10 Feb 2005 20:19:48 GMT
أحجار كريمة وبيوت من الطين والقش
جنوب أفريقيا خليط ثقافات العالم
تعتبر زيارة جنوب أفريقيا هدفاً للكثيرين، فقد سمعنا الكثير عن هذه الدولة خاصة عن التفرقة العنصرية التي مارسها البيض الذين لا يزيد عددهم على أربعة ملايين نسمة جاؤوا من إنجلترا وهولندا وبلدان أخرى من اجل الحصول على الماس والذهب والمعادن الثمينة.
ومن أجل الاستئثار بهذه الثروات.. فقد طبقوا سياسة عزل الأغلبية من سكان البلاد الأصليين في مناطق تتسم بالفقر والجدب، وفرضوا عليهم المعيشة داخل هذه الأماكن لا يغادرونها إلا بإذن من السلطات.
تقع جمهورية جنوب أفريقيا في أقصى الطرف الجنوبي من القارة السمراء. تحدها ناميبيا من الشمال الغربي، وبتسوانا وزيمبابوي من الشمال، وموزامبيق من الشمال الشرقي، وباقي حدودها على المحيطين الأطلسي والهندي، مساحتها 3,1 مليون كم2،معظم أرض جنوب أفريقيا هضبة يزيد ارتفاعها على ألف متر، تشكل وسط البلاد، يحيط بها من الجنوب والشرق نطاق جبلي يفصل بين الهضبة في الداخل والسهول الساحلية.
ولعل جناح جمهورية جنوب أفريقيا في القرية العالمية سيعطي للزائرين انطباعات كثيرة ومختلفة عن ذلك البلد وعن شعبه الذي دعي بـ «أمة قوس قزح» نظراً لتنوع فروعه وتعدد أصوله، فهذه الأمة مؤلفة من أفراد مختلفة لكل منهم لغته وثقافته الخاصة وتنحدر أصولهم من الأوروبية، والهندية والأفريقية، عددهم قرابة الخمسين مليون نسمة، نحو 75% منهم من السود الذين ينتمون إلى عدد من القبائل.
وتعدّ قبائل «الزولو» أكبر قبائل السود، تليها قبيلة «خوسا» التي ينتمي إليها الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، وقبائل «الماساي» التي ترمز لأصول التقاليد الإفريقية، والملونون الذين هم خليط نتج عن تزاوج بين الأفارقة السود والآسيويين مع الأوروبيين الأوائل، وهناك الهنود الذين جاؤوا مع قوات الاحتلال البريطانية، وهنالك 11لغة رسمية في البلاد والانجليزية أكثر شيوعاً.
والداخل إلى ذلك الجناح الذي يشع بالتاريخ الأفريقي سيشعر سريعاً بكل هذا التنوع،لوحات وزخرفات وتماثيل وأشياء كثيرة، وقد استعنا بفرناندس البائع في أحد الأجنحة الذي قال لنا: «ان بضاعتنا من جنوب أفريقيا وأغلبها صناعات يدوية بما فيها هذه الصحون فهي مصنوعة من خشب خاص.
ومازال الأفريقي يستخدم هذه المصنوعات في حياته اليومية رغم كل التطور الذي شهدته أفريقيا أخيراً، نحن نشارك للمرة الأولى في مهرجان دبي للتسوق بمثل هذه البضائع المغرقة في القدم ولم نكن نتوقع ان الناس هنا سيحبون التاريخ الإفريقي وسيشترون الأغراض التي تتعلق به».
إن طبيعة السكان متعددي الثقافات أعطت دفعة لعملية تلقيح بين هذه الثقافات، والتي تظهر في اللغات والفنون والأديان، ويعود تاريخ الفنون الرفيعة لجنوب إفريقيا إلى العصر الحجري إلى حيث كان الفنانون يزخرفون جدران مساكنهم الحجرية بأشكال يتصورونها عن بيئتهم.
وهنالك أكثر من ثلاثة آلاف مكان تحتوي على فنون صخرية اكتشفت في جنوب إفريقيا وبعيدا عن فنون مناطق السود فان هنالك فنانين يعملون الآن على تجربة الأساليب الأجنبية المعاصرة، وتظل المناظر الطبيعية موضوعا مهما للفنانين في جنوب أفريقيا.و ربما القسم الذي تواجدت فيه ميري وهي من كينيا يدلنا على تنويعات تلك الفنون.
فقد تواجدت الطبول الأفريقية والآلات الكثيرة التي تذكرنا بتاريخ الموسيقى الافريقية وأهميتها بالنسبة لرقصاتهم، وعن ذلك قالت لنا ميري: «كان الرقص يشكل دائما جزءا مكملا لنمط الحياة الافريقية وهو جزء من طقوس الصيد والدعوة للحرب والحب والزواج والعمل والتمرين.
وقد ازدهرت أيضا تقاليد الرقص الأجنبي ولا يمكن فصل تطور تقاليد الرقص الجنوب أفريقي عبر العشرين السنة الماضية من تقاليد عروض المسارح بمزجها بين الغناء والحركة والرقص وقد شهدت السنون الأخيرة تنويعات مهمة وعالية المستوى في عالم الموسيقى في جنوب افريقيا. والموسيقى التي يوجد فيها دمج بين الاسلوبين الأوروبي والإفريقي قد بدأت تحظى بشعبية متزايدة».
أما القسم الذي أثار انتباهنا وربما انتباه جميع الزائرين فهو ذلك الذي تواجدت فيه الشابة ديبة والذي احتوى على تلال من الأحجار الكريمة المستقدمة من بحار جنوب أفريقيا وجبالها والتي تجاوز وزنها ال400 كيلو غرام، علقت ديبة: «لدي هنا 90 نوعاً من الأحجار الكريمة والتي تتمايز أشكالها وأسماؤها واستعمالاتها، فلكل حجر كريم اسمه الخاص ولا تتشابه الأسماء أبداً، ولكل منها استخدامه فبعضها يستخدم كحلي أو يوضع في علب للزينة، لذلك اقضي وقتاً طويلاً مع الزبائن قد تتجاوز الساعة من أجل اختيار أحد الأحجار».
ولجنوب افريقيا تراث متنوع وغني في مجال العمارة وقد شاركت فيه كل المجموعات الثقافية والحضارية على مدى تاريخ البلاد، فهناك الاكواخ البسيطة التي صنعت من فروع الاشجار والعشب التي استخدمتها قبائل «الكويسان» وأشكال الاكواخ المتنوعة من الطين والاعشاب والحشائش التي استخدمها الشعب الافريقي الريفي، ومساكن المزارعين البسيطة، ومساكن رعاة الماشية الاوائل والاشكال الجذابة لمناطق المالاي في كيب تاون والبيوت الهولندية المزخرفة في الكاب والابنية العالية التي يعود تاريخها الى الحرب العالمية الاولى.
إلا أن الجناح بكامله كان توليفة لتصاميم الأكواخ الريفية التي قامت بتشكيلها الفنانة داون وورك وقد قالت لنا: «ان هذه الأكشاك المسقوفة بالقش هي تراث جنوب افريقيا ويتجاوز عمرها 100 عام وقد اخترت هذا التصميم ربما لأنه يعبر عن جنوب افريقيا بشكل حقيقي بعيداً عن كل تأثيرات المدنية والتطور».
العرض العادي
