عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2010, 08:29 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: التراث الشعبي هي الحصيلة الانسانية لكافة الشعوب


المادة :: الفصل الثالث - الأمثال الشعبية


الأمثال من أهم ألوان الأدب الشعبي عند العرب، وللأمثال في الأدب العربي سجل طويل، حيث اعتنى بها العرب وسجلوها في مصادرهم، ودونوها في مجلدات عديدة، وكانوا يروونها لأبنائهم وفي المجالس واثناء المساجلات والحوارات التي تدور بينهم.
والمثل مأخوذ من المثال وهو : قول سائر يشبه الثاني فيه بالأول، مثل قولهم (فلان أمثل من فلان) أي أشبه بما له من الفضل. والمثال القصاص لتشبيه حال المقتص منه بحال الأول.
وقد سميت الحكم القائم صدقها في العقول أمثالا، لأنها تثبت في العقول وتحفظ بسرعة لجمال صياغتها وحلاوة لحنها.
ولابد أن تتوافر في المثل أربعة شروط هي : إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية. فإذا توافرت في الكلام المرسل هذه الشروط يصبح مثلا. لأن المثل كما يقال نهاية البلاغة، حيث قال ابن المقفع (إذا جعل الكلام مثل كان أوضح للمنطق وأنقى للسمع، وأوسع لشعوب الحديث ...) أي ألطف للسمع وللترديد والحفظ.
وتوجد في الإمارات ومنطقة الخليج العربي الآلاف من الأمثال الشعبية التي يرويها عامة الناس ولا يحفظها إلا كبار السن والقليل من الرواة، وقد كانت الأمثال متداولة في مجتمع ما قبل النفط، أو المجتمع التقليدي القديم، ولا يزال الكثير منها متداولاً حتى اليوم. وتعتبر الأمثال إرثا حضاريا ورافدا مهما من روافد الأدب الشعبي. فهي تعبر عن تجارب إنسانية أو أحداث وقعت في زمن ما ثم أصبحت تلك الأحداث والوقائع أمثالاً تروى، أقوالا تردد، وقصصا تحكى. فمن هذه الأقوال ما تنطبق عليه شروط معينة مثل إيجاز المعنى وسلامة المنطق وقوة السبك ورصانته وتوفر التشبيه والكناية. وما توافرت فيها تلك الشروط تصبح أمثالا.
وقد نشأت الأمثال في دولة الإمارات وتطورت في مجتمع عاش فيه شعب المنطقة حياة مستقرة ومترابطة اجتماعيا وفكريا وثقافيا، مما ساعد على ظهور الأمثال ومختلف أنواع الأدب الشعبي. ورغم بساطة الأمثال إلا أنها تحمل في مضمونها إذا ما درسناها جيدا تجربة عميقة الجذور والمعنى. وتروى الأمثال الشعبية في الإمارات بعفوية وبلهجة عامية مسبوكة بلغة جميلة، وتتناول العديد من الجوانب الحياتية خيرها وشرها.
ومن الأمثال الشعبية الشائعة في الإمارات ما يلي :
(حلاوة الثوب رقعته منه وفيه) : ويضرب هذا المثل ليحث الناس على الترابط والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. والثوب هنا رمز للانتماء والولاء للوطن، فمثلا كلما ارتبط المواطن بشكل مباشر ببيئته فانه سوف يعبر عن ذلك في مأكله وملبسه وفي زواجه من بنت البلد، وفي سلوكه وعاداته وثقافته وتصرفاته تجاه الآخرين.
(غالي والطلب رخيص) : يضرب هذا المثل على الصديق أو الصاحب أو الإنسان الذي له مكانة خاصة، فإذا ما طلب شيئاً فإن طلبه مجاب، لأن منزلته في القلب تجعل طلبه رخيصا وأحيانا يقول المثل (غالي والطلب همباه) وهو نفس المثل وإنما استبدلت كلمة (رخيص) في المثل الأول بكلمة (همباه) أي المنجا وهو ثمرة شجرة المانجو والذي يسمى في لهجتنا (همبا) أي رخص الطلب مهما كان غالي الثمن.
(خيرا تفعل شرا تلقا) : يضرب المثل على الإنسان الذي يعمل خيرا للآخرين كأن يساعدهم ويقدم لهم ما يحتاجون، وبدلا من أن يقابلوا الإحسان بالإحسان فإنهم يقابلون الإحسان بالسوء والنكران والجحود.
(لو كل من يا .. ونير ما تم في الوادي شير) : يضرب للتجربة في الحياة، فلكل إنسان مهنة أو عمل، ولا يستطيع الواحد ممارسة كل الأعمال، فالخباز أدرى بالخبز الذي يخبزه، والنجار خبير في صنعته ولا يتدخل أحد دون معرفة في شيء ليس له فيه شأن.
(خذ من جيبه وعايد به) : يضرب للإنسان الأناني الذي يأخذ من الناس ثم يقدم ما أخذه منهم لهم على شكل عطية، في حين أن هذه المال ليس ماله ولا حق له فيه.
(سار يدور فايده .. يته المصايب زايده) يضرب لسوء الحظ، فأحيانا قد يعمل الإنسان ويتعب لكي يحصل على فائدة أو رزق ولكن بدلا من ان ينال مبتغاه فإنه يخسر كل شيء وتضيع حقوقه.
(من عاشر القوم أربعين يوم صار منهم) : يضرب للتطبع بخصال الجماعة أو الاقران، فإذا خالط شخص ما جماعة معينة لمدة أربعين يوما، فإنه سوف يصبح منهم، حيث سيقلد تصرفاتهم ويتبع سلوكهم، فإذا كانوا أشرارا سيكون شريرا مثلهم وإذا كانوا خيرين فسوف يكون خيرا مثلهم.
(مب كل من عاب صبعه قصه) : يضرب للعلاقة بين الأصدقاء، فليس من هفوة أو كلمة تنهي الصداقات وتوصد الأبواب.
(سار يداويها وسعى في طبوبها) : يضرب لقلة الخبرة فبدلا من أن يعالج المرض أو يداوي العلة فانه يزيد في المرض ويفاقم المشكلة.
(عاصب راسه بلا وجع) : يضرب للإنسان الذي يتدخل في الأشياء دون أن تعنيه.
(لما شاب ختنوه) أو ( لما شاب ودوه الكتاب) : يضرب للتأخير في أداء الأعمال.
(من استرخص اللحمة خانته المرقة) : يضرب لسوء التدبير، وعدم المعرفة في معالجة الأمور فيقع الإنسان في أخطاء وخسران كبير.
(البيت بيتك بس المسيد ادفالك) : يضرب في عدم الكرم وإقفال الأبواب أمام الضيف.
(خذ علوم الدار من يهالها) : يضرب في جمع الأخبار السرية التي لا يمكن الحصول عليها إلا من (اليهال) الأطفال أو من الجهلة أي المغفلين من الناس.
(اشتر الزين واحفظ غوازيك) : يضرب في شراء الأشياء غالية الثمن لأن قيمتها فيها.
(يوم المخازن خارة الله يعين أهل العشيش) : يضرب في تشبيه الاحوال.
(الفرس من خيالها والحرمة من ريالها) : يضرب في مرجع الشيء أو مقوده.
(من طمع طبع) : يضرب في الطمع والجشع.
( من كثرة الرعيان ضاعت الغنم) : ويضرب في ضرورة توحيد القيادة وان تكون تحت إمرة واحد.
(إذا فات الفوت ما ينفع الصوت) : يضرب في الندم على فعل شيء فات.
(ديج ما كل فلفل) : يضرب في كثرة الكلام واللجلجة.
(السمكة تخيس من راسها) : يضرب في الفساد إذا استشرى في القمة فإنه سوف يفسد كل شيء.

وهناك أمثال تضرب في حب الوطن إذ يقول المثل (من زرع في غير بلاده لا له ولا لولاده) : وهو مثل واضح فالإنسان يتعب ويشقى ويحرث في بلده لأنه إذا زرع وعمل في بلد أجنبية فليس له مردود ولا لأولاده من بعده.
ومن الأمثال المتعلقة بالطباع أو السلوك (تموت الدياية وعينها في السبوس) أو (اربط لحمار عند لحصان يعلمه الصهيق أو النهيق).
ومن أمثال السخرية (الصوت صوت راعدة والحيل حيل ياعدة) : يضرب في ضعف القوة مع طول اللسان واللجلجة.


المادة :: الفصل الرابع - الألغاز الشعبية


الألغاز الشعبية :

الألغاز الشعبية نوع مهم من أنواع الأدب الشعبي تتناول موضوعات كثيرة وتصورها بطرق مبهمة حتى لا يستطيع السامع معرفتها دون تفكير عميق. لذا من أهم وظائف اللغز تنمية المهارة الفكرية. والألغاز معروفة عند العرب منذ قديم الزمان، وكان من أشهر المعاجم التي كتبت عن الألغاز معجم (الأعجاز في الاحاجي والالغاز) من تأليف أبي المعالي سعد الدين بن علي بن القاسم الوراق الحظيري البغدادي المتوفى سنة 568هـ / 1173 م.
واللغز كما يعرفه ابن وهب الكاتب المتوفى سنة 335 هـ / 947م هو (من ألغز اليربوع، ولغز إذا حفر لنفسه مستقيما، ثم أخذ يمنة ويسرة ليعمي بذلك على طالبه).
ومن أهم شروط اللغز الغموض والتناقض، أما الأحجية أو الحجا فهي الألغاز وكذلك تسمى الغطاوي لأن المفهوم فيها مغطى، والغطو جمعه غطاوي أو مخفي.
وقد تم تصنيف الألغاز عند العرب إلى تصنيف موضوعي تبعا لمحتواه ومضمونه، وتصنيف معجمي ألفبائي وهو مرتب حسب حروف المعجم، وهناك تصنيف بنائي حسب بناء اللغز أو معماره الفني، وهناك من يصنف الألغاز لغوية (تعليمية)، وألغاز أدبية، ولكن مهما اختلف المصنفون حول الألغاز إلا أنهم يجتمعون في تصنيفها حسب مضمون اللغز ومفهومه العام.

الألغاز في دولة الإمارات :

لم تجمع الألغاز في دولة الإمارات ولم تدرس بعد، وإنما تمت الإشارة إليها في بعض كتب الموروث الشعبي ومنذ سنوات عكفت على جمع عدد كبير من الألغاز الشعبية مستعيناً بطلاب المدارس والأصدقاء والعارفين فتوفرت لدي مجموعة كبيرة من الألغاز ستصدر في كتاب خاص بها مصنفة تصنيفاً موضوعياً أي حسب الموضوع.
الألغاز في الإمارات منها ألغاز عامة أو شعبية، وهي الألغاز التراثية التي تروى على لسان الرواة، وهناك ألغاز خاصة وهي تلك التي أبدعها الشعراء والأدباء. وقد تكونت الألغاز الشعبية في مجتمع الإمارات من ثلاثة روافد رئيسية هي رافد شعبي : وهو ما ابتكره شعب الإمارات من ألغاز في حياتهم الخاصة واحتكاكهم الدائم، وهناك رافد عربي : يشمل الألغاز المستمدة من الموروث العربي، وكتب التراث عند العرب، أما الرافد الثالث فهو رافد إنساني ويشمل ما دخل في أدب الألغاز من فنون هندية وفارسية وإفريقية وعالمية، وكان ذلك نتيجة الاحتكاك أثناء السفر والتجارة.
وللألغاز العديد من الفوائد، فهي تساعد على تنمية مهارة التفكير، وتمرن العقل على المعرفة والاتساع، وتسري عن الخاطر، وتعمق روح الابتكار والإبداع، وهي حصيلة ثقافية وأدبية مهمة جداً في حياتنا الخاصة والعامة لما لها من دور في نقل سلوكيات الأفراد وتدريبهم على الفهم والإدراك الواعي.
والألغاز الشعبية في الإمارات تعبر عن الكثير من التجارب الحياتية لشعب المنطقة، وهي بذلك مخزون لغوي إلى جانب كونها مخزوناً أدبياً ظهر منذ زمن طويل، وهذا اللون ظل متداولاً بين الناس، معبراً عن ثقافتهم الشعبية وتوجهاتهم الاجتماعية وحياتهم الخاصة.

من أنواع الألغاز الشعبية في الإمارات :

1. ألغاز في القرابة والنسب :

- عمتك خت أبوك خال ولدها شو ييلك؟
الجواب (أبوي)
- من هو الخال الوحيد لأولاد عمتك؟
الجواب (أبوي)
- جده أبو أبوك وعمه عم أخوك؟
الجواب (أخوي)
- أم أخوك وأخت خالك .. وزوجة أبوك شو تيلك؟
الجواب (أمي)

2. ألغاز في الحشرات والحيوانات والزواحف :

- طائر له أربع حروف، لحم والدماء وريش، يؤكل منه البعض والبعض ضده، ويحرق منه البعض وهو يعيش؟
الجواب (النحلة)
- حجر حجرجر، حجارة لا، رقبة طويلة زرافة لا، تبيض وتفقص دجاجة لا.
الجواب (السلحفاة) الحمسة.
- سلسلة من سلسلة في كل البلاد منزلة؟
الجواب (النمل).
- اسود ليل، ما هو بليل يحفر غار مثل الفار وما هو بفار؟
الجواب (اليعل).
- حمر حميران ريله خيزران يعبد ربه لكن ما يصوم رمضان؟
الجواب (الديك).

3. ألغاز الموجدات الطبيعية :

- طشت كبير وسح النفير وقالب جبن وخبزة خمير؟
الجواب (السماء والنجوم والقمر والشمس).
- طالعة من بيتها حاملة على ظهرها ماء لا هي ذكر ولا هي أنثى حشا ما مسها بشر؟
الجواب (السحاب).
- شو الفتاة اللي حسين لونها تسرح وتضوي منتهى ميدانها؟
الجواب (الشمس).
- شو الشي اللي يمر عليك وما تشوفه؟
الجواب (الهواء).

4. ألغاز في النار والدخان والرماد :

- شو الشي اللي تأكل ولا تشبع وإذا شربت ماتت؟
الجواب (النار).
- هم ثلاث إخوان واحد إذا أكل ما شبع والثاني إذا راح ما رجع والثالث إذا مات ما ينجمع؟
الجواب (النار والدخان والرماد).
- أم غابس لا تخلي خضر ولا يابس؟
الجواب (النار).

5. ألغاز في الخضروات والنباتات :

- بنات سعود لابسات وقاي خضر وعباي سود؟
الجواب (الباذنجان).
- طويل ودافن لحيته في الأرض؟
الجواب (البصل).
- بنت الهور، والهور راعيها، بنت الشحم واللحم، وعظام ما فيها؟
الجواب (الفقع) أو الكمأة.
- شجرة مشجرة، عروقها في المدرة، وخريفها مئة وعشرة؟
الجواب (الفلفل).
- نورة ولابسة ألف تنورة.
الجواب (الملفوف).

6. ألغاز في المنزل وأجزائه :

- شو الشي اللي يدخل البيت قبل راعيه؟
الجواب (المفتاح).
- شو الشي اللي تحرسه في النهار ويحرسك في الليل؟
الجواب (الباب).
- أبوه في البيت ولحيته في السكة؟
الجواب (المرزاب) أو المرزام.
- ما هو الشي في النهار يمتلي وفي الليل يختلي؟
الجواب (حبل الملابس).

7. ألغاز في أدوات الخياطة :

- ما هو الشيء الذي يسحب اسلاه ويدور في الحارة؟
الجواب (الإبرة).
- اسود خندس في النهار يطلع وفي الليل يندس؟
الجواب (البرقع).
- عريانة وتكسي الناس؟
الجواب (إبرة الخياطة).
- زربول ازربلنابه، وفي السيح تمشينا به؟
الجواب (الزربول).

8. ألغاز في الأدوات المنزلية :

- ثلاث خدام شايلين خادم والخادم شال عمته؟
الجواب (الطابي) أو المخبز.
- ما هو الشيء الذي ينتفض فوق أسلاه؟
الجواب (المنخل).
- ما هو الشيء عندما تأتيه أمه يبكي وعندما تذهب يسكت؟
الجواب (الرحى).
- شو الشي ابيض بطنه اسود ظهره، جدر يا ثور افهم يا بقرة؟
الجواب (القدر).

9. ألغاز في الملبوسات :

- يسارع بلا حظر، يجامع بلا ذكر، مسكنه الأطراف مساكن الأشراف؟
الجواب (الزراري أو الفصمة).
- أسود وريله وراه؟
الجواب (العقال).
- له أربع أصابع وإبهام وليس له كم ولا عظام؟
الجواب (القفازات).

10. ألغاز في أدوات الشرب والري :

- شو الفتاة اللي حسين شمها لكن ما تزهى بلا ولدانها؟
الجواب (دلة القهوة والفناجين).
- أربع بحابح، وكلب ينابح، وسويدة تقلب، وكشكوش واقف؟
الجواب (المنيور).
- تبكي وتسقي عيالها؟
الجواب (اليازرة، المنيور).

11. ألغاز في أدوات الكتابة :

- وساكن الرمس طعمه عند راسه إذا ذاق الطعم تكلما يقوم ويمشي صامتا متكلما ويرجع إلى الرمس الذي فيه قوما فلا هو حي يستحق كرامة ولا هو ميت يستحق الترحما؟
الجواب (القلم أثناء الكتابة).
- بسألك عن شي ميت يكلم حي؟
الجواب (الرسالة).
- له جلد ولكي ليس حيوان وله أوراق وليس نبات؟
الجواب (الكتاب).

12. ألغاز في الزمان :

- سدرة مستديرة، لها فنون كثيرة، وكل فن فيه عش، والعش فيه طيرة، وكل طيرة الله كاتب لها معاش؟
الجواب (الدنيا).
- شين وشين ووريقاته ثلاثين؟
الجواب (الشهر).
- شو الشي اللي به 12 فن وكل فن به ثلاثين ورقة؟
الجواب (السنة).

13. ألغاز في المناخ والدخان :

- شو الشي تغضب منه الماية وتضطرب منها الأشجار، وتنحني لها الأزهار، وتهرب منها السحب؟
الجواب (الريح).
- شو الشي انشوفه ولا نسمعه .... ونسمعه ولا نشوفه؟
الجواب (البرق والرعد).
- حرقص برقص جدام بيتنا وبيتكم يرقص؟
الجواب (الماء أثناء انهماره على مستنقع الماء).
- شيخ ولا له روح، وسخ على الجروح؟
الجواب (الدخان).

14. ألغاز في السفينة :

- جارية تجري كجري السحاب، في بطنها نسل وما مسها بعل، إذا شربت ماتت ومات نسلها، وإذا عطشت دامت ودام النسل؟
الجواب (السفينة وركابها).
- حامل ومحمول نصفه ناشف ونصفه مبلول؟
الجواب (السفينة في البحر).
- شو الفتاة اللي يزاغيها الصبا والعرق ينضح من تحت بيطانها؟
الجواب (السفينة أثناء حركتها في البحر).

15. ألغاز في المعتقدات :

- أول ما له ثاني؟
الجواب (الله).
- دال ودليل ومستدل وبيان؟
الجواب (الله ومحمد وجبريل والقرآن).
- ثلاثة ما لهم أب؟
الجواب (آدم وحواء والشيطان).
- مركب فرافير، طوله ثلاثين، يحكم الأمة والسلاطين؟
الجواب (شهر رمضان).

16. ألغاز الحسابية :

- خمسة وخمستين، وخمسة عشر مرتين؟
الجواب (45).
- بطة بين بطتين، وبطة وراها بطتين، وبطة أمامها بطتين. فكم بطة في هذا الموكب؟
الجواب (ثلاث بطات).
- شو الشي يوجد بين السما والارض؟
الجواب (حرف الواو).
- ما هو آخر الحياة؟
الجواب (حرف الهاء).
- ما هو الشي اللي يوجد في الشمال ولا يوجد في الجنوب، ويوجد في الشرق ولا يوجد في الغرب؟
الجواب (حرف الشين).

17. ألغاز المغالطات :

- بعد السبت لحد ايي؟
الجواب (بعد السبت الأحد).
- بادي وبنته، وبدوي وحرمته اقتسموا ثلاث خبزات فكيف يصير هذا؟
الجواب (بنت البادي زوجة البدوي).
- ما هو الجرح الذي ما ينزف دما؟
الجواب (جرح الشعور).
- ماء ليس من الأرض ولا من السماء؟
الجواب (دمع العين).


المادة :: الباب الثالث (العادات والتقاليد والمعتقدات والمعارف الشعبية)

مقدمة :

العادات عمل وأنماط سلوك يقوم بها الأشخاص، وهناك عادات حميدة وأخرى غير حميدة. فالعادات الحميدة هي أنماط السلوك والأفعال التي يقوم بها الأشخاص والتي تحقق رضى المجتمع الذي يعيشون فيه. أما العادات غير الحميدة فهي الأفعال وأنماط السلوك التي يقوم بها الأشخاص ولا يتحقق رضى المجتمع من جراء قيامهم بهذه الأفعال والسلوك مما يجعلهم في عداد الشاذين والمنحرفين.
لكل أمة من الأمم عادات وتقاليد تتحكم في سلوك أفرادها وتحدد لهم نوعية الأفعال الحميدة والأفعال القبيحة والشاذة حتى يستطيع المجتمع أن يحقق أكبر قدر من الاستقرار والأمن والرخاء، لذلك استحدثت القوانين وموادها لتتفق مع هذه العادات والتقاليد. ولو أتت هذه القوانين تخالف العادات والتقاليد بشكل كبير لأدى ذلك إلى تغير في حياة الأمم، ولقامت ثورات تنادي بالإصلاح، لذلك فإنه حتى القوانين السماوية أتت متقاربة لتلك العادات والتقاليد وفيها أيضاً الإصلاح نحو الأفضل.
وإذا كانت العادات والتقاليد أنماطاً من السلوك والأفعال فإن (الأعراف) هي أنماط سلوك تعد أرقى من العادات وأكثر اتساعا بحيث تشمل المعتقدات الروحية وهي عند علماء الاجتماع مجموعة من الأفكار والمفاهيم التي يمارس المجتمع عن طريقها سلطته العقائدية. والتقاليد هي أفعال ومعتقدات أي أنها تحوي الأعراف والعادات لأنها تجمع بين السلوكين معاً.
وقد أجمع بعض العلماء على أهمية ان تكون العادات متوارثة وعلى عموميتها وعلى قوتها الملزمة. وأوضح بعضهم ان السلوك يتحول إلى عادة عندما يثبت من خلال عدة أجيال، ويتوسع وينمو ومن ثم يكتسب سلطانا. وقد ألحق البعض صفة (الشعبية) بالعادة وفضل البعض صفة (اجتماعية) وأحياناً يكون الجمع بين الصفتين.
وقد أكد أول من قدم هذا المفهوم في عام 1906 ان العادات الشعبية هي قوى أساسية داخل المجتمع تنمو لا شعوريا، وتتقبلها الجماعة لا شعوريا، وهي تتضمن اتجاها معينا في التفكير والسلوك، فهي باختصار جزاءات أخلاقية. وقد أجمع الذين فضلوا مصطلح عادة اجتماعية على تعريفها باعتبارها سلوكا أو نمطا تعده الجماعة الاجتماعية صحيحا وطيبا، وذلك بسبب مطابقته للتراث الثقافي القائم. وتعتمد العادات الشعبية أساسا على تفاعل الجماعة أكثر من اعتمادها على المهارات والأداء الفردي. وعليه يمكن استخلاص أهم سمات العادات والتقاليد من التعريفات السابقة، كون العادة فعلا اجتماعياً وأنها متوارثة، وأنها ذات قوة معيارية، وهي وليدة ظروف المجتمع الذي تمارس فيه، بمعنى ارتباطها بالزمن وبموعد أو بمناسبة زمنية معينة كرمضان والعيدين مثلا. أو هي مرتبطة بمواقف أو أحداث معينة في حياة الفرد أو المجتمع كالميلاد والزواج .... الخ. وهذا الارتباط بزمان ومكان معينين هو الدليل على القيمة الوظيفية العالية التي تتمتع بها العادات في المجتمع. وتتخذ العادة أشكالا وصورا متعددة وقد اختط د. سيد حامد حريز التصنيف

التالي للعادات والتقاليد :

1- العادات والتقاليد التي تتصل بميلاد المواطن العربي.
2- العادات والتقاليد التي تتصل بنشأته.
3- العادات والتقاليد التي تتصل بختانه.
4- العادات والتقاليد التي تتصل بصباه.
5- العادات والتقاليد التي تتصل بمأكله.
6- العادات والتقاليد التي تتصل بمشربه.
7- العادات والتقاليد التي تتصل بمسكنه.
8- العادات والتقاليد التي تتصل بملبسه.
9- العادات والتقاليد التي تتصل بعمله.
10- العادات والتقاليد التي تتصل بأسفاره.
11- العادات والتقاليد التي تتصل بزواجه.
12- العادات والتقاليد التي تتصل برجولته.
13- العادات والتقاليد التي تتصل بكهولته.
14- العادات والتقاليد التي تتصل بشيخوخته.
15- العادات والتقاليد التي تتصل بوفاته.

أما تصنيف الإنسان العربي ومن حوله فهي كالتالي :

1- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وعائلته.
2- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وعشيرته.
3- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وقبيلته.
4- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وجيرانه.
5- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وأقرانه في الدراسة.
6- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وزملائه في العمل.
7- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن والقبائل المجاورة.
8- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن والأقطار المجاورة.
9- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن والعرب (من غير بلده).
10- عادات وتقاليد تربط ما بين المواطن وغير العرب (الأجانب).

أما تصنيف الإنسان العربي وما حوله فهي كالتالي :

1- العادات والتقاليد التي تتصل بدوره العام.
2- العادات والتقاليد التي تتصل بالحيوان.
3- العادات والتقاليد التي تتصل بالنبات.
4- العادات والتقاليد التي تتصل بالجمادات.

وتجدر الإشارة إلى ان الباحثين في مختلف العلوم المهتمة بالإنسان كعلم الاجتماع والميثولوجيا وعلم النفس والانثروبولوجيا والفولكلور وغيرها أدركوا أهمية العادات كميدان رئيسي للدراسة. وقد نتج عن ذلك كم كبير من الدراسات، حتى إنه يمكن القول إنه لا يوجد ميدان من ميادين التراث الشعبي – بعد الأدب الشعبي – حظي بمثل ما حظي به ميدان العادات الشعبية من العناية في الدراسات الفولكلورية والاجتماعية العديدة.

والعادات الشعبية هي دائما بنت شعب معين، ومعبرة عن شخصية ومنطقة معينة، وتراث تاريخي معين. ومجتمع الإمارات كغيره من المجتمعات تأخذ فيه العادات والتقاليد منهجا إلزاميا قسريا لا يستطيع الفرد التحلل منها، ويسير أفراد المجتمع وفقا لهذه العادات ويعتبر الخروج عنها عيبا أو منقصة، ولهذا سميت في الإمارات (بالسلوم) أي العادات والمسلّمات الواردة من السلف إلى الخلف. ويعرف عن ابناء الإمارات محافظتهم على عادات وتقاليد مجتمعهم الأصيلة والعريقة وحرصهم على صيانتها وضمان توريثها للأجيال القادمة. فعادات أهل الإمارات فيما يخص الزواج، والمجالس الشعبية، والتكافل الاجتماعي، وأصول الضيافة والزيارات، والزي الشعبي وغير ذلك من التقاليد الاجتماعية، لا تزال تراعى بشكل كبير، مستمدة قوتها وإلزامها من التراث الثقافي والاجتماعي والديني. كما ان عوامل بقاء هذه العادات والجهود الساعية لترسيخها باقية ودائمة بفضل الاهتمام الرسمي والخاص.


المادة :: الفصل الأول - عادات الميلاد


الميلاد

كان وما زال مجتمع دولة الإمارات وبخاصة في فترة ما قبل اكتشاف النفط يولي مسالة الإنجاب أهمية كبيرة تمثلا بقوله تعالى  المال والبنون زينة الحياة الدنيا . حيث يعتبر الإماراتيون ان الإنجاب نعمة من الله ينعم بها على عباده، ويعتبرون المرأة الولود امرأة مبروكة.

الداية (الولاّدة)

وهي الطبيبة الشعبية أو المرأة الخبيرة التي تقوم بالإشراف على حالات الولادة المنزلية وعلى مساعدة النساء أثناء عملية الوضع ومداواتهن بعد الولادة مستخدمة في عملها من الأدوية (الملح) و(حبة البركة) و(المسح) في حالات الولادة العسيرة التي يكون فيها وضع الجنين غير مستقيم في الأحشاء أو عجزت الحامل عن الولادة لضخامة حجم المولود. وتستخدم الداية (الدهان) في عمليات المسح على بطن الأم.

ومثلما كانت كل أم تحرص على أن تعد بناتها وتعلمهن ما تجيد من خدمات وحرف، كذلك كانت (الداية) تأتي معها ابنتها لحضور حالات الولادة والمساعدة وكسب الخبرة.

وبالرغم من ان اغلب الولادات كانت تتم منزليا، إلا أن رحلات الحل والترحال للعائلات البدوية وكذلك رحلات (الحضار) أي الرحلات صيفاً من المدن الساحلية إلى مناطق واحات النخيل، مثل هذه الرحلات والتي تستغرق أياماً طويلة وأسابيع، قد تشهد حالات الولادة، إذ ما ان تعتصر المرأة الحامل آلام المخاض حتى تطلب من الجمّال ان يمرح بالمطية. وعلى الفور تستدعي أقرب النساء إليها وعلى عجل يتم التحضير لها كي (تربي)، أي تضع وليدها، ويكون (الملح) و(الحبة الحمرة) معدة من قبل للاستعمال كدواء، وبعد ذلك ببضع ساعات تواصل القافلة رحلتها ومعها الضيف المولود.

وتروي الذاكرة الشعبية الكثير من حالات الولادة التي كانت تتم في مواقع عمل المرأة خاصة في البادية والارياف. إذ لا مبالغة في القول إن المرأة بالأمس لم تكن تخلق لنفسها المبررات لتتهرب أو تتخلى عن مسؤولياتها، بل كانت تعمل وبجهد بقدر ما لديها من القدرة والإمكانيات. ويذكر ان أكثر النساء في الماضي كن يحملن بمولود جديد كل سنتين مرة وعلى ذلك فإن بعضهن كن أمهات لـ 12-14 من الأولاد والبنات.

وتجدر الإشارة إلى ان الوليد القاصر الذي لم يتم شهوره التسعة في بطن أمه كان يتم حفظه من المؤثرات الجوية حيث لا يعرض للهواء. ولتحقيق ذلك يتم نصب خيمة داخل الغرفة هي عبارة عن عدة قطع من الحطب يلف حولها من كل الأطراف عدد من (المطارح) أي اللحاف السميك. وعلى الأم الدخول إليه لرضاعته كلما حان موعدها. ولا يخرج الرضيع من بين (المطارح) إلا بعد التيقن من مقدرته على مواجهة الحياة. وكان الاعتقاد بأن ابن السبعة شهور يعيش، اما ابن الثمانية شهور فإن حظه في البقاء على قيد الحياة أقل.

الرضاعة والعناية بالطفل

يعتبر (المنز) وهو المهد، المقر الأول للطفل الذي ينام فيه بعد حجر أمه. وكانوا يصنعونه من سعف النخيل (الجريد) أو الحطب، ومن الحبال التي تشكل الحواجز الطرفية لهذا السرير في شكل (مشربك) أي كشباك الصيد، أو يربط الحبل بالجريد من الأعلى ليتم تحريكه وهو معلق حتى يهدأ الطفل وينام. ويصب على القاع الخشبي (للمنز) كميات من الرمل وعليها لحاف بحيث يمكن استبداله إذا ما بال الطفل عليه. ويقوم بصنع منز الأطفال (الجلاليف) : وهم صناع السفن الخشبية. ويوضع الطفل في المنز بعد مرور سبعة أيام على ولادته وتتم رضاعته لمدة سنتين إلا إذا حملت الأم أو أنجبت طفلا آخر قبل تلك الفترة. وقد تستعين الأم بمرضعة. فإذا ما كانت إحداهن قد (ربت) أي وضعت لتوها – وخاصة حين يكون المولود (بكرها) الأول ولا يزال ثدياها يابسين لا يدران الحليب – فإنه سرعان ما يتم استدعاء صديقة لها أو جارتها أو إحدى معارفها لتقوم برضاعة وليدها أياما قلائل حتى يمتلئ ثدي الأم بالحليب. ولم تعرف الأمهات في الماضي مراضع أو حليبا صناعيا. وكانت الأم تبقى بجانب وليدها في البيت أسبوعاً على الأكثر بعد الوضع ثم تعاود ممارسة أنشطتها وأعمالها المعتادة في البيت وخارجه، وتحاول التوفيق بين مواعيد رضاعة ابنها والعمل الميداني خارج البيت بحيث تعود إليه للرضاعة في مواعيدها ثم ترجع لاستكمال عملها ... وهكذا.

لم تكن ظروف الحمل تعيق المرأة أو تؤخرها عن عملها وتأدية واجباتها الأسرية وغيرها، حتى ساعات المخاض المفاجئة التي قد تكون خلالها المرأة على رأسها عملها أو قد يفاجئها المخاض في المنزل ليلا فتستدعي (الداية) الولادة. وعلى الرغم من أن الحركة والتنقلات خير للمرأة الحامل من السكون، فإن ضغط العمل كثيرا ما كان يتسبب في الإضرار بها، إذ يتحرك الجنين أحياناً وينقلب وضعه في الرحم فيسد مواقع حساسة في داخل الجسم، أو يدق على الكبد وغير ذلك، مما تجعل الأم تصارع معه الآلام كثيرا حتى تفارق الحياة، وذلك إذا ما عجزت محاولات (الداية) عن استخراج الجنين المعترض بوضع غير صحيح في الجسم، وحين تتولى (الداية) معالجة أي من هذه الحالات فإنها تضع الأم الحامل فوق رجلها وتقوم بعمليات المسح والإجراءات الأخرى كالضرب من الأمام والخلف فيخرج الجنين معافى والأم سالمة.
وحسب روايات بعض الدايات فإن المولود الصبي ينكب على وجهه عند النزول من بطن الأم، أما البنت فإنها تسقط على ظهرها تتطلع لأمها.

ولا تفارق (الداية) المرأة المربية أي التي وضعت جنينها طوال نهار الولادة، حيث تكون في خدمتها ورعايتها وتشرف على راحتها وتقوم بعمليات تنظيفها وغسلها وإعداد مشروب (الرشوفة) وحبة الحمرة ووضع الحصى على بطنها و(تخدير) أي تنويم المولود في (المنز). وحينما تطمئن الداية على سلامة الأم وطفلها، وبعد ترتيب كل الأمور تتركها، ثم تزورها مرة أخرى بعد فترة قريبة للإشراف، وقد تتقاضى مقابل تلك الخدمات مئة روبية تقريبا.

ويجدر بنا التأكيد على ان درجة الوعي بالنظافة للمرأة الوالدة كانت عالية جداً. ولهذه العملية يستخدم (الملح) الموصوف بأنه (ام الولد)، و(الهمن) و(الياس) نوع من الأعشاب المطحونة ولها رائحة جيدة لغسيل الشعر. و(النار) و(البزار) وهو نوع من البهارات، والفلفل و(الكركم) وهو نوع من البهارات أصفر اللون، و(حرييف) و(بول البوش) أي بول الناقة ويستخدم خارجيا أي يوضع على التراب ويسخن ويوضع تحت ظهر المرأة. و(الحصاة) نوع من الحجر لتدفئة البطن، و(القرط) وهو نوع من الشجر تؤخذ أوراقه ويمتاز بطعمه المر، و(الطحين) و(الحريرورة) مشروب لتسخين البطن مكوناته الأساسية الحبة الحمراء والبيض والفلفل والدهن البلدي. وتشرب الأم (الحلبة) لتساعد على تنظيف البطن وتعويض الدم النازف. و(الحرمل) نوع من النباتات الشديدة المرارة. و(السح) أي التمر ويخلط مع الكركم والملح ويستخدم لتنظيف الرحم. و(الجلاب) طعام مكون من الطحين والزنجبيل والفلفل والقرفة والهيل و(الزنجبيل) نبات حار يشرب نقيعه. و(المعمولة) عبارة عن الياس، و(التركة صالح) ومجموعة من أدوية تخلط وتوضع في الشمس ثم تغسل لتنظيف مهبل المرأة. ويستخدم (قشر الرمان) كذلك مع الماء والملح للتنظيف.

وكان الحرص وكذلك الوعي الصحي بضرورة تنظيف المولودة أو المولود كبيرا واستحمامه بنفس بعض المواد المستخدمة لتنظيف الأم، كالملح والياس والنيل والمحلب والكركم والمر والحبة الحمراء والصبر والبضاعة وحل الحلو وحل حليل والتمر الهندي وبنت الذهب والطني والزبد والزعتر والطحين.

لقد كانت الأسرة الإماراتية تعتني بالطفل عناية فائقة وكانت تستخدم كل ما توفره البيئة من ادوية واعشاب وعطور لمعالجة الطفل. مثل التكحيل والتحريص ورسم الحاجب والتدليك والتحنيك أي تدليك اللثة بالعسل. وكلها عمليات تقوم بها الأم أو الداية أو أحد الأقارب لمساعدة الطفل وعلاجه وتنشئته تنشئة صحية جيدة مستخدمين أدوات ومواد مختلفة، ولم يصعب على الأسرة إيجاد العلاج لكل أشكال الأمراض التي يتعرض لها الرضيع.
وتجدر الإشارة إلى أنه بجانب الرضاعة الطبيعية فإن بعض الأمهات كن يسقين مواليدهن الرضع شيئاً من حليب الماعز والأبقار. ومن المأكولات التمر الذي يعجن للرضيع فيصبح ناعما ويسمى (تحنيك).

ملابس الاطفال وزينتهم

كانت ظاهرة الاعتماد الذاتي على إمكانيات وقدرات المرأة هي الشائعة في صناعة الملابس وخياطتها لأطفالها. فقد كان الام تستعد بنسج القماش وخياطته وتزيينه وتطييبه بأرق البخور والعطور، وكانت ملابس المواليد الرضع تسمى (السبابيح) أي الفساتين أو الجلاليب من نوع الأقمشة النيلي أو المريس، ويلف المولود بـ (القماط)، وهي قطعة من القماش. ويربط هذا القماط بخيط يسمى (التسعة). والكندورة من نوع السبوحة وهناك (الويل) نوع من القماش الخفيف.
و(العنقة) أي مجموعة من الأدوية تلف وتلبس للطفل من رقبته لتظل رائحته عطرة والمواد المستخدمة داخل العنقة هي الحلبة والمثيبة والسويدا (المعافاية) تطلق على السنوحة أو الكندورة وهي مفردة جديدة، أما (الخدار) فهو غطاء الطفل يحميه من الحشرات، و(الطوق) قماش مصنوع بشكل طوق صلب ليحافظ على استدارة الرأس، و(القحفية) أي القبعة، و(بكيرة) نوع من الملابس لحديثي الولادة التي تلبس له قبل الأربعين، و(الكلوتي) الطاقية وهي مفردة بنفس معنى القحفية، و(الكتاه) مفردة بنفس معنى الطوق لاستدارة الرأس، و(البته) نفس معنى الكندورة أو السبوحة، و(الكتافة) رباط لكتف الطفل، و(الكمة) بنفس معنى الطوق أو الكتافة.

هذه هي الملابس التي كانت مستخدمة للطفل الوليد أو الطفلة الوليدة في مجتمع قبل عصر الوفرة النفطية. وهذا التعدد في المفردات يقدم لنا دلالة حول اختلاف اللهجات الخاصة بالمجموعات الإثنية والثقافية التي كانت ولا تزال تعيش في مجتمع الإمارات.

وكان الكحل والدهان وأشكال العطور كدهن العود أهم ما يستخدم لزينة الطفل، ولم يكن يفرق بين الذكر والأنثى في اشكال الزينة إلا في القليل من الأدوات المشتركة مثل الكحل والحناء.
ويستخدم لزينة الملابس التطريز بالرسم و(الرزي) وهي خيوط مستخدمة بألوان متعددة لتطريز الملابس وبخاصة الكندورة أو السبوحة. وتعد حلاقة الشعر للذكر وللأنثى أحد أشكال الزينة، كما أن قدرة الأبوين أو العائلة هي التي تأتي بالذهب لعمل (الغواويش) و(المطول) لزينة الأطفال. وهذه تسميات لأنواع من الحلي.

أسرّة الأطفال

تتميز الاسرّة بالبساطة وقلة الخامات المستخدمة في صنعها، كما أنها كانت دائما قليلة التكاليف، وهناك أسماء عديدة تطلق على هذه الأسرّة أهمها (المنز) والكاروك والمطرح والشاطوحة وغيرها. وهذه الأسرّة أنواع فمنها النوع المستخدم في البيوت الحضرية وفي المناطق التي يميل أهلها للاستقرار فترة طويلة من العام في البيوت الشتوية، وهي أسرّة مصنوعة غالبا من الخشب، وتتميز جميعا بأنها خفيفة الوزن يمكن حملها بسهولة، وقابلة للتحريك حيث يمكن هزه فيسكت الطفل عندما يبكي. وكان البعض يطلق على هذا النوع (الشاطوحة)، والبعض الآخر يسميها (كاروك) أو (منز) وهو الاسم الشائع. أما النوع الثاني من اسرة الأطفال فهو المهد الذي تحمله الأم معها إلى أي مكان. فالزوجة التي تساعد زوجها في الأعمال الزراعية وهو أمر كان شائعا، كانت تحتاج إلى مهد خفيف الوزن تنقله معها أينما ذهبت، وبشكل لا يعيق حركتها، وقد يزود أحياناً بحبال خاصة من الجلد تعلقها الأم على كتفها، الأمر الذي يسهل عليها نقل الطفل وحمله بسهولة وبدون تعب. ويطلق على هذا النوع من الأسرة اسم (المزيب) حيث كان يشد بين شجرتين عند عمل الأم أو بين عمودين في بيت الشعر بالنسبة لأهل البادية. كما يشد بين عمودين في البيت الصيفي بالبراحة خلال إقامة الأهالي في المصيف خلال شهور الصيف.

وهناك نوع ثالث من أسرة الأطفال وهو أشهر الانواع ويطلق عليه اسم (المطرح) وكان يصنع من القطن وفي بعض الحالات كانت تصنع منه أنواع كبيرة لتستوعب أكثر من طفل عند النوم.
ويحاط سرير الطفل وخاصة (المنز) بـ (خدار) أي لحاف يصنع من القماش الخفيف صيفا للوقاية من البعوض والذباب، كما يصنع في الشتاء من القماش الثقيل حتى يقيه البرد، ويطيب سرير الطفل بلبان المستكة طيب الرائحة.
ومن الأدوات المستخدمة للطفل (القماط) وهو قطعة من القماش يلف بها الطفل، والفراش وهو أيضاً من القماش يوضع تحتها الرمل الناعم حتى تسحب الفضلات.

وهناك أمر مهم فطنت إليه الامهات قديما وهو صنع وسادة دائرية أشبه بالعقال لوضعها تحت رأس الطفل وهو مستلق على ظهره، حيث يكون الرأس لينا في الشهور الأولى للولادة ولهذا تصنع على شكل دائري مع تسطيح خفيف من الخلف وهذا هو سر جمال رؤوس ابناء المنطقة التي نجدها في معظم الأحوال مستطيلة بعض الشيء ويسمى صاحبها في هذا الوقت (بوطبر).

أغاني المهد وترقيص الأطفال

إذا كانت الأغاني الشعبية هي ذاكرة الأمم، لأنها مرآة صادقة لكل الظروف المعيشية التي تمر بها المجتمعات، فإن أغاني المهد ما زالت ترتبط فيها النفس بأوصال من الهوى القديم تحمل في طياتها أعباء السنين.
أغاني المهد وترقيص الأطفال، هي من الأغاني القديمة التي تغنيها الأمهات لتنويم الطفل أو مداعبته و(تنقيزه) أي تقفيزه، وهذه الأغاني تحمل معاني الحب والمودة، لا سيما وان الطفل كان يوضع قديماً في الأرجوحة، أو (المنز) والذي يعلق من جوانبه الأربعة حتى يسهل هزه إذا بكى الطفل.
وكانت المرأة قديما بطبيعتها البسيطة تردد أغاني تهدهد بها طفلها، وتعكس هذه الأغاني جزءاً مهما من تراث

المجتمع، ويتضح من معانيها طريقة تربية الطفل قديما وحياة الاسرة. ومن أغاني تنويم الطفل :

حبيتك حب المال
والأهل والغنـى
حب الضــــنى
مـا حال دونه دون
حبيتك حب يدعى الملح والسكر
ويدعى عسى عويداث الثمام قرون

حبيتك لو تحبني كثره جان
من كثرة بداك جنون
وحبيتك يا وليدي
حب داخلن مستداخل
ومغزر له ما تراه العيون

وهذه الأغنية معروفة لدى أغلب الأمهات فهن بطبيعة الفطرة وغريزة الأمومة فيهن يجعلن معاني الأغنية في قلوبهن حتى وإن لم يرددنها. وكثيرة هي الأغاني مثل (باهاوي عليك)، و(صباحك بألف مهرة)، و(صباحك صباحين).


المادة :: الفصل الثاني - التنشئة الاجتماعية


مقدمـة :

تهدف عملية التنشئة الاجتماعية إلى إدماج العناصر الاجتماعية في الشخصية، وربطها بالبناء الاجتماعي للمجتمع. وتقوم التنشئة الاجتماعية بوظيفتين، الاولى وظيفة ظاهرة وهي تدريب الطفل على أداء انماط معينة من السلوك يرضى عنها المجتمع، ويتخذها دعامة لسلوكه طوال الحياة. والثانية وظيفة باطنة تتمثل في ربط أعضاء المجتمع بالبناء الاجتماعي. كما تعمل على إعداد الفرد لأداء الأدوار الاجتماعية المختلفة التي يتطلبها منه المجتمع بعد ذلك والخروج من نطاق ذاتيته والاتجاه نحو الاستقلال وتحمل المسؤولية.
وتشمل عملية التنشئة الاجتماعية التنشئة القيمية والثقافية، والتنشئة المهنية والتعليم الرسمي أو شبه الرسمي الذي يوفره المجتمع لأفراده سواء كان تعليما تقليديا أو حديثا.
تبدأ عملية التنشئة الاجتماعية بالاسرة حيث ينشا الطفل ويترعرع فيها، وفي إطار الاسرة الممتدة يتحرك الطفل في وسط مجموعة أكبر تتعدد فيها الأعمار وتشمل اختلاف النوع، كما أن أفراد هذه المجموعة من إخوان وأخوات وأبناء عمومة وغيرهم تمثل وحدة قرابية واجتماعية مترابطة ومتجانسة. وفي وسط هذه الوحدة القرابية الكبرى يستفيد الطفل من تجارب من هم أكبر منه سناً من أبناء العم والخال، كما يحظى بالإرشاد والرقابة من الجد والجدة والأعمام والعمات والخالات وخلافهم أثناء غياب الأم أو الأب ولربما خلال وجودهما، ويجد الطفل نفسه في وسط مجتمع كبير تتوافر فيه فرصة اللعب والتسلية والتعلم والملاحظة والتقليد والتعود على أساليب السلوك وإنشاء العلاقات والروابط وتقوية روح التضامن.


المادة :: مراحل التنشئة الاولى

يحتفظ تراثنا الشعبي بمظاهر تتعلق بالفترة الأولى من حياة الإنسان، فإلى جانب أغاني (المنز) أي المهد التي تحمل في تضاعيفها اختصارات وصوراً وحكماً وإيقاعات من داخل الطبيعة المجتمعية نفسها، هنالك العديد من الأشكال التي تعبر عن عالم الطفولة في هذا المجتمع. ومن هذه الأشكال الألعاب الشعبية وهي عديدة ومتنوعة وتتدرج حسب السن وحسب النوع ذكرا أو أنثى، وترتبط بتقوية الجسد والروح معا وبتعزيز أهمية اللعب عند الطفل من جهة وأهمية ان يحمل نوعية هذا اللعب طفولة الطفل ونظرة المجتمع إلى الحياة من جهة أخرى.

والى جانب الألعاب هنالك القصص التي تروى للطفل من قبل الجد أو الجدة، الأب أو الام، الجار أو الجارة. هذا بجانب بعض الاحتفالات التي تعبر عن انتقال الطفل من مرحلة إلى أخرى (كالتومينة) عند ختم القرآن، أو الاحتفال (بالسبوع) و(الختان) وغيرها من الاشكال التي تدل على محبة المجتمع تجاه الطفل (كالعيدية) في الأعياد و(حق الله) في منتصف شعبان).


المادة :: التسنين والكلام


من أهم خبرات التنشئة، البدء في عملية تعليم الكلام والنطق للطفل من لحظة ولادته عندما يقوم أحد أفراد الاسرة بالأذان في أذنه اليمنى وإقامة الصلاة في أذنه اليسرى ويقومون بذكر اسم الله عز وجل. وبعد إكمال الشهر يردد الأهل أمامه (الله الله ولا إله إلا الله، محمد رسول الله، الله ربك، ومحمد نبيك، الإسلام دينك، والمؤمنون إخوانك، والصالحات أخواتك).
ثم تستمر عملية تعليم النطق، ففي الشهر الخامس يبدأ الاهل المناغاة بترديد (داغ .. اغ) أو (أعون لا إله إلا الله) ويبدأ الطفل في الابتسام والضحك، وكلما كبر ازداد فهما وبدأ يردد كلمات أكثر تركيبا ويبدأ في محادثة أخوته، وأولى كلماته عادة (الله، أبه، أمه، أمبوه للماء، ماما، دادا، وبح، أي بس) ويقال ان البنت أول ما تنطق بابا والولد ماما.
وتشير بعض الروايات إلى استخدام الأهل القهوة وخاصة أول فنجان من (الدلة) إذ يعتقد ان اول فنجان فيه (حبة الفهامة) ويقال أيضا ان القهوة (تلب الياهل) أي تجعل الطفل لبيبا.
وتعتبر مناسبة التسنين إحدى المناسبات المهمة وهي تبدأ في الشهر السادس. ولظهور الأسنان للطفل عادات وتقاليد ومعتقدات خاصة، حيث تستعد الأسرة لاستقبال (أسنان اللبن) مثلما يطلق عليها. ويصاب الطفل عادة بالحمى وارتفاع الحرارة والإسهال والترجيع وآلام الشديدة في الرأس وتورم في العينين وتسرع الأم لمعالجة هذه الاعراض باستخدام الأعشاب الطبية (كالمحلب) الذي يطحن ناعما ويوضع على رأس الطفل، وهي مادة باردة ذات رائحة طيبة، وكذلك يستخدم الملح مع الماء البارد ويوضع على رأس الطفل. كما تسارع الأم ايضا إلى وضع السمن على راحة كف الطفل ورجليه ورأسه ورقبته لعل ذلك يخفف الآلام .. الخ، وهناك ممارسات ومعتقدات كثيرة حول مرحلة التسنين تشمل استخدام التعاويذ والأدعية أي (حجاب) و (القامة).


المادة :: تعليم المشي


عندما يكمل الطفل سنة من عمره تبدأ أمه وإخوانه في تعليمه المشي، وقبل السنة يبدأ بالزحف على بطنه، ثم بعد ذلك يجلس ابتداء من الشهر الثامن أو التاسع حيث تضعه الأم على رجلها وتحركه للأمام وللخلف وهو جالس، ويطلق على هذه العملية (الهدهدة). ثم يبدأ اخوته أو الأم والأب بالإمساك بيده وهم يرددون (تاتا حبوه مشي). أي تاتا حبيب مشى ويحاول الإمساك (الدعن) أي جدار العريش المصنوع من سعف النخيل، وفي محاولاته تلك يسقط ويقوم إلى أن يتعلم المشي. وقد تستخدم لمساعدة الطفل عصا صغيرة ليتوكأ عليها لعدة أيام حتى يعتمد على نفسه. وقد استخدم الأهالي قديما (الجالوسية) وهي مصنوعة من الخشب وتركب لها أرجل ليستطيع الطفل تحريكها، مثلما استطاعت الأسرة بالنسبة لتعلم تنظيم التغوط صناعة القيصرية كأداة مساعدة.
وهناك طرق وأساليب أخرى لتعليم الطفل المشي كأن يوضع في (القفير) وهي سلة مصنوعة من الخوص ويطاف به على الجيران، وبعد ذلك يتشجع ويمشي، أو يذهب به إلى مكان ويترك إلى ان يحاول العودة بالمشي من الخوف.
ولم يغفل المجتمع حالة الطفل المعوق (الكسيح) الذي افتقد القدرة على المشي. فيوضع كذلك في (القفير) ويدار به حول منازل الحارة ويرددون عليه بعض الكلمات مثل (أعطوا كسيحنا شاه) فيلتفت إليه بعض الناس ويعطونه النقود أو بعض الخبز والتمر إلى ان يتعود الطفل الكسيح على المشي. ويعتقد الأهل ان القيام بهذه العملية لمدة 4-5 أيام يساعد الطفل المعوق على التخلص من إعاقته، ولتعلم المشي طقوس وعادات في مجتمع الإمارات فهي مناسبة لنثر (الفلوس) والمكسرات والحلويات على رأس الطفل وتجهيز الملابس الجديدة له مرددين (صلينا على النبي بك ... ما شاء الله أبوي عليك. وتغني الأم لطفلها لتدربه على المشي، وقديما كان الغناء ملازما للتنشئة بكل مراحلها فالأم تغني والجدة تردد الكلمات ذات الموسيقى الخاصة لتعلم الابناء النشاطات الجديدة في حياتهم، ومن الأبيات الغنائية التي كانت ترددها الأم عندما يبدأ الطفل في تعلم المشي ما يلي :

هتي هتي يا باباه هات الحبوة حق ماماه
تاه تاه حبوه مشى سابق أمه على العشا
زقروا له المطوع يتعشى

وهي محاولة لتشجيع الطفل على المشي بأن يسابق أمه على العشاء، وأن ينادي على المطوع ليتعشى معه، وهي فرحة كبرى. وهكذا تلعب الموسيقى والغناء دورا في التعلم والتهذيب وصقل شخصية الطفل وفي مثل هذه الأساليب التربوية من الآباء تجاه أبنائهم تقوية للعلاقة بينهم.


المادة :: تعلم المهارات الأولى


تجدر الإشارة هنا إلى مسؤولية الأم بجانب الأب عن تربية النشء، البنين والبنات على حد سواء حيث لا تفريق في المرحلة الاولى من الطفولة بين الجنسين. وفي مجتمع الإمارات ما قبل التغيير الكبير بعد الطفرة النفطية، كانت الأم كثيرا ما تقوم مقام الأب وتنوب عنه اثناء رحلات الغوص أو الاسفار الملاحية والتجارية التي كانت تفرق بين الاب وابنائه لفترات طويلة. وبشكل عام تلعب المرأة دورا كبيرا في عملية التنشئة القيمية خلال مرحلة الطفولة المبكرة، حيث غالبا ما يكون الأطفال داخل المنزل أو على مقربة منه.
خلال فترة الطفولة الاولى تشرع الاسرة في تعليم الطفل أو الطفلة البدايات الاولى للاعتماد على النفس مثل استخدام المرحاض والنظافة وطريقة الحديث وبعض القواعد البسيطة لآداب السلوك مثل احترام الكبير وتوضيح اختلاف النوع والأدوار بالنسبة للبنت والولد وبعض القيم الدينية والاجتماعية المهمة مثل الصدق والأمانة.
ويحتل التراث الديني مكانا مرموقاً في عملية التنشئة الاجتماعية. وبالنسبة لمجتمع عربي إسلامي مثل مجتمع الإمارات، فإن هذا التراث يتمحور أولاً حول القيم والمفاهيم الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة الشريفة وسير الصحابة والتابعين والشخصيات الاسلامية الشهيرة والقيم الانسانية النبيلة كالصدق والعدل والامانة والعفة .. الخ. ويكون دور التراث الشعبي في التنشئة الاجتماعية من خلال بعض الانماط التراثية والمناشط الشعبية المتداولة في الاوساط الاجتماعية من الاجداد للآباء، ومن الآباء للأبناء كالأهازيج الشعبية والقصص الشعبية (الخراريف) والألعاب الشعبية، فضلا عما يصل الطفل بطرق مختلفة من التراث العربي المدون والذي يحكي عن سير ومنجزات الرسول والصحابة الأوائل.
احتفظ مجتمع الإمارات بتقاليد عريقة في التعامل مع الطفل حيث يحفل تراثنا الشعبي بخبرات في التعامل مع الولد والبنت في الصغر وتأهيلهما لمغامرة الحياة. وبرغم بعض الاختلافات البسيطة في أساليب وظروف التنشئة بين الساحل والبادية والجبل أو من بيت لآخر، إذا أن هناك جوانب أساسية مشتركة عمت المجتمع، فالطفل يربى على أسس الدين الإسلامي، ووفق الأعراف والعادات والتقاليد، ووفق وضعية القبيلة وبما حولها بيئيا وبمن حولها من القبائل الأخرى اجتماعيا، هذا إلى جانب أنه ومبكراً تسعى القبيلة أو (الفريج) إلى الحي إلى نقل خبراتها الإنتاجية إلى الطفل، وتمتد هذه الخبرات الإنتاجية من تربية الإبل إلى الصيد بالصقور في البادية، ومن توزيع الأفلاج إلى سف (الحابول) أي عملية التذرية عند المزارعين، ومن (القلافة) أي صناعة السفن إلى (الطواشة) أي تجارة اللؤلؤ إلى النواخذة عند البحارة أو غيرهم من سكان الساحل.
لم يكن الأبناء في مجتمع الأمس يعانون من الانفصال عن كبار السن خاصة حيث يأخذ كبير السن في اعتباره اهمية استقطاب الشاب إلى جلسته كي ينقل له خبراته ومعارفه ومشاعره. هكذا يسعى (الشايب) وكل في موقعه من شيخ أو فارس وحتى بائع الماء أو الراعي إلى اكتشاف أفراد جدد لتعلم (صنعة جديدة) ومن خلال نجاح هذا الاكتشاف أو فشله يبدأ الشاب في حصد خبرات الجيل السابق له، وذلك عندما يبدأ في اختيار زوجته المناسبة لعائلته وإمكانياته وظروفه، هذا إذا ما استثنينا امتلاء روح الشباب بالطموح وملاحقة الامجاد.
لقد كان الشباب مستوعبا في مجتمعه، وكان هذا المجتمع يدرك حساسية هذه السن والقلق الكبير الذي يعتري الشاب في فترة الاختيار رغم إمكانيات الاختيار المحدودة، لهذا فمن عادة مجتمعنا مسامحة الشاب على زلاته، متى ما كانت هذه الزلات طريقة للتعلم من الخطأ ووصولا إلى مكانة الرجولة عند الولد ومكانة الحرمة عند الفتاة.
وقد ابتكر المجتمع للشباب مجالات واسعة للتعبير عن حماسة الشباب في الحفاظ على نقاء قبيلته وعزتها وأمنها وحياتها. وإذا كان نقل الخبرات إلى الشباب أحد هذه المجالات، فإن مشاركتهم في القول والفعل الاجتماعي وضرب الأمثال العليا للاخلاق الحميدة كالشجاعة والكبرياء والثقة بالنفس والكرم للشباب عبر القدوة الحسنة قدوة الأب أو احد كبار القوم أو المطوع أو فارس القبيلة ودفع الشباب لتحقيق هذه الامثال عمليا، بل ومحاولة تحقيق أقصى ما يمكن ان يتحقق من هذه الأهداف المثالية، فهو مجال آخر.
ولعل الفروسية إحدى الوسائل التي يتبعها المجتمع ليضع شبابه على الطريق لتحقيق مثال الشجاعة، وفي جعل المثال واقعا وليس وهماً يورثه المثال للتكاسل بل نشاطا في الحياة يتحقق بالرغبة والتدريب والطموح والعمل. وهكذا يعد الرجل للحرب والعمل، أما المرأة فإنها تعد لتكون زوجة وأما. وهي في ظل الظروف التي تفرضها البيئة عليها مشاركة الرجل في شؤونه ومساعدته على صعاب الحياة. لهذا فإن الوظائف في المجتمع موزعة بين الرجل والمرأة دون ان تفقد المرأة ولو جزءاً من تمسكها بالشريعة الإسلامية أو بالأعراف البدوية.
والذاكرة الشعبية في مجتمع الإمارات تخصص الكثير من العادات والتقاليد لتلك الخبرات التي تنقلها الأم إلى ابنتها كي تعدها زوجة صالحة لرجلها، والاعداد لا يقتصر على الجانب المعيشي فحسب وإنما على الجانب الأنثوي ايضا المتعلق بأن تكون المرأة قادرة على ان تحقق لزوجها الإشباع الذي هو سنة الدين والعرف ولا غنى لجسد الإنسان عنه. والزواج أحد الطقوس الشعبية الفنية في المجتمع وهو غني بالعادات التي تسبقه والتي تكرس اختيار الرجل المناسب والمرأة المناسبة، وعندما يتم الاختيار تكون (الخطبة ثم – الملكة – أي عقد القران وبهذين المرحلتين اللتين تسبقان الدخلة يتحقق تعرف الرجل على المرأة والعكس، دون ان يخل ذلك بدين أو اخلاق وأعراف المجتمع.
بعد الزواج تصبح البنت التي كانت صبية في بيت أبيها زوجة ومن ثم تصبح اما وهي في كلتا الحالتين تستعيد نتائج ذلك الإعداد والتكوين الذي حاول أهلها نقل عاداتهم وأعرافهم خبرة إليها. وبقدر ما للزوجة من احترام وتقدير من قبل الرجل فإن الام وعلاقة الابن بها تعكس اسطع مظاهر عاداتنا وتقاليدنا في احترام وتقدير والدينا، هذا التقدير الذي ثبته الإسلام عبر آيات واضحة وأحاديث تجعل (جنة المؤمن) تحت أقدام الأمهات. وفي هذا السياق فإن الأم في تراثنا الشعبي سواء في غياب الاب أو حضوره مسؤولة عن البيت، بيت الرجل، عن عياله، وحلاله، وماله، فإلى جانب إدارة البيت من الداخل فإن دورها في تربية الابناء وفق ما يتطلبه المجتمع أو القبيلة من كل فرد أخلاقياً وعملياً لا مراء فيه.
وهكذا ومن البدء تنصرف الأم لتكوين ابنها لتحقيق النموذج البدوي للرجولة وابنتها لتكون (حرمة) محافظة على شرف أهلها وقبيلتها ومجتمعها كيفما كانت وأينما كانت.
وبقدر ما تكون الزوجة والأم محترمة داخل البيت فإن للرجل مكانة رب البيت (وشيخه) لهذا فإن احترامه واجب على الزوجة والأبناء على السواء، وهو من جانبه يسعى إلى إعاشة بيته عيشة راضية مع المحافظة على كرامته واسمه بين البيوت، وكذلك على عزة ومسؤولية قبيلته ومجتمعه. هذا إضافة إلى مشاركة الأم في العمل سوية لبناء التكوين النفسي والجسدي والاجتماعي للأبناء.
في المراحل المتقدمة من عملية التنشئة الاجتماعية للأولاد تبدأ الأسرة في ممارسة السلطة على الابناء ويبرز فيها دور الأب بأهمية أكبر من دور الأم التي تكون قد أدت الرسالة في سنوات الحضانة التي بدأت من الميلاد وحتى الخامسة أو السادسة من عمر الطفل أو الطفلة. وإذا أحسنت الأم التربية فقد قامت بنصف التربية، ففي مرحلة الطفولة المبكرة تتكون الأسس للصحة النفسية والعقلية والجسمية للطفل. في المرحلة التالية تتشكل الشخصية كذات مستقلة للطفل وتزداد خبراته، وتتاح له فرص الاستقلال والاعتماد على النفس والتفاعل مع الغير.
إن لرب العائلة السلطة المطلقة في تربية الصبية، فإذا قام أحدهم بأمر لا يليق فإن والده يوبخه وقلما يضربه وخاصة حين يصبح فوق العاشرة من العمر أو عندما يكون الأب كبيرا في السن ويحتاج في أعوامه المقبلة إلى من يعيله أو يساعده في شيخوخته.
وتخبرنا الذاكرة الشعبية عن ميل الأطفال إلى المشاركة في جلسات الكبار، حيث يتردد الصبية حين يكبرون على مجالس الرجال ويستمعون إلى أحاديث الكبار ويتعلمون آداب المجلس، ويقومون بواجبات الضيافة في مجلس والدهم ويكتسبون من الكبار المعارف والعلوم والعادات والتقاليد الأصيلة ليتأهلوا بها للحياة وللممارسة العملية التي تجعل منهم رجالا يعتمدون على أنفسهم في مجالات الحياة وقسوتها البيئية والمعيشية. وفي الوقت نفسه يكلف الأطفال ببعض الأمور المنزلية كالالتفات إلى الإبل أو الخيول وسقيها، ويتم تدريبهم في البادية الصحراوية والجبلية على الرماية. وهكذا تطبع البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها أسرة الصبي خصائصها العامة عليه، كما تحرص الأسرة على توجيه الأولاد وإرشادهم ونقل ثقافة المجتمع لهم وغرس عادات وتقاليد الجماعة في نفوسهم حتى لا يتسبب الأبناء في ما يسيء للمجتمع. ولأن الحياة في الماضي كانت صعبة وقاسية وتحتاج إلى الخشونة والشجاعة والصبر وقوة التحمل فإن الاب قد يقسو على الأبناء أثناء تربيتهم وعلى الابناء الطاعة والتحمل.
وهكذا نجد ان الاسرة تقوم بمجموعة من الوظائف الجوهرية، وهي كلها وظائف اجتماعية، كما ان هناك تداخلا وتفاعلا مع أسس المجتمع ولكن نظرا لانعدام المؤسسات الرسمية التي تقوم بنقل التراث والثقافة والتعليم في المجتمعات التقليدية الصغيرة، لذلك تقع على الاسرة المسؤولية الكبرى سواء كانت اقتصادية أو ثقافية ... الخ.


رد مع اقتباس