسية والأباريق النحاسية ثم يحملاها بصعوبة ويخرجان من البيت
* * *
فؤاد يركب القطار وفي يده صرة صغيرة



سعد وسعاد في محل بائع النحاس
سعد : إذا فقد اتفقنا على السعر ... هات الثمن وخذ النحاس ... بارك الله لك
البائع : وعوض عليك يا ولدي
( يأخذ الرجل النحاس ثم يعطي سعد المال فيأخذه وينصرف )
* * *
فؤاد يمشي في الحارة متوجها للبيت وفي يده الصرة ... يمر على دكان عمه فيسلم عليه
فؤاد : السلام عليك ياعمي
فهيم : وعليك السلام ... أين كنت يا ولد كل هذا الوقت
فؤاد : المهم هل فاتني طعام الغداء
فهيم : لم يفتك ... ولكنك اقلقتني عليك ... وأين ذهب سعد وأخته
( يأتي سعد وأخته في هذه اللحظة )
فهيم : أين كنتم جميعا
فؤاد : هيا نتناول طعام الغداء ونتكلم
فهيم : هيا ... ولكن لن أغفر لكم غيابكم بدون إذن
* * *
هنية تحضر طعام الغداء ويساعدها الأطفال بوضع الصحون على الطبلية الكبيرة هنية : ها قد عدتم أخيرا ... أين كنتم يا أولاد لقد أقلقتمونا عليكم
فؤاد : أنا كنت في البلد
فهيم : ماذا قلت يا ولد هل سافرت وحدك
فؤاد : هذا مصاغ أمي ... خذه يا عمي وضمه للتبرعات
فهيم : ولكنه مصاغ أمك ... كيف تفعل ذلك ... هذا لن يكون ما دمت حيا
( يدفع سعد لفهيم المال الذي كان في يده )
سعد : خذ يا عمي هذا هو ثمن النحاس الذي في بيتنا
فهيم : أتبيع نحاس البيت يا سعد
هنية : وأنت يا فؤاد كيف تتبرع بمصاغ أمك ؟ كيف طاوعك قلبك ؟ كيف تفعلون ذلك
سعد : لقد اتفقنا أن نفعل ذلك خلسة فنحن نعلم أنكما ستعارضان ... ولكن ينبغي أنكما ستفهمان موقفنا في النهاية
سعد : لا قيمة لأي شئ والعدو على الأبواب ... يمد يده ليسرق سعادتنا وحريتنا وأيامنا المقبلة ... ينبغي أن نساهم .
فؤاد : لقد صدق سعد يا عمي ... ينبغي أن نساهم جميعا ... وعليك أن تفهم موقفنا وتساعدنا
( يطأطئ فهيم رأسه قليلا ليفكر ثم يأخذ منهم المال فيبتسمون ويندفعون لحضن عمهم )
* * *
في ساحة كبيرة جنود يتدربون على فنون القتال نجد من بينهم فهيم وبطرس وعلي وسعيد ابن علي وجورج بن بطرس وغيرهم كثيرون يلبسون ملابس الجنود ويتدربون على القتال
* * *
لقد تم تدريب الرجال وهاهم يودعون أهلهم ليخرجوا لملاقاة المغول فنجد فهيم وبطرس وعلي وجرجس وسعيد يرتدون زي العساكر ويخرجون من الحارة وبعدما اجتازوا الحارة انضم لهم غيرهم من المحاربين ... وكل عدة خطوات ينضم لهم بعض المحاربين
* * *
بهية وصباح وإيفون خلف المشربية يبكون والأطفال الصغار من حولهم خائفين
فؤاد : لماذا البكاء
سعد : لا وقت للبكاء
عزيز : لقد بدأ الرجال جهادهم ... وبدأ جهادنا
حبيب : نعم ... علينا أن نوزع الأدوار
فؤاد : سنفتح الدكاكين وستقمن برعاية الأطفال ... وهذه الأشياء في غياب الرجال ستكون صعبة وعلينا أن نكون على قدر الموقف
( تجفف النساء دموعها )
هنية : معكم حق ... لابد أن نكون متماسكين وأن نقوم بواجبنا على أكمل وجه
* * *
في الحارة الدكاكين مفتوحة .. حبيب وعزيز في دكان فهيم ... وفؤاد في دكان بطرس ... وسعد في دكان علي ... يبيعون ويشترون ويكتبون كل شئ في أوراق أمامهم
* * *
في المطبخ تجتمع صباح وإيفون وهنية فصباح تعجن العجين .. وهنية جلست وقد انتفخت بطنها تقطع العجين ... أما إيفون فهي تطهو الطعام
إيفون : أخاف أن يقل الدقيق
هنية : لا تخافي فلدي جوالا ويمكنني أن أحضر لكم من البلد لو قل الدقيق ... المهم أن نتعود على ترشيد استهلاكنا
صباح : المهم أن يردهم الله لنا سالمين
الجميع : آمين
* * *
أمام الدكاكين جلس الأطفال الأربعة حبيب وعزيز وفؤاد وسعد على الكراسي متجاورين يتحدثون
سعد : لقد عاد رمضان سريعا وأوشك أن ينتهي
فؤاد : في رمضان الذي سبقه كنت مع أبي وأمي
سعد : بارك الله لك في عمك فهيم ورده لنا سالما
الجميع : آمين
( يسمعون صوت منادي يمر في الشارع )
عزيز : اسمعوا
المنادي : يا أهالي القاهرة .. البشرى لنا ولكم ... التقى جيش مصر والمغول ... وقتل الله قائدهم كتبغانوين ... فإلى سقر وبئس المصير ... يا أهالي القاهرة ... البشرى لنا ولكم
حبيب : قتل قائد المغول
الجميع : الله أكبر ...
( تتردد الله أكبر من البيوت ردا علي كلام المنادي ثم نسمع زغاريد النساء )
* * *
صباح تتحدث مع هنية
صباح : وماذا سنفعل في هذه المشكلة ... لقد نفذ السكر ولا أجد في السوق
هنية : لما نفذ السكر تذكرت جرة العسل التي في المخزن فقسمتها علينا وهذا هو نصيبك إلى أن يأتي السكر
( تدخل إيفون عليهما وتلقي عليهم السلام وبيدها جوال صغير )
إيفون لا تحملا هما للسكر لقد بحثت حتى وجدت السكر علينا أن نقسمه بيننا

بين الدكاكين نرى الأطفال يقومن بعملهم ويستشير بعضهم البعض
* * *
هنية تطوي الملابس للأطفال ... تتقدم منها طفلة صغيرة
الطفلة : انظري يا أمي لقد قطع ثوبي ... هل ستشتري لي ثوبا جديدا
هنية : نعم يا حبيبتي ولكن ليس الآن ... هاتي ثوبك أرفيه لك ليصبح كالجديد
( تأخذ هنية من جوارها علبة صغيرة بها إبرة وخيط .. تلضمها لترفي ثوب الطفلة
* * *
وائل يستمع لجده وهو لا يكف عن الأسئلة
وائل : ولكن ياجدي ماسر هذه الأزمات التي تحدث ... أن ينفذ السكر أو الدقيق
الجد : هذ الأشياء عادة تحدث في الحروب ... فالرجال في الحرب وهم في الأصل المسؤلون عن حركة التجارة وتوريد البضائع من هنا لهناك ... ومن الطبيعي أن تسير هذه الحركة ببطئ أثناء الحرب وتحدث الأزمات
وائل : آآآآه ... فهمت
* * *
يجلس الأطفال أمام الدكاكين عزيز وحبيب وفؤاد وسعد ... تمر من أمامهم سعاد وهي تجري ولا تلتفت لهم فينادي أخوها عليها
سعد : إلى أين يا سعاد
سعاد : سأحضر خالتي أم ابراهيم ... خالتي هنية تتوجع
( تقول سعاد كلماتها وهي تسرع ... يقوم الأولاد يغلقون الدكاكين ويسرعون ليكونوا بجانب أمهم هنية )
* * *
أم ابراهيم تدخل المنزل مسرعة وتدخل غرفة هنية ويبقى في البهو كل الأطفال سعد وإخوته وفؤاد وإخوته وحبيب وعزيز وأبناء إيفون وأبناء صباح ... أما صباح فهي تقرأ القرآن وتدعو لها .. وإيفون تصلي من أجلها
نسمع صوت صراخ الطفل فيهلل الأطفال ويفرحون ... وبعد قليل تخرج أم ابراهيم لتهنئهم
أم ابراهيم : مبروك جاءكم طفل جميل
( نسمع صوت دقات طبول فيجري الجميع للمشربية يستمعون , ثم صوت المنادي فينصت الجميع )
ص. المنادي : يا أهالي القاهرة ... البشرى لنا ولكم ... انتصر السلطان قطز على جيش المغول
( يكرر المنادي النداء فيهلل الأطفال والناس وتعلو أصوات الناس بالتكبير وزغاريد النساء تنطلق )
* * *
فهيم يرتدي زي المحاربين يمسك طفله الصغير بحب وحنان وبجانبه تجلس هنية وهي في غاية السعادة
فهيم : سأسميه منتصر
( يضحك الجميع ويباركون لفهيم ... ويغني الأطفال أغنية للنصر ولمنتصر الصغير )
تمت بحمد الله تعالى
كل ماورد عن المغول من مجلة الثقافة العالمية دورية تصدر كل شهرين
العدد :38
بتاريخ :7- 1997
المجلس الوطني للثقافة والفنون بدولة الكويت
بقلم :ليوجارت
ترجمة :د. شهرت العالم
* * *
الأحداث التاريخية لهذه الفترة من كتاب النجوم الزاهرة لملوك مصر والقاهرة ( الجزء السابع )
تأليف : جمال الدين أبي المحاسن يوسف الأتابكي

منقول


التوقيع :



دعاء
"يا ودود يا ودود ، ياذا العرش المجيد ، يا مبدئ يا معيد، يا فعالا لما يريد،
أسألك بنور وجهك الذي ملئ أركان عرشك، وأسألك بقدرتك التي قدرت
بها على جميع خلقك و أسألك برحمتك التي و سعت كل شيء، لا إله إلا أنت،
يا مغيث أغثني ، ثلاث مرات "
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir