عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2020, 12:22 PM   رقم المشاركة : 17
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: كتاب آداب المريدين





ثم نختم الكتاب بذكر باب يشتمل على:

[باب المجاهدة والتوكل وحسن الخلق والشكر والصبر والرضا والصدق]

إذ هذه الأشياء السبعة أساس لهذه الطريقة والكل خير




[(فصل) أما المجاهدة]

فالأصل فيها قول الله عز وجل: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت: 69].

وروى أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الجهاد قال: كلمة حق عند سلطان جائر" ودمعت عينا أبي سعيد رضي الله عنه.

وقال أبو علي الدقاق رحمه الله: من زين ظاهره بالمجاهدة، حسن الله سرائره بالمشاهدة، قال الله عز وجل: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت: 69] وكل من لم يكن في بدايته صاحب مجاهدة لم يجد من الطريقة شمة.

وقال أبو عثمان المغربي رحمه الله: من ظنَّ أنه يفتح عليه بشيء من هذه الطريقة أو يكشف له شيء منها بغير لزوم المجاهدة فهو في غلط.

وقال أبو علي الدقاق رحمه الله: من لم تكن له في بدايته قومة لم يكن له في نهايته جلسة.

وقال أيضًا رحمه الله: الحركة بركة، حركات الظواهر توجب بركات السرائر.


وقال الحسن بن علوية: قال أبو يزيد رحمه الله: كنت ثنتي عشرة سنة حداد نفسي، وخمس سنين كنت مرآة قلبي، وسنة أنظر فيما بينها فإذا في وسطي زنار ظاهر فعملت في قطعه ثنتي عشرة سنة، ثم نظرت فإذا في باطني زنار فعملت في قطعه خمس سنين أنظر كيف أقطع، فكشف لي، فنظرت إلى الخلق فرأيتهم موتى، فكبّرت عليهم أربع تكبيرات.

وعن الجنيد رحمه الله قال: "سمعت السري رحمه الله يقول: يا معشر الشباب جدوا قبل أن تبلغوا مبلغي فتضعفوا وتقصروا كما قصرت، وكان في ذلك الوقت لا يلحقه الشباب في العبادة".

وقال الحسن القزاز رحمه الله: بني هذا الأمر على ثلاثة أشياء: ألا يأكل إلا عند الفاقة، ولا ينام إلى عند الغلبة، ولا يتكلم إلا عند الضرورة.

وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله:

لن ينال الرجل درجة الصالحين حتى يجوز ست عقبات:

الأولى: يغلق باب النعمة ويفتح باب الشدة.


والثانية: يغلق باب العز ويفتح باب الذل.

والثالثة: يغلق باب الراحة ويفتح باب الجهد.

والرابعة: يغلق باب النوم ويفتح باب السهر.

والخامسة: يغلق باب الغنى ويفتح باب الفقر.

والسادسة: يغلق باب الأمل ويفتح باب الاستعداد للموت.

وقال أبو عمر بن نجيد رحمه الله: من كرمت عليه نفسه هان عليه دينه.

وقال أبو علي الروذباري رحمه الله: إذا قال الصوفي بعد خمسة أيام: أنا جائع فالزموه السوق وأمروه بالكسب.

وقال ذو النون المصري رحمه الله: ما أعز الله عبدًا بعز هو أعز له من أن يدله على ذل نفسه، وما أذل الله عبدًا بذل هو أذل له من أن يحجبه عن ذل نفسه.

وقال إبراهيم الخواص رحمه الله: ما هالني شيء إلا ركبته.

وقال محمد بن الفضيل رحمه الله: الراحة هي الخلاص من أماني النفس.

وقال منصور بن عبد الله رحمه الله: سمعت أبا علي الروذباري رحمه الله يقول: دخلت الآفة من ثلاث: سقم الطبيعة، وملازمة العادة، وفساد الصحبة، فسألته: ما سقم الطبيعة؟ فقال: أكل الحرام، فقلت: وما ملازمة العادة؟ قال: النظر والاستمتاع بالحرام والغيبة، قلت: فما فساد الصحبة؟ فقال: كلما هاجت في النفس شهوة يتبعها.

وقال النصرأباذي رحمه الله: سجنك نفسك، إذا خرجت منها وقعت في راحة الأبد.


وقال أبو الحسن الوراق رحمه الله: كان أجل أحكامنا في مبادئ أمرنا في مسجد أبي عثمان: الإيثار بما يفتح علينا، وألا نبيت على معلوم، ومن استقبلنا بمكروه لا ننتقم منه لأنفسنا، بل نعتذر إليه ونتواضع له، وإذا وقع في قلوبنا حقارة لأحد قمنا بخدمته، فمجاهدة العوام في توفية الأعمال، ومجاهدة الخواص في تصفية الأحوال، وقد تسهل مقاساة الجوع والعطش والسهر، ومعالجة الأخلاق الرديئة تعسر وتصعب.

ومن آفات النفس: ركونها إلى استحلاء المدح والذكر الطيب وثناء الخلق، وقد تحتمل أثقال العبادات لذلك، ويستولي عليها الرياء والنفاق.

وعلاقة ذلك رجوعها إلى الكسل والفشل عند انقطاع ذلك، وذم الناس لها، ولا يتبين لك آفات نفسك وشركها ودعواها وكذبها إلى عند الامتحان في موطن دعواها وعند الموازنة لها، لأنها تتكلم بكلام الخائفين ما لم تضطر إلى الخوف، وإذا احتجت إليها في مواطن الخوف وجدتها آمنة، وتقول قول الأبرار ما لم تمتحن بالتقوى، وإذا احتجت إليها وطالبتها بشروط التقوى وجدتها مشركة مرائية مزينة معجبة، وتصف وصف الصادقين ما لم تحتج إلى الغاية، فإذا طلبت منها ذلك وجدتها كذابة، وتدعي دعوى الموقنين ما لم تمتحن بالإخلاص، وتزعم أنها من المتواضعين ما لم يحل بها خلاف هواها عند الغضب، وكذلك تدعي السخاء والكرم والإيثار والبذل والغنى والفتوة وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، أخلاق الأولياء والأبدال والأعيان تمنيًا ورعونة وحمقًا، وإذا طلبتها بذلك وامتحنتها لم تجدها إلا {كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إلى جاءه لم يجده شيئًا} [النور: 39] ولو كان ثم صدق وإخلاص وصح منها القول وصدق بالقول لسانها لما أظهرت التزين للخلق الذين لا يملكون لها ضرًا ولا نفعًا، ولصحت أعمالها عند الامتحان، فوافق قولها عملها.

وقال أبو حفص رحمه الله: النفس ظلمه كلها وسراجها سرها، يعني الإخلاص، ونور سراجها التوفيق، فمن لم يصحبه في سره توفيق من ربه كانت ظلمة كلها.

وقال أبو عثمان رحمه الله: لا يرى أحد عيب نفسه وهو يستحسن من نفسه شيئًا، وإنما يرى عيب نفسه من يتهمها في جميع الأحوال.

وقال أبو حفص رحمه الله: أسرع الناس هلاكًا من لا يعرف عيبه، فإن المعاصي بريد الكفر.

وقال أبو سليمان رحمه الله: ما استحسنت من نفسي عملاً فاحتسبت به.

وقال السري رحمه الله: إياكم وجيران الأغنياء وقراء الأسواق وعلماء الأمراء.

وقال ذو النون المصري رحمه الله:

إنما دخل الفساد على الخلق من ستة أشياء:

أولها: ضعف النية بعمل الآخرة.

والثاني: صارت أبدانهم رهينة بشهواتهم.

والثالث: طول الأمل مع قرب الأجل.

والرابع: آثروا رضى المخلوقين على رضا الخالق.

والخامس: اتبعوا أهواءهم، ونبذوا سنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وراء ظهورهم.

والسادس: جعلوا قليل زلات السلف حجة أنفسهم، ودفنوا كثير مناقبهم



(فصل) والأصل في المجاهدة مخالفة الهوى.

فيعظم نفسه عن المألوفات والشهوات واللذات، ويحملها على خلاف ما تهوى في عموم الأوقات، فإذا انهمك في الشهوات ألجمها بلجام التقوى والخوف من الله عز وجل، فإذا حرنت ووقفت عند القيام بالطاعات والموافقات ساقها بسياط الخوف وخلاف الهوى ومنع الحظوظ..




.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 08-04-2020 في 02:48 PM.
رد مع اقتباس