عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2010, 03:40 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

undunk

الاعضاء

undunk غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









undunk غير متواجد حالياً


الإمبراطورية العثمانية

السلطان عبدالحميد 1293-1326هـ/1876-1909م


السلطان عبدالحميد تولى عرش الدولة وهو في الرابعة والثلاثين من عمره. إذ ولد في 16 شعبان عام 1258هـ 1842م.
ماتت والدة السلطان عبدالحميد وهو في العاشرة من عمره فاعتنت به الزوجة الثانية لأبيه وكانت عقيماً. فأحسنت تربيته وحاولت أن تكون له أم، فبذلت له من حنانها كما أوصت بميراثها له. وقد تأثر السلطان عبدالحميد بهذه التربية وأعجب بوقارها وتدينها وصوتها الخفيض الهادئ، وكان لهذا انعكاس على شخصيته طوال عمره.
تلقى عبدالحميد تعليماً منتظماً في القصر السلطاني على أيدي نخبة مختارة من أشهر رجالات زمنه علماً وخلقاً. وقد تعلم من اللغات العربية والفارسية ، ودرس التاريخ وأحب الأدب، وتعمق في علم التصوف، ونظم بعض الأشعار باللغة التركية العثمانية.وتدرب على استخدام الاسلحة وكان يتقن استخدام السيف، وإصابة الهدف بالمسدس، ومحافظ على الرياضة البدنية، وكان مهتماً بالسياسية العالمية ويتابع الأخبار عن موقع بلاده منها بعناية فائقة ودقة ناردة.
أولاً : زيارته الى أوروبا مع عمه السلطان عبدالعزيز:
قام السلطان عبدالعزيز بزيارة أوروبا يرفقه وفد عثماني رفيع المستوى وكان من ضمنه الأمير عبدالحميد الذي ظهر أمام الأوروبيين بملابسه البسيطة وسيرته الحميدة في العفة وقد استعد الأمير عبدالحميد لهذه الرحلة بمطالعات واسعة، فإنه كان دقيقاً في رؤيته، وفي حكمه على الأشياء التي رآها في الغرب، ولقد ألتقى الوفد العثماني بساسة ذلك العصر في أوروبا مثل؛ نابليون الثالث في فرنسا، والملكة فكتوريا في إنجلترا، وليوبلد في الثاني في بلجيكا، وغليوم الأول في ألمانيا، وفرنسوا جوزيف في النمسا. وقد سبقت تلك الرحلة زيارته مع السلطان عبدالعزيز الى مصر وانتبه أثناء وجوده في مصر الى الزيف الكاذب للبريق الأوروبي والأخذ هناك بالشكليات الأوروبية ، مما جعل مصر تستدين وتغرق في الديون، نتيجة انطلاق الوالي الخديوي اسماعيل باشا في إسرافه ومحاولته جعل مصر قطعة من أوروبا ، وأما رحلته الى أوروبا فقد استغرقت من 21 يونيو الى 7 أغسطس من عام 1867م. زار الوفد العثماني: فرنسا وإنكلترا وبلجيكا والدولة النمساوية المجرية.
وفي هذه الرحلة الأوروبية ، تفتح ذهن عبدالحميد الى أمور كثيرة، انعكست على فترة حكمه كلها بعد ذلك. وهذه الأمور هي :

1- الحياة الأوروبية بكل مافيها من طرق معيشة غريبة وأخلاقيات مختلفة وشكليات.
2- التطور الصناعي والعسكري وبخاصة في القوات البرية الفرنسية والألمانية وفي القوات البحرية البريطانية.
3- ألاعيب السياسة العالمية.
4- تأثير القوى الأوروبية على سياسة الدولة العثمانية، وبخاصة تأثير نابليون الثالث على عمه السلطان عبدالعزيز، وضغط نابليون عليه، ليلتزم بمساندة الوزير علي باشا. رغم أن السلطان عبدالعزيز لم يكن يُشعر أحداً أنه تحت تأثير أي قوة غريب.
اقتنع الأمير عبدالحميد في هذه الرحلة : أن فرنسا دولة لهو، وإنكلترا دولة ثروة وزراعة وصناعة. أما ألمانيا فيه دولة نظام وعسكرية وإدارة وكان إعجابه بألمانيا كثيراً، لذلك عهد بتدريب الجيش العثماني إليها -عندما أصبح سلطاناً- ولقد تأثر الأمير عبدالحميد بهذه الرحلة ودفعه ذلك التأثر الى الاهتمام بإدخال المخترعات الحديثة في دولته في مختلف نواحي الحياة: تعليمية وصناعية ووسائل إتصالات وعسكرية، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: شراؤه غواصتين وكان سلاح الغواصات جديداً. وأدخل التلغراف الى بلاده من ماله الخاص، وأنشأ المدارس الحديثة، وأدخل فيها العلوم العصرية، وأدخل الى البلاد أول سيارة وأول دراجة، وأخذ بنظام القياس المتري. لكنه وقف بحزم ضد سريان الفكر الغربي في البلاد.
أثرت رحلة عبدالحميد الى أوروبا أيضاً في اتباعه سياسة استقلالية تجاه أوروبا. ولم يعرف عن عبدالحميد تأثير أي حاكم أوروبي عليه، مهما كانت صداقته ومهما كانت درجة التقارب بين بلده وبين الدولة العثمانية.
ولفت انتباه عبدالحميد أثناء هذه الرحلة الحوار الذي كان يجريه فؤاد باشا الصدر الأعظم العثماني مع بعض الزعماء الأوروبيين:
سُئل فؤاد باشا أثناء هذه الرحلة : بكم تبيعون جزيرة كريت؟
فرد الباشا قائلاً: بالثمن الذي اشتريناها به. وكان يعني بذلك : أن العثمانيين حاربوا في سبيل الحفاظ على جزيرة كريت 27 عاماً كلها حروب.
وسُئل فؤاد باشا أيضاً: ماهي أقوى دولة في العالم الآن؟.
فرد قائلاً: أقوى دولة الآن هي الدولة العثمانية. ذلك لأنكم تهدمونها من الخارج ونحن نهدمها من الداخل. ولم يستطع كلانا هدمها.
تعلم عبدالحميد من هذا درس القدرة على إسكات القوى التي تود تحطيم الدولة العثمانية. وتعلم ذكاء الحوار السياسي وهو مابرع فيه بعد ذلك.
وكان عمر عبدالحميد أثناء هذه الرحلة 25 عاماً.


رد مع اقتباس