البدية لوحة تزينها زرقة البحر وخضرة الأشجار

[OM_SULTAN]

بنى مسجدها عثمان بن أبي العاص وأصبح قبلة السياح
البدية لوحة تزينها زرقة البحر وخضرة الأشجار
المصدر: البدية جميل محسنالتاريخ: 28 أغسطس 2011


Cant See Images

من ضفاف شواطئ الساحل الشرقي وبالتحديد شمال غرب مدينة الفجيرة بحوالي خمسة وثلاثين كم تقع منطقة البدية، والتي جاء اسمها من اللهجة الشعبية (البدي) وهو بئر الماء.

وهي من المناطق السياحية الأثرية المهمة في الإمارات، وجاءت شهرتها من تاريخها الضارب في الأعماق، لكونها من أقدم المدن التي سكنها الإنسان منذ وقت مبكر، وكما أشارت بعض الحفريات التي تم العثور عليها من مبان قديمة وقلاع تاريخية، قيل ان تاريخ بنائها يعود إلى أكثر من 300 سنة، بينما تاريخ المنطقة يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، وأول ما يشد الزائر لهذه المنطقة هو مسجدها ذو الدلالة الدينية والإسلامية والتاريخية.

جمال الطبيعة

من ربوع بلادي نطل هذا اليوم على (البدية) وهي بالمناسبة من المناطق الجميلة تزينها مزارع النخيل التي تحيط بها كالأسوار حول المعصم، وشواطئها الذهبية التي تعكس مدى جمال وسحر هذا المكان، فأحياء البدية هي فعلا بديعة مثل مسجدها الذي أصبح أشهر وأقدم معلم فيها، وما زال يؤدي دوره في استقبال المصلين.

اذن موقع البدية الاستراتيجي وسحرها الطبيعي، جعلها قبلة للسياح وللباحثين عن اكتشاف الطبيعة وأغوار التاريخ، كما ساهم سوق البدية والمعروف بسوق الخميس وهو أشبه بسوق الجمعة في مسافي، في عرض وبيع السجاد والفخار والشتلات والمنتجات الزراعية المحلية، مما زاد من حركة النشاط والتردد على هذه المنطقة.

القديم والحديث

اشتق اسم (البدية) من بئر لم يكن ماؤه ينضب اسمه ( البدي)، ولكن أهم مصدر مائي الآن في البدية هو شلالات ومياه وادي الوريعة، التي تهبط على جبالها المحيطة بها، وهناك الكثير من الأودية بالقرية والتي تمر عبرها أو حولها، مثل وادي (الاحمدة) ووادي (حصي) ووادي (نمدير) ووادي (خسارة) ووادي (الطرف)، وكذلك وادي (سمة)، كما أن كثرة هذه الأودية وخصوبة الأرض دفع أهلها منذ زمن بعيد إلى احتراف الزراعة.

إضافة إلى احترافهم الصيد باعتبارهم أهل بحر وبلادهم تقع عليها مباشرة، وهذا ما ساعدهم على ركوب البحر والغوص فيه، فانقسم أهل البلدة إلى ثلاثة أقسام، بحارة ومزارعين ورعاة أغنام، فأما البحارة فعملوا في صيد اللؤلؤ والأسماك، والمزارعين في المزارع والأراضي الزراعية الواسعة، والجزء الآخر اختار رعي الأغنام وهي أيضا من مصادر الدخل لكثير من أبناء القرية، ولا شك ان نمط الحياة تغير بعض الشئ، فبعد قيام الاتحاد تم تحديث القرية كلها، حتى تحولت إلى مدينة عصرية، حيث البيوت الإسمنتية والفيلات وأحدث أنواع التكنولوجيا والأجهزة الكهربائية، وكل هذا لم يلغ هويتها الإماراتية البدوية.

مهن لم تهمل

وللقرية مزايا وخصائص تاريخية وعمرانية، أثرت على البيئة المحيطة بما تحتويه من آثار ومبان ذات قيمة ثقافية واجتماعية، ويميز هذه القرية وجود البحر بجماله ولونه الأزرق، ومزارعها الخضراء التي زينتها باسقات النخيل وأشجار الفاكهة، كذلك تميز أبناء القرية بوفائهم لمهن الأجداد الصيد والفلاحة.

وذلك من خلال محافظتهم على هذه المهن باعتبارها إرثا أصيلا من تاريخ المنطقة، والتي هي اليوم من مصادر الدخل في القرية فالمزارع تبيع منتجاتها الزراعية في أسواق الإمارة وخارجها، والبحر يؤتى منه السمك بمختلف أنواعه ويعتبر غذاء رئيسيا لأبناء القرية والمناطق المحيطة بها، ولكن الشئ الجميل ان أبناء البدية لم يهجروا مهن وحرف آبائهم وأجدادهم رغم حصولهم على تعليم عال ووظائف راقية، فما زالوا يمارسون نفس المهن.

معلم ديني

يقع مسجد البدية المعلم الديني القديم على الطريق بين مدينة خورفكان ودبا بالقرب من القرية الساحلية ذات المقومات التاريخية والطبيعية، حيث يبعد مسافة ثمانية وثلاثين كيلومترا شمال مدينة الفجيرة، وسبعة كيلومترات شمال مدينة خور فكان، وخمسة وعشرين كيلومترا جنوب مدينة دبا، وقد أثبتت الدراسات المتخصصة أن تاريخ بناء المسجد يرجع إلى عام 1446م، وهو يمثل استمرارية لحقبة زمنية مهمة من تاريخ المنطقة، ويتخذ المسجد شكلا مربعا متساوي الأضلاع وتبلغ مساحته ثلاث وخمسون مترا مربعا.

ويتكون من قاعة للصلاة تؤدي للفناء الخارجي من جهة الشرق، وتحتوي القاعة على عناصر معمارية تراثية مثل: المحراب، والمنبر، والتجاويف، والفتحات، وتتميز القاعة بوجود عمود مركزي دائري المقطع يقسم حيزها الداخلي لأربع مربعات متقاربة الأبعاد تعلوها أربع قباب تتخذ شكلا هندسيا تدرجيا من حلقات حلزونية متماثلة حول محورين متعامدين، الشيء الذي ينعكس على الصورة البصرية لنمط المسجد الذي تميزه الخصوصية في الشكل والجمالية في الإبداع، ويقال ان المسجد بناه عثمان بن أبي العاص وسمي بالمسجد العثماني.


Cant See Links
Cant See Images