عرض مشاركة واحدة
قديم 05-15-2010, 07:57 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: أشكال الرعاية الاجتماعية في مجتمع الامارات في الوقت الحاضر


أهلية الوجوب لدى الجنين في القانون المغربي دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي

كتبهاtoufik ، في 1 يناير 2008 الساعة: 01:53 ص

الملخص


إن أهلية الوجوب بوصفها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له أو عليه, تثبت لكل إنسان في المجتمع, ولأن مناطها الحياة والصفة الإنسانية, ولا علاقة لها بالسن أو العقل, فهي تبدأ من وقت الحمل, لذلك فإن الجنين تثبت له شخصية قانونية تجعله يتمتع بأهلية وجوب, ولا يملك شيئا من أهلية الأداء. ونظرا للوضع الطبيعي للجنين, فإن أهلية الوجوب لديه تكون ناقصة من عدة نواح, أهمها: أنها تثبت له من جهة الوجوب له لا عليه, وأنها مقصورة على بعض الحقوق دون بعضها الآخر, ثم هي متوقفة على تمام ولادته حيا.
المقدمة
الأهلية في اللغة هي الصلاحية والجدارة والكفاية لأمر من الأمور، فالأهلية للأمر هي الصلاحية له، ومنه قوله تعالى في حق المؤمنين "والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها"[1]، وايضا قوله تعالى: {هو أهل التقوى واهل المغفرة(56)[2].
وفي الاصطلاح، هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق والتحمل بالإلتزامات، ومباشرة التصرفات القانونية التي يكون من شانها إن تكسبه حقا، أو تحمله التزاما على وجه يعتد به قانونا[3]، وهو تعريف مركب يدل على إن الأهلية نوعان:

أهلية وجوب[4]، وينطبق عليها الشق الأول من التعريف، وأهلية أداء، ويقصد بها ما جاء في الشق الثاني.

وتخضع أهلية الفرد، بحسب الفصل الثالث من قانون الإلتزامات والعقود المغربي، لقانون أحواله الشخصية[5]. ويهمنا في هذه الدراسة أهلية الوجوب، التي تعني صلاحية الانسان لكسب الحقوق والتحمل بالإلتزامات، وتختلط في نظر البعض مع الشخصية نفسها[6]، أو هي "في الواقع الشخص ذاته منظورا إليه من الناحية القانونية"[7]، فكل انسان شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب، وتثبت له هذه الأهلية من وقت ولادته حيا، بل قبل ذلك في بعض الوجوه عندما يكون جنينا، إلى وقت موته، بل بعد ذلك إلى حين تصفية تركته وسداد ديونه[8]، فيكون مناط أهلية الوجوب هو الحياة[9]؛ اذ ليس لها علاقة أو ارتباط بالسن، أو العقل، أو البلوغ، أو الرشد لدى الانسان[10]، ولا تتأثر بأيّ عارض ماعدا الموت[11]، وهي بذلك لا تثبت للانسان بوصفها قاعدة عامة إلا بتمام ولادته حيا[12]، ويترتب على هذه القاعدة إن الأهلية لا تثبت للجنين أو الحمل[13] المستكن في بطن أمه، فالذي لم يولد بعد لا يملك اية أهلية من أيّ نوع كان. غير إن تطبيق هذا الأصل قد يفضي من الناحية العملية إلى الاضرار بهذا الجنين لدى ولادته حيا، حيث لوحظ انه إلى جانب حماية حق الجنين في الحياة[14]، هناك مصلحة اجتماعية وقانونية بالاعتراف للجنين بوجود وحقوق قبل إن يولد، سواء ما تعلق منه بالأسرة، من قرابة ونسب، أو ما كان ماديا يتعلق بالإرث والوصية والوقف وغيرها[15]، اذ انه شخصية إحتمالية، تكون له مصلحة في إن تثبت له أهلية من نوع معين لحماية حقوقه[16]، لذلك اعترفت كل القوانين بأهلية وجوب ناقصة، وهي نتيجة سليمة من حيث إن الجنين لا تثبت له أهلية الوجوب كاملة التي تثبت لمن يولد حيا، وهو اعتراف يمكن من القول مع بعض الفقه إن الشخصية القانونية للشخص الطبيعي تبدأ من وقت الحمل، وتكون شخصية إحتمالية، ولا تصبح شخصية يقينية إلا بولادته حيا[17].

والجنين هو الحمل في بطن أمه، وسمي به لاستتاره فيه، إذ الاجتنان هو الستر[18]، جاء في القاموس المحيط: الجنين: الولد في البطن، جمعه أجنة[19] واجنن، والجنين هو المستور في الرحم، بين ظلمات ثلاث[20]، وبعد الخروج لا يسمى إلا ولدا أو سقطا[21].

ويمر الجنين في تطوره باطوار[22] يحددها قوله تعالى: {ولقد خلقنا الانسان من سلسلة من طين(12) ثم جلعناه نطفة في قرار مكين(13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظم لحما ثم أنشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين(14)}[23]، ولا يكاد ما وصل إليه الطب الحديث يختلف عما جاء في القران الكريم.

ففيما يتعلق بالنطفة[24]، وهي ماء الرجل والمرأة معا، فأما إن يذكرها القرآن بهذا اللفظ[25]، واما إن يذكر مادتها وصفاتها[26]، كقوله تعالى: {خلق من ماء دافق(6) يخرج من بين الصلب والترائب(7)}[27]. ويتم الاخصاب باتحاد البويضة بالحيوان المنوي[28]، حيث تتكون خلية ملقحة، تتطور "في قرار مكين"[29] لتشكل بدء تكوين الجنين، ليبدأ بعد ذلك طور التخلق الذي يمر بمراحل متعددة، اولها العلقة[30]، ثم المضغة[31]، ثم العظام، ثم كساء هذه العظام لحماً، ثم الانشاء خلقا اخر، بعد التصوير والتسوية والتعديل، ثم نفخ الروح.

وتعريف الجنين يفيد انه مستتر لا يرى، فهو مخلوق غير ظاهر، كما انه انسان غير كامل، اذ قد يولد حيا، أو يخرج سقطا، فهو "مجهول الوصف والحال"[32]، وبذلك، فإنه محتمل ظهوره وغير محتمل، وهي صفات لها تأثير كبير على تحديد أهلية الوجوب لديه، بحيث تكون بالقدر الذي يتمشى مع استتاره، وعدم استكماله خلقه، ومن انه محتمل ظهوره وغير محتمل، ومن جهة اخرى، فإن الجنين قبل انفصاله عن أمه يعد جزءا منها، إلا انه لما كان منفردا بالحياة، ومعدا للانفصال عنها، فإنه لا يعد جزءا لها مطلقا[33]، فهو شخصية افتراضية وإحتمالية[34]، فتكون له أهلية وجوب، ولكنها محدودة، فهي لا تتحمل بالإلتزامات ولكنها ناقصة من حيث التمتع بالحقوق واكتسابها، حيث تثبت له بعض الحقوق دون بعض[35]، كما إن تمتعه بهذه الحقوق ذاتها مقيد[36]؛ اذ تثبت له الحقوق التي لا تحتاج مبدئيا في وجودها وصحتها إلى قبول منه، لكنه غير أهل للحقوق التي تتطلب ارادة[37]، على إن قدر التمتع بالحقوق ثابت، لا يزيد ولا ينقص، طوال مراحل التكوين، كما إن الوجوب هنا غير مقصود بنفسه بل المقصود حكمه.

ومن الحقوق التي تثبت للجنين الإرث، والوصية، والوقف. وإختلف الفقه في ثبوت الهبة له[38]. كما إختلفوا حول بيان أساس ثبوت هذه الحقوق له وطبيعتها، هل هي معلقة بشرط انفصاله حيا، فلا تثبت له قبله، أو هي ثابتة له في حال كونه حملا، لكن ثبوتها مراعى بانفصاله حيا، فاذا انفصل حيا تبينا ثبوتها من حين وجود اسبابها؟.

ولدراسة ذلك، سوف نقسم هذه الدراسة إلى فصلين؛ نتناول في الأول ثبوت أهلية الوجوب للجنين، وفي الثاني انواع الحقوق المقررة للجنين.

الفصل الأول

ثبوت أهلية الوجوب للجنين


إذا كان الفقه قد اجمع على اكتساب الجنين لأهلية وجوب ناقصة تثبت له بها بعض الحقوق، فإن التساؤل يطرح من جهة حول أساس ثبوت هذه الحقوق له، وهل كانت تثبت له على سبيل الإستثناء على الرغم من عدم تمتعه بالشخصية القانونية التي لا تبدأ إلا من ولادة الجنين حيا، ام انها تثبت له نتيجة ثبوت الشخصية القانونية له؟ وكذا حول طبيعة هذه الحقوق التي يكتسبها الجنين. ومن جهة أخرى، حول كيفية حماية المشرع لهذه الحقوق بالنظر إلى الحالة المادية للجنين؟

لذلك سندرس في المبحث الأول ثبوت الحقوق للجنين من حيث أساسه وطبيعة هذه الحقوق، وفي المبحث الثاني الحماية القانونية لحقوق الجنين.

المبحث الأول

ثبوت الحقوق للجنين


يتفق علماء الشريعة الإسلامية، وفقهاء القانون الوضعي على إن الجنين تثبت له مجموعة من الحقوق الشرعية أو المدنية، إلا انهم إختلفوا من جهة حول أساس ثبوت هذه الحقوق له، ومن جهة اخرى حول طبيعة الحقوق التي تثبت له في الفترة قبل ولادته.

ولتبيان ذلك، سنعرض لإتجاهات الفقه حول أساس ثبوت الحقوق للجنين في المطلب الأول، ثم لمواقفه من طبيعة هذه الحقوق في المطلب الثاني.

المطلب الأول

أساس ثبوت الحقوق للجنين

انقسمت اراء الفقهاء في بيان أساس ثبوت الحقوق للجنين إلى إتجاهين رئيسيين:


الإتجاه الأول: يرى إن الشخصية القانونية للانسان تبدأ من وقت تمام ولادته مع تحقق حياته عند الولادة[39]، "فالشخصية لا يتصور منحها إلا لكيان له قدر من الوجود الذاتي المستقل. أما الجنين في بطن أمه، فهو يظل حتى ولادته جزءا منها معتمدا عليها في غذائه وتنفسه"[40]، ومن ثم فإن ولادة الجنين حيا تعد شرطا لاكتسابه الشخصية القانونية، أما قبل الولادة فلا شخصية له، ويكون غير صالح لاكتساب أيّ من الحقوق[41]. وان اعتراف المشرع له بمجموعة من الحقوق يعد أمرا استثنائيا أملته ضرورة رفع الظلم عن الجنين، وحماية حقوقه، فلا تثبت له من الحقوق سوى تلك التي يعطيها له القانون صراحة[42]، لان المشرع وحده يملك حق تقرير اكتساب الجنين للحقوق، كما يملك تقريرها لغيره، ومن ثم لا يجوز القياس عليها، ولا التوسع في تفسيرها، لانها جاءت على خلاف الأصل الذي يشترط الولادة حيا لثبوت الشخصية، كما إن ثبوتها يكون مقصورا على تلك الحقوق التي لا تحتاج إلى قبول[43]، ولا يحتج على ذلك بان القانون قد اجاز تعيين وصي على الجنين يمكن إن يقبل عنه، لان هذا الوصي لدى هذا الرأي ما هو إلا امين لحفظ اموال الجنين[44].

أما الإتجاه الثاني فيرى انه إذا كانت الشخصية القانونية هي مجرد الصلاحية لاكتساب الحقوق، ولو لم تكتسب حقوقاً فعلا، وهي أيّضا الصلاحية لاكتساب بعض الحقوق وليس كلها، فإن النتيجة المنطقية لكل هذا هو إن الجنين يتمتع بالشخصية القانونية، وتبدأ بذلك هذه الشخصية بالنسبة للانسان "منذ الحمل، لا منذ الولادة، اذ لا يعقل إن تبدأ الأهلية قبل إن تتكون الشخصية"[45]، ومن ثم، فإن "تحقق ولادته حيا لا يحدد اذن بداية شخصيته، فهي مبتدأة منذ الحمل، وإنما يؤكد استقرار هذه الشخصية المبتدأة من قبل استقرارا باتا ونهائيا. ولكن لتحقق هذه الولادة اثرا مهما اخر، هو إعتباره بداية لاتساع أهلية وجوب الانسان بعدما كانت عليه من قصور ونقصان وقت الحمل، فكأن تمام الولادة حيا شرط لاستقرار ما كان ثابتا للانسان منذ الحمل من شخصية غير باتة، وشرط كذلك لبداية اتساع مدى أهلية الوجوب، والخروج بها من طور القصور والضمور"[46]، وينتج من ذلك إن شخصية الانسان تبدأ منذ الحمل[47]، وان أهلية وجوبه تكون ناقصة وقت الحمل[48]، فالنقصان يلحق بأهلية الوجوب لا بالشخصية[49].

وهذا الإتجاه هو الذي نؤيده على إعتبار إن القول بوجود حق يعني بالضرورة وجود صاحب ينسب إليه، والحقوق لا تثبت إلا لمن اعترف له القانون بالصلاحية لاكتسابها، أيّ لمن يتمتع بالشخصية القانونية التي تخوله لاكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات، وهي تتوافر لدى الشخص إذا كان صالحا لاكتساب ولو لحق واحد فقط، ومن ثم تثبت بصرف النظر عما يمكن إن يكسبه من حقوق أو يلتزمه من واجبات، كما لا يشترط لثبوتها إن تتوافر للانسان القدرة الارادية لكسب حق أو للتحمل بالتزام، ولذلك فهي أما إن توجد واما إن تنعدم، واذا وجدت، فإنها تكون كاملة ولا تتصور أبداً ناقصة؛ فهي تعبير عن وصف مجرد لا يقبل النقصان، فليس بين وجودها وعدم وجودها منطقة وسطى هي الوجود الناقص، أو الشخصية الناقصة، ومن هذا المنطلق، فإن اجماع القوانين والفقه على إن الجنين تثبت له مجموعة من الحقوق يجعل النتيجة المنطقية لذلك إن الجنين يتمتع بالشخصية القانونية، ولا يمكن إن تثبت له هذه الحقوق مع عدم إعتبارها، ثم إن الجنين من جهة اخرى جزء من أمه، إلا انه جزء قابل للانفصال عنها، وهي تتمتع بالتأكيد بالشخصية القانونية، فيكتسب هو الآخر هذه الشخصية تبعا للرابطة التي تربطه بأمه. لكل ذلك، فإنه يمكن القول إن الشخصية القانونية بالنسبة للانسان تبدأ بمجرد الحمل، خصوصا إن لا شيء يمنع، من منطق القانون، من إن يكون للجنين شخصية قانونية، فالقانون يعترف للاشخاص بشخصية مفترضة وهم أجنة في بطون أمهاتهم، وهذا الاعتراف في الحقيقة ليس إستثناء من قاعدة عامة مقتضاها إن شخصية الانسان لا تبدأ إلا بولاته،وإنما هو قاعدة عامة تشمل جميع بني الانسان، ومن ثم فإن شخصية الانسان تبدأ من وقت الحمل، لتوافر شرط الحياة المتطلبة لهذه الشخصية فيه، لانه يعد حيا بإعتبار المآل، ويكون تقدير حياته هو استدلال على حياته في البطن بحياته التي تتحقق بعد وضعه على طريق الاستصحاب المعكوس، أيّ الحكم على الماضي بما ثبت في الحاضر، وهو ما يدعو إلى التساؤل حول إمكانية القول إن الجنين تكون له شخصية قانونية بحسب المآل. وبهذا الاستدلال افترض المشرع توافر شرط الحياة للجنين، الذي تثبت له به أهلية الوجوب لاكتساب بعض الحقوق، ويكون شرط ثبوت الحقوق للجنين بعد انفصاله حيا هو شرط لنفاذ هذه الحقوق، لانها تثبت له وهو في بطن أمه، أيّ إن اشتراط انفصاله حيا ظاهره انه لا تثبت له إلا بعد انفصاله مع انها تثبت له وهو في بطن أمه من وقت تحقق سببها. بل إن بعض القوانين تأكيدا لهذه الشخصية أوجبت عليه "الإلتزامات التي تقتضيها ادارة امواله"[50].

وعلى ذلك فإنه ليس هناك أصل ولا إستثناء بالنسبة للشخصية القانونية للجنين، وإنما مرحلة إحتمال ومرحلة تحقق، من حيث إن الجنين تكون له حياة ذاتية، كما يكون مهيأ للانفصال والاستقلال بذاته، فإنه تثبت له شخصية قانونية تجعله صالحا لاكتساب الحقوق، ومن حيث إن انفصال الجنين واستقلاله بذاته يكون غير محقق، فإن الشخصية القانونية التي تثبت له تكون شخصية إحتمالية[51]. أما الاختلاف حول نوع الحقوق التي تثبت له، بين حقوق تحتاج إلى قبول، وحقوق اخرى لا تحتاج إليه، إنما يتعلق بمصادر الحقوق التي يكتسبها الجنين ولا يمس حقه في اكتسابها، كما إن ذلك يؤدي إلى ادخال غلة الاموال التي تشملها التركة ضمن الحقوق المقررة له، وذلك من وقت ثبوت الحمل لحين ولادته حيا، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

المطلب الثاني

طبيعة حقوق الجنين

إختلف الفقهاء حول طبيعة الحقوق التي تثبت للجنين، ويمكن التمييز بهذا الصدد بين عدة آراء، أهمها:

أولاً- حقوق الجنين معلقة على شرط واقف:


يرى بعض الفقه إن حقوق الجنين معلقة على شرط واقف هو تمام ولادته حيا، فاذا تم ذلك تأكدت هذه الحقوق بأثر رجعي، أيّ ليس من وقت الميلاد بل من وقت تحقق سبببها، وإن ولِدَ ميتا فهو كانه لم يكتسب هذه الحقوق في أيّ وقت من الأوقات[52]، وترد الاموال إلى ورثة المورث الاصلي ليس على انها تركة الجنين، بل على انها تركة هذه المورث الاصلي[53].

فهذا التصور يمتاز بأنه تفسير صحيح لهذه الظواهر القانونية، وذلك استنادا إلى فكرة الاثر الرجعي للشرط الواقف سواء تحقق هذا الشرط أو تخلف[54]. ويعيب الاستاد علي حسن نجيدة على هذا التصور انه "في الشرط الواقف تعلق الحقوق والإلتزامات بناء على ارادة المتعاقدين، والتعلق في حالة الجنين لا يرجع إلى إرادته إنما إلى حكم القانون. وهذا علاوة على إن الشرط يعد دائما أمرا عرضيا، يمكن تصور الحق من دونه، وميلاد الجنين ليس كذلك، فهو أمر اصلي لا يتصور وجود الجنين من دونه، لهذا لا يمكن وصف حقوق الجنين قبل ميلاده بانها معلقة على شرط واقف[55]. غير إن الشرط موجود هنا أيّضا لان الولادة، وهي الأصل كما يقول، تفترض إحتمالين: إحتمال الحياة، وإحتمال الموت، ومن ثم يعد شرطا كما يرى الفقهاء.


ثانيا: حقوق الجنين معلقة على شرط فاسخ:

اورد بعض الفقه[56] تصورا اخر لطبيعة حقوق الجنين بجعلها معلقة على شرط فاسخ وهو عدم الولادة حيا، فاذا ولد الجنين ميتا، فإن هذه الحقوق الممنوحة له والمعترف له بها تزول تبعا لزوال شخصيته القانونية. وهذا التصور يقدر شخصية حالة الجنين وان كانت مؤقتة ؛ اذ لما كانت شخصية الجنين حالة لزم إن تكون حقوقه من الطبيعة ذاتها، أيّ حالة أيّضا. ولما كانت هذه الشخصية مؤقتة وجب إن ينصرف هذا الوصف إلى الحقوق أيّضا. فاذا ولد ميتا زالت شخصيته المؤقتة وزال معها ما كان له من حقوق. ويعقب الاستاذ على حسن نجيدة بقوله: "إن حقوق الجنين لا تعد حالة لان وجودها ذاته معلق على ميلاده حيا. ولو كانت شخصية الجنين حالة لوجب إن يترتب على موته ما يترتب على موت الشخص العادي من انتهاء شخصيته القانونية بما يستببع ذلك من توزيع حقوقه على ورثته هو وليس على ورثة المورث الاصلي. هذا علاوة على إن الشرط الفاسخ كالشرط الواقف، كلاهما عنصر عرضي يرجع لإرادة الافراد. والأمر هنا يرتبط بإرادة المشرع ولا دخل فيه لإرادة الافراد"[57].


ويرى بعض الفقه انه ليست كل الحقوق المتعلقة بالجنين مرتبطة بارادة المشرع، فهي معلقة في وجودها على ولادة الجنين حيا، لانها "وفقا للتعبير الفلسفي: إن شخصية الانسان توجد "بالقوة" عندما يكون جنينا، ولكنها لاتتم "بالفعل" إلا منذ لحظة ولادته وانفصاله تاما عن أمه حيا". والحقوق تدور مع طبيعة هذا الوجود، ومن ثم تبقى معلقة على شرط وجودها بالفعل، وهذا الشرط أما شرط واقف تثبت الحقوق كليا بتحققه، وهو ولادة الجنين حيا. أو شرط فاسخ ينهي الحقوق بتحقق الشرط، وهو ولادة الجنين ميتا[58].

ثالثا: حقوق الجنين حقوق إحتمالية:

وهناك رأي ثالث يعد حقوق الجنين من قبيل الحقوق الإحتمالية، ينصب الإحتمال فيها على تمام الولادة حيا[59]، وهو عنصر اصيل في الحق وليس عارضا؛ اذ لا يتصور وجود الحق من دونه، وتتوزع حقوقه على مرحلتين: مرحلة كونه جنينا، وفيها تثبت له بعض الحقوق الإحتمالية حتى إذا ما بدأ المرحلة الثانية حالة خروجه إلى الحياة تأكدت الحقوق واكتملت.

ويعيب الاستاذ علي حسن نجيدة على هذا التصور "إن الحق الإحتمالي عندما يتحقق له العنصر الذي ينقصه، يعد موجودا من وقت تحقق هذا العنصر فقط، أيّ إن الحق لا يعد ثابتا للجنين طبقا لهذا التصور إلا بتمام الولادة حيا، وليس قبل ذلك، وهذا يخالف المتفق عليه من إن الحق يثبت للجنين من تاريخ موت مورثه وليس من تاريخ ولادته"[60].

إلا إن انصار هذا الرأي[61]يرون إن هذا الاعتراض يتصور فقط وفقا للنظرية التقليدية في الحق الإحتمالي، أما النظرية الحديثة في الفقه فترجع الجق الإحتمالي إلى الماضي حيث يتحقق عنصره الاصيل


رد مع اقتباس