آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 21003 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14782 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20954 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22345 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56416 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51495 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43401 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25792 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26177 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 32074 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-27-2008, 08:42 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


وأذَِن في النَّاس بالحج



وأذَِن في النَّاس بالحج



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : الحج واجب : الحج من أجَلِّ العبادات وهو خامس أركان الإسلام العظام بدلالة الكتاب والسنة والإجماع .
قال تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } .
وروى الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ".
وأجمع المسلمون على وجوب الحج فمن أنكر وجوبه كفر.
وأجمعوا أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا " ، فقال رجل : أَكُلّ عام يا رسول؟ فسكت ، حتى قالها ثلاثاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو قلتُ نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" .
رواه مسلم .
وهل وجوبه على الفور؟ : الصحيح وجوبه على الفور ، فإن أخَّره من غير عذر فهو آثم وقد يعرِضُ للإنسان بعد ذلك ما يعوقه .
ولهذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له".
رواه أحمد والحاكم وصححه وأقره الذهبي وحسنه الألباني في الإرواء.
وهذا هو قول جمهور أهل العلم .
عدا الشافعي وجماعة من العلماء الذين ذهبوا إلى أنه على التراخي .
ولكن أدلة الجمهور أقوى .
الحج والنداء : ومع كونه فريضة محكمة وعبادة واجبة ، فهو استجابة لنداء أبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}.
ومعنى رجالاً : جمع راجل وهو الماشي على رجليه وليس المعنى ضد الإناث ( أي ذكوراً ) بدليل قوله بعدها {وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق } ، والضامر : هو البعير قد أرهقه السفر.
وأما الفج : فمعناه الطريق ، كما قال الشاعر : إذا الخيل جاءت من فجاج عميقة يمد بها في السير أشعث شاحِب الحج والمنافع : قال الله تعالى {ليشهدوا منافع لهم } : أي أذِّن بالحج يشهدوا : أي يحضروا والشهود: الحضور ، واختلف في المنافع هنا فقيل : المناسك كعرفات والمشعر الحرام ، وقيل : المغفرة وقيل : التجارة والقول الرابع أنه عموم ذلك كله من كل نافع لهم من أمور الدنيا والآخرة.
وهو الصواب أنها في عموم المنافع كما اختاره ابن العربي المالكي والقرطبي وغيرهم.
التجارة في الحج : جائزة بنص القرآن لقوله تعالى {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } ، ولا خلاف بين العلماء في أن الفضل هنا هو ( ربح التجارة ) .
روى البخاري عن ابن عباس قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية فتأثَّموا أن يتَّجِروا في المواسم فنزل قوله تعالى {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } .
كما أن الأصل في المعاملات : الإباحة حتى يرد الدليل بالتحريم .
البيت والأفئدة : دعا إبراهيم عليه السلام ربه فقال {واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} ، فاستجاب الله تعالى دعاءه ؛ فليس أحد من أهل الإسلام إلا ويحن قلبه إلى تلك البقاع الطاهرة ورؤية تلك الجموع الطائفة والراكعة الساجدة التي تـرجو المغفرة من الآثام والخطايا .
يحِن إلى أرض الحجاز فؤادي ويحدو اشتياقي نحوَ مكة حادي ولي أمل ما زال ينمو بهمتي إلى البـلدة الغراء خير بلادِ بها كعبة الله التي طاف حولها عبـادٌ همُ للـه خير عبـادِ لأقضي فرضَ اللهِ في حجِ بيته بأصدقِ إيمانٍ وأطيـبِ زادِ أطوف كما طاف النبيون حوله طوافَ انقيادٍ لا طوافَ عنادِ وهذا الشوق والمحبة للبيت العتيق من أسرار إضافته إلى الله عز وجل كما قال تعالى {وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود}.
متى فُرض الحج ؟ : فرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة أو العاشرة على أرجح أقوال أهل العلم لأن فرضه كان بقول الله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }.
وهذه الآية في صدر سورة آل عمران النازل عام الوفود سنة تسع من الهجرة .
فضل الحج : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الحجاج و العمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم " رواه البزار وحسنه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " أخرجه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله.
قيل : ثم ماذا؟ قال : حج مبرور .
" متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" .
متفق عليه.
وعن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة".

رواه النسائي وغيره وهو حديث حسن.
شروط وجوب الحج : للحج خمسة شروط لوجوبه جمعها الناظم بقوله: الحج والعمرة واجبان في العمر مرة بلا توان بشرط إسلام كذا حرية عقل بلوغ قدرة جلية .
وهي كالتالي : 1- الإسلام : فغير المسلم يجب عليه الإسلام ولكن لا يصح منه ، بل لا يجوز له دخول مكة لقوله تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا }، فلا يحل لكافر بأي سبب كان كفره أن يدخل مكة ، والكافر يوم القيامة على الصحيح يحاسب على كل شيء حتى فروع الشريعة كالحج وغيره ولكنها لا تصح منه في الدنيا حتى يأتي بالأصل وهو الإسلام.
2- العقل: فلا يجب على المجنون ولو كان غنياً .
3- البلوغ: فمن كان دون البلوغ فلا يجب عليه .
وهنا مسألة حج الصبي : والصحيح أنه لا يجب عليه كما هو معلوم فإن حج جاز وقُبِل ولكن لا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم ركِبا بالرَّوْحاء فقال :من القوم؟ قالوا: المسلمون فقالوا : من أنت؟ قال: رسول الله فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر.
أخرجه مسلم.
وروى البخاري عن السائب بن يزيد قال : حُجَّ بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين .
فإذا حجَّ لم يجزئه عن حجة الإسلام وهذا إجماعٌ من أهل العلم.
توجيه: في مثل المواسم التي يكثر فيها الزحام ويشق فيها الإحرام للصغار ومراعاة إتمام نسكهم الأولى ألا يُحرموا بحج ولا عمرة لأنه يكون فيه مشقة عليهم وعلى أولياء أمورهم وربما شُغِلوا عن تمام نسكهم فيبقوا في حرج وما دام الحج لم يجب عليهم فإنهم في سعة من أمرهم ) .
4- ورابع شروط الوجوب الحرية : فالرقيق لا يجب عليه الحج لأنه مملوك مشغول بسيده .
فهو ممن لا يستطيع إليه سبيلاً .
5- القدرة: على الحج وهي " الاستطاعة " التي ذكرها الله في كتابه ، وهي:الزاد والراحلة ذهاباً وإيابا ً، وأَمْن الطريق والنفقة له ولعياله حتى يعود.
والمحرَمُ بالنسبة للمرأة : من الاستطاعة المذكورة في القرآن للأحاديث الدالة على ذلك منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال صلى الله عليه وسلم: " انطلق فحُجَّ مع امرأتك" .
متفق عليه واللفظ لمسلم.
وسواء وَجَدَت الرفقة المأمونة من النساء أم لم تجِدها ، وسواء أكان حجها فريضة أم كان نافلة وسواء كانت عجوزا أم شابة.
وعلى هذا إذا لم تجد المرأة مَحْرَماً لم يجب عليها الحج لأنها لا تستطيع إليه سبيلاً فلا يلزمها حج ولا يلزمها أن تقيم من يحج عنها.
نصائح بين يدي الحج: 1-أن يخلِّص الحاج نفسه من الشرك كبيره وصغيره ، لأن الشرك محبط للأعمال قال تعالى {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لأئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } وبعض الحجاج يحج ليشرك عند قبر فلان أو فلان أو دعاء فلان أو النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله وهذا من الشرك الأكبر قال تعالى { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون}، وقال صلى الله عليه وسلم : "الدعاء هو العبادة " رواه الترمذي بسند صحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنه .
لقد بين تعالى أن المقصد من بناء البيت والأمر بالحج إنما هو التوحيد فقال {وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود } .
وليتجنب الحاج البدع كذلك .
قال تعالى {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً}.
وقال صلى الله عليه وسلم : "من عمل عملا ليس عيه أمرنا فهو رد " وفي لفظ :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها .
وللخروج من ذلك عليه أن يتفقه في الدين وسؤال العلماء الموثوقين حتى لا يقع في الابتداع.
وكذا المعاصي التي تمنع الحج أن يكون مبروراً.
2- العزم على التوبة: وتجديدها وكثرة الاستغفار.
3- ومن تمام التوبة رد المظالم إلى أهلها من مال أو عرض أو نفس والتحلل منهم قبل السفر .
ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كانت له لأخيه مظلمة من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه".

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال: " إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيُعْطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يُـقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ".
4- التزود بالنفقة الطيبة الحلال .
والواجب على العبد هو تحري الحلال في مطعمه وملبسه ومشربه في حياته كلها ، ولكن يتأكد الحال إذا عزم على الحج انتقاء الطيب من الكسب لقوله صلى الله عليه وسلم :" إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذِي بالحرام فأنى يستجاب له؟ " .
إذا حججت بمال أصله دنس فما حجَجْتَ ولكن حجَّتِ العيرُ لا يقبـل الله إلا كل طـيبة ما كل حجٍ لبيت اللـه مبرورُ 4- كما أن الواجب تعلم أحكام الحج قبل فعله: وتعلم أحكام الحج لمن عزم عليه فرض يأثم بتركه وللأسف فإن كثيراً من الناس يحج ولم يتفقه في الحج وبعد انقضاء حجه يأتي ويسأل فعلتُ كذا وتركتُ كذا .
ويتعلم من أهل العلم الموثوقين إما مباشرة بالسؤال وإما بشراء كتبهم وسماع أشرطتهم وليحذر من الكتب التي لا يعرف مؤلفوها ومنها كتب تسمى بأدعية الطواف أو السعي مما يباع عند المواقيت أو داخل مكة، ولا يأخذ أحكام الحج إلا من هديه صلى الله عليه وسلم وسنته قال صلى الله عليه وسلم :" خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" رواه مسلم.
6-الرفقة الصالحة: قال صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير .
فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة ".
رواه البخاري.
والرفقة الصالحة من أعظم الأسباب المعينة على الحج المبرور، لأن هذه الرفقة الطيبة إن نسي ذكرته وإن ذكر أعانته وإن جبُن شجعته وإن عجز قوته ، وإن ضاق صدره صبَّرته فالرفقة الصالحة خير زاد وأفضل عدة وأقوى مُعين على المناسك والطاعات وفاضل الأخلاق .
7-التأمير في السفر: فإن خرج الرفقة وكانوا ثلاثة فأكثر فالسنة في حقهم أن يؤمروا عليهم أحدهم لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا خرج في سفر فليؤمروا أحدهم " أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني .
قال المناوي: ( فليتخذوا أميراً عليهم يسمعون له ، ويطيعونه وعن رأيه يصدُرون لأن ذلك أجمع لرأيهم وأدعى لاتفاقهم وأجمع لشملهم فالتأمير سنة مؤكدة وقيل إنه واجب لما تقرر من حصول الانتظام به لكن ليس للأمير إقامة الحدود ولا التعزير).
8-وعليه إحسان الصحبة: لرفقاء سفره ويبذل نداه لهم ويكف أذاه عنهم ويقوم معهم بواجب النصح والتذكير بالتي هي أحسن .
9-حفظ اللسان: من كثرة القيل والقال والغيبة والنميمة والإفراط في المزاح والسخرية بالمسلمين والآيات في ذلك والأحاديث معلومة ومشهورة .
10-منع الأذى : ومن هذا أن يكون حريصاً على عدم أذية الحجاج بقول أو فعل والغلظة والفظاظة {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} ويتذكر دائمًا وأبداً قوله تعالى {إنما المؤمنون أخوة}، وعليه بالرفق في طوافه وسعيه ووقوفه وسائر مناسكه .
فإن الله رفيق يحب الرفق " كما قال صلى الله عليه وسلم وقال أيضاً : "وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف " وقال صلى الله عليه وسلم :" إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً " متفق عليه.
و لا شك أن التقيد بهذه الآداب والأخلاق الإسلامية النبوية الكريمة تقلل كثيراً من الحوادث والمشاكل والمنازعات والخصومات التي قد تنافي الحج المبرور .
11-الوصية : بكتابة ما عليه من الحقوق للناس كالديون وغيرها ويوصي بذلك مع وصيته أهله بما يلزمهم في خاصتهم من تقوى الله والعمل بطاعته .
12-الحرص على الأذكار : كدعاء الخروج من المنزل والسفر ودخول القرية ومن نزل منزلاً والصباح والمساء تكون لك حصناً منيعاًً من كيد الشياطين.
13-وجماع الخير الصبر: فعليك بالصبر في كل ما تأتي وما تلاقي وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحج :" جهاد لا قتال فيه " ففيه إشارة إلى حاجة إلى الصبر والمصابرة قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} وقال { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } .
الإحرام: وهو نية الدخول في النسك سُمِّيَ بذلك لأنه إذا نوى الدخول في النسك حرَّم على نفسه ما كان مباحاً قبل الإحرام فيحرم عليه مثلاً: الرفث والطيب وحلق الرأس والصيد وغير ذلك من المحظورات وستأتي وهناك أمور من الشرع تعمل بين يدي الإحرام منها : 1-الاغتسال : وهذا عام للرجل والمرأة حتى لو كانت حائضاً أو نفساء لما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل عند الإحرام ".
ولكن هذا الاغتسال مستحب في قول عامة أهل العلم ، قال ابن المنذر :" أجمع أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال وأنه غير واجب " وقال ابن عبد البر :" جمهور أهل العلم يستحبونه ولا يوجبونه وما أعلم أحدا من المتقدمين أوجبه إلا الحسن البصري".
وأما تقليم الأظافر ونحوها فقد قال شيخ الإسلام : ( ويستحب أن يغتسل للإحرام ولو كانت نفساء أو حائضاً وإن احتاج إلى التنظيف كتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ونحو ذلك فعل ذلك وهذا ليس من خصائص الإحرام وكذلك لم يكن له ذِكْر فيما نقله الصحابة لكنه مشروع بحسب الحاجة ).
ومن المؤسف أن بعض المسلمين يتزيَّن لهذه العبادة بمعصية الله فيحلق لحيته قال سماحة الشيخ ابن باز يرحمه الله :"وأما اللحية فيحرُمُ حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات بل يجب إعفاؤها وتوفيرها لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب"، وقد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة كثير من الناس هذه السنة ورضاهم بمشابهة الكفار والنساء ولا سيما من ينتسب إلى العلم والتعليم فإنا لله وإنا إليه راجعون ونسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين لموافقة السنة والتمسك بها والدعوة إليها وإن رغب عنها الأكثرون وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )أ .
هـ .
2- اللباس : ثم يلبس الرجل ما شاء من الألبسة التي لم تفصل على قدر الأعضاء وهي المسماة عند العلماء ( بغير المخيط ) يعني ما يخاط على قدر الملبوس كالقميص والسراويل فلا يلبسها وليس معنى المخيط كل ما فيه خيط كما يتوهمه العامة .
ويستحب أن يكون الإحرام في إزار ورداء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين "رواه الإمام أحمد ، ويستحب أن يكونا أبيضين لأنها من خير الثياب قال صلى الله عليه وسلم : "خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم".
قال شيخ الإسلام:(ويستحب أن يُحرِم في ثوبين نظيفين فإن كانا أبيضين فهما أفضل ويجوز أن يُحرِم في جميع أجناس الثياب المباحة من القطن والكتان والصوف والسنة أن يحرم في إزار ورداء ).
أ .
هـ .
ويجوز له أن يغسل ملابس الإحرام أو يغيِّرَها أو يبدلها ولا حرج في ذلك وما يظنه البعض من عدم جواز تغيير الإحرام الذي لبسه عند الميقات فغير صحيح .
لباس المرأة : أما إحرام المرأة فيكون في ثيابها المعتادة الساترة إلا أنها لا تشد على وجهها النقاب والبرقع أو اللثام ولا تلبس القفازين لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" أخرجه البخاري.
وليس في لباس المرأة لون مخصوص قال الشيخ ابن باز: (أما تخصيص بعض العامة إحرام المرأة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له ).
هنا تَذَكرْ : قال العلامة خليل المالكي في هداية الناسك : ( وشُرِع خَلْع الثياب إشعاراً بحالة الموتى ليتخلى المحرم عن الدنيا ويقبل على عبادة ربه لأن نزع ثيابه كنزع ثياب الموتى على المغتسل ولبس ثياب الإحرام كلبس الأكفان لأن الحاج قادم إلى الأرض المباركة المقدسة وقصد المخالفة لحالته ليتنبه لعظيم ما هو فيه فلا يوقع خللاً ينافيه ).
3 ـــ المواقيت : جمع ميقات مأخوذ من الوقت وهي قسمان: ميقات زماني: وميقات مكاني .
فالزماني هي التي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيه .
قال تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للحج } وقال {الحج أشهر معلومات }، وأشهر الحج هي شوال وذي القعدة وذي الحجة .
وعليه فلا يجوز الإحرام بالحج قبل شهر شوال ومَنْ فعل فإنما هي عمرة لا حج لقوله { الحج أشهر معلومات } فهي مثل قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } وليس للعمرة ميقات زماني بل السنة كلها وقت لها.
أما المواقيت المكانية : فقد عيَّنها صلى الله عليه وسلم لمن أراد الحج أو العمرة ، فلا يحل له أن يتعداها إلا محرماً ومن فعل فقد تعدى حدود الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم وقال : هن لهن ولمن أتى عيهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة ومن كان دون ذلك فمَهِلُّه من أهله " .
وللعراق ذات عرق.
أما الجحفة وهي طريق أهل الشام، فقد خربت وصار الناس يحرمون من رابغ بدلاً عنها، وذو الحليفة ميقات أهل المدينة وهو أبعدها عن مكة ويسمى أبيار علي ، ويلملم تسمى السعدية ، وقرن المنازل يسمى السيل الكبير .
ومن الأخطاء أن بعض الراكبين في الطائرات من الحجاج والمعتمرين يتجاوزون الميقات ثم يحرمون من جدة وهذا خلاف النصوص وليس هناك صعوبة في الإحرام في الطائرة ، فمن جاوز الميقات مريداً للحج والعمرة من غير إحرام عليه الرجوع للميقات والإحرام منه فإن لم يرجع فعليه فدية يخرجها في مكة ويطعمها الفقراء فيها.
أما من تجاوز المواقيت وهو لا يريد الحج والعمرة فلا يلزمه الإحرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ممن يريد الحج أو العمرة " ولو ألزمناه بالإحرام عند المرور بالميقات فإننا نكون قد أوجبنا عليه الحج والعمرة أكثر من مرة وهذا خلاف ما هو معلوم من عدم وجوبهما إلا في العمر مرة وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم .
وهنا حالة ثالثة : وهي لو أنه بعد أن تجاوز المواقيت غير مريد للحج أو العمرة ثم بدا له أن يعتمر أو يحج فله ذلك ويحرم من المكان الذي هو فيه .
ومن المفاهيم الخطأ هنا ما يتعلق بإحرام المرأة من الميقات وذلك أن بعضهن قد تمر به وهي حائض فتظن أنه يلزمها الطهارة للإحرام من الميقات فتتجاوزه بدون إحرام وهذا خطأ لأن الحيض لا يمنع الإحرام .
فتُحُرِمُ ثم تفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت.
أخرج البخاري في قصة عائشة لمَّا حاضت وهي في طريقها إلى الحج قالت : فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال : ما يبكيك ؟ قلت : لوددت والله إني لم أحج العام قال : لعلك نَفِسْتِ قلت : نعم ، قال : فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ".
ولو أرادت المرأة أن تغتسل عند الإحرام ؛ فلها ذلك ، لما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل عند الإحرام.
ولكن هذا الغسل مستحب وليس بواجب باتفاق العلماء كما قاله ابن المنذر .
كما أن الحاج لا يُحْرِمُ قبل الميقات لأنه خلاف ما عيَّنه صلى الله عليه وسلم .
سئل مالك رحمه الله عمَّن أحْرَم قبل الميقات ؟ فقال : أخاف عليه الفتنة قيل له: وأي فتنة في ذلك وإنما هي زيادة أميال فقال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت الله يقول { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
تنبيه :هنا مسألة: وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وقَّت هذه المواقيت قال:" هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة " فمن كان من أهل نجد ومرَّ بالمدينة فإنه يحرم من ذي الحليفة – أبيار علي الآن- ومن كان من أهل الشام ومرَّ بالمدينة فإنه يحرم من ذي الحليفة ولا يحل له أن ينتظر حتى يصل إلى ميقات أهل الشام الأصلي على القول الراجح من أقوال أهل العلم.
فإذا بلغ الميقات أحرم: فإن كان قارناً قال : لبيك عمرة وحجاً، وإذا كان متمتعاً قال : لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج ، وإذا كان مفرداً قال : لبيك حجة.
قال ابن تيمية:" فمهما قال شيئاً من ذلك أجزأه باتفاق الأئمة ليس في ذلك عبارة مخصوصة ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة ".
وله الاشتراط إذا خاف عائقاً: كما قال صلى الله عليه وسلم حين استفتته ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها أنها تريد الحج وهي شاكية فقال:" حجي واشترطي وقولي : اللهم مَحِلِّي حيث حبستني ".
فإن حُبِسَ الحاج جاز له التحلل من حجه أو عمرته وليس عليه دم .
وليس للإحرام صلاة تخصه : والنبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى الظهر ثم أحرم ولم يُنقَل أنه صلى صلاةً مخصوصة للإحرام .
روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج".
أما صلاة مستحبة بعَيْنِها للإحرام ؛ فهذا لم يَرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن من كان ميقاته ذو الحليفة فإنه يصلي فيه صلاة لا بخصوص الإحرام ولكن لشرف المكان وبركته .
لما روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول :" أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال : صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل : عمرة في حجة وفي رواية : عمرة وحجة).
كما أنَّ من توضأ للإحرام وأراد أن يصلي ركعتين للوضوء فلا بأس لكن بنية الوضوء لا بنية الإحرام ، والدين اتباع لا ابتداع .
أنواع الحج: 1- التمتع : أن يُحْرِم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يُحْرِم بالحج في عامه.
2- القِران: أن يُحرم بالعمرة والحج معاً أو يُحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل شروعه في طوافها فينوي العمرة والحج من الميقات أو قبل الشروع في طواف العمرة ويطوف لهما ويسعى .
3- الإفراد : يُحرم بالحج فقط من الميقات ويبقى على إحرامه حتى يؤدي أعمال الحج .
وأفضل هذه الأنساك : التمتع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه حين فرغوا من الطواف والسعي أن يتحلَّلوا ، ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي كما في حديث جابر الطويل في مسلم في صفة الحج إذ قال صلى الله عليه وسلم فيه :" والله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقتُ الهدي ولأحللت معكم " أخرجه مسلم .
والقول بأفضلية التمتع هو قول الجمهور .
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التمتع وهو رأي ابن عباس ومال إليه ابن القيم في الزاد واختاره الألباني رحمه الله .
وصفة التمتع : أن يُـحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها أي من الطواف والسعي والحلق أو التقصير إذا كانت الفترة قليلة بين عمرته وحجه ، ثم يحرم يوم الثامن بالحج ، وعليه هديٌ يذبحه يوم النحر لقوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} .
ويجزئ في الهدْي ما يجزئ في الأضحية من شاة أو سبع بدنة أو بقرة ،فمن لم يجد فعليه البدل كما قال تعالى { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة }، والقارن كالمتمتع في وجوب الهدي أو بَدَلِه أما المفرد فلا هدْيَ عليه .
التلبية : مأخوذة من " لبيك" كما تقول التهليل من قولك : لا إله إلا الله .
حكمها : مجمع على مشروعيتها والجمهور على استحبابها.
قال ابن القيم:(وقد اشتملت كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة : إحداها : أن قولك : " لبيك " يتضمن إجابة داع دعاك ومناد ناداك ولا يصح في لغة ولا عقل إجابة من لا يتكلم .
الثانية : أنها تتضمن المحبة ولا يقال لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه ولهذا قيل في معناها : أنا موجِّه لك بما تحب.
الثالثة : أنها تتضمن التزام العبودية ولهذا قيل هي من الإقامة أي أنا مقيم على طاعتك .
الرابعة : أنها تتضمن الخضوع والذل أي خضوع بعد خضوع من قولهم أنا مُلَبٍّ بين يديك أي خاضع ذليل .
الخامسة : أنها تتضمن الإخلاص ولهذا قيل: إنها من اللُّب وهو الخالص .
السادسة : أنها تتضمن الإقرار بسمع الرب تعالى ، إذ يستحيل أن يقول الرجل لبيك لمن لا يسمع دعاءه.
السابعة : أنها شعار التوحيد وملة إبراهيم الذي هو روح الحج ومقصده بل روح العبادات كلها والمقصود منها ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها .
رفع الصوت بها : ويستحب للرجل رفع الصوت بها بما لا يُجهِد نفسه والمرأة ترفع صوتها ما لم تخشَ الفتنة .
روى أصحاب السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية".
ولقد استجابوا رضي الله عنهم لهذا الأمر فروى سعيد بن منصور عن أبي حازم قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحرموا لم يبلغوا الروحاء حتى تبح أصواتهم" ذكره ابن حزم في المحلى بسند جيد كما قال الألباني .
وروى الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم وصححه الألباني قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من ملبي يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر حتى تنقطع الأرض من هنا وهنا – يعني عن يمينه وشماله" .
ألفاظ التلبية : " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .
و" لبيك إله الحق " هذا هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من فعله وثبت أنه أقر الناس الذين كانوا معه على الزيادة مثل قولهم: " لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل " وكان ابن عمر يزيد فيها" لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل " متفق عليه .
خلطها: ويجوز خلطها بالتكبير والتهليل لحديث ابن مسعود : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بالتكبير والتهليل " أخرجه أحمد وصححه الحاكم والذهبي وقال الألباني : سنده جيد .
محظورات الإحرام : 1.
حلق الرأس : قال تعالى {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبغ الهدي محله } ونقل ابن المنذر الإجماع على تحريم حلق الرأس فمن حلق لزمته الفدية قال تعالى {فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } ومن الأذى كثرةُ القُمَّل في رأسه كما في الصحيحين عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : كان بي أذى من رأسي فحُمِلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقُمَّل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ منك ما أرى ، أتجد شاة ؟ قلت: لا فنزلت الآية {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } قال : هو صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين نصف صاع طعاماً كل مسكين " وفي رواية عند مسلم" أتى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فقال : كأن هوام رأسك تؤذيك ؟ فقلتُ : أجل قال : فاحلِقْه واذبح شاة أو صُمْ ثلاثة أيام أو تصدق بثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين ".
والأشياء المذكورة في هذه الآية من الفدية هي على التخيير بينها .
قال شيخ الإسلام : (وإن أطعمه مما يؤكل كالرقاق ونحو ذلك جاز وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً وكذلك في سائر الكفارات إذا أعطاه مما يقتات به مع أُدْمه فهو أفضل من أن يعطيه حَبّاً مجرداً ) وكل ذلك راجع إلى العرف.
وهل يلحق بحلْقِ الرأس سائر شعر البدن؟: فيها قولان : الأول : نعم يلحق به وعلى هذا يَحْرُم حلْقُ شيء من شعر البدن ، وهو قول أكثر أهل العلم وحكاه بعضهم إجماعاً .
والثاني : لا يَحْرُم ولا فدية فيه: وهو رواية عن مالك ومذهب الظاهرية.
والقول الأول قالوه قياساً وإلا فليس هناك نص فيها.
ولكن الأولى والأفضل أن يترك الحاج سائر الشعر احتياطاً.
والمقدار من الحلق الذي به تكون الكفارة هو ما يحصل به إماطة الأذى عنه وهذا قول من خمسة أقوال أخرى مبسوطة في كتب الفقه ورجحه العلامة ابن عثيمين رحمه الله وقد احتجم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ولم يُنقَل أنه افتدى مع ما يزول بالحجامة من الشعر ولكنه قليل بالنسبة لمن أزال أذى عن رأسه ، فمن أخذ شعرة وخمساً وعشراً فهذا لا يسمى حالقاً ولا فدية عليه لكنه يحرم عليه فعل ذلك لقاعدة هامة وهي " امتثال الأمر لا يتم إلا بفعل جميعه وامتثال النهي لا يتم إلا بترك جميعه" فإن حلْق الجميع محرَّم وعليه فدية أما حلْق القليل فإنه محرَّم ولكن لا فدية وهو اختيار الشنقيطي في الأضواء.
قال شيخ الإسلام : " وله أن يحك بدنه إذا حكه .
.
.
وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره ".
والدليل ما في الصحيحين عن عبد الله بن حُنين عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة أنهما اختلفا"بالأبواء" فقال : عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه ، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه ، فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أسأله عن ذلك فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب قال : فسلمت عليه فقال من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حُنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب رضي الله عنه يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب : اصبب ، فصب على رأسه ثم حرك بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال : هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل " ، زاد مسلم :" فقال المسور لابن عباس : لا أماريك أبداً ".
وروى مالك في الموطأ عن أم علقمة بنت أبي علقمة قالت : سمعت عائشة تُسأل عن المحرم أيحك جسده؟ فقالت:نعم ، فليحكه وليشدد ولو رُبطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت".
وهذا منها لبيان خطأ ما يفعله بعض الحجاج من التحرج من ذلك وهذا تشديد وخطأ بل من التنطع المنهي عنه.
2.
تغطية الرأس : ويحرم على المحرم الرجل تغطية رأسه بشيء ملاصق مثل الطاقية والغترة والعمامة لحديث ابن عباس في قصة الذي وقصته دابته فقال صلى الله عليه وسلم : "لا تخمروا رأسه " أي لا تغطوه وهو عام في كل غطاء وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا البرانس ولا العمائم" وأما ما ليس بملاصق كالشمسية والخيمة والسيارة ونحوها فيجوز .
ففي مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنصب القبة له بنمرة ثم نزل بها.
وروى مسلم أيضاً عن أم الحصين قالت : حَجَجْتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيتُ أسامة وبلالاً رضي الله عنهما وأحدهما آخذ بخطام ناقته ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ".
وهل له أن يغطي وجهه؟ : على ثلاثة أقوال : الأول : يجوز له ذلك ، لأن الأصل الحل ولم يرد النهي عنه وهو مذهب الحنابلة والشافعية ، والثاني : يحرم عليه تغطية وجهه وهو مذهب مالك وأبي حنيفة لأنه قد ورد في رواية عند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقصته دابته : " ولا تخمروا وجهه ولا رأسه " .
والثالث : يجوز في حال الحياة ولا يجوز في حال الموت قاله ابن حزم في المحلى(7/93).
3-تقليم الأظافر : وهذا ليس فيه دليل من الكتاب والسنة ولكن نقل ابن المنذر الإجماع على منع المُحْرِم من ذلك إلا من عذر وخالف الظاهرية فقالوا لا يمنع من ذلك .
وروى البيهقي بسند صحيح عن ابن عباس قال:"المحرم يدخل الحمام ، وينزع ضرسه ، ويشم الريحان ، وإذا انكسر ظفره طرحه ، ويقول : أميطوا عنكم الأذى فإن الله عز وجل لا يصنع بأذاكم شيئاً".
وروى مالك أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب عن ظفر له انكسر وهو محرم ؟ فقال سعيد: اقطعه .
4- لبس الرجل للمخيط : وهو الشيء المفصل على قدر الأعضاء وليس هو كل ما هو من خيوط كما يظنه بعض العامة كما تقدم .
5- تعمد الطيب بعد الدخول في الإحرام : فهذا من المحظورات أيضاً ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس " متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم في قصة الذي وقصته دابته:" لا تحنطوه " والحنوط: هو أطياب مجموعة تُجعل في مواضع من جسده فهو عام لكل طيب قال ابن القيم في الزاد : ( وهذا هو الأصل في منع المحرم من الطيب).
6- قتل صيد البر المأكول وذبحه : قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } .
وكذلك يحرم اصطياده قال تعالى {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً}وللصيد حالات: الأولى : أن يصيده خارج الحرم وهو غير محرم فهذا مباح.
الثانية: أن يصيده خارج الحرم وهو محرم أو داخل الحرم وهو محرم فهذا حرام ولا يجوز .
الثالثة : أن يصيده داخل الحرم وهو غير محرم فهذا حرام لحرمة الحرم.
7- عقد النكاح : فلا يتزوج المُحرِم ولا يزوِّج غيره ، ولا يخطب روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا ينْكح المُحرم ولا يُنكح ولا يخطب " قال الترمذي : ( والعمل على هذا عند بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه يقول مالك والشافعي واحمد وإسحاق ولا يرون أن يتزوج المحرم وإن نكح فنكاحه باطل ) .
وما ورد في الصحيح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم فخطأ لأن ميمونة أخبرت عن نفسها وهي أدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال.
قال أهل العلم فهذا هو الصحيح وما وقع في حديث ابن عباس وهمٌ فلو عقد بطل حجه ولكن لا فدية عليه لعدم الدليل.
8- الجماع : لقوله تعالى {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج }.
والرفث هو الجماع كما فسره ابن عباس ، وقال ابن المنذر : ( أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع ) قال الشنقيطي : ( ولا خلاف بين أهل العلم أن المحرم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفة أن حجه يفسد بذلك ) .
ولعظم هذا الذنب ( وهو الجماع في الإحرام) فقد ترتب عليه خمسة أمور : أولها: الإثم: لمخالفة قوله تعالى {فلا رفث } والثانية: فساد النسك فلا يعتبر صحيحاً وبهذا قضى الصحابة رضي الله عنهم.
الثالثة : وجوب المضي في الحج مع فساده قضى بذلك ابن عمر وابن عباس .
الرابعة : عليه فدية : وهي عند مالك والشافعي وأحمد وجماعة من الصحابة بدنة ، وقال أبو حنيفة : عليه شاة، وقال داود : هو مخير بين بدنة أو شاة أو بقرة.
الخامسة : وجوب القضاء من العام القادم بدون تأخير، قضى بذلك بعض الصحابة .
9- المباشرة فيما دون الفرج داخلة في المحظورات وأوجب بعضهم فيها الفدية لقوله {فلا رفث ولا فسوق و لا جدال في الحج}.
أي : فلا يرفث ولا يفسق ولا يجادل ، وأراد نفيه شرعاً لا وجوداً فإننا نجد ونشاهد في الحج من بعض الناس الرفث والفسوق والجدال وخبر الله تعالى لا يجوز أن يقع بخلاف مخبره فعلمنا أن المقصود نفي وجوده شرعاً أي لا يجوز ذلك .
أفاده ابن العربي المالكي في أحكام القرآن.
فائدة ولطيفة : وذكر الله تعالى هذه الثلاث في الآية وهي {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال } ولم يزد ولم ينقص لحكمة وهي أن في الإنسان ثلاث قوى : قوة شهوانية ، وقوة غضبيه ، وقوة وهمية ، والمقصود من جميع العبادات قهر القوى الثلاث : الشهوانية والغضبية والوهمية فقوله {فلا رفث } إشارة إلى قهر القوة الشهوانية وقوله { ولا فسوق} إشارة إلى قهر القوة الغضبية التي توجب التمرد والغضب وقوله { ولا جدال } إشارة إلى القوة الوهمية التي تحمل الإنسان على الجدال وهي الباعثة للإنسان على منازعة الناس ومماراتهم والمخاصمة معهم في كل شيء فلما كان منشأ الشر محصور في هذه الثلاث فلا جرم أن قال { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال } أي فمن قصد معرفة الله ومحبته فلا يكون فيه هذه الأمور ولا واحدة منها وهذه أسرار نفيسة هي المقصد الأقصى من هذه الآيات فلا ينبغي أن يكون العاقل غافلاً عنها ومن الله التوفيق في كل الأمور .
( مستفاد بتصرف من تفسير الرازي ).
معنى الرفث في الآية:والأظهر في معنى الرفث في الآية أنه شامل للأمرين : مباشرة النساء بالجماع ومقدماته ، والثاني : الكلام بذلك كأن يقول لامرأته: إن أحْلَلْنا من إحرامنا فعلنا كذا وكذا .
والدليل على أن الرفث يطلق على مباشرة المرأة كجماعها قوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } فالمراد بالرفث في الآية المباشرة بالجماع ومقدماته ، وقال الحسن : ( المراد منه كل ما يتعلق بالجماع فالرفث باللسان ذكر المجامعة وما يتعلق بها ، والرفث باليد اللَّمْس والغمز ، والرفث بالفرج : الجماع ) .
وعن نافع أن ابن عمر كان يقول : الرفث إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم.
وقال بعضهم بالفرق بين التكلم بذلك للنساء فهو رفث وللرجال بينهم فليس برفث والصواب هو الأول .
فإذا كان الحاج مُنِع في الإحرام من كلمة النكاح في العقد فكيف بالاسترسال فيه؟.
ثم السُّنَّة و اللغة تؤكدان ما تقدم وذلك في حديث الصوم قال صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل " ومعلوم أن الرفث هنا لا يحتمل إلا قول الخنا والفحش .
وأما اللغة فقد قال أبو عبيد : الرفث : الإفحاش في المنطق يقال: أرفث الرجل إرفاثاً ، وقال أبو عبيدة : الرفث : اللغو من الكلام فتأكد ما قررناه قبل .
فائدة : أقسام الناس في ارتكاب المحظورات : 1- أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر فهذا آثم وعليه فديته .
2- أن يفعله لحاجة فليس بآثم وعليه فديته قال تعالى {فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}، فلو احتاج لتغطية رأسه من أجل برد أو حر يخاف منه جاز له تغطيته وعليه الفدية على التخيير كما سبق.
3- أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان أو إكراه أو نوم فلا إثم عليه ولا فدية لقوله تعالى { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ولكن متى زال العذر فعَلِمَ بالمحظور أو ذَكَرَهُ أو زال إكراهه أو استيقظ من نومه وجب عليه التخلي عنه ــ أي المحظور ــ فوراً .
وخلاصة ما ذكرنا أن المحظورات منها المشترك بين الرجال والنساء وهي : الشعر والأظافر والطيب والجماع ومقدماته وعقده والصيد والقفازين .
ومنها ما هو خاص بالرجال كلبس المخيط وتغطية الرأس ، ومنها ما هو خاص بالمرأة : وهو لبس النقاب .
محظورات الحرم : كما أن هناك محظورات للإحرام فهناك محظورات للحرمين على كل مسلم مراعاتها والتقيد بها وخصوصاً الحجاج وقد وردت الأحاديث الصحاح بجملة من ذلك فمنها : في الصحيحين عن عباد بن تميم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم حرَّم مكة ودعا لها وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة " وهذا واضح بأن تحريمهما بوحي ولهذا لا بد من التنبيه على أن لا يطلق لفظ الحرم إلا على الحرمين مكة والمدينة فلا يقال عن المسجد الأقصى أنه حرم ولا ثالث الحرمين ولا على مسجد الخليل إبراهيم أنه حرم إبراهيمي ونحوها من المساجد أو غيرها فإطلاق الحرم على شيء هو تشريع لا مجال للعقل والعاطفة فيه.
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال :" إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً أو يعضد شجرة فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له : إن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يأذن لك ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب" متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم : " هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاه" قال العباس :يا رسول الله إلا الإذخر فقال صلى الله عليه وسلم:" إلا الإذخر" .
متفق عليه .
وغير ذلك من الأحاديث.
ومما يدل على شدة حرمة مكة قول الله تعالى { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } .
وكان من أهل الجاهلية من يعظم البيت تعظيماً كبيراً ، فهذه امرأة تنصح ولدها فتقول له : أبُني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير أبني من يظلم بمكة يـلق آفات الشرور أبني قد جربتُها فوجدتُ ظالمها يبور .
فالمسلمون أولى بتكريم البيت وتعظيمه والمسلم مأمور بترك معصية الله في زمان ومكان ولكن تشتد المعصية وتعظم لشرف المكان والزمان .
وقد ورد الترخيص بقتل أشياء في الحل والحرم بسبب إفسادها ، ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال : " خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والكلب العقور والعقرب والفأرة " وفي رواية عند مسلم ذكر "الحية" ووصف الغراب بـ"الأبقع" .
ويلحق بها أيضاً الوزغ للأمر المطلق بقتلها ففي الحديث المتفق عليه : " أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ " وفي مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل وزغاً في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك " .
وهذا الأجر لم يُرَتَّب إلا على قتل هذا الوزغ وفي رواية متفق عليها قوله صلى الله عليه وسلم : " الوزغ الفويسق".
آداب دخول مكة : الاغتسال : إذا وصل المحرم إلى مكة استحب له أن يغتسل قبل دخولها ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ففي صحيح البخاري عن نافع قال : كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طوي ، ثم يصلي به الصبح ويغتسل ، ويحدِّث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .
قال ابن المنذر: والاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء ، وليس في تركه فدية .
في المسجد الحرام: فإذا وصل الحاج إلى المسجد الحرام : سُنَّ له أن يدخل الرجل اليمنى ويقول : اللهم صلى على محمد وسلم ، اللهم أفتح لي أبواب رحمتك " كما جاء في السنة من حديث أبي حميد أخرجه مسلم وأحمد وغيرهما وهذا الذكر يقال عند دخول سائر المساجد وليس لدخول المسجد الحرام فقط.
ثم يبادر إلى الحجر الأسود فيقبله ، فإن لم يتيسر استلمه بيده أو بعصا أو نحو ذلك وقبَّلها ، فإن لم يمكنه الاستلام أشار إليه بيده.
في صحيح البخاري أن رجلاً سأل أبن عمر رضي الله عنهما عن استلام الحجر ، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر".
وإذا أتى الحاج بالتسمية قبل التكبير فلا بأس لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه " كان إذا استلم الحجر قال : بسم الله والله أكبر " أخرجه البيهقي وسنده صحيح كما قال النووي وابن حجر.
ولا يزاحم عليه فيؤذي المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : " يا عمر إنك رجل قوي ، فلا تؤذي الضعيف وإذا أردت استلام الحجر ، فإن خلا لك فاستلمه ، وإلا فاستقبله وكبِّر " صححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم والذهبي 0 فضل استلام الحجر الأسود :عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر : " والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق " أخرجه الترمذي وحسنه وصححه ابن حبان والحاكم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحجر الأسود من الجنة ، وكان أشد بياضاً من الثلج حتى سَوَّدته خطايا أهل الشرك " أخرجه أحمد وابن خزيمة وصححاه.
الطواف :ثم يبدأ بالطواف حول الكعبة يجعلها عن يساره فيطوف من وراء الحِجْرِ سبعة أشواط ، ومن الحجَر إلى الحجَر شوط 0 يضْطَبع فيها كلها ، ويرمل في الثلاثة الأولى منها من الحجَر إلى الحجَر ، ويمشي في سائرها 0 ففي حديث جابر كما جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتي الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثاً ، ومشى أربعاً والرمل : هو أسرع المشي مع تقارب الخطى وهو الخبب .
والاضطباع : هو أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر 0 وهذا الاضطباع لا يشرع إلا في الطواف، أما قبله وبعده فلا يشرع .
ويُسَن له أن يستلم الركن اليماني بيده في كل شوط لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما.
أخرجه البخاري ومسلم.
والاستلام هو المسح باليد ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ذلك فلا يشرع تقبيله أو الإشارة إليه 0 ولا يستلم الركنين الشاميين اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وما أحسن ما روى عن عبد الرازق في المصنف وغيره عن يعلى بن أمية قال ، طفت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر أخذت بيده ليستلمه؟ فقال : أما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى ، قال : فهل رأيته يستلمه ؟ قلت : لا ، قال : فانفذ عنك فإن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:(والاستلام هو مسحه باليد ، وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم ، وسائر الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم، ومقام نبينا صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه ، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس ، فلا تستلم ولا تُقَّبل باتفاق الأئمة ، وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة ، ومن اتخذه ديناً يستتاب فإن تاب وإلا قتل ) .
وليس للطواف ذكر خاص فله أن يقرأ من القرآن والذكر ما شاء لقول صلى الله عليه وسلم " الطواف بالبيت صلاة ولكن الله أحل فيه النطق ، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير " رواه الترمذي وفي رواية الطبراني " فأقِلُّوا فيه الكلام " وصححه الألباني 0 أما ما اعتاده بعض الحجاج من قراءة أوراد وأذكار خاصة لكل شوط فهذا من البدع والمنكرات لا سيما إذا اقترن ذلك برفع الصوت جماعة بحيث يشوشون على .
تنبيه هام : وينبغي أن يتنبه الطائف إلى أمر يخل به بعض الناس في وقت الزحام فتجده يدخل من باب الحِجْر ويخرج من الباب الثاني ولا يطوف بالحِجْر مع الكعبة وهذا خطأ لأن الحِجْر أكثره من الكعبة فمن دخل من باب الحِجْر وخرج من الباب الثاني لم يكن قد طاف بالبيت فلا يصح طوافه.
صلاة ركعتي الطواف : فإذا انتهى من الشوط السابع غطى كتفه الأيمن وانطلق إلى مقام إبراهيم وقرأ {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } وجعل المقام بينه وبين الكعبة وصلى عنده ركعتين وقرأ فيهما {قل يا أيها الكافرون } في الأولى و{قل هو الله أحد } في الثانية كما ثبت ذلك كله في صحيح مسلم في حجة النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
وإن لم يُمْكِنْه أن يصليها خلف المقام صلاها في أي مكان من المسجد قال ابن عبد البر في الاستذكار : ( واجمعوا على أن الطائف يصلي الركعتين حيث شاء من المسجد وحيث أمكنه وأنه إن لم يُصَلِّ عند المقام أو خلف المقام فلا شيء عليه ) 0 ثم إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منها وصبَّ على رأسه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في مسند الإمام أحمد .
السعي بين الصفا والمروة : ثم بعد ذلك يخرج إلى الصفا من بابه ، فإذا دنا من الصفا قرأ {إن الصفا والمروة من شعائر الله } ويقول : نبدأ بما بدأ الله به .
ثم يرقى الصفا حتى يرى البيت ويستقبل القبلة فيوحد الله ويكبر فيقول : الله أكبر ( ثلاثاً) لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم يدعو بما تيسر من الدعاء بما فيه خير الدنيا والآخرة 0 ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات مع رفع يديه، ثم ينزل فيمشي إلى المروة حتى يصلى إلى العلم الأول فيسرع في المشي إلى أن يصل إلى العلم الثاني ثم يمشي فيرقى المروة ويصنع فيها ما صنع على الصفا من استقبال القبلة والتكبير والتوحيد ، والدعاء وهذا شوط ، ثم يعود حتى يرقى على الصفا يمشي موضع مشيه ويسعى موضع سعيه وهذا شوط ثاني ، ثم يعود إلى المروة حتى يتم له سبعة أشواط نهاية آخرها على المروة وإن دعا في السعي بقوله : " رب اغفر وارحم ، إنك أنت الأعز الأكرم " فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف كابن مسعود وابن عمر .
فإذا أكمل السعي حلق رأسه أو قصره ، والحلق أفضل وإن قصر وترك الحلق للحج فحَسَن .
إذا كان قدومه مكة قريباً من وقت الحج فالتقصير في حقه أفضل ليحلق بقية رأسه في الحج ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم هو وأصحابه مكة في رابع ذي الحجة أمر من لم يسق الهدي أن يحل ويقصر ولم يأمرهم بالحلق .
تنبيه هام: ولا بد في التقصير من تعميم الرأس ولا يكفي تقصير بعضه .
كما أن حلق بعضه لا يكفي .
والمرأة لا يشرع لها إلا التقصير والمشروع لها أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل والأنملة: رأس الأصبع ولا تأخذ زيادة على ذلك .
نهاية مناسك العمرة للمتمتع: فإذا فعل المحرم ما ذُكِر فقد تمت عمرته وحلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا أن يكون قد ساق الهدي من الحل فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل من الحج والعمرة معاً 0 أعمال الحج : الإهلال بالحج يوم التروية :إذا كان يوم الثامن من ذي الحجة أحرم وأهَلَّ بالحج كما فعل عند العمرة من الاغتسال والتطيب قبل الإحرام ويُحرم من الموضع الذي هو فيه حتى أهل مكة من منازلهم ولا يَسَنُّ أن يذهب إلى المسجد ليُحْرِم منه كما يفعله بعضهم لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم .
روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم لما أحللنا أن نُحْرِم إذا توجهنا إلى منى قال : فأهلَلْنا من الأبطح .
وهو المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم نازلاً فيه.
وعلى هذا فيكون الإهلال من محل السكن والإقامة .
ثم يلبي من حين إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ، لما رواه الشيخان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : لم يزَل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
أعمال يوم الثامن : ثم ينطلق إلى منى فيصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً لما يُقصَر دون الجمع ، ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال :" فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر " ، وفي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من خالفته " .
الوقوف بعرفة : 1- حكمه : قال ابن عبد البر في التمهيد (9/153) : ( أجمع العلماء في كل عصر وبكل مصر فيما علمت أنه فرْضٌ لا ينوب عنه شيء وأنه من فاته الوقوف بعرفة في وقته الذي لا بد منه فلا حَجَّ له ) .
وعن عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه ناس فسألوه عن الحج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الحج عرفة فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جَمْع فقد تم حجه " رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني في الإرواء ( 1064).
2- فضله: عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول :ماذا أراد هؤلاء ؟".
رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي هؤلاء جاءوني شُعثاً غُبراً".
رواه ابن حبان وغيره وصححه الألباني.
وعن ابن عمر في حديث له أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه فقال صلى الله عليه وسلم : " وأما وقوفك بعرفة فإن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول : هؤلاء عبادي جاءوا شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان مثل رمال عالج أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك.
.
.
".
الحديث رواه عبد الرزاق والبزار والطبراني وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وراحوا إلى التعريفِ يرجون رحمةً ومغفرةً ممن يجودُ ويُكرمُ فللهِ ذاك الموقفُ الأعظمُ الذي كموقف يوم العرضِ بلْ ذاك أعظمُ ويدنو به الجبارُ جل جلاله يبـاهي بهم أملاكَه فهو أكرَمُ يقولُ عبادي قد أتوني محبةً وإني بهم برٌّ أجـودُ وأرحمُ وأُشهدكم أني غفرتُ ذنوبَهم وأعـطيتُهم ما أمـلوه وأُنعمُ فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي به يغفرُ اللهُ الذنوبَ ويرحمُ فكم مِنْ عتيقٍ فيه كُمِلَ عتقُه وآخرُ يستشفي وربـُكَ أرحمُ وما رئي الشيطانُ أغيظَ في الورى وأدحرَ منه عندها وهو أَلأَمُ هنا أكمل الدين : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال عمر رضي الله عنه : أي آية؟ قال {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } قال عمر رضي الله عنه : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة .
رواه البخاري ومسلم.
ينطلق الحاج إلى عرفة بعد صلاة الفجر وهو يلبي أو يكبر كل ذلك فِعْلُ الصحابة وهُمْ مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يُنْكِر عليهم كما في الصحيحين .
ثم ينزل نمرة وهو مكان قريب من عرفات وليس هو منها وينتظر بها إلى ما قبل الزوال وهذا إذا تيسر له ذلك، فإن هذا النزول قد يتعذر اليوم تحقيقه لشدة الزحام فإذا جاوزه إلى عرفة فلا حرج عليه إن شاء الله .
فإذا زالت الشمس رحل إلى بطن الوادي وهو وادي عُرنة وليست من عرفات كذا فعل صلى الله عليه وسلم قال جابر في حديثه : " حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحلت له فركب حتى بطن الوادي وقد يتعذر هذا هذه الأزمان فلا حرج إذا تجاوزه إلى عرفة .
ثم يصلي الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر ويؤذن لهما أذاناً واحداً وإقامتين ولا يصلي بينهما شيئاً لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعض أهل العلم إنما كان الجمع جمع تقديم لكي يتفرغ الناس للدعاء والذكر والتهليل والابتهال والتضرع فإنه يوم عظيم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
ويكثر فيه من الدعاء والابتهال .
ولا يصوم الحاج عرفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصُمْها ، ولكي يتقوى على الدعاء .
ومن الخطأ ما يفعله البعض من صعود جبل عرفة ــ الذي يسمى جبل الرحمةــ وبعضهم يتمسح به للبركة وذلك من البدع والمحدثات.
ويبقى كذلك في عرفة وكلها موقف حتى تغرب الشمس فإذا غربت الشمس أفاض من عرفات إلى المزدلفة وعليه السكينة والهدوء ولا يزاحم الناس بنفسه ولا سيارته فإذا وجد خلوة أسرع .
المزدلفة: فإذا وصل مزدلفة أذَّن وأقام وصلى المغرب ثلاثاً ثم أقام وصلى العشاء قصراً وجمعاً جمع تأخير ثم ينام حتى الفجر ثم يصلي في أول وقته بأذان وإقامة والراجح هو القول بوجوب المبيت بالمزدلفة كما قاله العلامة ابن عثيمين رحمه الله وذهب البعض إلى أنه ركن واستدلوا بقوله تعالى { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام} وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه " ووقفت هنا وجَمْعٌ كلها موقف" ولما روى الترمذي أن رجلاً قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت :يا رسول الله إني جئت من جبلي طيء أكللتُ راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد أتمَّ حجه وقضى تفثه" .
ويجوز للضعفة والنساء أن ينطلقوا من مزدلفة بعد منتصف الليل لما رواه البخاري عن ابن عباس قال : أنا ممن قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة في ضعفة أهله " قال ابن تيمية : ( فإن كان من الضعفة كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر ولا ينبغي لأهل القوة أن يخرجوا من مزدلفة حتى الفجر).
وبعد صلاة الفجر يأتي المشعر الحرام وهو جبل صغير في مزدلفة فيرقى عليه ويستقبل القبلة فيحمد الله ويكبره ويهلله ويوحده ويدعو ولا يزال كذلك حتى يسفر جداً كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر الطويل.
ثم ينطق إلى منى قيل طلوع الشمس وعليه السكينة ملبياً ويلتقط الحصى لرمي جمرة العقبة ولا يستحب غسله كما يفعله البعض فإذا وصل عند الجمرة قطع التلبية ويستقبل الجمرة ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ويرميها بسبع حصيات مثل حصى الخذف وهو أكبر من الحُمُّصَة قليلاً ويكبِّر مع كل حصاة ولا يجوز أن يرمي بحصاة كبيرة أو بالخفاف والنعال مع الصياح واللغط والسب كما يفعله البعض .
ورمْيُ الجمار: من ذكر الله ومن شعائره كما في الحديث : " إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " .
فإذا انتهى منها حلَّ له كل شيء إلا النساء ، فيلبس ثيابه ويتطيب .
النحر:ويذبح أو ينحر هديه في المنحر أو في أي مكان كان من منى لقوله صلى الله عليه وسلم:"نحرت هاهنا ومنى كل منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر فانحروا في رحالكم".
أخرجه مسلم وغيره.
قال النووي : ( في هذه الألفاظ بيان رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم على مصالح دينهم ودنياهم فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر لهم الأكمل والجائز فالأكمل موضع نحره والجائز كل جزء من أجزاء المنحر .
.
.
وأما قوله : " ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم " فالمراد بالرحال المنازل قال أهل اللغة رحل الرجل منزله سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر ومعنى الحديث منى كلها منحر يجوز النحر فيها فلا تتكلفوا النحر في موضع نحري بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى) وقال العلامة الألباني:( وفي هذا الحديث توسعة عظيمة على الحجاج وقضاء على القسم الأكبر من مشكلة تكدس الذبائح في المنحر).
ويسمي : وهذه التسمية واجبة وشرط في حل الذبيحة عموماً وعن أنس قال : " ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر " متفق عليه .
أيام النحر: الراجح أنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده ، وهو قول الشافعي ورواية عن احمد واختيار شيخ الإسلام فيمتد وقته إلى غروب شمس آخر أيام التشريق الثلاثة التالية ليوم العيد قاله الإمام ابن باز رحمه الله ، وقد ورد في الحديث : ( كل أيام التشريق ذبح) رواه أحمد وصححه ابن حبان وحسنه الألباني كما قواه ابن القيم في الزاد والشوكاني في النيل وقال به جمع من الصحابة ذكرهم النووي في المجموع وشرح مسلم.
هل ينحر في الليل ؟ : على قولين : الأول : نعم ، والثاني: لا.
والراجح هو القول الأول ولا فرق بين الأضحية والهَدْي وما ورد من الأحاديث في النهي عن ذلك فلا تصح كحديث ابن عباس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح ليلاً " .
أخرجه الطبراني في الكبير وفي سنده سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك والأحاديث الأخرى ضعفها البيهقى في الكبرى (9/290) والنووي في المجموع (8/ 388).
تقسيم الهدي :قال الله تعالى { فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} واختلف العلماء في حكم الأكل والإطعام من الهدي على أقوال : الأول : أنهما واجبان ، القول الثاني : أنهما مستحبان ،والقول الثالث: التفريق بينهما، فالأكل مستحب والإطعام واجب وذلك أن الهدي تتعلق به نفس الفقير فوجب إعطاؤه بخلاف الأكل من حظوظ النفس فيجوز التنازل عنه.
القول الرابع : عكس الثالث أي أن الأكل واجب والإطعام مستحب : والراجح: هو القول باستحباب الأكل والإطعام وهو قول الجمهور واختاره الشيخ ابن باز والألباني رحمهما الله .
ومما ورد في الأكل ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يؤخذ من كل بدنة قطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها " .
وأما مقدار ما يؤكل منها فقال البعض يُؤكل النصف والأخر يُطعًم وقيل: يؤكل الثلث ويتصدق بالثلثين .
لأن الله ذكر القانع وهو السائل والمعتر الذي يطيف بالبدن معترضاً لها فالمذكور ثلاثة أصناف فتقسم على أثلاث ، وقيل : يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً وهذا ما اختاره أصحاب الإمام أحمد.
ولكن تحديدها بالثلث يحتاج إلى دليل من السنة والرسول صلى الله عليه وسلم تصدق بكل لحم الإبل في الهدي إلا القطع التي اختارها صلى الله عليه وسلم أن تجمع في قدر وتطبخ) وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :" أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدْنِهِ وأن أقسِّمَ جلودها وجلالها ولا أعطي الجزار منها شيئاً "أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى وابن ماجة وهو صحيح ومعناه في الصحيحين فليس في الأحاديث تحديد الثلث ولكن الأقرب إلى ظاهر القرآن أنه يأكل من هديه ويطعم الفقراء وذوي الحاجة .
الحلق: ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم : "اللهم اغفر للمحلقين ثلاثاً" ثم دعا للمقصرين مرة .
والمرأة تأخذ من شعرها قدر أنملة فحسب كما في العمرة تماماً .
طواف الإفاضة : ثم الطواف بالبيت وهو طواف الزيارة والإفاضة قال تعالى { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم ويطوفوا بالبيت العتيق }.
وهنا تختلف أحوال الحجاج فإن كان متمتعاً وأتى بالسعي بعد طواف العمرة فلزمه الإتيان بسعي الحج .
ففي البخاري عن ابن عباس قال: ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية التروية أن نُهِلَّ بالحج فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وقد تم حجنا وعلينا الهدي".
وإن كان مفرداً فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يَسْعَ مرة أخرى لقول جابر رضي الله عنه :" لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول " رواه مسلم.
وإن كان لم يسْعَ وجب عليه السعي .
فإذا طاف الإفاضة وسعى فقد تحلل التحلل الأكبر وحلَّ له النساء وجميع المحظورات لما في الصحيحين : " عن ابن عمر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم :" ونَحَرَ هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه".
والأفضل : هو ترتيب أعمال يوم النحر كما يلي : رمي جمرة العقبة ثم الذبح ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف ثم السعي للمتمتع أو المفرد الذي لم يسْعَ مع القدوم .
فإن قدَّم بعضها على بعض فلا بأس لقوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عمَّن فعل ذلك ــ أي قدم وأخَّر ــ " لا حرج لا حرج".
ولا يتوقف الحِلُّ على فِعْلِ هذه الأشياء كلها بل إذا بل رمى الجمرة وحلق أو قصَّر حلَّ له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء.
المبيت بمنى والرمي : ثم يعود فيبيت بمنى ويرمي الجمرات الثلاث أيام التشريق :فيبقى بقية يوم العيد فيها ويرمي كل يوم بعد الزوال بسبع حصيات لكل جمرة والسنة في ذلك أن يبدأ بالجمرة الأولى فإذا فرغ منها تقدم قليلاً عن يمينه فيقوم مستقبلاً القبلة قياماً طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها كذلك ثم يأخذ ذات الشمال فيقوم كما فعل في الجمرة الأولى ويدعو ثم يأتي الثالثة : وهي جمرة العقبة فيرميها ويجعل البيت عن يساره ولا يقف عندها .
وهكذا في اليوم الثاني واليوم الثالث وإن انصرف بعد رمي وقبل أن تدركه الغروب لشمس اليوم الثاني جاز له التعجل والذهاب لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه }.
والتأخر هو الأفضل الموافق للسنة الفعلية له صلى الله عليه وسلم .
وهنا تنبيه :وهو أن البعض فهم من الآية السابقة أن اليوم الثاني هو يوم الحادي عشر وظنوا أن اليوم الأول هو يوم العيد وليس الأمر كذلك وإنما هما اليومان : الحادي عشر واليوم الثاني عشر.
الاستنابة في الرمي : الرمي نسك من مناسك الحج يجب على الحاج القيام به بنفسه هذا هو الأصل ولا يوكِّل غيره إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه لمرض أو كبر أو صغر أو نحو ذلك فيوكِّل من يثق به ويرمي عنه وكيفية الرمي الموكَّل به : أن يبدأ بنفسه فيرمي بسبع حصيات ثم يرمي عمن وكله سبع حصيات.
طواف الوداع : فإذا قضى مناسكه وأراد العودة إلى بلاده عليه أن يطوف بالبيت للوداع .
لحديث ابن عباس قال : كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت " أخرجه مسلم.
ولا يبقى بعد طواف الوداع كثيراً ولا يتشاغل بعده إلا ما يتعلق بغرض الرحيل وحوائجه مثل انتظار الرفقة والسيارة ونحو ذلك فإن أقام بمكة بعده غير ما ذُكِر فعليه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت .
وأما الحائض والنفساء فلا يجب عليهما طواف الوداع لحديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض".
متفق عليه .
وقفات مع مدرسة الحج ومعالمه: 1- المساواة في الحج فلا فرق في لون ولا لغة ولا وطن ولا قبيلة ولا عشيرة كلهم أخوة لا تميز هذا من ذاك .
2- التسليم والانقياد لأحكام الشرع فإن في الحج كثيراً من الأحكام قد لا تعرف الحكمة فيها ولكنك تفعلها امتثالاً لأمر الله كالرمي وغيرها .
يقول ابن القيم : ( إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله : على التسليم وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع ).
3- تذكر مسيرة دعوة الأنبياء وأنها واحدة من إبراهيم ومن قبله إلى محمد صلى الله عليه وسلم فتنظر في أعمال الحج وفيها متابعة إبراهيم الخليل في أعماله ففيه وحدة هذه الدعوة القائمة على التوحيد وإخلاص العبادة لله تعالى .

وتذكر صبرهم على دعوتهم وخصوصاً ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض مكة من قومه من الأذى وغيره حتى ختم الله له ولدينه بالنصر والتمكين.
4- تذكر الموت والآخرة بلباس الإحرام فيورثك ذلك المراقبة والاستعداد للقاء الله عملا بالوصية النبوية : " أكثروا من ذكر هاذم اللذات ".
يا مُحرمونَ كيومِ البَعْثِ مَنْشَرُهم شملُ البريةِ هذا اليومُ يَجْمَعُهُ مِنْ كلِ جنسٍ ولَوْنٍ أقبلوا زُمَرًا حيثُ التفاضلُ للإيمانِ مَرْجِعُهُ تجرَّدُوا من هوى الدنيا وزُخْرُفِها وكُلُهم في رِضاءِ اللهِ مَطْمَعُهُ مُسالمين فلا بغيٌ ولا حرَبٌ ولا يُراوِدُ جَفْنَا مـا يُرَوِّعُـهُ ترى الخيامَ على ظهر الرُّبى نُصِبَت كالبحر منشورةً للريح أشرُعُهُ هذي وفودُك يا رحمنُ قائمةٌ يَضُمُّها من جميلِ العفوِ أوسـَعُهُ 5- بلوغ التقوى وتعظيم حدود الله ومحارمه قال تعالى {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } .
6- تحقيق الولاء للمؤمنين وأنهم كما قال صلى الله عليه وسلم : " كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " وكما قال صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وينبغي للمسلمين أن يستفيدوا من هذا الموسم الكريم في توحيد كلمتهم ولم شملهم على عقيدة صالحة صحيحة وعلى منهاج النبوة وأن يعلموا أن الله تعالى شرع لهم هذه الاجتماعات السنوية وكذلك الأسبوعية كالجمعة واليومية كصلاة الجماعة كل ذلك لنفهم عن ديننا هذا المطلب العظيم ولنربي أنفسنا على أهمية الوحدة والاجتماع بين المسلمين .

7- إظهار البراءة من المشركين وتعمد مخالفة أهل الجاهلية ففي البخاري ومسلم عن هشام بن عروة بن الزبير قال : كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس ( والحمس قريش وما ولدت ) وكانت الحُمس يحتسبون على الناس يعطي الرجلُ الرجلَ الثياب يطوف فيها وتعطي المرأة المرأةَ الثياب تطوف فيها فمن لم يعطه الحمس طاف بالبيت عرياناً وكان يفيض جماعة الناس من عرفات وتفيض الحُمس من جمع( مزدلفة) قال : وأخبرني أبي (عروة بن الزبير) عن عائشة رضي الله عنها أن هذه الآية نزلت في الحُمس { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } قال : كانوا يفيضون من جمع فدُفعوا إلى عرفات ".
فهنا خالف صلى الله عليه وسلم في الحج حج أهل الجاهلية وهذه قاعدة من قواعد الشريعة العظيمة والمهمة .
8- رفع الحرج في الشريعة قال تعالى {ما جعل عليكم في الدين من حرج } وقال جل { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وغيرها من النصوص .
ونلمس ذلك في الحج في تيسير أحكامه وقوله صلى الله عليه وسلم: افعل ولا حرج .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

جزاكم الله خير

موقع الشيخ سعد البريك
Cant See Links


التوقيع :




لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم








رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:26 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir