عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2006, 11:10 PM   رقم المشاركة : 13
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


مشاركة: البداية والنهاية الجزء الرابع عشر

وهذا الثناء عليه وكان عمره يومئذ نحو الثلاثين سنة وكان بيني وبينه مودة وصحبة من الصغر وسماع الحديث والطلب من نحو سنة وله فضائل كثيرة وأسماء مصنفاته وسيرته وما جرى بينه وبين الفقهاء والدولة وحبسه مرات وأحواله لا يحتمل ذكر جميعها هذا الموضع وهذا الكتاب
ولما مات كنت غائبا عن دمشق بطريق الحجاز ثم بلغنا خبر موته بعد وفاته بأكثر من خمسين يوما لما وصلنا إلى تبوك وحصل التأسف لفقده رحمه الله تعالى هذا لفظه في هذا الموضع من تاريخه
ثم ذكر الشيخ علم الدين بعد إيراد هذه الترجمة جنازة ابي بكر بن أبي داود وعظمها وجنازة الامام احمد ببغداد وشهرتها وقال الامام ابو عثمان الصابوني سمعت ابا عبدالرحمن السيوفي يقول حضرت جنازة أبي الفتح القواس الزاهد مع الشيخ ابي الحسن الدارقطني فلما بلغ إلى ذلك الجمع العظيم أقبل علينا وقال سمعت أبا سهل بن زياد القطان يقول سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول سمعت ابي يقولي قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز قال ولا شك ان جنازة احمد بن
حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك وتعظيمهم له وأن الدولة كانت تحبه والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر وديوان حاصر لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته وانتهوا إليها هذا مع ان الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة مما ينفر منها طباع اهل الاديان فضلا عن اهل الاسلام وهذه كانت جنازته
قال وقد اتفق موته في سحر ليلة الاثنين المذكور فذكر ذلك مؤذن القلعة على المنارة بها وتكلم به الحراس على الابرجة فما أصبح الناس إلا وقد تسامعوا بهذا الخطب العظيم والامر الجسيم فبادر الناس على الفور إلى الاجتماع حول القلعة من كل مكان أمكنهم المجيء منه حتى من الغوطة والمرج ولم يطبخ أهل الاسواق شيئا ولا فتحوا كثيرا من الدكاكين التي من شأنها أن تفتح اوائل النهار على العادة وكان نائب السلطنة تنكز قد ذهب يتصيد في بعض الامكنة فحارت الدولة ماذا يصنعون وجاء الصاحب شمس الدين غبريال نائب القلعة فعزاه فيه وجلس عنده وفتح باب القلعة لمن يدخل من الخواص والاصحاب والاحباب فاجتمع عند الشيخ في قاعته خلق من أخصاء أصحابه من الدولة وغيرهم من أهل البلد والصالحية فجلسوا عنده يبكون ويثنون على مثل ليلى يقتل المرء نفسه وكنت فيمن حضر هناك مع شيخنا الحافظ ابي الحجاج المزي رحمه الله وكشفت عن وجه الشيخ ونظرت إليه وقبلته وعلى رأسه عمامه بعذب مغروزة وقد علاه الشيب أكثر مما فارقناه وأخبر الحاضرين أخوه زين الدين عبد الرحمن أنه قرأ هو والشيخ منذ دخل القلعة ثمانين ختمة وشرعا في الحادية والثمانين فانتهينا فيها إلى آخر اقتربت الساعة إنالمتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر فشرع عند ذلك الشيخان الصالحان الخيران عبد الله بن المحب وعبد الله الزرعي الضرير وكان الشيخ رحمه الله يحب قراءتهما فابتدآ من أول سورة الرحمن حتى ختموا القرآن وأنا حاضر أسمع وأرى
ثم شرعوا في غسل الشيخ وخرجت إلى مسجد هناك ولم يدعوا عنده إلا من ساعد في غسله منهم شخينا الحافظ المزي وجماعة من كبار الصالحين الاخيار أهل العلم والإيمان فما فرغ منه حتى امتلأت القلعة وضج الناس بالبكاء والثناء والدعاء والترحم ثم ساروا به إلى الجامع فسلكوا طريق العمادية على العادلية الكبيرة ثم عطفوا على ثلث الناطفانيين وذلك أن سويقة باب البريد كانت قد هدمت لتصلح ودخلوا بالجنازة إلى الجامع الأموي والخلائق فيه بين يدي الجنازة وخلفها وعن يمينها وشمالها مالا يحصى عدتهم إلا الله تعالى فصرخ صارخ وصاح صائح هكذا
تكون جنائز أئمة السنة فتباكى الناس وضجوا عند سماع هذا الصارخ ووضع الشيخ في موضع الجنائز مما يلي المقصورة وجلس الناس من كثرتهم وزحمتهم على غير صفوف بل مرصوصين رصا لا يتمكن أحد من السجود إلا بكلفة جو الجامع ويرى الأزقة والاسواق وذلك قبل اذان الظهر بقليل وجاء الناس من كل مكان وقوى خلق الصيام لأنهم لا يتفرغون في هذا اليوم لمأكل ولا لشرب وكثر الناس كثرة لا تحد ولا توصف فلما فرغ من اذان الظهر أقيمت الصلاة عقبه على السدة خلاف العادة فلما فرغوا من الصلاة خرج نائب الخطيب لغيبة الخطيب بمصر فصلى عليه إماما وهو الشيخ علاء الدين الخراط ثم خرج الناس من كل مكان من أبواب الجامع والبلد كما ذكرنا واجتمعوا بسوق الخيل ومن الناس من تعجل بعد ان صلى في الجامع إلى مقابر الصوفية والناس في بكاء وتهليل في مخافته كل واحد بنفسه وفي ثناء وتأسف والنساء فوق الاسطحة من هناك إلى المقبرة يبكين ويدعين ويقلن هذا العالم
وبالجملة كان يوما مشهودا لم يعهد مثله بدمشق إلا أن يكون في زمن بني أمية حي كان الناس كثيرين وكانت دار الخلافة ثم دفن عند أخيه قريبا من أذان العصر على التحديد ولا يمكن أحد حصر من حضر الجنازة وتقريب ذلك أنه عبارة عمن امكنه الحضور من أهل البلد وحواضره ولم يتخلف من الناس إلا القليل من الصغار والمخدرات وما علمت احدا من أهل العلم إلا النفر اليسير تخلف عن الحضور في جنازته وهم ثلاثة أنفس وهم ابن جملة والصدر والقفجاري وهؤلاء كانوا قد اشتهروا بمعاداته فاختفوا من الناس خوفا على أنفسهم بحيث إنهم علموا متى خرجوا قتلوا واهلكهم الناس وتردد شيخنا الامام العلامة برهان الدين الفزاري إلى قبره في الايام الثلاثة وكذلك جماعة من علماء الشافعية وكان برهان الدين الفزاري يأتي راكبا على حماره وعليه الجلالة والوقار حمه الله
وعملت له ختمات كثيرة ورؤيت له منامات صالحة عجيبة ورثى بأشعار كثيرة وقصائد مطولة جدا وقد أفردت له تراجم كثيرة وصنف في ذلك جماعة من الفضلاء وغيرهم وسألخص من مجموع ذلك ترجمة وجيزة في ذكر مناقبه وفضائله وشجاعته وكرمه ونصحه وزهادته وعبادته وعلومه المتنوعة الكثيرة المجودة وصفاته الكبار والصغار التي احتوت على غالب العلوم ومفرداته في الاختيارات التي نصرها بالكتاب والسنة وأفتى بها وبالجملة كان رحمه الله من كبار العلماء وممن يخطيء ويصيب ولكن خطؤه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لجي وخطؤه أيضا مغفور له كما في صحيح البخاري إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله
أجرا وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر فهو مأجور وقال الامام مالك بن أنس كل احد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر وفي سادس عشرين ذي القعدة نقل تنكز حواصله وأمواله من دار الذهب داخل باب الفراديس إلى الدار التي أنشأها وتعرف بدار فلوس فسميت دار الذهب وعزل خزنداره ناصر الدين محمد ابن عيسى وولى مكانه مملوكه أباجي وفي ثاني عشرين القعدة جاء إلى مدينة عجلون سيل عظيم من أول النهار إلى وقت العصر فهدم من جامعها وأسواقها ورباعها ودورها شيئا كثيرا وغرق سبعة نفر وهلك للناس شيء كثير من الاموال والغلات والامتعة والمواشي ما يقارب قيمته ألف ألف درهم والله أعلم وإنا لله وإنا إليه راجعون
وفي يوم الاحد ثامن عشر ذي الحجة ألزم القاضي الشافعي الشيخ علاء الدين القونوي جماعة الشهود بسائر المراكز أن يرسلوا في عمائهم العذبات ليتميزوا بذلك عن عوام الناس ففعلوا ذلك أياما ثم تضرروا من ذلك فأرخص لهم في تركها ومنهم من استمر بها وفي يوم الثلاثاء عشرين ذي الحجة أفرج عن الشيخ الامام العالم العلامة أبي عبد الله شمس الدين ابن قيم الجوزية وكان معتقلا بالقلعة أيضا من بعد اعتقال الشيخ تقي الدين بأيام من شعبان سنة ست وعشرين إلى هذا الحين وجاء الخبر بأن السلطان أفرج عن الجاولي والامير فرج بن قراسنقر ولاجين المنصوري وأحضروا بعد العيد بين يديه وخلع عليهم وفيه وصل الخبر بموت الامير الكبير جوبان نائب السلطان ابي سعيد على تلك البلاد ووفاة قراسنقر المنصوري أيضا كلاهما في ذي القعدة من هذه السنة وجوبان هذا هو الذي ساق القناة الواصلة إلى المسجد الحرام وقد غرم عليها أموالا جزيلة كثيرة وله تربة بالمدينة النبوية ومدرسة مشهورة وله آثار حسنة وكان جيد الاسلام له همة عالية وقد دبر الممالك في أيام أبي سعيد مدة طويلة على السداد ثم أراد أبو سعيد مسكة فتخلص من ذلك كما ذكرنا ثم إن أبا سعيد قتل ابنه خواجا دمشق في السنة الماضية ففر ابنه الآخر تمرتاش هاربا إلى سلطان مصر فآواه شهرا ثم ترددت الرسل بين الملكين في قتله فقتله صاحب مصر فيما قيل وأرسل برأسه إليه ثم توفي أبوه بعده بقليل والله أعلم بالسرائر
وأما قراسنقر المنصوري فهو من جملة كبار أمرءا مصر والشام وكان من جملة من قتل الاشرف خليل بن المنصور كما تقدم ثم ولى نيابة مصر مدة ثم صار إلى نيابة دمشق ثم إلى نيابة حلب ثم فر إلى التتر هو والافرم والزركاشي فآواهم ملك التتار خربندا وأكرمهم وأقطعهم بلادا كثيرة وتزوج قراسنقر بنت هولاكو ثم كانت وفاته بمراغة بلده التي كان حاكما بها في هذه السنة
وله نحو تسعين سنة والله أعلم.
وممن توفي فيها من الاعيان شيخ الاسلام العلامة تقي الدين ابن تيمية كما تقدم ذكر ذلك في الحوادث وسنفرد له ترجمة على حدة إن شاء الله تعالى
*3* الشريف العالم عز الدين
@ عز الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن العلوي الحسيني العراقي الاسكندري الشافعي سمع الكثير وحفظ الوجيز في الفقه والايضاح في النحو وكان زاهدا متقللا من الدنيا وبلغ تسعين سنة وعقله وعلمه وذهنه ثابت متيقظ ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة وتوفي يوم الجمعة خامس المحرم ودفن بالاسكندرية بين المادين رحمه الله
*3* الشمس محمد بن عيسى التكريدي
@ كانت فيه شهامة وحزامة وكان يكون بين يدي الشيخ تقي الدين بن تيمية كالمنفذ لما يأمر به وينهى عنه ويرسله الامراء وغيرهم في الامور المهمة وله معرفة وفهم بتبليغ رسالته على أتم الوجوه توفي في الخامس من صفر بالقبيبات ودفن عندالجامع الكريمي رحمه الله تعالى

@ احمد بن محمد بن أبي الحزم القرشي المخزومي التمولي كان من أعيان الشافعية وشرح الوسيط وشرح الحاجبية في مجلدين ودرس وحكم بمصر وكان محتسبا بها أيضا وكان مشكور السيرة فيها وقد تولى بعده الحكم نجم الدين بن عقيل والحسبة ناصر الدين بن قار السبقوق توفي في رجب وقد جاوز الثمانين ودفن بالقرافة رحمه الله
*3* الشيخ أبو بكر الصالحالي
@ أبو بكر بن شرف بن محسن بن معن بن عمان الصالحي ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة وسمع الكثير صحبة الشيخ تقي الدين بن تيمية والمزي وكان ممن يحب الشيخ تقي الدين وكان معهما كالخادم لهما وكان فقيرا ذا عيال يتناول من الزكاة والصدقات ما يقوم بأوده واقام في آخر عمره بحمص وكان فصيحا مفوها له تعاليق وتصانيف في الاصول وغيرها وكان له عبادة وفيه خير وصلاح وكان يتكلم على الناس بعد صلاة الجمعة إلى العصر من حفظه وقد اجتمعت بامره صحبة شيخنا المزي حين قدم من حمص فكان قوى العبارة فصيحها متوسطا بالعلم له ميل إلى التصوف والكلام في الاحوال والاعمال والقلوب وغير ذلك وكان يكثر ذكر الشيخ تقي الدين بن تيمية توفي بحمص في الثاني والعشرين من صفر من هذه السنة وقد كان الشيخ يحض الناس على الاحسان إليه وكان يعطيه ويرفده
*3* ابن الدواليبي البغدادي
@ الشيخ الصالح العالم العابد الرحلة المسند المعمر عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المحسن ابن أبي الحسين بن عبدالغفار البغدادي الأرجي الحنبلي المعروف بابن الدواليبي شيخ دار الحديث المستنصرية ولد في ربيع الاول سنة ثمان وثلاثين وستمائة وسمع الكثير وله إجازات عالية واشتغل بحفظ الخرقي وكان فاضلا في النحو وغيره وله شعر حسن وكان رجلا صالحا جاوز التسعين وصار رحلة العراق وتوفي يوم الخميس رابع جمادي الاولى ودفن بمقبرة الامام أحمد مقابر الشهداء
رحمه الله وقد أجازني فيمن أجاز من مشايخ بغداد ولله الحمد
*3* قاضي القضاة شمس الدين ابن الحريري
@ أبو عبد الله محمد بن صفي الدين أبي عمر وعثمان بن أبي الحسن عبدالوهاب الانصاري الحنفي ولد سنة ثلاث وخسمين وسمع الحديث واشتغل وقرأ الهداية وكان فقيها جيدا ودرس بأماكن كثيرة بدمشق ثم ولى القضاء بها ثم خطب إلى قضاء الديار المصرية فاستمر بها مدة طويلة محفوظ العرض لا يقبل من أحد هدية ولا تأخذه في الحكم لومة لائم وكان يقول إن لم يكن ابن تيمية شيخ الاسلام فمن وقال لبعض أصحابه أتحب الشيخ تقي الدين قال نعم قال والله لقد احببت شيئا مليحا توفي رحمه الله يوم السبت رابع جمادي الاخرة ودفن بالقرافة وكان قد عين لمنصبه القاضي برهان الدين بن عبدا لحق فنفذت وصيته بذلك وارسل إليه إلى دمشق فأحضر فباشر الحكم بعده وجميع جهاته
*3* الشيخ الامام العالم المقري
@ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الامام تقي الدين محمد بن جبارة بن عبد الولي بن جبارة المقدسي المرداوي الحنبلي شارح الشاطبية ولد سنة تسع واربعين وستمائة وسمع الكثير وعنى بفن القراءات فبرز فيه وانتفع الناس به وقد أقام بمصر مدة واشتغل بها على الفزاري في أصول الفقه وتوفي بالقدس رابع رجب رحمه الله كان يعد من الصلحاء الأخبار سمع عن خطيب مردا وغيره
*3* ابن العاقولي البغدادي
@ الشيخ الامام العلامة جمال الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن حماد بن نائب السواطي العاقولي ثم البغدادي الشافعي مدرس المستنصرية مدة طويلة نحوا من أربعين سنة وباشر نظر الاوقاف وعين لقضاء القضاة في وقت ولد ليلة الاحد عاشر رجب سنة ثمان وثلاثين وستمائة وسمع الحديث وبرع واشتغل وأفتى من سنة سبع وخمسين إلى أن مات وذلك مدة إحدة وسبعين سنة وهذا شيء غريب جدا وكان قوى النفس له وجاهة في الدولة فكم كشف كربة عن الناس بسعيه وقصده توفي ليلة الاربعاء رابع عشرين شوال وقد جاوز التسعين سنة ودفن بداره وكان قد وقفها على شيخ وعشرة صبيان يسمعون القرآن ويحفظونه ووقف عليها أملاكه كلها تقبل الله منه ورحمه ودرس بعده بالمستنصرية قاضي القضاة قطب الدين
*3* الشيخ الصالح شمس الدين السلامي
@ شمس الدين محمد بن داود بن محمد بن ساب السلامي البغدادي أحد ذوي اليسار وله بر تام بأهل العلم ولا سيما أصحاب الشيخ تقي الدين وقد وقف كتبا كثيرة وحج مرات وتوفي ليلة الاحد رابع عشرين ذي القعدة بعد وفاة الشيخ تقي الدين بأربعة أيام وصلى عليه بعد صلاة الجمعة ودفن
بباب الصغير رحمه الله واكرم مثواه وفي هذه الليلة توفيت الوالدة مريم بنت فرج بن علي من قرية كان الوالد خطيبها وهي مجيدل القرية سنة ثلاث وسبعين وستمائة وصلى عليها بعدالجمعة ودفنت بالصوفية شرقي قبر الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمها الله تعالى
*2* ثم دخلت سنة تسع وعشرين وسبعمائة
@ استهلت والخليفة والحاكم هم المباشرون في التي قبلها غير أن قطب الدين ابن شيخ السلامية اشتغل بنظر الجيش وفي المحرم طلب القاضي محيي الدين بن فضل الله كاتب سر دمشق وولده شهاب الدين وشرف الدين بن شمس الدين بن الشهاب محمود إلى مصر على البريد فباشر القاضي الصدر الكبير محيي الدين المذكور كتابة السر بها عوضا عن علاء الدين بن الاثير لمرض اعتراه وأقام عنده ولده شهاب الدين واقبل شرف الدين الشهاب محمود إلى دمشق على كتابة السر عوضا عن ابن فضل الله وفيه ذهب ناصر الدين مشد الاوقاف ناظرا على القدس والخليل فعمر هنالك عمارات كثيرة لملك الامراء تنكز وفتح في الاقصى شباكين عن يمين المحراب وشماله وجاء الأمير نجم الدين داود بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن يوسف بن الزيبق من شد الدواوين بحمص إلى شدها بدمشق وفي الحادي والعشرين من صفر كمل ترخيم الحائط القبلي من جامع دمشق وبسط الجامع جميعه وصلى الناس الجمعة به من الغد وفتح باب الزيادة وكان له أياما وذلك في مباشرة تقي الدين بن مراجل
وفي ربيع الاخر قدم من مصر أولاد الامير شمس الدين قراسنقر إلى دمشق فسكنوا في دار أبيهم داخل باب الفرايدس في دهليز المقدمية وأعيدت عليهم أملاكهم المخلفة عن أبيهم وكانت تحت الحوطة فلما مات في تلك البلاد افرج عنها أو أكثرها وفي يوم الجمعة آخر شهر ربيع الآخر أنزل الأمير جوبان وولده من قلعة المدينة النبوية وهما ميتان مصبران في توابيتهما فصلى عليهما بالمسجد النبوي ثم دفنا بالبقيع عن مرسوم السلطان وكان مراد جوبان أن يدفن في مدرسته فلم يمكن من ذلك

وفي هذا اليوم صلى بالمدينة النبوية على الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله وعلى القاضي نجم الدين البالسي المصري صلاة الغائب وفي يوم الاثنين منتصف جمادي الاخرة درس القاضي شهاب الدين أحمد بن جهبل بالمدرسة البادرانية عوضا عن شيخنا برهان الدين الفزاري توفي إلى رحمة الله تعالى وأخذ مشيخة دار الحديث منه الحافظ شمس الدين الذهبي وحضرها في يوم الاربعاء سابع عشرة ونزل عن خطابة بطنا للشيخ جمال الدين المسلاتي المالكي فخطب بها يوم الجمعة تاسع عشرة وفي أواخر هذا الشهر قدم نائب حلب الامير سيف الدين أرغون إلى دمشق قاصدا باب السلطان فتلقاه نائب دمشق وأنزله بداره التي عند جامعه ثم سار نحو مصر فغاب نحوا من أربعين يوما ثم عاد راجعا إلى نيابة حلب وفي عاشر رجب طلب الصاحب تقي الدين ابن عمر بن الوزير شمس الدين بن السلعوس إلى مصر فولى نظر الدواوين بها حتى مات عن قريب وخرج الركب يوم السبت تاسع شوال وأميره سيف الدين بلطي وقاضيه شهاب الدين القيمري وفي الحجاج زوجة ملك الأمراء تنكز وفي خدمتها الطواشي شبل الدولة وصدر الدين المالكي وصلاح الدين ابن أخي الصاحب تقي الدين توبة وأخوه شرف الدين والشيخ علي المغربي والشيخ عبد الله الضرير وجماعة
وفي بكرة الاربعاء ثالث شوال جلس القاضي ضياء الدين علي بن سليم بن ربيعة للحكم بالعادلية الكبيرة نيابة عن قاضي القضاة القونوي وعوضا عن الفخر المصري بحكم نزوله عن ذلك وإعراضه عنه تاسع عشر رمضان من هذه السنة وفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة بعد أذان الجمعة صعد إلى منبر جامع الحاكم بمصر شخص من مماليك الجاولي يقال له أوصى فادعى أنه المهدي وسجع سجعات يسيرة على رأي الكهان فأنزل في شرخيبة وذلك قبل حضور الخطيب بالجامع المذكور وفي ذي القعدة وما قبله وما بعده من أواخر هذه السنة وأوائل الاخرى وسعت الطرقات والأسواق داخل دمشق وخارجها مثل سوق السلاح والرصيف والسوق الكبير وباب البريد ومسجد القصب إلى الزنجبيلية وخارج باب الجباية إلى مسجد الدبان وغير ذلك من الاماكن التي كانت تضيق عن سلوك الناس وذلك بامر تنكز وأمر باصلاح القنوات واستراح الناس من ترتيش الماء عليهم بالنجاسات ثم في العشر الاخير من ذي الحجة رسم بقتل الكلاب فقتل منهم شيء كثير جدا ثم جمعوا خارج باب الصغير مما يلي باب كيسان في الخندق وفرق بين الذكور منهم والاناث ليموتوا سريعا ولا يتوالدوا وكانت الجيف والميتات تنقل إليهم فاستراح الناس من النجاسة من الماء والكلاب وتوسعت لهم الطرقات
وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة حضر مشيخة الشيوخ بالسمساطية قاضي القضاة شرف الدين المالكي بعد وفاة قاضي القضاة القونوي الشافعي وقرئ تقليده بالسبحة بها وحضره الأعيان وأعيد إلى ما كان عليه وممن توفي فيها من الأعيان :
*3* الامام العالم نجم الدين
@ نجم الدين أبو عبد الله محمد بن عقيل بن أبي الحسن بن عقيل البالسي الشافعي شارح التنبيه ولد سنة ستين وستمائة وسمع الحديث واشتغل بالفقه وغيره من فنون العلم فبرع فيها ولازم ابن دقيق العيد وناب عنه في الحكم ودرس بالمغربية والطيبرسية وجامع مصر وكان مشهورا بالفضيلة والديانة وملازمة الاشتغال توفي ليلة الخميس رابع عشر المحرم ودفن بالقرافة وكانت جنازته حافلة رحمه الله
*3* الأمير سيف الدين قطلوبك التشنكير الرومي
@ كان من أكابر الامراء وولى الحجوبية في وقت وهو الذي عمر القناة بالقدس توفي يوم الاثنين سابع ربيع الاول ودفن بتربته شمال باب الفراديس وهي مشهورة حسنة وحضر جنازته بسوق الخيل النائب والأمراء
*3* محدث اليمن
@ شرف الدين أحمد بن فقيه زبيد ابي الحسين بن منصور الشماخي المذحجي روى عن المكيين وغيرهم وبلغت شيوخه خمسمائة أو أزيد وكان رحلة تلك البلاد ومفيدها الخير وكان فاضلا في صناعة الحديث والفقه وغير ذلك توفي في ربيع الاول من هذه السنة
*3* نجم الدين أبو الحسن
@ على بن محمد بن عمر بن عبدالرحمن بن عبدالواحد أبو محمد بن المسلم أحد رؤساء دمشق المشهورين له بيت كبير ونسب عريق ورياسة باذخة وكرم زائد باشر نظر الايتام مدة وسمع الكثير وحدث وكانت لديه فضائل وفوائد وله الثروة الكثيرة ولد سنة تسع وأربعين وستمائة ومات يوم الاثنين ضحوة خامس ربيع الاخر وصلى عليه بعد الظهر بالاموي ودفن بسفح قاسيون بتربة أعدها لنفسه وقبران عنده وكتب على قبره قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا الاية وسمعنا عليه الموطأ وغيره
*3* الامير بكتمر الحاجب
@ صاحب الحمام المشهور خارج باب النصر في طريق مقابر الصوفية نم ناحية الميدان كانت وفاته بالقاهرة في عشرين ربيع الاخر ودفن بمدرسته التي انشاها إلى جانب داره هناك
*3* الشيخ شرف الدين عيسى بن محمد ابن قراجا بن سليمان
@ السهروردي الصوفي الواعظ له شعر ومعرفة بالالحان والأنغام ومن شعره قوله
بشراك يا سعد هذا الحي قد بانا * فحلها سيبطل الابل والبانا
منازل ما وردنا طيب منزلها * حتى شربنا كؤس الموت أحيانا
متناغراما وشوقا في المسير لها * فمنذوا في نسيم القرب أحيانا
توفي في ربيع الآخر
*3* شيخنا العلامة برهان الدين الفزاري
@ هو الشيخ الامام العالم العلامة شيخ المذهب وعلمه ومفيد أهله شيخ الاسلام مفتي الفرق بقية السلف برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ العلامة تاج الدين أبي محمد عبدالرحمن ابن الشيخ الامام المقري المفتي برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري المصري الشافعي ولد في ربيع الاول سنة ستين وستمائة وسمع الحديث واشتغل على أبيه وأعاد في حلقته وبرع وساد أقرانه وسائر أهل زمانه من أهل مذهبه في دراية المذهب ونقله وتحريره ثم كان في منصب ابيه في التدريس بالبادرائية واشغل الطلبة بالجامع الأموي فانتفع به المسلمون وقد عرضت عليه المناصب الكبار فاباها فمن ذلك أنه باشر الخطابة بعد عمه العلامة شرف الدين مدة ثم تركها وعاد إلى البادرائية وعرض عليه قضاء قضاة الشام بعد ابن صصرى وألح نائب الشام عليه بنفسه وأعوانه من الدولة فلم يقبل وصمم وامتنع أشد الامتناع وكان مقبلا على شأنه عارفا بزمانه مستغرقا أوقاته في الاشتغال والعبادة ليلا ونهارا كثير المطالعة وإسماع الحديث وقد سمعنا عليه صحيح مسلم وغيره وكان يدرس بالمدرسة المذكورة وله تعليق كثير على التنبيه فيه من الفوائد ما ليس يوجد في غيره وله تعليق على مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه وله مصنفات في غير ذلك كبار وبالجملة فلم ار شافعيا من مشايخنا مثله كان حسن الشكل عليه البهاء والجلالة والوقار حسن الاخلاق فيه حدث ثم يعود قريبا وكرمه زائد وإحسانه إلى الطلبة كثير وكان لايقتنى شيئا ويصرف مرتبه وجامكية مدرسته في مصالحه وقد درس بالبادرائية من سنة سبعين وستمائة إلى عامة هذا توفي بكرة يوم الجمعة سابع جمادي الاولى بالمدرسة المذكورة وصلى عليه عقب الجمعة بالجامع وحملت جنازته على الرؤس وأطراف الانامل وكانت حافلة ودفن عند أبيه وعمه وذويه بباب الصغير رحمه الله تعالى
*3* الشيخ الامام العالم الزاهد الورع
@ مجد الدين إسماعيل الحراني الحنبلي ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة وقرأ القراءات وسمع الحديث في دمشق حين انتقل مع أهله اليها سنة إحدى وسبعين واشتغل على الشيخ شمس الدين بن أبي عمر ولازمه وانتفع به وبرع في الفقه وصحة النقل وكثرة الصمت عما لا يعنيه ولم يزل مواظبا على جهاته ووظائفه لا ينقطع عنها إلا من عذر شرعي إلى أن توفي ليلة الاحد تاسع جمادي الاولى ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى وفي هذا الحين توفي
*3* الصاحب شرف الدين يعقوب بن عبد الله
@ الذي كان ناظر الدواوين بحلب ثم انتقل إلى نظرها بطرابلس توفي بحماة وكان محبا للعلماء وأهل الخير وفيه كرم وإحسان وهو والد القاضي ناصر الدين كاتب السر بدمشق وقاضي العساكر الحلبية ومشيخة الشيوخ بالسمساطية ومدرس الاسدية بحلب والناصرية والشامية الجوانية بدمشق
*3* القاضي معين الدين
@ هبة الله بن علم الدين مسعود بن أبي المعالي عبد الله بن أبي الفضل ابن الخشيشي الكاتب وناظر الجيش بمصر في بعض الأحيان ثم بدمشق مدة طويلة مستقلا ومشاركا لقطب الدين ابن شيخ السلامية وكان خبيرا بذلك يحفظه على ذهنه وكانت له يد جيدة في العربية والأدب والحساب وله نظم جيد وفيه تودد وتواضع توفي بمصر في نصف جمادي الاخرة ودفن بتربة الفخر كاتب المماليك
*3* قاضي القضاة علاء الدين القونوي
@
علاء الدين القونوي أبو الحسن علي بن إسماعيل بن يوسف القونوى التبريزي الشافعي ولد بمدينة قونية في سنة ثمان وستين وستمائة تقريبا واشتغل هناك وقد دمشق سنة ثلاث وتسعين وهو معدود من الفضلاء فازداد بها اشتغالا وسمع الحديث وتصدر للاشتغال بجامها ودرس بالاقبالية ثم سافر إلى مصر فدرس بها في عدة مدارس كبار وولى مشيخة الشيوخ بها وبدمشق ولم يزل يشتغل بها وينفع الطلبة إلى أن قدم دمشق قاضيا عليها في سنة سبع وعشرين وله تصانيف في الفقه وغيره وكان يحرز علوما كثيرة منها النحو والتصريف والاصلان والفقه وله معرفة جيدة بكشاف الزمخشري وفهم الحديث وفيه إنصاف كثير وأوصاف حسنة وتعظيم لأهل العلم وخرجت له مشيخة سمعناها عليه وكان يتواضع لشيخنا المزي كثيرا توفي ببستانه بالسهم يوم سبت بعد العصر رابع عشر ذي القعدة وصلى عليه من الغد ودفن بسفح قاسيون سامحه الله
*3* الأمير حسام الدين لاجين المنصور الحسامي
@
ويعرف بلاجين الصغير ولى البر بدمشق مدة ثم نيابة غزة ثم نيابة البيرة وبها مات في ذي القعدة ودفن هناك وكان ابتني تربة لزوجته ظاهر باب شرقي فلم يتفق دفنه بها وما تدري نفس بأي أرض تموت
*3* الصاحب عز الدين أبو يعلي
@ حمزة بن مؤيد الدين أبي المعالي أسعد بن عز الدين ابي غالب المظفر ابن الوزير مؤيد الدين أبي المعالي بن أسعد بن العميد أبي يعلى بن حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي ابن القلانسي أحد رؤساء دمشق الكبار ولد سنة تسع وأربعين وستمائة وسمع الحديث من جماعة ورواه وسمعنا عليه وله رياسة باذخة وأصالة كثيرة وأملاك هائلة كافية لما يحتاج إليه من أمور الدنيا ولم يزل معه صناعة للوظائف إلى أن ألزم بوكالة بيت السلطان ثم بالوزارة في سنة عشرة كما تقدم ثم عزل وقد صودر في بعض الأحيان وكانت له مكارم على الخواص والكبار وله إحسان إلى الفقراء والمحتاجين ولم يزل معظما وجها عند الدولة من النواب والملوك والامراء وغيرهم إلى ان توفي ببستانه ليلة السبت سادس الحجة وصلى عليه من الغد ودفن بتربته بسفح قاسيون وله في الصالحية رباط حسن بمأذنة وفيه دار حديث وبر وصدقة رحمه الله
*2* ثم دخلت سنة ثلاثون وسبعمائة
@ استهلت بالأربعاء والحكام بالبلاد هم المذكورون بالتي قبلها سوى الشافعي فإنه توفي وولى مكانه في رابع المحرم منها علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السبكي الاخنائي الشافعي وقدم دمشق في الرابع والعشرين منه صحبة نائب السلطنة تنكز وقد زار القدس وحضر معه تدريس التنكزية التي أنشأها بها ولما قدم دمشق نزل بالعادلية الكبيرة على العادة ودرس بها وبالغزالية وساتمر بنيابة المنلفوطي ثم استناب زين الدين بن المرحل وفي صفر باشر شرف الدين محمود بن الخطيري شد الاوقاف وانفصل عنها نجم الدين بن الزيبق إلى ولاية نابلس وفي ربيع الاخر شرع بترخيم الجانب الشرقي من الاموي نسبة الجانب الغربي وشاور ابن مراجل النائب والقاضي على جمع الفصوص من سائر الجامع في الحائط القبلي فرسما له بذلك وفي يوم الجمعة أقيمت الجمعة في إيوان الشافعية بالمدرسة الصالحية بمصر وكان الذي أنشا ذلك الامير جمال الدين نائب الكرك بعد أن استفتى العلماء في ذلك وفي ربيع الاخر تولى القضاء بحلب شمس الدين بن النقيب عوضا عن فخر الدين بن البازري توفي وولى شمس الدين بن مجد البعلبكي قضاء طرابلس عوضا عن ابن النقيب وفي آخر جمادي الاولى باشر نيابة الحكم عن الاخنائي محيي الدين بن جميل عوضا عن المنفولطي توفي
وفي هذا الشهر وقف الأمير الوزير علاء الدين مغلطاي الناصري مدرسة على الحنفية وفيها صوفية أيضا ودرس بها القاضي علاء الدين بن التركماني وسكنها الفقهاء وفي جمادي الآخرة زينت البلاد المصرية والشامية ودقت البشائر بسبب عافية السلطان من وقعة انصدعت منها يده وخلع على الامراء والاطباء بمصر وأطلقت الحبوس وفي جمادي الاخرة قدم على السلطان رسل من الفرنج يطلبون منه بعض البلاد الساحلية فقال لهم لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم ثم سيرهم إلى بلادهم خاسئين
وفي يوم الأحد سادس رجب حضر الدرس الذي أنشأه القاضي فخر الدين كاتب المماليك على الحنفية بمحرابهم بجامع دمشق ودرس به الشيخ شهاب الدين ابن قاضي الحصين أخو قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق بالديار المصرية وحضر عنده القضاة والاعيان وانصرفوا من عنده إلى عند ابن أخيه صلاح الدين بالجوهرية درس بها عوضا عن حموه شمس الدين ابن الزكي نزل له عنها وفي آخر رجب خطب بالجامع الذي أنشأه الأمير سيف الدين الماشي الحاجب ظاهر القاهرة بالشارع وخطب بالجامع الذي أنشأه قوصون بين جامع طولون والصالحية يوم الجمعة حادي عشر رمضان وحضر السلطان واعيان الأمراء الخطبة خطب به يومئذ قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي وخلع عليه خلعة سنية واستقل في خطابته بدر الدين بن شكري
وخرج الركب الشامي يوم السبت حادي عشر شوال وأميره سيف الدين المرساوي صهر بلبان البيري وقاضيه شهاب الدين ابن المجد عبد الله مدرس الاقبالية ثم تولى قضاء القضاة كما سيأتي وممن حج في هذه السنة رضي الدين بن المنطيقي والشمس الاردبيلي شيخ الجاروضية وصفي الدين ابن الحريري وشمس الدين ابن خطيب بيروذ والشيخ محمد النيرباني وغيرهم فلما قضوا مناسكهم رجعوا إلى مكة لطواف الوداع فبينما هم في سماع الخطبة إذ سمعوا جلبة الخيل من بني حسن وعبيدهم قد حطموا على الناس في المسجد الحرام فثار إلى قتالهم الأتراك فاقتتلوا فقتل أمير من الطبلخانات بمصر يقال له سيف الدين جخدار وابنه خليل ومملوك له وأمير عشيرة يقال له الباجي وجماعة من الرجال والنساء ونهبت أموال كثيرة ووقعت خبطة عظيمة في المسجد وتهارب الناس إلى منازلهم بأبيار الزار وما كادوا يصلون إليها وما أكملت الجمعة إلا بعد جهد فإنا لله وإنا إليه راجعون واجتمعت الامراء كلهم على الرجعة إلى مكة للأخذ بالثأر منهم ثم كروا راجعين وتبعهم العبيد حتى وصلوا إلى مخيم الحجيج وكادوا ينهبون الناس عامة جهرة وصار أهل البيت في آخر الزمان يصدون الناس عن المسجد الحرام وبنو الاتراك هم الذين ينصرون الاسلام وأهله ويكفون الأذية عنهم بأنفسهم وأموالهم كما قال تعالى إن اولياؤه إلا المتقون وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* علاء الدين ابن الاثير
@ كاتب السر بمصر علي بن أحمد بن سعيد بن محمد بن الاثير الحلبي الاصل ثم المصري كانت له حرمة ووجاهة وأموال وثروة ومكانة عند السلطان حتى ضربه الفالج في آخر عمره فانعزل عن الوظيفة وباشرها ابن فضل الله في حياته
*3* الوزير العالم ابو القاسم
@ محمد بن محمد بن سهل بن محمد بن سهل الازدي الغرناطي الاندلسي من بيت الرياسة والحشمة ببلاد المغرب قدم علينا إلى دمشق في جمادي الاولى سنة أربع وعشرين وهو بعزم الحج سمعت بقراءته صحيح مسلم في تسعة مجالس على الشيخ نجم الدين بن العسقلاني قراءة صحيحة ثم كانت وفاته في القاهرة في ثاني عشرين المحرم وكانت له فضائل كثيرة في الفقه والنحو والتاريخ والاصول وكان عالي الهمة شريف النفس محترما ببلاده جدا بحيث إنه يولي الملوك ويعزلهم ولم يل هو مباشرة شيء ولا أهل بيته وإنما كان يلقب بالوزير مجازا
*3* شيخنا الصالح العابد الناسك الخاشع
@ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح العابد شرف الدين أبي الحسن بن حسين بن غيلان البعلبكي الحنبلي إمام مسجد السلالين بدار البطيخ العتيقة سمع الحديث واسمعه وكان يقرئ القرآن طرفي النهار وعليه ختمت القرآن في سنة أحد عشر وسبعمائة وكان من الصالحين الكبار والعباد الاخيار توفي يوم السبت سادس صفر وصلى عليه بالجامع ودفن بباب الصغير وكانت جنازته حافلة
وفي هذا الشهر أعني صفر كانت وفاة والي القاهرة القديدار وله آثار غريبة ومشهورة
*3* بها درآص الامير الكبير
@ رأس ميمنة الشام سيف الدين بها درآص المنصوري أكبر أمراء دمشق وممن طال عمره في الحشمة والثورة وهو ممن اجتمعت فيه الاية الكريمة زين للناس حب الشهوات من النساء الاية وقد كان محببا إلى العامة وله بر وصدقة وإحسان توفي ليلة الثلاثاء ودفن بتربته خارج باب الجابية وهي مشهورة ايضا
*3* الحجار ابن الشحنة
@ الشيخ الكبير المسند المعمر الرحلة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن نعمة بن حسن ابن علي بن بيان الديرمقرني ثم الصالحي الحجار المعروف بابن الشحنة سمع البخاري علي الزبيدي سنة ثلاثين وستمائة بقاسيون وإنما ظهر سماعه سنة ست وسبعمائه ففرح بذلك المحدثون وأكثروا السماع عليه فقرئ البخاري عليه نحوا من ستين مرة وغيره وسمعنا عليه بدار الحديث الاشرفية في أيام الشتويات نحوا من خمسمائة جزء بالاجازات والسماع وسماعه من الزبيدي وابن اللني وله اجازة من بغداد فيها مائة وثمانية وثلاثون شيخا من العوالي المسندين وقد مكث مدة مقدم الحجازين نحوا من خمس وعشرين سنة ثم كان يخيط في آخر عمره وساتقرت عليه جامكينة لما اشتغل باسماع الحديث وقد سمع عليه السلطان الملك الناصر وخلع عليه وألبسه الخلعة بيده وسمع عليه من أهل الديار المصرية والشامية أمم لا يحصون كثرة وانتفع الناس بذلك وكان شيخا حسنا بهى المنظر سليم الصدر ممتعا بحواسه وقواه فإنه عاش مائة سنة محققا وزاد عليها لأنه سمع البخاري من الزبيدي في سنة ثلاثين وستمائة وأسمعه هو في سنة ثلاثين وسبعمائة في تاسع صفر بجامع دمشق وسمعنا عليه يومئذ ولله الحمد ويقال إنه أدرك موت المعظم عيسى بن العادل لما توفي والناس يسمعهم يقولون مات المعظم وقد كانت وفاة المعظم في سنة أربع وعشرين وستمائة وتوفي الحجار يوم الاثنين خامس عشرين صفر من هذه السنة وصلى عليه بالمظفري يوم الثلاثاء ودفن بتربة له عند زاوية الدومي بجوار جامع الافرم وكانت جنازته حافلة رحمه الله
*3* الشيخ نجم الدين بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن
@ أبي نصر المحصل المعروف بابن الشحام اشتغل ببلده ثم سافر واقام بمدينة سراي من مملكة إربل ثم قدم دمشق في سنة اربع وعشرين فدرس بالظاهرية البرانية ثم بالجاروضية وأضيف إليه مشيخة رباط القصر ثم نزل عن ذلك لزوج ابنته ثور الدين الاردبيلي توفي في ربيع الأول وكان يعرف طرفا من الفقه والطب
*3* الشيخ إبراهيم الهدمة
@ أصله كردي من بلاد المشرق فقدم الشام وأقام بين القدس والخليل في أرض كانت مواتا فأحياها وغرسها وزرع فيها أنواعا وكان يقصد للزيارة ويحكى الناس عنه كرامات صالحة وقد بلغ مائة سنة وتزوج في آخر عمره ورزق اولادا صالحين توفي في جمادي الاخرة رحمه الله الست صاحبة التربة بباب الخواصين الخوندة المعظمة المحجبة المحترمة
*3* ستيته بنت الامير سيف الدين
@ كركاي المنصوري زوجة نائب الشام تنكز توفيت بدار الذهب وصلى عليها بالجامع ثالث رجب ودفنت بالتربة التي أمرت بانشائها بباب الخواصين وفيها مسجد وإلى جانبها رباط للنساء ومكتب للايتام وفيها صدقات وبر وصلات وقراء عليها كل ذلك أمرت به وكانت قد حجت في العام الماضي رحمها الله
*3* قاضي قضاة طرابلس
@ شمس الدين محمد بن عيسى بن محمود البعلبكي المعروف بابن المجد الشافعي اشتغل ببلده وبرع في فنون كثيرة وأقام بدمشق مدة يدرس بالقوصية وبالجامع ويؤم بمدرسة أم الصالح ثم انتقل إلى قضاء طرابلس فأقام بها أربعة أشهر ثم توفي في سادس رمضان وتولاها بعده ولده تقي الدين وهو أحد الفضلاء المشهورين ولم تطل مدته حتى عزل عنها وأخرج منها
*3* الشيخ الصالح
@ عبد الله بن أبي القاسم بن يوسف بن أبي القاسم الحوراني شيخ طائفتهم وإليه مرجع زاويتهم بحوران كان عنده تفقه بعض شيء وزهادة ويزار وله أصحاب يخدمونه وبلغ السبعين سنة وخرج لتوديع بعض أهله إلىناحية الكرك من ناحية الحجاز فأدركه الموت هناك فمات في أول ذي القعدة
*3* الشيخ حسن بن علي
@ ابن أحمد الانصاري الضرير كان بفرد عين أولا ثم عمى جملة وكان يقرأ القرآن ويكثر التلاوة ثم انقطع إلى المنارة الشرقية وكان يحضر السماعات ويستمع ويتواجد ولكثير من الناس فيه اعتقاد على ذلك ولمجاورته في الجامع وكثرة تلاوته وصلاته والله يسامحه توفي يوم السبت في العشر الاول من ذي الحجة بالمأذنة الشرقية وصلى عليه بالجامع ودفن بباب الصغير
*3* محيي الدين أبو الثناء محمود
@ ابن الصدر شرف الدين القلانسي توفي في ذي الحجة ببستانه ودفن بتربتهم بسفح قاسيون وهو جد الصدر جلال الدين بن القلانسي وأخيه علاء وهم ثلاثتهم رؤساء
*3* الشاب الرئيس
@ صلاح الدين يوسف بن القاضي قطب الدين موسى ابن شيخ السلامية ناظر الجيش أبوه نشأ هذا الشاب في نعمة وحشمة وترفه وعشرة واجتماع بالأصحاب توفي يوم السبت تاسع عشرين ذي الحجة فاستراح من حشمته وعشرته إن لم تكن وبالا عليه وفدن بتربتهم تجاه الناصرية بالسفح وتأسف عليه أبواه ومعارفه واصحابه سامحه الله
*2* ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة
@ استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها وقد ذكرنا ما كان من عبيد مكة إلى الحجاج وأنه قتل من المصريين أميران فلما بلغ الخبر السلطان عظم عليه ذلك وامتنع من الاكل على السماط فيما يقال أياما ثم جرد ستمائة فارس وقيل ألفا والاول أصح وارسل إلى الشام أن يجرد مقدما آخر فجرد الامير سيف الدين الجي بغا العادلي وخرج من دمشق يوم دخلها الركب في سادس عشرين المحرم وأمر أن يسير الى إلية ليجتمع مع المصريين وأن يسيروا جميعا إلى الحجاز وفي يوم الاربعاء تاسع صفر وصل نهر الساجور إلى مدينة حلب وخرج نائب حلب ارغون ومعه الأمراء مشاة اليه في تهليل وتكبير وتحميد يتلقون هذا النهر ولم يكن احد من المعالي ولا غيرهم أن يتكلم بغير ذكر الله تعالى وفرح الناس بوصوله إليهم فرحا شديدا وكانوا قد وسعوا في تحصيله من أماكن بعيدة احتاجوا فيها إلى نقب الجبال وفيها صخور ضخام وعقدوا له قناطر على الأودية وما وصل إلا بعد جهد جهيد وأمر شديد فلله الحمد وحده لا شريك له وحين رجع نائب حلب ارغون مرض مرضا شديدا ومات رحمه الله
وفي سابع صفر وسع تنكز الطرقات بالشام ظاهر باب الجابية وخرب كل ما يضيق الطرقات وفي ثاني ربيع الاول لبس علاء الدين القلانسي خلعة سنية لمباشرة نظر الدواوين ديوان ملك الأمراء وديوان نظر المارستان عوضا عن ابن العادل ورجع ابن العادل إلى حجابة الديوان الكبير وفي يوم ثاني ربيع الاول لبس عماد الدين ابن الشيرازي خلعة نظر الاموي عوضا عن ابن مراجل عزل عنه لا الى بدل عنه وباشر جمال الدين بن القويرة نظر الاسرى بدلا عن ابن الشيرازي وفي يوم الخميس آخر ربيع الاول لبس القاضي شرف الدين بن عبد الله بن شرف الدين
حسن ابن الحافظ ابي موسى عبد الله ابن الحافظ عبدا لغني المقدسي خلعة قضاء الحنابلة عوضا عن عز الدين بن التقي سليمان توفي رحمه الله وركب من دار السعادة إلى الجامع فقرئ تقليده تحت النسر بحضرة القضاة والاعيان ثم ذهب إلى الجوزية فحكم بها ثم إلى الصالحية وهو لابس الخلعة واستناب يومئذ ابن أخيه النقي عبد الله بن شهاب الدين أحمد وفي سلخ ربيع الاخر اجتاز الامير علاء الدين الطنبغا بدمشق وهو ذاهب إلى بلاد حلب نائبا عليها عوضا عن ارغون توفي إلى رحمة الله وقد تلقاه النائب والجيش وفي مستهل جمادي الاولى حضر الامير الشريف رميثة بن أبي نمي إلى مكة فقرئ تقليده بامرة مكة من جهة السلطان صحبة التجريدة وخلع عليه وبايعه الأمراء المجردون من مصر والشام داخل الكعبة وقد كان وصول التجاريد إلى مكة في سابع ربيع الاول فأقاموا بباب المعلى وحصل لهم خير كثير من الصلاة والطواف وكانت الاسعار رخيصة معهم
وفي يوم السبت سابع ربيع الاخر خلع على القاضي عز الدين بن بدر الدين بن جماعة بوكلة السلطان ونظر جامع طولون ونظر الناصرية وهنأه الناس عوضا عن التاج ابن إسحاق عبد الوهاب توفي ودفن بالقرافة وفي هذا الشهر تولى عماد الدين ابن قاضي القضاة الاخنائي تدريس الصارمية وهو صغير بعد وفاة النجم هاشم بن عبد الله البعلبكي الشافعي وحضرها في رجب وحضر عنده الناس خدمة لأبيه وفي حادى عشرين جمادى الآخرة رجعتالتجريدة من الحجاز صحبة الامير سيف الدين الحي بغا وكانت غيبتهم خمسة أشهر وأياما وأقاموا بمكة شهرا واحدا ويوما واحدا وحصل للعرب منهم رعب شديد وخوف أكيد وعزلوا عن مكة عطية وولوا أخاه رميثة وصلوا وطافوا واعتمروا ومنهم من أقام هناك ليحج وفي ثاني رجب خلع على ابن ابي الطيب بنظر ديوان بيت المال عوضا عن ابن الصاين توفي
وفي أوائل شعبان حصل بدمشق هواء شديد مزعج كسر كثيرا من الاشجار والاغصان وألقى بعض الحيطان والجدران وسكن بعد ساعة باذن الله فلما كان يوم تاسعه سقط برد كبار مقدار بيض الحمام وكسر بعض جامات الحمام وفي شهر شعبان هذا خطب بالمدرسة المعزية على شاطيء النيل أنشأها الأمير سيف الدين طغز دمر أمير مجلس الناصري وكان الخطيب عز الدين عبد الرحيم بن الفرات الحنفي وفي نصف رمضان قدم الشيخ تاج الدين عمر بن علي بن سالم الملحي ابن الفاكهاني المالكي نزل عند القاضي الشافعي وسمع عليه شيئا من مصنفاته وخرج إلى الحج عامئذ مع الشاميين وزار القدس قبل وصوله إلى دمشق وفي هذا الشهر وطيء سوق الخيل وركبت في حصبات كثيرة وعمل فيه نحو من اربعمائة نفس في أربعة أيام حتى ساووه وأصلحوه وقد كان
قبل ذلك يكون فيه مياه كثيرة وملقات وفيه أصلح سوق الدقيق داخل باب الجابية إلى الثابتية وسقف عليه السقوف
وخرج الركب الشامي يوم الاثنين ثامن شوال وأميره عز الدين ايبك امير علم وقاضيه شهاب الدين الظاهري وممن حج فيه شهاب الدين بن جهبل وابو النسر وابن جملة والفخر المصري والصدر المالكي وشرف الدين الكفوي الحنفي والبهاء ابن إمام المشهد وجلال الدين الأعيالي ناظر الأيتام وشمس الدين الكردي وفخر الدين البعلبكي ومجد الدين ابن أبي المجد وشمس الدين ابن قيم الجوزية وشمس الدين ابن خطيب بيرة وشرف الدين قاسم العلجوني وتاج الدين ابن الفاكهاني والشيخ عمر السلاوي وكاتبه إسماعيل ابن كثير وآخرون من سائر المذاهب حتى كان الشيخ بدر الدين يقول اجتمع في ركبنا هذا أربعمائة فقيه وأربع مدارس وخانقاه ودار حديث وقد كان معنا من المتفتيين ثلاثة عشر نفسا وكان في المصريين جماعة من الفقهاء منهم قاضي المالكية تقي الدين الاخنائي وفخر الدين النويري وشمس الدين ابن الحارثي ومجد الدين الاقصرائي وشيخ الشيوخ الشيخ محمد المرشدي وفي ركب العراق الشيخ أحمد السروجي أشد وكان من المشاهير وفي الشاميين الشيخ علي الواسطي صحبة ابن المرجاني وأمير المصريين مغلطاي الجمالي الذي كان وزيرا في وقت وكان إذ ذاك مريضا ومررنا بعين تبوك وقد أصلحت في هذه السنة وصينت من دوس الجمال والجمالين وصار ماؤها في غاية الحسن والصفاء والطيب وكانت وقفة الجمعة ومطرنا بالطواف وكانت سنة مرخصة آمنة
وفي نصف ذي الحجة رجع تنكز من ناحية قلعة جعبر وكان في خدمته أكثر الجيش الشامي وأظهر أبهة عظيمة في تلك النواحي وفي سادس عشر ذي الحجة وصل توقيع القاضي علاء الدين بن القلانسي بجميع جهات اخيه جمال الدين بحكم وفاته مضافا إلى جهاته فاجتمع له من المناصب الكبار ما لم يجتمع لغيره من الرؤساء في هذه الأعصار فمن ذلك وكالة بيت المال وقضاء العسكر وكتابة الدست ووكالة ملك الأمراء ونظر البيمارستان ونظر الحرمين ونظر ديوان السعيد وتدريس الأمينية والظاهرية والعصرونية وغير ذلك انتهى وممن توفي فيها من الأعيان :

*3* قاضي القضاة عز الدين المقدسي
@ عز الدين أبو عبد الله بن محمد بن قاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ ابي عمر المقدسي الحنبلي ولد سنة خمس وستين وستمائة وسمع الحديث واشتغل على والده واستنابه في أيام ولايته فلما ولي ابن مسلم لزم بيته يحضر درس الجوزية ودار الحديث الاشرفية بالجبل ويأوى إلى بيته فلما توفي ابن مسلم ولى قضاء الحنابلة بعده نحوا من أربع سنين وكان فيه تواضع وتودد وقضاء لحوائج الناس وكانت وفاته يوم الاربعاء تاسع صفر وكان يوما مطيرا ومع هذا شهد الناس جنازته ودفن بتربتهم رحمهم الله وولى بعده نائبه شرف الدين ابن الحافظ وقد قارب الثمانين وفي نصف صفر توفي
*3* الامير سيف الدين قجليس
@ سيف النعمة وقد كان سمع علي الحجار ووزيره بالقدس الشريف وفي منتصف صفر توفي الامير الكبير سيف الدين أرغون بن عبد الله الدويدار الناصري وقد عمل على نيابة مصر مدة طويلة ثم غضب عليه السلطان فأرسله إلى نيابة حلب فمكث بها مدة ثم توفي بها في سابع عشر ربيع الاول ودفن بتربة اشتراها بحلب وقد كان عنده فهم وفقه وفيه ديانة واتباع للشريعة وقد سمع البخاري على الحجاز وكتبه جميعه بخطه وأذن له بعض العلماء في الافتاء وكان يميل إلى الشيخ تقي الدين ابن تيمية وهو بمصر توفي ولم يكمل الخمسين سنة وكان يكره اللهو رحمه الله ولما خرج يلتقي نهر الساجور خرج في ذلك ومسكنة وخرج معه الأمراء كذلك مشاة في تكبير وتهليل وتحميد ومنع المغاني ومن اللهو واللعب في ذلك رحمه الله
*3* القاضي ضياء الدين
@ ابو الحسن علي بن سليم بن ربيع بن سليمان الازرعي الشافعي تنقل في ولاية الأقضية بمدارس كثيرة مدة ستين سنة وحكم بطرابلس وعجلون وزرع وغيرها وحكم بدمشق نيابة عن القونوي نحوا من شهر وكان عنده فضيلة وله نظر كثير نظم التنبيه في نحو ست عشرة ألف بيت وتصحيحها في ألف وثلثمائة بيت وله مدائح ومواليا وأزجال وغير ذلك ثم كانت وفاته بالرملة يوم الجمعة ثالث عشرين ربيع الاول عن خمس وثمانين سنة رحمه الله وله عدة أولاد منهم عبد الرزاق أحد الفضلاء وهو ممن جمع بين علمي الشريعة والطبيعة
*3* أبو دبوس عثمان بن سعيد المغربي
@ تملك في وقت بلاد قابس ثم تغلب عليه جماعة فانتزعوها منه فقصد مصر فأقام بها واقطع اقطاعا وكان يركب مع الجند في زي المغاربة متقلدا سيفا وكان حسن الهيئة يواظب على الخدمة إلى أن توفي في جمادي الأولى
*3* الامام العلامة ضيا الدين أبو العباس
@ احمد بن قطب الدين محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي الشافعي مدرس الحسامية ونائب الحكم بمصر وأعاد في أماكن كثيرة وتفقه على والده توفي في جمادي الاخرة وتولى الحسامية بعده ناصر الدين التبريزي
*3* الصدر الكبير تاج الدين الكارمي
@ المعروف بابن الرهايلي كان أكبر تجار دمشق الكارمية وبمصر توفي في جمادي الاخرة يقال إنه خلف مائة ألف دينار غير البضائع والاثاث والاملاك
*3* الامام العلامة فخر الدين
@ عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان بن المارداني التركماني الحنفي شرح فخر الدين هذا الجامع وألقاه دروسا في مائة كراس توفي في رجب وله إحدى وسبعون سنة كان شجاعا عالما فاضلا وقورا فصيحا حسن المفاكهة وله نظم حسن وولى بعده المنصورية ولده تاج الدين
*3* تقي الدين عمر ابن الوزير شمس الدين
@ محمد بن عثمان بن السلعوس كان صغيرا لما مات أبوه تحت العقوبة ثم نشأ في الخدم ثم طلبه السلطان في آخر وقت فولاه نظر الدواوين بمصر فباشره يوما واحدا وحضر بين يدي السلطان يوم الخميس ثم خرج من عنده وقد اضطرب حاله فما وصل إلى منزله إلا في محفة ومات بكرة يوم السبت سادس عشرين ذي القعدة وصلى عليه بجامع عمرو بن العاص ودفن عند والده بالقرافة وكانت جنازته حافلة
*3* جمال الدين أبو العباس
@ أحمد بن شرف الدين بن جمال الدين محمد بن أبي الفتح نصر الله بن أسد بن حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي ابن القلانسي قاضي العساكر ووكيل بيت المال ومدرس الامينية وغيرها حفظ التنبيه ثم المحرر للرافعي وكان يستحضره واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري وتقدم لطلب العلم والرئاسة وباشر جهات كبارا ودرس بأماكن وتفرد في وقته بالرياسة والبيت والمناصب الدينية والدنيوية وكان فيه تواضع وحسن سمت وتودد وإحسان وبر بأهل العلم والفقراء والصالحين وهو ممن أذن له في الافتاء وكتب إنشاء ذلك وأنا حاضر على البديهة فأفاد وأجاد وأحسن التعبير وعظم في عيني توفي يوم الاثنين ثامن عشرين ذي القعدة ودفن بتربتهم بالسفح وقد سمع الحديث على جماعة من المشايخ وخرج له فخر الدين البعلبكي مشخية سمعناها عليه رحمه الله
*2* ثم دخلت سنة اثنتي وثلاثين وسبعمائة
@ استهلت وحكام البلاد هم هم وفي أولها فتحت القيسارية التي كانت مسبك الفولاذ جواباب الصغير حولها ننكز قيسارية ببركة وفي يوم الاربعاء ذكر الدرس بالأمينية والظاهرية علاء الدين بن القلانسي عوضا عن أخيه جمال الدين وذكر ابن أخيه أمين الدين محمد بن جمال الدين الدرس في العصرونية تركها له عمه وحضر عندهما جماعة من الاعيان وفي تاسع المحرم جاء إلى حمص سيل عظيم غرق بسببه خلق كثير وجم غفير وهلك للناس أشياء كثيرة وممن مات فيه نحو مائتي امرأة بحمام النائب كن مجتمعات على عروس أو عروسين فهلكن جميعا
وفي صفر أمر تنكز ببياض الجدران المقابلة لسوق الخيل إلى باب الفراديس وأمر يتجديد خان الظاهر فغرم عليه نحوا من سبعين ألفا وفي هذا الشهر وصل تابوت لاجين الصغير من البيرة فدفن بتربته خارج باب شرقي وفي تاسع ربيع الآخر حضر الدرس بالقيمازية عماد الدين الطرسوسي الحنفي عوضا عن الشيخ رضي الدين المنطبقي توفي وحضر عنده القضاة والاعيان وفي أول ربيع الاخر خلع على الملك الافضل علي بن الملك المؤيد صاحب حماة وولاه السلطان الملك الناصر مكان أبيه بحكم وفاته وركب بمصر بالعصائب والسبابة والفاشية أمامه وفي نصف هذا الشهر سافر الشيخ شمس الدين الاصفهاني شارح المختصر ومدرس الرواحية إلى الديار المصرية على خيل البريد وفارق دمشق واهلها واستوطن القاهرة
وفي يوم الجمعة تاسع جمادي الاخرة خطب بالجامع الذي أنشأه الامير سيف الدين آل ملك واستقر فيه خطيبا نور الدين علي بن شبيب الحنبلي وفيه أرسل السلطان جماعة من الأمراء إلى الصعيد فأحاطوا على ستمائة رجل ممن كان يقطع الطريق فأتلف بعضهم وفي جمادي الآخرة تولى شد الدواوين بدمشق نور الدين ابن الخشاب عوضا عن الطرقشي وفي يوم الاربعاء حادي عشر رجب خلع على قاضي القضاة علاء الدين بن الشيخ زين الدين بن المنجا بقضاء الحنابلة عوضا عن شرف الدين بن الحافظ وقرئ تقليده بالجامع وحضر القضاة والأعيان وفي اليوم الثاني استناب برهان الدين الزرعي وفي رجب باشر شمس الدين موسى بن التاج إسحاق نظر الجيوش بمصر عوضا عن فخر الدين كاتب المماليك توفي وباشر النشو مكانه في نظر الخاص وخلع عليه بطرحة فلما كان في شعبان عزل هو وأخوه العلم ناظر الدواوين وصودروا وضربوا ضربا عظيما وتولى نظر الجيش المكين بن قروينة ونظر الدواوين أخوه شمس الدين بن قرونية
وفي شعبان كان عرس أنوك ويقال كان اسمه محمد بن السلطان الملك الناصر على بنت الامير سيف الدين بكتمر الساقي وكان جهازها بألف ألف دينار وذبح في هذا العرس من الاغنام والدجاج والاوز والخيل والبقر نحو من عشرين ألفا وحملت حولى بنحو ثمانية عشر ألف قنطار وحمل له من الشمع ثلاثة آلاف قنطار قاله الشيخ أبو بكر وكان هذا العرس ليلة الجمعة حادي عشر شعبان وفي شعبان هذا حول القاضي محي الدين بن فضل الله من كتابة السر بمصر إلى كتابة السر بالشام ونقل شرف بن شمس الدين بن الشهاب محمود إلى كتابة السر بمصر واقيمت الجمعة بالشامية البرانية في خامس عشر شعبان وحضرها القضاة والأمراء وخطب بها الشيخ زين الدين عبد النور المغربي وذلك باشارة الامير حسام الدين اليشمقدار الحاجب بالشام ثم خطب عنه كمال الدين بن الزكي وفيه
أمر نائب السلطنة بتبييض البيوت من سوق الخيل إلى ميدان الحصا ففعل ذلك وفيه زادت الفرات زيادة عظيمة لم يسمع بمثلها واستمرت نحوا من اثني عشر يوما فأتلفت بالرحبة أموالا كثيرة وكسرت الجسر الذي عند دير بسر وغلت الاسعار هناك فشرعوا في إصلاح الجسر ثم انكسر مرة ثانية
وفي يوم السبت تاسع شوال خرج الركب الشامي وأميره سيف الدين أوزان وقاضيه جمال الدين ابن الشريشي وهو قاضي حمص الان وحج السلطان في هذه السنة وصحبته قاضي القضاة القزويني وعز الدين بن جماعة وموفق الدين الحنبلي وسبعون أميرا وفي ليلة الخميس حادي عشرين شوال رسم على الصاحب عز الدين غبريال بالمدرسة النجيبية الجوانية وصودر وأخذت منه أموال كثيرة وأفرج عنه في المحرم من السنة الآتية وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* الشيخ عبدالرحمن بن أبي محمد بن محمد
@ ابن سلطان القرامذي أحد المشاهير بالعبادة والزهادة وملازمة الجامع الاموي وكثرة التلاوة والذكر وله أصحاب يجلسون اليه وله مع هذا ثروة وأملاك توفي في مستهل المحرم عن خمس اوست وثمانين سنة ودفن بباب الصغير وكان قد سمع الحديث واشتغل بالعلم ثم ترك ذلك واشتغل بالعبادة إلى أن مات
*3* الملك المؤيد صاحب حماة
@ عماد الدين إسماعيل بن الملك الافضل نور الدين علي بن الملك المظفر تقي الدين محمود بن الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب كانت له فضائل كثيرة في علوم متعددة من الفقه والهيئة والطب وغير ذلك وله مصنفات عديدة منها تاريخ حافل في مجلدين كبيرين وله نظم الحاوي وغير ذلك وكان يجب العلماء ويشاركهم في فنون كثيرة وكان من فضلاء بني أيوب ولي ملك حماة من سنة إحدى وعشرين إلى هذا الحين وكان الملك الناصر يكرمه ويعظمه وولي بعده ولده الافضل على توفي في سحر يوم الخميس ثامن عشرين المحرم ودفن ضحوة عند والديه بظاهر حماة
*3* القاضي الامام تاج الدين السعدي
@ تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي بن عوض بن سنان بن عبد الله السعدي الفقيه الشافعي سمع الكثير وخرج لنفسه معجما في ثلاث مجلدات وقرأ بنفسه الكثير وكتب الخط الجيد وكان متقنا عارفا بهذا الفن يقال إنه كتب بخطه نحوا من خمسمائة مجلدا وقد كان شافعيا مفتيا ومع هذا ناب في وقت عن القاضي الحنبلي وولى مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية وتوفي
بمصر في مستهل ربيع الاول عن ثنتين وثمانين سنة رحمه الله
*3* الشيخ رضي الدين بن سليمان
@ المنطقي الحنفي أصله من اب كرم من بلاد قونية واقام بحماة ثم بدمشق ودرس بالقيمازية وكان فاضلا في المنطق والجدل واشتغل عليه جماعة في ذلك وبلغ من العمر ستا وثمانين سنة وحج سبع مرات توفي ليلة الجمعة سادس عشرين ربيع الاول وصلى عليه بعد الصلاة ودفن بالصوفية وفي ربيع الاول توفي
*3* الامام علاء الدين طيبغا
@ ودفن بتربته بالصالحية وكذلك الامير سيف الدين زولاق ودفن بتربته أيضا
*3* قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد
@ عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبدالغني المقدسي الحنبلي ولد سنة ست وأربعين وستمائة وباشر نيابة ابن مسلم مدة ثم ولي القضاء في السنة الماضية ثم كانت وفاته فجأة في مستهل جمادي الاولى ليلة الخميس ودفن من الغد بتربة الشيخ أبي عمر
*3* الشيخ ياقوت الحبشي
@ الشاذلي الاسكندراني بلغ الثمانين وكان له اتباع وأصحاب منهم شمس الدين ابن اللبان الفقيه الشافعي وكان يعظمه ويطريه وينسب اليه مبالغات الله اعلم بصحتها وكذبها توفي في جماد وكانت جنازته حافلة جدا
*3* النقيب ناصح الدين
@ محمد بن عبد الرحيم بن قاسم بن إسماعيل الدمشقي نقيب المتعممين تتلمذ اولا للشهاب المقري ثم كان بعده في المحافل العزاء والهناء وكان يعرف هذا الفن جيدا وكان كثير الطلب من الناس ويطلبه الناس لذلك ومع هذامات وعليه ديون كثيرة توفي أواخر رجب
*3* القاضي فخر الدين كاتب المماليك
@ وهو محمد بن فضل الله ناظر الجيوش بمصر أصله قبطي فأسلم وحسن إسلامه وكانت له أوقاف كثيرة وبر وإحسان إلى أهل العلم وكان صدرا معظما حصل له من السلطان حظ وافر وقد جاوز السبعين وإليه تنسب الفخرية بالقدس الشريف توفي في نصف رجب واحتيط على أمواله وأملاكه بعد وفاته رحمه الله
*3* الامير سيف الدين الجاي الدويدآر الملكي الناصري
@ كان فقيها حنفيا فاضلا كتب بخطه ربعة وحصل كتبا كثيرة معتبرة وكان كثير الاحسان إلى أهل العلم توفي سلخ رجب رحمه الله
*3* الطبيب الماهر الحاذق الفاضل
@ امين الدين سليمان بن داود بن سليمان كان رئيس الاطباء بدمشق ومدرسهم مدة ثم عزل بجمال الدين بن الشهاب الكحال مدة قبل موته لأمر تعصب عليه فيه نائب السلطنة توفي يوم السبت سادس عشرين شوال ودفن بالقبيبات
*3* الشيخ الامام العالم المقري شيخ القراء
@ برهان الدين ابو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري ثم الخليلي الشافعي صاحب المصنفات الكثيرة في القراءات وغيرها ولد سنة أربعين وستمائة بقلعة جعبر واشتغل ببغداد ثم قدم دمشق واقام ببلد الخليل نحو اربعين سنة يقرئ الناس وشرح الشاطبية وسمع الحديث وكانت له إجازة من يوسف بن خليل الحافظ وصنف بالعربية والعروض والقراءات نظما ونثرا وكان من المشايخ المهشورين بالفضائل والرياسة والخير والديانة والعفة والصيانة توفي يوم الاحد خامس شهر رمضان ودفن ببلد الخليل تحت الزيتونة ولد ثنتان وتسعون سنة رحمه الله
*3* قاضي القضاة علم الدين
@ ابو عبد الله محمد بن القاضي شمس الدين ابي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمه الاخنابي السعدي المصري الشافعي الحاكم بدمشق وأعمالها كان عفيفا نزها ذكيا سار العبارة محبا للفضائل معظما لأهلها كثيرا الاسماع الحديث في العادلية الكبيرة توفي يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة ودفن بسفح قاسيون عند زوجته تجاه تربة العادل كتبغا من ناحية الجبل
*3* قطب الدين موسى
@ ابن أحمد بن الحسين بن شيخ السلامية ناظر الجيوش الشامية كانت له ثروة وأموال كثيرة وله فضائل وإفضال وكرم وإحسان إلى أهل الخير وكان مقصدا في المهمات توفي يوم الثلاثاء ثاني الحجة وقد جاوز السبعين ودفن بتربته تجاه الناصرية بقاسيون وهو والد الشيخ الامام العلامة عز الدين حمزة مدرس الحنبلية
*2* ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة
@ استهلت يوم الاربعاء والحاكم هم المذكورون في التي قبلها وليس للشافعي قاض وقاضي الحنفية عماد الدين الطرسوسي وقاضي المالكية شرف الدين الهمداني وقاضي الحنابلة علاء الدين ابن المنجا وكانب السر محيي الدين بن فضل الله وناظر الجامع عماد الدين بن الشيرازي
وفي ثاني المحرم قدم البشير بسلامة السلطان من الحجاز وباقتراب وصوله إلى البلاد فدقت البشائر وزينت البلد وأخبر البشير بوفاة الامير سيف الدين بكتمر الساقي وولده شهاب الدين احمد وهما راجعان في الطريق بعد أن حجا قريبا من مصر الوالد أولا ثم من بعده ابوه بثلاثة أيام بعيون القصب ثم نقلا إلى تربتهما بالقرافة ووجد لبكتمر من الاموال والجواهر واللالى والقماش والأمتعة والحواصل شيء كثير لا يكاد ينحصر ولا ينضبط وأفرج عن الصاحب شمس الدين غبريال في المحرم وطلب في صفر إلى مصر فتوجه على خيل البريد واحتيط على أهله بعد مسيره وأخذت منهم أموال كثيرة لبيت المال
وفي أواخر صفر قدم الصاحب امين الملك على نظر الدواوين بدمشق عوضا عن غبريال وبعده بأربعة أيام قدم القاضي فخر الدين بن الحلي على نظر الجيش بعد وفاة قطب الدين ابن شيخ السلامية وفي نصف ربيع الاول لبس ابن جملة خلعة القضاء للشافعية بدمشق بدار السعادة ثم جاء إلى الجامع وهي عليه وذهب إلى العادلية وقرىء تقليده بها بحضرة الأعيان ودرس بالعادلية والغزالية يوم الاربعاء ثاني عشر الشهر المذكور وفي يوم الاثنين رابع عشرينه حضر ابن أخيه جمال الدين محمود إعادة القيمرية نزل له عنها ثم استنابه بعد ذلك في المجلس وخرج إلى العادلية فحكم بها ثم لم يستمر بعد ذلك عزل عن النيابة بيومه واستناب بعده جمال الدين إبراهيم بن شمس الدين محمد بن يوسف الحسباني وله همة وعنده نزاهة وخبرة بالأحكام
وفي ربيع الاول ولى شهاب قرطاي نيابة طرابلس وعزل عنها طبلان إلى نيابة غزة وتولى نائب غزة حمص وحصل للذي جاء بتقاليدهم مائة ألف درهم منهم وفي ربيع الأخر أعيد القاضي محيي الدين بن فضل الله وولده الى كتابة سر مصر ورجع شرف الدين ابن الشهاب محمود الى كتابة سر الشام كما كان وفي منتصف هذا الشهر ولي نقابة الاشراف عماد الدين موسى الحسيني عوضا عن أخيه شرف الدين عدنان توفي في الشهر الماضي ودفن بتربتهم عند مسجد الدبان وفيه درس الفخر المصري بالدولعية عوضا عن ابن جملة بحكم ولايته القضاء وفي خامس عشرين رجب درس بالبادرائية القاضي علاء الدين علي بن شريف ويعرف بابن الوحيد عوضا عن ابن جهبل توفي في الشهر الماضي وحضر عنده القضاة والاعيان وكنت إذ ذاك بالقدس أنا والشيخ شمس الدين ابن عبد الهادي وآخرون وفيه رسم السلطان الملك الناصر بالمنع من رمى البندق وان لا تباع قسيها ولا تعمل وذلك لافساد رماة البندق أولاد الناس وأن الغالب على من تعاناه اللواط والفسق وقلة الدين ونودي بذلك في البلاد المصرية والشامية
قال البرزالي وفي نصف شعبان أمر السلطان بتسليم المنحمين إلى والي القاهرة فضربوا وحبسوا لافسادهم حال النساء فمات منهم أربعة تحت العقوبة ثلاثة من المسلمين ونصراني وكتب إلى بذلك الشيخ أبو بكر الرحبي وفي أول رمضان وصل البريد بتولية الامير فخر الدين ابن الشمس لؤلؤ ولاية البر بدمشق بعد وفاة شهاب الدين بن المرواني ووصل كتاب من مكة إلى دمشق في رمضان يذكر فيه أنها وقعت صواعق ببلاد الحجاز فقتلت جماعة متفرقين في أماكن شتى وأمطار كثيرة جدا وجاء البريد في رابع رمضان بتولية القاضي محيي الدين بن جميل قضاء طرابلس فذهب اليها ودرس ابن المجد عبد الله بالرواحية عوضا عن الاصبهاني بحكم إقامته بمصر وفي آخر رمضان أفرج عن الصاحب علاء الدين وأخيه شمس الدين موسى بن التاج إسحاق بعد سجنهما سنة ونصفا
وخرج الركب الشامي يوم الخميس عاشر شوال وأميره بدر الدين بن معبد وقاضيه علاء الدين ابن منصور مدرس الحنفية بالقدس بمدرسة تنكز وفي الحجاج صدر الدين المالكي وشهاب الدين الظهيري ومحيي الدين ابن الاعقف وآخرون وفي يوم الاحد ثالث عشرة درس بالاتابكية ابن جملة عوضا عن ابن جميل تولى قضاء طرابلس وفي يوم الاحد عشرينه حكم القاضي شمس الدين محمد بن كامل التدرمي الذي كان في خطابه الخليل بدمشق نيابة عن ابن جملة وفرح الناس بدينه وفضيلته
وفي ذي القعدة مسك تنكز دواداره ناصر الدين محمد وكان عنده بمكانة عظيمة جدأن وضربه بين يديه ضربا مبرحا واستخلص منه أموالا كثيرة ثم حبسه بالقلعة ثم نفاه إلى القدس وضرب جماعة من أصحابه منهم علاء الدين بن مقلد حاجب العرب وقطع لسانه مرتين ومات وتغيرت الدولة وجاءت دولة أخر مقدمها عنده حمزة الذي كان سميره وعشيره في هذه المدة الأخيرة وانزاحت النعمة عن الدوادار ناصر الدين وذويه ومن يليه وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي القعدة ركب على الكعبة باب حديد أرسله السلطان مرصعا من السبط الاحمر كأنه آبنوس مركب عليه صفائح من فضة زنتها خمسة وثلاثون ألفا وثلثمائة وكسر وقلع الباب العتيق وهو من خشب الساج وعليه صفائح تسلمها بنو شيبة وكان زنتها ستين رطلا فباعوها كل درهم بدرهمين لأجل التبرك وهذا خطأ وهو ربا وكان ينبغي ان يبعوها بالذهب لئلا يحصل ربا بذلك وترك خشب الباب العتيق داخل الكعبة وعليه اسم صاحب اليمن في الفردتين واحدة عليها الله يا ولي يا علي اغفر ليوسف بن عمر بن علي وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* الشيخ العالم تقي الدين محمود علي
@ ابن محمود بن مقبل الدقوقي أبو الثناء البغدادي محدث بغداد منذ خمسين سنة يقرأ لهم الحديث وقد ولى مشيخة الحديث بالمستنصرية وكان ضابطا محصلا بارعا وكان يعظ ويتكلم في الأعزية والأهنية وكان فردا في زمانه وبلاده رحمه الله توفي في المحرم وله قريب السبعين سنة وشهد جنازته خلق كثير ودفن بتربة الامام أحمد ولم يخلف درهما واحدا وله قصيدتان رثا بهما الشيخ تقي الدين ابن تيمية كتب بهما إلى الشيخ الحافظ البرزالي رحمه الله تعالى
*3* الشيخ الامام العالم عز القضاة
@ فخر الدين أبو محمد عبد الواحد بن منصور بن محمد بن المنير المالكي الاسكندري أحد الفضلاء المشهورين له تفسير في ست مجلدات وقصائد في رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنة وله في كان وكان وقد سمع الكثير وروى توفي في جماد الاولى عن ثنتين وثمانين سنة ودفن بالاسكندرية رحمه الله
*3* ابن جماعة قاضي القضاة
@ العالم شيخ الاسلام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الامام الزاهد أبي إسحاق إبراهيم ابن سعد الله ابن جماعة بن حازم بن صخر الكناني الحموي الاصل ولد ليلة السبت رابع ربيع الاخر سنة تسع وثلاثين وستمائة بحماة وسمع الحديث واشتغل بالعلم وحصل علوما متعددة وتقدم وساد أقرانه وباشر تدريس القيمرية ثم ولى الحكم والخطابة بالقدس الشريف ثم نقل منه إلى قضاء مصر في الأيام الاشرفية ثم باشر تداريس كباربها في ذلك الوقت ثم ولى قضاء الشام وجمع له معه الخطابة مشيخة الشيوخ وتدريس العادلية وغيرها مدة طويلة كل هذا مع الرياسة والديانة والصيانة والورع وكف الاذى وله التصانيف الفائقة النافعة وجمع له خطب كان يخطب بها في طيب صوت فيها وفي قراءته في المحراب وغيره ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية بعد وفاة الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد فلم يزل حاكما بها إلى أن أضر وكبر وضعفت أحواله فاستقال فأقيل وتولي مكانه القزويني وبقيت معه بعض الجهات ورتبت له الرواتب الكثيرة الدارة إلى أن توفي ليلة الاثنين بعد عشاء الآخرة حادي عشرين جمادي الاولى وقد اكمل أربعا وتسعين سنة وشهرا واياما وصلى عليه من الغد قبل الظهر بالجامع الناصري بمصر ودفن بالقرافة وكانت جنازته حافلة هائلة رحمه الله
*3* الشيخ الامام الفاضل مفتي المسلمين
@ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محيي الدين يحيى بن تاج الدين بن إسماعيل بن طاهر بن نصر الله بن جهبل الحلبي الأصل ثم الدمشقي الشافعي كان من أعيان الفقهاء ولد سنة سبعين وستمائة واشتغل بالعلم ولزم المشايخ ولازم الشيخ الصدر بن الوكيل ودرس بالصلاحية بالقدس ثم تركها وتحول إلى دمشق فباشر مشيخة دار الحديث الظاهرية مدة ثم ولى مشيخة البادرائية فترك الظاهرية وأقام بتدريس البادرائية إلى أن مات ولم يأخذ معلوما من واحدة منهما توفي يوم الخميس بعدا لعصر تاسع جمادي الآخرة وصلى عليه بعدالصلاة ودفن بالصوفية وكانت جنازته حافلة
*3* تاج الدين عبد الرحمن بن أيوب
@ مغسل الموتى في سنة ستين وستمائة يقال إنه غسل ستين ألف ميت وتوفي في رجب وقد جاوز الثمانين
*3* الشيخ فخر الدين أبو محمد
@ عبد الله بن محمد بن عبدالعظيم ابن السقطي الشافعي كان مباشرا شهادة الخزانة وناب في الحكم عند باب النصر ودفن بالقرافة
*3* الامام الفاضل مجموع الفضائل
@ شهاب الدين ابو العباس أحمد بن عبدالوهاب البكري نسبة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان لطيف المعاني ناسخا مطيقا يكتب في اليوم ثلاث كراريس وكتب البخاري ثماني مرات ويقابله ويجلده ويبيع النسخة من ذلك بألف ونحوه وقد جمع تاريخا في ثلاثين مجلدا وكان ينسخه ويبيعه أيضا بأزيد من الف وذكر أن له كتابا سماه منتهى الأرب في علم الادب في ثلاثين مجلدا أيضا وبالجملة كان نادرا في وقته توفي يوم الجمعة عشرين رمضان رحمه الله
*3* الشيخ الصالح الزاهد الناسك
@ الكثير الحج علي بن الحسن بن أحمد الواسطي المشهور بالخير والصلاح وكثرة العبادة والتلاوة والحج يقال إنه حج أزيد من أربعين حجة وكانت عليه مهابة ولديه فضيلة توفي وهو محرم يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي القعدة وقد قارب الثمانين رحمه الله
*3* الامير عز الدين إبراهيم بن عبد الرحمن
@ ابن أحمد بن القواس كان مباشرا الشد في بعض الجهات السلطانية وله دار حسنة بالعقبية الصغيرة فلما جاءت الوفاة أوصى ان تجعل مدرسة ووقف عليها أوقافا وجعل تدريسها للشيخ عماد الدين الكردي الشافعي توفي يوم الاربعاء عشرين الحجة
*2* ثم دخلت سنة اربع وثلاثين وسبعمائة
@ استهلت بيوم الاحد وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها وفي يوم الجمعة ثاني ربيع الاول أقيمت الجمعة بالخاتونية البرانية وخطب بها شمس الدين النجار المؤذن المؤقت بالاموي وترك خطابة جامع القابون وفي مستهل هذا الشهر سافر الامير شمس الدين محمد التدمري إلى القدس حاكما به وعزل عن نايبة الحكم بدمشق وفي ثالثه قدم من مصر زين الدين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة بخطابة القدس فخلع عليه من دمشق ثم سافر إليها وفي آخر ربيع الاول باشر الامير ناصر الدين بن بكتاش الحسامي شد الاوقاف عوضا عن شرف الدين محمود بن الخطيري سافر بأهله إلى مصر أميرا نيابة بها عن أخيه بدر الدين مسعود وعزل القاضي علاء الدين ابن القلانسي وسائر الدواوين والمباشرين الذين في باب ملك الامراء تنكز وصودروا بمائتي ألف درهم واستدعى من غزة ناظرها جمال الدين يوسف صهر السني المستوفي فباشر نظر ديوان النائب ونظر المارستان النوري ايضا على العادة
وفي شهر ربيع الاول أمر تنكز باصلاح باب توما فشرع فيه فرفع بابه عشرة أذرع وجددت حجارته وحديده في أسرع وقت وفي هذا القوت حصل بدمشق سيل خرب بعض الجدران ثم تناقص وفي أوائل ربيع الاخر قدم من مصر جمال الدين آقوش نائب الكرك مجتازا إلى طرابلس نائبها عوضا عن قرطا توفي وفي جمادي الأولى طلب القاضي شهاب الدين ابن المجد عبد الله إلى دار السعادة فولى وكلة بيت المال عوضا عن ابن القلانسي ووصل تقليده من مصر بذلك وهنأه الناس وفيه طلب الامير نجم الدين ابن الزيبق من ولاية نابلس فولى شد الدواوين بدمشق وقد شغر منصبه شهورا بعد ابن الخشاب وفي رمضان خطب الشيخ بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالقدس عوضا عن زين الدين ابن جماعة لاعراضه عنها واختياره العود إلى بلده
*3* قضية القاضي ابن جملة
@ لما كان في العشر الاخير من رمضان وقع بين القاضي ابن جملة وبين الشيخ الظهير شيخ ملك الامراء وكان هو السفير في تولية ابن جملة القضاء فوقع بينهما منافسة ومحاققة في أمور كانت بينه وبين الدوادار المتقدم ذكره ناصر الدين فحلف كل واحد منهما على خلاف ما حلف به الاخر عليه وتفاصلا من دار السعادة في المسجد فلما رجع القاضي إلى منزله بالعادلية أرسل إليه الشيخ الظهير ليحكم فيه بما فيه المصلحة وذلك عن مرسوم النائب وكأنه كان خديعة في الباطن وإظهارا لنصرة القاضي عليه في الظاهر فبدر به القاضي بادي الرأي فعزره بين يديه ثم خرج من عنده فتسلمه أعوان ابن جملة فطافوا به البلد على حمار يوم الاربعاء سابع عشرين رمضان وضربوه ضربا عنيفا ونادوا عليه هذا جزاء من يكذب ويفتات على الشرع فتألم الناس له لكونه في الصيام وفي العشر الاخير من رمضان ويوم سبع وعشرين وهو شيخ كبير صائم فيقال إنه ضرب يومئذ ألفين ومائة وإحدى وسبعين درة والله اعلم فما أمسى حتى استفتى على القاضي المذكور وداروا على المشايخ بسبب ذلك عن مرسوم النائب فلم كان يوم تاسع عشرين رمضان عقد نائب السلطنة بين يديه بدار السعادة مجلسا حافلا بالقضاة وأعيان المفتيين من سائر المذاهب وأحضر ابن جملة قاضي الشافعية والمجلس قد احتف بأهله ولم يأذنوا لابن جملة في الجلوس بل قام قائما ثم أجلس بعد ساعة جيدة في طرف الحلقة إلى جانب المحفة التي فيها الشيخ الظهير وادعى عليه عند بقية القضاة أنه حكم فيه لنفسه واعتدى عليه في القعوبة وأفاض الحاضرون في ذلك وانتشر الكلام وفهموا من نفس النائب الحط على ابن جملة والميل عنه بعد أن كان اليه فما انفصل المجلس حتى حكم القاضي شرف الدين المالكي بفسقه وعزله وسجنه فانفض المجلس على ذلك ورسم على ابن جملة بالعذراوية ثم نقل إلى القلعة جزاء وفاقا والحمد له وحده وكان له في القضاء سنة ونصف إلا أياما وكان يباشر الاحكام جيدا وكذا الاوقاف المتعلقة به وفيه نزاهة وتمييز الاوقاف بين الفقهاء والفقراء وفيه صرامة وشهامة وإقدام لكنه اخطأ في هذه الواقعة وتعدى فيها فآل امره إلى هذا
وخرج الركب يوم الاثنين عاشر شوال وأميره الجي بغا وقاضيه مجد الدين ابن حيان المصري
وفي يوم الاثنين رابع عشرينه درس بالاقبالية الحنفية نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي عوضا عن شمس الدين محمد بن عثمان بن محمد الأصبهاني ابن العجمي الحبطي ويعرف بابن الحنبلي وكان فاضلا دينا متقشفا كثير الوسوسة في الماء جدا وأما المدرس مكانه وهو نجم الدين بن الحنفي فإنه ابن خمس عشرة سنة وهو في النباهة والفهم وحسن الاشتغال والشكل والوقار بحيث غبط الحاضرون كلهم أباه على ذلك ولهذا آل أمره أن تولى قضاء القضاة في حاية ابيه نزل له عنه وحمدت سيرته وأحكامه
وفي هذا الشهر أثبت محضر في حق الصاحب شمس الدين غبريال المتوفي هذه السنة أنه كان يشتري أملاكا من بيت المال ويوقفها ويتصرف فيها تصرف الملاك لنفسه وشهد بذلك كمال الدين الشيرازي وابن أخيه عماد الدين وعلاء الدين القلانسي وابن خاله عماد الدين القلانسي وعز الدين ابن المنجا وتقي الدين ابن مراجل وكمال الدين بن الغويرة وأثبت على القاضي برهان الدين الزرعي الحنبلي ونفذه بقية القضاة وامتنع المحتسب عز الدين ابن القلانسي من الشهادة فرسم عليه بالعذراوية قريبا من شهر ثم أفرج عنه وعزل عن الحسبة واستمر على نظر الخزانة
وفي يوم الاحد ثامن عشرين ذي القعدة حملت خلعة القضاء إلى الشيخ شهاب الدين ابن المجد وكيل بيت المال يومئذ فلبسها وركب إلى دار السعادة وقرئ تقليده بحضرة نائب السلطنة والقضاة ثم رجع إلى مدرسته الاقبالية فقرئ بها أيضا وحكم بين خصمين وكتب على أوراق السائلين ودرس بالعادلية والغزالية والاتابكيتين مع تدريس الاقبالية عوضا عن ابن جملة وفي يوم الجمعة حضر الامير حسام الدين مهنا بن عيسى وفي صحبته صاحب حماة الافضل فتلقاهما تنكز وأكرمهما وصليا الجمعة عند النائب ثم توجها إلى مصر فتلقاهما أعيان الأمراء وأكرم السلطان مهنا بن عسى وأطلق له أموالا جزيلة كثيرة من الذهب والفضة والقماش واقطعه عدى قرى ورسم له بالعود إلى أهله ففرح الناس بذلك قالوا وكان جميع ما أنعم به عليه السلطان قيمة مائة ألف دينار وخلع عليه وعلى أصحابه مائة وسبعين خلعة
وفي يوم الاحد سادس الحجة حضر درس الرواحية الفخر المصري عوضا عن قاضي القضاة
ابن المجد وحضر عنده القضاة الاربعة وأعيان الفضلاء وفي يوم عرفة خلع على نجم الدين بن أبي الطيب بوكالة بيت المال عوضا عن ابن المجد وعلى عماد الدين ابن الشيرازي بالحسبة عوضا عن عز الدين ابن القلانسي وخرج الثلاثة من دار السعادة بالطرحات وممن توفي فيها من الأعيان :
*3* الشيخ الاجل التاجر بدر الدين
@ بدر الدين لؤلؤ بن عبد الله عتيق النقيب شجاع الدين إدريس وكان رجلا حسنا ينجر ! في الجوخ مات فجأة عصر يوم الخميس خامس محرم وخلف أولادا وثروة ودفن بباب الصغير وله بر وصدقة ومعروف وسبع بمسجد ابن هشام
*3* الصدر أمين الدين
@ محمد بن فخر الدين أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف
ابن أبي العيش الانصاري الدمشقي باني المسجد المشهور بالزبوة على حافة بردى والطهارة والحجارة إلى جانبه والسوق الذي هناك وله بجامع النيرب ميعاد ولد سنة ثمان وخسمين وستمائة وسمع البخاري وحدث به وكان من أكابر التجار ذوي اليسار توفي بكرة الجمعة سادس المحرم ودفن بتربته بقاسيون رحمه الله
*3* الخطيب الامام العالم
@ عماد الدين أبو حفص عمر الخطيب ظهير الدين عبدالرحيم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر ابن عبد الله بن الحسن القرشي الزهري النابلسي خطيب القدس وقاضي نابلس مدة طويلة ثم جمع له بين خطابة القدس وقضائها وله اشتغال وفي فضيلة وشرح صحيح مسلم في مجلدات وكان سريع الحفظ سريع الكتابة توفي ليلة الثلاثاء عاشر المحرم ودفن بماملا رحمه الله
*3* الصدر شمس الدين
@ محمد بن إسماعيل بن حماد التاجر بقيسارية الشرب كتب المنسوب وانتفع به الناس وولى التجار لأمانته وديانته وكانت له معرفة ومطالعة في الكتب توفي تاسع صفر عن نحو ستين سنة ودفن بقاسيون رحمه الله
*3* جمال الدين قاضي القضاة الزرعي
@ هو ابو الربيع سليمان ابن الخطيب مجد الدين عمر بن سالم بن عمر بن عثمان الأذرعي الشافعي ولد سنة خمس وأربعين وستمائة بأذرعات وشاتغل بدمشق فحصل وناب في الحكم بزرع مدة فعرف بالزرعي لذلك وإنما هو من أذرعات واصله من بلاد المغرب ثم ناب بدمشق ثم انتقل إلى مصر فناب في الحكم بها ثم استقل بولاية القضاء بها نحوا من سنة ولي قضاء الشام مدة مع مشيخة الشيوخ نحوا من سنة ثم عزل وبقي على مشيخة الشيوخ نحوا من سنة مع تدريس الاتابكية ثم تحول إلى مصر فولى بها التدريس وقضاء العسكر ثم توفي بها يوم الاحد سادس صفر وقد قارب السبعين رحمه الله وقد خرج له البرزالي مشيخة سمعناها عليه وهو بدمشق عن اثنين وعشرين شيخا
*3* الشيخ الامام العالم الزاهد
@ زين الدين أبو محمد عبد الرحمن بن محمود بن عبيدان البعلبكي الحنبلي أحد فضلاء الحنابلة ومن صنف في الحديث والفقه والتصوف وأعمال القلوب وغير ذلك كان فاضلا له أعمال كثيرة وقد وقعت له كائنة في أيام الظاهر أنه أصيب في عقله أو زوال فكره أو قد عمل على الرياضة فاحترق باطنه من الجوع فرأى خيالات لا حقيقة لها فاعتقد أنها أمر خارجي وإنما هو خيال فكري فاسد وكانت وفاته في نصف صفر ببعلبك ودفن بباب سطحا ولم يكمل الستين وصلى عليه بدمشق صلاة الغائب وعلى القاضي الزرعي معا
*3* الأمير شهاب الدين
@ نائب طرابلس له أوقاف وصدقات وبر وصلات توفي بطرابلس يوم الجمعة ثامن عشر صفر ودفن هناك رحمه الله
*3* الشيخ عبد الله بن يوسف بن أبي بكر الاسعردي الموقت
@ كان فاضلا في صناعة الميقات وعلم الاصطرلاب وما جرى مجراه بارعا في ذلك غير أنه لا ينفع به لسوء أخلاقه وشراستها ثم إنه ضعف بصره فسقط من قيسارية بحسى عشية السبت عاشر ربيع الاول ودفن بباب الصغير
*3* الامير سيف الدين بلبان
@ طرفا بن عبد الله الناصري كان من المقدمين بدمشق وجرت له فصلو يطول ذكرها ثم توفي بداره عند مأذنة فيروز ليلة الاربعاء حادي عشرين ربيع الاول ودفن بتربة اتخذها إلى جانب داره ووقف عليها مقرئين وبنى عندها مسجدا بأمام ومؤذن
*3* شمس الدين محمد بن محمد بن قاضي حران
@ ناظر الاوقاف بدمشق مات الليلة التي مات فيها الذي قبله ودفن بقاسيون وتولى مكانه عماد الدين الشيرازي
*3* الشيخ الامام ذو الفنون
@ تاج الدين ابو حفص عمر بن علي بن سالم بن عبد الله اللخمي الاسكندراني المعروف بابن الفاكهاني ولد سنة أربع وخسمين وستمائة وسمع الحديث واشتغل بالفقه على مذهب مالك وبرع وتقدم بمعرفة النحو وغيره وله مصنفات في أشياء متفرقة قدم دمشق في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة في أيام الاخنائي فأنزله في دار السعادة وسمعنا عليه ومعه وحج من دمشق عامئذ وسمع عليه في الطريق ورجع إلى بلاده توفي ليلة الجمعة سابع جمادي الاولى وصلى عليه بدمشق حين بلغهم خبر موته
*3* الشيخ الصالح العابد الناسك ايمن
@ امين الدين ايمن بن محمد وكان يذكر أن اسمه محمد بن محمد إلى سبع عشر نفسا كلهم اسمه محمد وقد جاور بالمدينة مدة سنين إلى أن توفي ليلة الخميس ثامن ربيع الاول ودفن بالبقيع وصلى عليها بدمشق صلاة الغائب


التوقيع :


اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عدد مااحاط به علمك
وخط به قلمك واحصاه كتابك
وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين





رد مع اقتباس