عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2010, 02:16 PM   رقم المشاركة : 11
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

البطانة والظهارة وقد روى في سمكها وإرتفاعها آثار إن كانت محفوظة فالمرد ارتفاع محلها كما رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي في قوله وفرش مرفوعة قال ارتفاعها كما بين السماء والأرض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد قيل ومعناه إن ارتفاع المذكور للدرجات والفرش عليها قلت رشدين بن سعد عنده مناكير قال الدارقطني ليس بالقوي وقال أحمد لا يبالي عمن روى وليس به باس في الرقاق وقال أرجو أنه صالح الحديث وقال يحيى بن معين ليس بشيء وقال زرعة ضعيف وقال الجوزجاني عنده مناكير ولا ريب أنه كان سيء الحفظ فلا يعتمد على ما ينفرد به وقد قال أبن وهب حدثنا عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله في قوله وفرش مرفوعة قال ما بين الفراشين كما بين السماء والأرض وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ فالله أعلم وقال الطبراني حدثنا المقدام بن داود حدثنا أسد بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن مطرف عن عبد الله بن الشخير عن كعب في قوله عز وجل وفرش مرفوعة قال مسيرة أربعين سنة قال الطبراني حدثنا إبراهيم بن نائلة حدثنا إسماعيل بن عمرو والبجلي حدثنا إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال سئل رسول الله عن الفرش المرفوعة قال لو طرح فراش من أعلاها إلى قرارها مائة خريف وفي رفع هذا الحديث نظر فقد قال أبن أبي الدنيا حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا معاذ ابن هشام قال وجدت في كتاب أبي القاسم عن ابي أمامة في قوله عز وجل وفرش مرفوعة قال لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها أربعين خريفا فصل وأما البسط والزرابي فقد قال تعالى ^ متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ^ وقال تعالى ^ فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ^ وذكر هشام عن أبي بشر عن سعد بن جبير قال الرفرف رياض الجنة والعبقري عتاق الزرابي وذكر إسماعيل بن علية عن أبي رجاء عن الحسن في قوله تعالى ^ متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ^ قال هي


البسط قال وأهل المدينة يقولون هي البسط وأما النمارق فقال الواحدي هي الوسائد في قول الجميع وأحدها بضم النون وحكى الفراء نمرقة بكسرها وأنشد أبو عبيدة إذا ما بساط الله ومد وقربت % للذاته أنماطه ونمارقه قال الكلبي وسائد مصفوفة بعضها إلي بعض وقال مقاتل هي الوسائد مصفوفة على الطنافس وزرابي بمعنى البسط والطنافس وأحدها زريبة في قول جميع أهل اللغة والتعبير ومبثوثة مبسوطة منشورة فصل وأما الرفرف فقال الليث ضرب من الثياب خضر تبسط الواحد رفرفة وقال أبو عبيدة الرفارف البسط وأنشد لابن مقبل وأنا لنازلون تغشى نعالنا % سواقط من أصناف ريط ورفرف وقال أبو إسحاق قالوا الرفرف ههنا رياض الجنة وقالوا الرفرف الوسائد وقالوا الرفرف المحابس وقالوا فضول المحابس للفرش وقال المبرد هو فضول الثياب التي تتخذ الملوك في الفرش وغيره وقال الواحدي وكان الأقرب هذا لأن الغرب تسمى كسر الخباء والخرقة التي تخاط في أسفل الخباء رفرفا ومنه الحديث في وفاة النبي فرفع الرفرف فرأينا وجهه كأنه ورقة قال إبن الأعرابي الرفرف ههنا طرف البساط فشبه ما فضل من المحابس عما تحته بطرف الفسطاط فسمى رفرف قلت أصل هذه الكلمة من الطرف أو الجانب فمنه الرفرف في الحائط ومنه الرفرف وهو كسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها الواحدة رفرفة ومنه رفرف الطير إذا حرك جناحه حول الشيء يريد أن يقع عليه والرفرف ثياب خضر يتخذ منها المحابس الواحدة رفرفة وكل ما فضل من شيء فثنى وعطف فهو رفرف وفي حديث ابن مسعود في قوله عز وجل ^ لقد رأى من آيات ربه الكبرى ^ قال رأى رفرفا أخضر سد الأفق وهو في الصحيحين فصل وأما العبقري فقال أبو عبيدة كل شيء من البسط عبقري قال ويرون أنها أرض توشى فيها وقال الليث عبقر موضع بالبادية كثير الجن يقال كأنهم جن عبقر قال أبو عبيدة في حديث النبي ذكر عمر فلم أر


عبقريا يفري فرية وأنما أصل هذا فيما يقال إنه نسب إلى عبقر وهي أرض يسكنها الجن فصار مثلا منسوبا إلى شيء رفيع وأنشد لزهير نخال عليها جبة عبقرية % جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا وقال ابو الحسن الواحدي وهذا القول هو الصحيح في العبقري وذلك أن العرب إذا بالغت في وصف شيء نسبته إلى الجن أو شبهته بهم ومنه قول لبيد جن الندا رواسيا أقدامها وقال آخر يصف امرأة جنية ولها جن يعلمها % رمي القلوب بقوس ما لها وتر وذلك أنهم يعتقدون في الجن كل صفة عجيبة وأنهم يأتون بكل أمر عجيب ولما كان عبقر معروفا بسكناهم نسبوا كل شيء يبالغ فيه إليها يريدون بذلك أنه من عملهم وصنعهم هذا هو الأصل ثم صار العبقري اسما ونعتا لكل ما بولغ في صفته ويشهد لما ذكرنا بيت زهير فإنه نسب الجن إلى عبقر ثم راينا أشياء كثيرة نسبت إلى عبقر غير البسط والثياب كقوله في صفة عمر عبقريا وروى سلمة عن الفراء قال العبقري السيد من الرجال وهو الفاخر من الحيوان والجوهر فلو كانت عبقر مخصوصة بالوشى لما نسب إليها غير الموشى وإنما ينسب إليها البسط الموشية العجيبة الصنعة كما ذكرنا كما نسب إليها كل ما بولغ في وصفة قال ابن عباس وعبقري يريد البسط الطنافس وقال الكلبي هي الطنافس المجملة وقال قتادة هي عتاق الزرابي وقال مجاهد الديبا4ج الغليظ وعبقري جمع واحده عبقرية ولهذا وصف بالجمع فتأمل كيف وصف الله سبحانه وتعالى الفرش بأنها مرفوعة والزرابي بأنها مبثوثة والنمارق بأنها مصفوفة فرفع الفرش دال على سمكها ولينها وبث الزرابي دال على كثرتها وأنها في كل موضع لا يختص بها صدر المجلس دون مؤخره وجوانبه وصف المساند يدل على أنها مهيأة للاستناد إليها دائما ليست مخبأة تصف في وقت دون وقت والله أعلم
الباب الحادي والخمسون في ذكر خيامهم وسررهم وأرائكهم وبشخاناتهم قال
تعالى ^ حور مقصورات في الخيام ^ وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي قال أن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى

بعضهم بعضا وفي لفظ لهما في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن وفي لفظ آخر لهما أيضا الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون وللبخاري وحده في لفظ طولها ثلاثون ميلا وهذه الخيم غير الغرف والقصور بل هي خيام في البساتين وعلى شواطئ الأنهار وقال ابن أبي الدنيا حدثنا الحسين بن عبد الرحمن عن أحمد بن أبي الحوري قال سمعت أبا سليمان قال ينشأ خلق الحور العين انشأ فأذا تكامل خلقهن ضربت عليهم الملائكة الخيام وقال بعضهم لما كن أبكارا وعادة البكر أن تكون مقصورة في خدرها حتى يأخذها بعلها أنشأ الله تعالى الحور وقصرهن في خدور الخيام حتى يجمع بينهن وبين اوليائه في الجنة وقال ابن أبي الدنيا حدثنا إسحاق حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن جابر عن القاسم بن ابي بزة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله قال لكل مسلم خيرة ولكل خيرة خيمة ولكل خيمة أربعة أبواب يدخل عليها كل يوم من كل باب تحفة وهدية وكرامة لم تكن قبل ذلك لا مزجات ولا زفرات ولا بخرات ولا طماحات حور عين عين كأنهن بيض مكنون حدثنا علي بن الجعد حدثنا شعبة عن عبد الله بن ميسرة قال سمعت أبا الاحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى ^ حور مقصورات في الخيام ^ قال قال در مجوف وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا سليمان التيمي عن قتادة عن خليد القصري عن ابي الدرداء قال الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا كلها من درة قال ابن المبارك وأخبرنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة الآف مصراع من ذهب وقال ابن أبي الدنيا حدثنا فضيل بن عبد الوهاب حدثنا شريك عن منصور عن مجاهد ^ حور مقصورات في الخيام ^ قال في خيام اللؤلؤ والخيمة لؤلؤة واحدة حدثني محمد بن جعفر حدثنا منصور حدثنا يوسف بن الصباح عن أبي صالح عن ابن عباس حور مقصورات في الخيام قال الخيمة درة من لؤلؤة مجوفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ ولها ألف باب من ذهب حولها س4رادق دوره خمسون فرسخا يدخل عليه من كل باب منها ملك بهديه من عند الله عز وجل وذلك قوله ^ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ^ والله أعلم وأما السرر فقال تعالى ^ متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ^ وقال تعالى ثلة من

الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين وقال تعالى فيها سرر مرفوعة فأخبر تعالى عن سررهم بإنها مصفوفة بعضها إلى جانب بعض ليس بعضها خلف بعض ولا بعيدا من بعض وأخبر أنها موضونة والوضن في اللغة النضيد والنسج المضاعف يقال وضمن فلان الحجر أو الآجر بعضه فوق بعض فهو موضون وقال الليث الوضن نسج السرير وأشباهه ويقال درع موضونة مقاربة النسج وقال رجل من العرب لامرأته ضني متاع البيت أي قاربي بعضه من بعض قال أبو عبيدة والفراء والمبرد وابن قتيبة موضونة منسوجة مضاعفة متداخلة بعضها فوق بعض على بعض كما توضن حلق الدرع ومنه سمي الوضين وهو نطاق من سيور تنسج فيدخل بعضها في بعض وانشدوا للأعمش % ومن نسج داود موضونه % تساق مع الحي عيرا فغيرا قالوا موضونة منسوجة بقضبان الذهب مشتبكة بالدر والياقوت والزبرجد قال هشيم أنبأنا حصين عن مجاهد عن ابن عباس قال مرمولة بالذهب وقال مجاهد موصولة بالذهب وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس موضونة مصفوفة فأخبر سبحانه أنها مرفوعة قال عطاء عن ابن عباس قال سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت والسرير مثل ما بين مكة وأيلة وقال الكلبي طول السرير في السماء مائة ذراع فإذا أراد الرجل أن يجلس عليه تواضع له حتى يجلس عليه فإذا حلس عليه ارتفع إلى مكانه فصل واما الارائك فهي جمع أريطة قال مجاهد عن ابن عباس متكئين فيها على الارائك قال لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة فأذا كان سريرا بغير حجلة لا يكون أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة ولا تكون أريكة إلا والسرير في الحجلة فإذا إجتمعا كانت أريكة وقال مجاهد هي الأسرة في الحجال قال الليث الأريكة سرير حجلة فالحجلة والسرير أريكة وجمعها أرائك وقال2 أبو إسحاق الارائك الفرش في الحجال قلت ها هنا ثلاثة أشياء أحدها السرير و الثانية الحجلة وهي البشخانة التى تعلق فوقه و الثالث الفراش الذي على السرير ولا يسمى السرير أريكة حتى يجمع ذلك كله وفي الصحاح الأريكة سرير متخذ مزين في قبة أو بيت فإذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة والجمع الأرائك وفي

الحديث أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان مثل زر الحجلة وهو الزر الذي يجمع بين طرفيها من جملة أزرارها والله أعلم
الباب الثاني والخمسون في ذكر خدمهم وغلمانهم قال تعالى
يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين وقال تعالى ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا قال أبو عبيدة والفراء مخلدون لا يهرمون ولا يتغيرون قال والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط إنه لمخلد وإذا لم تذهب أسنانه من الكبر قيل هو مخلد وقال آخرون مخلدون مقرطون مسورون أي في آذانهم القرطة وفي أيديهم الأساور وهذا اختيار ابن الأعرابي قال مخلدون مقرطون بالخلدة وجمعها خلد وهي القرطة وروى عمرو عن أبيه خلد جاريته إذا حلاها بالخلد وهي القرطة وخلد إذا أسن ولم يشب وكذلك قال سعيد بن جبير مقرطون واحتج هؤلاء بحجتين إحداهما أن الخلود عام لكل من دخل الجنة فلا بد أن تكون الولدان موصوفين بتخليد مختص بهم وذلك هو القرطة الحجة الثانية قول الشاعر ومخلدات باللجين كأنما % أعجازهن رواكد الكثبان وقال الأولون الخلد هو البقاء قال ابن عباس غلمان لا يموتون وقول ترجمان القرآن في هذا كاف وهو قول مجاهد والكلبي ومقاتل قالوا لا يكبرون ولا يهرمون ولا يتغيرون وجمعت طائفة بين القولين وقالوا هم ولدان لا يعرض لهم الكبر والهرم وفي آذانهم القراطة فمن قال مقرطون أراد هذا المعنى أن كونهم ولدان أمر لازم لهم وشبههم سبحانه باللؤلؤ المنثور لما فيه من البياض وحسن الخلقة وفي كونه منثورا فائدتان أحداهما الدلالة على أنهم غير معطلين بل مبثوثون في خدمتهم وحوائجهم و الثاني أن اللؤلؤ إذا كان منثورا ولا سيما على بساط من ذهب أو حرير كان أحسن لمنظره وأبهى من كونه مجموعا في مكان واحد وقد اختلف في هؤلاء الولدان هل هم من ولدان الدنيا أم أنشأهم الله في الجنة إنشاء على قولين فقال علي بن أبي طالب والحسن البصري هم أولاد المسلمين الذين يموتون ولا حسنة لهم ولا سيئة لهم يكونون خدم أهل الجنة

وولدانهم إذ الجنة لأولاد فيها قال الحاكم أنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا إبراهيم ابن الحسين ثنا آدم ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله ولدان مخلدون قال لم يكن لهم حسنات ولا سيئات فيعاقبون عليها فوضعوا بهذا الموضع ومن أصحاب هذا القول من قال هم أطفال المشركين فجعلهم الله خدما لأهل الجنة واحتج هؤلاء بما رواه يعقوب بن عبد الرحمن الفاري عن أبي حازم قال المديني عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي قال سألت ربي اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم فهم خدم أهل الجنة يعنى الأطفال قال الدار قطني ورواه عبد العزيز الماجشون عن ابن المنكدر عن يزيد الرقاشي عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه فضيل بن سليمان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن أنس وهذه الطرق ضعيفة فيزيد واه وفضيل بن سليمان متكلم فيه وعبد الرحمن بن إسحاق ضعيف قال ابن قتيبة واللاهون من لهيت عن الشيء إذا غفلت عنه وليس هو من لهوت وأصحاب القول الأول لا يقولون أن هؤلاء أولاد ولدوا لأهل الجنة فيها وإنما يقولون هم غلمان أنشأهم الله في الجنة كما أنشأ الحور العين قالوا وأما ولدان أهل الدنيا فيكونون يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين لما رواه ابن وهب أنبأنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال قال رسول الله من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يردون بني ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وكذلك أهل النار رواه الترمذي والأشبه أن هؤلاء الولدان مخلوقون من الجنة كالحور العين خدما لهم وغلمانا كما قال تعالى ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون وهؤلاء غير أولادهم فإن من تمام كرامة الله تعالى لهم أن يجعل أولادهم مخدومين معهم ولا يجعلهم غلمانا لهم وقد تقدم في حديث أنس عن النبي أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا وفيه يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون والمكنون المستور المصون الذي لم تبتذله الأيادي وإذا تأملت لفظة الولدان ولفظة ويطوف عليهم واعتبرتها بقوله ويطوف عليهم غلمان لهم وضممت ذلك إلى حديث أبي سعيد المذكور آنفا علمت أن الولدان غلمان أنشأهم الله تعالى في الجنة خدما لأهلها والله أعلم


الباب الثالث والخمسون في ذكر نساء أهل الجنة وأصنافهن وحسنهن وأوصافهن
وجمالهن الظاهر والباطن الذي وصفهن الله تعالى به في كتابه قال تعالى وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون فتأمل جلالة المبشر ومنزلته وصدقه وعظمة من أرسله إليك بهذه البشارة وقدر ما بشرك به وضمنه لك على أسهل شيء عليك وأيسره وجمع سبحانه في هذه البشارة بين نعيم البدن بالجنات وما فيها من الأنهار والثمار ونعيم النفس بالأزواج المطهرة ونعيم القلب وقرة العين بمعرفة دوام هذا العيش أبد الآباد وعدم انقطاعه والأزواج جمع زوج والمرأة زوج للرجل وهو زوجها هذا هو الأفصح وهو لغة قريش وبها نزل القرآن كقوله أسكن أنت وزوجك الجنة ومن العرب من يقول زوجة وهو نادر لا يكادون يقولونه وأما المطهرة فإن جرت صفة على الواحد فيجرى صفة على جمع التكسير إجراء له مجرى جماعة كقوله تعالى مساكن طيبة وقرى ظاهرة ونظائره والمطهرة من طهرت من الحيض والبول والنفاس والغائط والمخاط والبصاق وكل قذر وكل أذى يكون من نساء الدنيا فظهر مع ذلك باطنها من الأخلاق السيئة والصفات المذمومة وطهر لسانها من الفحش والبذاء وطهر طرفها من أن تطمح به إلى غير زوجها وطهرت أثوابها من أن يعرض لها دنس أو وسخ قال عبد الله بن المبارك ثنا شعبة عن قتادة عن أبي نظرة عن أبي سعيد عن النبي لهم فيها أزواج مطهرة قال من الحيض والغائط والنخامة والبصاق وقال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس مطهرة لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخمن وقال ابن عباس أيضا مطهرة من القذر والأذى وقال مجاهد لا يبلن ولا يتغوطن ولا يمذين ولا يمنين ولا يحضن ولا يبصقن ولا يتنخمن ولا يلدن وقال قتادة مطهرة من الإثم والأذى طهرهن الله سبحانه من كل بول وغائط وقذر ومأثم وقال عبد الرحمن بن زيد المطهرة التي لا تحيض وأزواج الدنيا لسن بمطهرات ألا تراهن يدمين ويتركن الصلاة والصيام قال وكذلك خلقت حواء حتى عصت فلما

عصت قال الله إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما دميت هذه الشجرة وقال تعالى إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس واستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم ربهم عذاب الجحيم فجمع لهم بين حسن المنزل وحصول الأمن فيه من كل مكروه واشتماله على الثمار والأنهار وحسن اللباس وكمال العشرة لمقابلة بعضهم بعضا وتمام اللذة بالحور العين ودعائهم بجميع أنواع الفاكهة مع أمنهم من انقطاعها ومضرتها وغائلتها وختام ذلك أعلمهم بأنهم لا يذوقون فيها هناك موتا والحور جمع حوراء وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين وقال زيد بن أسلم الحوراء التي يحار فيها الطرف وعين حسان الأعين وقال مجاهد الحوراء التي يحار فيها الطرف من رقة الجلد وصفاء اللون وقال الحسن الحوراء شديدة بياض العين شديدة سواد العين واختلف في اشتقاق هذه اللفظة فقال ابن عباس الحور في كلام العرب البيض وكذلك قال قتادة الحور البيض وقال مقاتل الحور البيض الوجوه وقال مجاهد الحور العين التي يحار فيهن الطرف باديا مخ سوقهن من وراء ثيابهن ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون وهذا من الإتفاق وليست اللفظة مشتقة من الحيرة وأصل الحور البياض والتحوير التبييض والصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين وهو شدة بياضها مع قوة سوادها فهو يتضمن الأمرين وفي الصحاح الحور شدة بياض العين في شدة سوادها امرأة حوراء بينة الحور وقال أبو عمرو الحور أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر وليس في بني آدم حور وإنما قيل للنساء حور العين لأنهن شبهن بالظباء والبقر وقال الأصمعي ما أدري ما الحور في العين قلت خالف أبو عمرو أهل اللغة في اشتقاق اللفظة ورد الحور إلى السواد والناس غيره إنما ردوه إلى البياض أو إلى بياض في سواد والحور في العين معنى يلتئم من حسن البياض والسواد وتناسبهما واكتساب كل واحد منهما الحسن من الآخر عين حوراء إذا اشتد بياض أبيضها وسواد أسودها ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون مع حور عينها بياض لون الجسد والعين جمع عيناء وهي العظيمة العين من النساء ورجل أعين إذا كان ضخم العين وامرأة عيناء

والجمعت والجمع عين والصحيح أن العين اللاتي جمعت أعينهن صفات الحسن والملاحة قال مقاتل العين حسان الاعين ومن محاسن المرأة اتساع عينها في طول و ضيق العين في المرأة من العيون و إنما يستحب الضيق منها في أربعة مواضع فيها وخرق أذنها وانفها وما هنالك ويستحب السعة منها في أربعة مواضع ووجهها وصدرها وكأهلها وهو ما بين كتفيها وجبهتها ويستحسن البياض منها في أربعة مواضع لونها وفرقها وثغرها وبياض عينها ويستحب السواد منها في أربعة مواضع عينها وحاجبها وهدبها وشعرها ويستحب الطول منها في أربعة قوامها وعنقها وشعرها وبنانها ويستحب القصر منها في أربعة وهي معنوية لسانها ويدها ورجلها وعينها فتكون قاصر الطرف قصيرة الرجل واللسان عن الخروج وكثرة الكلام قصيرة اليد عن تناول ما يكره الزوج وعن بذله وتستحب الرقة منها في أربعة خصرها وفرقها وحاجبها وانفها فصل وقوله تعالى وزوجناهم بحور عين قال أبو عبيدة جعلناهم أزواجا كما يزوج النعل بالنعل جعلناهم اثنين اثنين وقال يونس قرناهم بهن وليس من عقد التزويج قال والعرب لا تقول تزوجت بها و إنما تقول تزوجتها قال بن نصر هذا والتنزيل يدل على ما قاله يونس وذلك قوله تعالى فلما قضى زيدا منها وطرا زوجناكها ولو كان على تزوجت بها لقال زوجناك بها وقال ابن سلام تميم تقول تزوجت امرأة وتزوجت بها وحكها الكسائي أيضا وقال الأزهري تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة وليس من كلامهم تزوجت بامرأة وقوله تعالى وزوجناهم بحور عين أي قرناهم وقال الفراء هي لغة في ازدشنؤة قال الواحدي وقال أبي عبيدة في هذا احسن لانه جعله من التزويج الذي هو بمعنى جعل الشيء زوجا لا بمعنى عقد النكاح ومن هذا يجوز أن يقال كان فردا فزوجته بآخر كما يقال شفعته بآخر و إنما تمتنع الباء عند من يمنعها إذا كان بمعنى عقد التزويج قلت ولا يمتنع أن يراد الأمران معا فلفظ التزويج يدل على النكاح كما قال مجاهد أنكحناهم الحور ولفظ الباء تدل على الاقتران والضم وهذا ابلغ من حذفها والله اعلم وقال تعالى فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان كأنهن الياقوت والمرجان وصفهن سبحانه بقصر الطرف في ثلاثة مواضع


رد مع اقتباس