عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2006, 09:52 PM   رقم المشاركة : 8
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


مشاركة: البداية والنهاية الجزء الرابع عشر

*3* سودي نائب حلب في رجب
@ ودفن بتربته وهو الذي كان السبب في إجراء نهر إليها غرم عليه ثلثمائة ألف درهم وكان مشكور السيرة حميد الطريقة رحمه الله وفي شعبان توفي
*3* الصاحب شرف الدين
@ يعقوب بن مزهر وكان بارا بأهله وقرابته رحمه الله
*3* والشيخ رشيد أبو الفداء إسماعيل
@ أبو محمد القرشي الحنفي المعروف بابن المعلم كان من أعلام الفقهاء والمفتيين ولديه علوم شتى وفوائد وفرائد وعنده زهد وانقطاع عن الناس وقد درس بالبلخية مدة ثم تركها لولده وسار إلى مصر فأقام بها وعرض عليه قضاء دمشق فلم يقبل وقد جاوز السبعين من العمر توفي سحر يوم الأربعاء خامس رجب ودفن بالقرافة رحمه الله تعالى وفي شوال توفي
*3* الشيخ سليمان التركماني
@ الموله الذي كان يجلس على مصطبته بالعلبيين وكان قبل ذلك مقيما بطهارة باب البريد وكان لا يتحاشى من النجاسات ولا يتقيها ولا يصلي الصلوات ولا ياتيها وكان بعض الناس من الهمج له فيه عقيدة قاعدة الهمج الرعاع الذين هم أتباع كل ناعق من المولهين والمجانين ويزعمون أنه يكاشف وأنه رجل صالح ودفن بباب الصغير في يوم كثير الثلج وفي يوم عرفة توفيت
*3* الشيخة الصالحة العابدة الناسكة
@ أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية بظاهر القاهرة وشهدها خلق كثير وكانت من العالمات الفاضلات تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتقوم على الاحمدية في مواخاتهم النساء والمردان وتنكر أحوالهم وأصول أهل البدع وغيرهم وتفعل من ذلك مالا تقدر عليه الرجال وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية فاستفادت منه ذلك وغيره وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثنى عليها ويصفها بالفضيلة والعلم ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرا من المغنى او أكثره وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها وهي التي ختمت نساء كثيرا القرآن منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق زوجة الشيخ جمال الدين المزي وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي امة الرحيم زينب رحمهن الله واكرمهن برحمته وجنته آمين
*2* ثم دخلت سنة خمس عشرة وسبعمائة
@ استهلت والحكام في البلاد هم المذكورون في التي قبلها
*3* فتح ملطية
@ في يوم الإثنين مستهل المحرم خرج سيف الدين تنكز في الجيوش قاصدا ملطية وخرجت الاطلاب على راياتها وأبرزوا ما عندهم من العدد وآلات الحرب وكان يوما مشهودا وخرج مع الجيش ابن صصرى لأنه قاضي العساكر وقاضي قضاة الشامية فساروا حتى دخلوا حلب في الحادي عشر من الشهر ومنها وصلوا في السادس عشر إلى بلاد الروم إلى ملطية فشرعوا في محاصرتها في الحادي والعشرين من المحرم وقد حصنت ومنعت وغلقت أبوابها فلما رأوا كثرة الجيش نزل متوليها وقاضيها وطلبوا الأمان فأمنوا المسلمين ودخلوها فقتلوا من الارمن خلقا ومن النصارى وأسروا ذرية كثيرة وتعدى ذلك إلى بعض المسلمين وغنموا شيئا كثيرا وأخذت أموال كثير من المسلمين ورجعوا عنها بعد ثلاثة أيام يوم الاربعاء رابع عشرين المحرم إلى عين تاب إلى مرج دابق وزينت دمشق ودقت البشائر وفي أول صفر رحل نائب ملطية متوجها إلى السلطان وفي نصف الشهر وصل قاضيها الشريف شمس الدين ومعه خلق من المسلمين من أهلها وفي بكرة نهار الجمعة سادس عشر ربيع الاول دخل تنكز دمشق وفي خدمته الجيوش الشامية والمصرية وخرج الناس للفرجة عليهم على العادة وأقام المصريون قليلا ثم ترحلوا إلى القاهرة وقد كانت ملطية إقطاعا للجوبان أطلقها له ملك التتر فاستناب بها رجلا كرديا فتعدى وأساء وظلم وكاتب أهلها السلطان الناصر وأحبوا أن يكونوا من رعيته فلما ساروا إليها وأخذوها وفعلوا ما فعلوا فيها جاءها بعد ذلك الجوبان فعمرها ورد إليها خلقا من الأرمن وغيرهم
وفي التاسع عشر من هذا الشهر وصل إلينا الخبر بمسك بكتمر الحاجب وايد غدي شقير وغيرهما وكان ذلك يوم الخميس مستهل هذا الشهر وذلك أنهم اتفقوا على السلطان فبلغه الخبر فمسكهم واحتيط على أموالهم وحواصلهم وظهر لبكتمر أموال كثيرة وأمتعة وأخشاب وحواصل كثيرة وقدم مجليس من القاهرة فاجتاز بدمشق إلى ناحية طرابلس ثم قدم سريعا ومعه الامير سيف الدين تمير نائب طرابلس تحت الحوطة ومسك بدمشق الأمير سيف الدين بهادر آص المنصوري فحمل الاول إلى القاهرة وجعل مكانه في نيابة طرابلس كسناي وحمل الثاني وحزن الناس عليه ودعوا له وفي يوم الخميس الحادي والعشرين من ربيع الآخر قدم عز الدين بن مبشر دمشق محتسبا وناظر الأوقاف وانصرف ابن الحداد عن الحسبة وبهاء الدين عن نظر الأوقاف وفي ليلة الاثنين ثالث عشر جمادي الاولى وقع حريق قبالة مسجد الشنباشي داخل باب الصغير احترق فيه دكاكين ودور وأموال وأمتعة وفي يوم الأربعاء سادس عشر جمادي الآخرة درس قاضي ملطية الشريف شمس الدين بالمدرسة الخاتونية البرانية عوضا عن قاضي القضاة الحنفي البصروي وحضر عنده الأعيان وهو رجل له فضيلة وخلق حسن كان قاضيا بملطية وخطيبا بها نحوا من عشرين سنة
وفي يوم الخميس رابع جمادي الآخرة أعيد ابن الحداد إلى الحبسة واستمر ابن مبشر ناظر الآوقاف وفي يوم الاربعاء تاسع جمادي الآخرة درس ابن صصرى بالاتابكية عوضا عن الشيخ صفي الدين الهندي وفي يوم الأربعاء الآخر حضر ابن الزمكاني درس الظاهرية الجوانية عوضا عن الهندي أيضا بحكم وفاته كما ستأتي ترجمته وفي أواخر رجب أخرج الامير آقوش نائب الكرك من سجن القاهرة وأعيد إلى الامرة وفي شعبان توجه خمسة آلاف من بلاد حلب فأغاروا على بلاد آمد وفتحوا بلدنا كثيرة وقتلوا وسبوا وعادوا سالمين وخمسوا ما سبوا فبلغ سهم الخمس أربعة آلاف رأس وكسور وفي أواخر رمضان وصل قراسنقر المنصوري إلى بغداد ومعه زوجته الخاتون بنت أبغا ملك التتر وجاء في خدمته خربندا واستأذنه في الغارة على أطراف بلاد المسلمين فلم يأذن له ووثب عليه رجل فداوى من جهة صاحب مصر فلم يقدر عليه وقتل الفداوي وفي يوم الأربعاء سادس عشر رمضان درس بالعادلية الصغيرة الفقيه الامام فخر الدين محمد بن علي المصري المعروف بابن كاتب قطلوبك بمقتضى نزول مدرسها كمال الدين بن الزملكاني له عنها وحضر عنده القضاة والأعيان والخطيب وابن الزملكاني ايضا وفي هذا الشهر كملت عمارة القيسارية المعروفة بالدهشة عند الوراقين واللبادين وسكنها التجار فتميزت بذلك أوقاف الجامع وذلك بمباشرة الصاحب شمس الدين وفي ثامن شوال قتل أحمد الزوسي ! شهد عليه بالعظائم من ترك الواجبات واستحلال المحرمات واستهانته وتنقيصه بالكتاب والسنة فحكم المالكي بإراقة دمه وإن أسلم فاعتقل ثم قتل وفي هذا اليوم كان خروج الركب الشامي وأميره سيف الدين طقتمر وقاضيه قاضي ملطية وحج فيه قاضي حماة وحلب وماردين ومحيي الدين كاتب ملك الامراء تنكز وصهره فخر الدين المصري وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* شرف الدين أبو عبد الله
@ محمد بن العدل عماد الدين محمد بن أبي الفضل محمد بن أبي الفتح نصر الله بن المظفر بن أسعد ابن حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي ابن القلانسي ولد سنة ست وأربعين وستمائة وباشر نظر الخاص وقد شهد قبل ذلك في القيمة ثم تركها وقد ترك اولادا وأموالا جمة توفي ليلة السبت ثاني عشر صفر ودفن بقاسيون
*3* الشيخ صفي الدين الهندي
@ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن محمد الارموي الشافعي المتكلم ولد بالهند سنة اربع وأربعين وستمائة واشتغل على جده لامه وكان فاضلا وخرج من دهلي في رجب سنة سبع وستين فحج وجاور بمكة أشهر ثم دخل اليمن فاعطاه ملكها المظفر أربعمائة دينار ثم دخل مصر فأقام بها أربع سنين ثم سافر إلى الروم على طريق إنطاكية فأقام إحدى عشرة سنة بقونية وبسيواس خمسا وبقيسارية سنة واجتمع بالقاضي سراج الدين فأكرمه ثم قدم إلى دمشق في سنة خمس وثمانين فأقام بها وساتوطنها ودرس بالرواحية والدولعية والظاهرية والاتابكية وصنف في الاصول والكلام وتصدى للاشتغال والافتاء ووقف كتبه بدار الحديث الاشرفية وكان فيه بر وصلة توفي ليلة الثلاثاء تاسع عشرين صفر ودفن بمقابر الصوفية ولم يكن معه وقت موته سوى الظاهرية وبها مات فدرس بعده فيها ابن الزملكاني وأخذ ابن صصرى الاتابكية
*3* القاضي المسند المعمر الرحلة
@ تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ ابي عمر المقدسي الحنبلي الحاكم بدمشق ولد في نصف رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة وسمع الحديث الكثير وقرأ بنفسه وتفقه وبرع وولى الحكم وحدث وكان من خيار الناس وأحسنهم خلقا وأكثرهم مروءة توفي فجأة بعد مرجعه من البلد وحكمه بالجوزية فلما صار إلى منزله بالدير تغيرت حاله ومات عقيب صلاة المغرب ليلة الاثنين حادي عشرين ذي القعدة ودفن من الغد بتربة جده وحضر جنازته خلق كثير وجم غفير رحمه الله
*3* الشيخ علي بن الشيخ علي الحريري
@ كان مقدما في طائفته مات أبوه وعمره سنتان توفي في قرية نسر في جمادي الأولى
*3* الحكيم الفاضل البارع
@ بهاء الدين عبدالسيد بن المهذب إسحاق بن يحيى الطبيب الكحال المتشرف بالاسلام ثم قرأ القرآن جميعه لأنه أسلم على بصيرة وأسلم على يديه خلق كثير من قومه وغيرهم وكان مباركا على نفسه وعليهم وكان قبل ذلك ديان اليهود فهداه الله تعالى وتوفي يوم الاحد سادس جمادي الآخرة ودفن من يومه بسفح قاسيون أسلم على يدي شيخ الإسلام ابن تيمية لما بين له بطلان دينهم وما هم عليه وما بدلوه من كتابهم وحرفوه من الكلم عن مواضعه رحمه الله
*2* ثم دخلت سنة ست عشرة وسبعمائة
@ استهلت وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها غير الحنبلي بدمشق فإنه توفي في السنة الماضية وفي المحرم تكملت تفرقة المثالات السلطانية بمصر بمقتضى إزالة الاجناد وعرض الجيش على السلطان وأبطل السلطان المكس بسائر البلاد القبلية والشامية وفيه وقعت فتنة بين الحنابلة والشافعية بسبب العقائد وترافعوا إلى دمشق فحضروا بدار السعادة عند نائب السلطنة تنكز فأصلح بينهم وانفصل الحال على خير من غير محاققه ولا تشويش على أحد من الفريقين وذلك يوم الثلاثاء سادس عشر المحرم وفي يوم الأحد سادس عشر صفر قرئ تقليد قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع الحنبلي بقضاء الحنابلة والنظر بأوقافهم عوضا عن تقي الدين سليمان بحكم وفاته رحمه الله وتاريخ التقليد من سادس ذي الحجة وقرئ بالجامع الأموي بحضور القضاة والصاحب والاعيان ثم مشوا معه وعليه الخلعة إلى دار السعادة فسلم على النائب وراح إلى الصالحية ثم نزل من الغد إلى الجوزية فحكم بها على عادة من تقدمه واستناب بعد أيام الشيخ شرف الدين بن الحافظ وفي يوم الاثنين سابع صفر وصل الشيخ كمال الدين بن الشريشي من مصر على البريد ومعه توقيع بعود الوكلة إليه فخلع عليه وسلم على النائب والخلعة عليه وفي هذا الشهر مسك الوزير عز الدين بن القلانسي واعتقل بالعذراوية وصودر بخمسين ألفا ثم أطلق له ما كان أخذ منه وأنفصل من ديوان نظر الخاص وفي ربيع الاخر وصل من مصر فضل ابن عيسى وأجرى له ولابن أخيه موسى بن مهنا إقطاعات صيدا وذلك بسبب دخول منها إلى بلاد التتر واجتماعهم بملكهم خربندا
وفي يوم الاثنين سادس عشر جمادي الاولى باشر ابن صصرى مشيخة الشيوخ بالسميساطية بسؤال الصوفية وطلبهم له من نائب السلطنة فحضرها وحضر عنده الأعيان في هذا اليوم عوضا عن الشريف شهاب الدين أبي القاسم محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن عبد الكريم ابن محمد بن علي بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن موسى بن جعفر الصادق وهو الكاشنغر توفي عن ثلاث وستين سنة ودفن بالصوفية وقسي جمادي الآخرة باشر بهاء الدين إبراهيم بن جمال الدين يحيى الحنفي المعروف بابن علية وهو ناظر ديوان النائب بالشام نظر الدواوين عوضا عن شمس الدين محمد ابن عبد القادر الخطيري الحاسب الكاسب توفي وقد كان مباشرا عدة من الجهات الكبار مثل نظر الخزانة ونظر الجامع ونظر المارستان وغير ذلك واستمر نظر المارستان من يومئذ بأيدي ديوان نائب السلطنة من كان وصارت عادة مستمرة وفي رجب نقل صاحب حمص الأمير شهاب الدين قرطاي إلى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير سيف الدين التركستاني بحكم وفاته وولى الامير سيف الدين إرقطاي نيابة حمص وتولى نيابة الكرك سيف الدين طقطاي الناصري عوضا عن سيف الدين تيبغا
وفي يوم الاربعاء عاشر رجب درس بالنجيبية القاضي شمس الدين الدمشقي عوضا عن بهاء الدين يوسف بن جمال الدين أحمد بن الظاهري العجمي الحلبي سبط الصاحب كمال الدين بن العديم توفي ودفن عندخاله ووالده بتربة العديم وفي آواخر شعبان وصل القاضي شمس الدين ابن عز الدين يحيى الحراني أخو قاضي قضاة الحنابلة بمصر شرف الدين عبدالغني إلى دمشق متوليا نظر الاوقاف بها عوضا عن الصاحب عز الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن مبشر توفي في مستهل رجب بدمشق وقد باشر نظر الدواوين بها وبمصر والحسبة وبالاسكندرية وغير ذلك ولم يكن بقي معه في آخر وقت سوى نظر الاوقاف بدمشق وقد قارب الثمانين ودفن باقسيون
وفي آخر شوال خرج الركب الشامي وأميرهم سيف الدين أرغون السلحدار الناصري الساكن عند دار الطراز بدمشق وحج من مصر سيف الدين الدوادار وقاضي القضاة ابن جماعة وقد زار القدس الشريف في هذه السنة بعد وفاة ولده الخطيب جمال الدين عبد الله وكان قد رأس وعظم شأنه وفي ذي القعدة سار الامير سيف الدين تنكز إلى زيارة القدس فغاب عشرين يوما وفيه وصل الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب إلى دمشق من مصر وقد كان معتقلا في السجن فأطلق وأكرم وولى نيابة صفد فسار إليها بعد ما قضى أشغاله بدمشق ونقل القاضي حسام الدين القزويني من قضاء صفد إلى قضاء طرابلس وأعيدت ولاية قضاء صفد إلى قاضي دمشق فولى فيها ابن صصرى شرف الدين الهاوندي وكان متوليا طرابلس قبل ذلك ووصل مع بكتمر الحاجب الطواشي ظهير الدين مختار المعروف بالزرعي متوليا الخزانة بالقعلة عوضا عن الطواشي ظهير الدين مختار البلستين توفي
وفي هذا الشهر أعني ذا القعدة وصلت الاخبار بموت ملك التتر خربندا محمد بن أرغون بن أبغا ابن هولاكوقان ملك العراق وخراسان وعراق العجم والروم وأذربيجان والبلاد الأرمينية وديار بكر توفي في السابع والعشرين من رمضان وفدن بتربته بالمدنية التي أنشأها التي يقال لها السلطانية وقد جاوز الثلاثين من العمر وكان موصوفا بالكرم ومحبا للهو واللعب والعمائر وأظهر الرفض أقام سنة على السنة ثم تحول إلى الرفض أقام شعائره في بلاده وحظى عنده الشيخ جمال الدين بن مطهر الحلي تلميذ نصير الدين الطوسي وأقطعه عدة بلاد ولم يزل على هذا المذهب الفاسد إلى أن مات في هذه السنة وقد جرت في أيامه فتن كبار ومصائب عظام فاراح الله منه العباد والبلاد وقام في الملك بعده ولده أبو سعيد وله إحدى عشرة سنة ومدبر الجيوش والممالك له الامير جوبان واستمر في الوزارة على شاه النيريزي وأخذ أهل دولته بالمصادرة وقتل الاعيان ممن أتهمهم بقتل أبيه مسموما ولعب كثير من الناس به في أول دولته ثم عدل إلى العدل وإقامة السنة فأمر بإقامة الخطبة بالترضي عن الشيخين أولا ثم عثمان ثم على رضى الله عنهم ففرح الناس بذلك وسكنت بذلك الفتن والشرور والقتال الذي كان بين أهل تلك البلاد وبهراة واصبهان وبغداد وإربل وساوه وغير ذلك وكان صاحب مكة الامير خميصة بن أبي نمي الحسني قد قصد ملك التتر حربندا
لينصره على أهل مكة فساعده الروافض هناك وجهزوا معه جيشا كثيفا من خراسان فلما مات خربندا بطل ذلك بالكلية وعاد خميصة خائبا خاسئا وفي صحبته أمير من كبار الروافض من التتر يقال له الدلقندي وقد جمع لخميصة أموالا كثيرة ليقيم بها الرفض في بلاد الحجاز فوقع بهما الامير محمد بن عيسى أخو مهنا وقد كان في بلاد التتر أيضا ومعه جماعة من العرب فقهرهما ومن كان معهما ونهب ما كان معهما من الاموال وحضرت الرجال وبلغت أخبار ذلك إلى الدولة الاسلامية فرضى عنه الملك الناصر وأهل دولته وغسل ذلك ذنبه عنده فاستدعى به السلطان إلى حضرته فحضر سامعا مطيعا فأكرمه نائب الشام فلما وصل إلى السلطان أكرمه أيضا ثم إنه استفتى الشيخ تقي الدين بن تيمية وكذلك ارسل إليه السلطان يسأله عن الأموال التي أخذت من الدلقندي فأفتاهم أنها تصرف في المصالح التي يعود نفعها على المسلمين لأنها كانت معدة لعناد الحق ونصرة أهل البدعة على السنة وممن توفي فيها من الأعيان :
*3* عز الدين المبشر والشهاب الكاشنغيري شيخ الشيوخ والبهاء العجمي مدرس النجيبية
@ وفيها قتل خطيب المزة قتله رجل جبلي ضربه بفأس اللحام في رأسه في السوق فبقي أياما ومات وأخذ القاتل فشنق في السوق الذي قتل فيه وذلك يوم الأحد ثالث عشر ربيع الاخر ودفن هناك وقد جاوز الستين
*3* الشرف صالح بن محمد بن عربشاه
@ ابن أبي بكر الهمداني مات في جمادي الاخرة ودفن بمقابر النيرب وكان مشهورا بطيب القراءة وحسن السيرة وقد سمع الحديث وروى جزءا
*3* ابن عرفة صاحب التذكرة الكندية
@ الشيخ الامام المقرئ المحدث النحوي الاديب علاء الدين علي بن المظفر بن إبراهيم بن عمر ابن زيد بن هبة الله الكندي الاسكندراني ثم الدمشقي سمع الحديث على أزيد من مائتي شيخ وقرأ القراءات السبع وحصل علوما جيدة ونظم الشعر الحسن الرائق الفائق وجمع كتابا في نحو من خمسين مجلدا فيه علوم جمة أكثرها أدبيات سماها التذكرة الكندية وقفها بالسميساطية وكتب حسنا وحسب جيدا وخدم في عدة خدم وولى مشيخة دار الحديث النفيسية في مدة عشر سنين وقرأ صحيح البخاري مرات عديدة وأسمع الحديث وكان يلوذ بشيخ الاسلام ابن تيمية وتوفي ببستان عند قبة المسجد ليلة الاربعاء سابع عشر رجب ودفن بالمزة عن ست وسبعين سنة
*3* الطواشي ظهير الدين مختار
@ البكنسي الخزندار بالقلعة وأحد أمراء الطبلخانات بدمشق كان زكيا خبيرا فاضلا يحفظ القرآن يؤديه بصوت طيب ووقف مكتبا للايتام على باب قلعة دمشق ورتب لهم الكسوة الجامكية وكان يمنحنهم بنفسه ويفرح بهم وعمل تربة خارج باب الجابية ووقف عليها القريتين وبنى عندها مسجدا حسنا ووقفه بإمام وهي من أوائل ما عمل من الترب بذلك الخط ودفن بها في يوم الخميس عاشر شعبان رحمه الله وكان حسن الشكل والأخلاق عليه سكينة ووقار وهيبة وله وجاهة في الدولة سامحه الله وولى بعده الخزانة سميه ظهير الدين مختار الزرعي
*3* الامير بدر الدين
@ محمد بن الوزيري كان من الامراء المقدمين ولديه فضيلة ومعرفة وخبرة وقد ناب عن السلطان بدار العدل مرة بمصر وكان حاجب الميسرة وتكلم في الأوقاف وفيما يتعلق بالقضاة والمدرسين ثم نقل إلى دمشق فمات بها في سادس عشر شعبان ودفن بميدان الحصى فوق خان النجيبي وخلف تركة عظيمة
*3* الشيخة الصالحة
@ ست الوزراء بنت عمر بن أسعد بن المنجا راوية صحيح البخاري وغيره جاوزت التسعين سنة وكانت من الصالحات توفيت ليلة الخميس ثامن عشر شعبان ودفنت بتربتهم فوق جامع المظفري بقاسيون
*3* القاضي محب الدين
@ ابو الحسن ابن قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد استنابه أبوه في أيامه وزوجه بابنة الحاكم بأمر الله ودرس باللهارية ورأس بعد أبيه وكانت وفاته يوم الاثنين تاسع عشر رمضان وقد قارب الستين ودفن عند أبيه بالقرافة
*3* الشيخة الصالحة
@ ست المنعم بنت عبد الرحمن بن علي بن عبدوس الحرانية والدة الشيخ تقي الدين بن تيمية عمرت فوق السبعين سنة ولم ترزق بنتا قط توفيت يوم الأربعاء العشرين من شوال ودفنت بالصوفية وحضر جنازتها خلق كثير وجم غفير رحمها الله
*3* الشيخ نجم الدين موسى بن علي بن محمد
@ الجيلي ثم الدمشقي الكاتب الفاضل المعروف بابن البصيص شيخ صناعة الكتابة في زمانه لا سيما في المزوج والمثلث وقد اقام يكتب الناس خمسين سنة وأنا ممن كتب عليه أثابه الله وكان شيخا حسنا بهى المنظر يشعر جيدا توفي يوم الثلاثاء عاشر ذي القعدة ودفن بمقابر الباب الصغير وله خمس وستون سنة
*3* الشيخ تقي الدين الموصلي
@ أبو بكر بن أبي الكرم شيخ القراءة عند محراب الصحابة وشيخ ميعاد ابن عامر مدة طويلة وقد انتفع الناس به نحوا من خمسين سنة في التلقين والقراءآت وختم خلقا كثيرا وكان يقصد لذلك ويجمع تصديقات يقولها الصبيان ليالي ختمهم وقد سمع الحديث وكان خيرا دينا توفي ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي القعدة ودفن بباب الصغير رحمه الله
*3* الشيخ الصالح الزاهد المقري
@ أبو عبد الله محمد بن الخطيب سلامة بن سالم بن الحسن بن ينبوب الماليني احد الصلحاء المشهورين بجامع دمشق سمع الحديث وأقرأ الناس نحوا من خمسين سنة وكان يفصح الاولاد في الحروف الصعبة وكان مبتلي في فمه يحمل طاسة تحت فمه من كثرة ما يسيل منه من الريال وغيره وقد جاوز الثمانين بأربع سنين توفي بالمدرسة الصارمية يوم الاحد ثاني عشر ذي القعدة ودفن بباب الصغير بالقرب من القندلاوي وحضر جنازته خلق كثير جدا نحوا من عشرة آلاف رحمه الله تعالى
*3* الشيخ الصدر بن الوكيل
@ هو العلامة أبو عبد الله محمد بن الشيخ الامام مفتي المسلمين زين الدين عمر بن مكي بن عبدالصمد المعروف بابن المرحل وبابن الوكيل شيخ الشافعية في زمانه وأشهرهم في وقته بالفضيلة وكثرة الاشتغال والمطالعة والتحصيل والاقتنان بالعلوم العديدة وقد أجاد معرفة المذهب والأصلين ولم يكن بالنحو بذاك القوى وكان يقع منه اللحن الكثير مع أنه قرا منه المفصل للزمخشري وكانت له محفوظات كثيرة ولد في شوال سنة خمس وستين وستمائة وسمع الحديث على المشايخ من ذلك مسند أحمد علي ابن علان والكتب الستة وقرئ عليه قطعة كبيرة من صحيح مسلم بدار الحديث عن الأمير الأربلي والعامري والمزي وكان يتكلم على الحديث بكلام مجموع من علوم كثيرة من الطب والفلسفة وعلم الكلام وليس ذلك بعلم وعلوم الأوائل وكان يكثر من ذلك وكان يقول الشعر جيدا وله ديوان مجموع مشتمل على أشياء لطيفة وكان له أصحاب يحسدونه ويحبونه وآخرون يحسدونه ويبغضونه وكانوا يتكلمون فيه بأشياء ويرمونه بالعظام وقد كان مسرفا على نفسه قد ألقى جلباب الحياء فيما يتعاطاه من القاذورات والفواحش وكان ينصب العداوة للشيخ ابن تيمية ويناظره في كثير من المحافل والمجالس وكان يعترف للشيخ تقي الدين بالعلوم الباهرة ويثنى عليه ولكنه كان يجاحف عن مذهبه وناحيته وهواه وينافح عن طائقته وقد كان شيخ الاسلام ابن تيمية يثنى عليه وعلى علومه وفضائله ويشهد له بالاسلام إذا قيل له عن أفعاله وأعماله القبيحة وكان يقول كان مخلطا على نفسه متبعا مراد الشيطان منه يميل إلى الشهوة والمحاضرة ولم يكن كما يقول فيه بعض أصحابه ممن يحسده ويتكلم فيه هذا أو ما هو في معناه وقد درس بعدة مدارس بمصر والشام ودرس بدمشق بالشاميتين والعذراوية ودار الحديث الأشرفية وولى في وقت الخطابة أياما يسيرة كما تقدم ثم قام الخلق عليه وأخرجوها من يده ولم يرق منبرها ثم خالط نائب السلطنة الأفرم فجرت له أمور لا يمكن ذكرها ولا يحسبن من القبائح ثم آل به الحال على أن عزم على الانتقال من دمشق الى حلب لاستحوازه على قلب نائبها فاقام بها ودرس ثم تردد في الرسلية بين السلطان ومهنا صحبة ارغون والطنبغا ثم استقر به المنزل بمصر ودرس فيها بمشهد الحسين الى أن توفي بها بكرة نهار الأربعاء رابع عشرين ذي الحجة بداره قريبا من جامع الحاكم ودفن من يومه قريبا من الشيخ محمد بن أبي جمرة بتربة القاضي ناظر الجيش بالقرافة ولما بلغت وفاته دمشق صلى عليه بجامعها صلاة الغائب بعد الجمعة ثالث المحرم من السنة الاتية ورثاه جماعة منهم ابن غانم علاء الدين والقجقازي والصفدي لانهم كانوا من عشرائه وفي يوم عرفة توفي
*3* الشيخ عماد الدين اسماعيل الفوعي
@ وكيل قجليس وهو الذي بنى له الباشورة على باب الصغير بالبرانية الغربية وكانت فيه نهضة وكفاية وكان من بيت الرفض اتفق أنه استحضره نائب السلطنة فضربه بين يديه وقام النائب إليه بنفسه فجعل يضربه بالمهاميز في وجهه فرفع من بين يديه وهو تالف فمات في يوم عرفة ودفن من يومه بسفح قاسيون وله دار ظاهر باب الفراديس
*2* ثم دخلت سنة سبع عشرة وسبعمائة
@ استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها وفي صفر شرع في عمارة الجامع الذي أنشأه ملك الامراء تنكز نائب الشام ظاهر باب النصر تجاه حكر السماق على نهر بانياس بدمشق وتردد القضاة والعلماء في تحرير قبلته فاستقر الحال في أمرها على ما قاله الشيخ تقي الدين بن تيمية في يوم الأحد الخامس والعشرين منه وشرعوا في بنائه بأمر السلطان ومساعدته لنائبه في ذلك وفي صفر هذا جاء سيل عظيم بمدينة بعلبك أهلك خلقا كثيرا من الناس وخرب دورا وعمائر كثيرة وذلك في يوم الثلاثاء سابع وعشرين صفر
وملخص ذلك أنه قبل ذلك جاءهم رعد وبرق عظيم معهما برد ومطر فسالت الأودية ثم جاءهم بعده سيل هائل خسف من سور البلد من جهة الشمال شرق مقدار أربعين ذراعا مع أن سمك الحائط خمسة أذرع وحمل برجا صحيحا ومعه من جانبيه مدينتين فحمله كما هو حتى مر فحفر في الارض نحو خمسمائة ذراع سعة ثلاثين ذراعا وحمل السيل ذلك إلى غربي البلد لا يمر على شيء إلا اتلفه ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فاتلف ما يزيد على ثلثها ودخل الجامع فارتفع فيه على قامة ونصف ثم قوى على حائطه الغربي فأخربه وأتلف جميع ما فيه الحواصل والكتب والمصاحف وأتلف شيئا كثيرا من رباغ الجامع وهلك تحت الهدم خلق كثير من الرجال والنساء والأطفال فإنا لله وإنا إليه راجعون وغرق في الجامع الشيخ علي بن محمد بن الشيخ علي الحريري هو وجماعة معه من الفقراء ويقال كان من جملة من هلك في هذه الكائنة من أهل بعلبك مائة وأربعة واربعون
نفسا سوى الغرباء وجملة الدور التي خربها والحوانيت التي ألتفها نحو من ستمائة دار وحانوت وجملة البساتين التي جرف أشجارها عشرون بستانا ومن الطوحين ثمانية سوى الجامع والأمينية وأما الاماكن التي دخلها وأتلف ما فيها ولم تخرب فكثير جدا
وفي هذه السنة زاد النيل زيادة عظيمة لم يسمع بمثلها من مدد وغرق بلادا كثيرة وهلك فيها ناس كثير أيضا وغرق منية السبرج فهلك اللناس فيها شيء كثير فإنا لله وإنا إليه راجعون وفي مستهل ربيع الاخر منها أغار جيش حلب على مدينة آمد فنهبوا وسبوا وعادوا سالمين وفي يوم السبت تاسع وعشرين منه قدم قاضي المالكية إلى الشام من مصر وهو الامام العلامة فخر الدين أبو العباس أحمد بن سلامة بن أحمد بن احمد بن سلامة الاسكندري المالكي على قضاء دمشق عوضا عن قاضي القضاة جمال الدين الزواوي لضعفه واشتداد مرضه فالتقاه القضاة والأعيان وقرئ تقليده بالجامع ثاني يوم وصوله وهو مؤرخ بثاني عشر الشهر وقد نائبه الفقيه نور الدين السخاوي درس بالجامع في جمادي الاولى وحضر عنده الاعيان وشكرت فضائله وعلومه ونزاهته وصرامته وديانته وبعد ذلك بتسعة أيام توفي الزواوي المعزول وقد باشر القضاء بدمشق ثلاثين سنة وفيها أفرج عن الامير سيف الدين بهادر آص من سجن الكرك وحمل إلى القاهرة وأكرمه السلطان وكان سجنه بها مطاوعة لاشارة نائب الشام بسبب ما كان وقع بينهما بملطية وخرج المحمل في يوم الخميس تاسع شوال وأمير الحج سيف الدين كجكني المنصوري وممن حج قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وابن اخيه شرف الدين وكمال الدين بن الشيرازي والقاضي جلال الدين الحنفي والشيخ شرف الدين بن تيمية وخلق وفي سادس هذا الشهر درس بالجار وضية القاضي جلال الدين محمد بن الشيخ كمال الدين الشريشني بعد وفاة الشيخ شرف الدين بن أبي سلام وحضر عنده الاعيان وفي التاسع عشر منه درس ابن الزملكاني بالعذراوية عوضا عن ابن سلام وفيه درس الشيخ شرف الدين بن تيمية بالحنبلية عن إذن أخيه له بذلك بعد وفاة اخيهما لأمهما بدر الدين قاسم بن محمد ابن خالد ثم سافر الشيخ شرف الدين إلى الحج وحضر الشيخ تقي الدين الدرس بنفسه وحضر عنده خلق كثير من الأعيان وغيرهم حتى عاد أخوه وبعد عوده أيضا وجاءت الأخبار بأنه قد أبطلت الخمور والفواحش كلها من بلاد السواحل وطرابلس وغيرها ووضعت مكوس كثيرة عن الناس هنالك وبنيت بقرى النصيرية في كل قرية مسجد ولله الحمد والمنة
وفي بكرة نهار الثلاثاء الثامن والعشرين من شوال وصل الشيخ الامام العلامة شيخ الكتاب شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي على البريد من مصر إلى دمشق متوليا كتابة السر بها عوضا عن شرف الدين عبد الوهاب بن فضل الله توفي إلى رحمه الله وفي ذي القعدة يوم الاحد درس بالصمصامية التي جددت للمالكية وقد وقف عليها الصاحب شمس الدين غبريال درسا ودرس بها فقهاء وعين تدريسها لنائب الحكم الفقيه نور الدين على بن عبد البصير المالكي وحضر عنده القضاة والاعيان وممن حضر عنده الشيخ تقي الدين بن تيمية وكان يعرفه من اسكندرية وفيه درس بالدخوارية الشيخ جمال الدين محمد بن الشيخ شهاب الدين احمد الكحال ورتب في رياسة الطب عوضا عن أمين الدين سليمان الطبيب بمرسوم نائب السلطنة تنكز واختاره لذلك واتفق انه في هذا الشهر تجمع جماعة من التجار بماردين وانضاف اليهم خلق من الجفال من الغلا قاصدين بلاد الشام حتى إذا كانوا بمرحلتين من رأس العين لحقهم ستون فارسا من التتار فمالوا عليهم بالنشاب وقتلوهم عن آخرهم ولم يبق منهم سوى صبيانهم نحو سبعين صبيا فقالوا من يقتل هؤلاء فقال واحد منهم أنا بشرط ان تنقلوني بمال من الغنيمة فقتلهم كلهم عن آخرهم وكان جملة من قتل من التجار ستمائة ومن الجفلان ثلثمائة من المسلمين فانا لله وإنا اليه راجعون وردموا بهم خمس صهاريج هناك حتى امتلأت بهم رحمهم الله ولم يسلم من الجميع سوى رجل واحد تركماني هرب وجاء إلى رأس العين فأخبر الناس بما رأى وشاهد من هذا الأمر الفظيع المؤلم الوجيع فاجتهد متسلم ديار بكر سوياي في طلب أولئك التتر حتى أهلكهم عن آخرهم ولم يبق منهم سوى رجلين لا جمع الله بهم شملا ولا بهم مرحبا ولا أهلا آمين يا رب العالمين
*3* صفة خروج المهدي الضال بأرض جبلة
@ وفي هذه السنة خرجت النصيرية عن الطاعة وكان من بينهم رجل سموه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله وتارة يدعى على بن أبي طالب فاطر السموات والارض تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وتارة يدعى أنه محمد بن عبد الله صاحب البلاد وخرج يكفر المسلمين وأن النصيرية على الحق واحتوى هذا الرجل على عقول كثير من كبار النصيرية الضلال وعين لكل إنسان منهم تقدمه ألف وبلادا كثيرة ونيابات وحملوا على مدينة جبلة فدخلوها وقتلوا خلقا من أهلها وخرجوا منها يقولون لا إله إلا على ولا حجاب إلا محمد ولا باب الا سلمان وسبوا الشيخين وصاح أهل البلد واإسلاماه واسلطاناه واأميراه فلم يكن لهم يومئذ ناصر ولا منجد وجعلوا يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل فجمع هذا الضال تلك الاموال فقسمها على أصحابه وأتباعه قبحهم الله أجمعين وقال لهم لم يبق للمسلمين ذكر ولا دولة ولو لم يبق معي سوى عشرة نفر لملكنا البلاد كلها ونادى في تلك البلاد إن المقاسمة بالعشر لا غير ليرغب فيه وأمر أصحابه بخراب المساجد واتخاذها خمارات وكانوا يقولون لمن أسره من المسلمين قل لا إله إلا على واسجد لالهك المهدي الذي يحيى ويميت حتى يحقن دمك ويكتب لك فرمان وتجهزوا وعملوا أمرا عظيما جدا فجردت إليهم العساكر فهزموهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا وجما غفيرا وقتل المهدي أضلهم وهو يكون يوم القيامة مقدمهم إلى عذاب السعير كما قال تعالى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم وبتيع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ذلك بما قدمت يداك الآية وفيها حج الأمير حسام الدين مهنا وولده سليمان في ستة آلاف وأخوه محمد بن عيسى في أربعة آلاف ولم يجتمع مهنا بأحد من المصريين ولا الشاميين وقد كان في المصريين فجليس وغيره والله اعلم وممن توفي بها من الاعيان :
*3* الشيخ الصالح
@ أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله المنتزه كان فاضلا وكتب حسنا نسخ التنبيه والعمدة وغير ذلك وكان الناس ينتفعون به ويقابلون عليه ذلك ويصححون عليه ويجلسون إليه عند صندوق كان له في الجامع توفي ليلة الاثنين سادس محرم ودفن بالصوفية وقد صححت عليه في العمدة وغيره
*3* الشيخ شهاب الدين الرومي
@ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن المراغي درس بالعينية وأم بمحراب الحنفية بمقصورتهم الغربية إذ كان محرابهم هناك وتولى مشيخة الخاتونية وكان يؤم بنائب السلطان الأفرم وكان يقرأ حسنا بصوت مليح وكانت له مكانة عنده وربما راح إليه الافرم ماشيا حتى يدخل عليه زاويته التي أنشأها بالشرق الشمالي على الميدان الكبير ولما توفي بالمحرم ودفن بالصوفية قام ولداه عماد الدين وشرف الدين بوظائفه
*3* الشيخ الصالح العدل
@ فخر الدين عثمان بن أبي الوفا بن نعمة الله الأعزازي كان ذا ثروة من المال كثير المروءة والبلاوة أدى الامانة في ستين ألف دينار وجواهر لا يعلم بها إلا الله عز وجل بعد ما مات صاحبها مجردا في الغزاة وهو عز الدين الجراحي نائب غزة أودعه إياها فأداها إلى أهلها أثابه الله ولهذا لما مات يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الآخر حضر جنازته خلق لا يعلمهم إلا الله تعالى حتى قيل إنهم لم يجتمعوا في مثلها قبل ذلك ودفن بباب الصغير رحمه الله
*3* قاضي القضاة
@ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن يوسف الزواوي قاضي المالكية بدمشق من سنة سبع وثمانين وستمائة قدم مصر من المغرب واشتغل بها وأخذ عن مشايخها منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام ثم قدم دمشق قاضيا في سنة سبع وثمانين وستمائة وكان مولده تقريبا في سنة تسع وعشرين وستمائة وأقام شعار مذهب مالك وعمر الصمصامية في أيامه وجدد عمارة النورية وحدث
بصحيح مسلم وموطأ مالك عن يحيى بن يحيى عن مالك وكتاب الشفا للقاضي عياض وعزل قبل وفاته بعشرين يوما عن القضاء وهذا من خيره حيث لم يمت قاضيا توفي بالمدرسة الصمصامية يوم الخميس التاسع من جمادي الاخرة وصلى عليه بعدالجمعة ودفن بمقابر باب الصغير تجاه مسجد التاريخ وحضر الناس جنازته وأثنوا عليه خيرا وقد جاوز الثمانين كمالك رحمه الله ولم يبلغ إلى سبعة عشر من عمره على مقتضى مذهبه أيضا
*3* القاضي الصدر الرئيس
@ رئيس الكتاب شرف الدين أبو محمد عبدالوهاب بن جمال الدين فضل الله بن الحلى القرشي العدوى المعمري ولد سنة تسع وعشرين وستمائة وسمع الحديث وخدم وارتفعت منزلته حتى كتب الانشاء بمصر ثم نقل إلى كتابة السر بدمشق إلى أن توفي في ثامن رمضان ودفن بقاسيون وقد قارب التسعين وهو ممتع بحواسه وقواه وكانت له عقيدة حسنة في العلماء ولا سيما في ابن تيمية وفي الصلحاء رحمه الله وقد رثاه الشهاب محمود كاتب السر بعده بدمشق وعلاء الدين بن غانم وجمال الدين بن نباته
*3* الفقيه الامام العالم المناظر
@ شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن الامام كمال الدين علي بن إسحاق بن سلام الدمشقي الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة واشتغل وبرع وحصل ودرس بالجاروضية والعذراوية وأعاد بالظاهرية وأفتى بدار العدل وكان واسع الصدر كثير الهمة كريم النفس مشكورا في فهمه وخطه وحفظه وفصاحته ومناظرته توفي في رابع عشرين رمضان وترك أولادا ودينا كثيرا فوفته عنه زوجته بنت زويزان تقبل الله منها وأحسن إليها
*3* الصاحب إنيس الملوك
@ بدر الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الاربلي ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة واشتغل بالأدب فحصل على جانب جيد منه وارتزق عند الملوك به فمن رقيق شعره ما أروده الشيخ علم الدين في ترجمته قوله
ومدامة خمر تشبه خد من * أهو ودمعي يسقى بها قمرا
أعز علي من سمعي ومن بصري
وقوله في مغنية
وعزيزة هيفاء ناعمة الصبا * طوع العناق مريضة الاجفان
غنت وماس قومها فكأنها ال * ورقاء تسجع فوق عصن البان
*3* الصدر الرئيس شرف الدين محمد بن جمال الدين إبراهيم
@ ابن شرف الدين عبد الرحمن بن أمين الدين سالم بن الحافظ بهاء الدين الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى ذهب إلى الحجاز الشريف فلما كانوا ببردى اعتراه مرض ولم يزل به حتى مات توفي بمكة وهو محرم ملب فشهد الناس جنازته وغبطوه بهذه الموتة وكانت وفاته يوم الجمعة آخر النهار سابع ذي الحجة ودفن ضحى يوم السبت بمقبرة بباب الحجون رحمه الله تعالى وأكرم مثواه
*2* ثم دخلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة
@ الخليفة والسلطان هما هما وكذلك النواب والقضاة سوى المالكي بدمشق فإنه العلامة فخر الدين ابن سلامة بعدالقاضي جمال الدين الزواوي رحمه الله ووصلت الاخبار في المحرم من بلاد الجزيرة وبلاد الشرق سنجار والموصل وماردين وتلك النواحي بغلاء عظيم وفناء شديد وقلة الامطار وخوف التتار وعدم الاقوات وغلاء الاسعار وقلة النفقات وزوال النعم وحلول النقم بحيث إنهم أكلوا ما وجدوه من الجمادات والحيوانات والميتات وباعوا حتى أولادهم وأهاليهم فبيع الولد بخمسين درهماوأقل من ذلك حتى إن كثير كانوا لايشترون من أولاد المسلمين وكانت المرأة تصرح بأنها نصرانية ليشترى منها ولدها لتنتفع بثمنه ويحصل له من يطعمه فيعيش وتأمن عليه من الهلاك فإنا لله وإنا إليه راجعون ووقعت أحوال صعبة يطول ذكرها وتنبو الاسماع عن وصفها وقد ترحلت منهم فرقة قريب الاربعمائة إلى ناحية مراغة فسقط عليهم ثلج أهلكهم عن آخرهم وصحبت طائفة منهم فرقة من التتار فلما انتهوا إلى عقبة صعدها التتار ثم منعوهم ان يصعدوها لئلا يتكلفوا بهم فماتوا عن آخرهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم وفي بكرة الاثنين السابع من صفر قدم القاضي كريم الدين عبدالكريم بن العلم هبة الله وكيل الخاص السلطاني بالبلاد جميعها قدم إلى دمشق فنزل بدار السعادة وأقام بها أربعة ايام وأمر ببناء جامع القبيبات الذي يقال له جامع كريم الدين وراح لزيارة بيت المقدس وتصدق بصدقات كثيرة وافرة وشرع ببناء جامع بعد سفره وفي ثاني صفر جاءت ريح شديدة ببلاد طرابلس على ذوق تركمان فأهلكت لهم كثيرا من الامتعة وقتلت اميرا منهم يقال له طرالي وزوجته وابنتيه وابني ابنيه وجاريته وأحد عشر نفسا وقتلت جمالا كثيرة وغيرها وكسرت الامتعة والاثاث وكانت ترفع البعير في الهواء مقدار عشرة أرماح ثم تلقيه مقطعا ثم سقط بعد ذلك مطر شديد وبرد عظيم بحيث أتلف زروعا كثيرة في قرى عديدة نحو من أربعة وعشرين قرية حتى أنها لا ترد بدارها وفي صفر أخرج الامير سيف الدين طغاي الحاصلي إلى نيابة صفت فأقيم بها شهرين مسلك والصاحب أمين الدين إلى نظر الاوقاف بطرابلس على معلوم وافر قال الشيخ علم الدين
وفي يوم الخميس منتصف ربيع الاول اجتمع قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم بالشيخ الامام العلامة تقي الدين بن تيمية وأشار عليه في ترك الافتاء في مسألة الحلف بالطلاق فقبل الشيخ نصيحته وأجاب إلى ما اشار به رعاية لخاطره وخواطر الجماعة المفتيين ثم ورد البريد في مستهل جمادي الاولى بكتاب من السلطان فيه منع الشيخ تقي الدين من الافتاء في مسألة الحلف بالطلاق وانعقد بذلك مجلس وانفصل الحال على ما رسم به السلطان ونودي به في البلد وكان قبل قدوم المرسوم قد اجتمع بالقاضي ابن مسلم الحنبلي جماعة من المفتيين الكبار وقالوا له أن ينصح الشيخ في ترك الافتاء في مسألة الطلاق فعلم الشيخ نصيحته وأنه إنما قصد بذلك ترك ثوران فتنة وشر وفي عاشره جاء البريد إلى صفت بمسك سيف الدين طغاي وتولية بدر الدين القرماني نيابة حمص
وفي هذا الشهر كان مقتل رشيد الدولة فضل الله بن أبي الخير بن عالي الهمداني كان أصله يهوديا عطارا فتقدم بالطب وشملته السعادة حتى كان عند خربندا الجزء الذي لا يتجزأ وعلت رتبته وكلمته وتولى مناصب الوزراء وحصل له من الاموال والأملاك والسعادة مالا يحد ولا يوصف وكان قد أظهر الاسلام وكانت لديه فضائل جمة وقد فسر القرآن وصنف كتبا كثيرة وكان له اولاد وثروة عظيمة وبلغ الثمانين من العمر وكانت له يد جيدة يوم الرحبة فإنه صانع عن المسلمين وأتقن القضية في رجوع ملك التتار عن البلاد الشامية سنة ثنتي عشرة كما تقدم وكان يناصح الاسلام ولكن قد نال منه خلق كثير من الناس واتهموه على الدين وتكلموا في تفسيره هذا ولا شك أنه كان مخبطا مخلطا وليس لديه علم نافع ولا عمل صالح ولما تولى أبو سعيد المملكة عزله وبقي مدة خاملا ثم استدعاه جوبان وقال له أنت سقيت السلطان خربندا سما فقال له أنا كنت في غاية الحقارة والذلة فصرت في أيامه وأيام أبيه في غاية العظمة والعزة فكيف أعمد إلى سقيه والحالة هذه فأحضرت الاطباء فذكروا صورة مرض خربندا وصفته وأن الرشيد أشار باسهاله لما عنده في باطنه من الحواصل فانطلق باطنه نحوا من سبعين مجلسا فمات بذلك على وجه أنه أخطأ في الطب فقال فأنت إذا قتلته فقتله وولده إبراهيم واحتيط على حواصله وامواله فبلغت شيئا كثيرا وقطعت أعضاؤه وحمل كل جزء منها إلى بلدة ونودي على رأسه بتبريز هذا رأس اليهودي الذي بدل كلام الله لعنه الله ثم أحرقت جثته وكان القائم عليه على شاه
وفي هذا الشهر أعني جمادي الاولى تولى قضاء المالكية بمصر تقي الدين الاخنائي عوضا عن زين الدين بن مخلوف توفي عن اربع وثمانين سنة وله في الحكم ثلاث وثلاثون سنة وفي يوم الخميس عاشر رجب لبس صلاح الدين يوسف بن الملك الاوحد خلعة الامرة بمرسوم السلطان
وفي آخر رجب جاء سيل عظيم بظاهر حمص خرب شيئا كثيرا وجاء إلى البلد ليدخلها فمنعه الخندق وفي شعبان تكامل بناء الجامع الذي عمره تنكز ظاهر باب النصر وأقيمت الجمعة فيه عاشر شعبان وخطب فيه الشيخ نجم الدين علي بن داود بن يحيى الحنفي المعروف بالفقجازي من مشاهير الفضلاء ذوي الفنون المتعددة وحضر نائب السلطنة والقضاة والاعيان والقراء والمنشدون وكان يوما مشهودا وفي يوم الجمعة التي يليها خطب بجامع القبيبات الذي أنشأه كريم الدين وكيل السلطان وحضر فيه القضاة والاعيان وخطب فيه الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الواحد بن يوسف بن الرزين الحراني الاسدي الحنبلي وهو من الصالحين الكبار ذوي الزهادة والعبادة والنسك والتوجه وطيب الصوت وحسن السمت وفي حادي عشر رمضان خرج الشيخ شمس الدين ابن النقيب إلى حمص حاكما بها مطلوبا مولى مرغوبا فيه وخرج الناس لتوديعه
وفي هذا الشهر حصل سيل عظيم بسلمية ومثله بالشوبك وخرج المحمل في شوال وأمير الركب الأمير علاء الدين بن معبد والى البر وقاضيه زين الدين ابن قاضي الخليل الحاكم بحلب وممن حج في هذه السنة من الاعيان الشيخ برهان الدين الفزاري وكمال الدين ابن الشريشي وولده وبدر الدين ابن العطار وفي الحادي والعشرين من ذي الحجة انتقل الامير فخر الدين إياس الأعسري من شد الدواوين بدمشق إلى طرابلس اميرا وفي يوم الجمعة السابع عشر ذي الحجة أقيمت الجمعة في الجامع الذي انشأه الصاحب شمس الدين عبريال ! ناظر الدواوين بدمشق خارج باب شرقي إلى جانب ضرار بن الازور بالقرب من محلة القعاطلة وخطب فيه الشيخ شمس الدين محمد بن التدمري المعروف بالنيرباني وهو من كبار الصالحين ذوي العبادة والزهادة وهو من أصحاب شيخ الاسلام ابن يتيمة وحضره الصاحب المذكور وجماعة من القضاة والاعيان وفي يوم الاثنين والعشرين من ذي الحجة باشر الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان الذهبي المحدث الحافظ بتربة أم الصالح عوضا عن كمال الدين بن الشريشي توفي بطريق الحجاز في شوال وقد كان له في مشيختها ثلاث وثلاثون سنة وحضر عند الذهبي جماعة من القضاة وفي يوم الثلاثاء صبيحة هذا الدرس أحضر الفقيه زين الدين بن عبيدان الحنبلي من بعلبك وحوقق على منام رآه زعم أنه رآه بين النائم واليقظان وفيه تخليط وتخبيط وكلام كثير لا يصدر عن مستقيم المزاج كان كتبه بخطه وبعثه لي بعض أصحابه فاستسلمه القاضي الشافعي وحقن دمه وعزره ونودي عليه في البلد ومنع من الفتوى وعقود الانكحة ثم أطلق وفي يوم الاربعاء بكرة باشر بدر الدين محمد بن بضحان شيخة الاقزاء بتربة أم الصالح عوضا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي وحضر عنده الاعيان الفضلاء وقد حضرته يومئذ وقبل ذلك باشر مشيخة الاقراء بالأشرفية عوضا عنه أيضا الشيخ
محمد بن خروف الموصلي وفي يوم الخميس ثالث عشرين ذي الحجة باشر الشيخ الامام العلامة الحافظ الحجة شيخنا ومفيدنا أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبدالرحمن بن يوسف المزي مشيخة دار الحديث الاشرفية عوضا عن كمال الدين بن الشريشي ولم يحضر عنده كبير أحد لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك مع أنه لم يتولها أحد قبله أحق بها منه ولا احفظ منه وما عليه منهم إذا لم يحضروا عنده فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده وبعدهم عنه انس والله أعلم وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* الشيخ الصالح العباد الناسك
@ الورع الزاهد القدوة بقية السلف وقدوة الخلف أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح عمر بن السيد القدوة الناسك الكبير العارف ابي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي ولد سنة خمسين وستمائة ببالس وسمع من أصحاب ابن طبرزد وكان شيخا جليلا بشوش الوجه حسن السمت مقصدا لكل أحد كثير الوقار عليه سيما العبادة والخير وكان يوم قازان في جملة من كان مع الشيخ تقي الدين ابن تيمية لما تكلم مع قازان فحكى عن كلام شيخ الاسلام تقي الدين لقازان وشجاعته وجرأته عليه وأنه قال لترجمانه قل للقان أنت تزعم أنك مسلم ومعك مؤذنون وقاضي وإمام وشيخ على ما بلغنا فغزوتنا وبلغت بلادنا على ماذا وابوك وجدك هلاكو كانا كافرين وما غزوا بلاد الاسلام بل عاهدوا قومنا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت قال وجرت له مع قازان وقطلوشاه وبولاي أمور ونوب قام ابن تيمية فيها كلها لله وقال الحق ولم يخش إلا الله عز وجل قال وقرب إلى الجماعة طعاما فأكلوا منه إلا ابن تيمية فقيل له ألا تأكل فقال كيف آكل من طعامكم وكله مما نهبتم من أغنام الناس وطبختموه بما قطعتم من أشجار الناس قال ثم إن قازان طلب منه الدعاء فقال في دعائه اللهم إن كان هذا عبدك محمود إنما يقاتل لتكون كلمتك هي العليا وليكون الدين كله لك فانصره وأيده وملكه البلاد والعباد وإن كان إنما قام رياء وسمعة وطلبا للدنيا ولتكون كلمته هي العليا وليذل الاسلام وأهله فاخذ له وزلزله ودمره واقطع دابره قال وقازان يؤمن على دعائه ويرفع يديه قال فجعلنا نجمع ثابنا خوفا من أن تتلوث بدمه إذا أمر بقتله قال فلما خرجنا من عنده قال له قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وغيره كدت أن تهلكنا وتهلك نفسك والله لانصحبك من هنا فقال وأنا والله لا أصحبكم قال فانطلقنا عصبة وتأخر هو في خاصة نفسه ومعه جماعة من أصحابه فتسامعت به الخواقين والأمراء من أصحاب قازان فأتوه يتبركون بدعائه وهو سائر إلى دمشق وينظرون إليه قال والله ما وصل إلى دمشق إلا في نحو ثلثمائة فارس في ركابه وكنت أنا من جملة من كان معه وأما أولئك الذين أبو أن يصحبوه فخرج عليهم جماعة من التتر فشلحوهم عن آخرهم هذا الكلام أو نحوه وقد سمعت هذا الحكاية من جماعة غيره وقد تقدم ذلك توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين
الثاني والعشرين من صفر الزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والنصارية والعادلية وصلى عليه بها ودفن بها وحضر جنازته ودفنه خلق كثير وجم غفير وكان في جملة الجمع الشيخ تقي الدين بن تيمية لأنه كان يحبه كثيرا ولم يكن للشيخ محمد مرتب على الدولة ولا غيرهم ولا لزاويته مرتب ولا وقف وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل وكان يزار وكان لديه علم وفضائل جمة وكان فهمه صحيحا وكانت له معرفة تامة وكان حسن العقيدة وطويته صحيحة محبا للحديث وآثار السلف كثير التلاوة والجمعية على الله عز وجل وقد صنف جزءا فيه أخبار جيدة رحمه الله وبل ثراه بوابل الرحمة آمين
*3* الشيخ الصالح الاديب البارع الشاعر المجيد
@ تقي الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ أحمد بن تمام بن حسان البلى ثم الصالحي الحنبلي أخو الشيخ محمد بن تمام ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة وسمع الحديث وصحب الفضلاء وكان حسن الشكل والخلق طيب النفس مليح المجاورة والمجالسة كثير المفاكهة أقام مدة بالحجاز واجتمع بابن سبعين وبالتقي الحوراني وأخذ النحو عن ابن مالك وابنه بدر الدين وصحبه مدة وقد صحبه الشهاب محمود مدة خمسين سنة وكان يثني عليه بالزهد والفراغ من الدنيا توفي ليلة السبت الثالث من ربيع الاخر ودفن بالسفح وقد أورد الشيخ علم الدين البرزالي في ترجمته قطعة من شعره فمن ذلك قوله
أسكان المعاهد من فؤادي * لكم في خافق منه سكون
أكرر فيكم أبدا حديثي * فيحلو والحديث له شجون
وأنظمه عقيقا من دموعي * فتنثره المحاجر والجفون
وأبتكر المعاني في هواكم * وفيكم كل قافية تهون
واسئل عنكم البكاء سرا * وسر هواكم سر مصون
وأغتبق النسيم لان فيه * شمائل من معاطفكم تبين
فكم لي في محبتكم غرام * وكم لي في الغرام بكم فنون
*3* قاضي القضاة زين الدين
@ علي بن مخلوف بن ناهض بن مسلم بن منعم بن خلف النويري المالكي الحاكم بالديار المصرية سنة أربع وثلاثين وستمائة وسمع الحديث واشتغل وحصل وولى الحكم بعد ابن شاش سنة خمس وثمانين وطالت ايامه إلى هذا العام وكان غزير المروءة والاحتمال والاحسان إلى الفقهاء والشهود ومن يقصده توفي ليلة الاربعاء حادي عشر جمادي الاخرة ودفن بسفح المقطم بمصر وتولى الحكم بعده بمصر تقي الدين الاخنائي المالكي
*3* الشيخ إبراهيم بن أبي العلاء
@ المقري الصيت المشهور المعروف بابن شعلان وكان رجلا جيدا في شهود المسمارية ويقصد للختمات لصيت صوته توفي يوم الجمعة وهو كهل ثالث عشر جمادي الاخرة ودفن بسفح قاسيون
*3* الشيخ الامام العالم الزاهد
@ ابو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي جعفر أحمد بن خلف بن إبراهيم ابن أبي عيسى بن الحاج النجيبي القرطبي ثم الاشبيلي ولد باشبيلية سنة ثمان وثلاثين وستمائة وقد كان أهله بيت العلم والخطابة والقضاء بمدينة قرطبة فلما أخذها الفرنج انتقلوا إلى اشبيلية وتمحقت اموالهم وكتبهم وصادر ابن الاحمر جده القاضي بعشرين ألف دينار ومات أبوه وجده في سنة إحدى واربعين وسمتائة ونشأ يتيما ثم حج واقبل إلى الشام فاستقام بدمشق من سنة أربع وثمانين وسمع من ابن البخاري وغيره وكتب بيده نحوا من مائة مجلد إعانة لولديه ابي عمر وأبي عبد الله على الأشتغال ثم كانت وفاته بالمدرسة الصلاحية يوم الجمعة وقت الاذان ثامن عشر رجب وصلى عليه بعد العصر ودفن عند القندلاوي بباب الصغير بدمشق وحضر جنازته خلق كثير
*3* الشيخ كمال الدين ابن الشريشي
@ احمد ابن الامام العلامة جمال الدين بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن محمد بن سحمان البكري الوايلي الشريشي كان أبوه مالكيا كما تقدم واشتغل هو في مذهب الشافعي فبرع وحصل علوما كثيرة وكان خبيرا بالكتابة مع ذلك وسمع الحديث وكتب الطباق بنفسه وافتى ودرس وناظر وباشر بعدة مدارس ومناصب كبار أول ما باشر مشيخة دار الحديث بتربة أم الصالح بعد والده من سنة خمس وثمانين وستمائة إلى أن توفي وناب في الحكم عن ابن جماعة ثم ترك ذلك وولى وكالة بيت المال وقضاء العسكر ونظر الجامع مرات ودرس بالشامية البرانية ودرس بالناصرية عشرين سنة ثم انتزعها من يده ابن جماعة وزين الدين الفارقي فاستعادها منهما وباشر مشيخة الرباط الناصري بقاسيون مدة ومشيخة دار الحديث الأشرفية ثمان سنين وكان مشكور السيرة فيما يولي من الجهات كلها وقد عزم في هذه السنة على الحج فخرج بأهله فأدركته منيته بالحسا في سلخ شوال من هذه السنة ودفن هناك رحمه الله وتولى بعده الوكالة جمال الدين بن القلانسي ودرس بالناصرية كمال الدين بن الشيرازي وبدار الحديث الاشرفية الحافظ جمال الدين المزي وبأم الصالح الشيخ شمس الدين الذهبي وبالرباط النصاري ولده جمال الدين
*3* الشهاب المقري
@ احمد بن أبي بكر بن أحمد البغدادي نقيب الاشراف المتعممين كان عنده فضائل جمة نثرا ونظما مما يناسب الوقائع وما يحضر فيه من التهاني والتعازي ويعرف الموسيق والشعبذة وضرب الرمل ويحضر المجالس الشمتملة على اللهو والمسكر واللعب والبسط ثم انقطع عن ذلك كله لكبر سنه وهو مما يقال فيه وفي أمثاله
ذهبت عن توبته سائلا * وجدتها توبة إفلاس
وكان مولده بدمشق سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وتوفي ليلة السبت خامس ذي القعدة ودفن بمقابر باب الصغير في قبر أعده لنفسه عن خمس وثمانين سنة سامحه الله
*3* قاضي القضاة فخر الدين
@ أبو العباس احمد بن تاج الدين ابي الخير سلامة بن زين الدين ابي العباس احمد بن سلام الاسكندري المالكي ولد سنة إحدى وسبعين وستمائة وبرع في علوم كثيرة وولى نيابة الحكم في الاسكندرية فحمدت سيرته وديانته وصرامته ثم قدم على قضاء الشام للمالكية في السنة الماضية فباشرها أحسن مباشرة سنة ونصفا إلى أن توفي بالصمصامية بكرة الاربعاء مستهل ذي الحجة ودفن إلى جانب القندلاوي بباب الصغير وحضر جنازته خلق كثير وشكره الناس وأثنوا عليه رحمه الله تعالى
*2* ثم دخلت سنة تسع عشرة وسبعمائة
@ استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها وفي ليلة مستهل محرم هبت ريح شديدة بدمشق سقط بسببها شيء من الجدران واقتلعت أشجارا كثيرة وفي يوم الثلاثاء سادس عشرين المحرم خلع على جمال الدين بن القلانسي بوكالة بيت المال عوضا عن ابن الشريشي وفي يوم الاربعاء الخامس من صفر درس بالناصرية الجوانية ابن صصرى عوضا عن ابن الشريشي أيضا وحضر عنده الناس على العادة وفي عاشره باشر شد الدواوين جمال الدين أقوش الرحبي عوضا عن فخر الدين إياس وكان أقوش متولي دمشق من سنة سبع وسبعمائة وولى مكانه الامير علم الدين طرقش الساكن بالعقبية وفي هذا اليوم نودي بالبلد بصوم الناس لأجل الخروج إلى الاستسقاء وشرع في قراءة البخاري وتهيأ الناس ودعوا عقيب الصلوات وبعد الخطب وابتهلوا الى الله في الاستسقاء فلما كان يوم السبت منتصف صفر وكان سابع نيسان خرج اهل البلد برمتهم إلى عند مسجد القدم وخرج نائب السلطنة والامراء مشاة يبكون ويتضرعون واجتمع الناس هنالك وكان مشهدا عظيما وخطب بالناس القاضي صدر الدين سليمان الجعفري وأمن الناس على دعائه فلما أصبح الناس من اليوم الثاني جاءهم الغيث باذن الله ورحمته ورأفته لا بحولهم ولا بقوتهم ففرح الناس فرحا شديدا وعم البلاد كلها ولله الحمد والمنة وحده لا شريك له وفي أواخر الشهر شرعوا باصلاح رخام الجامع وترميمه وحلى أبوابه وتحسين ما فيه وفي رابع عشر ربيع الاخر درس بالناصرية
الجوانية ابن الشيرازي بتوقيع سلطاني وأخذها من ابن صصرى وباشرها إلى أن مات وفي يوم الخميس سادس عشر جمادي الاولى باشر ابن شيخ السلامية فخر الدين أخو ناظر الجيش الحسبة بدمشق عوضا عن ابن الحداد وباشر ابن الحداد نظر الجامع بدلا عن ابن شيخ السلامية وخلع على كل منهما
وفي بكرة الثلاثاء خامس جمادي الآخرة قدم من مصر إلى دمشق قاضي القضاة شرف الدين أبو عبد الله محمد بن قاضي القضاة معين الدين ابي بكر بن الشيخ زكي الدين ظاهر الهمداني المالكي على قضاء المالكية بالشام عوضا عن ابن سلامة توفي وكان بينهما ستة أشهر ولكن تقليد هذا مؤرخ بآخر ربيع الاول ولبس الخلعة وقرئ تقليده بالجامع وفي هذا الشهر درس بالخاتونية البرانية القاضي بدر الدين بن نويرة الحنفي وعمره خمس وعشرون سنة عوضا عن القاضي شمس الدين محمد قاضي ملطية توفي وفي يوم السبت خامس رمضان وصل إلى دمشق سيل عظيم أتلف شيئا كثيرا وارتفع حتى دخل من باب الفرج ووصل إلى العقبية وانزعج الناس له وانتقلوا من أماكنهم ولم تطل مدته لأن أصله كان مطرا وقع بأرض وابل السوق والحسينية وفي هذا اليوم باشر طرقشي شد الدواوين بعد موت جمال الدين الرحبي وباشر ولاية المدينة صارم الدين الجوكندار وخلع عليهما
ولما كان يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من رمضان اجتمع القضاة وأعيان الفقهاء عند نائب السلطنة بدار السعادة وقرئ عليهم كتاب من السلطان يتضمن منع الشيخ تقي الدين بن تيمية من الفتيا بمسألة الطلاق وانفصل المجلس على تأكيد المنع من ذلك وفي يوم الجمعة تاسع شوال خطب القاضي صدر الدين الداراني عوضا عن بدر الدين ابن ناصر الدين بن عبدالسلام بجامع جراح وكان فيه خطيبا قبله فتولاه بدر الدين حسن العقرباني واستمر ولده في خطابة داريا التي كانت بيد أبيه من بعده وفي يوم السبت عشرة خرج الركب وأميرهم عز الدين أيبك المنصوري أمير علم وحج فيها صدر الدين قاضي القضاة الحنفي وبرهان الدين بن عبد الحق وشرف الدين بن تيمية ونجم الدين الدمشقي وهو قاضي الركب ورضى الدين المنطبقي وشمس الدين بن الزريز خطيب جامع القبيبات وعبد الله بن رشيق المالكي وغيرهم وفيها حج سلطان الاسلام الملك الناصر محمد بن قلاوون ومعه جمع كثير من الامراء ووكيله كريم الدين وفخر الدين كاتب المماليك وكاتب السر ابن الأثير وقاضي القضاة ابن جماعة وصاحب حماة الملك عماد الدين والصاحب شمس الدين غبريال في خدمة السلطان وكان في خدمته خلق كثير من الأعيان
وفيها كانت وقعة عظيمة بين التتار بسبب أن ملكهم أبا سعيد كان قد ضاق ذرعا بجوبان وعجز عن مسكه فانتدب له جماعة من الأمراء عن أمره منهم أبو يحيى خال أبيه ودقماق وقرشي وغيرهم من أكابر الدولة وأرادوا كبس جوبان فهرب وجاء إلى السلطان فانهى إليه ما كان منهم وفي صحبته الوزير على شاه ولم يزل بالسلطان حتى رضي عن جوبان وأمده بجيش كثيف وركب السلطان معه أيضا والتقوا مع أولئك فكسروهم وأسروهم وتحكم فيه جوبان فقتل منهم إلى آخر هذه السنة نحوا من أربعين أميرا وممن توفي فيها من الأعيان :
*3* الشيخ المقري شهاب الدين
@ أبو عبد الله الحسن بن سليمان بن خزارة بن بدر الكفري الحنفي ولد تقريبا في سنة سبع وثلاثين وستمائة وسمع الحديث وقرأ بنفسه كتاب الترمذي وقرأ القراءات وتفرد بها مدة يشتغل الناس عليه وجمع عليه السبع أكثر من عشرين طالبا وكان يعرف النحو والأدب وفنونا كثيرة وكانت مجالسته حسنة وله فوائد كثيرة درس بالطرخانية أكثر من أربعين سنة وناب في الحكم عن الأذرعي مدة ولايته وكان خيرا مباركا أضر في آخر عمره وانقطع في بيته مواظبا على التلاوة والذكر وأقراء القرأن إلى أن توفي ثالث عشر جمادي الاولى وصلى عليه بعد الظهر يومئذ بجامع دمشق ودفن بقاسيون رحمه الله وفي هذا الشهر جاء الخبر بموت
*3* الشيخ الامام تاج الدين
@ عبد الرحمن بن محمد بن أبي حامد التبريزي الشافعي المعروف بالأفضلي بعد رجوعه من الحج ببغداد في العشر الاول من صفر وكان صالحا فقيها مباركا وكان ينكر على رشيد الدولة ويحط عليه ولما قتل قال كان قتله أنفع من قتل مائة ألف نصراني وكان رشيد الدولة يريد أن يترضاه فلم يقبل وكان لا يقبل من أحد شيئا ولما توفي دفن بتربة الشونيزي وكان قد قارب الستين رحمه الله
*3* محيي الدين محمد بن مفضل بن فضل الله المصري
@ كاتب ملك الامراء ومستوفي الأوقاف كان مشكور السيرة محببا للعلماء والصلحاء فيه كرم وخدمة كثيرة للناس توفي في رابع عشرين من جمادي الاولى ودفن بتربة ابن هلال بسفح قاسيون وله ست وأربعون سنة وباشر بعده في وظيفته امين الدين بن النحاس
*3* الأمير الكبير غرلوبن عبد الله العادلي
@ كان من أكابر الدولة ومن الامراء المقدمين الالوف وقد ناب بدمشق عن أستاذه الملك العادل كتبغا نحوا من ثلاثة أشهر في سنة خمس وسبعين وستمائة وأول سنة ست وتسعين واستمر اميرا كبيرا إلى أن توفي في سابع جمادي الاولى يوم الخميس ودفن بتربته بشمالي جامع المظفري بقاسيون وكان شهما شجاعا ناصحا للاسلام وأهله مات في عشر الستين
*3* الامير جمال الدين أقوش
@ الرحبي المنصوري والى دمشق مدة طويلة كان أصله من قرى إربل وكان نصرانيا فسبى وبيع من ناب الرحبة ثم انتقل إلى الملك المنصور فأعتقه وأمره وتولى الولاية بدمشق نحوا من احدى عشرة سنة ثم انتقل إلى شد الدواوين مدة اربعة أشهر وكان محبوبا إلى العامة مدة ولايته
الخطيب صلاح الدين
يوسف بن محمد بن عبد اللطيف بن المعتزل الحموي له تصانيف وفوائد وكان خطيب جامع السوق الاسفل بحماة وسمع من ابن طبرزد توفي في جمادي الاخرة
*3* العلامة فخر الدين ابو عمرو
@ عثمان بن علي بن يحيى بن هبة الله بن إبراهيم بن المسلم بن علي الانصاري الشافعي المعروف بابن بنت أبي سعد المصري سمع الحديث وكان من بقايا العلماء وناب في الحكم بالقاهرة وولى مكانه في ميعاد جامع طولون الشيخ علاء الدين القونوي الشيوخ اشيوخ وفي ميعاد الجامع الازهر شمس الدين بن علان كانت وفاته ليلة الاحد الرابع والعشرين من جمادي الاخرة ودفن بمصر وله من العمر سبعون سنة
*3* الشيخ الصالح العابد
@ أبو الفتح نصر بن سليمان بن عمر الكبجي له زاوية بالحسينية يزار فيها ولا يخرج منها إلا إلى الجمعة سمع الحديث توفي يوم الثلاثاء بعد العصر السادس والعشرين من جمادي الاخرة ودفن من الغد بزاويته المذكورة رحمه الله
*3* الشيخ الصالح المعمر الرحلة
@ عيسى بن عبد الرحمن بن معالي بن أحمد بن إسماعيل بن عطاف بن مبارك بن علي بن أبي الجيش المقدسي الصالح المطعم راوي صحيح البخاري وغيره وقد سمع الكثير من مشايخ عدة وترجمه الشيخ علم الدين البرزالي في تاريخه توفي ليلة السبت رابع عشر ذي الحجة وصلى عليه بعد الظهر في اليوم المذكور بالجامع المظفري ودفن بالساحة بالقرب من تربة المولهين وله أربع وسبعون سنة رحمه الله تعالى
*2* ثم دخلت سنة عشرين وسبعمائة
@ استهلت وحكام البلادهم المذكورون في التي قبلها وكان السلطان في هذه السنة في الحج وعاد إلى القاهرة يوم السبت ثاني عشر المحرم ودقت البشائر ورجع الصاحب شمس الدين على طريق الشام وصحبته الامير ناصر الدين الخازندار وعاد صاحب حماة مع السلطان إلى القاهرة وأنعم عليه السلطان ولقب بالملك المؤيد ورسم أن يخطب له على منابرها وأعمالها وأن يخطب بالمقام العالي
المولوي السلطاني الملكي المؤيدي على ما كان عليه عمه المنصور وفيها عمر ابن المرجاني شهاب الدين مسجد الخيف وأنفق عليه نحوا من عشرين ألفا وفي المحرم استقال أمين الدين من نظر طرابلس وأقام بالقدس وفي آخر صفر باشر نيابة الحكم المالكي القضاي شمس الدين محمد بن أحمد القفصي وكان قد قدم مع قاضي القضاة شرف الدين من مصر وفي يوم الاثنين الخامس والعشرين من ربيع الاول ضربت عنق شخص يقال له عبد الله الرومي وكان غلاما لبعض التجار وكان قد لزم الجامع ثم ادعى النبوة واستتيب فلم يرجع فضربت عنقه وكان أشقر أزرق العينين جاهلا وكان قد خالطه شيطان حسن له ذلك واضطرب عقله في نفس الامر وهو في نفسه شيطان إنسي وفي يوم الاثنين ثاني ربيع الاخر عقد عقد السلطان على المرأة التي قدمت من بلاد القبجاق وهي من بنات الملوك وخلع على القاضي بدر الدين ابن جماعة وكاتب السروكريم الدين وجماعة الأمراء وصلت العساكر في هذا الشهر إلى بلاد سيس وغرق في بحر جاهان من عساكر طرابلس نحو من ألف فارس وجاءت مراسيم السلطان في هذا سقط لاسلطان عليهم لعدم قدوم والدهم مهنا على السلطان وفي يوم الاربعاء رابع عشرين جمادي الأولى درس بالركنية الشيخ محي الدين الاسمر الحنفي وأخذت منه الجوهرية لشمس الدين البرقي الاعرج وتدريس جامع القلعة لعماد الدين بن محيي الدين الطرسوسي الذي ولي قضاء الحنفية بعد هذا وأخذ من البرقي إمامة مسجد نور الدين له بحارة اليهود ولعماد الدين بن الكيال وامامة الربوة الشيخ محمد الصبيبي وفي جمادي الاخرة اجتمعت الجيوش الاسلامية بأرض حلب نحوا من عشرين الفا عليهم كلهم نائب حلب الطنبغا وفيهم نائب طرابلس شهاب الدين قرطبة فدخلوا بلاد الأرمن من اسكندرونة ففتحوا الثغرتم تل حمدان ثم خاضوا جاهان فغرق منهم جماعة ثم سلم الله من وصلوا إلى سيس فحاصروها وضيقوا على أهلها وأحرقوا دار الملك التي في البلد وقطعوا أشجار البساتين وساقوا الابقار والجواميس والاغنام وكذل فعلوا بطرسوس وخربوا الضياع والاماكن واحرقوا الزروع ثم رجعوا فخاضوا النهر المذكور فلم يغرق منهم أحد وأخرجوا بعد رجوعهم مهنا وأولاده من بلادهم وساقوا خلفه إلى غانة وحديثة ثم بلغ الجيوش موت صاحب سيس وقيام ولده من بعد فشنوا الغارات على بلاده وتابعوها وغنموا وأسروا إلا في المرة الرابعة فإنه قتل منهم جماعة
وفي هذه السنة كانت وقعة عظيمة ببلاد المغرب بين المسلمين والفرنج فنصر الله المسلمين على اعدائهم فقتلوا منهم خمسين ألفا وأسروا خمسة آلاف وكان في جملة القتلى خمسة وعشرين ملكا من ملوك الافرنج وغنموا شيئا كثيرا من الأموال يقال كان من جملة ما غنموا سبعون قنطارا من الذهب والفضة وإنما كان جيش الاسلام يومئذ ألفين وخمسمائة فارس غير الرماة ولم يقتل منهم سوى إحدى عشر قتيلا وهذا من غريب ما وقع وعجيب ما سمع وفي يوم الخميس ثاني عشرين رجب عقد مجلس بدار السعادة للشيخ تقي الدين بن تيمية بحضرة نائب السلطنة وحضر فيه القضاة والمفتيون من المذاهب وحضر الشيخ وعاتبوه على العود إلى الافتاء بمسألة الطلاق ثم حبس في القلعة فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يوما ثم ورد مرسوم من السلطان باخراجه يوم الاثنين يوم عاشوراء من سنة إحدى وعشرين كما سيأتي إن شاء الله تعالى وبعد ذلك بأربعة أيام أضيف شد الأوقاف إلى الأمير علاء الدين بن معبد الى ما بيده من ولاية البر وعزل بدر الدين المنكورسي عن الشام
وفي آخر شعبان مسك الامير علاء الدين الجاولي نائب غزة وحمل الى الاسكندرية لأنه انهم انه يريد الدخول الى دار اليمن واحتيط على حواصله وأمواله وكان له بر وإحسان وأوقاف وقد بنى بغزة جامعا حسنا مليحا وفي هذا الشهر اراق ملك التتر ابو سعيد الخمور وابطل الحانات وأظهر العدل والاحسان إلى الرعايا وذلك انه أصابهم برد عظيم وجاءهم سيل هائل فلجؤا إلى الله عز وجل وابتهلوا إليه فسلموا فتابوا وأنابوا وعملوا الخير عقيب ذلك وفي العشر الأول من شوال جرى المال بالنهر الكريمي الذي اشتراه كريم الدين بخمسة وأربعين ألفا وأجراه في جدول إلى جامعه بالقبيبات فعاش به الناس وحصل به أنس إلى أهل تلك الناحية ونصبت عليه الاشجار البساتين وعمل حوض كبير تجاه الجامع من الغرب يشرب منه الناس والدواب وهو حوض كبير ومل مطهرة وحصل بذلك نفع كثير ورفق زائد أثابه الله وخرج الركب في حادي عشر شوال وأميره الملك صلاح الدين بن الاوحد وفيه زين الدين كتبغا الحاجب وكمال الدين الزملكاني والقاضي شمس الدين بن المعز وقاضي حماة شرف الدين البازري وقطب الدين ابن شيخ السلامية وبدر الدين بن العطار وعلاء الدين بن غانم ونور الدين السخاوي وهو قاضي الركب ومن المصريين قاضي الحنفية ابن الحريري وقاضي الحنابلة ومجد الدين حرمي والشرف عيسى المالكي وهو قاضي الركب وفيه كملت عمارة الحمام الذي عمره الجيبغا غربي دار الطعم ودخله الناس
وفي أواخر ذي الحجة وصل إلى دمشق من عند ملك التتر الخواجه مجد الدين إسماعيل بن محمد ابن ياقوت السلامي وفي صحبته هدايا وتحف لصاحب مصر من ملك التتر وأشهر أنه إنما جاء ليصلح بين المسلمين والتتر فتلقاه الجند والدولة ونزل بدار السعادة يوما واحدا ثم سار الى مصر وفيها وقف الناس بعرفات موقفا عظيما لم يعهد مثله أتوه من جميع أقطار الأرض وكان مع
العراقيين محامل كثيرة منها محمل قوم ما عليه من الذهب واللالئ بألف ألف دينار مصرية وهذا أمر عجيب وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* الشيخ إبراهيم الدهستاني
@ وكان قد أسن وعمر وكان يذكر ان عمره حين أخذت التتر بغداد أربعين سنة وكان يحضر الجمعة هو واصحابه تحت قبة النسر إلى أن توفي ليلة الجمعة السابع والعشرين من ربيع الاخر بزاويته التي عند سوق الخيل بدمشق ودفن بها وله من العمر مائة وأربع سنين كما قال فالله أعلم
*3* الشيخ محمد بن محمود بن علي
@ الشحام المقرئ شيخ ميعاد ابن عامر كان شيخا حسنا بهيا مواظبا على تلاوة القرآن إلى أن توفي في ليلة توفي الدهستاني المذكور أو قبله بليلة رحمهما الله
*3* الشيخ شمس الدين ابن الصائغ اللغوي
@ هو ابو عبد الله محمد بن حسين بن سباع بن أبي بكر الجذامي المصري الاصل ثم انتقل إلى دمشق ولد تقريبا سنة خمس وأربعين وستمائة بمصر وسمع الحديث وكان اديبا فاضلا بارعا بالنظم والنثر وعلم العروض والبديع والنحو واللغة وقد اختصر صحاح الجوهري وشرح مقصورة ابن دريد وله قصيدة تائية تشتمل على ألفي بيت فأكثر ذكر فيها العلوم والصنائع وكان حسن الأخلاق لطيف المحاورة والمحضارة وكان يسكن بين درب الحبالين والفراش عند بستان القط توفي بداره يوم الاثنين ثالث شعبان ودفن بباب الصغير
*2* ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وسبعمائة
@ استهلت وحكام البلاد هم المذ كورون في التي قبلها وفي أول يوم منها فتح حمام الزيت الذي في رأس درب الحجر جدد عمارته رجل ساوى بعد ما كان قد درس ودثر من زمان الخوارزمية من نحو ثمانين سنة وهو حمام جيد متسع وفي سادس المحرم وصلت هدية من ملك التتار أبي سعيد إلى السلطان صناديق وتحف ودقيق وفي يوم عاشوراء خرج الشيخ تقي الدين بن تيمية من القعلة بمرسوم السلطان وتوجه إلى داره وكانت مدة إقامته خمسة اشهر وثمانية عشر يوما رحمه الله وفي رابع ربيع الاخر وصل إلى دمشق القاضي كريم الدين وكيل السلطان فنزل بدار السعادة وقدم قاضي القضاة تقي الدين بن عوض الحاكم الحنبلي بمصر وهو ناظر الخزانة أيضا فنزل بالعالدية الكبيرة التي للشافعية فأقام بها أياما ثم توجه إلى مصر جاء في بعض أشغال السلطان وزار القدس
وفي هذا الشهر كان السلطان قد حفر بركة قريبا من الميدان وكان في جوارها كنيسة فأمر الوالي بهدمها فلما هدمت تسلط الحرافيش وغيرهم على الكنائس بمصر يهدمون ما قدروا عليه فانزعج السلطان لذلك وسأل القضاة ماذا يجب على من تعاطي ذلك منهم فقالوا يعزر فأخرج جماعة من السجون ممن وجب عليه قتل فقطع وصلب وحرم وحزن وعاقب موهما انه إنما عاقب من تعاطي تخريب ذلك فسكن الناس وأمنت النصارى وظهروا بعد ما كانوا قد اختفوا أياما وفيه ثارت الحرامية ببغداد ونهبوا سوق الثلاثاء وقت الظهر فثار الناس وراءهم وقتلوا منهم قريبا من مائة وأسروا آخرين
قال الشيخ علم الدين البرزالي ومن خطه نقلت وفي يوم الأربعاء السادس من جمادي الاولى خرج القضاة والاعيان والمفتيون الى القابون ووقفوا على قبلة الجامع الذي أمر ببنائه القاضي كريم الدين وكيل السلطان بالمكان المذكور وحرروا قبلته واتفقوا على أن تكون مثل قبلة جامع دمشق وفيه وقعت مراجعة من الامير جوبان أحد المقدمين الكبار بدمشق وبين نائب السلطنة تنكز فمسك جوبان ورفع إلى القلعة ليلتان ثم حول إلى القاهرة فعوتب في ذلك ثم اعطى خبزا يليق به وذكر علم الدين ان في هذا اليوم وقع حريق عظيم في القاهرة في الدور الحسنة والاماكن المليحة المرتفعة وبعض المساجد وحصل للناس مشقة عظيمة من ذلك وقنتوا في الصلوات ثم كشفوا عن القضية فإذا هو من قبل النصارى بسبب ما كان أحرق من كنائسهم وهدم فقتل السلطان بعضهم وألزم النصارى أن يلبسوا الزرقاء على رؤوسهم وثيابهم كلها وأن يحملوا الاجراس في الحمامات وان لا يستخدموا في شيء من الجهات فسكن الأمر وبطل الحريق
وفي جمادي الاخرة خرب ملك التتار أبو سعيد البازار وزوج الخواطيء وأراق الخمور وعاقب في ذلك أشد العقوبة وفرح المسلمون بذلك ودعوا له رحمه الله وسامحه وفي الثالث عشر من جمادي الاخرة أقيمت الجمعة بجامع القصب وخطب به الشيخ على المناخلي وفي يوم الخميس تاسع عشر جمادي الآخرة فتح الحمام الذي أنشأه تنكز تجاه جامعه وأكرى في كل يوم بأربعين درهما لحسنه وكثرة ضوئه ورخامه وفي يوم السبت تاسع عشر رجب خربت كنيسة القرائيين التي تجاه حارة اليهود بعد إثبات كونها محدثة وجاءت المراسيم السلطانية بذلك وفي أواخر رجب نفذت الهدايا من السلطان إلى أبي سعيد ملك التتار صحبة الخواجا مجد الدين السلامي وفيها خمسون جملا وخيول وحمار عتابي وفي منتصف رمضان أقيمت الجمعة بالجامع الكريمي بالفابون وشهدها يومئذ القضاة والصاحب وجماعة من الأعيان قال الشيخ علم الدين وقدم دمشق الشيخ قوام الدين أمير كاتب ابن الأمير العميد عمر الاكفاني القازاني مدرس مشهد الامام أبي حنيفة ببغداد في أول رمضان وقد حج في هذه السنة وتوجه إلى مصر وأقام بها أشهرا ثم مر بدمشق متوجها إلى بغداد فنزل بالخاتونية الحنفية وهو ذو فنون وبحث وأدب وفقه وخرج الركب الشامي يوم الاثنين عاشر شوال وأميره شمس الدين حمزة التركماني وقاضيه نجم الدين الدمشقي وفيها حج تنكز نائب الشام وفي صحبته جماعة من أهله وقدم من مصر الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب لينوب عنه إلى أن يرجع فنزل بالنجيبية البرانية
وممن حج فيها الخطيب جلال الدين القزويني وعز الدين حمزة بن القلانسي وابن العز شمس الدين الحنفي وجلال الدين بن حسام الدين الحنفي وبهاء الدين بن علية وعلم الدين البرزالي ودرس ابن جماعة بزاوية الشافعي يوم الأربعاء ثامن عشر شوال عوضا عن شهاب الدين أحمد بن محمد الأنصاري لسوء تصرفه وخلع على ابن جماعة وحضر عنده من الاعيان والعامة ما نشأ به جمعية الجمعة واشعلت له شموع كثيرة وفرح الناس بزوال المعزول
قال البرزالي ومن خطه نقلت وفي يوم الاحد سادس عشر شوال ذكر الدرس الامام العلامة تقي الدين السبكي المحدث بالمدرسة الهكارية عوضا عن ابن الانصاري أيضا وحضر عنده جماعة منهم القونوي وورى في الدرس حديث المتبايعين بالخيار عن قاضي القضاة ابن جماعة وفي شوال عزل علاء الدين بن معبد عن ولاية البروشد الاوقاف وتولى ولاية الولاة بالبلاد القبلية بحوران عوضا عن بكتمر لسفره إلى الحجاز وباشر أخوه بدر الدين شد الاوقاف والامير علم الدين الطرقشي ولاية البر مع شد الدواوين وتوجه ابن الانصاري الى حلب متوليا وكالة بيت المال عوضا عن ناصر الدين اخى شرف الدين يعقوب ناظر حلب بحكم ولاية التاج المذكور نظر الكرك
وفي يوم عيد الفطر كرب الامير تمرتاش بن جوبان نائب ابي سعيد على بلاد الروم في قيسارية في جيش كثيف من التتار والتركمان والقرمان ودخل بلاد سيس فقتل وسبى وحرق وخرب وكان قد ارسل لنائب حلب الطنبغا ليجهز له جيوشا ليكونون عونا له على ذلك فلم يمكنه ذلك بغير مرسوم السلطان وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* الشيخ الصالح المقري
@ بقية السلف عفيف الدين ابو محمد عبد الله بن عبدالحق بن عبد الله بن عبدالواحد بن علي القرشي المخزومي الدلاصي شيخ الحرم بمكة أقام فيه أزيد من ستين سنة يقرئ الناس القرآن احتسابا وكانت وفاته ليلة الجمعة الرابع عشر من محرم بمكة وله أزيد من تسعين سنة رحمه الله الشيخ الفاضل شمس الدين ابو عبد الله
محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمداني أبوه الصالحي المعروف بالسكاكيني ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة بالصالحية وقرأ بالروايات واشتغل في مقدمة في النحو ونظم قويا وسمع الحديث وخرج له الفخر ابن البعلبكي جزءا عن شيوخه ثم دخل في التشيع فقرأ على ابي صالح الحلى شيخ الشيعة وصحب عدنان وقرأ عليه أولاده وطلبه أمير المدينة النبوية الامير منصور بن حماد فأقام عنده نحوا من سبع سنين ثم عاد الى دمشق وقد ضعف وثقل سمعه وله سؤال في الخبر أجابه به الشيخ تقي الدين ابن تيمية وكل فيه عنه غيره وظهر له بعد موته كتاب فيه انتصار لليهود وأهل الاديان الفاسدة فغسله تقي الدين السبكي لما قدم دمشق قاضيا وكان يخطه ولما مات لم يشهد جنازته القاضي شمس الدين ابن مسلم توفي يوم الجمعة سادس عشر صفر ودفن بسفح قاسيون وقتل ابنه قيماز على قذفه امهات المؤمنين عائشة وغيرها رضي الله عنهن وقبح قاذفهن
وفي يوم الجمعة مستهل رمضان صلى بدمشق على غائبين وهم الشيخ نجم الدين عبد الله بن محمد الاصبهاني توفي بمكة وعلى جماعة توفوا بالمدينة النبوية منهم عبد الله بن أبي القاسم بن فرحون مدرس المالكية بها والشيخ يحيى الكردي والشيخ حسن المغربي السقا
*3* الشيخ الامام العالم علاء الدين
@ علي بن سعيد بن سالم الانصاري إمام مشهد علي من جامع دمشق كان بشوش الوجه متواضعا حسن الصوت بالقراءة ملازما لافراء الكتاب العزيز بالجامع وكان يؤم نائب السلطنة ولده العلامة بهاء الدين محمد بن علي مدرس الامينية ومحتسب دمشق توفي ليلة الاثنين رابع رمضان ودفن بسفح قاسيون

*3* الامير حاجب الحجاب
@ زين الدين كتبغا المنصوري حاجب دمشق كان من خيار الامراء وأكثرهم برا للفقراء يحب الختم والمواعيد والمواليدوسماع الحديث ويلزم أهله ويحسن إليهم وكان ملازما لشيخنا أبي العباس ابن يتيمة كثيرا وكان يحج ويتصدق توفي يوم الجمعة آخر النهار ثامن عشر شوال ودفن من الغد بتربته قبلي القبيبات وشهده خلق كثير وأثنوا عليه رحمه الله
والشيخ بهاء الدين ابن المقدسي والشيخ سعد الدين أبي زكريا يحيى المقدسي والد الشيخ شمس الدين محمد بن سعد المحدث المشهور وسيف الدين الناسخ المنادي على الكتب والشيخ أحمد الحرام المقرئ على الجنائز وكان يكرر على التنبيه ويسأل عن أشياء منا ما هو حسن ومنها ما ليس بحسن
*2* ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين وسبعمائة
@ استهلت وأرباب الولايات هم المذكورون في التي قبلها سوى والي البر بدمشق فإنه علم الدين طرقشي وقد صرف ابن معبد الى ولاية حوران لشهامته وصرامته وديانته وأمانته وفي المحرم حصلت زلزلة عظيمة بدمشق وقى الله شرها وقدم تنكز من الحجاز ليلة الثلاثاء حادي عشر المحرم وكانت مدة غيبته ثلاثة أشهر وقدم ليلا لئلا يتكلف أحد لقدومه وسافر نائب الغيبة عنه قبله بيومين
لئلا يكلفه بهدية ولا غيرها وقدم مغلطاي عبد الواحد الجحدار أحد الأمراء بمصر بخلعة سنية من السلطان لتنكز فلبسها وقبل العتبة على العادة وفي يوم الاربعاء سادس صفر درس الشيخ نجم الدين القفجازي بالظاهرية للحنيفة وهو خطيب جامع تنكز وحضر عنده القضاة والاعيان ودرس في قوله تعالى إن الله يامركم أن تؤدوا الامانات إلى اهلها وذلك بعد وفاة القاضي شمس الدين بن العز الحنفي توفي مرجعه من الحجاز وتولى بعده نيابة القضاء عماد الدين الطرسوسي وهو زوج ابنته وكان ينوب عنه في حال غيبته فاستمر بعده ثم ولى الحكم بعده مستنيبه فيها وفيه قدم الخوارزمي حاجبا عوضا عن كتبغا وفي ربيع الاول قدم الى دمشق الشيخ قوام الدين مسعود بن الشيخ برهان الدين محمد بن الشيخ شرف الدين محمد الكرماني الحنفي فنزل بالقصاعين وتردد اليه الطلبة ودخل الى نائب السلطنة واجتمع به وهو شاب مولده سنة إحدى وسبعين وقد اجتمعت به وكان عنده مشاركة في الفروع والاصول ودعواه اوسع من محصوله وكانت لابيه وجده مصنفات ثم صار بعد مدة الى مصر ومات بها كما سيأتي

وفي ربيع الاول تكامل فتح اياس ومعاملتها وانتزاعها من ايدي الارمن واخذ البرج الاطلس وبينه وبينها في البحر رمية ونصف فأخذه المسلمون باذن الله وخربوه وكانت أبوابه مطلية بالحديد والرصاص وعرض سوره ثلاثة عشر ذراعا بالنجار وغنم المسلمون غنائم كثيرة جدا وحاصروا كواره فقوى عليهم الحر والذباب فرسم السلطان بعودهم فحرقوا ما كان معهم من المجانيق وأخذوا حديدها واقبلوا سالمين غانمين وكان معهم خلق كثير من المتطوعين وفي يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادي الاولى كمل بسط داخل الجامع فاتسع على الناس ولكن حصل حرج بحمل الامتعة على خلاف العادة فإن الناس كانوا يمرون وسط الرواق ويخرجون من باب البرادة ومن شاء استمر يمشي الى الباب الاخر بنعليه ولم يكن ممنوعا سوى المقصورة لا يمكن احد الدخول اليها بالمداسات بخلاف باقي الرواقات فأمر نائب السطنة بتكميل بسطه باشارة ناظره ابن مراحل وفي جمادي الاخرة رجعت العساكر من بلاد سيس ومقدمهم اقوش نائب الكرك وفي آخر رجب باشر القاضي محيي الدين بن اسماعيل بن جهبل نيابة الحكم عن ابن صصرى عوضا عن الداراني الجعفري واستغنى الداراني بخطبة جامع العقبية عنها وفي ثالث رجب ركب نائب السلطنة الى خدمة السلطان فأكرمه وخلع عليه وعاد في أول شعبان ففرح به الناس وفي رجب كملت عمارة الحمام الذي بناه الامير علاء الدين بن صبيح جوار داره شمالي الشامية البرانية وفي يوم الاثنين تاسع شعبان عقد الامير سيف الدين أبو بكر بن ارغون نائب السلطنة عقده على ابنة الناصر وختن في هذا اليوم جماعة من اولاد الأمراء بين يديه ومد سماطا عظيما ونثرت الفضة على رؤوس المطهرين وكان يوما مشهودا ورسم السلطان في هذا اليوم وضع المكس عن المأكولات بمكة وعوض صاحبها عن ذلك باقطاع في بلد الصعيد
وفي أواخر رمضان كملت عمارة الحمام الذي بناه بهاء الدين بن عليم بزقاق الماجية من قاسيون بالقرب من سكنه وانتفع به أهل تلك الناحية ومن جاورهم وخرج الركب الشامي يوم الخميس ثامن شوال وأميره سيف الدين بلبطي نائب الرحبة وكان سكنه داخل باب الجابية بدرب ابن صبرة وقاضيه شمس الدين بن النقيب قاضي حمص وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* القاضي شمس الدين بن العز الحنفي
@ ابو عبد الله محمد بن الشيخ شرف الدين أبي البركات محمد بن الشيخ عز الدين أبي العز صالح بن أبي العز بن وهيب بن عطاء بن جبير بن كابن بن وهيب الاذرعي الحنفي أحد مشايخ الحنفية وأئمتهم وفضلائهم في فنون من العلوم متعددة حكم نيابة نحوا من عشرين سنة وكان سديد الاحكام محمود السيرة جيد الطريقة كريم الاخلاق كثير البر والصلة والاحسان الى أصحابه وغيرهم وخطب في جامع الافرم مدة وهو أول من خطب به ودرس بالمعظمية واليغمورية والقليجية والظاهرية وكان ناظر اوقافها وأذن للناس بالافتاء وكان كبيرا معظما مهيبا توفي بعدمرجعه من الحج بايام قلائل يوم الخميس سلخ المحرم وصلى عليه يومئذ بعد الظهر بجامع الأفرم ودفن عند المعظمية عند أقاربه وكانت جنازته حافلة وشهد له الناس بالخير وغبطوه لهذه الموتة رحمه الله ودرس بعده في الظاهرية نجم الدين الفقجازي وفي المعظمية والقليجية والخطابة الأفرم ابنه علاء الدين وباشر بعده نيابة الحكم القاضي عماد الدين الطرسوسي مدرس القلعة
*3* الشيخ الامام العالم أبو اسحاق
@ بقية السلف رضي الدين ابو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري المكي الشافعي إمام المقام أكثر من خمسين سنة سمع الحديث من شيوخ بلده والواردين إليها ولم يكن له رحلة وكاني فتي الناس من مدة طويلة ويذكر انه اختصر شرح السنة للبغوي توفي يوم السبت بعد الظهر ثامن ربيع الاول بمكة ودفن من الغد وكان من أئمة المشايخ
*3* شيخنا العلامة الزاهد ركن الدين
@ بقية السلف ركن الدين أبو يحيى زكريا بن يوسف بن سليمان بن حماد البجلي الشافعي نائب الخطابة ومدرس الطيبية والأسدية وله حلقة للاشتغال بالجامع يحضر بها عنده الطلبة كان يشتغل في الفرائض وغيرها مواظبا على ذلك توفي يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادي الاولى عن سبعين سنة ودفن قريبا من شيخه تاج الدين الفزاري رحمهما الله
*3* نصير الدين
@ ابو محمد عبد الله بن وجيه الدين أبي عبد الله على بن محمد بن علي بن أبي اطالب بن سويد بن معالي ابن محمد بن أبي بكر الربعي التغلبي التكريتي أحد صدور دمشق قدم أبوه قبله اليها وعظم في أيام الظاهر وقبله وكا مولده في حدود خمسين وستمائة ولهم الاموال الكثيرة والنعمة الباذخة توفي يوم الخميس عشرين رجب ودفن بتربتهم بسفح قاسيون رحمه الله وفي يوم الاحد حادي عشر شوال توفي
*3* شمس الدين محمد بن المغربي
@ التاجر السفار باني خان الصنمين الذي على جادة الطريق للسبيل رحمه الله وتقبل منه وهو في أحسن الاماكن وأنفعها


التوقيع :


اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عدد مااحاط به علمك
وخط به قلمك واحصاه كتابك
وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين





رد مع اقتباس