آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12623 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7384 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13268 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14646 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48776 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43838 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36046 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20856 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21122 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27062 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-13-2010, 02:26 PM   رقم المشاركة : 16
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

الكراسي بمنابر من نور و من ذهب مكللة بالجوهر ثم يجيء الصديقون و الشهداء حتى يجلسوا على تلك المنابر ثم ينزل أهل الغرف من غرفهم حتى يجلسوا على تلك الكثبان ثم يتجلى لهم الله عز و جل فيقول أنا الذي صدقتكم وعدي و أتممت عليكم نعمتي و هذا محل كرامتي فسلوني فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم فيفتح لهم في ذلك ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر و ذلك بمقدار منصرفكم من الجمعة ثم يرتفع على كرسيه عز و جل و يرتفع معه النبيون و الصديقون و يرجع أهل الغرف إلى غرفهم و هي لؤلؤة بيضاء و زبرجدة خضراء و ياقوتة حمراء غرفها و أبوابها وأنهارها مطردة فيها و أزواجها و خدامها و ثمارها متدليات فيها فليسوا إلي شيء بأحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا نظرا إلى ربهم و يزدادوا منه كرامة هذا حديث كبير عظيم الشان رواه أئمة السنة و تلقوه بالقبول و جمل به الشافعي مسنده فرواه عن إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر عن عبد الله بن عبد بن عمير انه سمع انس بن مالك فذكر بنحوه و قد تقدم لفظه ثم قال الشافعي أنبانا إبراهيم قال حدثني أبو عمران إبراهيم ابن الجعد عن انس شبيها به و زاد فيه أشياء و رواه محمد بن إسحاق قال حدثني ليث بن أبي سليم عن عثمان بن عمير عن انس به و قال فيه ثم يتجلى لهم ربهم عز و جل حتى ينظروا إلى وجهه الكريم و ذكر باقي الحديث و رواه عمرو ابن أبي قيس عن أبي ظبية عن عاصم عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن انس وجوده و فيه فإذا كان يوم الجمعة نزل على كرسيه ثم حف الكرسي بمنابر من نور فيجيء النبيون حتى يجلسوا عليها و يجيء أهل الغرف حتى يجلسوا على الكثب قال ثم يتجلى لهم ربهم تبارك و تعالى فينظرون إليه فيقول أنا الذي صدقتكم وعدي و أتممت عليكم نعمتي و هذا محل كرامتي سلوني فيسألونه الرضى قال رضاي آمن لكم داري و أنا لكم كرامتي سلوني فيسألونه الرضى قال فيشهدهم بالرضاء ثم يسألونه حتى تنتهي رغبتهم و ذكر الحديث و رواه على ابن حرب حدثنا إسحاق ابن سليمان حدثنا عنبسة بن سعيد عن عثمان بن عمير ورواه الحسن بن عرفة حدثنا عمار بن محمد بن أخت سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن عثمان و قال فيه ثم يرتفع على كرسيه و يرتفع معه النبيون و الصديقون و الشهداء و يرجع أهل الغرف إلى غرفهم و رواه الدار قطني من طريق آخر من حديث قتادة عن

انس قال سمعته يقول بينا نحن حول رسول الله إذ قال أتاني جبريل في يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء قلت يا جبريل ما هذا قال هذا يوم الجمعة يعرضه عليك ربك ليكون لك عيدا و لامتك من بعدك قال قلت يا جبريل ما هذه النكتة السوداء قال هي الساعة و هي تقوم يوم الجمعة و هو سيد أيام الدنيا و نحن ندعوه في الجنة يوم المزيد قال قلت يا جبريل ولم تدعونه يوم المزيد قال إن الله اتخذ في الجنة واديا افيح من مسك أبيض فإذا كان يوم الجمعة نزل ربنا عز وجل على كرسيه إلى ذلك الوادي و قد حف الكرسي بمنابر من ذهب مكاله بالجوهر وقد حفت تلك المنابر بكراسي من نور ثم يؤذن لأهل الغرف فيقبلون يخوضون كثبان المسك إلى الركب عليهم اسورة الذهب و الفضة و ثياب السندس و الحرير حتى ينتهوا إلى ذلك الوادي فإذا اطمأنوا فيه جلوسا بعث الله عليهم ريحا يقال لها المثيرة أثارت ينابيع المسك الأبيض في وجوههم و ثيابهم و هم يومئذ جرد مرد مكحلون أبناء ثلاث و ثلاثين سنة على صورة آدم يوم خلقه الله عز و جل فينادي رب العزة تبارك و تعالى رضوان و هو خازن الجنة فيقول يا رضوان ارفع الحجب بيني وبين عبادي ورواري فإذا رفع الحجب بينه و بينهم فرأوا بهاءه و نوره هموا له بالسجود فيناديهم تبارك و تعالى بصوته ارفعوا رؤسكم فإنما كانت العبادة في الدنيا و أنتم اليوم في دار الجزاء سلوني ما شئتم فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي و أتممت عليكم نعمتي فهذا محل كرامتي فسلوني ما شئتم فيقولون ربنا و أي خير لم تفعله بنا الست أعنتنا على سكرات الموت و آنست منا الوحشة في ظلمات القبور وآمنت روعتنا عند النفخة في الصور ألست أقلت عثراتنا و سترت علينا القبيح من فعلنا و ثبت على جسر جهنم أقدامنا لست الذي أدنيتنا من جوارك و أسمعتنا لذاذة منطقك و تجليت لنا بنورك ذي خير لم تفعله بنا فنعوذ بالله عز و جل فيناديهم بصوته فيقول أنا ربكم الذي صدقتكم وعدي و أتممت عليكم نعمتي فسلوني فيقولون نسألك رضاك فيقول برضائي عنكم أقلتكم عثراتكم و سترت عليكم القبيح من أموركم و أدنيت مني جواركم و أسمعتكم لذاذة منطقي و تجليت لكم بنوري فهذا محل كرامتي فسلوني فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم ثم يقول عز و جل سلوني فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم ثم يقول عز و جل

سلوني فيقولون رضينا و ربنا و سلمنا فيزيدهم من مزيد فضله و كرامته مالا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر و يكون ذلك مقدار تفرقهم من الجمعة قال انس فقلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله و ما مقدار تفرقهم قال كقدر الجمعة إلى الجمعة قال ثم يحمل عرش ربنا تبارك و تعالى معهم الملائكة و النبيون ثم يؤذن لأهل الغرف فيعودون إلى غرفهم و هما غرفتان من زمردتين خضراوين و ليسوا إلى شيء أشوق منهم إلى الجمعة لينظروا إلى ربهم عز و جل و ليزيدهم من مزيد فضله و كرامته قال انس سمعته من رسول الله و ليس بيني و بينه أحد و رواه الدار قطني أيضا عن أبي بكر النيسابوري قال اخبرني أبو العباس بن الوليد بن يزيد قال اخبرني محمد بن شعيب قال اخبرني عمر مولى عفرة عن انس و رواه محمد بن خالد بن جني حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع حدثنا صفوان قال قال انس قال رسول الله و رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن ليث عن أبي عثمان عن انس و رواه إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة عن زهير بن حرب حدثنا جرير عن ليث عن عثمان بن أبي حميد عن انس و رواه الأسود بن عامر قال ذكر لي عن شريك عن أبي اليقظان عن انس و رواه ابن بطة في الإبانة من حديث الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة و سيأتي سياقه و قد جمع ابن أبي داود طرقه فصل و أما حديث بريدة بن الحصيب فقال إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أبو خلاد عبد العزيز بن إبان القرشي حدنا بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله ما منكم من أحد إلا سيحلو الله به يوم القيامة ليس بينه و بينه حجاب و لا ترجمان فصل و أما حديث أبي بن رزين العقيلي فرواه الإمام احمد من حديث شعبة و حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن خدش عن أبي رزين قال قلنا يا رسول الله أكلنا يرى ربه عز و جل يوم القيامة قال نعم قلت و ما آية ذلك في خلقه قال أليس كلكم ينظر إلى القمر ليلة البدر قلنا نعم قال الله اكبر و اعظم قال عبد الله قال أبي الصواب حدس و قال أبو داود سليمان بن الأشعث حدثنا موسى بن

إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة به فقد اتفق شعبة و حماد بن سلمة و حسبك بهما على روايته عن يعلى بن عطاء و رواه الناس عنهما و عن أبي رزين فيه إسناد آخر قد تقدم ذكره في حديثه الطويل و أبو رزين العقيلي له صحبة و عداده من أهل الطائف و هو لقيط بن عامر و يقال لقيط بن صبرة هكذا قال البخاري و ابن أبي حاتم و غيرهما و قيل هما اثنان و لقيط بن عامر غير لقيط بن صبرة و الصحيح الأول و قال ابن عبد البر من قال لقيط بن صبرة نسبه إلى جده و هو لقيط بن عامر ابن صبرة فصل و أما حديث جابر بن عبد الله فقال الإمام احمد حدثنا روح بن جرير اخبرني أبو الزبير انه سمع جابرا يسأل عن الورود فقال نحن يوم القيامة على كذا و كذا أي فوق الناس فتدعى الأمم بأوثانها و ما كانت تعبد الأول فالأول ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول و من تنتظرون فيقولون ننتظر ربنا فيقول أنا ربكم فيقولون حتى ننظر إليك فيتجلى لهم تبارك و تعالى يضحك قال فينطلق بهم و يتبعونه و يعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورا ثم يتبعونه على جسر جهنم و عليه كلاليب و حسك تأخذ من شاء الله ثم يطفأ نور المنافق ثم ينجو المؤمنون فتنجوا أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر و سبعون ألفا لا يحاسبون ثم الذين يلونهم كأضواء النجوم في السماء ثم كذلك ثم تحل الشفاعة حتى يخرج من النار من قال لا اله إلا الله و كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة فيجعلون بفناء الجنة و يجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتون نبات الشيء في السيل و يذهب حراقه ثم يسأل حتى يجعل الله له الدنيا و عشرة أمثالها معها رواه مسلم في صحيحه و هذا الذي وقع في الحديث من قوله على كذا و كذا قد جاء مفسرا في رواية صحيحة ذكرها عبد الحق في الجمع بين الصحيحين نحن يوم القيامة على تل مشرفين على الخلائق و قال عبد الرزاق أنبانا رباح بن زيد قال حدثني ابن جريج قال اخبرني زياد بن سعد أن أبا الزبير اخبره عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله يتجلى لهم الرب تبارك و تعالى ينظرون إلى وجهه فيخرون له سجدا فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا بيوم عبادة و قال الدار قطني أنبأنا احمد بن عيسى بن السكن حدثنا احمد بن محمد

محمد بن عمر بن يونس حدثنا محمد بن شرحبيل الصنعاني قال حدثني ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله يتجلى لنا ربنا عز و جل يوم القيامة ضاحكا ورواه أبو قرة عن مالك بن انس عن زياد بن سعد حدثنا أبو الزبير عن جابر انه سمع رسول الله يقول إذا كان يوم القيامة جمعت الأمم فذكر الحديث و فيه فيقول أتعرفون الله عز و جل إن رأيتموه فيقولون نعم فيقول و كيف تعرفونه و لم تروه فيقولون نعلم أن لا عدل له قال فيتجلى لهم تبارك و تعالى فيخرون له سجدا و قال ابن ماجة في سننه حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عاصم العباداني عن فضل بن عيسى الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب جل جلاله قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم أهل الجنة و هو قول الله عز و جل ^ سلام قولا من رب رحيم ^ فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم و تبقى فيهم بركته و نوره و قال حرب في مسائله حدثنا يحيى ابن أبي حزم حدثنا يحيى بن محمد أبو عاصم العباداني فذكره و عند البيهقي في هذا الحديث سياق آخر رواه أيضا من طريق العباداني عن الفضل بن عيسى بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله بينا أهل الجنة في مجالس لهم إذ سطع لهم نور على باب الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تبارك و تعالى قد اشرف فقال تعالى يا أهل الجنة سلوني قالوا نسألك الرضى عنا قال رضائي أحلكم داري و أنالكم كرامتي هذا أوانها فسلوني قالوا نسألك الزيادة قال فيؤتون بنجائب من ياقوت احمر أزمتها زمرد اخضر و ياقوت احمر فجاءوا عليها تضع حوافرها عند منتهى طرفها فيأمر الله بأشجار عليها الثمار فتجيء جواري الحور العين و هن يقلن نحن الناعمات فلا نبأس و نحن الخالدات فلات نموت أزواج قوم مؤمنين كرام و يأمر الله عز وجل بكثبان من مسك أبيض اذفر فيثير عليهم ريحا يقال لها المثيرة حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن و هي قصبة الجنة فتقول الملائكة يا ربنا قد جاء القوم مرحبا بالصادقين و مرحبا بالطائعين قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تبارك


وتعالى و يتمتعون بنور الرحمن حتى لا يبصر بعضهم بعضا ثم يقول أرجعوهم إلى القصور بالتحف فيرجعون و قد ابصر بعضهم بعضا فقال رسول الله فذاك قوله تعالى ^ نزلا من غفور رحيم ^ رواه في كتاب البعث و المنشور و في كتاب الرؤية قال و قد مضى في هذا الكتاب و في كتاب الرؤية ما يؤكد هذا الخبر و قال الدارقطني أنبأنا الحسن بن إسماعيل أنبانا أبو الحسن بن إسماعيل أنبانا أبو الحسن علي بن عبدة حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال النبي إن الله عز و جل يتجلى للناس عامة و يتجلى لأبي بكر خاصة فصل و أما حديث أبي امامة فقال ابن وهب اخبرني يونس بن يزيد عن عطاء الخراساني عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبي امامة قال خطبنا رسول الله فكان اكثر خطبته ذكر الدجال يحذرنا منه و يحدثنا عنه حتى فرغ من خطبته فكان فيما قال لنا يومئذ إن الله عز و جل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته و إني آخر الأنبياء و أنتم آخر الأمم و هو خارج فيكم لا محالة فان يخرج و أنا بين أظهركم فانا حجيج كل مسلم وإن يخرج فيكم بعدي فكل امرء حجيج نفسه و الله خليفتي على كل مسلم انه يخرج من خلة بين العراق والشام عاث يمينا و عاث شمالا يا عباد الله اثبتوا و أنه يبدأ فيقول أنا نبي و لا نبي بعدي ثم يثني فيقول أنا ربكم و لن تروا ربكم حتى تموتوا و انه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه و ليقرأ فواتح سورة أصحاب الكهف و انه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها و انه لا يعدو ذلك و لا يسلط على نفس غيرها و إن من فتنته إن معه جنة و نارا فناره جنة و جنته نار فمن ابتلي بناره فليغمض عينيه و ليستغث بالله تكن بردا و سلاما كما كانت النار بردا و سلاما على إبراهيم و إن أيامه أربعون يوما يوما كسنة و يوما كشهر و يوما كجمعة و يوما كالأيام وآخر أيامه كالسراب يصبح الرجل عند باب المدينة فيمسي قبل إن يبلغ بابها الآخر قالوا فكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام قال تقدرون كما تقدرون في الأيام الطوال و رواه الدار قطني عن ابن صاعد عن احمد بن الفرح عن ضمرة بن ربيعة عن يحيى بن أبي عمرويه

فصل وأما حديث زيد بن ثابت فقال الإمام احمد حدثنا أبو المغيرة قال حدثني أبو بكر قال حدثني ضمرة بن حبيب عن زيد بن ثابت أن رسول الله علمه دعاء و أمره أن يتعاهد به أهله كل يوم قال قل حين تصبح لبيك اللهم لبيك لبيك و سعديك و الخير في يديك و منك و إليك اللهم و ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه ما شئت كان و ما لم تشأ لم يكن ولا حول و لا قوة إلا بك انك على كل شيء قدير اللهم و ما صليت من صلاة فعلى من صليت و ما لعنت من لعنة أنت وليي في الدنيا و الآخرة توفني مسلما و الحقني بالصالحين أسألك اللهم الرضا بعد القضاء و برد العيش بعد الموت و لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك من غير ضراء و مضرة و لا فتنة مضلة أعوذ بك اللهم أن اظلم أو اظلم أو اعتدي أو يعتدى علي أو اكسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا تغفره اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة ذا الجلال و الإكرام فاني اعهد إليك في هذه الحياة الدنيا و أشهدك و كفى بك شهيدا إني اشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك الملك و لك الحمد و أنت على كل شيء قدير و اشهد أن محمدا عبدك و رسولك و اشهد أن وعدك حق و أن لقائك حق و الجنة حق و الساعة آتية لا ريب فيها و أنت تبعث من في القبور و اشهد انك تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة و عورة و ذنب و خطيئة و إني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت و تب علي انك أنت التواب الرحيم رواه أبو داود في صحيحه فصل وأما حديث عمار بن ياسر فقال الأمام احمد حدثنا إسحاق الأزرق عن شريك عن أبي هاشم عن أبي مجلز قال صلى بنا عمار صلاة فاوجز فيها فأنكروا ذلك فقال ألم أتم الركوع و السجود قالوا بلى قال أما إني قد دعوت فيها بدعاء كان رسول الله يدعو به اللهم بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي و توفني إذا علمت الوفاة خيرا لي و اسالك خشيتك في الغيب و الشهادة و كلمة الحق في الغضب و الرضا و القصد في الفقر و الغنى و لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة

مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين و أخرجه ابن حبان و الحاكم في صحيحيهما فصل و أما حديث عائشة ففي صحيح الحاكم من حديث الزهري عن عروة عنها قالت قال رسول الله لجابر يا جابر إلا أبشرك قال بلى بشرك الله بخير قال شعرت أن الله أحيا أباك فاقعده بين يديه فقال تمن علي عبدي ما شئت أعطكه قال يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى عليك أن تردني إلى الدنيا فاقاتل مع نبيك فاقتل فيك مرة أخرى قال انه قد سلف مني انك إليها لا ترجع و هو في المسند من حديث جابر و في مسنده ادخله و للترمذي فيه سياق أتم من هذا عن جابر قال لما قتل عبد الله بن عمرو ابن حزام يوم أحد قال قال رسول الله يا جابر إلا أخبرك ما قال الله عز و جل لأبيك قال بلى قال ما كلم الله عز و جل أحدا إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا فقال يا عبدي تمن علي أعطك قال يا رب تحييني فاقتل فيك ثانية قال انه سبق مني انهم إليها لا يرجعون قال يا رب فابلغ من ورائي فانزل الله عز و جل هذه الآية و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية قال الترمذي هذا حديث حسن غريب قلت و إسناده صحيح و رواه الحاكم في صحيحه فصل وأما حديث عبد الله بن عمر فقال الترمذي حدثنا عبد بن حميد عن شبابة عن إسرائيل عن ثوير بن أبي فأخته و قال الطبراني حدثنا أسد بن موسى حدثنا أبو معاوية محمد بن حازم عن عبد الملك بن ابجر عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر قال قال رسول الله إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ينظر إلى أزواجه و سرره و خدمه و إن أفضلهم منزلة من ينظر إلى وجه الله تبارك و تعالى كل يوم مرتين قال الترمذي و روى هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعا و رواه عبد الملك بن ابجر عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا و روى الاشجعي عبيد الله عن سفيان الثوري عن مجاهد عن ابن عمر نحوه و لم يرفعه حدثنا بذلك أبو كريب قلت و رواه الحسن بن عرفة عن شبابة

عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعا و زاد فيه ثم قرأ رسول الله ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ و قال سعيد بن هشيم بن بشير عن أبيه عن كريز بن حكيم عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله يوم القيامة أول يوم نظرت فيه عين إلى الله تبارك و تعالى ورواه الدار قطني عن جماعة عن احمد بن يحيى بن حبان الرقي عن إبراهيم بن خرزاذ عنه و قال الدارقطني حدثنا احمد بن سليمان حدثنا احمد بن يونس حدثنا عبد الحميد بن صالح حدثنا أبو شهاب الخياط عن خالد بن دينار عن حماد بن جعفر عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله يقول إلا أخبركم بأسفل أهل الجنة قالوا بلى يا رسول الله فذكر الحديث إلى أن قال حتى إذا بلغ النعيم منهم كل مبلغ و ظنوا أن لا نعيم افضل منه و اشرف الرب تبارك و تعالى عليهم فينظرون إلى وجه الرحمن عز و جل فيقول يا أهل الجنة هللوني و كبروني و سبحوني بما كنتم تهللونني و تكبروني و تسبحوني في دار الدنيا فيتجاوبون بتهليل الرحمن فيقول تبارك و تعالى لداود يا داود قم فمجدني فيقوم داود فيمجد ربه عز و جل و قال عثمان بن سعيد الدارمي في رده على بشر المريسي حدثنا احمد بن يونس عن أبي شهاب الخياط عن خالد بن دينار عن حماد بن جعفر عن ابن عمر يرفعه إلى النبي إن أهل الجنة إذا بلغ النعيم منهم كل مبلغ و ظنوا أن لا نعيم افضل منه تجلى لهم الرب تبارك و تعالى فنظروا إلى وجه الرحمن فنسوا كل نعيم عاينوه حين نظروا إلى وجه الرحمن فصل و أما حديث عمارة بن رويبة فقال ابن بطة في الإبانة حدثنا عبد الغافر بن سلامة الحمصي حدثنا محمد بن عوف بن سفيان الطائي حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر بن عمارة بن رويبة عن أبيه قال نظر النبي إلى القمر ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضارون في رؤيته فان استطعتم إلا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس و صلاة قبل غروبها فافعلوا قال ابن بطة و اخبرني أبو القاسم بن عمر بن احمد عن أبي بكر احمد بن هارون حدثنا عبد الرزاق بن منصور حدثنا المغيرة حدثنا المسعودى عن إسماعيل بن

أبي خالد عن أبي بكر بن عمارة بن رويبة عن أبيه قال نظر رسول الله إلى القمر ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكم تبارك و تعالى كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فان استطعتم أن لا تغلبوا على ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين بعد غروبها فافعلوا فصل و أما حديث سلمان الفارسي فقال أبو معاوية حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي قال يأتون النبي فيقولون يا نبي الله إن الله فتح بك و ختم بك و غفر لك قم فاشفع لنا إلى ربك فيقول نعم أنا صاحبكم فيخرج يحوش الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة فيأخذ بحلقة الباب فيقرع فيقال من هذا فيقال محمد قال فيفتح له فيجيء حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السجود فيؤذن له الحديث فصل و أما حديث حذيفة بن اليمان فقال ابن بطة اخبرني أبو القاسم عمر بن احمد عن أبي بكر احمد بن هارون حدثنا يزيد بن جمهور حدثنا الحسن بن يحيى ابن كثير العنبري حدثني أبي عن إبراهيم بن المبارك عن القاسم بن مطيب عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان و قال البزار و حدثنا محمد بن معمر و احمد بن عمرو بن عبيد العصفري قالا حدثنا يحيى بن كثير حدثنا إبراهيم ابن المبارك عن القاسم بن مطيب عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال قال رسول الله أتاني جبريل فإذا في كفه مرآة كأصفى المرايا وحسنها و إذا في وسطها نكتة سوداء قال يا جبريل ما هذه قال هذه الدنيا صفاؤها و حسناه قال قلت و ما هذه اللمعة في وسطها قال هذه الجمعة قال قلت و ما الجمعة قال يوم من أيام ربك عظيم و سأخبرك بشرفه و فضله و اسمه في الآخرة أما شرفه و فضله في الدنيا فان الله تعالى جمع فيه أمر الخلق و أما ما يرجى فيه فإن فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم أو أمة مسلمة يسألان الله تبارك و تعالى فيها خيرا إلا أعطاهما إياه و أما شرفه و فضله و اسمه في الآخرة فان الله تبارك و تعالى إذا صير أهل الجنة إلى الجنة و أهل النار إلى النار و جرت عليهم أيامها و ساعاتها ليس بها ليل و لا نهار إلا قد علم الله تبارك و تعالى مقدار ذلك و ساعاته فإذا كان يوم الجمعة في الحين الذي يبرز أو يخرج فيه أهل الجنة إلى جمعتهم نادى مناد يا أهل الجنة اخرجوا إلى

دار المزيد لا يعلم سعته و عرضه و طوله إلا الله عز و جل في كثبان من المسك قال فيخرج غلمان الأنياء بمنابر من نور و يخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت قال فإذا وضعت لهم و اخذ القوم مجالسهم بعث الله تبارك و تعالى عليهم ريحا تدعى المثيرة تثير عليهم آثار المسك الأبيض تدخله من تحت ثيابهم و تخرجه في وجوههم و أشعارهم فتلك الريح اعلم كيف تصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم لو دفع إليها ذلك الطيب بإذن الله تعالى قال ثم يوحي الله سبحانه إلى حملة العرش فيوضع بين ظهراني الجنة و بينه و بينهم الحجب فيكون أول ما يسمعون منه أن يقول أين عبادي الذين أطاعوني في الغيب و لم يروني و صدقوا رسلي و اتبعوا أمري فسلوني فهذا يوم المزيد قال فيجتمعون على كلمة واحدة ربنا رضينا عنك فارض عنا قال فيرجع الله تعالى في قولهم أن يا أهل الجنة إني لو لم ارض عنكم لما أسكنتكم جنتي فسلوني فهذا يوم المزيد قال فيجتمعون على كلمة واحدة رب وجهك أرنا ننظر إليه قال فيكشف الله تبارك و تعالى تلك الحجب و يتجلى لهم فيغشاهم من نوره لولا انه قضى عليهم أن لا يحترقوا إلا احترقوا مما غشيهم من نوره قال ثم يقال ارجعوا إلى منازلكم قال فيرجعون إلى منازلهم يزاد النور و أمكن و يزاد و أمكن حتى يرجعوا إلى صورهم التي كانوا عليها قال فيقول لهم أزواجهم لقد خرجتم من عندنا على صورة و رجعتم على غيرها قال فيقولون ذلك بأن الله تبارك و تعالى تجلى لنا فنظرنا منه إلى ما خفينا به عليكم قال فلهم في كل سبعة أيام الضعف على ما كانوا فيه قال و ذلك قوله عز و جل ^ فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ^ و قال عبد الرحمن بن مهدي حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم بن يزيد السعدي عن حذيفة في قوله عز و جل للذين احسنوا الحسنى و زيادة قال النظر إلى وجه الله عز وجل قال الحاكم و تفسير الصحابي عندنا في حكم المرفوع فصل وأما حديث ابن عباس فروى ابن خزيمة من حديث حماد بن سلمة عن ابن جدعان عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس فقال قال رسول الله

ما من نبي إلا و له دعوة تعجلها في الدنيا و إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فآتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فاقرع الباب فيقال من أنت فأقول أنا محمد فآتي ربي و هو على كرسيه أو على سريره فيتجلى لي ربي فاخر له ساجدا و رواه ابن عيينة عن ابن جدعان فقال عن أبي سعيد بدل بن عباس و قال أبو بكر بن أبي داود حدثنا عمى محمد بن الأشعث حدثنا ابن جبير قال حدثني أبي جبير عن الحسن عن ابن عباس عن النبي قال إن اهل الجنة يرون ربهم تبارك و تعالى في كل يوم جمعة في رمال الكافور و أقربهم منه مجلسا أسرعهم إليه يوم الجمعة و ابكرهم غدوا فصل و أما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فقال الصنعاني حدثنا صدقة بن عمرو العقدي قال قرأت على محمد بن إسحاق حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث مروان بن الحكم و هو أمير المدينة قال خلق الله الملائكة لعبادته أصنافا فان منهم لملائكة قياما صافين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة و ملائكة ركوعا خشوعا من يوم خلقهم إلى يوم القيامة و ملائكة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة و تجلى لهم تعالى و نظروا إلى وجهه الكريم قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك فصل وأما حديث أبي بن كعب فقال الدار قطني حدثنا عبد الصمد بن علي حدثنا محمد بن زكريا بن دينار قال حدثني قحطبة بن علاقة حدثنا أبو جلدة عن أبي العالية عن أبي بن كعب عن النبي في قوله تعالى للذين احسنوا الحسنى و زيادة قال النظر إلى وجه الله عز و جل و أما حديث كعب ابن عجرة فقال محمد بن حميد حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن كعب بن عجرة عن النبي في قوله تعالى للذين احسنوا الحسنى و زيادة قال الزيادة النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى فصل و أما حديث فضالة بن عبيد فقال عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا محمد بن المهاجر عن أبي حليس عن أبي الدرداء أن فضالة يعني ابن عبيد كان يقول


رد مع اقتباس
قديم 03-13-2010, 02:28 PM   رقم المشاركة : 17
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء و برد العيش بعد الموت و لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة فصل و أما حديث عبادة بن الصامت ففي مسند أحمد من حديث بقية حدثنا يحيى ابن سعيد عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت عن النبي انه قال قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد اعور مطموس العين ليست بناتئة و لا جحراء فإن التبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور و إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا و أما حديث الرجل من أصحاب النبي فقال الصنعاني حدثنا روح بن عبادة حدثنا عباد بن منصور قال سمعت عدي بن ارطاة يخطب على المنبر بالمدائن فجعل يعظ حتى بكى و أبكانا ثم قال كونوا كرجل قال لابنه و هو يعظه يا بني أوصيك أن لا تصلي صلاة إلا ظننت أنك إلا تصلي بعدها غيرها حتى تموت و تعال يا بني نعمل عمل رجلين كأنهما قد وقفا على النار ثم سألا الكرة و لقد سمعت فلانا نسي عباد اسمه ما بيني و بين رسول الله غيره فقال أن رسول الله قال إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافتة ما منهم ملك تقطر دمعته من عينه إلا وقعت ملكا يسبح الله تعالى قال و ملائكة سجود منذ خلق الله السماوات و الأرض لم يرفعوا رؤوسهم و لا يرفعونها إلى يوم القيامة و صفوف لم ينصرفوا عن مصافهم و لا ينصرفون إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة وتجلى لهم ربهم فنظروا إليه قالوا سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك أن نعبدك فصل و هاك بعض ما قاله بعض أصحاب رسول الله و التابعون و أئمة الإسلام بعدهم قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال أبو إسحاق عن عامر بن سعد


قرأ أبو بكر الصديق للذين احسنوا الحسنى و زيادة فقالوا ما الزيادة يا خليفة رسول الله قال النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا علي بن ميسرة الهمداني حدثنا صالح ابن أبي خالد العنبري عن أبي الاحوص عن أبي إسحاق الهمداني عن عمارة ابن عبيد قال سمعت عليا يقول من تمام النعمة دخول الجنة و النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى في جنته قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم عن زيد عن حذيفة قال الزيادة النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى قول عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم ذكر أبو عوانة عن هلال عن عبد الله بن عكيم قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذا المسجد مسجد الكوفة يبدأ باليمين قبل أن يحدثنا فقال و الله ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر قال فيقول ما غرك بي يا ابن آدم ثلاث مرات ماذا أجبت المرسلين ثلاثا كيف عملت فيما علمت و قال ابن أبي داود حدثنا احمد بن الأزهر حدثنا إبراهيم بن الحكم حدثنا أبي عن عكرمة قال قيل لابن عباس كل من دخل الجنة يرى الله عز و جل قال نعم وقال أسباط بن نصر عن إسماعيل السدي عن أبي ملك و أبي صالح عن ابن عباس و عن مرة الهمداني عن ابن مسعود لزيادة النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى قول معاذ بن جبل قال عبد الرحمن بن أبي حاتم أنبانا إسحاق بن احمد الخراز حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن المغيرة بن مسلم عن ميمون بن أبي حمزة قال كنت جالسا عند أبي وائل فدخل علينا رجل يقال له أبو عفيف فقال له شقيق بن سلمة يا أبا عفيف إلا تحدثنا عن معاذ بن جبل قال بلى سمعته يقول يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد فينادي أين المتقون فيقومون في كنف واحد من الرحمن لا يحتجب الله منهم و لا يستتر قلت من المتقون قال قوم اتقوا الشرك و عبادة الأوثان و اخلصوا لله في العبادة فيمرون إلى الجنة قول أبي هريرة رضي الله عنه قال ابن وهب اخبرني ابن لهيعة عن أبي النصر أن أبا هريرة كان يقول لن تروا ربكم حتى تذوقوا الموت قول عبد الله بن عمر قال حسين الجعفي عن عبد الملك بن ابجر عن ثوير عن ابن عمر قال إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه و إن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه


الله في كل يوم مرتين قول فضالة بن عبيد ذكر الدارمي عن محمد بن مهاجر عن أبي حليس عن أبي الدرداء أن فضالة بن عبيد كان يقول اللهم إني اسألك الرضا بعد القضا و برد العيش بعد الموت و لذة النظر إلى وجهك و قد تقدم قول أبي موسى الاشعري قال وكيع عن أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة عن أبي موسى قال الزيادة النظر إلى وجه الله ويرى يزيد بن هارون و ابن أبي عدي و ابن علية عن التيمي عن اسلم العجلي عن أبي مزانة عن أبي موسى الاشعري انه كان يحدث الناس فشخصوا بأبصارهم فقال ما صرف أبصاركم عني قالوا الهلال قال فكيف بكم إذا رأيتم وجه الله جهرة قول انس بن مالك قال ابن أبي شيبة حدثنا يحيى بن يمان حدثنا شريك عن أبي اليقظان عن انس بن مالك في قوله عز و جل و لدينا مزيد قال يظهر لهم الرب تبارك و تعالى يوم القيامة قول جابر بن عبد الله قال مروان بن معاوية عن الحكم بن أبي خالد عن الحسن عن جابر قال إذا دخل أهل الجنة الجنة و أديم عليهم بالكرامة جاءتهم خيول من ياقوت احمر لا تبول و لا تروث لها أجنحة فيقعدون عليها ثم يأتون الجبار فإذا تجلى لهم خروا له سجدا فيقول يا أهل الجنة ارفعوا رؤوسكم فقد رضيت عنكم لا سخط بعده قال الطبري فتحصل في الباب ممن روى عن رسول الله من الصحابة حديث الرؤية ثلاث و عشرون نفسا منهم علي و أبو هريرة و أبو سعيد و جرير و أبو موسى و صهيب و جابر وابن عباس و انس و عمار بن ياسر و أبي ابن كعب و ابن مسعود و زيد بن ثابت و حذيفة بن اليمان و عبادة بن الصامت و عدي بن حاتم و أبو رزين العقيلي و كعب بن عجرة و فضالة بن عبيد و بريدة بن الحصيب و رجل من أصحاب النبي و قال الدارقطني أنبأنا محمد بن عبد الله حدثنا جعفر بن محمد الأزهر حدثنا مفضل بن غسان قال سمعت يحيى بن معين يقول عندي سبعة عشر حديثا في الرؤية كلها صحاح و قال البيهقي روينا في إثبات الرؤية عن أبي بكر الصديق و حذيفة بن اليمان و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس و أبي موسى و غيرهم و لم يرو عن أحد منهم نفيها و لو كانوا فيها مختلفين لنقل اختلافهم في ذلك إلينا فلما نقلت رؤية الله سبحانه و تعالى بالأبصار في الآخرة عنهم و لم ينقل عنهم في ذلك اختلاف كما نقل عنهم فيها اختلاف في الدنيا علمنا انهم كانوا على القول برؤية الله بالأبصار في الآخرة متفقين و مجتمعين

فصل وأما التابعون و نزل الإسلام و عصابة الإيمان من أئمة الحديث و الفقه و التفسير و أئمة التصوف فأقوالهم اكثر من أن يحيط بها إلا الله عز و جل قال سعيد بن المسيب الزيادة النظر إلى وجه الله رواه مالك عن يحيى عنه و قال الحسن الزيادة النظر إلى وجه الله رواه ابن ابي حاتم عنه وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى الزيادة النظر الى وجه الله تعالى رواه حماد بن زيد عن ثابت عنه و قاله عامر بن سعد البجلي ذكره سفيان عن أبي إسحاق عنه و قاله عبد الرحمن ابن سابط رواه جرير بن ليث عنه و قاله عكرمة و مجاهد و قتادة و السدي و الضحاك و كعب و كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله أما بعد فاني أوصيك بتقوى الله و لزوم طاعته و التمسك بأمره و المعاهدة على ما حملك الله من دينه و استحفظك من كتابه فإن بتقوى الله نجا أولياء الله من سخطه و بها رافقوا أنبياءه و بها نضرت وجوههم و نظروا إلى خالقهم و هي عصمة في الدنيا ومن الفتن و من كرب يوم القيامة و قال الحسن لو علم العابدون في الدنيا انهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا و قال الأعمش و سعيد بن جبير أن اشرف أهل الجنة لمن ينظر إلى الله تبارك و تعالى غدوة و عشية و قال كعب ما نظر الله سبحانه إلى الجنة قط إلا قال طيبي لأهلك فزادت ضعفا على ما كانت حتى يأتيها أهلها و ما من يوم كان لهم عيد في الدنيا إلا و يخرجون في مقداره في رياض الجنة فيبرز لهم الرب تبارك و تعالى فينظرون إليه و تسفى عليهم الريح المسك و لا يسألون الرب تعالى شيئا إلا أعطاهم حتى يرجعوا و قد ازدادوا على ما كانوا عليه من الحسن و الجمال سبعين ضعفا ثم يرجعون إلى أزواجهم و قد ازددن مثل ذلك و قال هشام بن حسان أن الله سبحانه و تعالى يتجلى لأهل الجنة فإذا رآه أهل الجنة نسوا نعيم الجنة و قال طاووس أصحاب المراء و المقاييس لا يزال بهم المراء و المقاييس حتى يجحدوا الرؤية و يخالفوا أهل السنة و قال شريك عن أبي إسحاق السبيعي الزيادة النظر إلى وجه الرحمن تبارك و تعالى و قال حماد بن زيد عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى انه تلى هذه الآية للذين احسنوا الحسنى و زيادة قال إذا دخل أهل الجنة الجنة أعطوا فيها ما سألوا و ما شاؤا فيقول الله عز و جل لهم انه قد بقي من حقكم شيء لم تعطوه فتجلى لهم ربهم فلا يكون ما أعطوه عند ذلك بشيء فالحسنى الجنة

و الزيادة النظر إلى وجه ربهم عز و جل و لا يرهق وجوههم قتر و لا ذلة بعد نظرهم إلى ربهم تبارك و تعالى و قال علي بن المديني سألت عبد الله بن المبارك عن قوله تعالى فمن كانا يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا قال عبد الله من أراد النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى خالقه فليعمل عملا صالحا و لا يخبر به أحدا و قال نعيم بن حماد سمعت ابن المبارك يقول ما حجب الله عز و جل أحدا عنه إلا عذبه ثم قرأ ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم انهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ^ قال بالرؤية ذكره ابن أبي الدنيا عن يعقوب عن إسحاق عن نعيم و قال عباد بن العوام قدم علينا شريك بن عبد الله منذ خمسين سنة فقلت له يا أبا عبد الله أن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث أن الله ينزل إلى السماء الدنيا وأن أهل الجنة يرون ربهم فحدثني بنحو عشرة أحاديث في هذا و قال أما نحن قد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله فهم عمن اخذوا و قال عقبة بن قبيصة أتينا أبا نعيم يوما فنزل إلينا من الدرجة التي في داره فجلس وسطها كأنه مغضب فقال حدثنا سفيان ابن سعيد و منذر الثوري و زهير بن معاوية و حدثنا حسن بن صالح بن حي و حدثنا شريك بن عبد الله النخعي هؤلاء أبناء المهاجرين يحدثوننا عن رسول الله أن الله تبارك و تعالى يرى في الآخرة حتى جاء ابن يهودي صباغ يزعم أن الله تعالى لا يرى يعني بشر المريسي فصل في المنقول عن الأئمة الاربعة ونظائرهم وشيوخهم و اتباعهم على طريقهم ومناهجهم ذكر قول إمام دار الهجرة مالك بن انس قال احمد بن صالح المصري حدثنا عبد الله بن وهب قال قال مالك بن انس الناس ينظرون إلى ربهم عز و جل يوم القيامة بأعينهم و قال الحارث بن مسكين حدثنا أشهب قال سئل مالك بن انس عن قوله عز و جل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ أتنظر إلى الله عز و جل قال نعم فقلت إن أقواما يقولون تنظر ما عنده قال بل تنظر إليه نظرا و قد قال موسى يا رب ارني انظر إليك قال لن تراني و قال الله تعالى ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ و ذكر الطبري و غيره انه قيل لمالك بن انس انهم يزعمون أن الله لا يرى فقال مالك السيف السيف ذكر قول ابن الماجشون قال أبو حاتم الرازي

قال أبو صالح كاتب الليث أملى على ابن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون و سألته عما جحدت الجهمية فقال لم يزل يملي الشيطان حتى جحدوا قوله تعالى ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ فقالوا لا يراه أحد يوم القيامة فجحدوا و الله افضل كرامة الله التي اكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه و نضرته إياهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر فورب السماء و الأرض ليجعلن رؤيته يوم القيامة للمخلصين له ثوابا لينضر بها وجههم دون المجرمين و تفلح بها حجتهم على الجاحدين و هم عن ربهم يومئذ لمحجوبون لا يرونه كما زعموا أنه لا يرى و لا يكلمهم و لا ينظر إليهم و لهم عذاب اليم ذكر قول الاوزاعي ذكر ابن أبي حاتم عنه قال إني لأرجو أن يحجب الله عز و جل جهما و أصحابه عن افضل ثوابه الذي وعده الله عز و جل أولياءه حين يقول وجوه يومئذ ناضرة إلى بها ناظرة فجحد جهم و أصحابه افضل ثوابه الذي وعده الله أولياءه ذكر قول الليث بن سعد قال ابن أبي حاتم حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث حدثنا الهيثم بن خارجة قال سمعت الوليد بن مسلم يقول سالت الاوزاعي و سفيان الثوري و مالك بن انس و الليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية فقالوا تمر بلا كيف قول سفيان بن عيينة ذكر الطبري و غيره عنه انه قال من لم يقل أن القران كلام الله و أن الله يرى في الجنة فهو جهمي و ذكر عنه ابن أبي حاتم انه قال يصلي خلف الجهمي و الجهمي الذي يقول لا يرى ربه يوم القيامة قول جرير بن عبد الحميد ذكر ابن أبي حاتم عنه انه ذكر حديث ابن سابط في الزيادة إنها النظر إلى وجه الله فأنكره رجل فصاح به و أخرجه من مجلسه قول عبد الله بن المبارك ذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم عنه إن رجلا من الجهمية قال له يا أبا عبد الرحمن خدارا بان جهان جون ببيند و معناه كيف يرى الله يوم القيامة فقال بالعين و قال ابن أبي الدنيا حدثنا يعقوب بن إسحاق قال سمعت نعيم بن حماد يقول سمعت بن المبارك يقول ما حجب الله عنه أحدا إلا عذبه ثم قرأ ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ^ قال ابن المبارك بالرؤية قول وكيع بن الجراح ذكر ابن أبي حاتم عنه أنه قال يراه تبارك و تعالى المؤمنون في الجنة و لا يراه إلا المؤمنون قول قتيبة بن سعيد ذكر ابن أبي حاتم عنه قال قول الأئمة المأخوذ في الإسلام و السنة و الإيمان بالرؤية و التصديق بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله

في الرؤية قول أبي عبيد القاسم بن سلام ذكر ابن بطة و غيره عنه انه إذا ذكرت عنده هذه الأحاديث التي في الرؤية فقال هي عندنا حق و رواها الثقات عن الثقات إلى أن صارت إلينا إلا أنا إذا قيل لنا فسروها لنا قلنا لا نفسر منها شيئا و لكن نمضيها كما جاءت قول اسود بن سالم شيخ الإمام احمد قال المروزي حدثنا عبد الوهاب الوراق قال سألت اسود بن سالم عن أحاديث الرؤية فقال احلف عليها بالطلاق و بالمشي إنها حق قول محمد ابن إدريس الشافعي قد تقدم رواية الربيع عنه انه قال في قوله تعالى ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ لما حجب هؤلاء في السخط كان في هذا دليل على ان اولياءه يرونه في الرضا قال الربيع فقلب يا ابا عبد الله ونقول به قال نعم وبه ابن الله ولو لم يوقن محمد بن ادريس انه يرى الله عز و جل لما عبده و قال ابن بطة حدثنا ابن الانباري حدثنا أبو القاسم الأنماطي صاحب المزني قال قال الشافعي رحمه الله ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ دلالة على إن أولياء الله يرونه يوم القيامة بأبصارهم و وجوههم قول إمام السنة احمد بن حنبل قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد أليس ربنا تبارك و تعالى يراه أهل الجنة أليس تقول بهذه الأحاديث قال احمد صحيح قال ابن منصور و قال إسحاق بن راهويه صحيح و لا يدعه إلا كل مبتدع أو ضعيف الرأي و قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله و قيل له تقول بالرؤية فقال من لم يقل بالرؤية فهو جهمي قال سمعت أبا عبد الله و بلغه عن رجل انه قال إن الله لا يرى في الآخرة فغضب غضبا شديدا ثم قال من قال إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر عليه لعنة الله وغضبه من كان من الناس أليس يقول الله عز وجل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ وقال ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ وقال أبو داود سمعت احمد وذكر له عن رجل شيء في الرؤية فغضب وقال من قال إن الله لا يرى فهو كافر وقال أبو داود وسمعت احمد بن حنبل وقيل له في رجل يحدث بحديث عن رجل عن أبي العطوف إن الله لا يرى في الآخرة فقال لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ثم قال أخزى الله هذا وقال أبو بكر المرزوي قيل لأبي عبد الله تعرف عن يزيد بن هارون عن أبي العطوف عن أبي الزبير عن جابر إن استقر الجبل فسوف تراني وإن لم يستقر فلا تراني في الدنيا ولا

في الآخرة فغضب أبو عبد الله غضبا شديدا حتى تبين في وجهه وكان قاعدا و الناس حوله فأخذ نعله و انتعل و قال أخزى الله هذا لا ينبغي ان يكتب و دفع ان يكون يزيد بن هارون رواه أو حدث به و قال هذا جهمي كافر خالف ما قال الله عز وجل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ و قال ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ أخزى الله هذا الخبيث قال أبو عبد الله و من زعم ان الله لا يرى في الآخرة فقد كفر و قال ابو طالب قال ابو عبد الله قول الله عز وجل هل ينظرون الا ان بأتيهم الله في ظل من الغمام والملائكة وجاء ربك والملك صفا صفا فمن قال ان الله لا يرى فقد كفر وقال إسحاق بن ابراهيم بن هانئ سمعت ابا عبد الله يقول من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي و الجهمي كافر و قال يوسف بن موسى بن محمد القطان قيل لأبي عبد الله أهل الجنة ينظرون إلى ربهم تبارك و تعالى و يكلمونه و يكلمهم قال نعم ينظر اليهم و ينظرون اليه و يكلمهم و يكلمونه كيف شاؤوا إذا شاءوا قال حنبل ابن اسحاق سمعت ابا عبد الله يقول القوم يرجعون إلى التعطيل في اقوالهم ينكرون الرؤرية و الاثار كلها و ما ظننتم على هذا حتى سمعت مقالاتهم قال حنبل و سمعت ابا عبد الله يقول من زعم ان الله لا يرى في الاخرة فهو جهمي فقد كفر و رد على الله و على الرسول و من زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا فقد كفر و رد على الله قوله قال ابو عبد الله فنحن نؤمن بهذه الاحاديث و نقرها و نمرها كما جاءت و قال الاثرم سمعت ابا عبد الله يقول فأما من يقول ان الله لا يرى في الاخرة فهو جهمي قال ابو عبد الله و إنما تكلم من تكلم في رؤية الدنيا و قال ابراهيم بن زياد الصائغ سمعت احمد بن حنبل يقول الرؤية من كذب بها فهو زنديق و قال حنبل سمعت ابا عبد الله يقول ادركنا الناس و ما ينكرون من هذه الاحاديث شيئا احاديث الرؤية و كانوا يحدثون بها على الجملة يمرونها على حالها غير منكرين لذلك و لا مرتابين و قال ابو عبد الله قال الله تعالى و ما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا و كلم الله موسى من وراء حجاب فقال رب ارني انظر اليك قال لن تراني و لكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فاخبر الله عز و جل ان موسى يراه في الآخرة و قال كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون و لا يكون حجاب إلا لرؤية اخبر الله سبحانه و تعالى ان من

شاء الله و من اراد ان يراه و الكفار لا يرونه قال حنبل و سمعت ابا عبد الله يقول قال الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة و الاحاديث التي تروى في النظر إلى الله تعالى حديث جابر بن عبد الله و غيره و تنظرون إلى ربكم احاديث صحاح و قال للذين احسنوا الحسنى و زيادة النظر إلى وجه الله تعالى قال ابو عبد الله نؤمن بها و نعلم انها حق احاديث الرؤية و نؤمن بأن الله يرى نرى ربنا يوم القيامة لانشك فيه ولا نرتاب قال وسمعت ابا عبد الله يقول و من زعم ان الله لا يرى في الاخرة فقد كفر بالله و كذب بالقرآن ورد على الله امره يستتاب فإن تاب و إلا قتل قال حنبل قلت لأبي عبد الله في احاديث الرؤية فقال هذه صحاح نؤمن بها و نقر بها و كلما روى عن النبي اسناده جيد اقررنا به قال ابو عبد الله إذا لم نقر بما جاء عن النبي و دفعناه و رددنا على الله امره قال الله عز و جل و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا قول اسحاق بن راهويه ذكر الحاكم و شيخ الاسلام و غيرهما عنه ان عبد الله بن طاهر امير خراسان سأله فقال يا ابا يعقوب هذه الاحاديث التي يروونها في النزول و الرؤية ما هن فقال رواها من روى الطهارة و الغسل و الصلاة و الاحكام و ذكر اشياء فان يكونوا في هذه عدولا و إلا فقد ارتفعت الاحكام و بطل الشرع فقال شفاك الله كما شفيتني أو كما قال قول جميع أهل الايمان قال امام الأئمة محمد بن اسحاق بن خزيمة في كتابه ان المؤمنين لم يختلفوا أن المؤمنين يرون خالقهم يوم المعاد و من انكر ذلك فليس بمؤمن عند المؤمنين قول المزني ذكر الطبري في السنة عن ابراهيم عن أبي داود المصري قال كنا عند نعيم بن حماد جلوسا فقال نعيم للمزني ما تقول في القرآن فقال اقول انه كلام الله فقال غير مخلوق فقال غير مخلوق قال و تقول ان الله يرى يوم القيامة قال نعم فلما افترق الناس قام اليه المزني فقال يا ابا عبد الله شهرتني على رؤوس الناس فقال إن الناس قد اكثروا فيك فأردت ان ابرئك قول جميع أهل اللغة قال ابو عبد الله بن بطة سمعت ابا عمر محمد بن عبد الواحد صاحب اللغة يقول سمعت ابا العباس احمد بن يحيى ثعلبا يقول في قوله تعالى و كان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه فيها سلام اجمع أهل اللغة على ان اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينة و نظرا بالابصار و حسبك بهذا الاسناد صحة و اللقاء ثابت بنص القران كما تقدم و بالتواتر عن النبي و كل احاديث اللقاء

صحيحة كحديث انس في قصة حديث بئر معونة انا قد لقينا ربنا فرضي عنا و ارضانا و حديث عبادة و عائشة و أبي هريرة و ابن مسعود من احب لقاء الله احب الله لقاءه و حديث انس انكم ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوا الله و رسوله و حديث أبي ذر لو لقيني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة و حديث أبي موسى من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة و غير ذلك من احاديث اللقاء التي اطردت كلها بلفظ واحد فصل في وعيد منكري الرؤية قد تقدم قوله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون و قول عبد الله ابن المبارك ما حجب الله عنه احدا إلا عذبه ثم قرأ قوله تعالى ثم انهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون قال بالرؤية و روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست فيها سحابة قالوا لا قال هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس فيه سحابة قالوا لا قال فوالذي نفس محمد بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية احدهما فيلقى العبد فيقول أي قل الم اكرمك و اسودك و ازوجك و اسخر لك الخيل و الابل و اذرك ترأس و ترفع فيقول بلى فيقول أفظننت انك ملاقى فيقول لا فيقول فاني انساك كما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول أي فل الم اكرمك و اسودك و ازوجك و اسخر لك الخيل و الابل و اذرك تراس و ترفع فيقول بلى أي ربي فيقول أفظننت انك ملاقي فيقول لا فيقول اني انساك كما نسيتني ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب امنت بك و بكتبك و رسلك و صليت و صمت و تصدقت و يثني بخير ما استطاع فيقول ها هنا إذا ثم يقال الان نبعث شاهدا عليك فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه و يقال لفخذه انطقي فينطق فخذه و لحمه و عظامه بعمله و ذلك ليعذر من نفسه و ذلك المنافق و ذلك الذي يسخط الله عليه فاجمع بين قوله فانكم سترون ربكم و قوله لمن ظن انه غير ملاقيه فإني انساك كما نسيتني و اجماع أهل اللغة على ان اللقاء المعاينة بالابصار يحصل لك العلم بان منكر الرؤية احق بهذا الوعيد

و من تراجم أهل السنة على هذا الحديث باب في الوعيد لمنكري الرؤية كما فعل شيخ الاسلام و غيره و بالله التوفيق فصل قد دل القران و السنة المتواترة و اجماع الصحابة و ائمة الاسلام و أهل الحديث عصابة الاسلام و نزل الايمان و خاصة رسول الله على ان الله سبحانه و تعالى يرى يوم القيامة بالابصار عيانا كما يرى القمر ليلة البدر صحوا و كما ترى الشمس في الظهيرة فإن كان لما اخبر به الله و رسوله عنه من ذلك حقيقة و ان له و الله حق الحقيقة فلا يمكن ان يروه إلا من فوقهم لاستحالة ان يروه من اسفل منهم أو خلفهم أو امامهم أو عن يمينهم أو عن شمالهم و ان لم يكن لما اخبر به حقيقة كما يقوله افراخ الصابئة و الفلاسفة و المجوس و الفرعونية بطل الشرع و القران فان الذي جاء بهذه الاحاديث هو الذي جاء بالقران والشريعة والذي بلغها هو الذي بلغ الدين فلا يجوز ان يجعل الله و رسوله عضين بحيث يؤمن ببعض معانيه و يكفر ببعضها فلا يجتمع في قلب العبد بعدد الاطلاع على هذه الاحاديث و فهم معناها و انكارها و الشهادة بأن محمد رسول الله ابدا و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كان لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق و المنحرفون في باب رؤية الرب تبارك و تعالى نوعان احدهما من يزعم انه يرى في الدنيا و يحاضر و يسامر و الثاني من يزعم انه لا يرى في الاخرة البتة و لا يكلم عباده و ما اخبر الله به ورسوله و اجمع عليه الصحابة و الائمة يكذب الفريقين و بالله التوفيق
الباب السادس و الستون
في تكليمه سبحانه و تعالى لأهل الجنة و خطابه لهم و محاضرته اياهم و سلامه عليهم قال تعالى ان الذين يشترون بعهد الله و ايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر اليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و قال في حق الذين يكتمون ما انزل الله من البينات و الهدى و لا يكلمهم الله يوم القيامة فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين لكانوا في ذلك هم و اعداؤه سواء و لم يكن في تخصيص اعدائه بانه لا يكلمهم فائدة اصلا إذ تكليمه لعباده عند الفرعونية و المعطلة مثل ان يقال يؤاكلهم و يشاربهم و نحو ذلك تعالى الله عما يقولون و قد اخبر الله

سبحانه انه يسلم على أهل الجنة و ان ذلك السلام حقيقة و هو قول من رب رحيم و تقدم تفسير النبي لهذه الاية في حديث جابر في الرؤية و انه يشرف عليهم من فوقهم و يقول سلام عليكم يا أهل الجنة فيرونه عياينا و في هذا اثبات الرؤية و التكليم و العلو و المعطلة تنكر هذه الامور الثلاثة و تكفر القائل بها و تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه في سوق الجنة و قول النبي ولا يبقى أحد في ذلك المجلس إلا حاضره الله محاضرة فيقول يا فلان اتذكر يوم فعلت كذا و كذا الحديث و تقدم حديث عدي بن حاتم ما منكم إلا من سيكلمه ربه يوم القيامة و حديث أبي هريرة في الرؤية و فيه يقول الرب تبارك و تعالى للعبد الم اكرمك و اسودك الحديث و حديث بريدة ما منكم من أحد إلا سيخلوا به ربه و ليس بينه و بينه ترجمان و لا حجاب الحديث و حديث انس في يوم المزيد و مخاطبته فيه لأهل الجنة مرارا و بالجملة فتامل احاديث الرؤية تجد في اكثرها ذكر التكليم قال البخاري في صحيحه باب كلام الرب تبارك و تعالى مع أهل الجنة وساق فيه عدة أخاديث فأفضل نعيم أهل الجنة رؤية وجهه تنارك وتعالى تكليمه لهم فانكار ذلك انكار لروح الجنة و اعلى نعيمها و افضله الذي ما طابت لأهلها إلا به و الله المستعان
الباب السابع و الستون
في ابدية الجنة و اها وأنها لا تفنى و لا تبيد هذا مما يعلم بالاضطرارا ان الرسول اخبر به قال تعالى و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات و الارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ أي مقطوع و لا تنافي بين هذا و بين قوله إلا ما شاء ربك و اختلف السلف في هذا الاستثناء فقال معمر عن الضحاك هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة يقول سبحانه و تعالى انهم خالدون في الجنة ما دامت السماوات و الارض إلا مدة مكثهم في النار قلت و هذا يحتمل امرين احدهما ام يكون الاخبار عن الذين سعدوا وقع عن قوم مخصوصين و هم هؤلاء و الثاني و هو الاظهر ان يكون وقع عن جملة السعداء و التخصيص بالمذكورين هو في الاستثناء و ما دل عليه و احسن من هذين التقديرين ان ترد المشيئة إلى الجميع حيث لم يكونوا في الجنة في الموقف و على هذا فلا يبقى في الاية تخصيص و قالت فرقة اخرى هو استثناء استثناه الرب تعالى

و لا يفعله كما تقول و الله لاضربنك إلا ان ارى غير ذلك و أنت لا تراه بل تجزم بضربه و قالت فرقة اخرى العرب إذا استثنت شيئا كثيرا مع مثله و مع ما هو اكثر منه كان معنى إلا في ذلك و معنى الواو سواء و المعنى عى هذا سوا ما شاء الله من الزيادة على مدة دوام السماوات و الارض هذا قول الفراء و سيبويه يجعل إلا بمعنى لكن قالوا و نظير ذلك لان تقول لي عليك الف إلا الالفين الذين قبلها أي سوى الالفين قال ابن جرير و هذا احب الوجهين إلى ان الله تعالى لا خلف لوعده و قد وصل الاستثناء بقوله عطاء غير مجذوذ قالوا و نظيره ان تقول اسكنتك داري حولا إلا ما شئت أي سوى ما شئت أو لكن ما شئت من الزيادة عليه و قالت فرقة اخرى هذا الاستثناء انما هو مدة احتباسهم عن الجنة ما بين الموت و البعث و البرزخ إلى ان يصيروا إلى الجنة ثم هو الخلود الابد فلم يغيبوا عن الجنة إلا بمقدار اقامتهم في البرزخ و قالت فرقة اخرى العزيمة قد وقعت لهم من الله بالخلود الدائم إلى ان يشاء الله خلاف ذلك اعلاما لهم بأنهم مع خلودهم في مشيئته و هذا كما قال لنبيه و لئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك و قوله ^ فان يشا الله يختم على قلبك ^ و قوله قل لو شاء الله ما تلوته علكم و نظائره و اخبر عباده سبحانه و ان الامور كلها بمشيئته ما شاء الله كان و ما شاء لم يكن و قالت فرقة اخرى الرماد بمدة دوام السماوات و الارض في هذا العالم فأخبر سبحانه أنهم خالدون في الجنة مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله ان يزيدهم عليه و لعل هذا قول من قال ان إلا بمعنى سوى و لكن اختلفت عبارته و هذا اختيار بن قتيبة قال المعنى خالدين فيها مدة العالم سوى ما شاء ان يزيدهم من الخلود على مدة العالم و قالت فرقة اخرى ما بمعنى من قوله ^ فانكحوا ما طاب لكم من النساء ^ و المعنى إلا من شاء ربك ان يدخله النار بذنوبه من السعداء و الفرق بين هذا القول و بين اول الاقوال ان الاستثناء على هذا القول من المدة و على ذلك القول من الاعيان و قالت فرقة اخرى المراد بالسماوات و الارض سماء الجنة و ارضها و هما باقيتان ابدا و قوله ^ إلا ما شاء ربك ^ ان كانت ما بمعنى من فهم الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها و ان كانت بمعنى الوقت فهو مدة احتباسهم في البرزخ و الموقف قال الجعفي سالت عبد الله بن وهب عن هذا الاستثناء فقال سمعت

فيه انه قدر وقوفهم في الموقف يوم القيامة إلى ان يقضي بين الناس و قالت فرقة اخرى الاستثناء راجع إلى مدة لبثهم في الدنيا و هذه الاقوال متقاربة و يمكن الجمع بينها بان يقال اخبر سبحانه وعن خلودهم في الجنة كل وقت إلا وقتا يشاء ان لا يكونوا فيها و ذلك يتناول وقت كونهم في الدنيا و في البرزخ و في موقف يوم القيامة و على الصراط و كون بعضهم في النار مدة و على كل تقدير فهذه الاية من المتشابه و قوله فيها ^ عطاء غير مجذوذ ^ محكم و كذلك قوله و ما هم منها وقوله ان هذا لرزقنا ما له من نفاد و قوله اكلها دائم وظلها وقوله دمائهم منها بخرجين و قد اكد الله سبحانه و تعالى خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القران و اخبر انهما لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى و هذا الاستثناء منقطع و إذا ضممته إلى الاستثناء في قوله إلا ما شاء ربك تبين لك المراد من الايتين و استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الاولى من جملة الموت فهذه موتة تقدمت على حياتهم الابدية و ذاك مفارقة للجنة تقدم على خلودهم فيها و بالله التوفيق و قد تقدم قول النبي من يدخل الجنة ينعم و لا يبؤس و يخلد و لا يموت و قوله ينادي مناد يا أهل الجنة ان لكم ان تصحوا فلا تسقموا ابدا و ان تشبوا فلا تهرموا ابدا و ان تحيوا فلا تموتوا ابدا و ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي انه قال يجاء بالموت في صورة كبش املح فيوقف بين الجنة والنار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون مشفقين و يقال يا أهل النار فيطلعون فرحين فيقال هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت فيذبح بين الجنة و النار ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت فصل و هذا موضع اختلف فيه المتاخرون على ثلاثة اقوال احدها ان الجنة و النار فانيتان غير ابدتيين بل كما هما حادثتان فهما فانيتان و القول الثاني انهما باقيتان دائمتان لا يفنيان ابدا و القول الثالث ان الجنة باقية ابدية و النار فانية و نحن نذكر هذه الاقوال و ما قابلها و ما احتج به ارباب كل قوله و نرد ما خالف كتاب الله و سنة رسوله فاما القول بفنائهما فهو قول قاله جهم بن صفوان امام المعطلة الجهمية و ليس له فيه سلف قط من الصحابة و لا من التابعين و لا أحد

من ائمة الاسلام و لا قال به أحد من أهل السنة و هذا القول مما انكره عليه و على اتباعه ائمة الاسلام و كفروهم به و صاحوا بهم من اقطار الارض كما ذكره عبد الله بن الامام احمد في كتاب السنة عن خارجة بن مصعب انه قال كفرت الجهمية بثلاث ايات من كتاب الله عز و جل بقول الله سبحانه و تعالى اكلها دائم و ظلها و هم يقولون لا يدوم و بقول الله تعالى ان هذا لرزقنا ما له من نفاد و هم يقولون ينفد و بقول الله عز وجل ما عندكم ينفد و ما عند الله باق قال شيخ الاسلام و هذا قاله جهم لا صلة الذي اعتقده و هو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث و جعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم فراى الجهم ان ما يمنع من حوادث لا اول لها في الماضي يمنع في المستقبل كما هو ممتنع عنده عليه في الماضي و ابو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وافقه على هذا الاصل لكن قال ان هذا يقتضي فناء الحركات لكونها متعاقبة شيئا بعد شيء فقال بفناء حركات أهل الجنة و النار حتى يصيروا في سكون دائم لا يقدر احد منهم على حركة و زعمت فرقة ممن وافقهم على امتناع حوادث لا نهاية لها ان هذا القول مقتضى العقل لكن لما جاء السمع ببقاء الجنة و النار قلنا بذلك و كان هؤلاء لم يعلموا ان ما كان ممتنعا في العقل لا يجيء في الشرع بوقوعه إذ يستحيل عليه ان يخبر بوجود ما هو ممتنع في العقل و كانهم لم يفرقوا بين محالات العقول ومجازاتها فالسمع يجيء بالثاني لا بالاول فالسمع يجيء بما يعجز العقل عن ادراكه و لا يستقل به و لا يجيء بما لا يعلم العقل احالته و الاكثرون الذين وافقوا جهما و ابا الهذيل على هذا الاصل فرقوا بين الماضي و المستقبل و قالوا الماضي قد دخل في الوجود بخلاف المستقبل و الممتنع انما هو دخول ما لا يتناهى في الوجود لا تقدير دخوله شيئا بعد شيء قالوا أو هذا نظيران يقول القائل لا أعطيك درهما إلا وأعطيتك بعده درهما آخر فهذا ممكن والأول نظير أن يقول لا أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله درهما فهذا محال و هؤلاء عندهم وجود ما لا يتناهى في الماضي محال و وجوده في المستقبل واجب و نازعهم في ذلك آخرون فقالوا بل الامر في الماضي كهو في المستقبل و لا فرق بينهما بل الماضي و الاستقبال امر نسبي فكل ما يكون مستقبلا

يصير ماضيا و كل ماض فقد كان مستقبلا فلا يعقل امكان الدوام في أحد الطرفين و احالته في الطرف الآخر الاخر قالوا و هذه مسألة دوام فاعلية الرب تبارك و تعالى و هو لم يزل ربا قادرا فاعل فانه لم يزل حيا عليما قديرا و من المحال ان يكون الفعل ممتنعا عليه لذاته ثم ينقلب فيصير ممكنا لذاته من غير تجدد شيء و ليس للازل حد محدود حتى يصير الفعل ممكنا له عند ذلك الحد و يكون قبله ممتنعا عليه فهذا القول تصوره كاف في الجزم بفساده و يكفي في فساده ان الواقت الذي انقلب فيه الفعل من الاحالة الذاتيه إلى الأماكن الذات إما ان يصح أن يفرض قبله وقت يمكن فيه الفعل اولا لا يصح فان قلتم لا يصح كان هذا تحكما غير معقول و هو من جنس الهوس و ان قلتم يصح قيل و كذلك ما يفرض قبله لا إلى غاية فما من زمن محقق أو مقدر إلا و الفعل مكن فيه و هو صفة كمال و احسان و متعلق حمد الرب وتعالى و ربوبيته و ملكه و هو لم يزل ربا حميدا ملكا قادرا لم تتجدد له هذه الاوصاف كما انه لم يزل حيا مريدا عليما و الحياة و الارادة و العلم و القدرة تقتضي آثارها و متعلقاتها فكيف يعقل حي قدير عليم مريد ليس له مانع و لا قاهر يقهره يستحيل عليه ان يفعل شيئا البتة و كيف يجعل هذا اصل من اصول الدين و يجعل معيارا على ما اخبرالله به و رسوله و يفرق به بين جائزات العقول و محالاتها فإذا كان وهذا شان الميزان فكيف يستقيم الموزون به و أما قول من فرق بان الماضي قد دخل في الوجود دون المستقبل فكلام لا تحقيق وراءه فان الذي يحصره الوجود من الحركات هو المتناهي ثم يعدم فيصير ماضيا كما كان معدوما لما كان مستقبلا فوجوده بين عدمين و كلما انقضت جملة حدثت بعدها جملة اخرى فالذي صار ماضيا هو بعينه الذي كان مستقبلا فان دل الدليل على امتناع ما لا يتناهى شيئا قبل شيء فهو بعينه دال على امتناعه شيئا بعد شيء و أما تفريقكم بقولكم المستقبل نظير قوله ما أعطيك درهما إلا وأعطيك بعده درهما فهذا ممكن والماضي نظير قوله ما أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله درهما فهذا الفرق فيه تلبيس لا يخفى و ليس بنظير ما نحن فيه بل نظيره ان يقول ما أعطيك درهما إلا و قد تقدم مني أعطاء درهم قبله فهذا ممكن الدوام في الماضي على حد امكانه في المستقبل و لا فرق في العقل الصحيح بينهما البتة و لما لم يجد الجهم و ابو الهذيل و اتباعهما بين الامرين فرقا قالوا بوجوب تناهي الحركات في المستقبل كما يجب ابتداؤها عندهم

في الماضي و قال أهل الحديث بل هما سواء في الامكان و الوقوع و لم يزل الرب سبحانه تعالى فعالا لما يريد و لم يزل و لا يزال موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال و ليس المتمكن من الفعل كل وقت كالذي لا يمكنه الفعل إلا في وقت معين و ليس من يخلق كمن لا يخلق و من يحسن كمن لا يحسن و من يدبر الامر كمن لا يدبر و أي كمال في ان يكون رب العالمين معطلا عن الفعل في مدة مقدرة أو محققة لا تتناهى يستحيل منه الفعل و حقيقة ذلك انه لا يقدر عليه وإن أبيتم هذا الاطلاق و قلتم ان المحال لا يوصف بكونه غير مقدور عليه فجمعتم بين محالين الحكم باباحة الفعل من غير موجب لاحالته و انقلابه من الاحالة الذاتية إلى الامكان الذاتي من غير تجدد سبب و زعمتم ان هذا هو الاصل الذي تثبتون به وجود الصانع و حدوث العالم و قيامه إلابدان فجنيتم علىالعقل الشرع و الرب تعالى لم يزل قادرا على الفعل و الكلام بمشيئته و لم يزل فعالا لما يريد و لم يزل ربا محسنا و المقصود ان القول بفناء الجنة و النار قول مبتدع لم يقله أحد من الصحابة و لا التابعين و لا أحد من ائمة المسلمين و الذين قالوه انما تلقوه عن قياس فاسد كما اشتبه اصله على كثير من الناس فاعتقدوه حقا وبنوا عليه القول بخلق القران و نفي الصفات و قد دل القرآن و السنة و العقل الصريح على ان كلمات الله وافعاله لا تتناهى و لا تنقطع باخر و لا تحد باول قال تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا و قال تعالى و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم فاخبر عن عدم نفاد كلماته لعزته و حكمته و هذان وصفان ذاتيان له سبحانه و تعالى لا يكون إلا كذلك و ذكر ابن أبي حاتم في تفسيره عن سليمان بن عامر قال سمعت الربيع بن انس يقول ان مثل علم العباد كلهم في علم الله عز و جل كقطرة من هذه البحور كلها و قد انزل الله سبحانه و تعالى في ذلك و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام الاية و قوله قل لو كان البحر مدادا الاية يقول سبحانه و تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات الله و الشحرة كلها اقلام لانكسرت الاقلام و فني ماء البحر وكلمات الله تعالى باقية لا يفنيها شيء لان احدا لا يستطيع ان يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي بل هو كما اثنى على نفسه ان

ربنا كما يقول وفوق ما يقول ثم ان مثل نعيم الدنيا اوله و آخره وفي نعيم الاخر كحبة من خردل في خلال الارض كلها فصل وأما ابدية النار ودوامها فقال فيها شيخ الاسلام فيها قولان معروفان عن السلف و الخلف و النزاع في ذلك معروف عن التابعين قلت ههنا اقوال سبعة احدها ان من دخلها لا يخرج منها ابدا بل كل من دخلها مخلد فيها ابد الاباد باذن الله و هذا قول الخوارج و المعتزلة و الثاني ان أهلها يعذبون فيها مدة ثم تنقلب عليهم وتبقى طبيعة نارية لهم يتلذذون بها لموافقتها لطبيعتهم و هذا قول امام الاتحادية ابن عربي الطائي قال في فصوصه الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد و الحضرة الالهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ولم يقل وعيده بل قال ويتجاوز عن سيئاتهم مع انه توعد على ذلك واثنى على اسماعيل بانه كان صادق الوعد و قد زال الامكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح فلم يبق إلا صادق الوعد وحده % وما لوعيد الحق عين تعاين وان دخلوا دار الشقاء فانهم % على لذة فيها نعيم مباين نعيم جنان الخلد و الامر واحد % وبينهما عند التجلي تباين يسمى عذابا من عذوبة طعمه % وذاك له كالقشر والقشر صاين وهذا في طرف والمعتزلة الذين يقولون لا يجوز على الله ان يخلف وعيده بل يجب عليه تعذيب من توعده بالعذاب في طرف فاولئك عندهم لا ينجو من النار من دخلها اصلا و هذا عنده لا يعذب بها أحد اصلا والفريقان مخالفان لما علم بالاضطرار ان الرسول جاء به واخبر به عن الله عز وجل الثالث قول من يقول ان أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود ثم يخرجون منها ويخلفهم فيها قوم اخرون وهذا القول حكاه اليهود للنبي فاكذبهم فيه وقد اكذبهم الله تعالى في القران فيه فقال تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا اياما معدودة قل اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ام تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة واحاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون وقال تعالى الم تر إلى اوتوا نصيبا من الكتاب

يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون فهذا القول إنما هو قول أعداء الله اليهود فهم شيوخ أر بابه والقائلين به وقد دل القران والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام على فساده قال تعالى ^ وما هم بخارجين من النار ^ وقال ^ وما هم منها بمخرجين ^ وقال ^ كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ^ وقال تعالى كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها وقال تعالى ^ لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ^ و قال تعالى ^ ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ^ وهذا ابلغ ما يكون في الإخبارعن استحالة دخولهم الجنة الرابع قول من يقول يخرجون منها وتبقى نارا على حالها ليس فيها أحد يعذب حكاه شيخ الإسلام والقران والسنة أيضا يردان على هذا القول كما تقدم الخامس قول من يقول بل تفنى بنفسها لأنها حادثة بعد أن لم تكن وما ثبت حدوثه استحال بقاؤه وأبديته وهذا قول جهنم بن صفوان و شيعته ولا فرق عنده في ذلك بين الجنة والنار السادس قول من يقول تفنى حياتهم وحركاتهم ويصيرون جمادا لا يتحركون ولا يحسون بألم وهذا قول أبى الهذيل العلاف إمام المعتزلة طردا لامتناع حوادث لا نهاية لها والجنة والنارعنده سواء في هذا الحكم السابع قول من يقول بل يفنيها ربها وخالقها تبارك وتعالى فانه جعل لها أمدا تنتهي إليه ثم تفنى ويزول عذابها قال شيخ الإسلام وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبى هريرة وأبى سعيد وغيرهم وقد روى عبد بن حميد وهو من اجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن قال قال عمر لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه وقال حدثنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون منه ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى ^ لابثين فيها أحقابا ^ فقد رواه عبد وهو من الأئمة الحفاظ وعلماء السنة عن هذين الجليلين سليمان بن حرب وحجاج ابن منهال وكلاهما عن حماد بن سلمة وحسبك به وحماد يرويه عن ثابت وحميد

وكلاهما يرويه عن الحسن وحسبك بهذا الإسناد جلالة والحسن وإن لم يسمع من عمر فإنما رواه عن بعض التابعين ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال عمر بن الخطاب ولو قدر انه لم يحفظ عن عمر فتداول هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد مع انهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا فلو كان خذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله و سنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أول منكر له قال ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر و نقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها فأما قوم أصيبوا بذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم انهم يخرجون منها وانهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي أما أهل النار الذين هم أهلها فانهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يناقض هذا قوله تعالى ^ خالدين فيها ^ وقوله ^ وما هم منها بمخرجين ^ بل ما اخبر الله به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه لكن إذا انقضى اجلها وفنيت تفنى الدنيا لم تبق نارا ولم يبق فيها عذاب قال أرباب هذا القول وفي تفسير علي بن ابي طلحة الوالبي عن ابن عباس في قوله تعالى ^ قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ^ قال لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا قالوا وهذا الوعيد في هذه الآية ليس مختصا بأهل القبلة فانه سبحانه ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال اولياء وهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله انم ربك حكيم عليم وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون وأولياء الجن من الإنس يدخل فيه الكفار قطعا فانهم أحق بموالاتهم من عصاة المسلمين كما قال تعالى إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون وقال تعالى انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وقال تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون وقال تعالى افتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو وقال تعالى فقاتلوا أولياء الشيطان وقال تعالى أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون

251 وقال تعالى وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون والاستثناء وقع في الآية التي أخبرت عن دخول أولياء الشياطين النار فمن ههنا قال ابن عباس لا ينبغي لاحد أن يحكم على الله في خلقه قالوا قول من قال أن إلا بمعنى سوى أي سوى ما شاء الله أن يزيدهم من أنواع العذاب وزمنه لا تخفى منافرته للمستثنى والمستثنى منه وإن الذي يفهمه المخاطب مخالفة ما بعد لما قبلها قالوا وقول من قال انه لإخراج ما قبل دخولهم إليها من الزمان كزمان البرزخ والموقف ومدة الدنيا أيضا لا يساعد عليه وجه الكلام فانه استثناء من جملة خبرية مضمونها انهم إذا دخلوا النار لبثوا فيها مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله وليس المراد الاستثناء قبل الدخول هذا ما لا يفهمه المخاطب ألا ترى انه سبحانه يخاطبهم بهذا في النار حين يقولون ربنا استمتع بعضنا ببعض و بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا فيقول لهم حينئذ النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله و في قوله ربنا استمتع بعضنا ببعض و بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا نوع اعتراف واستسلام وتحسر أي استمتع الجن بنا و استمتعنا بهم فاشتركنا في الشرك ودواعيه وأسبابه و آثرنا الاستمتاع على طاعتك و طاعة رسلك و انقضت آجالنا و ذهبت أعمارنا في ذلك و لم نكتسب فيها رضاك و إنما كان غاية امرنا في مدة آجالنا استمتاع بعضنا ببعض فتأمل ما في هذا القول من الاعتراف بحقيقة ما هم عليه و كيف بدت لهم تلك الحقيقة ذلك اليوم وعلموا أن الذي كانوا فيه في مدة آجالهم هو حظهم من استمتاع بعضهم ببعض ولم يستمتعوا بعبادة ربهم و معرفته وتوحيده ومحبته و إيثارمرضاته وهذامن نمط قولهم لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير و قوله فاعترفوا بذنبهم و قوله فعلموا أن الحق لله و نظائرة والمقصود أن قوله إلا ما شاء الله عائد إلى هؤلاء المذكورين مختصا بهم أو شاملا لهم و لعصاة الموحدين وأما اختصاصه بعصاة المسلمين دون هؤلاء فلا وجه له ولما رأت طائفة ضعف هذا القول قالوا الاستثناء يرجع الى مدة البرزخ والموقف وقد تبين ضعف هذا القول و رأت طائفة أخرى أن الاستثناء يرجع إلى نوع آخر من العذاب غير النار قالوا والمعنى أنكم في النار أبدا إلا ما شاء الله أن يعذبكم بغيرها وهو الزمهرير وقد قال تعالى أن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا قالوا وإلا بدلا يقدر بالأحقاب و قد


رد مع اقتباس
قديم 03-13-2010, 02:30 PM   رقم المشاركة : 18
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

قال ابن مسعود في هذه الآية ليأتين يوم على جهنم زمان و ليس فيها أحد و ذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا وعن أبي هريرة مثله حكاه البغوي عنهما ثم قال ومعناه عند أهل السنة أن ثبت انه لا يبقى فيها أحد من أهل الإيمان قالوا قد ثبت ذلك عن أبي هريرة و ابن مسعود وعبد الله بن عمر وقد سال حرب اسحق بن راهويه عن هذه الآية فقال سالت إسحاق قلت قول الله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك فقال أتت هذه الآية على كل وعيد في القران حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا معتمر بن سليمان قال قال أبي حدثنا أبو نضرة عن جابر أو أبي سعيد أو بعض أصحاب النبي قال هذه الآية تأتي على القران كله إلا ما شاء ربك أن ربك فعال لما يريد قال المعتمر قال أتى على كل وعيد في القران حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي بلخ سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن عمرو قال ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا حدثنا عبيد الله حدثنا أبي حدثنا شعبة عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال ما أنا بالذي لا أقول انه سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرا قوله فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق الآية قال عبيد الله كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين حدثنا أبو معن حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر ابن عبد الله أو بعض أصحابه في قوله خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك قال هذه الآية تأتي على القران كله و قد حكى ابن جرير هذا القول في تفسيره عن جماعة من السلف فقال وقال آخرون عنى بذلك أهل النار و كل من دخلها ذكر من قال ذلك ثم ذكر الآثار التي نذكرها و قال عبد الرزاق أنبانا ابن التيمي عن أبيه عن أبي نضرة عن جابر أو أبي سعيد أو عن رجل من أصحاب رسول الله في قوله إلا ما شاء ربك أن ربك فعال لما يريد قال هذه الآية تأتي على القران كله يقول حيث كان في القران خالدين فيها تأتي عليه قال و سمعت أبا مجلز يقول جزاؤه فان شاء الله تجاوز عن عذابه و قال ابن جرير حدثنا الحسن بن يحيى أنبانا عبد الرزاق فذكره و قال وحدثت عن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك قال لا يموتون وما هم منها بمخرجين ما دامت السماوات و الأرض

إلا ما شاء ربك قال استثنى الله قال أمر الله النار أن تاكلهم قال و قال ابن مسعود ليأتين على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن بيان عن الشعبي قال جهنم أسرع الدارين عمرانا و أسرعهما خرابا و حكى ابن جرير في ذلك قولا آخر فقال و قال آخرون اخبرنا الله عز و جل بمشيئته لأهل الجنة فعرفنا معنى ثنياه بقوله عطاء غير مجذوذ وأنها لفي الزيادة على مقدار مدة السماوات و الأرض قالوا و لم يخبرنا بمشيئته في أهل النار و جائز أن يكون مشيئته في الزيادة و جائز أن تكون في النقصان حدثني يونس أنبانا ابن وهب قال اقل ابن زيد في قوله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك فقرا حتى بلغ عطاء غير مجذوذ فقال اخبرنا بالذي يشاء لأهل الجنة فقال عطاء غير مجذوذ و لم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار و قال ابن مردويه في تفسيره حدثنا سليمان بن احمد حدثنا جبير بن عرفة حدثنا يزيد بن مروان الخلال حدثنا أبو خليد حدثنا سفيان يعني الثوري عن عمرو بن دينار عن جابر قال قرا رسول الله فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك قال رسول الله أن شاء الله أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل و هذا الحديث يدل على أن الاستثناء إنما هو للخروج من النار بعد دخولها خلافا لمن زعم انه لما قبل الدخول و لكن إنما يدل على إخراج بعضهم من النار و هذا حق بلا ريب و هو لا ينفي انقطاعها و فناء عذابها وآكلها لمن فيها و انهم يعذبون فيها دائما ما دامت كذلك و ما هم منها بمخرجين فالحديث دل على آمرين أحدهما أن بعض الأشقياء أن شاء الله أن يخرجهم من النار و هي نار فعل و أن الاستثناء إنما هو فيما بعد دخولها لا فيما قبله و على هذا فيكون معنى الاستثناء ما شاء ربك من الأشقياء فانهم لا يخلدون فيها و يكون الأشقياء نوعين نوعا يخرجون منها النار و نوعا يخلدون فيها فيكونون من الذين شقوا أولا ثم يصيرون من الذين سعدوا فتجتمع لهم الشقاوة و السعادة في وقتين قالوا و قد قال تعالى أن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا و لا شرابا إلا حميما و غساقا جزاء وفاقا انهم كانوا لا يرجون حسابا و كذبوا بآياتنا كذابا فهذا صريح في وعيد الكفار المكذبين بآياته ولا يقدر إلا بدي بهذه الأحقاب و لا غيرها كما لا يقدر به القديم و لهذا

قال عبد الله بن عمرو فيما رواه شعبة عن أبي بلخ سمع عمرو بن ميمون يحدث عنه ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد و ذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا فصل و الذين قطعوا بدوام النار لهم ست طرق أحدها اعتقاد الإجماع فكثير من الناس يعتقدون أن هذا مجمع عليه بين الصحابة و التابعين لا يختلفون فيه و أن الاختلاف فيه حادث و هو من أقوال أهل البدع الطريق الثاني أن القران دل على ذلك دلالة قطعية فانه سبحانه و تعالى اخبر انه عذاب مقيم و انه لا يفتر عنهم وأنه لن يزيدهم إلا عذابا و انهم خالدين فيها أبدا و ما هم بخارجين منها أي من النار و ما هم منها بمخرجين و أن الله حرم الجنة على الكافرين وانهم لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط و انهم لا يقضي عليهم فيموتوا و لا يخفف عنهم من عذابها و أن عذابها كان غراما أي مقيما لازما قالوا وهذا يفيد القطع بدوامه و استمراره الطريق الثالث أن السنة المستفيضة أخبرت بخروج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان دون الكفار و أحاديث الشفاعة من أولها إلى آخرها صريحة بخروج عصاة الموحدين من النار و أن هذا حكم مختص بهم فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم و لم يختص الخروج بأهل الإيمان الطريق الرابع أن الرسول وقفنا على ذلك و علمناه من دينه بالضرورة من غير حاجة بنا إلى نقل معين كما علمنا من دينه دوام الجنة و عدم فنائها الطريق الخامس أن عقائد السلف و أهل السنة مصرحة بان الجنة و النار مخلوقتان و انهما لا يفنيان بل هما دائمتان و إنما يذكرون فناءهما عن أهل البدع الطريق السادس أن العقل يقضي بخلود الكفار في النار و هذا مبني على قاعدة و هي أن المعاد و ثواب النفوس المطيعة و عقوبة النفوس الفاجرة هل هو مما يعلم بالعقل أو لا يعلم إلا بالسمع فيه طريقتان لنظار المسلمين و كثير منهم يذهب إلى أن ذلك يعلم بالعقل مع السمع كما دل عليه القران في غير موضع كإنكاره سبحانه على من زعم انه يسوى بن الأبرار و الفجار في المحيا و الممات و على من زعم انه خلق خلقه عبثا و انهم إليها لا يرجعون و انه يتركهم سدى أي لا يثيبهم و لا يعاقبهم و ذلك يقدح في حكمته و كماله و انه نسبه إلى ما لا يليق به و ربما قرروه بان النفوس البشرية باقية و اعتقاداتها و صفاتها لازمة لها لا تفارقها و أن ندمت عليها لما رأت العذاب فلم تندم عليها لقبحها أو كراهة ربها لها بل لو فارقها العذاب رجعت كما كانت أولا قال تعالى و لو ترى إذ وقفوا على النار

فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و انهم لكاذبون فهؤلاء قد ذاقوا العذاب و باشروه و لم يزل سببه و مقتضيه من نفوسهم بل خبثها و كفرها قائم بها لم يفارقها بحيث لو ردوا لعادوا كفارا كما كانوا و هذا يدل على أن دوام تعذيبهم يقضى به العقل كما جاء به السمع قال أصحاب الفناء الكلام على هذه الطرق يبين الصواب في هذه المسالة فأما الطريق الأول فالإجماع الذي ادعيتموه غير معلوم و إنما يظن الإجماع في هذه المسالة من لم يعرف النزاع و قد عرف النزاع فيها قديما و حديثا بل لو كلف مدعي الإجماع أن ينقل عن عشرة من الصحابة فما دونهم إلى الواحد انه قال إن النار لا تفنى أبدا لم يجد إلى ذلك سبيلا و نحن قد نقلنا عنهم التصريح بخلاف ذلك فما وجدنا عن واحد منهم خلاف ذلك بل التابعون حكوا عنهم هذا و هذا قالوا و الإجماع المعتد به نوعان متفق عليهما و نوع ثالث مختلف فيه و لم يوجد واحد منها في هذه المسالة النوع الأول ما يكون معلوما من ضرورة الدين كوجوب أركان الإسلام و تحريم المحرمات الظاهرة الثاني ما ينقل عن أهل الاجتهاد التصريح بحكمه والثالث أن يقول بعضهم القول و ينشر في الأمة و لا ينكره أحد فأين معكم واحد من هذه الأنواع ولو أن قائلا ادعى الإجماع من هذه الطرق و احتج بان الصحابة صح عنهم و لم ينكر أحد منهم عليه لكان اسعد بالإجماع منكم قالوا و أما الطريق الثاني و هو دلالة القران على بقاء النار و عدم فنائها فأين في القران دليل واحد يدل على ذلك نعم الذي دل عليه القران أن الكفار خالدين في النار ابدا وانهم غير خارجين منها وانه لا يفتر عنهم عذابها وانهم لا يموتون فيها و أن عذابهم فيها مقيم و انه غرام لازم لهم و هذا كله مما لا نزاع فيه بين الصحابة و التابعين و أئمة المسلمين و ليس هذا مورد النزاع و إنما النزاع في أمر آخر و هو انه هل النار أبدية أو مما كتب الله عليه الفناء و أما كون الكفار لا يخرجون منها و لا يفتر عنهم من عذابها و لا يقضى عليهم فيموتوا و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فلم يختلف في ذلك الصحابة و لا التابعون و لا أهل السنة و إنما خالف في ذلك من قد حكينا أقوالهم من اليهود و الاتحادية وبعض أهل البدع و هذه النصوص و أمثالها تقتضي خلودهم في دار العذاب ما دامت باقية و لا يخرجون منها مع بقائها البتة كما يخرج أهل التوحيد منها مع بقائها فالفرق بين من يخرج من الحبس و هو حبس على حاله و بين من يبطل جنسه بخراب الحبس و انتقاضه قالوا و أما الطريق الثالث و هو مجيء

السنة المستفيضة بخروج أهل الكبائر من النار دون أهل الشرك فهي حق لا شك فيه و هي إنما تدل على ما قلناه من خروج الموحدين منها و هي دار العذاب لم تفن و يبقى المشركون فيها ما دامت باقية و النصوص دلت على هذا وعلى هذا قالوا و أما الطريق الرابع وهو أن رسول الله و قفنا على ذلك ضرورة فلا ريب انه من المعلوم من دينه بالضرورة و أما كونها أبدية لا انتهاء لها و لا تفنى كالجنة فأين من القران و السنة دليل واحد يدل على ذلك قالوا و أما الطريق الخامس و هو أن في عقائد أهل السنة أن الجنة و النار مخلوقتان لا يفنيان أبدا فلا ريب أن القول بفنائهما قول أهل البدع من الجهمية و المعتزلة و هذا القول لم يقله أحد من الصحابة و لا التابعين و لا أحد من أئمة المسلمين و أما فناء النار وحدها فقد أوجدنا كم من قال به من الصحابة و تفريقهم بين الجنة و النار فكيف يكون القول به من أقوال أهل البدع مع انه لا يعرف عن أحد من أهل البدع التفريق بين الدارين فقولكم انه من أقوال أهل البدع كلام من لا خبرة له بمقالات بني آدم و آرائهم و اختلافهم قالوا و القول الذي يعد من أقوال أهل البدع ما خالف كتاب الله و سنة رسوله و إجماع الأمة أما الصحابة أو من بعدهم و أما قول يوافق الكتاب و السنة و أقوال الصحابة فلا يعد من أقوال أهل البدع و أن دانوا به و اعتقدوه فالحق يجب قبوله ممن قاله و الباطل يجب رده على من قاله و كان معاذ بن جبل يقول الله حكم قسط هلك المرتابون أن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال و يفتح فيها القران حتى يقرؤه المؤمن والمنافق والمرآة والصبي والأسود والأحمر فيوشك أحدهم أن يقول قد قرأت القران فما أظن أن يتبعوني حتى ابتدع بدلهم غيره فإياكم و ما ابتدع فان كل بدعة ضلالة و إياكم و زيغة الحكيم فان الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة و أن المنافق قد يقول كلمة الحق فتلقوا الحق عمن جاء به فان على الحق نورا قالوا و كيف زيغة الحكيم قال هي الكلمة تروعكم و تنكرونها و تقولون ما هذه فاحذروا زيغته و لا تصدنكم عنه فانه يوشك أن يفيء و أن يراجع الحق و أن العلم و الإيمان مكانهما إلى يوم القيامة و الذي اخبر به أهل السنة في عقائدهم هو الذي دل عليه الكتاب و السنة و اجمع عليه السلف أن الجنة و النار مخلوقتان و أن أهل النار لا يخرجون منها و لا يخفف عنهم من عذابها العذاب و لا يفتر عنهم و انهم خالدون فيها و من ذكر منهم أن النار لا تفنى

أبدا فإنما قاله لظنه أن بعض أهل البدع قال بفنائها و لم يبلغه تلك الآثار التي تقدم ذكرها قالوا و أما حكم العقل بتخليد أهل النار فيها فأخبار عن العقل بما ليس عنده فان المسالة من المسائل التي لا تعلم إلا بخبر الصادق و أما اصل الثواب و العقاب فهل يعلم بالعقل مع السمع أول لا يعلم إلا بالسمع وحده ففيه قولان لنظار المسلمين من اتباع الأئمة الأربعة و غيرهم و الصحيح أن العقل دل على المعاد و الثواب و العقاب إجمالا و أما تفصيله فلا يعلم إلا بالسمع و دوام الثواب و العقاب مما لا يدل عليه العقل بمجرده وأنما علم بالسمع و قد دل السمع دلالة قاطعة على دوام ثواب المطيعين و أما عقاب العصاة فقد دل السمع أيضا دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحدين و أما دوامه و انقطاعه في حق الكفار فهذا معترك النزال فمن كان السمع من جانبه فهو اسعد بالصواب وبالله التوفيق فصل و نحن نذكر الفرق بين دوام الجنة و النار شرعا و عقلا و ذلك يظهر من وجوه أحدها أن الله سبحانه و تعالى اخبر ببقاء نعيم اهل الجنة ودوامه و انه لا نفاد له و لا انقطاع و انه غير مجذوذ و أما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها و عدم خروجهم منها و انهم لا يموتون فيها و لا يحيون و إنها مؤصدة عليهم و انهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها و أن عذابها لازم لهم و انه مقيم عليهم لا يفتر عنهم و الفرق بين الخبرين ظاهر الوجه الثاني أن النار قد اخبر سبحانه و تعالى في ثلاث آيات عنها بما يدل على عدم أبديتها الأولى قوله سبحانه و تعالى قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله أن ربك حكيم عليم و الثانية قوله خالدين فيها ما دامت السموات و الأرض إلا ما شاء ربك أن ربك فعال لما يريد الثالثة قوله ^ لابثين فيها أحقابا ^ و لولا الأدلة القطعية الدالة على أبدية الجنة و دوامها لكان حكم الاستثنائين في الموضعين واحدا كيف وفي الايتين من السياق ما يفرق بين الاستثنائين فانه قال في أهل النار ^ أن ربك فعال لما يريد ^ فعلمنا أنه الله سبحانه و تعالى يريد أن يفعل فعلا لم يخبرنا به و قال في أهل الجنة عطاء غير مجذوذ فعلمنا أن هذا العطاء و النعيم غير مقطوع عنهم أبدا فالعذاب موقت معلق و النعيم ليس بموقت و لا معلق الوجه الثالث انه قد ثبت أن الجنة لم يدخلها من لم يعمل خيرا قط من المعذبين الذين يخرجهم الله من النار و أما النار فلم يدخلها من لم يعمل سوءا قط و لا يعذب إلا من عصاه الوجه الرابع انه قد ثبت أن الله سبحانه و تعالى ينشئ للجنة خلقا آخر يوم

القيامة يسكنهم إياها و لا يفعل ذلك بالنار و أما الحديث الذي قد ورد في صحيح البخاري من قوله و أما النار فينشئ الله لها خلقا آخرين فغلط وقع من بعض الرواة انقلب عليه الحديث و إنما هو ما ساقه البخاري في الباب نفسه و أما الجنة فينشئ الله لها خلقا آخرين ذكره البخاري رحمه الله مبينا أن الحديث انقلب لفظه على من رواه بخلاف هذا و هذا والمقصود انه لا تقاس النار بالجنة في التأبيد مع هذه الفروق يوضحه الوجه الخامس أن الجنة من موجب رحمته و رضاه و النار من غضبه و سخطه و رحمته سبحانه تغلب غضبه و تسبقه كما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة عنه انه قال لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش أن رحمتي تغلب غضبي و إذا كان رضاه قد سبق غضبه وهو يغلبه كان التسوية بين ما هو من موجب رضاه و ما هو من موجب غضبه ممتنعا يوضحه الوجه السادس أن ما كان بالرحمة و للرحمة فهو مقصود لذاته قصد الغايات و ما كان من موجب الغضب و السخط فهو مقصود لغيره قصد الوسائل فهو مسبوق مغلوب مراد لغيره و ما كان بالرحمة فغالب سابق مراد لنفسه يوضحه الوجه السابع و هو انه سبحانه و تعالى قال للجنة أنت رحمتي ارحم بك من أشاء و قال للنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء و عذابه مفعول منفصل و هو ناشئ عن غضبه و رحمته ههنا هي الجنة وهي رحمة مخلوقة ناشئة عن الرحمة التي هي صفة الرحمن فههنا أربعة أمور رحمة هي وصفه سبحانه وثواب منفصل هو ناشىء عن رحمه وغضب يقوم به سبحانه و عقاب منفصل ينشا عنه فإذا غلبت صفة الرحمة صفة الغضب فلان يغلب ما كان بالرحمة لما كان بالغضب أولى و أحرى فلا تقاوم النار التي نشأت عن الغضب الجنة التي نشأت عن الرحمة يوضحه الوجه الثامن أن النار خلقت تخويفا للمؤمنين و تطهيرا للخاطئين و المجرمين فهي طهرة من الخبث الذي اكتسبته النفس في هذا العالم فان تطهرت ههنا بالتوبة النصوح و الحسنات الماحية و المصائب المكفرة لم يحتج إلى تطهير هناك و قيل لها مع جملة الطيبين سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين و أن لم ننطهر في هذه الدار و وافت الدار الأخرى بدرنها و نجاستها و خبثها أدخلت النار طهرة لها و يكون مكثها في النار بحسب زوال ذلك الدرن و الخبث و النجاسة التي لا يغسلها الماء فإذا تطهرت الطهر التام أخرجت من النار و الله سبحانه خلق عباده حنفاء و هي فطرة الله التي فطر الناس عليها فلو خلوا و فطرهم لما

نشؤا إلا على التوحيد و لكن عرض لا كثر الفطر ما غيرها و لهذا كان نصيب النار اكثر من نصيب الجنة و كان هذا التغيير مراتب لا يحصيها إلا الله فأرسل الله رسله و انزل كتبه يذكر عباده بفطرته التي فطرهم عليها فعرف الموفقون الذين سبقت لهم من الله الحسنى صحة ما جاءت به الرسل و نزلت به الكتب بالفطرة الأولى فتوافق عندهم شرع الله و دينه الذي أرسل به رسله و فطرته التي فطرهم عليها فمنعتهم الشرعة المنزلة و الفطرة المكملة أن تكتسب نفوسهم خبثا و نجاسة و درنا يعلق بها و لا يفارقها بل كلما ألم بهم شيء من ذلك و مسهم طائف من الشيطان اغاروا عليه بالشرعة و الفطرة فأزالوا موجبه و أثره و كمل لهم الرب تعالى ذلك باقضية يقضيها لهم مما يحبون أو يكرهون تمحص عنهم تلك الآثار التي شوشت الفطرة فجاء مقتضى الرحمة فصادف مكانا قابلا مستعدا لها ليس فيه شيء يدافعه فقال ههنا أمرت و ليس لله سبحانه غرض في تعذيب عباده بغير موجب كما قال تعالى ما يفعل الله بعذابكم أن شكرتم و آمنتم و كان الله شاكرا عليما و استمر الأشقياء مع تغيير الفطرة و نقلها مما خلقت عليه إلى ضده حتى استحكم الفساد و تم التغيير فاحتاجوا في ازالة ذلك إلى تغيير آخر و تطهير ينقلهم إلى الصحة حيث لم تنقلهم آيات الله المتلوة و المخلوقة و أقداره المحبوبة و المكروهة في هذه الدار فأتاح لهم آيات آخر وأقضية و عقوبات فوق التي كانت في الدنيا تستخرج ذلك الخبث و النجاسة التي لا تزول بغير النار فإذا زال موجب العذاب و سببه زال العذاب و بقي مقتضى الرحمة لا معارض له فان قيل هذا حق و لكن سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين أما إذا كان لازما كالكفر و الشرك فان أثره لا يزول كما لا يزول السبب و قد أشار سبحانه إلى هذه المعنى بعينه في مواضع من كتابه منها قوله تعالى و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فهذا إخبار بان نفوسهم و طبائعهم لا تقتضي غير الكفر و الشرك و إنها غير قابلة للإيمان أصلا ومنها قوله تعالى و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا فاخبر سبحانه أن ضلالهم و عماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل و إذا كان العمى و الضلال لا يفارقهم فان موجبه وأثره و مقتضاه لا يفارقهم ومنها قوله تعالى و لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم و لو اسمعهم لتولوا و هم معرضون و هذا يدل على انه ليس فيهم خير

يقتضي الرحمة و لو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره و يدل على انهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله اخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير فلو كان عند هؤلاء أدنى ادنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين قيل لعمر الله أن هذا لمن أقوى ما يتمسك به في المسئلة و أن الأمر لكما قلتم و أن العذاب يدوم بدوام موجبه و سببه و لا ريب انهم في الآخرة في عمى و ضلال كما كانوا في الدنيا و وبواطنهم خبيثة كما كانت في الدنيا و العذاب مستمر عليهم دائم ما داموا كذلك و لكن هل هذا الكفر والتكذيب و الخبث أمر ذاتي لهم زواله مستحيل أم هو امر عارض طارئ على الفطرة قابل للزوال هذا حرف المسئلة و ليس بأيديكم ما يدل على استحالة زواله و انه أمر ذاتي و قد اخبر سبحانه و تعالى انه فطر عباده على الحنيفية و أن الشياطين اجتالتهم عنها فلم يفطرهم سبحانه على الكفر و التكذيب كما فطر الحيوان البهيم على طبيعته و إنما فطرهم على الإقرار بخالقهم و محبته و توحيده فإذا كان هذا الحق الذي قد فطروا عليه وقد خلقوا عليه قد أمكن زواله بالكفر و الشرك الباطل فإمكان زوال الكفر و الشرك الباطل بضده من الحق أولى و أحرى و لا ريب انهم لو ردوا على تلك الحال التي هم عليها لعادوا لما نهوا عنه و لكن من أين لكم أن تلك الحال لا تزول و لا تتبدل بنشأة أخرى ينشئهم فيها تبارك و تعالى إذا أخذت النار مأخذها منهم و حصلت الحكمة المطلوبة من عذابهم فان العذاب لم يكن سدى و إنما كان لحكمة مطلوبة فإذا حصلت تلك الحكمة لم يبق في التعذيب أمر يطلب و لا غرض يقصد و الله سبحانه ليس يشتفي بعذاب عباده كما يشتفى المظلوم من ظالمه و هو لا يعذب عبده لهذا الغرض و إنما يعذبه طهرة له و رحمة به فعذابه مصلحة له و أن تألم به غاية الألم كما أن عذابه بالحدود في الدنيا مصلحة لأربابها و قد سمى الله سبحانه و تعالى الحد عذابا و قد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل لكل داء دواء يناسبه و دواء الضال يكون من اشق الأدوية و الطبيب الشفيق يكون المريض بالنار كيا بعد كي ليخرج منه المادة الرديئة الطارئة على الطبيعة المستقيمة و أن رأى قطع العضو اصلح للعليل قطعه و أذاقه اشد الألم فهذا قضاء الرب و قدره في إزالة مادة غريبة طرأت على الطبيعة المستقيمة بغير اختيار العبد فكيف إذا طرا على الفطرة السليمة مواد فاسدة باختيار العبد و اراداته و إذا تأمل اللبيب شرع الله تبارك و تعالى و قدره في الدنيا و ثوابه و عقابه

في الآخرة وجد ذلك في غاية التناسب و التوافق و ارتباط ذلك ببعضه البعض فان مصدر الجميع عن علم تام وحكمة بالغة و رحمة سابغة و هو سبحانه و الملك الحق المبين و ملكه ملك رحمة و إحسان و عدل الوجه التاسع أن عقوبته للعبد ليست لحاجته إلى عقوبته لا لمنفعة تعود إليه و لا لدفع مضرة و ألم يزول عنه بالعقوبة بل يتعالى عن ذلك و يتنزه كما يتعالى عن سائر العيوب و النقائص و لا هي عبث محض خال عن الحكمة و الغاية الحميدة فانه أيضا يتنزه عن ذلك و تعالى عنه فأما أن يكون من تمام نيعم أوليائه و أحبابه و أما أن يكون من مصلحة الأشقياء و مداواتهم أو لهذا ولهذا و على التقادير الثلاث فالتعذيب أمر مقصود لغيره قصد الوسائل لا قصد الغايات و المراد أن الوسيلة إذا حصل على الوجه المطلوب زال حكمها و نعيم أوليائه ليس متوقفا في اصله و لا في كماله على استمرار عذاب أعدائه و دوامه مصلحة الأشقياء ليست في الدوام و الاستمرار و أن كان في اصل التعذيب مصلحة لهم الوجه العاشر أن رضى الرب تبارك و تعالى و رحمته صفتان ذاتيتان له فلا منتهى لرضاه بل كما قال أعلم الخلق به سبحان الله وبحمده عدد خلقه و رضى نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته فإذا كانت رحمته غلبت غضبه فان رضى نفسه أعلى و اعظم فان رضوانه اكثر من الجنات و نعيمها و كل ما فيها و قد اخبر أهل الجنة انه يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبدا و أما غضبه تبارك و تعالى و سخطه فليس من صفاته الذاتية التي يستحيل انفكاكه عنها بحيث لم يزل و لا يزال غضبان و الناس لهم في صفة الغضب قولان أحدهما انه من صفاته الفعلية القائمة به كسائر أفعاله و الثاني انه صفة فعل منفصل عنه غير قائم به وعلى القوانين فليس كالحياة و العلم و القدرة التي يستحيل مفارقتها له و العذاب إنما ينشا من صفة غضبه وما سعرت النار إلا بغضبه و قد جاء في اثر مرفوع أن الله خلق خلقا من غضبه و أسكنهم بالمشرق و ينتقم بهم ممن عصاه فمخلوقاته سبحانه نوعان نوع مخلوق من الرحمة و بالرحمة و نوع مخلوق من الغضب وبالغضب فانه سبحانه له الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي يتنزه عن تقدير خلافه و منها انه يرضى و يغضب و يثيب و يعاقب و يعطي و يمنع و يعز و يذل و ينتقم و يعفو بل هذا موجب ملكه الحق و حقيقة الملك المقرون بالحكمة و الرحمة و الحمد فإذا زال غضبه سبحانه و تعالى و تبدل برضاه زالت عقوبته و تبدلت برحمته فانقلبت العقوبة إلى رحمة بل لم تزل رحمة و أن تنوعت صفتها و صورتها كما كان

عقوبة العصاة رحمة و إخراجهم من النار رحمة فتقلبوا في رحمته في الدنيا و تقلبوا فيها في الآخرة لكن تلك الرحمة يحبونها و توافق طبائعهم و هذه رحمة يكرهونها و تشق عليهم كرحمة الطبيب الذي يضع لحم المريض و يلقي عليه المكاوي ليستخرج منه المواد الرديئة الفاسدة فان قيل هذا اعتبار غير صحيح فان الطبيب يفعل ذلك بالعليل و هو يحبه و هو راض عنه و لم ينشا فعله به عن غضبه بغضبه عليه و لهذا لا يسمى عقوبة و أما عذاب هؤلاء فانه إنما حصل بغضبه سبحانه عليهم و هو عقوبة محضة قيل هذا حق و لكن لا ينافي كونه رحمة بهم و أن كان عقوبة لهم و هذا كإقامة الحدود عليهم في الدنيا فانه عقوبة و رحمة و تخفيف و طهرة فالحدود طهرة لأهلها و عقوبة و هم لما أغضبوا الرب تعالى و قابلوه بما لا يليق أن يقابل به و عاملوه اقبح المعاملة و كذبوه و كذبوا رسله و جعلوا اقل خلقه و اخبثهم و امقتهم له ندا له و إلهة معه و اثروا رضاهم على رضاه و طاعتهم على طاعته و هو ولي الإنعام عليهم و هو خالقهم و رازقهم و مولاهم الحق اشتد مقته لهم و غضبه عليهم و ذلك يوجب كمال أسمائه و صفاته التي يستحيل عيله تقدير خلافها و يستحيل عليه تخلف آثارها و مقتضاها عنها بل ذلك تعطيل لأحكامها كما أن نفيها عنه تعطيل لحقائقها و كلا التعطيلين محال عليه سبحانه و تعالى فالمعطلون نوعان أحدهما عطل صفاته والثاني عطل أحكامها و موجباتها و كان هذا العذاب عقوبة لهم من هذا الوجه و دواء لهم من جهة الرحمة السابقة للغضب فاجتمع فيه الأمران فإذا زال الغضب بزوال المادة الفاسدة بتغيير الطبيعة المقتضية لها في الجحيم بمرور الاحقاب عليها وحصلت الحكمة التي اوجبت العقوبة عملت الرحمة عملها و طلبت أثرها من غير معارض يوضحه الوجه الحادي عشر و هو أن العفو احب إليه سبحانه من الانتقام و الرحمة احب إليه من العقوبة و الرضا احب إليه من الغضب و الفضل احب إليه من العدل و لهذا ظهرت آثار هذه المحبة في شرعه و قدره و يظهر كل الظهور لعباده في ثوابه و عقابه و إذا كان ذلك احب الأمرين إليه و له خلق الخلق و انزل الكتب و شرع الشرائع و قدرته سبحانه صالحة لكل شيء لا قصور فيها بوجه ما وتلك المواد الردية الفاسدة مرض من الأمراض و بيده سبحانه و تعالى الشفاء التام و الأدوية الموافقة لكل داء و له القدرة التامة و الرحمة السابغة و الغنى المطلق بالعبد اعظم حاجة

إلى من يداوي علته التي بلغت به غاية الضرر و المشقة و قد عرف العبد انه عليل و أن دواءه بيد الغني الحميد فتضرع إليه و دخل به عليه و استكان له و انكسر قلبه بين يديه و ذل لعزته و عرف أن الحمد كله له و أن الحق كله له و انه هو الظلوم الجهول وان ربه تبارك و تعالى عامله بكل عدله لا ببعض عدله و أن له غاية الحمد فيما فعل به و أن حمده هو الذي أقامه في هذا المقام و أوصله إليه و انه لا خير عنده من نفسه بوجه من الوجوه بل ذلك محض فضل الله و صدقته عليه و انه لا نجاة له مما هو فيه إلا بمجرد العفو و التجاوز عن حقه فنفسه أولى بكل ذم و عيب و نقص و ربه تعالى أولى بكل حمد و كمال و مدح فلو أن أهل الجحيم شهدوا نعمته سبحانه و رحمته و كماله و حمده الذي أوجب لهم ذلك فطلبوا مرضاته و لو بدوامهم في تلك الحال و قالوا أن كان ما نحن فيه رضاك فرضاك الذي نريد وما اوضان الى هذه الحال الا طلب مالا يرضيك فأما إذا أرضاك هذا منا فرضاك غاية ما نقصده و ما لجرح إذا أرضاك من ألم و أنت ارحم بنا من أنفسنا و اعلم بمصالحنا و لك الحمد كله عاقبت أو عفوت لانقلبت النار عليهم بردا و سلاما و قد روى الإمام احمد في مسنده من حديث الأسود بن سريع أن النبي قال يأتي أربعة يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا و رجل أحمق و رجل هرم و رجل مات في فترة فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام و ما اسمع شيئا و أما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والضبيان يحذفوني بالبعر واما الهرم فيقول ربى لقد جاء الاسلام و ما اعقل شيئا و أما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك من رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا و سلاما و في المسند أيضا من حديث قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مثله و قال فمن دخلها كانت عليه بردا و سلاما و من لم يدخلها يسحب إليها فهؤلاء لما رضوا بتعذيبهم و بادروا إليه لما علموا أن فيه رضى ربهم و موافقة أمره و محبته انقلب في حقهم نعيما و مثل هذا ما رواه عبد الله بن المبارك حدثني رشدين قال حدثني ابن انعم عن أبي عثمان انه حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال أن رجلين ممن دخلا النار يشتد صياحهما فقال الرب جل جلاله أخرجوهما فإذا أخرجا فقال لهما لاي شيء اشتد صياحكما قال فعلنا ذلك لترحمنا قال رحمتي لكما أن تنطلقا

فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار قال فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها الله سبحانه عليه بردا و سلاما و يقوم الآخر فلا يلقي فيقول له الرب تبارك و تعالى ما منعك أن تلقي نفسك كما القى صاحبك فيقول رب إني أرجوك أن لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني منها فيقول الرب و تعالى لك رجاؤك فيدخلان الجنة جميعا برحمة الله و ذكر الاوزاعي عن بلال بن سعد قال يؤمر بإخراج رجلين من النار فإذا خرجا و وقفا قال الله لهما كيف وجدتما مقيلكما و سوء مصيركما فيقولان شر مقيل و أسوا مصير صار إليه العبد فيقول لهما بما قدمت ايديكما و ما أنا بظلام للعبيد قال فيؤمر بصرفهما إلى النار فأما أحدهما فيغدوا في أغلاله و سلاسله حتى يقتحمها و أما الآخر فيتلكا فيؤمر بردهما فيقول للذي غدا في أغلاله و سلاسله حتى اقتحمها ما حملك على ما صنعت و قد خرجت منها فيقول إني خبرت من وبال معصيتك و ما لم اكن أتعرض لسخطك ثانيا و يقول للذي تلكأ ما حملك على ما صنعت فيقول حسن ظني بك حين أخرجتني منها أن لا تردني إليها فيرحمهما جميعا و يأمر بهما إلى الجنة الوجه الثاني عشر أن النعيم و الثواب من مقتضى رحمته و مغفرته وبره كرمه و لذلك يضيف ذلك إلى نفسه و أما العذاب و العقوبة فإنما هو من مخلوقاته و لذلك لا يسمى بالمعاقب و المعذب بل يفرق بينهما فيجعل ذلك من أوصافه و هذا من مفعولاته حتى في الآية الواحدة كقوله تعالى ^ نبئ عبادي إني أنا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الأليم ^ و قال تعالى اعلموا ان الله شديد العقاب وان الله غفور رحيم إن ربك لسريع العقاب و انه لغفور رحيم و مثلها في آخر الأنعام فما كان مقتضى أسمائه و صفاته فانه يدوم بدوامها و لا سيما إذا كان محبوبا له و هو غاية مطلوبة في نفسها و أما الشر الذي هو العذاب فلا يدخل في أسمائه و صفاته إن ادخل في مفعولاته لحكمة إذا حصلت زال وفنني بخلاف الخير فانه سبحانه و تعالى دائم المعروف لا ينقطع معروفه أبدا و هو قديم الإحسان ابدي الإحسان فلم يزل و لا يزال معاقبا على الدوام غضبان على الدوام منتقما على الدوام فتأمل هذا الوجه تأمل ففيه في باب أسماء الله و صفاته يفتح لك باب من أبواب معرفته و محبته يوضحه الوجه الثالث عشر و هو قول اعلم خلقه به و اعرفهم بأسمائه و صفاته و الشر ليس إليك و لم يقف على

المعنى المقصود من قال الشر لا يتقرب به إليك بل الشر لا يضاف إليه سبحانه بوجه لا في ذاته و لا في صفاته و لا في أفعاله و لا في أسمائه فان ذاته لها الكمال المطلق من جميع الوجوه و صفاته كلها صفات كمال و يحمد عليها و يثنى عليه بها و أفعاله كلها خير و رحمة و عدل و حكمة لا شر فيها بوجه ما و أسماؤه كلها حسنى فكيف يضاف الشر إليه بل الشر في مفعولاته و مخلوقاته و هو منفصل عنه إذ فعله غير مفعول ففعله خير كله و أما المخلوق المفعول ففيه الخير و الشر و إذا كان الشر مخلوقا منفصلا غير قائم بالرب سبحانه فهو لا يضاف إليه و هو لم يقل أنت لا تخلق الشر حتى يطلب تأويل قوله و إنما نفى إضافته إليه وصفا و فعلا و أسماء و إذا عرف هذا فالشر ليس إلا الذنوب و موجباتها و أما الآخر فهو الإيمان و الطاعات و موجباتها و الإيمان و الطاعات متعلقة به سبحانه و لاجلها خلق الله خلقه و أرسل رسله و انزل كتبه و هي ثناء على الرب تبارك و تعالى و إجلاله و تعظيمه و عبوديته و هذه لها آثار تطلبها و تقتضيها فتدوم آثارها بدوام متعلقها و أما الشرور فليس مقصودة لذاتها و لا هي الغاية التي خلق لها الخلق فهي مفعولات قدرت لامر محبوب و جعلت وسيلة إليه فإذا حصل ما قدرت له اضمحلت و تلاشت و عاد الأمر إلى الخير المحض الوجه الرابع عشر انه سبحانه و تعالى اخبر إن رحمته وسعت كل شيء فليس شيء من الأشياء إلا و فيه رحمته ولا ينافي هذا انت ترحم العبد بمات يشق عليه ويؤلمه وتشتد كراهته له فان ذلك من أيضا كما تقدم و قد ذكرنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه آنفا و قوله تعالى لذينك الرجلين رحمتي لكما إن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار و قد جاء في بعض الآثار إن العبد إذا دعى لمبتلى قد اشتد بلاؤه و قال اللهم ارحمه يقول الرب تبارك و تعالى كيف ارحمه من شيء به ارحمه فالابتلاء رحمة منه لعباده و في اثر الهي يقول الله تعالى أهل ذكر أهل مجالستي و أهل طاعتي أهل كرامتي و أهل شكري أهل زيادتي و أهل معصيتي لاقنطهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم و إن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ابتليهم بالمصايب لاطهرهم من المعايب فالبلاء و العقوبة قدرته لإزالة أدواء لا تزول إلا بها و النار هي الدواء الأكبر فمن تداوى في الدنيا أغناه ذلك عن الدواء في الآخرة و إلا فلا بدله من الدواء بحسب دائه و من عرف الرب تبارك و تعالى بصفات جلاله



و نعوت كماله من حكمته و رحمته وبره و إحسانه و غناه و جوده و تحببه إلى عباده و إرادة الأنعام عليهم و سبق رحمته لهم يبادر لا إنكار ذلك إن لم يبادر إلى قبوله يوضحه الوجه الخامس عشر إن أفعاله سبحانه لا تخرج عن الحكمة و الرحمة و المصلحة و العدل فلا يفعل عبثا و لا جورا و لا باطلا بل هو المنزه عن ذلك كما ينزه عن سائر العيوب و النقائص و إذا ثبت ذلك فتعذيبهم إن كان رحمة بهم حتى يزول ذلك الخبث و تكمل الطهارة فظاهر و إن كان لحكمة فإذا حصلت تلك الحكمة المطلوبة زال العذاب و ليس في الحكمة دوام العذاب أبدا الآباد بحيث يكون دائما بدوام الرب تبارك و تعالى و إن كان لمصلحة تعود إلى أوليائه فان ذلك اكمل في نعيمهم فهذا لا يقتضي تأبيد العذاب و ليس نعيم أوليائه و كماله موقوفا على بقاء آبائهم و أبنائهم و أزواجهم في العذاب السرمد فان قلتم إن ذلك موجب الرحمة و الحكمة و المصلحة قلتم ما لا يعقل و إن قلتم إن ذلك عائد إلى محض المشيئة و لا تطلب له حكمة و لا غاية فجوابه من وجهين أحدهما إن ذلك محال على احكم الحاكمين و اعلم العالمين إن تكون أفعاله معطلة عن الحكم و المصالح و الغايات المحمودة و القرآن و السنة و أدلة العقول و الفطر و الآيات المشهودة شاهدة ببطلان ذلك و الثاني انه لو كان الأمر كذلك لكان بقاؤهم في العذاب و انقطاعه عنهم بالنسبة إلى مشيئته سواء و لم يكن في انقضائه ما ينافي كماله و هو سبحانه لم يخبر بأبدية العذاب و انه لا نهاية له و غاية الأمر على هذا التقدير إن يكون من الجائزات الممكنات الموقوف على حكمها على خبر الصادق فان سلكت طريق التعليل بالحكمة و الرحمة و المصلحة لم يقتض الدوام و إن سلكت طريق المشيئة المحضة التي لا تعلل لم تقتضه أيضا و إن وقف الأمر على مجرد السمع فليس فيه متن يقتضيه الوجه السادس عشر ان رحمته سبحانه سبقت غضبه في المعذبين فانه أنشأهم برحمته و رباهم برحمته و رزقهم و عافاهم برحمته و أرسل إليهم الرسل برحمته و أسباب النقمة و العذاب متأخر عن أسباب الرحمة طارئة عليها فرحمته سبقت غضبه فيهم و خلقهم على خلقة تكون رحمته إليهم اقرب من غضبه و عقوبته و لهذا ترى الأطفال الكفار قد آلت عليهم رحمته فمن رآهم رحمهم و لهذا نهى عن قتلهم فرحمته سبقت

غضبه فيهم فكانت هي السابقة إليهم ففي كل حال هم في رحمته في حال معافاتهم و ابتلائهم و إذا كانت الرحمة هي السابقة فيهم لم يبطل أثرها بالكلية وان عارضها اثر الغضب و السخط فذلك لسبب منهم و أما اثر الرحمة فسببه منه سبحانه و تعالى فما منه يقتضي رحمتهم و ما منهم يقتض عقوبتهم و الذي منه سابق و غالب و إذا كانت رحمته تغلب غضبه فلان يغلب اثر الرحمة اثر الغضب أولى و أحرى الوجه السابع عشر انه سبحانه و تعالى يخبر عن العذاب انه عذاب يوم عقيم و عذاب يوم عظيم و عذاب يوم اليم و لا يخبر عن النعيم انه نعيم يوم و لا في موضع واحد و قد ثبت في الصحيح تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة و المعذبون متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم و الله سبحانه جعل العذاب على ما كان في الدنيا و أسبابها و ما أريد به الدنيا ولم ولك يرد به الله فالعذاب على ذلك و أما إن كان للآخرة و أريد به وجه الله فلا عذاب و الدنيا قد جعل لها اجل تنتهي إليه فما انتقل منها إلى تلك الدار مما ليس لله فهو المعذب به و أما ما أريد به وجه الله و الدار الآخرة فقد أريد به ما لا يفنى و لا يزول فيدوم بدوام المراد به فان الغاية المطلوبة إذا كانت دائمة لا تزول ما لم يزل ما تعلق بها بخلاف الغاية المضمحلة الفانية فما أريد به غير الله يضمحل و يزول بزوال مراده و مطلوبه وما أريد به وجه الله يبقى ببقاء المطلوب المراد فإذا اضمحلت الدنيا و انقطعت أسبابها و انتقل ما كان فيها لغير الله من الأعمال و الذوات و انقلب عذابا و آلاما لم يكن له متعلق يدوم بدوامه بخلاف النعيم الوجه الثامن عشر انه ليس في حكمة احكم الحاكمين إن يخلق خلقا يعذبهم ابد الآباد عذابا سرمدا لا نهاية له و لا انقطاع أبدا و قد دلت الأدلة السمعية و العقلية و الفطرية على انه سبحانه و تعالى حكيم و انه احكم الحاكمين فإذا عذب خلقه عذبهم بحكمة كما يوجد التعذيب و العقوبة في الدنيا في شرعه و قدره فان فيه من الحكم و المصالح و تطهير العبد ومداواته و إخراج المواد الردية عنه بتلك الآلام ما تشهده العقول الصحيحة و في ذلك من تزكية النفوس و صلاحها و زجرها و ردع نظائرها و توقيفها على فقرها و ضرورتها الى ربها و غير ذلك من الحكم و الغايات الحميدة ما لا يعلمه إلا الله و لا ريب إن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب و لهذا يحاسبون إذا قطعوا الصراط على قنطرة بين الجنة و النار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم

في الدنيا حتى إذا ذهبوا و نفوا أذن لهم في دخول الجنة و معلوم إن النفوس الشريرة الخبيثة المظلمة التي لو ردت إلى الدنيا قبل العذاب لعادت لما نهيت عنه لا يصلح إن تسكن دار السلام في جوار رب العالمين فإذا عذبوا في النار عذابا تخلص نفوسهم من ذلك الخبث و الوسخ و الدرن كان ذلك من حكمة احكم الحاكمين و رحمته و لا يتنافى الحكمة خلق نفوس فيها شر يزول بالبلاء الطويل و النار كما يزول بها خبث الذهب و الفضة و الحديد فهذا معقول في الحكمة و هو من لوازم العالم المخلوق على هذه الصفة أما خلق نفوس لا يزول شرها أبدا و عذابها لا انتهاء له فلا يظهر في الحكمة و الرحمة و في وجود مثل هذا النوع نزاع بين العقلاء أعنى ذواتا هي شر من كل وجه ليس فيها شيء من خير أصلا و على تقدير دخوله في الوجود فالرب تبارك و تعالى قادر على قلب الأعيان و إحالتها و إحالة صفاتها فإذا وجدت الحكمة المطلوبة من خلق هذه النفوس و الحكمة المطلوبة من تعذيبها فالله سبحانه قادر إن ينشئها نشأة أخرى غير تلك النشأة و يرحمها في النشأة الثانية نوعا آخر من الرحمة يوضحه الوجه التاسع عشر و هو انه قد ثبت إن الله سبحانه و تعالى ينشئ للجنة خلقا آخر يسكنهم إياها و لم يعملوا خيرا قط تكون الجنة جزاء لهم عليه فإذا اخذ العذاب من هذه النفوس مأخذه و بلغت العقوبة مبلغها فانكسرت تلك النفوس و خضعت و ذلت و اعترفت لربها و فاطرها بالحمد و انه عدل فيها كل العدل و إنها في هذه الحال كانت في تخفيف منه و لو شاء إن يكون عذابهم اشد من ذلك لفعل و شاء كتب العقوبة طلبا لموافقة رضاه و محبته و علم إن العذاب أولى بها و انه لا يليق بها سواه و لا تصلح إلا له فذابت منها تلك الخبائث كلها و تلاشت و تبدلت بذل و انكسار و حمد و ثناء الرب تبارك و تعالى لم يكن في حكمته إن يستمر بها في العذاب بعد ذلك إذ قد تبدل شرها بخيرها و شركها بتوحيدها و كبرها بخضوعها و ذلها و لا ينتقض هذا بقول الله عز و جل و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فان هذا قبل مباشرة العذاب الذي يزيل تلك الخبائث و إنما هو عند المعاينة قبل الدخول فانه سبحانه و تعالى قال و لو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و انهم لكاذبون فهذا إنما قالوه قبل إن يستخرج العذاب منهم تلك الخبائث فأما إذا لبثوا في العذاب أحقابا و الحقب

كما رواه الطبراني في معجمه من حديث أبي امامة رضي الله عنه عن النبي انه قال الحقب خمسون ألف سنة فانه من الممتع إن يبقى ذا الكبر و الشرك و الخبث بعد هذه المدد المتطاولة في العذاب الوجه العشرون انه قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري في حديث الشفاعة فيقول عز وجل شفعت الملائكة و شفع النبيون و شفع المؤمنون و لم يبق إلا ارحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيها في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل فيقول الله الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه و لا خير قدموه فهؤلاء أحرقتهم النار جميعهم فلم يبق في بدن أحدهم موضع لم تمسه النار بحيث صاروا حمما و هو الفحم المحترق بالنار و ظاهر السياق انه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير فان لفظ الحديث هكذا فيقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا فيقول الله عز و جل شفعت الملائكة و شفع النبيون و شفع المؤمنون و لم يبق إلا ارحم الراحمين فيقبض الله قبضة من نار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط فهذا السياق يدل على إن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير و مع هذا فأخرجتهم الرحمة و من هذا رحمته سبحانه و تعالى للذي أوصى أهله إن يحرقوه بالنار و يذروه في البر و البحر زعما منه بأنه يفوت الله سبحانه و تعالى فهذا قد شك في المعاد و القدرة و لم يعمل خيرا قط و مع هذا فقال له ما حملك على ما صنعت قال خشيتك و أنت تعلم فما تلافاه إن رحمه الله فلله سبحانه و تعالى في خلقه حكم لا تبلغه عقول البشر و قد ثبت في حديث انس رضي الله عنه إن رسول الله قال يقول الله عز و جل اخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام قالوا و من ذا الذي في مدة عمره كلها من أولها إلى آخرها لم يذكر به يوما واحدا و لا خافه ساعة واحدة و لا ريب إن رحمته سبحانه و تعالى إذا أخرجت من النار من ذكره وقتا أو خافه في مقام ما فغير بدع إن تنفى النار و لكن هؤلاء خرجوا منها و هي نار الوجه الحادي و العشرون إن اعتراف العبد بذنبه حقيقة الاعتراف المتضمن لنسبة السواء و الظلم و اللوم إليه من كل وجه و نسبة و عدل و الحمد و الرحمة و الكمال المطلق إلى ربه من كل وجه يستعطف ربه تبارك و تعالى عليه و يستدعي رحمته

له و إذا أراد إن يرحم عبده ألقى ذلك في قلبه و الرحمة معه و لا سيما إذا اقترن بذلك جزم العبد على ترك المعاودة لما يسخط ربه عليه و علم الله إن ذلك داخل في قلبه و سويدائه فانه لا تتخلف عنه الرحمة مع ذلك و في معجم الطبراني من حديث يزيد بن سنان الرهاوي عن سليمان بن عامر عن أبي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن آخر رجل يدخل الجنة رجل يتقلب على الصراط ظهرا لبطن كالغلام يضربه أبوه و هو يفر منه يعجز عنه عمله إن يسعى فيقول يا رب بلغ بي الجنة و نجني من النار فيوحي الله تبارك و تعالى اليه عبدي إن أنا نجيتك من النار و أدخلتك الجنة أتعترف لي بذنوبك و خطاياك فيقول العبد نعم يا رب و عزتك و جلالك إن نجيتني من النار لاعترفن لك بذنوبي و خطاياي فيجوز الجسر فيقول العبد فيما بينه و بين نفسه لئن اعترفت له بذنوبي و خطاياي ليردني إلى النار فيوحي الله إليه عبدي اعترف لي بذنوبك و خطاياك اغفرها لك و أدخلك الجنة فيقول العبد لا و عزتك و جلالك ما أذنبت ذنبا قط و لا أخطأت خطيئة قط فيوحي الله إليه عبدي إن لي عليك بينة فيلتفت العبد يمينا و شمالا فلا يرى أحدا فيقول أي رب ارني بينتك فينطق الله تعالى جلده بالمحقرات فإذا رأى ذلك العبد يقول يا رب عندي و عزتك العظائم فيوحي الله إليه عبدي أنا اعرف بها منك اعترف لي بها اغفرها لك و أدخلك الجنة فيعترف العبد بذنوبه فيدخل الجنة ثم ضحك رسول الله حتى بدت نواجذه يقول هذا أدنى أهل الجنة منزلة فكيف بالذي فوقه فالرب تبارك و تعالى يريد من عبده الاعتراف و الانكسار بين يديه و الخضوع و الذلة له و العزم على مرضاته فما دام أهل النار فاقدين لهذه الروح لروح فهم فاقدون الرحمة فإذا أراد عز و جل إن يرحمهم أو من يشاء منهم جعل في قلبه ذلك فتدركه الرحمة و قدرة الرب تبارك و تعالى غير قاصرة عن ذلك و ليس فيه ما يناقض موجب أسمائه و صفاته و قد اخبر انه فعال لما يريد الوجه الثاني و العشرون انه سبحانه و تعالى أوجب الخلود على معاصي الكبائر و قيده بالتأبيد و لم يناف ذلك انقطاعه و انتهاؤه فمنها قوله تعالى و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و اعد له عذابا عظيما و منها قول النبي من قتل نفسا بحديدة فحديدته في يده يتوجا بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا و هو حديث صحيح و كذلك

قوله في الحديث الآخر في قاتل نفسه فيقول الله تبارك و تعالى بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة و ابلغ من هذا قوله تعالى و من يعص الله و رسوله فان له نار جهنم خالدا فيها أبدا فهذا وعيد مقيد بالخلود و التأبيد مع انقطاعه قطعا بسبب العبد و هو التوحيد فكذلك الوعيد العام لأهل النار لا يمتنع انقطاعه بسبب ممن كتب على نفسه الرحمة و غلبت رحمته غضبه فلو يعلم الكافر بكل ما عنده من الرحمة لما يئس من رحمته كما في صحيح البخاري عنه خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة و قال في آخره فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم يياس من الجنة و لو يعلم المسلم بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار الوجه الثالث و العشرون انه لو جاء الخبر منه سبحانه و تعالى صريحا بان عذاب النار لا انتهاء له و انه ابدي لا انقطاع له لكان ذلك وعيدا منه سبحانه و تعالى و الله تعالى لا يخلف وعده و أما الوعيد فمذهب اهل السنة كلهم إن إخلافه كرم و عفو و تجاوز يمدح الحرب تبارك و تعالى به و يثنى عليه به فانه حق له إن شاء تركه و إن شاء استوفاه و الكريم لا يستوفي حقه فكيف بأكرم الاكرمين و قد صرح سبحانه و تعالى في كتابه في غير موضع بأنه لا يخلف وعده و لم يقل في موضع واحد لا يخلف وعيده و قد روى أبو يعلى الموصلي ثنا هدبة بن خالد حدثنا سهيل بن أبي حزم ثنا ثابت البنائي عن انس بن مالك رضي الله عنه إن رسول الله قال من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه و من واعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار و قال أبو الشيخ الاصبهاني ثنا محمد بن حمزة ثنا احمد بن الخليل ثنا الأصمعي قال جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء فقال يا أبا عمرو يخلف الله ما وعده قال لا قال افرايت من اوعده الله على عمله عقابا أيخلف الله وعده عليه فقال أبو عمرو بن العلاء من العجمة أتيت يا أبا عثمان إن الوعد غير الوعيد إن العرب لا تعد عارا و لا خلفا إن تعد شرا ثم لا تفعله ترى ذلك كرما و فضلا و إنما الخلف إن تعد خيرا ثم لا تفعله قال فاوجدني هذا في كلام العرب قال نعم أما سمعت إلى قول الأول و لا يرهب ابن العم ما عشت سطوتي % و لا اختشي من صولة المتهدد % و إني و إن اوعدته أو وعدته % لمخلف ايعادي و منجز موعدي % قال أبو الشيخ و قال يحيى بن معاذ الوعد و الوعيد حق فالوعد حق العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا كذا و إن يعطيهم كذا و من أولى بالوفاء من الله و الوعيد

حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فان شاء عفا و إن شاء اخذ لان حقه و أولاهما بربنا تبارك و تعالى العفو و الكرم انه غفور رحيم و مما يدل على ذلك و يؤيده خبر كعب بن زهير حين اوعده رسول الله فقال نبئت إن رسول الله اوعدني % و العفو عند رسول الله مأمول % فإذا كان هذا في وعيد مطلق فكيف بوعيد مقرون باستثناء معقب بقوله إن ربك فعال لما يريد و هذا أخبار منه انه يفعل ما يريد عقيب قوله إلا ما شاء ربك فهو عائد اليه ولا بد ولا يجوز ان يرجع الى المستثنى منه وحده بل اما ان يختص بالمستثنى او يعود اليهما وغير خاف ان تعلقه بقوله الا ما شاء ربك أولى من تعلقه بقوله خالدين بخالدين فيها و ذلك ظاهر للمتأمل و هو الذي فهمه الصحابة فقالوا أتت هذه الآية في وعيد القران و لم يريدوا بذلك الاستثناء وحده فان الاستثناء مذكور في الأنعام أيضا و إنما أرادوا انه عقب الاستثناء بقوله إن ربك فعال لما يريد و هذا التعقيب نظير قوله في الأنعام خالدين فيها إلا ما شاء ربك إن ربك حكيم عليم فاخبر إن عذابهم في جميع الأوقات و رفعه عنهم في وقت يشاؤه صادر عن كمال علمه و حكمته لا عن مشيئة مجردة عن الحكمة و المصلحة و الرحمة و العدل اذ يستحيل تجرد مشيئته عن ذلك الوجه الرابع و العشرون إن جانب الرحمة اغلب في هذه الدار من الباطلة الفانية الزائلة عن قرب من جانب العقوبة و الغضب و لولا ذلك لما عمرت و لا قام لها وجود كما قال تعالى و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا بظلمهم ما ترك عليها من دابة و قال و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة فلولا سعة رحمته و مغفرته و عفوه لما قام العالم و مع هذا فالذي أظهره من الرحمة في هذه الدار وانزله بين الخلائق جزء من مائة جزء من الرحمة فإذا كان جانب الرحمة قد غلب في هذه الدار و نالت البر و الفاجر و المؤمن و الكافر مع قيام مقتضى العقوبة به و مباشرته له و تمكنه من إغضاب ربه و السعي في مساخطته فكيف لا يغلب جانب الرحمة في دار تكون الرحمة فيها مضاعفة على ما في هذه الدار تسعة و تسعين ضعفا و قد اخذ العذاب من الكفار مأخذه و انكسرت تلك النفوس و نهكها العذاب و أذاب منها خبثا و شرا لم يكن يحول بينها و بين رحمته لها في الدنيا بل كان يرحمها مع قيام مقتضى العقوبة و الغضب بها فكيف إذا زال مقتضى الغضب و العقوبة و قوى جانب

الرحمة أضعاف اضعاف الرحمة في هذه الدار و اضمحل الشر و الخبث الذي فيها فأذابته النار و أكلته و سر الامر إن أسماء الرحمة والإحسان اغلب و اظهر و اكثر من أسماء الانتقام و فعل الرحمة اكثر من فعل الانتقام و ظهور آثار الرحمة اعظم من ظهور آثار الانتقام و الرحمة احب إليه من الانتقام و بالرحمة خلق خلقه و لها خلقهم و هي التي سبقت غضبه و غلبته و كتبها على نفسه و وسعت كل شيء وما خلق بها فمطلوب لذاته وما خلق بالغضب فمراد لغيره كما تقدم تقرير ذلك و العقوبة تأديب و تطهير و الرحمة إحسان و كرم و جود و العقوبة مداواة و الرحمة عطاء و بذل الوجه الخامس و العشرون انه سبحانه و تعالى لا بد إن يظهر لخلقه جميعهم يوم القيامة صدقه و صدق رسله و إن أعداؤه كانوا هم الكاذبين المفترين و يظهر لهم حكمه الذي هو اعدل حكم في أعدائه و انه حكم فيهم حكما يحمدونه هم عليه فضلا عن أوليائه و ملائكته و رسله بحيث ينطق الكون كله بالحمد لله رب العالمين و لذلك قال تعالى و قضى بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين فحذف فاعل القول لإرادة الإطلاق وان ذلك جار على لسان كل ناطق و قلبه قال الحسن لقد دخلوا النار و إن قلوبهم لممتلئة من حمده ما وجدوا عليه سبيلا و هذا هو الذي حسن حذف الفاعل من قوله ^ قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ^ حتى كان الكون كله قائل ذلك لهم إذ هو حكمه العدل فيهم و مقتضى حكمته و حمده و أما أهل الجنة فقال تعالى و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين فهم لم يستحقوها بأعمالهم و إنما استحقوها بعفوه و رحمته و فضله فإذا اشهد سبحانه وتعالى ملائكته و خلقه كلهم حكمه العدل و حكمته الباهرة و ضعه العقوبة حيث تشهد العقول و الفطر و الخليقة انه أولى المواضع و أحقها بها و إن ذلك من كمال حمده الذي هو مقتضى أسمائه و صفاته و إن هذه النفوس الخبيثة الظالمة الفاجرة لا يليق بها غير ذلك و لا يحسن بها سواه بحيث تعترف بها هي من ذواتها بأنها اهل ذلك و إنها أولى به حصلت الحكمة التي لاجلها وجد الشر و موجباته في هذه الدار و تلك الدار و ليس في الحكمة الإلهية إن الشرور تبقى دائما لا نهاية لها و لا انقطاع أبدا فتكون هي و الخيرات في ذلك على حد سواء فهذا نهاية أقدام الفريقين في هذه المسئلة و لعلك لا تظفر به في غير هذا الكتاب فان قيل فإلي أين أنهى قدمكم في هذه المسئلة العظيمة

الشأن التي هي اكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة قيل إلى قوله تبارك و تعالى ^ إن ربك فعال لما يريد ^ و إلى هنا قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيها حيث ذكر دخول الجنة الجنة و أهل النار النار و ما يلقاه هؤلاء و هؤلاء و قال ثم يفعل الله بعد ذلك ما يشاء بل و إلى هنا ههنا انتهت أقدام الخلائق و ما ذكرنا في هذه المسئلة بل في الكتاب كله من صواب فمن الله سبحانه و تعالى و هو المان به وما كان من خطا فمني و من الشيطان و الله ورسوله بريء منه و هو عند لسان كل قائل و قلبه و
الباب الثامن و الستون
قصده و الله اعلم في ذكر آخر اهل الجنة دخولا اليها في الصحيحين من حيث أبي منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها و آخر أهل الجنة دخولا الجنة رجلا يخرج من النار حبوا فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه إنها ملاى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملاى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل إليه إنها ملاى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملاى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فان لك مثل الدنيا و عشرة أمثالها أو أن لك عشرة أمثال الدنيا قال فيقول أتسخر بي و تضحك بي و أنت الملك قال لقد رأيت رسول الله يضحك حتى بدت نواجذه قال فكان يقول ذلك أدنى أهل الجنة منزلة و في صحيح مسلم من حديث الأعمش عن العمرو بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة و آخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه و ارفعوا عنه كبارها فيعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا و كذا و كذا و كذا و عملت يوم كذا وكذا و كذا و كذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر و هو مشفق من كبار ذنوبه إن تعرض عليه فيقال له فان لك مكان كل سيئة حسنة فيقول رب قد عملت أشياء لا أراها ههنا فلقد رأيت رسول الله

275 ضحك حتى بدت نواجذه و قال الطبراني حدثنا عبد الله بن سعد بن يحيى الزرقي حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي قال حدثني أبي عن أبيه قال حدثني أبو يحيى الكلاعي عن أبي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن آخر رجل رجل يدخل الحنة رجل يتقلب على الصراط ظهرا لبلعن كالغلام يضربه أبوه و هو يفر منه يعجز عنه عمله أن يسعى فيقول يا رب بلغ بي الجنة و نجني من النار فيوحي الله تبارك و تعالى إليه عبدي إن أنا نجيتك من النار و أدخلتك الجنة أتعترف لي بذنوبك و خطاياك فيقول العبد نعم يا رب و عزتك و جلالك لئن نجيتني من النار لاعترفن لك بذنوبي و خطاياي فيجوز الجسر فيقول العبد فيما بينه و بين نفسه لئن اعترفت له بذنوبي و خطاياي ليردني إلى النار فيوحي الله إليه عبدي اعترف لي بذنوبك و خطاياك اغفرها لك و أدخلك الجنة فيقول العبد لا و عزتك و جلالك ما أذنبت ذنبا قط و لا أخطأت خطيئة قط فيوحي الله إليه عبدي إن لي عليك بينة فيلتفت العبد يمينا و شمالا فلا يرى أحدا فيقول يا رب ارني بينتك فيستنطق الله جلده بالمحقرات فإذا رأى ذلك العبد فيقول يا ربي عندي و عزتك العظائم فيوحي الله إليه عبدي أنا اعرف بها منك اعترف لي بها اغفرها لك و أدخلك الجنة فيعترف العبد بذنوبه فيدخل الجنة ثم ضحك رسول الله حتى بدت نواجذه يقول هذا أدنى أهل الجنة منزلة فكيف بالذي فوقه ورواه ابن أبي شيبة عن هاشم بن القاسم ثنا أبو عقيل عبد الله بن عقيل الثقفي عن يزيد بن سنان به و في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال آخر من يدخل الحنة رجل فهو يمشي على الصراط مرة و يكبو مرة و تسعفه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها فقال تبارك الله الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين و الآخرين فترتفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة استظل بظلها و اشرب من مائها فيقول الله تبارك و تعالى يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول لا يا رب و يعاهده إن لا يسأله شيئا غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترتفع له شجرة هي احسن من الأولى فيقول يا رب أدنني من هذه لاشرب من مائها و استظل بظلها لا اسالك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني انك لا تسألني غيرها فيقول لعلي إن أدنيتك منها إن

تسألني غيرها فيعاهده إن لا يسأله غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي احسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة لاستظل بظلها و اشرب من مائها لا اسالك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني إن لا تسألني غيرها قال بلى يا رب هذه لا اسالك غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة فيقول يا رب ادخلنيها فيقول يا ابن آدم ما يرضيك مني أيرضيك أنى أعطيتك الدنيا و مثلها معها قال يا رب أتستهزئ مني و أنت رب العالمين فضحك ابن مسعود فقال ألا تسألونني مم اضحك قالوا مم تضحك قال ضحك رسول الله فقالوا مم تضحك يا رسول الله قال من ضحك رب العالمين حين قال أتستهزئ بي و أنت رب العالمين فيقول لا استهزئ بك و لكن على ما أشاء قادر وفي صحيح البرقاني عن أبي سعيد البرقاني من حديث أبي سعيد الخدري نحو هذه القصة و نحن نسوقه بتمامه من عنده و هو بإسناد مسلم سواء قال قال رسول الله إن أدنى أهل النار عذابا منتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه و إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة و مثل له شجرة ذات ظل فقال أي رب قدمني إلى هذه الشجرة لاكون في ظلها فقال الله عز و جل هل عسيت إن فعلت إن تسألني غيره قال لا و عزتك فقدمه الله إليها و مثل له شجرة ذات ظل و ثمر أخرى فقال أي رب قدمني إلى هذه الشجرة استظل بظلها و آكل من ثمرها قال فقال هل عسيت إن أعطيتك ذلك إن تسألني غيره قال لا و عزتك فيقدمه الله إليها فيمثل الله له شجرة أخرى ذات ظل و ثمر و ماء فيقول أي رب قدمني إلى هذه الشجرة فاكون في ظلها وآكل من ثمرها و اشرب من مائها فيقول هل عسيت إن فعلت ذلك إن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيقدمه الله إليها فتبرز له الجنة فيقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فاكون نجاف الجنة و في رواية تحت نجاف الجنة انظر إلى أهلها فيقدمه الله إليها فيرى أهل الجنة و ما فيها فيقول أي رب أدخلني الجنة فيدخله الجنة فإذا دخل الجنة قال هذا لي فيقول الله له تمن قال فيتمنى و يذكره الله سل كذا و كذا فإذا انقطعت به الأماني قال الله هو لك و عشرة أمثاله قال ثم يدخل بيته و يدخل


رد مع اقتباس
قديم 03-13-2010, 02:31 PM   رقم المشاركة : 19
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

عليه زوجتاه من الحور العين فيقولان الحمد لله الذي أحياك لنا و أحيانا لك فيقول ما أعطى أحد مثل ما أعطيت و في صحيح مسلم من حديث المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه عن النبي قال سال موسى ربه من أدنى أهل الجنة منزلة فقال هو رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب و كيف و قد نزل الناس منازلهم و اخذوا اخذاتهم فيقال له أترضى إن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقال ذلك لك و مثله و مثله و مثله و مثله ومثله فيقول في الخامسة رضيت رب فيقول لك هذا و عشرة أمثاله و لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك فيقول رضيت رب قال فأعلاهم منزلة قال ذلك الذي أردت غرس كرامتهم بيدي و ختمت عليها فلم تر عين و لم تسمع أذن و لم يخطر على قلب بشر و مصداقه في كتاب الله فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين
الباب التاسع و الستون
و هو باب جامع فيه فصول منثورة لم تذكر فيما تقدم من الأبواب فصل في لسان أهل الجنة قال ابن أبي الدنيا حدثنا القاسم بن هاشم ثنا صفوان بن صالح حدثني رواد ابن الجراح العسقلاني ثنا الاوزاعي عن هارون ابن زباب عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف و على ميلاد عيسى ثلاث و ثلاثون سنة و على لسان محمد جرد مرد مكحلون و روى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال لسان أهل الجنة عربي و قال عقيل قال الزهري لسان أهل الجنة عربي فصل في احتجاج الجنة و النار في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال احتجت الجنة و النار فقالت هذه يدخلني الجبارون و المتكبرون

و قالت هذه يدخلني الضعفاء و المساكين فقال الله عز و جل لهذه أنت عن ابي أعذب بك من أشاء و قال لهذه أنت رحمتي ارحم بك من أشاء و لكل واحدة منكما ملؤها و في رواية أخرى تحاجت النارو الجنة فقالت النار اوثرت بالمتكبرين و المتجبرين و قالت الجنة ما مالي لا يدخلني ألا ضعفاء الناس و سقطهم و عجزهم فقال الله سبحانه للجنة أنت رحمتي ارحم بك من أشاء من عبادي و قال للنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي و لكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ و ينزوي بعضها على بعض و لا يظلم الله من خلقه أحدا و أما الجنة فان الله عز و جل ينشئ لها خلقا فصل في إن الجنة يبقى فيها فضل فينشىء الله لها خلقا دون النار و في الصحيحين عن انس بن مالك عن النبي قال لا تزال جهنم يلقى فيها و تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض و تقول قط قط بعزتك و كرمك و لا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة و في لفظ مسلم يبقى من الجنة ما شاء الله إن يبقى ثم ينشىء الله سبحانه لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة وفي لفظ مسلم يبقى من الجنة ما شاء الله ان يبقى لمما يشاء و أما اللفظ الذي وقع في صحيح البخاري في حديث أبي هريرة و انه ينشئ للنار من يشاء فيلقى فيها فتقول هل من مزيد فغلط من بعض الرواة انقلب عليه لفظه و الروايات الصحيحة و نص القران يرده فان الله سبحانه و اخبر انه يملا جهنم من إبليس و اتباعه فانه لا يعذب ألا من قامت عليه حجته و كذب رسله قال تعالى كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شيء و لا يظلم الله أحدا من خلقه فصل قي امتناع النوم على أهل الجنة روى ابن مردويه من حديث سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر

رضي الله عنه قال قال رسول الله النوم أخو الموت و أهل الجنة لا ينامون و ذكر الطبراني من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال سئل نبي الله فقيل أينام أهل الجنة فقال النبي النوم أخو الموت و أهل الجنة لا ينامون فصل في ارتقاء العبد و هو في الجنة من درجة إلى درجة أعلى منها قال الإمام احمد ثنا يزيد أنبانا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول يا رب إن لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك
فصل في إلحاق ذرية المؤمن به في الدرجة و إن لم يعملوا عمله قال
تعالى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم و ما التناهم من عملهم من شيء و روى قيس عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقربهم عينه ثم قرا و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم و ما التناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين قال ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين و ذكر ابن مردويه في تفسيره من حديث شريك عن سالم الافطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال شريك أظنه حكاه عن النبي قال إذا دخل الرجل الجنة سال عن أبويه و زوجته و ولده فيقال انهم لم يبلغوا درجتك أو عملك فيقول يا رب قد عملت لي و لهم فيؤمر بالإلحاق بهم ثم تلا ابن عباس و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان إلى آخر الآية و قد اختلف المفسرون في الذرية في هذه الآية هل المراد بها الصغار أو الكبار أو النوعان على ثلاثة أقوال و اختلافهم مبني على إن قوله بإيمان حال من الذرية و التابعين أو المؤمنين المتبوعين فقالت طائفة المعنى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم في إيمانهم فأتوا من الإيمان بمثل ما أتوا به و الحقناهم بهم في الدرجات قالوا و يدل على هذا قراءة من قرا و اتبعتم ذريتهم فجعل الفعل في الاتباع لهم قالوا و قد أطلق الله سبحانه

الذرية على الكبار كما قال و من ذريته داود و سليمان ^ قال ^ ذرية من حملنا مع نوح و قال و كنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون و هذا قول الكبار و العقلاء قالوا و يدل على ذلك متا رواه قول سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه إن الله يرفع ذرية المؤمن إلى درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه فهذا يدل على انهم دخلوا الجنة بأعمالهم و لكن لم يكن لهم أعمال يبلغوا بها درجة آبائهم فبلغهم إياها و إن تقاصر عملهم عنها قالوا أيضا فالأيمان هو القول و العمل و النية و هذا إنما يمكن من الكبار و على هذا فيكون المعنى إن الله سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه إذ هذا حقيقة التبعية و إن كانوا دونه في الإيمان رفعهم الله إلى درجته إقرارا لعينه و تكميلا لنعيمه و هذا كما إن زوجات النبي معه في الدرجة تبعا و إن لم يبلغوا تلك الدرجة بأعمالهن و قالت طائفة أخرى الذرية ههنا الصغار و المعنى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء و الذرية تتبع الآباء و إن كانوا صغارا في الإيمان و إحكامه من الميراث و الدية و الصلاة عليهم و الدفن في قبور المسلمين و غير ذلك ألا فيما كان من أحكام البالغين و يكون قوله بإيمان على هذا في موضع نصب على الحال من المفعولين أي و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء قالوا و يدل على صحة هذا القول البالغين لهم حكم أنفسهم في الثواب و العقاب فانهم مستقلون بأنفسهم ليسوا تابعين الآباء في شيء من أحكام الدنيا و لا أحكام الثواب و العقاب لاستقلالهم بأنفسهم و لو كان المراد بالذرية البالغين لكن أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم و تكون أولاد التابعين البالغون كلهم في درجة آبائهم و هلم جرا إلى يوم القيامة فيكون الآخرون في درجة السابقين قالوا و يدل عليه أيضا انه سبحانه جعلهم معهم تيعا في الدرجة كما جعلهم تبعا معهم في الايمان ولو كانوا بالغين لم يكن ايمانهم تبعا بل ايمان استقلال قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه و تعالى جعل المنازل في الجنة بحسب الأعمال في حق المستقلين و أما الاتباع فان الله سبحانه و تعالى يرفعهم إلى درجة أهليهم و إن لم يكن لهم أعمالهم كما تقدم وايضا فالحور العين والخدم في درجة اهليهم وان لم يكن لهم عمل بخلاف المكلفين البالغين فانهم يرفعون إلى حيث بلغتهم أعمالهم و قالت فرقة منهم الواحدي الوجه إن تحمل الذرية الصغار و الكبار لان الكبير يتبع الأب بإيمان نفسه


و الصغير يتبع الأب بإيمان الأب قالوا والذرية تقع على الصغير و الكبير و الواحد و الكثير و الابن و الأب كما قال تعالى و آية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون أي آباءهم و الإيمان يقع على الإيمان التبعي و على الاختياري الكسبي فمن وقوعه على التبعي قوله فتحرير رقبة مؤمنة فلو اعتق صغيرا جاز قالوا و أقوال السلف تدل على هذا قال سعيد بن جبير عن ابن عباس إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقربهم عيونهم ثم قرا هذه الآية و قال ابن مسعود في هذه الآية الرجل يكون له القدم و يكون له الذرية فيدخل الجنة فيرفعون إليه لتقر بهم عينه و إن لم يبلغوا ذلك و قال أبو مجلز يجمعهم الله له كما كان يحب إن يجتمعوا في الدنيا و قال الشعبي ادخل الله الذرية بعمل الآباء الجنة و قال الكلبي عن ابن عباس إن كان الآباء ارفع درجة من الأبناء رفع الله الأبناء إلى الآباء و إن كان الأبناء ارفع درجة من الآباء رفع الله الآباء إلى الأبناء و قال إبراهيم أعطوا مثل أجور آبائهم و لم ينقص الآباء من أجورهم شيئا وقال ويدل على صحة هذا القول إن القراءتين كالآيتين فمن قرا واتبعتهم ذريتهم فهذا من حق البالغين الذين تصح نسبة الفعل إليهم كما قال تعالى و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار ا و الذين اتبعوهم بإحسان و من قرا و اتبعناهم ذرياتهم فهذا في حق الصغار الذين اتبعهم الله إياهم في الإيمان حكما فدلت القراءتان على النوعين قلت و اختصاص الذرية ههنا بالصغار اظهر لئلا يلزم استواء المتأخرين بالسابقين في الدرجات و لا يلزم مثل هذا في الصغار فان أطفال كل رجل و ذريته معه في درجته و الله اعلم
فصل في إن الجنة تتكلم قد تقدم قوله احتجت الجنة و النار و
قوله قالت الجنة يا رب قد أطردت انهاري و طابت ثماري فعجل على بأهلي و قال إسماعيل ابن أبي خالد عن سعيد الطائي أخبرت إن الله تعالى لما خلق الجنة قال لها تزيني فتزينت ثم قال لها تكلمي فتكلمت فقالت طوبى لمن رضيت عنه و قال قتادة لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي فقالت طوبى للمتقين و قال الطبراني حدثنا احمد بن علي ثنا هشام بن خالد ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس

282 رضي الله عنهما قال قال رسول الله لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمي فقالت قد افلح المؤمنون فصل في إن الجنة تزداد حسنا على الدوام قال عبد الله بن احمد ثنا خلف بن هشام ثنا خالد بن عبد الله عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن كعب قال ما نظر الله إلى الجنة ألا قال طيبي لأهلك فتزداد ضعفا حتى يدخلها أهلها فصل في إن الحور العين يطلبن أزواجهن اكثر مما يطلبهن أزواجهن كما تقدم حديث معاذ بن جبل في ذلك و قول الحوراء لامرأته في الدنيا لا تؤذيه فيوشك إن يفارقك ألينا حديث عكرمة عن النبي في قول الحور العين اللهم اعنه على دينك و اقبل بقلبه على طاعتك و ذكر ابن أبي الدنيا عن أبي سليمان الداراني قال كان شابا بالعراق يتعبد فخرج مع رفيق له إلى مكة فكان إن نزلوا فهو يصلي و إن أكلوا فهو صائم فصبر عليه رفيقه ذاهبا وجائيا فلما أراد إن يفارقه قال له يا أخي اخبرني ما الذي هيجك إلى ما رأيت قال رأيت في النوم قصرا من قصور الجنة و إذا لبنة من فضة و لبنة من ذهب فلما تم البناء إذا شرافة من زبر جدة و شرافة من ياقوت و بينهما حوراء من حور العين مرخية شعرها عليها ثوب من فضة ينثني عليها معها كلما تثنت فقالت جد إلى الله في طلبي فقد و الله جددت إليه في طلبك فهذا الذي تراه في طلبها قال أبو سليمان هذا في طلب حوراء فكيف بمن قد طلب ما هو اكثر منها فصل في ذبح الموت بين الجنة و النار قال الله تعالى و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة وهم لا يؤمنون و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله يجاء بالموت كأنه كبش املح فيوقف بين الجنة و النار فيقال يا أهل الجنة هل


تعرفون هذا فيشرأبون و ينظرون و يقولون نعم هذا الموت ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرأبون و ينظرون ويقولون نعم هذا الموت قال فيؤمر به فيذبح قال ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت ثم قرا رسول الله و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة و هم لا يؤمنون متفق عليه و في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال يدخل اهل الجنة الجنة و يدخل أهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول يا أهل الجنة لا موت و يا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه و عنه قال قال رسول الله إذا صار أهل الجنة إلى الجنة و صار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين النار والجنة ثم ينادى مناد يا أهل الجنة لا موت و يا أهل النار لا موت فيزداد اهل الجنة فرحا و يزداد أهل النار حزنا إلى جهنم و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار أتي بالموت ملبيا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة و أهل النار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مبشرين يرجون الشفاعة فيقال لأهل الجنة و أهل النار هل تعرفون هذا فيقول هؤلاء و هؤلاء قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السور ثم يقال يا أهل الجنة خلود لا موت و يا أهل النار خلود لا موت رواه النسائي و الترمذي و قال حديث حسن صحيح و هذا الكبش و الإضجاع و الذبح و معاينة الفريقين ذلك حقيقة لا خيال و لا تمثيل كما أخطأ فيه بعض الناس خطا قبيحا و قال الموت عرض و العرض لا يتجسم فضلا عن ان يذبح و هذا لا يصح فان الله سبحانه ينشئ من الموت صورة كبش يذبح كما ينشئ من الأعمال صورا معاينة يثاب بها و يعاقب و الله تعالى ينشئ من الأعراض أجساما تكون الأعراض مادة لها و ينشئ من الأجسام أعراضا كما ينشئ سبحانه و تعالى من الأعراض أعراضا و من الأجسام أجساما فالأقسام الأربعة ممكنة مقدوره للرب تعالى و لا يستلزم جمعا بين النقيضين و لا شيئا من المحال و لا حاجة إلى تكلف من قال أن الذبح لملك الموت فهذا كله من الاستدراك الفاسد على الله و رسوله و التأويل

الباطل الذي لا يوجبه عقل و لا نقل و سببه قله الفهم لمراد الرسول من و كلامه فظن هذا القائل أن لفظ الحديث يدل على أن نفس العرض يذبح و ظن غالط آخر أن العرض يعدم و يزول و يصير مكانه جسم يذبح و لم يهتد الفريقان الى هذا القول الذي ذكرناه و أن الله سبحانه ينشئ من الأعراض أجسام و يجعلها مادة لها كما في الصحيح عنه تجيء البقرة و آل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان الحديث فهذه هي القراءة التي ينشئها الله سبحانه تعالى غمامتين و كذلك قوله في الحديث الآخر أن ما تذكرون من جلال الله من تسبيحه و تحميده و تهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ذكره احمد و كذلك قوله في حديث عذاب القبر و نعيمه للصورة التي يراها فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح و أنا عملك السيء و هذا حقيقة لا خيال و لكن الله سبحانه أنشأ له من عمله صورة حسنة و صورة قبيحة و هل النور الذي يقسم بين المؤمنين يوم القيامة إلا نفس إيمانهم أنشأ الله سبحانه لهم منه نورا يسعى بين أيديهم فهذا أمر معقول لو لم يرد به النص فورود النص به من باب تطابق السمع و العقل وقال سعيد عن قتادة بلغنا أن نبي الله قال أن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة و بشارة حسنة فيقول له من أنت فوالله أنى لاراك أمرا الصدق فيقول له أنا عملك فيكون له نورا و قائدا إلى الجنة و أما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وبشارة سيئة فيقول ما انت فوالله اني لاراك امرا السوء فيقول له انا عملك فينطلق به حتى يدخله النار و قال مجاهد مثل ذلك و قال ابن جريج يمثل له عمله في صورة حسنة و ريح طيبة يعارض صاحبه و يبشره بكل خير فيقول له من أنت فيقول أنا عملك فيجعل له نورا بين يديه حتى يدخله الجنة فذلك قوله يهديهم ربهم بإيمانهم و الكافر يمثل له عمله في صورة سيئة و ريح منتنة فيلازم صاحبه و يلاده حتى يقذفه في النار و قال ابن المبارك ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن انه ذكر هذه الآية افما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى و ما نحن بمعذبين قال علموا أن كل نعيم بعده الموت انه يقطعه فقالوا افما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى و ما نحن بمعذبين قيل لا قالوا أن هذا لهو الفوز العظيم و كان يزيد الرقاشي يقول في كلامه أمن أهل الجنة من الموت فطاب لهم العيش و آمنوا من الأسقام فهنا هم في جوار الله طول يبكي حتى تجري دموعه على لحيته

فصل في ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي قال كل يأكل أهل الجنة فيها و يشربون و لا يتخمطون و لا يتغوطون و لا يبولون و يكون طعامهم ذلك جشاء و رشحا كرشح المسك يلهمون التسبيح و الحمد كما يلهمون النفس و في رواية التسبيح و التكبير كما تلهمون بالتاء المثناة من فوق أي تسبيحهم و تحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون انتم النفس فصل قي تذاكر أهل الجنة ما كان بينهم في دار الدنيا قال الله تعالى و اقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم اني كان لي قرين الآيات و قد تقدم الكلام عليها و قال تعالى فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا و وقانا عذاب السموم و ذكر ابن أبي الدنيا من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن عن انس يرفعه إذا دخل أهل الجنة الجنة فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض فيسير سرير هذا إلى سرير هذا وسرير هذا الى سرير هذا حتى يجتمعا جميعا فيتكىء هذا او يتكىء هذا فيقول أحدهما لصاحبه تعلم متى غفر الله لنا فيقول صاحبه نعم يوم كذا و كذا و موضع كذا و كذا فدعونا الله فغفر لنا و إذا تذاكروا ما كان بينهم فتذاكرهم فيما كان يشكل عليهم في الدنيا من مسائل العلم و فهم القرآن و السنة و صحة الأحاديث أولى و أحرى فان المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذ من الطعام و الشراب و الجماع فتذاكر في الجنة اعظم لذة و هذه لذة يختص بها أهل العلم و يتميزون بها على من عداهم
الباب السبعون في ذكر من يستحق هذه البشارة دون غيره قال الله تعالى
و بشر الذين آمنوا و عملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها و قال تعالى ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم و قال تعالى أن الذين قالوا ربنا

الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة إلا تخافوا و لا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون و قال تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب و قال تعالى الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم اعظم درجة عند الله و أولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا أن الله عنده اجر عظيم و قال تعالى و الذين آمنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قال تعالى إنما تنذر من اتبع الذكر و خشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة و اجر كريم و قال تعالى يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و بشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا و قال تعالى و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم و لا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله و فضل و أن الله لا يضيع اجر المؤمنين و قال تعالى أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الإنجيل و القرآن و من أوفى بعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم و قال تعالى و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا أنا لله و أنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون و قال تعالى و أخرى تحبونها نصر من الله و فتح قريب و بشر المؤمنين و قال في الجنة أعدت للمتقين و قال أعدت للذين آمنوا بالله و رسله و قال أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا و قال تعالى قد افلح المؤمنون إلى قوله ^ أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ^ و في المسند و غيره أن النبي قال قد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم تلا قد افلح المؤمنون حتى ختم العشر آيات و قال تعالى أن المسلمين و المسلمات إلى قوله اعد الله لهم مغفرة و آجرا عظيما و قال تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين و قال تعالى ^ تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ^ و قال تعالى و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب ألا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون أولئك جزاءهم مغفرة من ربهم و جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و نعم اجر العاملين و قال تعالى يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون إلى قوله و بشر المؤمنين و قال تعالى و لمن خاف مقام ربه جنتان و قال تعالى و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى و هذا في القرآن كثير مقداره على ثلاث قواعد إيمان و تقوى و عمل خالص لله على موافقة السنة فأهل هذه الأصول الثلاثة هم أهل البشرى دون من عداهم من سائر الخلق و عليها دارت بشارات القرآن و السنة جميعها و هي تجتمع في اصلين إخلاص في طاعة الله و إحسان إلى خلقه و ضدها يجتمع في الذين يراءون و يمنعون الماعون و ترجع إلى خصلة واحدة و هي موافقة الرب تبارك و تعالى في محابه و لا طريق إلى ذلك ألا بتحقيق القدوة ظاهرا و باطنا برسول الله و أما الأعمال التي هي تفاصيل هذا الأصل فهي بضع و سبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و بين هاتين الشعبتين سائر الشعب التي مرجعها تصديق الرسول في كل ما أخبر به و طاعته في جميع ما أمر به إيجابا و استحبابا كالإيمان بأسماء الرب و صفاته و أفعاله و آياته من غير تحريف لها و لا تعطيل و من غير تكييف و لا تمثيل كما قال الشافعي رحمه الله الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه و فوق ما يصف به خلقه و كأنه أخذ هذا من قول النبي اللهم لك الحمد كالذي تقول و خيرا مما تقول و قد ذكرنا في اول الكتاب جملة م مقالات أهل السنة و الحديث التي اجمعوا عليها كما حكاه الاشعري عنهم و نحن نحكي اجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام احمد عنهم بلفظه قال في مسائله المشهورة هذه مذاهب أهل العلم و أصحاب الأثر و أهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب

النبي إلى يومنا هذا و أدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز و الشام و غيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة و سبيل الحق قال و هو مذهب احمد و إسحاق بن إبراهيم و عبد الله بن مخلد و عبد الله بن الزبير الحميدي و سعيد بن منصور و غيرهم كمن جالسنا و أخذنا عنهم العلم و كان من قولهم أن الإيمان قول و عمل و نية و تمسك بالسنة و الإيمان يزيد و ينقص و يستثنى من الإيمان غير أن لا يكون الاستثناء شكا إنما هي سنة ماضية سد العلماء فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت فانه يقول انا مؤمن أن شاء الله أو مؤمن ارجوا و يقول أمنت بالله و ملائكته و كتبه ورسله و من زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجىء و من زعم أن الإيمان هو القول و الأعمال شرائع فهو مرجئ و من زعم أن الإيمان يزيد و لا ينقص فقد قال بقول المرجئة و من لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ و من زعم أن إيمانه كإيمان جبريل و الملائكة فهو مرجئ و من زعم أن المعرفة في القلب و أن لم يتكلم بها فهو مرجئ و القدر خيره و شره و قليله و كثيره و ظاهره و باطنه و حلوه و مره و محبوبه و مكروهه و حسنه و سيئه و أوله و آخره من الله عز و جل قضاء قضاه على عباده و قدر قدره عليهم لا يعدوا واحد منهم مشيئة الله و لا يجاوزه قضاؤه بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له واقعون فيما قدر عليهم و هو عدل منه جل ربنا و عز و الزنا و السرقة و شرب الخمر و قتل النفس و أكل المال الحرام و الشرك و المعاصي كلها بقضاء الله من غير أن يكون لأحد من خلقه على الله حجة بل لله الحجة البالغة على خلقه لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون و علم الله عز و جل ماض في خلقه بمشيئة منه سبحانه و تعالى فهو سبحانه قد علم من إبليس و من غيره ممن عصاه من لدن عصى الله تبارك وتعالى إلى قيام الساعة المعصية و خلقهم لها وعلم الطاعة اهل الطاعة وخلقهم لها فكل يعمل لما خلق له له و صائر إلى ما قضى عليه لا يعدو أحد منهم قدر الله و مشيئته و الله الفعال لما يريد و من زعم أن الله سبحانه و تعالى شاء لعباده الذين عصوه و تكبروا الخير و الطاعة و أن العباد شاءوا لانفسهم الشر و المعصية فعملوا على مشيئتهم فقد زعم أن مشيئته العباد اغلب من مشيئة الله تعالى و أي افتراء على الله اكبر من هذا و من زعم أن الزنا ليس بقدر قيل له أرايت هذه المرأة حملت من الزنا و جاءت بولد هل شاء الله عز و جل أن يخلق هذا الولد و هل مضى في سابق علمه فان قال لا فقد زعم أن مع

الله خالقا و هذا الشرك صراحا و من زعم أن السرقة و شرب الخمر و أكل المال الحرام ليس بقضاء و قدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره و هذا صراح قول المجوسية بل أكل رزقه الذي قضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله و من زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز و جل فقد زعم ان المقتول مات بغير اجله و أي كفر أوضح من هذا بل ذلك بقضاء الله عز و جل و ذلك عدل منه في خلقه و تدبيره فيهم و ما جرى من سابق علمه فيهم و هو العدل الحق الذي يفعل ما يريد و من اقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر و المشيئة على الصغر و القماءة و لا نشهد على أحد من أهل القبلة انه في النار لذنب عمله و لا لكبيرة أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء في حديث ولا بنص الشهادة و لا نشهد لأحد انه في الجنة بصالح عمله و لا لخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي و لا بنص الشهادة و الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان و ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها و لا نخرج عليهم و لا نقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة و الجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر و لا عدل عادل و الجمعة و العيدان و الحج مع سلطان و أن لم يكونوا بررة عدو لا اتقياء وأتقياء و دفع الصدقات و الخراج و الأعشار و الفيء و الغنائم إليهم عدلوا فيها أو جاروا و الانقياد لمن والاه الله عز و جل أمركم لا تنزع يدا من طاعته و لا تخرج عليه بسيف حتى يجعل الله لك فرجا و مخرجا و لا تخرج على السلطان و تسمع و تطيع و لا تنكث بيعته فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للسنة للجماعة و أن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة و ليس لك أن تخرج عليه و لا تمنعه حقه و الإمساك في الفتنة سنة ماضية واجب احترامها فان أبتليت فقدم نفسك دون دينك و لا تعن على الفتنة بيد و لا لسان و لكن اكفف لسانك و يدك و هواك و الله المعين و الكف عن أهل القبلة فلا تكفر أحدا منهم بذنب و لا تخرجه عن الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديثا كما جاء و ما روى فتصدقه و تقبله و تعلم انه كما روى نحو كفر من يستحل نحو ترك الصلاة و شرب الخمر و ما أشبه ذلك أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر و الخروج من الإسلام فاتبع ذلك و لا تجاوزه و الأعور الدجال خارج لا شك في ذلك و لا ارتياب و هو اكذب الكاذبين و عذاب القبر حق يسال العبد عن دينه و عن ربه و عن الجنة و عن النار و منكر و نكير حق و هما فتانا القبر نسال الله الثبات و حوض محمد حق حوض ترده أمته و لهم آنية يشربون بها منه و الصراط حق

يوضع على سواء جهنم و يمر الناس عليه و الجنة من وراء ذلك و الميزان حق يوزن به الحسنات و السيئات كما شاء الله أن يوزن و الصور حق ينفخ فيه اسرافيل فتموت الخلق ثم ينفخ فيه الأخرى فيقومون لرب العالمين للحساب و فصل القضاء و الثواب و العقاب و الجنة و النار و اللوح المحفوظ يستنسخ منه أعمال العباد لما سبق فيه من التقادير و القضاء و القلم حق كتب الله به مقادير كل شيء و أحصاه في الذكر و الشفاعة يوم القيامة حق يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار و يخرج قوم من النار بعدما دخلوها و لبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار و قوم يخلدون فيها أبدا و هم أهل الشرك و التكذيب و الجحود و الكفر بالله عز و جل و يذبح الموت يوم القيامة بين الجنة و النار و قد خلقت الجنة و ما فيها و خلقت النار و ما فيها خلقهما الله عز و جل و خلق الخلق لهما و لا يفنيان و لا يفنى فيهما ما فيهما أبدا فإذا احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز و جل ^ كل شيء هالك إلا وجهه ^ و بنحو هذا من متشابه القرآن قيل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء و الهلاك هالك و الجنة و النار خلقهما الله للبقاء لا للفناء و لا للهلاك و هما من الآخرة لا من الدنيا و الحور العين لا يمتن عند قيام الساعة و لا عند النفخة و لا أبدا لان الله عز و جل خلقهن للبقاء لا للفناء و لم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع ضل عن سواء السبيل و خلق سبع سماوات بعضها فوق بعض و سبع أرضين بعضها اسفل من بعض و بين الأرض العليا و السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام و بين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام و الماء فوق السماء العليا السابعة و عرش الرحمن عز و جل فوق الماء و الله عز و جل على العرش و الكرسي موضع قدميه و هو يعلم ما في السماوات و الأرضين و ما بينهما و ما تحت الثرى و ما في قعر البحر و منبت كل شعرة و شجرة و كل زرع وكل نبات و مسقط كل ورقة عدد كل كلمة و عدد الرمل و الحصى و التراب و مثاقيل الجبال و أعمال العباد و أثارهم و كلامهم و أنفاسهم و يعلم كل شيء و لا يخفى عليه من ذلك شيء و هو على العرش فوق السماء السابعة و دونه حجب من نار و نور و ظلمة و ما هو اعلم به فإذا احتج مبتدع أو مخالف بقول الله عز و جل و نحن اقرب إليه من حبل الوريد و قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك ولا اكثر إلا هو معهم أينما كانوا و نحو هذا من متشابه القرآن فقل إنما يعني بذلك العلم أن الله عز و جل على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله و هو بائن

من خلقه لا يخلو من علمه مكان و لله عز و جل عرش و للعرش حملة يحملونه و الله عز و جل مستو على عرشه و ليس له حد و الله عز و جل سميع لا يشك بصير لا يرتاب عليم لا يجهل جواد لا يبخل حليم لا يعجل حفيظ لا ينسى و لا يسهو قريب لا يغفل و يتكلم و ينظر و يبسط و يضحك و يفرح و يحب و يكره و يبغض و يرضى و يغضب و يسخط و يرحم و يعفو و يغفر و يعطي و يمنع و ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء و يوعيها ما أراد و خلق آدم بيده على صورته و السموات و الأرض يوم القيامة في كفه و يضع قدمه في النار فتنزوي و يخرج قوما من النار بيده و ينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم و يتجلى لهم و تعرض عليه العباد يوم القيامة و يتولى حسابهم بنفسه و لا يلى ذلك غير الله عز و وجل والقرآن كلام الله الذي تكلم به وليس بمخلوق فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر و من زعم أن القرآن كلام الله و وقف و لم يقل ليس بمخلوق فهو اخبث من القول الأول و من زعم أن ألفاظنا و تلاوتنا مخلوقة و القرآن كلام الله فهو جهمي و كلم الله موسى تكليما منه إليه و ناوله التوراة من يده إلى يده و لم يزل الله عز و جل متكلما و الرؤيا من الله و هي حق إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس ضغثا فقصها على عالم وصدق فيها فأولها العالم على اصل تأويلها الصحيح و لم يحرف فالرؤيا تأويلها حينئذ حق و قد كانت الرؤيا من الأنبياء وحيا فأي جاهل اجهل ممن يطعن في الرؤيا و يزعم أنها ليست بشيء و بلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام و قد روى عن النبي أن رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده و قال أن الرؤيا من الله و ذكر محاسن أصحاب رسول الله كلهم و الكف عن ذكر مساويهم التي شجرت بينهم فمن سب أصحاب رسول الله أو واحدا منهم أو نقصه أو طعن عليه أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا بل حبهم سنة و الدعاء لهم قربة و الاقتداء بهم وسيلة و الأخذ باثارهم بها فضيلة و خير الأمة بعد النبي أبو بكر وعمر بعد ابي بكر و عثمان بعد عمر و علي بعد عثمان و وقف قوم على عثمان و هم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا أن يطعن في واحد منهم بعيب و لا نقص

فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه و عقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه و يستتيبه فان تاب قبل منه و أن لم يتب أعاد عليه العقوبة و خلده في الحبس حتى يموت أو يرجع و نعرف للعرب حقها و فضلها و سابقتها و نحبهم لحديث الرسول الله فان احبهم إيمان و بغضهم نفاق و لا نقول بقول الشعوبية و أراذل الموالي الذين لا يحبون العرب و لا يقرون لهم بفضل فان قولهم بدعة و من حرم المكاسب و التجارات و طلب المال من وجهه فقد جهل و أخطأ و خالف بل المكاسب من وجوهها خلال قد احلها الله عز و جل و رسوله فالرجل ينبغي له أن يسعى على نفسه و عياله من فضل ربه فان ترك ذلك على انه لا ير الكسب فهو مخالف و الدين إنما هو كتاب الله عز و جل و اثار و سنن و روايات صحاح عن الثقات بالإخبار الصحيحة القوية المعروفة يصدق بعضها بعضا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله و أصحابه رضي الله عنهم و التابعين و تابعي التابعين و من بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم المتمسكين بالسنة و المتعلقين بالآثار و لا يعرفون ببدعة و لا يطعن فيهم بكذب و لا يرمون بخلاف إلى أن قال فهذه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة و الجماعة و الأثر و أصحاب الروايات و حملة العلم الذين أدركناهم و أخذنا عنهم الحديث و تعلمنا منهم السنن و كانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدق و أمانة يقتدى بهم و يؤخذ عنهم و لم يكونوا أهل بدعة و لا خلاف و لا تخليط و هو قول أئمتهم و علمائهم الذين كانوا قبلهم فتمسكوا بذلك و تعلموه و علموه قلت حرب هذا صاحب احمد و إسحاق و له عنهما مسائل جليلة و أخذ عن سعيد بن منصور و عبد الله بن الزبير الحميدي و هذه الطبقة و قد حكى هذه المذاهب عنهم و اتفاقهم عليها و من تأمل المنقول عن هؤلاء و أضعاف أضعافهم من أئمة السنة و الحديث وجده مطابقا لما نقله حرب و لو تتبعناه لكان بمقدار هذا الكتاب مرارا و قد جمعت منه في مسالة علو الرب تعالى على خلقه و استوائه على عرشه وحدها سفرا متوسطا فهذا مذهب المستحقين لهذه البشرى قولا و عملا و اعتقادا و بالله التوفيق فصل و نختم الكتابي بما ابتدأنا به أولا وهو خاتمة دعوى أهل الجنة قال تعالى أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار

في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين قال حجاج عن ابن جريج أخبرت أن قوله دعواهم فيها سبحانك اللهم قال إذا مر بهم الطير ليشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما اشتهوا فيسلم عليهم فيردون عليه فذلك قوله تعالى و تحيتهم فيها سلام قال فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم فذلك قوله تعالى و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين قال سعيد عن قتادة قوله تعالى دعواهم فيها سبحانك اللهم يقول ذلك دعاؤهم فيها و تحيتهم فيها سلام و قال الاشجعي سمعت سفيان الثوري يقول إذا أرادوا الشيء قالوا سبحانك اللهم فيأتيهم ما دعوا به و معنى هذه الكلمة تنزيه الرب تعالى و تعظيمه و إجلاله عما لا يليق به و ذكر سفيان عن عبد الله بن موهب سمعت موسى بن طلحة قال سئل رسول الله عن سبحان الله فقال تنزيه الله عن السوء و سال بن الكواء عليا عنها فقال كلمة رضيها الله تعالى لنفسه و قال حفص بن سليمان بن طلحة ابن يحيى بن طلحة عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله قال سالت رسول الله عن تفسير سبحان الله فقال هو تنزيه الله عن كل سوء فأخبر الله تعالى عن أول دعواهم إذا استدعوا شيئا قالوا سبحان الله و عن آخر دعواهم عند ما يحصل لهم هو قولهم الحمد لله رب العالمين و معنى الآية اعم من هذا و الدعوى مثل الدعاء و الدعاء يراد به الثناء و يراد به المسالة و في الحديث افضل الدعاء الحمد لله رب العالمين فهذا دعاء ثناء و ذكر يلهمه الله أهل الجنة فأخبر سبحانه و عن أوله و آخره فأوله تسبيح و آخره حمد يلهمونهما كما يلهمون النفس و في هذا إشارة إلى أن التكاليف في الجنة يسقط عنهم و لا تبقى عبادتهم إلا هذه الدعوى التي يلهمونها و في لفظ اللهم إشارة إلى صريح الدعاء فإنها متضمنة لمعنى يا الله فهي متضمنة للسؤال و الثناء و هذا هو الذي فهمه من قال إذا أرادوا شيئا قالوا سبحانك اللهم فذكروا بعض المعنى و لم يستوفوه مع انهم قصروا به فانهم اوهموا انهم إنما يقولون ذلك عندما يريدون الشيء و ليس في الآية ما يدل على ذلك بل يدل على أن أول دعائهم التسبيح و آخره الحمد و قد دل الحديث الصحيح على انهم يلهمون ذلك كما يلهمون النفس فلا تختص الدعوى المذكورة بوقت إرادة الشيء و هذا كما انه لا يليق بمعنى الآية فهو لا يليق بحالهم و الله تعالى اعلم بالصواب


التوقيع :



اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات


رد مع اقتباس
قديم 03-14-2010, 01:41 AM   رقم المشاركة : 20
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

الحمد لله شكرا يا فاطمه جزاك الله خير


التوقيع :




لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم








رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir