الـحــديـثــ: باب الريان
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ
عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ
الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ
يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا
دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( حَدَّثَنِي أَبُو حَازِم )
هُوَ اِبْن دِينَار , وَسَهْل هُوَ اِبْن سَعْد السَّاعِدِيّ .
قَوْله : ( إِنَّ فِي الْجَنَّة بَابًا )
قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : إِنَّمَا قَالَ فِي الْجَنَّة وَلَمْ يَقُلْ لِلْجَنَّةِ لِيُشْعِر بِأَنَّ فِي الْبَاب
الْمَذْكُور مِنْ النَّعِيم وَالرَّاحَة فِي الْجَنَّة فَيَكُون أَبْلَغَ فِي التَّشَوُّق إِلَيْهِ . قُلْت :
وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيث مِنْ وَجْه آخَر بِلَفْظِ " إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَة أَبْوَاب ,
مِنْهَا بَاب يُسَمَّى الرَّيَّان لَا يَدْخُلهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ " .
أَخْرَجَهُ هَكَذَا الْجَوْزَقِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي غَسَّان عَنْ أَبِي حَازِم ,
وَهُوَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْه فِي بَدْء الْخَلْق ,
لَكِنْ قَالَ " فِي الْجَنَّة ثَمَانِيَة أَبْوَاب " .
قَوْله : ( فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُل مِنْهُ أَحَد ) كَرَّرَ نَفْي دُخُول
غَيْرهمْ مِنْهُ تَأْكِيدًا , وَأَمَّا قَوْله " فَلَمْ يَدْخُل " فَهُوَ مَعْطُوف عَلَى " أُغْلِقَ "
أَيْ لَمْ يَدْخُل مِنْهُ غَيْر مَنْ دَخَلَ . وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم عَنْ أَبِي بَكْر بْن
أَبِي شَيْبَة عَنْ خَالِد بْن مَخْلَد شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ " فَإِذَا دَخَلَ آخِرهمْ أُغْلِقَ "
هَكَذَا فِي بَعْض النُّسَخ مِنْ مُسْلِم , وَفِي الْكَثِير مِنْهَا " فَإِذَا دَخَلَ أَوَّلهمْ أُغْلِقَ " .
قَالَ عِيَاض وَغَيْره : هُوَ وَهْم . وَالصَّوَاب آخِرهمْ . قُلْت : وَكَذَا أَخْرَجَهُ
اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي مُسْنَده وَأَبُو نُعَيْم فِي مُسْتَخْرَجَيْهِ مَعًا مِنْ طَرِيقه ,
وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالْجَوْزَقِيّ مِنْ طُرُق عَنْ خَالِد بْن مَخْلَد ,
وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن عَبْد
الرَّحْمَن وَغَيْره وَزَادَ فِيهِ " مَنْ دَخَلَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَا يَظْمَأ أَبَدًا "
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيق هِشَام بْن سَعْد عَنْ أَبِي حَازِم نَحْوه وَزَادَ
" وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأ أَبَدًا " وَنَحْوه لِلنَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ
مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن حَازِم عَنْ أَبِيهِ لَكِنَّهُ وَقَفَهُ ,
وَهُوَ مَرْفُوع قَطْعًا لِأَنَّ مِثْله لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ
وصلى اللهم وسلم على محمد واله وصحبه اجمعين
الـحــديـثـــ إِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَىأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ
ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْأَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ
سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا
الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ
يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ
قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ
فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله فِيهِ ( وَلَا يَصْخَبُ )
كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ بَعْدَهَا خَاء مُعْجَمَة ,
وَلِبَعْضِهِمْ بِالسِّين بَدَلَ الصَّاد وَهُوَ بِمَعْنَاهُ ,
وَالصَّخَب الْخِصَام وَالصِّيَاح , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْي
عَنْ ذَلِكَ تَأْكِيده حَالَة الصَّوْمِ , وَإِلَّا فَغَيْرُ الصَّائِم مَنْهِيّ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا .
قَوْلُهُ : ( لَخُلُوفُ )
كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ " لَخُلُفُ " بِحَذْفِ الْوَاوِ
كَأَنَّهَا صِيغَةُ جَمْع , وَيُرْوَى فِي
غَيْرِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظ " لَخُلْفَةُ " عَلَى الْوَحْدَةِ كَتَمْر وَتَمْرَة .
قَوْلُهُ : ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ )
زَاد مُسْلِم " بِفِطْرِهِ " , وَقَوْلِهِ " يَفْرَحُهُمَا " أَصْلُهُ
يَفْرَحُ بِهِمَا فَحَذَفَ الْجَارُ وَوَصَلَ الضَّمِير كَقَوْلِهِ صَامَ رَمَضَان أَيْ فِيهِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ فَرِحَ بِزَوَالِ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ حَيْثُ
أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرَ وَهَذَا الْفَرَح طَبِيعِيّ وَهُوَ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ
وَقِيلَ إِنَّ فَرَحَهُ بِفِطْرِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَمَامُ صَوْمِهِ
وَخَاتِمَة عِبَادَته وَتَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّهِ وَمَعُونَةٌ عَلَى مُسْتَقْبَل صَوْمه .
قُلْت : وَلَا مَانِعَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ ,
فَفَرَحُ كُلّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ لِاخْتِلَافِ مَقَامَاتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ ,
فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فَرَحُهُ مُبَاحًا وَهُوَ الطَّبِيعِيُّ , وَمِنْهُمْ
مَنْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَهُوَ مَنْ يَكُونُ سَبَبَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ .
قَوْلُهُ : ( وَإِذَا لَقِيَ رَبّه فَرِحَ بِصَوْمِهِ )
أَيْ بِجَزَائِهِ وَثَوَابِهِ . وَقِيلَ الْفَرَحُ الَّذِي عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ إِمَّا
لِسُرُورِهِ بِرَبِّهِ أَوْ بِثَوَابِ رَبِّهِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ . قُلْت :
وَالثَّانِي أَظْهَرَ إِذْ لَا يَنْحَصِرُ الْأَوَّل فِي الصَّوْمِ بَلْ يَفْرَحُ
حِينَئِذٍ بِقَبُولِ صَوْمِهِ وَتَرَتُّبِ الْجَزَاءَ الْوَافِرَ عَلَيْهِ .
وصلى اللهم وسلم على محمد واله وصحبه اجمعين
آخر تعديل OM_SULTAN يوم 08-27-2009 في 08:38 PM.