عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2010, 08:27 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: التراث الشعبي هي الحصيلة الانسانية لكافة الشعوب

المادة :: مركز زايد للتراث والتاريخ

يشكل مركز زايد للتراث والتاريخ إضافة جديدة للثقافة والمعرفة وللباحثين في التراث والتاريخ، حيث يعتبر هذا المركز دعامة من دعامات الجهد المبذول للحفاظ على تراث الآباء والأجداد ولكن بنهج علمي رصين وذلك من خلال اتباع المنهج العلمي في إعداد مثل هذه الدراسات، وهو بذلك يقوم بسد العجز القائم في معظم مؤسسات الدولة الضالعة بالاهتمام بتدوين التراث بطريقة علمية.
أما عن نشأة هذا المركز فهو امتداد لنادي تراث الإمارات، وقد أنشئ في عام 1998 ويعد وحدة تنظيمية ذات طابع علمي تابعة لنادي تراث الإمارات، أما بالنسبة لنظامه الإداري والمالي فهو يتمتع باستقلالية في هذه الناحية وذلك في حدود اللوائح المنظمة له.
ويصب الهدف الرئيسي للمركز في كونه يوجه العناية اللازمة إلى البحث العلمي في مجال التاريخ والتراث الوطني لدولة الإمارات إضافة للتراث الخليجي والعربي كما ان له اهتماما خاص بإعداد الدراسات والبحوث الخاصة بالتراث الشعبي في الدولة وتوثيقها وما إعداد هذا الكتاب إلا ترجمة فعلية لهذا الهدف، بالإضافة إلى أهداف اخرى مثل إعداد دورات تدريبية، وإنشاء مكتبة مرجعية تتوافر فيها أمهات الكتب والمراجع والمصادر وبخاصة في مجال التاريخ والتراث، كما يهدف المركز لمد جسور التعاون مع المنظمات الدولية والمؤسسات العلمية والمراكز البحثية ذات الاهتمام المشترك وذلك بهدف الاستفادة وتبادل الخبرات بين هذه المراكز، كما يسعى المركز إلى إقامة المؤتمرات والمنتديات الفكرية والندوات، إضافة إلى إصدار الكتب وتحقيق المخطوطات.
وقد ترجم المركز الكثير من هذه الأهداف لواقع ملموس، فقد قام بعقد العديد من المؤتمرات أهمها تلك التي تخدم قضية التراث مثل (الملتقى الخليجي الاول للتراث والتاريخ الشفاهي) الذي عقد في 21-23 مارس 1999، أما المؤتمر الثاني فقد كان تحت عنوان (مناهج توثيق التراث الشعبي في الإمارات والخليج العربي) والذي عقد في 26-28 مارس 2000م. إضافة لعقد العديد من الندوات والمحاضرات والدورات التدريبية في هذا المجال، أضف إلى ذلك الإصدارات التي قام المركز بإصدراها والتي وصلت قرابة 70 كتاباً في التراث والتاريخ.


المادة :: جامعة الإمارات العربية المتحدة


أولت جامعة الإمارات اهتماما خاصا بالتراث بصفة عامة والتراث الشعبي بصفة خاصة، وقد كان تأسيس مركز بحوث التاريخ والتراث الشعبي نقطة البداية لدور الجامعة في مجال الاهتمام العلمي بالتراث الشعبي، كما يتضح لنا هذا الاهتمام من خلال طرح بعض الكليات لمساقات تعنى بالتراث، ومن بين هذه الكليات، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكلية العلوم، وكلية الزراعة، وكلية التربية، إضافة إلى كلية الهندسة.
ومن خلال قراءة متعمقة في خطط هذه الكليات، نلاحظ أن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، أخذت على عاتقها الدور الأكبر في هذا المجال ويتضح لنا هذا جليا في الاهداف التي حددتها الكلية لنفسها ويمكن لنا أن نحددها في النقاط التالية :
1. تنمية الدراسات التي تتصل بالحضارة العربية الإسلامية، ويبدو هذا واضحا من خلال المساقات التي تطرحها بعض الاقسام في الكلية فقسم التاريخ طرح مساق (تاريخ الحضارة العربية والاسلامية)، أما قسم الاجتماع فمساقه متمثل في (رواد الفكر الاجتماعي العربي والإسلامي)، أما قسم الاتصال فقد طرح مساق (الاتصال في التراث العربي والاسلامي)، أما قسم العلوم السياسية فقد طرح مساق (الفكر السياسي الإسلامي).
2. إحياء التراث العربي الإسلامي، والكشف عن مظاهر الإبداع فيه، ووصله بالحاضر والمستقبل، ويبدو لنا تحقيق هذا الهدف واضحا كذلك من خلال بعض المساقات التي تطرحها بعض اقسام الكلية فنلاحظ ان قسم اللغة العربية طرح في هذا المجال المساق المتمثل في (قراءات في التراث النقدي البلاغي)، وكذلك قسم التاريخ طرح مساق (فن العمارة والزخرفة الإسلامية).
3. إعداد جيل واعٍ بتراثه الوطني، مدركا لقيمه، ساعيا للحفاظ عليه، ويبدو لنا هذا جليا في المساقات التي يطرحها قسم الاجتماع وهي المتمثلة في مساق (التراث الشعبي) و(التراث الشعبي في مجتمع الإمارات) و(تدريب عملي في جمع وتوثيق التراث الشعبي)، وكذلك قسم التاريخ من خلال مساقه (آثار دولة الإمارات العربية المتحدة والخليج العربي).

كما نلاحظ ان هذا الاهتمام امتد ليشمل كلية الهندسة كذلك، فهي مضطلعة بالتراث المادي بالتحديد، وهو المتمثل في التراث المعماري، مثل مساقات (العمارة الإسلامية) و(التراث المعماري بدولة الإمارات).
وقد كان لكلية الهندسة بادرة جادة في هذا المجال، عندما قام مجموعة من طلاب الكلية بإعداد وتوثيق معماري كامل لاثنين وعشرين مبنى تقليديا في مناطق عديدة في الدولة وذلك من خلال إعداد دراسة تحليلية كاملة عن المبنى وذلك في إطار التطبيق العملي لمساق التراث المعماري في الدولة، فهذا المشروع القيم الذي أشرفت عليه د. أمل القبيسي يهدف إلى إيجاد نوع من الترابط الوثيق بين الطلبة وتراثهم، كما يعتبر هذا المشروع بمثابة حجر الأساس في الطريق لبناء موسوعة عن التراث المعماري لدولة الإمارات بأسلوب علمي رصين يفيد أي باحث أو دارس أو راغب في التعرف على هذا التراث العريق.
كما لا يمكننا ان نغفل دور الكليات الأخرى في هذا المجال، فهي تقوم بطرح مساقات تصب كلها في خدمة التراث المحلي والعربي والإسلامي، وللجامعة نشاطات أخرى كذلك كعقد العديد من الندوات والمؤتمرات التي تخدم قضايا التراث المحلي والعربي والإسلامي، من خلال الطرح السابق، نلاحظ أن جامعة الإمارات تسهم إلى حد كبير في خلق جيل مدرك لأهمية التراث الشعبي وقادر على التعامل معه بصورة منهجية علمية صحيحة.


المادة :: مركز الوثائق والبحوث


يعد هذا المركز من أقدم المؤسسات الثقافية في دولة الإمارات، إذ يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1968، وهو يتبع حالياً ديوان رئيس الدولة ومقره أبوظبي وذلك بعد ان تولت عدة جهات رسمية الإشراف عليه، ويهدف المركز إلى جمع وتوثيق المادة المكتوبة عن دولة الإمارات بخاصة ومنطقة الخليج بصفة عامة، وهو بذلك يعد واحداً من أكبر مراكز الوثائق على مستوى منطقة الخليج العربي، ومن أهم الأقسام التي يحتويها المركز، قسم المكتبة والدوريات التي تحتوي على العديد من الكتب التاريخية إضافة للكتب التي تتناول تاريخ المنطقة وكذلك بعض المخطوطات القديمة، وهناك قسم الترجمة الذي يهتم بترجمة الوثائق المتعلقة بدولة الإمارات ودول الخليج، وفي المركز قسم خاص بالتوثيق المعاصر حيث يضطلع هذا القسم برصد جميع الأحداث المعاصرة التي تشهدها الدولة، إضافة إلى قسم خاص بنشاط المرأة في دولة الإمارات.
أما عن أهم أنشطة المركز، فنلاحظ أن المركز قد قام بتأسيس عشرة أرشيفات للدول الأجنبية التي ارتبط تاريخها بالمنطقة، إضافة لإصداره مجموعة من الكتب المهمة عن تاريخ المنطقة ككتاب (قصر الحصن وحكام آل فلاح) وكتاب (الآثار في دولة الإمارات).


المادة :: ندوة الثقافة والعلوم

وهي عبارة عن مؤسسة ثقافية علمية تأسست في عام 1987 في دبي، أما عن أهم أهدافها وأنشطتها، فهي مهتمة بأمور الثقافة والمشاركة في فعاليات وأنشطة ثقافية وعلمية متعددة، وذلك بهدف تعزيز مسيرة الثقافة والعلم بدولة الإمارات، والسعي الدؤوب لترسيخ القيم والمفاهيم الثقافية السامية، كما تحرص هذه المؤسسات على توطيد الصلات والعلاقات الإيجابية الفاعلة مع المؤسسات المماثلة سواء أكانت على مستوى البيئة المحلية أو البيئة العربية، وربط جهود الندوة مع جهود الجهات الأخرى. ومن أبرز إصداراتها في مجال تدوين التراث كتاب (الإمارات في ذاكرة أبنائها) الذي أتى في ثلاثة أجزاء وكان من عمل أحد أبناء الإمارات وهو الأستاذ عبدالله عبد الرحمن آل رحمة.


المادة :: مجمع زايد لبحوث الاعشاب والطب التقليدي


يعتبر العلاج بالأعشاب أحد المعتقدات والموروثات الشعبية المهمة ليس على مستوى المنطقة فحسب وإنما على المستوى العربي والإسلامي، فهناك الكثير من المواد التراثية الطبية المهمة التي وردت في مصنفات علماء العرب والمسلمين، لذلك يساهم الاهتمام بهذا الجانب في تدوين جزء مهم من تراثنا القيم، وقد استوعبت القيادة السياسية في دولة الإمارات أهمية هذا الموضوع وترجم هذا الاستيعاب إلى إنشاء الصرح العلمي الذي يطلق عليه اسم (مجمع زايد لبحوث الأعشاب والطب التقليدي)، فقد تم إنشاؤه بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وذلك في نوفمبر من عام 1996. وكان الهدف الرئيسي منه هو الاستفادة من هذا الإرث القديم في مجال التطبيب وتطويره وذلك عن طريق ربطه بالعلوم والتقنيات الحديثة، فالمجمع أنشئ ليكون مجمعا متكاملا للعلاج والبحث وتصنيع الأدوية الطبية العشبية من النباتات في دولة الإمارات.


المادة :: المؤسسات المعنية بحفظ المخطوطات العربية والإسلامية

بالإضافة إلى هذه المؤسسات البحثية التي تعنى بالتراث وتساهم بشيء أو بآخر في توثيقه وحفظه، هناك كذلك مؤسسات بحثية لا تقل أهمية عنها، وهي تساهم في حفظ المخطوطات العربية والإسلامية التي تعتبر أحد الروافد المهمة لتراثنا العربي والإسلامي، وإحدى الركائز التي قامت عليها حضارة العرب والمسلمين، بل امتدت أهميتها للأقاليم المجاورة وأخص بالتحديد أوروبا فقد استفادت أوروبا من هذا التراث الغني وخاصة في عصر النهضة الأوروبية عند بداية تأسيس الحضارة الغربية، وذلك عن طريق قيامها بترجمة وتحقيق الكثير من مواد هذا التراث المخطوط، في مختلف جوانبه سواء أكانت الفكرية منها أو العلمية أو الادبية أو الفنية. والشاهد على ذلك ما توافرت عليه المكتبات الكبرى المنتشرة في أنحاء العالم سواء تلك التي في لندن أو باريس أو نيويورك أو في هولندا أو في غيرها من العواصم العالمية من نوادر المخطوطات العربية والإسلامية.
وعلى الرغم من أهمية هذه المخطوطات لكونها أقوى ميراث ثقافي كتاب في التاريخ إلا أن الوعي باهميتها لا يزال قاصرا عند العرب مع الأسف، وان بدأ يطرأ عليه نوع من التغير في الفترة الأخيرة، فقاموا بإنشاء المراكز التي تعنى بتحقيق وحفظ المخطوطات وفي دولة الإمارات بدأ ظهور المراكز التي تعنى بالتراث الفكري المخطوط ويأتي في طليعة هذه المراكز مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي، أما في إمارة ابوظبي فهناك قسم المخطوطات الموجود في المجمع الثقافي وكذلك مركز زايد للتراث والتاريخ الذي سبقت الإشارة إليه. وسنقدم في الأسطر التالية نبذة مختصرة عن جهود كل مركز في هذا المضمار :
مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث
ترجع بدايات تأسيس هذا المركز إلى عام 1988 حيث بدأ في تلك الفترة وضع النظام الأساسي واللوائح الداخلية، ولكن نشاطه الفعلي بدأ في عام 1993، أما عن أهم أهداف المركز فهي تدور حول حماية التراث الوطني من الاندثار والضياع في خضم هذا التطور الحاصل في كل مناحي الحياة الإنسانية. ويقوم المركز بترجمة هذا الهدف إلى واقع ملموس من خلال إفراد قسم خاص لهذا التراث الوطني الذي يحتوي على الكثير من الوثائق التي تعتبر في الواقع سجلا تاريخياً وتوثيقياً عن المنطقة، إضافة لاحتوائه على أهم موروث فكري وهو المتمثل في المخطوطات، حيث يحرص المركز على اقتناء المخطوطات ذات القيمة العلمية الكبيرة، ولا يتوقف عمله على مجرد الاقتناء فقط وإنما يمتد لصيانة هذه المخطوطات وترميمها وحفظها وذلك عن طريق إنشاء شعبة خاصة للترميم. كما قام المركز بفهرسة هذه المخطوطات وذلك عن طريق نموذج خاص بالمركز حيث يتضمن هذا النموذج كل المعلومات التي تهم الباحث عن هذا المخطوط، مثل عنوانه، اسم مؤلفه، بدايته ونهايته، قياسه وتصنيفه حسب الموضع .. الخ، كما قام المركز في هذا الإطار بإقامة دورة تدريبية عن صناعة المخطوط العربي الإسلامي وذلك بالتعاون مع جامعة الإمارات العربية المتحدة والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم.

المجمع الثقافي (قسم المخطوطات ومصوراتها) :

يعتبر هذا القسم من الاقسام الحديثة في المجمع الثقافي حيث أخذ شكله النهائي عام 1988، وقد انشئ في الواقع للعناية بالكنوز التراثية المخطوطة ومصوراتها. وقد شرع القسم في تحقيق هذا الهدف من خلال مجموعة من الأنشطة، فقد قام باقتناء أهم المخطوطات بحيث بلغ إجمالها قرابة الأربعة آلاف مخطوطة، موزعة على مختلف العلوم كعلوم القرآن الكريم والحديث واللغة العربية والفقه والطب والزراعة والحساب ... الخ، إضافة للمصاحف الشريفة التي يوجد منها قرابة (50) مصحفاً، ولقد زود المجمع قسمه بكل الوسائل والتجهيزات التي تساعد المحقق والباحث في تحقيق أهدافه، من مصادر وفهارس وكشافات وأدوات بصرية وتصويرية .. الخ.

ب- المؤسسات الخدمية :

يقصد بها المؤسسات الرسمية التي تقدم خدماتها للجمهور، فنتيجة لعدم وجود جهة رسمية واحدة أساسية تكون مهمتها حفظ التراث على نطاق الدولة بشكل عام، نلاحظ نتيجة لذلك قيام بعض الجهات الرسمية بالاهتمام بالتراث في نطاق اختصاص كل منها ... فيبرز لنا في هذا المجال عدة جهات رسمية، مثل وزارة الإعلام والثقافة، البلديات المنتشرة في أرجاء الدولة، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ... وسيتم عرض نبذة عن دور كل منها من خلال الأسطر التالية :
1. وزارة الإعلام والثقافة : وقد أفردت للتراث قسما ضمن الإدارة الثقافية، أما عن اهتمامها بهذا الجانب فنلاحظ انه يتركز معظمه على الجانب الفني وهو المتمثل في الفنون الشعبية من حيث دعمها للفرق الشعبية، كما تساهم الوزارة في نشر الفنون الشعبية المحلية والتعريف بها على نطاق الدول وذلك من خلال المشاركة في المهرجانات العربية والدولية، إضافة لهذه الأنشطة تقوم الوزارة كذلك بطبع بعض الكتب التراثية وكتب الشعر الشعبي. أما بالنسبة للإذاعة والتلفزيون فلهما بعض الاهتمام بهذا الجانب ولكن طغى الفن والشعر الشعبي على الروافد الأخرى.
2. دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة : أنشئت هذه الدائرة بموجب مرسوم أميري صدر من قبل صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة عام 1981، وذلك للإشراف على تسيير البنية الثقافية والعمل على تنسيق ورعاية مختلف الأنشطة الثقافية والفكرية والفنية والأدبية التي ظهرت في إمارة الشارقة في تلك الفترة.
وفي إطار المحافظة على التراث وبثه للأجيال الناشئة أنشأت دائرة الثقافة والإعلام إدارة التراث التي قامت بتنفيذ مجموعة من المشروعات الحيوية في هذا المجال والعديد من المتاحف التي تعتبر نقلة نوعية خاصة لاطلاع ابناء الوطن على ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، ومن هذه المتاحف متحف التاريخ الطبيعي ومتحف الآثار ومتحف الشارقة للتراث والمتحف الإسلامي وغيرها من المتاحف المنتشرة في مختلف إمارة الشارقة.
3. البلديات : تقوم البلديات في هذا الإطار بإنشاء وإدارة المتاحف التراثية، فالمتاحف لها أهمية كبرى في توثيق التراث وخاصة في جانبه المادي، لأنها في الواقع تجسد مظاهر حية من التراث الشعبي والآثار التاريخية للبلاد، ولذلك نلاحظ أنها تسهم بشكل أو بآخر في رفع درجة الوعي التراثي والأثري لدى المواطنين، وتنمي الشعور الوطني والاعتزاز بالهوية.
وفي إطار اهتمام الدولة بتوثيق التراث المادي نلاحظ أنها شرعت في تأسيس العديد من المتاحف في مختلف أنحاء الدولة متبوعة بتأسيس إدارات الآثار والسياحة والتي تشرف على هذه المتاحف، فيطالعنا في هذا الصدد أول المتاحف التي انشئت في الدولة في كل من مدينة العين وإمارة دبي وكان ذلك في عام 1971، وبعد ذلك توالى إنشاء المتاحف في مختلف إمارات الدولة، ففي عام 1987 افتتح متحف رأس الخيمة، اما في عام 1991 فقد شهدت الدولة ولادة متحفين هما متحف عجمان ومتحف الفجيرة، وفي عام 2000 افتتح متحف أم القيوين الوطني. كذلك في العام نفسه افتتح متحف المحطة في الشارقة ويكتسب هذا المتحف أهمية خاصة لكونه شيد على ارض منطقة كانت هي أول مطار أقيم في الدولة فلذلك يعتبر هذا المتحف شاهدا على حقبة سياسية واجتماعية من تاريخ الإمارات. والملاحظ على معظم متاحف الدولة انها اتخذت من الحصون التاريخية مقرا لها، فنرى على سبيل المثال متحف رأس الخيمة الذي افتتح في مبنى الحصن الذي ينتمي للقرن الثامن عشر، كذلك متحف عجمان الذي أقيم في حصن عجمان القديم الذي يرجع بناؤه إلى مطلع القرن الثالث عشر الهجري، أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وكذلك متحف دبي الذي أنشئ في حصن الفهيدي والذي تأسس كذلك في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.
وهذا بلا شك يعتبر توثيقاً لتاريخ وتراث الإمارات. كما تحمل هذه المتاحف رسالة ضمنية تؤكد من خلالها ان الصلة بين التاريخ والتراث متلازمة أبدا فإذا كان التاريخ هو ذاكرة الأمة فالتراث روحها، كما تؤكد هذه المتاحف أنها معنية بحفظ وتوثيق جزء مهم من تراثنا وتاريخنا وهو المتمثل في الجانب المادي منه.
كما لا يمكن ان يفوتنا في هذا المقام عمليات الترميم المستمرة التي تقوم بها البلديات للمباني التاريخية المنتشرة في ارجاء الدولة وتشمل هذه المباني البيوت القديمة والقلاع والحصون، وفي الواقع تعتبر عمليات الترميم أصدق معيار يدل على اهتمام الدولة بإحياء التراث ونشره. كما يمكن ان نعتبره جزءا من العمل السياحي التي تعتمده الدولة في التعريف بنفسها للشعوب الأخرى.
4. وزارة العمل والشؤون الاجتماعية : اهتمت بالتراث من عدة نواح، فهي تشرف على عمل جمعيات الفنون الشعبية، كما أنها تهتم بالتراث عن طريق إنشاء مراكز التنمية الاجتماعية التي تسعى من خلالها إلى تدريب المرأة على أعمال التراث التي كانت تمارس في الماضي.



المادة :: رؤية تقييمية


بينت هذه الدراسة التي تناولت مظاهر الاهتمام بالتراث الشعبي في دولة الإمارات ان ازدياد الوعي بأهمية التراث وحفظه جاء من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي مرت بها الدولة وخاصة في العشر السنوات الأخيرة، وهذا الوعي في حد ذاته عامل مهم في إحياء التراث الشعبي وحمايته، إلا أن هذا الاهتمام كان له جذوره مع مطلع السبعينات من خلال المساهمات الفردية المبكرة، ومن ثم من خلال الجهود الشعبية والأهلية التي بدأت في عقد الثمانينات، ولكن عقد صحوة التراث الذي بدأت تتدخل فيه مؤسسات الدولة لحماية هذا التراث وحفظه من خلال إنشاء بعض المراكز البحثية والعلمية، إضافة لإنشاء المؤسسات والأندية التراثية كان ذلك في فترة التسعينات.
وإلى جانب هذه المؤسسات تبقى كذلك مؤسسة مهمة تساهم بشكل رئيسي في تشكيل هوية وصياغة ثقافة أفراد المجتمع وبالتالي الحفاظ على جزء من التراث من الاندثار، تتمثل هذه المؤسسة في الأسرة، فالأسرة كانت ولا زالت تشكل البيئة الرئيسية لثقافة الطفل، فمن خلالها يتلقى الطفل الجزء الأساسي من عاداته وتقاليده ويتم تناقلها بشكل مبسط وتلقائي، كما تساهم في حفظ المأثورات الشفاهية عن ظهر قلب وبشكل سريع إضافة إلى تلقين الطفل الكثير من المعارف الشعبية المتداولة في المجتمع، إلا أن هذه السلوكيات للأسرة كانت تمارس قديما، أما في الوقت الحاضر نلاحظ أنه لم يبق منها إلا النزر القليل. لذلك تؤكد من خلال هذه الورقة العلمية على أهمية دور الأسرة في هذا المجال وأنها تأتي في مقدمة المؤسسات سواء أكانت الشعبية منها أم الرسمية في الحفاظ على هوية المجتمع من خلال تلقين الجيل الناشئ الجوانب الإيجابية من التراث الشعبي الموروث، لان هناك جوانب سلبية أثبت الإسلام والعلم الحديث بطلانها منها على سبيل المثال تناقل بعض العادات والتقاليد السيئة (العيب والحرام) على الرغم من تنافيها مع مبادئ الشريعة، إضافة لبعض المعتقدات الدينية الخاطئة (كالأضرحة والأعمال السحرية)، كذلك الإيمان المطلق بأن جميع حالات عدم التوفيق بسبب (العين والحسد)، وغيرها من المعتقدات والممارسات السلبية التي لابد من تفاديها.
وفي محاولة لتقييم الجهود المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات الرسمية البحثية في هذا المجال، نلاحظ أن معظم الجهود منصبة على دواوين الشعر النبطي ولقد كشف عن ذلك إحصائية تقريبية للموضوعات التراثية التي جمعت عن طريق الأفراد والمؤسسات في الإمارات ولقد قام بهذه الإحصائية الأستاذ عبدالله الطابور، فقد بينت هذه الإحصائية ان موضوع دواوين الشعر النبطي احتل المركز الاول وذلك برصيد 58 عمل موزعة ما بين جهود الافراد التي بلغت في هذا المجال 45 عملاً وجهود المؤسسات التي بلغت 13، أما الحديث عن بقية أصناف التراث الشعبي وأنماطه فنلاحظ أن هناك نقصا واضحا في جمع بقية المواد التراثية كالحكاية الشعبية والسير والتراجم الشعبية والحرف والصناعات وغير ذلك من مواضيع لم تظهر في دراسات جادة وإنما جاءت بتعاريف ضيقة وكان معظمها من قبل جهود أفراد.
أما الملاحظة على المراكز والمؤسسات الرسمية القائمة على هذه الأعمال، فنلاحظ ان معظم الجهود صادرة من المراكز البحثية، ولا نرى للمؤسسات الخدمية ذلك الدور الكبير في هذا المجال، إلا أن الملاحظة الجديرة بالذكر في هذا المقام، أن تلك الجهود الذي ذكرت من خلال ثنايا البحث في مجال حفظ التراث ستبقى مشتتة ما لم تقترن برؤية علمية واضحة وشاملة ومتكاملة للتراث عن طريق إيجاد جهة مركزية واحدة تقوم بالإشراف والتوجيه العلمي الدقيق.



المادة :: الباب الثاني (الأدب الشعبي في الإمارات)


تمهيد

الأدب الشعبي هو كل ما أنتجته الذاكرة الشعبية من أدب جرى حفظه في الصدور وسار نطقه على الألسن، لا يعرف من هو صاحبه أو من أبدعه. وهو الأدب المتداول بين عامة الناس الذي ظل متوارثاً أباً عن جد منذ قديم الزمان. ومن ألوان الأدب الشعبي في الإمارات الأمثال والألغاز الشعبية والحكايات (الخراريف) والأغاني أو الأهازيج والمواويل والنكت، والمدائح الدينية مثل (المالد) أي الاحتفال بمولد الرسول الأعظم، وحفلة ختم القرآن الكريم، وهناك نوع من الأدب يعرف مؤلفه إلا أنه يسمى أيضاً بالأدب الشعبي مثل الشعر النبطي بأنواعه وأوصافه، وأهازيج أهل البحر، وأدب الغوص والأسفار، وهذا اللون من الأدب يأخذ طابع الحياة الشعبية ويستمد وحيه الفني من البيئة التقليدية.
وقد أطلق الدارسون والباحثون على الأدب الشعبي أسماء عدة، منها الأدب المحلي local Literature، ويسمى أيضاً الأدب الشفهي Oral Literature، أو الفن اللفظي Verbal Art، أو الأدب التعبيري Expressive Literature، وكلها مسميات تعطي دلالة على المفهوم العام للأدب الشعبي.
وقد قسم العديد من الدارسين الأدب الشعبي إلى مجموعة من الاقسام أهمها :
الشعر الشعبي – الحكايات الشعبية – الأغاني الشعبية – أهازيج الطقوس الدينية – الألغاز – الأساطير – الأمثال – النكتة – النداء والسيرة – التمثيلية التقليدية.
وفي دولة الإمارات يتنوع الأدب الشعبي حسب البيئات الأربع التي يعيش فيها شعب الإمارات، وحسب المجموعات التي تقطن في تلك البيئات. لأن من خصائص الأدب الشعبي انه نتاج التفاعل الاجتماعي والتجاذب الفكري واللغوي للجماعات التي تقطن في بيئة واحدة. ويتميز الأدب الشعبي في دولة الإمارات بخصوصيته وتنوع أشكاله نظراً لتعدد اللهجات واختلاف نمط الحياة. فمثلاً، في المدن الساحلية حيث يقطن (الحضر) يستمد الناس حياتهم ولهجتهم وأدبهم وفنونهم من البيئة البحرية، أما في الصحراء فيعيش (البدو) سكان الصحراء الذين يتميزون بلهجتهم وتوجههم البدوي وطابعهم الصحراوي الخاص. وفي الريف نجد (البيادر) وهم المزارعون أو الفلاحون الذين يرتبطون بالارض والري والزراعة والفلاحة، ويأخذون من الحياة الريفية التي يتفاعلون في داخلها مع كافة ألوان وفنون الثقافة الشعبية الريفية الخاصة. وفي الجبال يقطن (البداة) ولهؤلاء نمط حياتي يستمد ملامحه وخصائصه من البيئة الجبلية، كما عند جماعات الشحوح والحبوس.
إذاً، للأدب الشعبي في الإمارات لونه الخاص وطابعه المميز، الذي يأخذ لون البيئة، واللهجات الدراجة المستخدمة لدى الجماعات المختلفة، والأدب في مجتمع الإمارات يعبر عن فنون الكلام بلغة راقية محلاة بنغم موسيقي جميل، وبإيقاعات بسيطة تأخذ الطابع المحلي بخصوصيته ومعتقداته وتوجهاته.


المادة :: تعريف الأدب الشعبي في الإمارات


يحتوي الأدب الشعبي على فنون الكلام الأدبي، وهو يتميز بلونه الخاص المستمد من المجتمع المحلي، فمثلا في الامارات تختلف (الخروفة) أي الحكاية التي تروى للاطفال في روايتها من منطقة إلى اخرى في داخل دولة الإمارات، كما نجد اختلافا كبيرا في روايتها بين دول الخليج الاخرى، وذلك ناتج عن اختلاف البيئة واللهجات وطريقة القول والاسترسال. وإلى جانب (الخروفة) توجد (السالفة) أو القصة، وهي متنوعة في مضامينها ولونها. والسالفة تختلف عن الخروفة في سردها، فالخروفة تأخذ الشكل الروائي البسيط، وهي بذلك لا تصلح لأن تكون رواية أدبية إذا ما تم توظيفها في هذا المجال، أما القصة فتندرج تحت اللون القصصي الأدبي لما فيها من الوصف والاسترسال والتصوير الشيء الكثير. وعلى ضوء ذلك يمكننا القول إن الأدب الشعبي هو : الإبداع الفني الجمعي المأثور الذي يتوسل بالكلمة، أي يعتمد على النسيج الكلامي سواء كان روائياً أو هزجياً أو غنائياً أو لفظياً.
والأدب الشعبي يجسد ملامح الحياة الاجتماعية بعاداتها، وتقاليدها، ومعتقداتها، وتفكيرها وتوجهها الديني، وطابعها المحلي، ومهنها وحرفها وصناعتها، وغير ذلك من أمور حياتية يصاحب ممارستها الغناء والحداء، أو تأتي أحياناً على شكل أمثال وألغاز وأقوال وحكم مصاغة في جمل مترابطة صوتيا تعطي السامع نشوة عند سماعها.
إذاً، فالأدب الشعبي في الإمارات يأخذ خصائصه وسماته المحلية من أربع لهجات : (لهجة أهل المدن) و(لهجة البدو في الصحراء) و(لهجة المزارعين في الريف) و(لهجة البداة في سكان الجبال). وإذا درسنا اختلاف اللغات واللهجات وما تحتويه من مفردات لغوية وصوتية سوف نكتشف ان اللهجات نشأت داخل بيئة مثالية، وفي محيط إنساني متكامل ومترابط ومتفاعل، وإذا ما دققنا في أدبنا الشعبي سوف نرى أنه في منشئه وتطوره أدب عربي قح يستمد جودته من فنون اللغة العربية وخصائصها، ويعبر عن الإنسان العربي وتفكيره. أي أنه أدب عربي في نشأته وجذوره البعيدة.


المادة :: الفصل الأول - الشعر الشعبي


الشعر النبطي :

الشعر النبطي هو الشعر العامي أو الشعر الشعبي الدارج الذي ينظم بلهجة عامة الشعب، ويتميز الشعر النبطي الإماراتي عن غيره من الأشعار بلغة جميلة تتجسد في أكثرها الفصحى بألفاظها الواضحة. وقد ظهر الشعر النبطي منذ قديم الزمان.
ويستمد هذا اللون من الأدب وجوده من لهجة أهل الخليج العربي وهي (النبطية) أو العامة. والنبطية أو النبط هم جماعة أو اقوام كونوا الحضارات الاولى في المنطقة ويعرفون بالأنباط، واليهم تنسب اللهجة الدارجة لأهل المنطقة، لذا يسمى هذا النوع من الشعر الشعبي بالشعر النبطي نسبة إلى هؤلاء القوم.
ومن حيث النشأة يجب ان نميز بين الشعر النبطي (البدوي) والشعر النبطي الحضري. فالأول ظل محافظاً على لهجته ولكنته العربية الأصيلة، اما الثاني فقد ادت عوامل كثيرة مثل مخالطة العجم إلى دخول ألفاظ جديدة – ربما تكون هجينة – ولكنات غير عربية إليه.
وقد عرف أحد الباحثين الشعر النبطي فقال : (إن الشعر النبطي هو شعر الأنباط العرب)، وذكر أن هذا اللون من الشعر نشأ في منطقة الخليج العربي، وأطراف نجد، وسواد العراق، حيث التقارب الواضح في لسانية سكان هذه المناطق، مما أثر على الشعر وألوان أخرى من الأدب الشعبي.
لذا يمكن تعريف الشعر النبطي بأنه : (شعر تقليدي يقال باللهجة العامية الدارجة .. وهو من حيث أسسه الفنية شديد الشبه بالشعر العربي الفصيح التقليدي).
أما خصائص الشعر النبطي من حيث اللغة فإن لغة الشعر النبطي هي اللهجة البدوية عامة والنجدية خاصة، إلى جانب ذلك فإن القصيدة النبطية هي قصيدة تقليدية، ويتضح ذلك في التزامها بشكل القصيدة العربية القديمة من حيث الوزن والقافية والجرس الموسيقي.
إذاً، لغة الشعر النبطي قريبة من الفصحى من حيث الأوزان التقليدية المنسوبة للخليل بن أحمد، مع اختلاف بسيط في تفعيلاتها وأوزانها المبتكرة في بعض الأحيان. ونظرا لتعدد الإبداعات الشعرية في هذا اللون من الأدب الشعبي فقد سمي بعدة مسميات أطلقها شعراء النبط أنفسهم، وهي مسميات مجردة تشير إلى رؤية الشاعر الفنية لاشعاره الخاصة، ومن هذه الاسماء مثلا الاشعار، والجيل أو القول والمقال، أو القيفان وتعني القوافي، والافنان أي الفنون، والمثل أو الامثال، والأناشيد، والنظم، والقصيد، والمزمل، والمعاني، والنثر، والمباني، والأبيات.
ويرتبط الشعر النبطي بالبيئة، ويلتصق بها ويعبر عن صورها وملامحها. لهذا نستطيع ان نميز بين الشعر النبطي عند البدو والشعر النبطي عند الحضر وغيرهم من سكان المدن الساحلية حيث تظهر عند كل واحد منهما خصائص هذا الشعر ومميزاته البنائية واللغوية وتركيبه الفني.
وسوف نورد نماذج من الشعر النبطي لعدد من الشعراء المعروفين في دولة الإمارات، إضافة إلى أشعار وقصائد نبطية متداولة لا يعرف قائلها وأصبحت مع مرور الزمن أشعارا تراثية أو شعرا شعبيا غير معروف قائله.
وفي هذا اللون من الشعر نجد قصائد الغزل والمدح والهجاء والوصف وشعر المراسلات والألغاز والشعر الديني والنصح، والشكوى، والرثاء، والعتاب، والشعر القصصي والشعر الوطني والشعر القومي وقصائد قيلت في البحر والغوص والصقور والإبل والصحراء والفخر والبطولات والاجتماعيات وغيرها من المضامين الشعرية التي يحتويها الشعر النبطي.
وتسمى القافية التي تستعمل في الشعر النبطي (ناعشة) وهي قافية الشطر الأول و(قارعة) أو (جارعة) أو (كارعة) وهي قافية الشطر الثاني أو عجز البيت، وتكون قافية للقصيدة كلها.
ويمكن ان تؤدى على أبيات الشعر النبطي أغان وألحان، نذكر منها : الهجيني أو (الهييني)، والحربية والردحة والونّة والتغرودة والصخري. ولكل نوع نغم معين من اللحن الذي يميز بعضه عن الآخر. وتتنوع القصيدة حسب القوافي، مثل (القصيدة المهملة) التي يتكون البيت الواحد فيها من شطرين، ويحافظ فيها الشاعر على قافية واحدة (القارعة).
والنوع الثاني (القصيدة المثولثة أو الثلاثية) وتكون القصيدة مكونة من ثلاثة أشطر ويلتزم فيها الشاعر بقافية موحدة في الشطر الاول والثاني، وبقافية أخرى في الشطر الثالث وقد تتغير القافية في البيتين الاول والثاني في القصيدة في حين تبقى القافية في الشطر الثالث كما هي.
والنوع الثالث القصيدة المضمومة أو الملمومة : وهي ان يلتزم الشاعر بقافيتين الاولى في الشطر الاول (الناعشة) والثانية في الشطر الثاني من البيت إلى نهاية القصيدة (القارعة) مثال على ذلك هذه الأبيات للشاعر (جمعة بن عدل الرميثي) :
التي يقول فيها
فاض فن الشعر من كثر الفكور وانكشف عن مغطى ما يبات
في ضميري مثل ما وصف البحور وانتحى به صوب ذخري في الأوقات
هم هل اليودات في كل الامور يدهم زايد صدام العايلات

أما النوع الرابع فيسمى (القصيدة المروبعة)، وفيها يتكون البيت الواحد من أربعة اشطر تتوحد القافية في الثلاثة اشطر الاولى، وتختلف في الشطر الأخير، مثال ذلك :
بايت أسادي
بغزل الفوادي
وعفت الرقادي بزود الظويل
وظالت حشوده
وفاضت عدوده
ومن بار يوده امسوى وييل
نزل من زماني
حسين المعاني
بعينه رماني ولا له مثيل

والنوع الخامس (القصيدة المنسوبة) وهي أن يبدأ فيها البيت بالكلمة التي تورد في نهاية الشطر الأخير من البيت الذي قبلها، مثل هذه الابيات للشاعر (محمد عبدالله القاضي) :
روحي منه يا صاح
أذابت قلبي الصاحي
ولا طاوعت نصاحي وسمعي فيك ما يوحي
يوحي لك ويصحي لك
وقد عاينت نصحي لك
ألا يا شوق ما حيلك بمن خليت مطروح
مطروح طرق واطرق
بطرفه جادني مطرق
وبقى بالمطرق واطرق يمره كل مشفوح
مشفوح على خله
وعقله بان به خله
على السادات والخلة صفقت الجال والصوح
صوح الشوق لي ضامي
ورض الحال وعظامي
إلا ما فيك للضامي نقد من طاح مجروح

والنوع السادس : (القصيدة الألفية)، وهي التي تبدأ أول كلمة في بيتها الاول بحرف الألف، والبيت الثاني يبدأ بحرف الباء. وهكذا إلى نهاية الحروف الهجائية وقد ينتقل الشاعر من حرف إلى حرف في بداية كل بيتين في القصيدة. وقد تكون القصيدة الألفية مهملة أو مضمومة أو مثولثة أو مروبعة. ومن الأمثلة عليها هذه الأبيات للشاعر (محمد بن حمد الفرنكح) حيث يقول :
الف يولف كل هجس بهمي الصدر ميراده وهو المصدارا
والباء براني حب ظبي سمي منها لعظام مداخله باسعارا
والتاء ترى شر الليالي عمي كم فرقت بين جار وجارا
والثاء ثلاث سنين قلبي ظمي محبتك يا سيد العذارى

وهناك نوع آخر من القصائد النبطية يسمى (القصيدة المبنية)، وهي التي يبنيها الشاعر على أسماء أيام الأسبوع، أو عدد أيام الشهر أو السنة أو النجوم، ويعتبر هذا النوع من القصائد نادراً لدقته وقوة بيانه.
ومن خصائص الشعر الشعبي انه يعنى بالصناعة اللفظية إضافة إلى ان له أوزانه وفنونه الخاصة. فهو وإن مال في الوزن إلى بحور الخليل بن أحمد، إلا أن رواد الشعر الشعبي القدامى وعلماءه، أعرضوا عن عروض الخليل لقصورها عن وزن أشعارهم كلها، واخترعوا بدلا منها اربعا وعشرين عبارة إيقاعية انتزعوها من مقاطعهم الذائعة الصيت. وكانوا في ذلك يحققون حلما لابن قزمان، حيث سميت هذه العبارات العروضية بالسنج أو (الصنج= عيار الميزان)، ثم أضيفت لها موازين أخرى ساعدت على تطور القصيدة النبطية أكثر من غيرها.
ومنذ القدم ظهر في الإمارت عدد كبير من شعراء النبط، ولكن لم يجمع إلا القليل من قصائد شعراء النبط الكبار المعروفين التي ظلت متداولة بين الرواة من كبار السن، وظل إبداع هؤلاء الشعراء مجهولا لدينا حتى أن أسماءهم اختفت لقلة ما وصلنا عنهم.
صدرت منذ منتصف التسعينيات بعض الدواوين لكبار الشعراء، إلى جانب ما جمعه الشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب في ديوان أسماه (تراثنا من الشعر الشعبي)، ويعتبر من المصادر المهمة عن الشعر الشعبي لاحتوائه على عدد لا بأس به من قصائد شعراء النبط المشهورين في الإمارات. وسنورد أبياتاً من قصائدهم منهم : محمد بن أحمد الفرنكح المري، وحمد بن علي المدحوس، وحسين بن ابراهيم المناعي، ومحمد بن حسين المناعي، وأحمد بن علي المناعي، ومحمد ابراهيم الكوس، وناصر بن محمد الشامسي، وخلفان علي بن غيث، وبطي بن سهيل، وحمد بن سرحان، وأحمد بن عبدالرحمن ابو سنيدة، ومبارك بن حمد العقيلي، والشاعر الشيخ خليفة بن شخبوط آل نهيان، والشاعر الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، والد صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة والشاعر عبدالله بن سلطان بن سليم، والشاعر سالم بن فارس المزروعي، والشاعر سيف البلى، وعبيد كبريت، وراشد السمن، وعلي بن حميد، وحمد بن محمد بن صراي، وسيف ضاعن وغيرهم من الشعراء الذين لا يتسع المجال لذكرهم.

نماذج من الشعر النبطي :

من أشهر شعراء النبط في الإمارات الماجدي بن ظاهر الذي عاش قبل قرنين من الزمان، وانتقل إلينا شعره عن طريق الرواة والشعراء من البدو والحضر، ولكن أكثر من يحفظ شعره هم أبناء قبيلة (المرر) الذين يروون حياة بن ظاهر ويرددون قصائده وكذلك بدو مناطق الحمرانية والخران والذيد وفلج المعلا.

وفي قصائد ابن ظاهر رسم جميل للبيئة. فهو يصور المكان والأحداث تصويرا رائعا في قصائده، ويصف المنطقتين الشمالية والجنوبية من رأس الخيمة إلى الظفرة وليوا مما يدل على أصالته الوطنية في الإمارات كلها حيث عاش وتنقل بين مناطقها. وتشير الروايات إلى أنه ولد في الخران، وهي بلدة صغيرة يوجد فيها قبر شواهده من صخور الجبل، هو قبر ابن ظاهر. حيث يروى ان ابن ظاهر اختار ان يدفن في هذا المكان بعد ان اجرى عدة تجارب على الرمال. إذ دفن كومة من الصوف وبعد عام عاد ليحفر فاستخرجها فوجدها لم تتغير، أي لم تتحلل، عندها أوصى بأن يدفن في هذا المكان. وقد تنقل بن ظاهر في مضارب البدو وجرب حياة البحر وصنع قارباً صغيرا من نوع (شاشة). وفي أرض الإمارات كله تفجرت قريحته .. إذ يقول ذاكرا اخلاقه وصفاته النبيلة :
يقول المايدي أبيات شعر يداد الجيل عدلات المباني
مدارات تكن للعارفين عروف الجيل فطن في المعاني
ولما قال لي في الوجه ذم هذرني في القفا لما شناني
فلا ذميت لي يوم صديج ولا أشني عدو ما شناني
أخاف من الرواة السامعين وقول الناس شان الله افلاني
ولا يافيت خل لي امود ولا صافيت حد ما اهتواني
ولكني إذا مني بليت فلا البلوى يجوز إلها التواني
أنا والله مانا بالعيول على الهدران كود إلي بلاني
بخال من مساعيه النموم يصبح بالعلوم أو بالمشاني
فلا يهواه لي يوم صديج ويفرح بي إذا شوقي يفاني

ففي هذه الأبيات التي تنطق بالحكم والمواعظ والتجارب والصدق والعفاف. يكشف الشاعر عن خصاله الحميدة وصفاته النبيلة وطيب معدنه ومحافظته على الصداقة، وعدم سماع الكلام الذي ينقله الرواة والواشون.
وفي أبيات أخرى يورد ابن ظاهر الكثير من الوصايا النبيلة التي يدعو للتمسك بها فيقول :
يقول الفهيم المايدي إلي بنا والأمثال ما بين الرواة اتقال
بوصيك عن كثر الكلام المخالف وما جاك من كثر الحديث أقوال
وان يتك عويا من سفيه فخلها وان يات من غير السفيه فسال
ولا ينقل المنقال رجل ابجيد ولا يشرب الدهن المذاب إريال
ومن لا يداري علة الهون أول تباطا بها زادت عليه أعلال
ومن لا عطى الحجام رضوة مزاهد احتاج إلى بذل الطبيب إبمال
ومن لا سعى للظل لي عاد مبرد الشمس صالاها بغر إظلال
وكم مستظل زال عنه إظلاله وكم جالس في الشمس ياه إظلال
ومن لا على الراحات يدد نعاله وطا الشوك والرمضا بغير انعال
ومن لا تغاضى عن خطايا رجاله شكا الضيم مهضوم بغير ارجال

ففي هذه الابيات يعدد بن ظاهر تجاربه في الحياة، ويصف الناس الذين لا يعرفون طبائع البشر، وهو يصور الأحوال التي تصادف الإنسان فيقدم النصح والإرشاد على شكل وصايا ويدعو إلى الاستفادة منها حتى لا يقع في الأخطاء التي تؤدي إلى الهلاك والخسران المبين.
ومن الشعراء القدامى الشاعر (علي بن محمد محين الشامسي). الذي ولد في بلدة الحيرة بالشارقة، وتوفي عام 1247هـ / 1831م. وله العديد من القصائد التي تحتوي على الحكم والأمثال، ومنها هذه الأبيات التي يقول فيها :

طرق العلا لا تستخف إبشانها اعرف قبل تدبيرها ميشانها
انظر ابعين القلب فيها قبل ما تنظر ابعين الرأس في ميشانها
ان القلوب إذا عمين عن الهدى ما يهتدي الطرق الرشاد اعيانها
وان ابصرت عين الفؤاد من العمى شافت ووافق شوفها لعيانها
ومن لا يدبر في الأمور أيقظته والقابس القالات قبل اتيانها
تدابرت عنه الأمور أو فتحت عليه أبواب البلا بيبانها
يا سامع فالشعر بضعه حكمه تفهم له العقال مع فطانها
إن كنت ذا مال وصاحب ثروة وتخشى على نعمتك من دبرانها
فأد واجبها وأظهر شكرها وحدث ابها واعرف ترى نقصانها
فعل المعاصي والربا ثم الزنى ومنع الزكاة إلي حضر ميحانها

في هذه الابيات يشير الشاعر إلى طرق العلا والسداد، ويقول ان العلا يحتاج إلى يقظة واستقامة. ويتحدث عن تجاربه في الحياة، فيقدم الوعظ والوصايا من خلال قصائده. فهو عندما يقول (انظر بعين القلب) فإنه يعني النظر الواعي والتدبر في أمور الحياة بعقل وفطنة. ويؤكد على ان الأموال يجب ان تصان بالصدقات والزكاة، وعدد أسباب زوالها فقال إن المعاصي كالربا والزنى ومنع الزكاة هي من الأسباب التي تؤدي إلى زوال النعم.
ومن الشعراء الكبار يعقوب بن يوسف الحاتمي الذي ولد في أم القيوين وتوفي عام 1309هـ / 1891م، ونورد من قصائده هذه الأبيات .. إذ يقول :
إيقول يعقوب الحاتمي ولد يوسف
أبيات شعر م الضمير امتثالها
إذا الجيل هاج أو عن من جاش ظامري
تساعده ما يات تزالزال ايبالها
تسجى أنهار مع بحور تلاطمت
لي من ترضف مويها مع شمالها
إن قال حد إيروم بحصي مثايلي
لراضين السبع يحصي إرمالها
اختار منها بعض ما شئت وانتحي
وتهدي إلى من يرتعي من أمثالها

ومن الشعر النبطي قصيدة للشاعر الشيخ (صقر بن خالد القاسمي) حاكم الشارقة سابقا، يرثي فيها ابن عمه الشيخ (حميد بن عبدالله بن سلطان القاسمي) حاكم رأس الخيمة الأسبق. ومن هذه القصيدة اخترنا بعض الأبيات التي تتداعى لها مشاعر الرثاء على شكل معان معبرة عن الأسى والحزن .. يقول الشاعر :
النفس يا خالد تناهت همومها
والعين عيت عن مطاييب نومها
والقلب هاجه لاعج الوجد والأسى
والكبد ما زالت تكابد إغمومها
والروح فيها حسرة ليس تنقضي
كلما مضى يوم تجدد إهمومها
والصبر صده صادع البين وانصرف
وابقى الجزع للنفس دايم ايسوقها

وفي لون آخر من الشعر النبطي نورد بعض الأبيات للشاعر (سعيد بن عتيج الهاملي) من إمارة أبوظبي، وهي قصيدة غنائية جميلة عن الغوص وأهوال البحر يتحدث فيها الشاعر عن محبوبته، وقد تم تلحينها مؤخراً وغناها أحد المطربين المحليين. يقول فيها الشاعر سعيد بن عتيج :
صاح ابزقر لمنادي بخطوفه يوم السفن بتشل
غمس على لفوادي بالكوفه ولا وادعه بالحال
وين اقمري لمجادي ماتشوفه لي نوره معتزل
لي مسقني ودادي بكفوفه عله عقب النهل
اللي قبل متبادي لا حوقه ان ميحن لقذل
هو جاعد الأنهادي لي شوفه ينماز أو يعتزل
لو لي وجف لمعادي بسيوفه عن الوصل بوصل

وللغزل سجل حافل في الشعر النبطي المحلي بالإمارات. ومن الشعراء الكبار الذين ابدعوا في هذا المجال (راشد بن سالم الخضر) الذي ولد في عجمان عام 1905م وتوفي عام 1980م، ومن قصائده الغزلية هذه الأبيات التي يقول فيها :
ونيت يوم الليل عسعس ونات ما بي عوق لضراس
بي من هوى بوجيد والعس دعج النواظر تقطع الماس
وده على لفواد طمس غض غضيض بالنحس داس
سيد الجواري البيض كنس فيه الملاحة جملة أجناس
أخضر حمر أبيض أمعطلس يخجل عويد البان ليماس
ظبي الوطن يمشي دلع بس بثويب وخمار على الراس
لحظة سحر والا امسدس والا السطيح ابجفن حراس
والصبح من ثغره اتنفس وأعذب رضاب إمبين للعاس
في مهجتي خبه تبهنس واشغلت به عن جملة الناس

ومن الشعراء النبطيين الشاعر (عبدالله بن محمد بن عسكر)، الذي ولد وعاش في إمارة رأس الخيمة في العشرينيات، وهو من الشعراء الكبار، وله الكثير من القصائد الاجتماعية والغزلية، ومنها نورد هذه الأبيات التي يعاتب فيها صديقه :
مالي نظر في يلست الدار ينقل درك عقوى قصب زور
لو في السفينة صار ما صار هذا وراع الصدق معذور
يا صاحب زلات لكبار أوقات لك من غير محذور

ومن الشعراء (جمعة بن عدل بن جمعة الرميثي) الذي ولد في جزيرة الحنورة بأبوظبي سنة 1899م. وهو من الشعراء المشهورين بقصائد الغزل العذري، ومن قصائده الغزلية نقتطف هذه الأبيات :
بايت اسادي
بغزل الفوادي
وعفت الرقادي بزود الظويل
وظالت حشوده
وفاظت عدوده
ومن بار يوده إمسوي وييل
وييل لفلايه
حدر من العلايه
وجا في منايه وغبي النخيل
مهب الشمال
لفانا عدال
وانا اغتث بالي بحلو اليديل
يديله يثني
بطيب يبني
وهو ممحني ولا له مثيل
انا يا منايه
تزايد وزايه
وعندك دوايه وثيب العليل

ومن الشعراء (محمد بن حمد الفرنكح المري) الذي ولد بمدينة أبوظبي سنة 1945م، وله العديد من القصائد، ومنها هذه القصيدة التي يمدح فيها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة، وقد اخترنا منها هذه الابيات :
أبدى بذكر الله في كل حزات
ذكر العظيم الحي دوم ابتدي به
اللي سمك سبع العروش الرفيعات
وارض رساها بالجبال الصليبه
محصي جميع الحي واجثاث الأموات
في لوحة ما فاتها من كتيبه
من بعد ذكر الله بألف لي أبيات
في مدح شيخ يملك الناس طيبه
زايد من اللي كاملين الخصيلات
نور الشعوب وبدرنا نقتدي به
مقدم حرار محزمه في العضيلا
تكفي الإشارة لو الاسم ما أحكي به
وانتم هل العليا على كل حالات
غبة بحور مغرقات صعيبه
الأيمان تعطي من قلوب صخيات
من وجدها تعطيه طالب نصيبه
خيالكم يوم السنين الشديدات
بسيف ورمح ما بينجي صويبه
وأخباركم عند القبايل مقيمات
ومتورخه في كل صفحة تجيبه
المادة :: الفصل الثاني - الحكايات الشعبية في الإمارات


أولاً : الحكايات الشعبية :

الحكاية الشعبية أو (الخراريف) بتسمية أهل الإمارات هي التي ترويها الجدات والأمهات للأطفال قبل النوم، كما تروى الخراريف في بعض المجالس الرجالية. والخروفة وجمعها خراريف أصلها خرافة. وقيل ان الخرافة هي الحديث المستملح، ففي لسان العرب : خرافة أو حديث خرافة هو خرافة من بني عذرة أو من جهينة، وقد اختطفته الجن ثم رجع إلى قومه وأخذ يحدثهم بأحاديث يعجب منها الناس، فكذبوه فجرى على ألسن الناس حديث خرافة، والخرافات الموضوعة من حديث الليل. وهكذا جاءت تسمية خرافة من أحاديث الشخص الذي يروي القصص والحكايات الخيالية التي لا يقبلها عقل ولا تقرها قاعدة، ولا يؤمن بصدقها الناس.
إذا، الخروفة في العامية تعني الحكاية التي تحكى للأطفال، فيقول الطفل لأمه : (أمي خرفيني) أي قصي على حكاية، وتسمى مثل هذه الحكايات في العراق (سالوفة). أما في الكويت والبحرين فيطلقون عليها (حزاية) والجمع (حزاوي). وفي مصر يسمونها (حدوته) وفي السودان تسمى (أحاجي)، أما في بلاد الشام فتسمى (حكاوي).
تغطي الخراريف في الإمارات مجالات واسعة، فهناك خراريف الليل وخراريف النهار، وهناك خراريف الجن، وخراريف الشياطين، وهناك خراريف البطولات والشجاعة، وهناك خراريف الشرف والعفة والأمانة، وخراريف المغامرات والعديد من أنواع الخراريف الشعبية متداولة بين الناس في المجتمع. وتعتبر من أنواع التسليات التي انتشرت في مجتمعات ما قبل النفط، حيث الفراغ وانعدام وسائل التسلية، فكان خير سبيل للمتعة الاستماع للخراريف على لسان الجدات والأمهات.
وقد كان بعض الناس – خاصة النساء – في مجتمع الإمارات – كما في مجتمعات الخليج العربي الأخرى – يروون القصص الخرافية وتأويلاتها الكثيرة، وكانوا يمزجون في رواياتهم الواقع بالخيال، وكانت لديهم المقدرة على تصوير القصص الخيالية كأنها قصص واقعية وربما رويت الكثير من الحكايات (الخراريف) والقصص من خلال مشاهدات وتصورات خيالية أو شطحات أدبية لبعض الرواة الماهرين الذين يحورون الواقع إلى خيال مع إزجاء لمسة فنية على رموز الخروفة وابعادها المختلفة. وكان أفضل وقت لرواية الخراريف فترة المساء أو بعد صلاة المغرب، وأحياناً بعد صلاة العشاء، فقد كان أهل الإمارات يتناولون العشاء بعد أداء صلاة المغرب. وبين صلاة المغرب والعشاء يقوم سكان الإمارات قديما بتجهيز المنامات للأطفال والأولاد، ويفرشون (الدواشك)، وتجلس الجدة وحولها أحفادها تحكي لهم وتخرفهم مما تحفظ من خراريف وقصص، وما إن تنتهي من حديثها حتى يدخل الصغار في نوم عميق. وكانت الخراريف منتشرة انتشاراً واسعاً في ذلك الوقت، أما الآن فقد اندثرت مع دخول التلفاز ووسائل الإعلام المختلفة.

أسلوب الخراريف الليلية :

للخراريف حبكة قصصية تجيد روايتها الجدة، فإذا جلست كان أحفادها حولها ينصتون وهي تقص عليهم وتروي باسلوبها الخاص، وتتوقف ثم تستدرك وتشير إلى السماء والى أشياء خيالية. ومن عادة رواة الخراريف في الإمارات البدء بمدخل فيه إنشاد جميل يثير الاستعداد ويهيئ النفس والذهن لسماع الخروفة والإصغاء إليها، فإذا ابتدأت بحكاية الخروفة تقول :

خرفتك مخيريفة
تاليها مجيريفة
تحت السيم نبجة
تمشي وتمر جلة
سلطانة وختها
يترادون لردا
سرنا بنشكي
بيت الشيخ
ياكلون عيش زيرة
سلطان يغرز به
عبدالله ياكل مصيره
محد عنده عاشوه
الا كاشوه
الا عبدالله مرتز
الا ..... يهتز

ومن الأهازيج المتداولة في الخراريف هذه الكلمات المتناسقة التي تعبر عن جو الخروفة وفنياتها :

خريريفة مجيريفة
سبع قطيوات
معلقات في التنور
والتنور يبغي حطب
والحطب في السمرة
والسمرة تبغي جدوم
والجدوم عند الحداد
والحداد يبغي افلوس
والفلوس عند العروس
والعروس يابت ولد
والولد سموه سند
*****
ركاب الخيل
ما ينام الليل
في ايده سجين
ذابح مسيحين

وبعد ان تنتهي الجدة تقول : صلوا على النبي محمد، فيرد عليها الأطفال : صلى الله عليه وسلمن عندها تبدأ بالحديث بعفوية وبأسلوب ممزوج بالكلمات المؤثرة التي تثير مشاعر الأبناء وتجعلهم متلهفين لسماع أكبر عدد من الخراريف قبل استسلامهم للنوم، وفي الصباح يجلس الصبي مع أصدقائه ويحكي لهم ما سمع ليلة البارحة من خراريف، فترسخ الحكاية في أذهانهم، وبعضهم يقلدون ما قيل من حوار ويمثلون الأدوار فيما بينهم.
يقول أحد الرواة : كانت الجدات والأمهات والآباء يبدعون (الخروفة) ويؤلفونها للأطفال. فبعد صلاة العشاء يجتمع الأطفال وبعض الشباب حول القاص الذي يسرد قصصا مختلفة، وحكايات جميلة تتناول موضوعات متنوعة منها خروفة حول عمل الخير والمعروف، أو حول إنكار المعروف، أو حول بنات الجن، وصيادي السمك والغواصين. وتختلف طريقة سرد الخروفة من شخص إلى آخر، وبعض النساء يسردن الخروفة بطريقة تجعل الطفل ينام قبل إتمام القصة فيسرح معها في منامه، وفي اليوم التالي يطالب بإتمامها، لذلك تبقى راسخة في ذهنه.

وظائف الخراريف :

للخراريف والحكايات وظائف كثيرة فيهي تربي الطفل على القيم والأخلاق، وتعوده على احترام العهود والالتزام بالصدق والأمانة، وهناك خراريف تزرع في نفوس الاطفال الخوف من الظلام، ومن المشي في الليل بمفرده، وأكثر الخراريف تساعد على بناء شخصية الأولاد وتربيهم على حب الخير والعطف على الضعيف وتقديم العون للمحتاج.
والخراريف منها ما هو محلي ومنها ما هو مأخوذ من قصص وحكايات أجنبية، أو انتقل من خلال السماع عن الغير، أو ما تناقلته الروايات بواسطة سفن الغوص والأسفار. وتختلف رواية الخراريف عبر البيئات على طول الإمارات، حيث نجد لكل بيئة أنواعاً معينة من الخراريف تروى بأسلوب وطريقة خاصة وبلهجة أهل المنطقة، ومن خلال علاقتهم المباشرة بالمحيط المكاني وما يوجد في هذا المحيط من اشياء أو شعائر حيث نجد للبحر مثلا تأثيره الكبير في حياة سكان المناطق الساحلية سواء في علاقتهم المباشرة أو غير المباشرة. وقد شكل البحر مصدراً مهماً في رسم الصور الخيالية لدى الناس فترجموا ذلك في أدبهم خاصة أدب الخراريف أو الحكايات.

نماذج من الخراريف :

هناك العشرات من الخراريف المروية عن الجدات والآباء والأمهات لكن توجد خراريف محببة للأولاد ومشهورة لديهم ويحبون سماعها. ومن أنواع الخراريف المشهورة في مجتمع الإمارات : خروفة بنت الزين معمر وخروفة بديح بديحوه وخروفة الحطاب والحية وخروفة الغيص والحصبة وخروفة الحاكم والإمام وخروفة الملك فيه قرون. أما خراريف الشياطين فهي كثيرة منها خروفة بابا درياه وخطاف رفاي أو ابو الخطيف، وخروفة عبد المزنجل، وأم الدويس، وخروفة البعير المقصوص رأسه، ومنها حمار القايلة، وخروفة ام الصبيان.
ومن الخراريف الأخرى خروفة الطيرة، وخروفة هند بنت النعمان والحجاج، وخروفة معاوية، وخروفة عزيز وعزيزة، وخروفة الصائغ واليهودي، وخروفة كندورة زوجة الشيخ.

لغة الخروفة :

تروى الخروفة باللجهة المحلية الدارجة، أما إذا رويت بالفصحى فإنها تفقد الكثير من معانيها، وأسلوبها، وجوها الخاص. ولا يستقيم ان تحور الخروفة من العامية إلى الفصحى إلا بقدر محدود، لذا من الواجب ان يتم جمع الخروفة وتدوينها كما تروى من الراوي مباشرة دون مساس بمفرداتها ونسيجها الخاص، ولكن لا مانع حسب المستطاع من ان تصاغ الخروفة بلغة فصحى من باب الإيضاح، وتوصيل الفكرة إلى المتلقي ليس إلا.
ومن الأمثلة على أنواع الخراريف المعروفة لدينا خروفة بديح بديحوه وهذا نصها المحلي :
بديح بديحوه
(كانت وحدة بنت السماك، أبوها يظهر البحر وأمها متوفية من زمان، وعندها مرت ابو عمة، والعمة عندها بنت من هذا الريال أبو البنت، ومرة وحدة الابو صاد بياحة، وسمك وايد فقالت مرت العم للبنت :
اخذي السمك وغسليه في البحر، خذت المسكينة السمك وسارت على سيف البحر، ولما جلست تغسل السمك، شافت بين السمك بياحة انسية (جنية) فقالت لبياحة للبنت :
هدينيه وبغنيش
خافت البنت، لكنها قامت وهدت البياحة وسارت هيه إلى البيت، وأخذت مرت الأبو العمة السمك وعدتهن، سمكة سمكة فقالت للبنت اليتيمة :
جية وين لبياحة
فقالت إلها البنت وهي خايفة تنتفض :
انهدت عنيه في البحر
فحرجت العمة وخذت العصا وضربت اليتيمة، وقالت إلها :
من غداش من ريوكش من عشاش ما بنعطيش أكل موليه.
وجد البياحة قالت للبنت وهيه على البحر إذا ضربوش تعالي ليه، سارت البنت وحليلها إلى سيف البحر، وزجرت على البياحة.
• بياحو بياحو ... لا ريقونيه ولا غدونيه ولا عشونيه.
سمعتها البياحة، ويتها على البحر تلبط، يابت لها الخبز والحلوى، كلت البنت وشبعت وإللي زاد من الحلوى خذته وياها وعكته في جفير الطعام، وعندما ردت البيت يتها أختها من أبوها، وقالت لها :
• عدنا أكل ما ينعطيش.

فردت البنت :

• أنا ما أبغي شي.
ويوم أدا هاك اليوم، يا للبنت اليتيمة خطيب بيخطبها، وقامت مرت أبوها ودخلتها في التنور ويلست بنتها فوق السرير .. ويوم دخلوا الحريم من طرف الخطيب .. كام الديك يصكع.
• ككو كو .. كوكو، عمتيه الزينة في التنور، وعمتيه الشينة فوق السرير، عمتيه الشلكة والبلكة فوق السري، وعمتيه الحلوة في التنور ... ككوكو .. ككوكو.
استغربن الحريم، وجالن : خلونا نسمع الديك شو يكول، والعمة كل ما صاح الديك ردت عليه : كش .. كش مناك زول. وتقوم بتروغه حتى ما يصقع.
ولكن قامت وحدة من الحريم وسارت وكشفت عن التنور وشافوا البنت الحلوة داخل التنور، والبنت المب زينة فوق السرير.
وسارت الأيام ويو الرياييل يطلبون لبناوة، البنت اليتيمة، وطلبت مرت الأبو – العمة – مهر لبناوتها بيب مالح ويونية بصل.
وردت البنت وسارت على سيف البحر وزكرت البياحة :
• بديحوه بديحوه، ويوم يتها البياحة علمتها وقالت :
• أنا خطبونيه ...

وكالت له البياحة :

• ما عليه يوم بيأديش ليلة العرس تعالي وزكري عليه.
وسارت الايام، وعندما حزت ليلة العرس، سارت البنت على سيف البحر وزكرت، ويتها البياحة وخذتها الغبة وطرت بطنها ومزرته. مشاخص وجناية.
وقالت لها يوم بيدخلونش على الريال، قولي بطنيه يعورنيه .. ويوم ببكول سيري الحمام قولي افرش لي معصمك.
ودخلوها ويوم قاللها سيري الحمام .. قالت : لا ... افرش لي معصمك، وعكت اللي في بطنها مشاخص وجناية جل الريال المشاخص ولجناية وغنته.
وسارت الايام، ويو الخطاب بيخطبون البنت الثانية، يتحسبون مثل اختها بتغني الريال، وطلبت الأم مهر لبنتها يونيه بصل وبيب مالح.
ويوم الدخلة قالت بطنيه يعورنيه، وفرش إلها معصمه، وعقت الأوساخ فطلقها وشرد، ويينا نحن عنهم، وهم تموا يالسين.

هذا هو نص الخروفة بلسان إحدى الراويات دون أي تحريف أو إضافة من جانبي، وكما هو واضح روت هذه الخروفة قصة اليتيم وان الله يحميه وينصره، ويفتح له أبواب رحمته، إذا ما اعتدى عليه أحد. وقد ورد في الخروفة قصة اليتيمة وزوجة أبيها (العمة). وكيف كانت معاملة زوجة الأب للبنت معاملة قاسية حيث تعرضها للضرب والحرمان ولكن الله تعالى سخر لها سمكة، وهي كما في الخروفة ليست سمكة بياحة عادية، وإنما (جنية) من الجن فنظير إطلاق السمكة في البحر قامت الجنية بمساعدة البنت حتى تزوجت. وإذا كانت الخروفة أخذت من السمكة أو الجنية رمزاً للوصول إلى الفكرة باسلوب جميل ومحبب فإن الهدف من ذلك خلق جو حالم وخيالي لتقريب الصورة من ذهن السامع. وهذا أحد أسباب انتشار الخراريف وجمالها وروعتها، واستمتاع الأولاد عند سماعهم لها، مما أضاف لهذه الخراريف مهمة أخرى وهي تربية ذوق الأولاد وتعويدهم على التركيز والخيال، واستيعاب الدروس والعبر منها. مثل حسن معاملة اليتيم، وعدم حرمانه من حقوقه. وأن الله في عون الضعيف، إلى جانب أننا لمسنا من هذه الخروفة أن الإنسان إذا عمل خيراً سيجده حيث سيعامله الناس معاملة طيبة، أما الشر فمصيره الخزي والخذلان والعواقب الوخيمة في الدنيا والآخرة، وهذا ما يمكن أن نستفيده من هذه الخروفة.





رد مع اقتباس