الإمـــام الأعمــش
سليمان بن مهران، من أعلام التابعين، رأى أنساً وأبابكرة الثقفي، وأخذ بركابه، فقال له يا بني، إنما أكرمك ربك؛ كان لطيف الخُلُق، مزاحاً، لم تفته تكبيرة الإحرام سبعين سنة، وتوفي سنة سبع، وقيل ثمان، وقيل تسع وأربعين ومائة رحمه الله.
وله نوادر منها:
1. كانت له زوجة من أجمل نساء الكوفة، فجرى بينهما كلام، وكان الأعمش قبيح المنظر، فجاءه رجل يُقال له أبوالبلاد يطلب الحديث منه، فقال له: إن امرأتي نشزت عليَّ، فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس؛ فدخل عليها، وقال1: إن الله تبارك وتعالى قد أحسن قسمتك، هذا شيخنا وسيدنا، وعنه نأخذ أصل ديننا، وحلالنا وحرامنا، فلا يغرنك عموشة عينيه، ولا خموشة ساقيه؛ فغضب الأعمش، وقال له: يا خبيث، أعمى الله قلبك، قد أخبرتها بعيوبي؛ ثم أخرجه من بيته.
2. ومرة أراد إبراهيم النخعي أن يماشيه، فقال له الأعمش: إن رآنا الناس معاً قالوا: أعور2 وأعمش؛ فقال النخعي: وما عليك أن يأثموا ونؤجر؟! فقال له الأعمش: وما عليك أن يسلموا ونسلم؟
3. وجلس يوماً في موضع فيه خليج من ماء المطر، وعليه فروة خَلِقة، فجاءه رجل وقال: قم عدني هذا الخليج، وجذب بيده، فأقامه وركبه، وقال: "سبحان الله سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"؛ فمضى به الأعمش حتى توسط الخليج، ورمى به وقال: "وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين"، ثم خرج وتركه يتخبط.
4. جاء رجل إلى الأعمش يطلبه فقيل له: خرج مع امرأة إلى المسجد؛ فجاءه ووجدهما في الطريق، فقال: أيكما الأعمش؟ فقال الأعمش: هذه؛ وأشار إلى المرأة.
5. عاده أقوام في مرضه، فأطالوا الجلوس عنده، فأخذ وسادته وقام، ثم قال: شفى الله مريضكم فانصرفوا.
6. ذكر عنده يوماً قوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن قيام اليل بال الشيطان في أذنه"، فقال: ما عمشت عيناي إلا من بول الشيطان في أذني.
7. سأل حفص بن غياث الأعمش عن إسناد حديث، فأخذ بحلقه وأسنده إلى حائط، وقال: هذا إسناده.
8. قال رجل للشعبي: ما كان اسم امرأة إبليس؟ فقال: إن ذلك نكاح ما شهدناه!
ملح وطرائف
سأل الرشيد الأصمعي عن مسألة، فقال: على الخبير سقطت؛ فقال الربيع وزيره: أسقط الله أضراسك، أبهذا يخاطب أمير المؤمنين؟!
سئل ابن المبارك رحمه الله عن الحديث الذي جاء في العدس أنه قدِّس على لسان سبعين نبياً، فقال: ولا على لسان نبي واحد، وإنه مؤذٍ منفخ، قرين البصل في القرآن، وهو شهوة اليهود التي قدموها على المن والسلوى.
ملوك الفاكهة هي: العنب، والرطب، والرمان.
كان ابن سيرين رحمه الله إذا سئل عن مسألة فيها أغلوطة، قال للسائل: أمسكها حتى تسأل عنها أخاك إبليس.
وسأل عمرو بن قيس مالك بن أنس عن مُحْرم نزع نابي ثعلب، فلم يرد عليه شيئاً.
سأل رجل عمر بن قيس عن الحصاة يجدها الإنسان في ثوبه، أوفي خفه، أوفي جبهته من حصى المسجد؛ فقال: ارم بها؛ قال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد؛ فقال: دعها تصيح حتى ينشق حلقها؛ فقال الرجل: سبحان الله! ولها حلق؟ قال: فمن أين تصيح؟
قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟ قال: يكفيه منها كوكب الجوزاء.
ذكر الأصمعي رحمه الله رجلاً بالتصحيف، فقال: كان يسمع فيعي غير ما يسمع، ويكتب غير ما يعي، ويقرأ في الكتاب غير ما هو فيه.
وذكر رجل آخر بالتصحيف، فقال: كان إذا نسخ الكتاب مرتين عاد سُريانياً.
سأل رجل من أهل العراق ابن عمر رضي الله عنهما عن دم البعوض أنجس هو؟ فقال: سبحان الله، تقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي، وتسألون عن دم البعوض؟
سمع عمر رضي الله عنه رجلاً ينبه على تمرة، فقال له: كلها يا تافه الورع.
مر الشعبي بقوم من الموالي يتذاكرون النحو فقال له: لئن أصلحتموه إنكم لأول من أفسده.
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله جالساً عند الوليد بن عبد الملك، وكان الوليد لحاناً، فقــال: يا غلام ادع لي صالح؛ فقال الغلام: يا صالحاً؛ قال له الوليد: انقص ألفاً؛ فقال عمر بن عبد العزيز: فأنتَ يا أمير المؤمنين فزد ألفاً.
قال الأصمعي رحمه الله: مررتُ بكناس بالبصرة يكنس كنيفاً1 ويغني:
وأعجب من هذين من باع دينه = بدنيا سواه فهو من ذين أعجب
قال مالك رحمة الله: الأدب أدب الله، لا أدب الآباء والأمهات، والخير خير الله، لا خير الآباء والأمهات.
من دعاء الإمام أحمد رحمه الله: "اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق، وهو يظن أنه على الحق، اللهم فرده إلى الحق رداً جميلاً حتى يكون من أهله".
عن سوار بن شبيب أنه قال لابن عمر رضي الله عنهما: ما تقول في فتية شببة ظراف نظاف، يقرأون القرآن، ويقومون الليل، ولكن يكفِّر بعضهم بعضاً؟ يعني بهم الخوارج، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: ماذا تركوا من دناءة الأخلاق إلا أن يكفِّر بعضهم بعضاً"، أو كما قال.
عطس رجل بحضرة ابن عمر فقال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ولكن ما هكذا علمنا رسول اله صلى الله عليه وسلم.