الموضوع: موضوع للبحث
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2010, 07:50 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: موضوع للبحث



حادثة ”جسر الجمرات”(رؤية شرعية)

دراسةٌ مختصرة لما حدث لبعض الحجاج المتعجلين عند ”جسر الجمرات”
في يوم الخميس الموافق: (12/12/1426هـ)


كتبه:
أبو محمد عبدالله بن محمد الحوالي الشمراني
باحث في الدراسات الإسلامية، وعضو الجمعية الفقهية السعودية





[للتواصل مع الكاتب]
ص ب: (103871) ـ الرياض: (11616)
فاكس المكتبة: (4910642/01)
Email: Cant See Links

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد:
فقد آلمنا ـ كما آلم الأمة الإسلامية ـ ما حدث في ”جسر الجمرات” في يوم الخميس الموافق الثاني عشر من شهر ذي الحجة المحرم لهذا العام (1426هـ)، فراح ضحية هذا الحادث أكثر من (360) حاجًّا، غير مئات المصابين= نسأل الله أن يرحم من مات منهم، ويلهم أهلهم الصبر والسلوان، ويخلف عليهم خيرًا، ويعافي من أُصيب = فكتبت هذه الدراسة، والذي دفعني لها هو صياغة الخبر في ”قناة الجزيرة”، وما ذَكَرَته بعضُ ”الصحفِ المحلية”( )، كعادتها عند حدوث مثل هذا الحادث في كل سنة، بل بعضها تذكر ما تذكره قبل حدوث الحادث، وهو الكلام في ”الفتوى” في هذا البلد، وأنَّها سبب المشكلة، وأنَّ ”الفتوى” عندنا متضاربة، والتعبير عن ذلك بعبارات صحفية لا تناسب المصطلحات الشرعية، بل لا تناسب الطرح العلمي النـزيه.
وهذا ما حدث منهم عند اختلاف العلماء في حكم الاكتتاب في شركة ”ينساب”، وقد كتبت فيما يخص كلامهم على الاكتتاب كتابة بعنوان ”فقه الخلاف” [دروسٌ للمخالف في الاكتتاب]، وسترونها قريبًا إن شاء الله.
وقد جعلت دراستي حول ”حادثة جسر الجمرات” على نقاط سبعة؛ على النحو الآتي:

النقطة الأولى: الإيمان بالقضاء والقدر.
النقطة الثانية: اهتمام الحكومة السعودية بالحج والحجاج.
النقطة الثالثة: سبب ازدحام الناس، وهلاكهم.
النقطة الرابعة: فقه المسألة.
النقطة الخامسة: تكرار هذا الحادث.
النقطة السادسة: علاج المشكلة.
النقطة السابعة: الاصطياد في الماء العكر


.
[النقطة الأولى: الإيمان بالقضاء والقدر]

الإيمان بالقضاء والقدر هو ركن من أركان الإيمان العظيمة، الواردة في حديث جبريل ـ عليه السلام ـ المشهور، وقال الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر].
قال شيخنا العلامة محمد ابن عثيمين رَحِمَهُ اللَّهُ:
(الإيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل، ولهذا قال الإمام أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: (القدر قدرة الله) أ.هـ لأنَّه من قدرته، ومن عمومها بلا شك، وهو ـ أيضًا ـ سر الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، مكتوبٌ في اللوح المحفوظ، في الكتاب المكنون، الذي لا يطَّلِع عليه أحدٌ... وعلى المؤمن أن يرضى بالله تعالى ربًا، ومن تمام رضاه بالربوبية، أن يؤمن بقضاء الله وقدره)( ) أ.هـ
ويجب أن يتحلى المؤمن بصفة عامة وذوي المتوفين والمصابين في حادثة الجمرات على الخصوص بهذه الخصلة، فمن آمن بالقضاء والقدر لذ له العيش، ومن لم يؤمن به تعس في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} [الحديد].
وقد رأيت من كلام بعض الناس تجاه هذه الحادثة ما يخالف هذا العقيدة؛ ومن ذلك قول أحدهم: (فعلاً قهر والله!! كل هذه الإمكانات المسخرة للحج، وكل سنة حجاج يتوفون!!).
ونحن حين نحتج بالقضاء والقدر لم نحتج به إلا بعد فعل الأسباب والتوكل على الله تعالى، وهذا ما تتحدث عنه النقطة الثانية...

[النقطة الثانية: اهتمام الحكومة السعودية بالحج والحجاج]

لم يكن أمر الحج خاص بهذا العام دون غيره، بل الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، ومن جحده فقد كفر، لذا حج الناس مع النبي ، ولا يزالون يحجون بعد وفاته إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولذا كان أمر الحج محل عناية كل حكام المسلمين حتى آل الأمر إلى الدولة السعودية فوضعت أمر الحج بل أمر الحرمين الشريفين عامة محل عناية، وخصصت لذلك ”المليارات” الكثيرة، وقدمت مشاريعه على مشاريع كثيرة يراها الناس من المشاريع التنموية، وأنشأت ”معهدًا” خاصًا بالبحوث والدراسات المتعلقة بالحج، وتنتدب آلاف العسكر من القوات المسلحة، والحرس الوطني، والداخلية بكافة الأفرع، وهذا غير المدنيين من كافة الجهات الحكومية، كل ذلك لخدمة حجاج بيت الله الحرام، ومن يحج كل عام، وينظر إلى هذه الجهود يعرف حقيقة ما أقول( ).
ومع كل هذه الجهود، يبقى القول بأنَّ تنظيم ما يزيد على المليونين شخص في بقعة صغيرة ومحدودة ليس بالأمر الهين، وما حصل لا يتمناه مسلم في قلبه مثال ذرة من إيمان، فكيف بدولة أنفقت المليارات من أجل التسهيل أمر الحجاج.
ولكن مع كل هذه الجهود إلا أنَّ مشيئة الله فوق كل شيء، وقدّر الله وما شاء فعل، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لله وإن إليه راجعون، ونقول للحكومة السعودية وفقها الله {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91].

[النقطة الثالثة: سبب ازدحام الناس، وهلاكهم]

إنا ما حصل عند ”جسر الجمرات” ، وإنا كنا نتضرع إلى الله، ونبتهل إليه بأن يكون الأخير، إلا أنَّه لم يكن الحادث الأول، ولا الثاني، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة؛ ومن أهمها:

(1) استعجال نسبة كبيرة جدًا من الحجاج، ورغبتهم في الرمي في أوّل الوقت، لكي يتسنى لهم الذهاب إلى ”الحرم” لإكمال النسك، ومن ثم الرحيل إلى وطنهم، وتشدد كثير من الحملات (التجارية) على الحجاج، وتطالبهم بالانتهاء من جميع أعمال المناسك، في وقتٍ مبكر، لأنَّ الرحلات سواءً البرية أو الجوية مجدولة وفق أوقات معينة، بل ومحسومة، ولا تسمح ـ جل الحملات التجارية ـ لهم بالمبيت بـ ”منى” ليومٍ ثالث، بل وتشترط عليهم ذلك قبل السفر للحج، ولو نظمت الحملات السفر، وجعلته على دفعتين الأولى يوم الثاني عشر، والثانية يوم الثالث عشر لكان أولى، ولكن هذا خلاف المراد عند الحملات التجارية، وأيضًا عند كثير من الحجاج.
(2) وجود الكثير من الحجاج في مباسط أرضية حول ”جسر الجمرات” بطرق عشوائية، وبعضهم قد نصبوا ما يُسمّى بـ ”الخيام البحرية”، فأعاقوا مسيرة الراغبين في الرمي.
(3) يوجد أعداد غير قليلة من الحجاج ممن يستعجلون الرمي يأتون إلى ”الجسر” وهم محمّلون بالأمتعة، لكي يرموا وينصرفوا مباشرة.
(4) تجمع أعداد كبيرة جدًا من الحجاج يتجاوزن (600.000) حاج عند ”الجسر” تحسبًا للوقت الذي يفتي ببدء الرمي فيه جمهور العلماء، عندها يتقدمون دفعة واحدة، وبغير تنظيم منهم، ولا ترتيب، فيتسببون في المأساة.
علمًا بأنَّ الأعداد التي تحضر للصلاة في ”المسجد الحرام” قد تتجاوز (2.000.000) مصلٍ، ومع ذلك يجتمعون لأداء الصلاة، ويقفون لأدائها في صفوف منتظمة، بكل خشوع وطمأنينة، ولا يحدث مثل الجمرات، ويجتمع داخل ”المسجد الحرام” أعداد هائلة، ويطوفون حول ”الكعبة” شرفها الله، ولا نسمع بما نسمعه في ”جسر الجمرات”، علمًا بأنَّ وقوف الأعداد الكبيرة للصلاة في ”المسجد الحرام” يكون في وقتٍٍ واحد وقصير جدًا، وهو أقل بكثير من الوقت المخصص للرمي وفق رأي الجمهور.
لو قارنَّا بين تجمع المسلمين في ”المسجد الحرام”، وتجمعهم عند ”جسر الجمرات” رأينا أنَّ العدد لا دخل له في الحادث، بل السبب هو ازدحام الناس وتجمعهم ـ محملين بالأمتعة ـ عند المنافذ تحسبًا للحظة معينة ينطلقون فيها، عِلمًا بأنَّ الوقت أطول من هذه اللحظة.
(5) ومن الملاحظ أنَّ أغلب من يتضرر في هذا الحادث هم من الحجاج قليلي العلم والبصيرة، فهم لا يلتزمون بكثير من الأنظمة والتعليمات، وهذه الشريحة( ) تعاني منها الجهات المنظمة للحج في كل موسم، وتعليم هؤلاء من مسؤولية ”مؤسسات الطوافة” التي تأتي بهم وترميهم في مشعر ”منى” يفترشون الشوارع، ويستظلون بالجسور والكباري، فالله حسيبهم.
وبعد هذا؛ نجد أنَّه من الظلم ـ والله ـ تحميل ”الحكومة السعودية” التي أنفقت المليارات لتفادي هذا الأمر، أقول من الظلم تحميلها مسؤولية هذا الحادث وتبعاته.
ومن المضحك الإشارة إلى بعض ما قيل في أسباب الحادث؛ مثل:
(1) وجود ”موكب” لأحد كبار الشخصيات! ولا أعلم لماذا لم نسمع بهذا ”الموكب”، إلا في هذا اليوم؟! ألم يرمِ صاحب ”الموكب” صباح يوم العاشر، ويوم الحادي عشر؟! لما لم تأتِ مشكلته إلا في هذا اليوم؟! وألم يسر ”الموكب” في أماكن في ”عرفة”، و ”مزدلفة”؟! لما لم يأتِ ضرر هذا ”الموكب” إلا في هذا اليوم فقط؟! وفي هذا المكان؟! ألم يكن في وسع هذا الموكب ومن فيه، أن يرموا قبيل الغروب بعد أن يخف الزحام؟!
أسئلة متعددة نترك الإجابة عنها لمن كان له السبق في اكتشاف هذا الحدث العالمي.
ثم إنَّ الشخصيات الكبيرة (كما هو معروف)، لا يرمون بأنفسهم في يوم الثاني عشر، بل يوكِّلون من يرمي عنهم، وينصرفون، وهذه عادة يفعلها كثيرٌ منهم.
(2) تصدع ”جسر الجمرات” متأثرًا بكثرة البارود المستعمل في دك جبال ”مكة”، وأنا لا أعرف لماذا لم يتأثر من دك الجبال إلا ”جسر الجمرات” فقط؟! ولماذا لم يكن تصدعه إلا حين الاستعجال في الرمي في ذلك اليوم؟! والغريب أنَّ ”الجسر” اُسْتُعْمِل للرمي بعد الحادثة، وكذلك في اليوم الثالث عشر، ولو كان متصدِّعًا لما سُمح بالرمي عليه بعد ذلك.
أما قيام ”الدولة” بإزالته فهذا تبعًا لخطةٍ مدروسة من قَبْلِ الحادث، وجاءت الإزالة ليقوم مقامه مشروعٌ ضخم يُطَوّر فيه ”موقع الجسر” ليكون عبارة عن أربعة طوابق، بكامل خدماتها، وتخدم قرابة (4.000.000) حاج في اليوم، وقد أُعْلن عن هذا المشروع منذ زمن، وما إن انتهت المناسك، حتى بدأ الشركات تعمل فيه بطاقة (5000) عامل، بتكلفة تجاوزت (4.2) مليار ريال( ).
وكثير مِمَّن يكذبون في التحليل يستندون إلى ”شاهد عيان”، ليهربوا من تبعية الخبر، ولا يجرؤن على تسمية شخص أو جهة، ولعل مستندهم (شاهد عيَّان) بتشديد الياء، ولو كان بتخفيف الياء، وأمينًا في نقله، لما نقل إليهم خلاف الواقع.


يتبع إن شاء الله =

--------------------------------------------------------------------------------

السديس23 01 2006, 08:52 م
[النقطة الرابعة: فقه المسألة]

إنَّ للحادث أسبابًا ذُكرت، وليس منها الفتوى الشرعية (عدم جواز الرمي قبل الزوال)، ولكن يصر بعض الناس ـ بقصد أو بغير قصد ـ إثارة هذه المسألة، وكثيرٌ منهم ليس مختصًا بالفقه، لذا نراهم عند طرق المسألة يأتون بالعجائب والغرائب( )، ولا غرابة في ذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه.
ولحساسية الأمر سأذكر فقه المسألة؛ ليعرف كل من اطلع على هذه الدراسة حقيقة الأمر.
[فقه المسألة]( ):
للرجم أيام التشريق قولٌ مجمعٌ عليه، ولا إشكال فيه، ووقتان آخران محلان للخلاف؛ على النحو الآتي:
الوقت الأول: الرمي من بعد زوال الشمس إلى غروبها.
وهذا الوقت محلٌ للرمي عند الجميع، ولا إشكال فيه، فلا نطيل.
الوقت الثاني: الرمي بعد غروب الشمس (الرمي ليلاً).
والمشهور من مذهبنا (الحنابلة)، القول بعدم جواز الرمي في هذا الوقت، ولكن الراجح ـ والله أعلم ـ جوازه، وقال بذلك الحنفية، وبعض المالكية، وهو وجهٌ مشهور [خلاف الصحيح] عند الشافعيَّة، وبه يفتي بعض مشايخنا الأفاضل.
وهذا القول نقول به لأمرين:
الأمر الأول: رجحانه ـ من حيث الدليل ـ على القول بعد الجواز، وبيان ذلك:
(1) سُئِلَ النَّبِيُّ  فَقِيلَ لَهُ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ؟ فَقَالَ : (لاَ حَرَجَ)( ).
(2) قال عبدالرجمن بن سابط رَحِمَهُ اللَّهُ: (كان أصحاب رسول الله  يقدمون حجاجًا، فيَدَعُون ظهرهم، فيجيئون فيرمون بالليل)( ).
(2) أنَّ النبي  وقّت لنا أوّل الوقت للرمي، ولم يوقّت لنا آخره، ولو كان آخره غروب الشمس بينه لنا .
(3) من حدّد آخر الوقت بغروب الشمس، فتحديدٌ بلا دليل.
والأمر الثاني: لما في هذا القول من التيسير للحجاج، وذلك بتوسيع وقت الرجم( ).
والقول بالرمي في هذا الوقت لا يثار حوله كثير كلام، والمحك عند الوقت الثالث الآتي...
الوقت الثالث: جواز الرمي قبل الزوال( ).
والقائلون بجواز الرمي في هذا الوقت يحتاج ذكر مذهبهم إلى تفصيل، فأقول وبالله التوفيق:
يرى الإمامان الجليلان طاووس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح جواز الرمي فيه مطلقًا( ).
ويرى الحنفيَّة جواز الرمي قبل الزوال في اليوم الثالث عشر فقط، أما اليوم الثاني عشر فلا يرون جواز الرمي قبل الزوال إلا للمتعجل فقط، أما غير المتعجل فلا يرمي قبل الزوال، على الرواية المشهورة( ).
أما صاحبا أبي حنيفة( )، والمالكية، والشافعية في المعتمد عندهم، والحنابلة على الصحيح من المذهب( )، فيرون أنَّ الرمي لا يكون قبل الزوال، بل بعده.
وبعض أهل العلم يرون أنَّ الرمي قبل الزوال لا يجوز إلا لمن أخّر رمي يوم إلى اليوم الذي بعده.
والذي يترجَّح في المسألة هو رأي الجمهور القائلين بمنع الرمي قبل الزوال، وأدلتهم( ):





رد مع اقتباس