عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2004, 05:48 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي









ومن وقت آدم إلى نزول التوراة كان الرسل دعاة فقط ليس هناك جهاد فانتشر الإسلام بالدعوة والبيان والكتب المنزلة من السماء فكان الرسل عليهم الصلاة والسلام يدعون إلى الله وينذرون الناس فانتشر دينهم وإسلامهم بالدعوة من عهد آدم إلى أن بعث الله موسى عليه الصلاة والسلام .

والإسلام هو دين الله ، قال جل وعلا : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ فهو دين الله لجميع المرسلين وجميع الأمم كما قال سبحانه وتعالى عن نوح : وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وهو أول الرسل وقال عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام عشرة قرون كلهم على الإسلام حتى وقع الشرك في قوم نوح وقال جل وعلا في قصة إبراهيم وإسماعيل وهما يعمران الكعبة : رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فطلبا أن يكونا مسلمين ، وقال في قصة يوسف : أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وقال في قصة موسى : وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ وقال عن بلقيس : وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فالدين عند الله هو الإسلام ، ولكن الله بعث محمدا عليه الصلاة والسلام بأكمله وأتمه ، بعثه بالإسلام وبشريعة كاملة في الإسلام ، فالذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم هو أكمل الدين وأتمه ، بعثه بالإسلام الذي هو دين الله وبعثه بشريعة كاملة صالحة لجميع الزمان والمكان حتى تقوم الساعة ، أما ما بعث الله به الأنبياء الماضين فهو دين الإسلام ولكن بشرائع خاصة لأقوامهم خاصة ، شرائع خاصة لأقوامهم ، كل رسول بعثه الله إلى قومه بشريعة خاصة والدين هو الإسلام ، وهو توحيد الله كما قال سبحانه وتعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فكل أمة بعث إليها رسول ليدعوهم إلى الإسلام ، والاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله ، فكل رسول بعثه الله بهذا الإسلام وهو دين الله وتوحيده بإفراده بالعبادة ، وترك عبادة ما سواه وبعث معه شريعة خاصة تلائم زمانه وتناسب وقته وقومه حتى ختم الله جل وعلا الشرائع والنبوات ببعث محمد عليه الصلاة والسلام وبشريعة كاملة ودين شامل ونظام عام لجميع الأمة في حاضرها وقت نزول القرآن وفي مستقبلها إلى يوم القيامة . وجعله دينا شاملا لجميع الشئون؛ شئون الدين والدنيا ، شئون العبادة وشئون المعاملة ، وشئون الأحوال الشخصية وشئون الجنايات ، وغير ذلك في جميع الأمور جعله دينا شاملا منظما لجميع مصالح العباد ، منظما لجميع ما يحتاجون إليه في شئونهم العاجلة والآجلة مفصلا لكل ما يتطلبه العاقل وتقتضيه الحاجة . وبهذا يعلم أن انتشار الإسلام في عهد آدم وما بعده وعهد نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب وهو إسرائيل ويوسف عليهم الصلاة والسلام جميعا والأنبياء بعدهم كان بالدعوة : انتشر الإسلام بالدعوة وظهر بالدعوة . كان الرسل يدعون وهكذا أنصارهم وأتباعهم يدعون إلى الله جل وعلا .


فانتشر الإسلام في أممهم بالدعوة لا بالجهاد ولا بالسيف فلم يذكر الله في كتابه العزيز عن أولئك أنهم جاهدوا بالسيف وإنما دعوا إلى الله وأنذروا الناس وبشروهم فقبل الدعوة من هداه الله وأباها من سبقت له الشقاوة نعوذ بالله من ذلك .


وكانت الأمم قبل موسى عليه الصلاة والسلام إذا عاندوا الرسول وأبوا اتباعه جاءهم العذاب فأهلكوا عن آخرهم إلا من آمن بالله . فآدم عليه الصلاة والسلام ومن كان في زمانه من ذريته إلى عهد نوح كانوا على الإسلام والهدى ولا يلزم من ذلك أن لا يكون فيهم معصية فقد عصى قابيل وقتل أخاه هابيل بغير حق ولكنهما كانا على الإسلام .

ثم زين الشيطان لقوم نوح الغلو في الصالحين في قالب المحبة لهم ودعاهم إلى تصوير صورهم ونصبها في مجالسهم ، ثم بعد ذلك زين لمن بعدهم التعلق بها وعبادتها حتى وقع الشرك في قوم نوح بسبب الغلو في الصالحين وتصوير الصور والابتداع في الدين ،

ولهذا حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من الصور وحذر من البدع لأن البدع والصور من وسائل الشرك نسأل الله العافية ، ولما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة بالكنيسة التي رأتاها في الحبشة وما فيها من الصور ، قال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " . فأخبر عليه الصلاة والسلام أنهم شرار الخلق بسبب غلوهم في صالحيهم باتخاذ المساجد على قبورهم وتصوير الصور عليها وهكذا وقع في قوم نوح فالإسلام انتشر بالدعوة فلما أبى قوم نوح إلا العناد والشرك ولم يستجيبوا لداعيهم نوح عليه الصلاة والسلام ألف سنة إلا خمسين عاما أرسل الله عليهم الطوفان فأهلكهم عن آخرهم بالغرق إلا من كان مع نوح في السفينة ، نسأل الله العافية .


وقوم هود هلكوا بريح عقيم وقوم صالح بالرجفة والصيحة حتى هلكوا عن آخرهم ، هكذا عاقب الله كثيرا من الأمم بأنواع من العقوبات بسبب كفرهم وضلالهم وامتناعهم عن قبول الدعوة الإسلامية ،

ثم شرع الجهاد في عهد موسى عليه الصلاة والسلام لنصر الحق وقمع الباطل ، ثم شرع الله الجهاد على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الوجه الأكمل ، ونبينا عليه الصلاة والسلام لما بعثه الله مكث في مكة بضعة عشر عاما يدعو إلى الله عز وجل ولم يكن هناك جهاد بالسيف ولكنه الدعوة والتبشير بالإسلام؛

وقد أنكر قومه دعوته وآذوه وآذوا أصحابه ولكنه صبر على ذلك عليه الصلاة والسلام وكان مستترا بها أولا ثم أمره الله بالصدع فأظهر الدعوة وصبر على الأذى وهكذا أصحابه ،

وكان من السابقين إلى ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه سبق إلى الإسلام والدعوة ، وخديجة رضي الله عنها وعلي رضي الله عنه ، وزيد بن حارثة ، هؤلاء الأربعة هم السابقون إلى الإسلام والدعوة ، ثم تابعهم الناس ، وكان الصديق رضي الله عنه شريفا في قومه معظما مألوفا ذا معروف وإحسان وذا تجارة ومال ، وذا خلق كريم ، فكان يدعو إلى الله سرا ويبشر بالإسلام حتى أسلم على يديه جم غفير منهم عثمان رضي الله عنه والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله رضي الله عن الجميع . وأسلم جم غفير في مكة بالدعوة لا بقهر ولا بجهاد ولكن بالدعوة والتوجيه وقراءة القرآن وشرح محاسن الإسلام ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ويقرأ عليهم القرآن ويبين لهم ما أشكل عليهم فيتقبلون الحق ويرضون به ويدخلون في دين الله جل وعلا .



رد مع اقتباس