عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2010, 02:49 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: معارك الحجاب.. وصعود نجم الحشمة


الحلقة الثانية

بعــد 11 سبتمــبر.. أغطيـــة الرأس تفضـي للكراهيــة


بقيت فرنسا في بؤرة الدول الغربية التي شهدت صراعات الحجاب على امتداد أوروبا، على رغم أن هناك عدداً من الدول الأوروبية التي أخذت فيها هذه الحوادث الخاصة بالعاملات في القطاع العام أو الطالبات في المدارس العامة، ولكنها لم تكن بالحدة ذاتها التي كانت في فرنسا، فللقرب الجغرافي الفرنسي، والارتباطات العربية الإسلامية بفرنسا عموماً، أضحت فرنسا أكثر الدول وضوحاً في موقفها من الحجاب الإسلامي، الذي مدّته - تالياً - إلى كل الرموز الدينية الواضحة بحسب ما جاء في القانون الصادر في العام .2004 قبلها بعام، تزامنت قصة الطالبتين ليلى ولمعى مع إقرار محكمة ألمانية في 23 سبتمبر/أيلول 2003 بحق إحدى المعلمات المسلمات من أصل أفغاني في مدرسة حكومية، بلبس الحجاب بعد أن منعت من ذلك في فترة قبلها. وكانت الفرنسية الجزائرية الأصل دليلة طاهري (34 عاماً) قد فصلت من شركة ‘’إس. آر تيلي بيرفورمانس’’ للهواتف في يوليو/تموز ,2002 وعادت في ديسمبر/كانون الأول بحكم قضائي، وفي جعبتها تعويض بألف يورو، عوضاً عن الفصل التعسفي، كما جاء في منطوق الحكم.

كانت طاهري قد رفضت كشف شعرها ورقبتها بأمر من رئيسها، ورفضت وصفه بأن الحجاب يقلل من شأن المرأة. قالت في مقابلة معها للتلفزيون الفرنسي بعد الجلسة ‘’بالنسبة لي، المرأة والرجل متساويان، ويجب أن تتمكن المرأة من العمل وتشارك في المجتمع الذي تعيش فيه’’.

حينها، رأى مراقبون أن هذه القضية أتت في سياق محاولة الدولة العلمانية - التي تقطنها غالبية كاثوليكية - تحسين العلاقات مع خمسة ملايين مسلم من سكانها. وقال تينو غرومباش محامي طاهري ‘’إن هذا يثير تساؤلات عما إذا كان ذلك مؤشراً على تحول في المناخ العام للشركة التي سمحت بالحجاب ثم غيرت رأيها بعد 11 سبتمبر/أيلول’’.

ألمانيا في ظل التناقضات
لكن هذا لا يعني أن ألمانيا متسامحة مع الحجاب، أو أن فرنسا وحدها التي لها رأي مناهض له. ففي ألمانيا يدور جدل كثيف في هذه القصة أيضاً، وربما دخول النائبة إلى البرلمان الألماني والمنتمية لحزب الخضر إكين ديليغوز، وهي من أصول تركية في هذا الأمر في مسألة مناهضة الحجاب، قد استوجب عليها غضب الجمعيات الإسلامية في ألمانيا، وقيل إنها تلقت تهديدات بالتصفية الجسدية من قبل المتشددين إن هي بقيت على موقفها المناهض لارتداء المسلمات الحجاب، فيما نفت النائبة الألمانية الاتهامات بسعيها لإثارة الجدل في هذا الموضوع من أجل لفت نظر الرأي العام العالمي لها وتعزيز شعبيتها.

ديليغوز لها رأي يقول إن الحجاب رمز لقمع المرأة ونوع من الوصاية الرجالية عليها، وسبق لها أن قالت للمحطة التلفزيونية الألمانية الأولى (ARD) إن النقاش المثار بشأن الحجاب هو نقاش بمنتهى الموضوعية ولا يحمل معاني التحريض أو الإهانة. وفي هذا الإطار دعت للحرص على عدم اصطدام الحرية الدينية للفرد مع حريته في التعبير عن رأيه. وقالت إنه على رغم التهديدات بالقتل التي تلقتها من مجهولين، فإنها ليست خائفة، لأنها تدافع عن شيء ثمين، ‘’إنها الحرية’’.

وكما كان متوقعاً، فقد حظيت النائبة المسلمة المناهضة للحجاب بتأييد عارم في ألمانيا خصوصاً بعدما سرت أخبار التهديدات الموجهة إليها، ومن جملة من ناصروها أيضاً المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الذي قال عضوه منير عزاوي، إنه يقف إلى جانب ديليغوز، معرباً - في الوقت نفسه - عن تشبثه بضرورة احترام حرية التعبير في ألمانيا، لأنها تعد أمرا بديهيا. غير أن المجلس حرص - على رغم تعاطفه مع النائبة البرلمانية - على توضيح موقفه المعارض لدعوتها النساء المسلمات في ألمانيا إلى خلع الحجاب.

تصريحات النائبة البرلمانية وردود الفعل التي أتت على خلفيتها، أحييا الجدل مجددا في ألمانيا بشأن التسامح والرموز الدينية ومعايير حرية المرأة في المجتمع الألماني. عدد من مسلمي ألمانيا وأوروبا عامة يُبدون تحفظاتهم تجاه هذا الجدل ويعتبرون محاولات منع الحجاب تمييزا ضدهم ووليد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وتحاول بعض الفتيات المسلمات التأكيد أن ارتداءهن الحجاب لم يأت نتيجة ضغوط أو قمع يتعرضن له.

وتؤكد إحدى الفتيات المسلمات من مدينة برلين في هذا الصدد أنها مرت بعدة فترات في حياتها كانت ترتدي خلالها الحجاب وتخلت عن ارتدائه في فترات أخرى، غير أنها ترتديه اليوم عن قناعة ذاتية وبمحض إرادتها لأسباب عقائدية. أما بالنسبة إلى فتاة مسلمة أخرى فلا يتعدى الحجاب بالنسبة إليها كونه رمزاً دينياً، فهو يمثل جزءاً من الحرية ويخول لها حرية التحرك دون إزعاج خارج دائرة المحيط الأسري. ونفت تلك الأحكام المسبقة التي تدعي أن المرأة المسلمة لا تواكب موضة العصر، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من الفتيات المسلمات في أوروبا يرتدين آخر ما أنتجته دور الأزياء المشهورة. إلا أن هناك مؤشرات ليست بالقليلة على أن ارتداء هذه المناديل على الرؤوس ليس مرغوباً به في القارة الأوروبية تحديداً، وليس هناك كبير تسامح كما كان الوضع من قبل، فقد انهارت الكثير من الحُجُب بانهيار برجي التجارة العالميين في الولايات المتحدة، ولم يتوقف رد الفعل حينها على تدمير ‘’القاعدة’’ وتشتيت طالبان في أفغانستان، وتطويق العراق من كل نواحيه، فقد امتدت النظرة إلى أوروبا أيضاً.

العلمانية والنظرة العربية الإسلامية الغربية للحجاب

كلما احتدم الجدل في مسألة الحجاب في الدول الغربية ثارت الحجج نفسها تقريباً بين الطرفين، فالطرف الآخذ برأي العلمانية كما تؤمن بها فرنسا يردد الأمثلة الفرنسية ومنطلقاتها، إذ تقول الحكومة الفرنسية إن الغرض من القانون المانع للبس أي رمز واضح لأية ديانة في المدارس هو الالتزام بمبدأ العلمانية داخل المؤسسات التعليمية، المبدأ الذي يعني هنا حياد المدرسة وعدم السماح فيها بالدعاية لأي دين كيفما كان. ويرد المعارضون، من الجاليات العربية والإسلامية في فرنسا، أن هذا القانون يتناقض مع مبدأ آخر في العلمانية وهو الحرية الشخصية، وهي جانب أساسي في الحقوق الديمقراطية التي تكفلها الدولة العلمانية، ما دامت الحرية الشخصية لا يترتب عنها ضرر ما بالمجتمع ولا بالأفراد.

ولبس الحجاب من هذا القبيل، وإذن، فمنع الحجاب في المدارس بدعوى احترام مبدأ العلمانية تدبير يتناقض مع العلمانية ذاتها، مع أسسها ومبادئها. ومعنى ذلك أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء الرغبة في منع الفتيات المسلمات من لبس الحجاب في المدارس شيء آخر غير الحرص على تطبيق مبادئ العلمانية. [1].

هذه المبادئ التي بدأت في الغرب في منتصف القرن السابع عشر، انتقلت متأخرة - كالعادة - فلقيت تفسيرات مختلفة في القرن العشرين تفاوتت بين المقترب منها والمبتعد، والقابل بها والنافر منها، حتى باتت العلمانية وصمة عار أحياناً لمن يدّعيها أو تلقى عليه، ومنهم من يفاخر ويعتز بوصفه علمانيا، وما ذاك إلا لاختلاف المفاهيم بشأن المصطلح نفسه. إذ يرفض المفكر المغربي محمد عابد الجابري تعريف مصطلح العلمانية باعتباره فقط فصل الكنيسة عن الدولة، لعدم ملاءمته للواقع العربي الإسلامي، ويرى استبداله بفكرة الديمقراطية ‘’حفظ حقوق الأفراد والجماعات’’، والعقلانية ‘’الممارسة السياسية الرشيدة’’.

في حين يرى الباحث المصري وحيد عبدالمجيد أن العلمانية (في الغرب) ليست أيديولوجية (منهج عمل) وإنما مجرد موقف جزئي يتعلق بالمجالات غير المرتبطة بالشؤون الدينية. ويميز عبدالمجيد بين ‘’العلمانية اللادينية’’ - التي تنفي الدين لصالح سلطان العقل- وبين ‘’العلمانية’’ التي نحت منحى وسيطاً، حيث فصلت بين مؤسسات الكنيسة ومؤسسات الدولة مع الحفاظ على حرية الكنائس والمؤسسات الدينية في ممارسة أنشطتها. وفي المنتصف يجيء أستاذ الفلسفة فؤاد زكريا الذي يصف العلمانية بأنها الدعوة إلى الفصل بين الدين و السياسة، ملتزماً بالصمت إزاء مجالات الحياة الأخرى (الاقتصاد والأدب). وفي ذات الوقت يرفض سيطرة الفكر المادي النفعي، ويضع مقابل المادية ‘’القيم الإنسانية والمعنوية’’، حيث يعتبر أن هناك محركات أخرى للإنسان غير الرؤية المادية.

ويقف مراد وهبة - أستاذ الفلسفة- و كذلك الكاتب السوري هاشم صالح إلى جانب ‘’العلمانية الشاملة’’ التي يتحرر فيها الفرد من قيود المطلق والغيبيّ وتبقى الصورة العقلانية المطلقة لسلوك الفرد، مرتكزاً على العلم والتجربة المادية.

ويتأرجح المفكّر البارز صاحب نظرية اليسار الإسلامي حسن حنفي، بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ويرى أن العلمانية هي ‘’فصل الكنيسة عن الدولة’’ كنتاج للتجربة التاريخية الغربية. ويعتبر حنفي العلمانية - في مناسبات أخرى- رؤية كاملة للكون تغطي كل مجالات الحياة وتزود الإنسان بمنظومة قيمية ومرجعية شاملة، مما يعطيها قابلية للتطبيق على مستوى العالم.

الفاصل الحاد لما قبل الحادي عشر وما بعده

بنوع من التردد والتهيّب، أقيم في شهر فبراير/شباط 2003 في مدينة والسال (وهي مدينة تفخر بإنتاج السلع الجلدية وتقع بالقرب من بيرمنجهام) أول موقع لمعرض متنقل مقدم من ‘’إينيفا’’ (معهد الفنون البصرية العالمية) في لندن عن موضوع حساس: ‘’الحجاب’’.

حينها كتبت مدير معهد الفنون البصرية العالمية و إحدى المنسقين جيلان توادروس تقول ‘’أصبح الحجاب بعد 11 سبتمبر/أيلول مرادف للفروق الثقافية والدينية التي تُعرض بشكل مستمر على أنها غير قابلة للتخطي، غريبة ومرعبة. الحقيقة أن الحجاب، ولبس الحجاب كان - لآلاف السنين - جزءاً من الثقافة الشرقية والغربية أيضا، لم تفعل أي شيء للتقليل من ارتباطاته بالإسلام وبالفكرة المجردة تجاه الشرق’’.

إذا كانت هذه هي نظرة المسؤولة المثقفة، وبعد عامين من وقوع تلك الأحداث، فإن تغييرات كبيرة وقعت في تلك الفترة بشأن الحجاب ومرتديه، ورأتهم طائفة كبيرة من الأميركيين والأوروبيين بأن من يرتدي أي زيٍّ له علاقة بما يرتديه المسلمون فهو يقع في دائرة الاتهام والمضايقة، ويعلم عدد من المتشددين الغربيين ما للتركيبة العربية الإسلامية من نظرة تجاه ستر المرأة وانكشافها، فكان الكثير من العزف يتم على هذه الأوتار، من محاولة كشف أغطية رؤوس النساء علنا في المطارات، أو على أيدي أو بحضور رجال، إلى جانب التفتيش الشخصي لهن.

وفي غالب هذه المدن، يقوم المسؤولون بدور لضبط الانفلات، بالدعوة إلى احترام الساكنين المسلمين، والفصل بينهم وبين من يرتكب الجرائم الحقيقية، وكذلك زيارتهم في منازلهم ومناطق تجمعاتهم ومناسباتهم الدينية، إلا أن المضايقات التي سجلت بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 في حق المسلمين في الدول الأوروبية كانت قد وصلت إلى حدود عليا، وكان الحجاب رمزها الأبرز للاستهداف.
في العام ,2002 أصدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (نيويورك) تقريراً عن الجرائم التي ارتكبت في حق المسلمين، ومن يُعتقد أنهم مسلمون في الولايات المتحدة، ودور العبادة في عدد من الولايات الأميركية.

ومما يثير السخرية المريرة ذلك الرسم الكاريكاتيري الذي يبين مجموعة من الأشخاص ينهالون بالهراوات على شخص معمم، فيقول أحدهم ‘’إنه ليس مسلماً.. إنه سيخ’’، فيرد آخر ‘’إنه قريب بما يكفي من المسلمين’’.

وبالفعل، فقد سجلت المنظمة الدولية عدداً من الاعتداءات على المسلمين وعلى السيخ وعلى أقباط عرب لسحنتهم ولونهم القريب من بشرة المسلمين الشرقيين في العادة، ‘’وأفادت ‘’اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز’’ بوقوع ما يزيد على 600 من الجرائم المرتبطة بأحداث 11 سبتمبر/أيلول والمرتكبة بدافع الكراهية ضد العرب، والمسلمين، ومن يُظن أنهم من العرب أو المسلمين، مثل السيخ والقادمين من جنوب آسيا’’. [2]

ويواصل التقرير عرضه لعدد من الحوادث التي وقعت في الولايات المتحدة في تلك الفترة الحرجة، ودور العبادة التي جرى الاعتداء عليها، ومن بينها كنيسة كان الجاني قد تعجل بتعمد إضرام النار بها ظاناً أنها مسجد.. إذ يشير التقرير ‘’ولا يبعث على الدهشة أن من كانوا أكثر عرضة لجرائم الكراهية المرتبطة بالحادي عشر من سبتمبر/أيلول هم من يسهل التعرف على هويتهم كعرب أو مسلمين، بمن في ذلك المحجبات من النساء. وتعرض السيخ ممن يعتمرون العمامة أيضاً للاستهداف بنسبة تفوق فيما يبدو ما تعرض له غيرهم، وهو ما يفترض أنه نتيجة لتوهم الكثير من الأميركيين أن من يرتدون العمامة هم عرب أو مسلمون. وكذلك كانت الهجمات المرتكبة بدافع التحيز التي تعرضت لها الممتلكات موجهة في كثير من الأحيان إلى عقارات يسهل تحديد أنها تخص المسلمين أو العرب، مثل المساجد’’.[3]

افتتح القرن الحادي والعشرين بحادثة برجي التجارة، وانتقلت الأنظار إلى ما اسمي بالأصولية الإسلامية، وبات الحجاب، العمامة، اللحية وربما اللون الأسمر والهيئة العامة للأفراد موضع شك وتوجس من قبل السلطات الأمنية في الدول الغربية، وشهدت المطارات وبعض نقاط العبور الكثير من القصص التي تشير إلى تورم المسألة في تلك الدول، وبات طلب الحوار بين الحضارات، وبين الأديان هو موضة هذه السنوات التي أعقبت استهداف الإسلام، كما يعتقد المسلمون، والخشية من السيطرة الإسلامية المتشددة على الدول الغربية من قبل مفكرين وأفراد في الدول الغربية، سيطرة تفقدهم مكتسباتهم وأهمها حرياتهم الشخصية.

هوامش
[1] بحسب الموسوعة الحرة (ويكيبيديا) فإن ‘’علمانية’’ آتية من الكلمة الإنجليزية Secularism (سيكيولاريزم) وتعني إقصاء الدين والمعتقدات الدينية عن أمور الحياة. وتُفسّر العلمانية من الناحية الفلسفية بأن الحياة تستمر بشكل أفضل ومن الممكن الاستمتاع بها بإيجابية عندما نستثني منها الدين والمعتقدات الإلهية. وينطبق المفهوم نفسه على الكون والأجرام السماوية عندما يُفسّر بصورة مادية بحتة بعيداً عن تدخل الدين في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومكوناته.
وقد استخدم مصطلح “Secular” (سيكولار) لأول مرة مع توقيع صلح وستفاليا العام 1648- الذي أنهى أتون الحروب الدينية المندلعة في أوروبا- وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة (أي الدولة العلمانية) مشيراً إلى ‘’علمنة’’ ممتلكات الكنيسة بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية، أي لسلطة الدولة المدنية.
[2] هيومان رايتس ووتش - جرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين ومن يظن أنهم من العرب أو المسلمين بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2002 /.
[3] المصدر نفسه.

«العلمنة» القديمة جداً في فرنسا

بالنسبة إلى الكثيرين في العالم العربي، يبدو القانون الفرنسي بشأن المظاهر الدينية في المؤسسات العامة ردة فعل على تطورات وقضايا تلاحقت في فرنسا في السنوات التي سبقت صدور القانون. قد يكون التفسير صحيحا في حدود معينة لكن ليس بشكل مطلق. فالقانون لم يفعل سوى تجديد التزام الدولة الفرنسية بقانون قديم صدر العام 1905 حول فصل الدين عن الدولة. يعرض رئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك الان غريش لهذا القانون والظروف التي دفعت لإصداره والملابسات التي يتعلق معظمها بالصراع بين الجمهوريين في فرنسا والكنيسة الكاثوليكية المتحالفة مع الملكية حسب غريش. يقدم غريش استقراء تاريخيا لأصول العملنة في فرنسا وخلفياتها والتطورات التي رافقت إقرار القانون العام ,1905 يشير فيه خصوصا الى ان الحكومات الفرنسية ركزت جهودها على تطبيق القانون في مؤسسات التعليم لكن بدون تشدد بل بما اسماه تطوير الوعي، فحتى الحرب العالمية الثانية كانت الصلبان تزين جدران المدارس حسب غريش. أبعد من هذا، فان اول مادتين في القانون تنص على: ‘’تكفل الجمهورية حرية المعتقد. وهي تضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية الا في الحالات المقيدة المنصوص عنها أدناه في إطار المصلحة العامة’’.


المادة الثانية: ‘’لا تعترف الجمهورية ولا تقدم اجراً ولا المساعدة لأي طائفة. (...). إلا انه يمكن في مطلق الأحوال أن تسجل في الموازنات المختصة [موازنات الدولة والمحافظات والبلدات] المصاريف المتعلقة بممارسة أعمال الصدقة والمخصصة لتأمين حرية ممارسة الشعائر الدينية في المؤسسات العامة مثل الليسيات والمعاهد والمدارس والمستشفيات ودور العجزة والسجون’’. لكن هذا لا يعني في الخلاصة النهائية سوى ان الممارسة وتطبيق القانون وجد تفسيره الاهم لدى الرسميين الفرنسيين في انه وضع للمساواة بين جميع الأديان. تشمل هذا مسألة المساعدات الحكومية أيضا وآخر الشواهد هنا حسب المقال هي مساهمة الحكومة الفرنسية في بناء جامع باريس في اوائل عشرينات القرن الماضي. وهذا ما يفسره ادوار هيريو مقرر مشروع القانون في مجلس النواب قائلاً: ‘’نحن لا ننتهك قانون العام ,1905 إذ إننا نفعل هنا للمسلمين ما فعلناه العام 1905 للبروتستانت أو للكاثوليك.’’
لقراء المزيد: راجع: في أصول الجدل حول العلمنة - آلان غريش- لوموند ديبلوماتيك أغسطس/ آب 2003

أنتِ مســـلمة؟ .. أنتِ متهمــة

في 12 سبتمبر/أيلول عام 2001 كانت الباكستانية فايزة إعجاز تقف خارج مركز تجاري في هنتنغتون بولاية نيويورك في انتظار مجيء زوجها لأخذها من العمل. وتفيد أنباء صحافية أن آدم لانغ، وهو رجل في السادسة والسبعين من عمره كان يجلس في سيارته خارج المركز التجاري، نقل محرك السيارة إلى وضع القيادة، حسب ما ورد، وانطلق في اتجاهها. وتمكنت إعجاز من تفادي السيارة بأن وثبت من طريقها وجرت إلى داخل المركز التجاري. وقفز لانغ عندئذ من السيارة وصاح بأنه يفعل هذا ‘’من أجل بلدي’’ وأنه كان سيقتلها. وأمسك موظفو الأمن في المركز التجاري بلانغ.


وقال قائد مكتب جرائم التحيز في مقاطعة سافولك السرجنت روبرت ريكس للصحافيين ‘’لو لم تثب من الطريق لكان دهمها بسيارته لا محالة’’. واتهم لانغ بجريمة تعريض حياة إنسان للخطر بالاستهتار من الدرجة الأولى وهو ما يقتضي تشديد العقوبة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بدافع التحيز.
ف. ك.

تعرضت ف. ك.، وهي امرأة أميركية مسلمة محجبة، يوم 18 يونيو/حزيران ,2002 للاعتداء من جانب امرأة في متجر للأدوية قرب هيوستون بولاية تكساس.

وقالت المرأة لف. ك. قبل أن تعتدي عليها لقد عرفت ‘’بأمركم أيها القوم’’ على مدى الأشهر العشرة الأخيرة ولا تثق ‘’في أي تافه منكم’’. وقبل أن تتمكن ف. ك. من الهرب من المرأة طرحتها أرضاً وشرعت في نزع حجابها فالتف حول عنقها وكاد يخنقها. وعلى رغم أن ف. ك. قالت للمرأة إنها لا تستطيع التنفس فقد واصلت جذب الحجاب.

واضطرت ف. ك. عندئذ لخلع الحجاب مخالفة واجباتها الدينية في محاولة يائسة لتخفيف حدة الاختناق. وقامت المرأة بعد ذلك بجر ف. ك. من شعرها إلى خارج المتجر. وعندما وصلت الشرطة كانت المرأة تمسك ف. ك. من شعرها على الرصيف أمام المتجر. وقالت المرأة للشرطة إنها تلقي القبض كمواطنة على ف. ك. وطلب منها أفراد الشرطة أن تترك ف. ك. وعندها تمكنت ف. ك. من ارتداء الحجاب من جديد.
من تقرير هيومان رايتس ووتش 2002 (Human Rights watch) -


رد مع اقتباس