عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2010, 03:52 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: القضاء يرفض نزع الحجاب عن زوجتي جول وأردوجان


العنوان : الدعوة الى تحرير المرأة

فيا عباد الله: لا يزال المنافقون من أهل العلمنة والتغريب ومن اغتر بدعواهم يطالعوننا المرة بعد المرة بأقوال وآراء عبر صحفنا اليومية تخالف ثوابتنا الشرعية ومسلماتنا الإعتقادية يلبسون لبوس الغيرة على الدين أحيانا ولبوس النهضة بالاقتصاد أحيانا أخرى ويطرحون أفكارا خاوية لا تتفق وواقعنا المحافظ على دينه وما هم إلا حفنة قليلة من المتأثرين بالغرب اللاهثين خلف ما يفد منه ولو كان فيه حتفنا ولو كان الغرب قد ذاق مرارته ونادى بالويلات والثبور من جرائه فيصدق عليهم بذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)) إن هؤلاء المسعورين من العلمانيين والمستغربين ومن سار في فلكهم ممن يتباكون على وضع المرأة في بلادنا هم أعداء المرأة حقا ولعلمهم بواقع مجتمعنا واختلافه عن سائر المجتمعات التي عانت من الاستعمار دهورا فإنهم يتسللون بأفكارهم التحررية ودعوتهم للانحلال من خلال قضايا شرعية يحاولون أن يجعلوها مجال نقاش وأخذ ورد فحين يطالب أحدهم مثلا بالبخنق الذي تلبسه نساء ماليزيا أترونه صادقا في مطالبته هل سيرضى بالوقوف عند هذا الحد أم أنها خطوات الطريق الطويل اللاحب الذي يراد جر المرأة إليه في بلادنا وهل قدوته ماليزيا حقا أم إن قدوته هناك حيث العري والاختلاط والعار والشنار وهل واقعه الآن يشهد بحسن سيرته وطيب طويته وسلامه مشربه أم هو بحاجة إلى إصلاح حاله ثم من نصبه وكيلاً لبنات آدم يطالب لهن بحقوقهن بزعمه ثم ينسف في طريقه مسلمات شرعية وثوابت عقدية بصريح العبارة أو بتلويحها ولحنها: أم حسب الذين في صدورهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم لقد طار العلمانيون والمستغربون ومن انخدع بهم بكلمة قالها ولي العهد وعلق عليها مصدر لم يصرح باسمه نشر تعليقه في جريدة الشرق الأوسط وجريدة الحياة ومما جاء في تعليقه: إن الكلمة المشار إليها تعد الطلقة الأولى للحوار حول المرأة السعودية وتحريك دورها وتابع يقول: إن البعض يتناول قضايا هامشية وقشور مثل قيادة المرأة للسيارات وغطاء الوجه فالموضوع الأول تمت مناقشته في مجلس الشورى وهي قضية تقنية بحاجة مثلا لشرطة نسائية تتولى تنظيمها وأما الثاني فهي قضية خلافية هكذا يقول هذا المصدر الذي لم يصرح باسمه وتابع قائلا: وإذا أردنا مجتمعا دون اختلاط فإننا سنخلق مجتمعاً منقسماً وشاذاً وزاد: حان الوقت لمساهمة المرأة السعودية في المسيرة التنموية وحرص هذا المصدر على تأكيد أن الدين الإسلامي دين يخاطب الجميع وقال: لا وجود لكهنوتية في السعودية هكذا قال هذا المصدر المجهول ولنا مع تصريحه الذي قد جاء بيان يرد عليه بيان توضيحي لكلمة ولي العهد يتبرأ من كل التعليقات التي نسبت إليها والتي تعد نفسها شرحا لها لنا مع هذا التصريح عدة وقفات أولها يلمس أن هناك توجها لبحث قضايا محسومة في هذا البلد من قبل هيئة كبار العلماء تتعلق بالمرأة وطرحها للمفاوضة والنقاش والاعتراض ثانيا وصف القضايا الشرعية كالحجاب ونحوها بأنها قشور وأمور هامشية مما يدعو إلى التوجس والخوف من تلك الدعاوى وإن ألبست بلباس الدين. ثالثاً: الزعم بأن موضوع قيادة المرأة للسيارة تمت مناقشته في لجنة الشورى رغم أنه صدرت فيه فتوى شرعية رسمية وهذا الزعم باطل فقد صرح وزير الداخلية لجريدة اقتصادية بأنه لا توجد أي رغبة أو توجه لدى الدولة بشأن السماح للمرأة بالقيادة في السعودية وبأنه ليس هناك دراسة بهذا الخصوص وأن كل مجتمع له خصوصياته وكأي أمور أخرى تخضع لهذه الاعتبارات لكن أعود وأؤكد أنه لا توجد أي دراسة حول هذا الموضوع انتهى كلامه رابعا أن عمل المرأة الذي يدعى له ويراد فتح أبوابه هو عمل في محيط الرجال وميادينهم كما جاء في التصريح إننا إذا أردنا مجتمعا دون اختلاط فسنخلق مجتمعاً منقسماً شاذاً هكذا قال المصدر المجهول خامسا إلغاء دور المرجعية الدينية والرجوع في كل أمر إلى كتاب الله وسنة رسوله بقوله: لا كهنوتية في السعودية وفي ذلك نسف للثوابت الشرعية وقد تتابعت المقالات الصحفية من جملة من المستغربين من أبناء وبنات هذا المجتمع رغم صدور بيان يرد ويوضح كلمة ولي العهد ويتنصل من كل المقالات التي تعلقت بها رغم ذلك كله فقد تتابعت المقالات من المستغربين في الصحف ومما تضمنته هذه المقالات استغلال كلمة ولي العهد وتوجيهها حسب توجههم المنحرف وجعلها توطئة لعرض ما يريدونه ومن ذلك أن المقالات تضمنت الدعوة الصريحة لتحرير المرأة وتغريبها ورفع الظلم والضيم الذي تعانيه من مجتمعها حسب زعمهم حتى قال بعضهم: المرأة لا تملك الصلاحيات في اتخاذ أبسط القرارات وقال آخر من هؤلاء المستغربين: عمل المرأة كمعلمة بطالة مقنعة وهدر للأموال وقال ثالث : لن تتقدم أمة نصفها مصاب بالشلل شل الله يمينه ويلحظ تبرم واستياء تلك الفئة المنحرفة من حال مجتمعنا المحافظ والدعوة إلى تغيير أوضاعه حتى قال بعضهم: حال المرأة يدعو إلى الرثاء وضع النساء في مجتمعنا لا يطابق المعايير التي يتفق عليها العقلاء النساء في مجتمعنا لا يحصلن على حقوقهن المرأة لا مكان لها في مجتمعنا نساؤنا في العالم العربي لا يتحدثن عن حقوقهن كي تعود المرأة إلى الإنتاج فإننا في حاجة إلى الكثير من الكلام الصريح اللهم أكفنا شر الأشرار وشر الفجار اللهم من أرادنا والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى غفرانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد فيا عباد الله لقد بدأت حركة ما يسمى بتحرير المرأة قبل مائة عام أي في عام ألف وثمانمائة وتسع وتسعين للميلاد حيث خرج كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين الذي دعا فيه المرأة إلى السفور ونبذ الحجاب واختلاطها بالرجال ولم يكن في ذلك الوقت في مصر امرأة تختلط بالرجال سوى امرأة واحدة هي ناظلي فاضل حفيدة محمد على باشا وفي تركيا دعا أحمد رضا عام ألف وتسعمائة وثمانية للميلاد أي قبل تسعين سنة إلى إفساد المرأة حيث قال ما نصه: ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة على جسر غلطة وهو جسر في تركيا وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستوراً ولا حرية فهكذا دعا هذا الأثيم إلى سفور المرأة قبل تسعين عاماً تقريباً ولكن انظروا ما يحدث الآن حيث وصل الحال إلى إنشاء المراقص وبيوت البغاء وكل أنواع الشرور كما هو مشاهد ومعلوم في بعض البلاد نسأل الله أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وإن كثيرا من الكتابات التي نطالعها على صفحات جرائدنا إنما هي نسخة مستلة من دعوة قاسم أمين وهي طبق الأصل من كتاباته وأفكاره هو وأضرابه دعاة السفور والاختلاط وإن عمل المرأة بالصورة التي ينادون بها له من المفاسد الشيء الكثير فمما نذكره باختصار إهمال الأسرة وتمزيق أركانها وتضييع النشء وإفساد الأولاد وكثرة حالات الطلاق وكثرة حالات العنوسة في المجتمع وتحديد النسل إذ أن المرأة العاملة تضطر لإيقاف الإنجاب مراعاة للوظيفة والتضييق على الرجل في الحصول على الوظيفة وهذا مشاهد ملموس بل الواقع يشير إلى بداية ظهور البطالة في المجتمع في أوساط الرجال والرجل مطالب بالعمل لكونه مطالب بالنفقة على المرأة ومن ذلك كثرة السائقين والخادمات والمربيات ومن ذلك ما تحدثه من أثر نفسي على الأطفال نتيجة تنشأتهم في دور الحضانة ومنها أنه لا عائد مادي من عمل المرأة إذ أنه سيصرف في تبعات ذلك خادمة أو مربية أو سائق وسيارة وغيرها من المصاريف ومنها تسهيل اللجان بالفساد والانحراف الأخلاقي وما يتبع ذلك من هتك الأعراض وضياع الحرمات أما بالصورة المحافظة فإن الآثار تكاد تنعدم وبالجملة فمن أراد أن يعرف آثار عمل المرأة بالصورة التي ينادي بها العلمانيون فلينظر إلى المجتمعات التي سبقت إلى مثل هذا العمل وما حل بها من فساد وانحراف يوجب على العقلاء من أبناء هذا المجتمع السعي لكف هذا الشر عن المسلمين ويتعين على الجميع بذل الجهود لحفظ المجتمع وصيانة الأمة من خلال السعي على الحفاظ على خصوصية تعليم المرأة وعملها في هذه البلاد بمنع الاختلاط في التعليم والعمل والسعي الجاد إلى إقرار التقاعد المبكر للمرأة والعمل بنظام الساعة والعمل بهذين الأمرين سيغلق الباب أمام تلك المطالبات والخطوات إذ أن قلة الوظائف المطروحة للمرأة هي حجة أولئك في مطالباتهم ومن ذلك إعادة النظر في سنوات تعليم المرأة وعملها بما يتوافق مع طبيعتها ويتلاءم مع وظيفتها الأساسية كأم وزوجة ومن ذلك إنشاء مستشفيات نسائية خاصة تراعي حرمات المرأة ومن ذلك تعديل مناهج التعليم في المراحل كلها من الإبتدائية إلى الجامعية بما يوائم طبيعة المرأة ويخالف الرجال وفي الختام نسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكفينا شر الأشرار وكيد الفجار.

العنوان : الفتنة بها

أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله تعالى حق تقواه، فما فاز إلا المتقون، ولا ربح إلا المؤمنون الموصوفون في كتاب الله العزيز إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[الأنفال:2].
عباد الله، شريعة الله تعالى كاملة لا نقص فيها ولا عيب، وما من خير إلا ودلت عليه، وما من شر إلا وقد بين من أمره، ليكون العباد على بصيرة، ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً[المائدة:3]، لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ[آل عمران:164].
ولله تعالى حدود شرعها لا يجوز تعديها نقصاً ولا زيادة تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـٰلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ[النساء:13، 14].
ومراعاة هذه الحدود يكفل للنفس والمجتمع الخير والسداد، وينشر الأمن والسلامة الفكرية والنفسية، ويضبط العلاقة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وقد نظم الشرع العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع من رجال ونساء، ولكل وظيفته ومسؤليته، ومتى طغى أحدهما على الآخر واقتحم الحدود؛ فإن المجتمع يجني آثارها، ويقطف ثماراً مرة لا يستسيغها إلا أرباب الشهوات، ممن حذرنا الله تعالى من مسالكهم فقال: وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً[النساء:27].
ومما لا يخفى على مسلم أن المرأة لقيت من الإسلام عناية فائقة، بما يصون عفتها ويجعلها عزيزة الجانب، سامية المكانة، طاهرة القلب والجسد، وإن الضوابط التي فرضها الإسلام عليها في ملبسها وزينتها وعلاقتها بالرجال لم تكن إلا لحفظ مكانتها وسداً لذريعة الفساد، وتجفيفاً لمنابع الافتتان بها، وقد أشار القرآن الكريم إلى خطر الافتتان بالمرأة فقال سبحانه: زُيّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوٰتِ مِنَ ٱلنّسَاء وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَـٰطِيرِ ٱلْمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلانْعَـٰمِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلْمَأَبِ[آل عمران:14]، فقدم سبحانه النساء لأن أكثر الرجال إنما دخل عليهم الخلل من قبل هذه الشهوة، ويؤكد هذا المعنى قوله ناصحاً ومحذراً: ((ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)) البخاري، وعن ابن مسعود: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان)) الترمذي وحسنه، والمعنى أنها ما دامت في بيتها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس بها فإذا خرجت طمع وأطمع فيها؛ لأنها أعظم حبائله وأقوى أسلحته، بل إن نبينا صلى الله عليه وسلم يحذرنا من هذه الفتنة، ويعلمنا أن فتنة النساء من أعظم الفتن وأخطرها فيقول: ((إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) مسلم، ولذا فإن فتنة النساء وكيدهن تؤثر في قلوب الرجال ذوي الحزم والعقل فما بالكم بالسفهاء وضعفاء العزم، يقول : ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن)) يعني النساء، رواه البخاري.

وهذا الشاعر يقول:

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به== وهن أضعف خلق الله أركانا

والله سبحانه خلق الخلق وهو أعلم بما يصلح لهم، وما يصلحهم أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ[الملك:14]، ولما كان من طبع البشر ميل الرجال إلى النساء، وتعلق النساء بالرجال، وهذه فطرة إلهية لحكم جليلة ليبقى الخلق وتعمر الدنيا، فإن الشريعة الإسلامية لم تدع الناس لأهوائهم ورغباتهم في إشباع هذه الشهوات، ففي ذلك خراب الأديان وهلاك المجتمعات، واختلاط القيم، وتشبه بالبهائم، بل جاء الشرع منظماً لهذه العلاقة بين الطرفين لتكون في مأمن من الفوضى، ولتحاط بسياج رفيع من الطهر والعفة، وقد حذرنا ربنا عز وجل من كيد الشيطان وأخبرنا أنه حريص على إيقاع الناس في حضيض الفحشاء ٱلشَّيْطَـٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَاء[البقرة:268]، ولكن الشيطان يسلك في سبيل تزيين الفاحشة مسلك التدرج عن طريق خطوات قليلة يقود بعضها إلى بعض، وفي هذا يقول سبحانه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ[النور:21]، ومن هنا حفلت الشريعة الإسلامية بالعديد من وسائل حماية المجتمع من خطر هذه الفتنة، تمنع وقوعها، وتسد المنافذ الموصلة إليها، متى ما رعاها المجتمع المسلم بقي محافظاً على نظافته الخلقية وطهارته الحسية والمعنوية، فنهى الشرع عن الفحش في الكلام والرمي بالفاحشة بغير برهان، ونهى عن ظن السوء بالمسلم، وشرع الحجاب ونهى عن التبرج والسفور، وجعل قرار المرأة في بيتها هو الأصل وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلاْولَىٰ[الأحزاب:33]، وأمر بالاستئذان، ونهى عن إطلاق البصر في المحرمات، وأمر بغض البصر، ونهى عن الخلوة بالمرأة الأجنبية، وعن سفر المرأة لوحدها بلا محرم، أو اختلاطها بالرجال، كما نهى المرأة عن الخروج من منزلها متعطرة، وعن الخضوع في القول في مخاطبة الرجال الأجانب، إلى غير ذلك من الآداب والحدود التي ورد الأمر بمراعاتها. وأدلة ذلك مبسوطة في القرآن الكريم والسنة النبوية. فلنكن على علم بذلك يا عباد الله، ولنتعاهد أنفسنا وأهلينا به، ففيه الخير والصلاح، والبعد عن طرق الشيطان وغوايته. ولنحذر ممن حذرنا الله تعالى منهم فقال: وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً[النساء:27، 28].
اللهم أرنا الحق حقا..وارزقنا اتباعه


العنوان المرأة – 1 –

ان الحمد لله ….
أما بعد :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه ( ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء ) . وقال صلى الله عليه وسلم ( واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ) . وقال صلى الله عليه وسلم ( إن أقل ساكني الجنة من النساء ) . وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله عز وجل مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء ) .
أيها المسلمون : إن هناك حرباً ضروساً لاهوادة فيها ضد المرأة ، هذه الحرب موجهة ومنذ زمن ليس بالقريب لتحطيم هذا الحصن وهذاالكيان وهي المرأة وإن لم نكن أيها الأحبة بمستوى هذه الحرب فالخسارة من الذي يتحملها ، أنا وأنت . وستنجرف في الهاوية أختي وأختك وبنتي وبنتك .
لقد علم أعداء هذه الشريعة وخصوم هذه الملة ، المركز الحساس الذي تحتله المرأة في هذا الدين ، ويعلمون جيداً تلك الحدود والضوابط التي وضعها الله جل جلاله في كل ما يتعلق بالمرأة ، من لباسها وخمارها وجلبابها وكلامها ومشيتها وطريقة عبادتها وكيفية دخولها وخروجها ، كل هذا حفاظاً عليها من عبث ذئاب البشر بها ، وأيضاً حفاظاً وحماية للمجتمع للمسلم أن يتردى في مهاوي الرذيلة .
فبدأ هؤلاء المنتكسون منذ زمن بعيد والتي قد آتت أكلها في الآونة الأخيرة ، بدأوا في محاولة تغيير نظرة الناس والمجتمع بشكل عام ، والمرأة بشكل خاص لأنها هي المعنية في هذه الضوابط التي جاء بها الاسلام . وبمعنىً مختصر تغيير دين الناس من الاسلام الى ما يحاولون اقناع الناس به بما يسمونه الاسلام المتحضر أو الاسلام المرن الذي يقبل كل ما يأتي من الغرب خصوصاً فيما يتعلق بشئون المرأة لكن حسب تقاليدننا وضوابطه الشرعية – زعموا - . واستخدموا في سبيل تحقيق ذلك آلاف المقالات ومئات الندوات والمحاضرات بطرح ممجوج ، وساعد هذا التيار ما يصنعونه هم وبأيدهم بواسطة الاعلام من مسلسلات وأفلام تخدم هذا التيار وهذا التوجه .
فالمرأة والرجل بل المجتمع بأسره ، اذا نظر في الشاشة أو سمع في المذياع أو قرأ في مجلة أو جريدة فيما يتعلق بموضوعنا – المرأة – لايرى ولا يسمع ولا يقرأ إلا تلك النداءات المتكررة في إخراج المرأة من بيتها ، بحجة الدراسة والوظيفة ، وما الدراسة أرادوا ، ولا الوظيفة قصدوا ، لكن وراء الأكمة ما وراءها ، ثم ذلك الطرق المستمر على حجاب المرأة وغيرها كثير من الموضوعات التي ستسمع طرفاً منها بعد قليل ، والتي كلها يصب في هذا التيار الجارف .
أيها الأحبة : ليس سراً وأني منذ زمن وأنا متردد في أن أفتح ملف المرأة فوق المنبر ، من خلال ما يعرض علينا من مسموع ومقروء ، لكن لضخامة الموضوع وقلة البضاعة كان هذا التأخير ، لكننا وصلنا الى مرحلة أيها الأحبة لم يعد هناك مجالاً للتأخير ، فليشارك المرء ولو بالقليل ، أسأل الله جل وتعالى أن يبارك في هذا القليل والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة الا به
أيها المسلمون : سأقرأ عليكم فقط عناوين ورؤوس أقلام بعض ما هو منشور بين أيديكم في بعض الجرائد والمجلات لتدركوا حجم المعركة الموجهة للمرأة :
- صاحب أحد المقالات يقترح في جريدة منشورة دخول المرأة كعضو في مجلس الشورى ، فكتب مقالاً بعنوان " عضوات الشورى "
- ومقال آخر يقترح صاحبه دخول المرأة في مجالس المناطق في المحافظات فعنون لمقاله " نظام المناطق ونصف المجتمع "
- وصاحبة أحد الأقلام الموبوءة تنشر مقالاً عن السياحة فتقول في ثنايا مقالها " ويكفيني من السياحة أن أكون قادرة على المشي بحرية اجتماعية على رصيف الشارع دون أن يلاحقني من يأمرني بتغطية أظافري لأنها تزني المرأة .
- وآخر يقترح إنشاء قسم خاص في المحاكم الشرعية للمرأة فيقول : يمكن أن يستعان في هذا الصدد بنخبة مختارة من الخريجات الجامعيات في حقول الشريعة وأصول الدين والدراسات الاسلامية وعلمي الاجتماع والنفس اللواتي قد لايجدن فرصاً متاحة للعمل فيلحقن بتشكيل المحكمة وتنشأ لهن مكاتب مناسبة ترتبط بالمحاكم وتتوفر لها الشروط الشرعية والانسانية لأداء المهمة .
- عنوان نشر بالخط العريض : الغرف التجارية يجب أن توفر أقساماً نسائية هناك عوائق أمام زيادة المشروعات الاستثمارية النسائية
- دكتور يؤيد لكن يزيد على من قبله فيقول : أؤيد فتح فروع نسائية بالغرف التجارية والصناعية
- وهذا سفيه ينادي بالأصوات المحلية بدلاً من الأصوات السياحية فيقول : والمرأة السعودية وصوتها البلبلي الرخيم هو من مواد هذا البلد وطينته ، ومن الانصاف أن نفرضه على شركات الانتاج الفني ، الافراج عن الابداعات المحلية أمر مطلوب وكذلك البعد قدر الامكان عن الوصاية المعجمية
فيقال لهذا المخدوع ، اذا كنت أنت ترضى لأمك أو بنتك أن تكون بصوتها البلبلي بديلاً محلياً عن المستورد فأظنك بعيداً كل البعد عن مواد هذا البلد وطينته الذي لايرضى أهله بالتبذل والتفسخ ، وما يزال ولله الحمد هناك بقية من حياء وشعور عند معظم الناس من أن يجعلوا محارمهم سلعة محلية بدلاً عن المستورد ، أما أنت وأمثالك ممن رضع من ألبان فكر المستورد وتربى في زبالة بيئته فلا يُستغرب من مثلك أن يكتب عندنا مثل هذا الكلام .
- عنوان آخر : مشاريع لمكاتب سفر سياحية نسائية في السعودية
- عنوان لمقال : المرأة السعودية قادرة على ادارة المصانع ومكانها ليس التعليم والصحة فقط
- عنوان : مطلوب محمضات أفلام لا طبيبات
- عنوان آخر عجيب ومضحك لكن مقصود صاحبه واضح من عنوانه : مشروع لتوظيف النساء في الحراسات الأمنية
وماذا تتوقع حصوله من امرأة تعمل على البوابات لحارسة أمنية وطبيعة عملها يتطلب أن تكون خاضعة لنظام الورديات والبقاء طوال الليل على هذه البوابات .
- وهذا مقال آخر واضح من عنوانه أنها دعوة صريحة للزنا ، عنوان المقال " 100 دولار لعملية إعادة غشاوة البكارة " . يذكر صاحب المقال أخزاه الله أن هذه العملية تجرى في القاهرة وأنها بلغت الى الآن قرابة 400 ألف عملية لفتيات مصريات وعربيات وكلها ناجحة . تقول الممرضة ممن يشرفن على إجراء هذه العمليات في نفس المقال الذي شرح فيه بالتفصيل كيفية إجراء العملية ، تقول : هذا ليس غشاً بل على العكس أنا أساعد هؤلاء الفتيات على الزواج وعلى العيش عيشة مستقرة وتجاوز أخطاء الشباب الطائش ، وتؤكد الممرضة أن أياً من اللواتي زرنها لم تواجه أي مشكلة ليلة زفافها .
أيها الأحبة : لماذا ينشر مثل هذه المقالات في أوساطنا ، ولماذا يُطلع فتياتنا وشبابنا على مثل هذه الأشياء وبالسعر الرخيص فقط 100 دولار ؟ سؤال جوابه واضح من عنوانه كما يقال : إنها دعوة صريحة لممارسة الفاحشة دون أيّ تخوف ، وكسر لحاجز خوف المستقبل عند الفتيات اللاتي يمارسن الفاحشة ، ودعوة لغيرهن ممن ترددن كثيراً أنه لامشكلة بعد اليوم فهناك عمليات ويعود كل شيئ كما كان . لاأظن أن أحداً يشك في نوايا أصحاب هذه المقالات وهو أنهم مجرمون في حق أنفسهم وديوثون في نظر المجتمع المحافظ ، وأنهم أناس لايعيشون الا لفروجهم وشهواتهم القذرة.
- عنوان آخر وأخير وبدون تعليق : القرار يعطي المرأة السعودية فرصة لإثبات وجودها في الأعمال الفندقية .
أيها المسلمون : ما قُرأ عليكم ما هو الا قطرة من بحر متلاطم مما تدفع به المرأة دفعاً لدخول هذه المجالات ، بل ويدفع المجتمع بأكمله ليقبل مثل هذه الأطروحات ، وكثير من كبار السن عندنا ممن كانت لهم قناعات معينة وكانوا محافظين ، بدأت قناعاتهم تتغير بسبب هذا الطرق المتكرر ليل نهار ومن كل جهة ، حتى وجد نفسه في بعض الأحيان كأنه هو الشاذ فيرضخ ومع كل أسف في النهاية لضغط الواقع وإلحاح الأهل والأولاد بحجة أن كل الناس الآن هكذا .
هل أدركتم أيها الأحبة مما قُرأ عليكم من عناوين فقط ، الجوانب المتشعبة التي يراد إقحام المرأة في مجتمعنا من خلاله فليست القضية أن تعمل المرأة أو لاتعمل ، وليست المسألة كشف الوجه من عدمه ، إنها حرب ضروس ونار مؤججة ونحن وقودها ، فان لم نكن بالمستوى الذي يجعلنا ندرك خطورة الأمر ، ونفقه حيل هؤلاء العلمانيين الذين يسعون للإفساد ولا يصلحون ، فإن النتيجة الحتمية هو أن نخسر نساءنا وبناتنا ، بل وقد يجر الأمر الى الفضيحة في الدنيا ، ولا شك بالإثم والوزر يوم القيامة ، أسأل الله جل وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرحمنا برحمته ، وأن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمته أن نغتال من تحتنا . نفعني الله وإياكم بهي كتابه واتباع … أقول هذا القول وأستغفر …


الحمد لله على إحسانه …أما بعد : أيها المسلمون :

لقد طفى على سطح الماء فقاقيع المتغربين ، واعتلت المنابر الاعلامية وجوهٌ مشبوهة ، وألسنة مسعورة ، سبق اختيارها بدقة وعناية ، ثم دفع بها الى حلبة الاعلام ، وأعطيت قلماً حبره السم ، لتؤدي دورها المرسوم سلفاً خدمةً للعديد من تيارات التدخل الدولي أو التبعية المحلية ، وسعى سعياً حثيثاً دائباً لتقليص مساحة هيمنة الاسلام على الحياة وتخطيطه لها ، وتفريغه من مضمونه الرباني الشامل .

هكذا ينبغي علينا أيها الأحبة أن نفهم القضية ، إنها حرب على الاسلام لكن هذه المرّة من خلال بوابة المرأة ، وأعداء الدين قد تقاسموا الأدوار فيما بينهم فقسم متخصص في المرأة من خلال ما سمعتم من المقروء أو ما يشاهد من خلال الشاشة ، وقسم متخصص في تلهية الشباب إما بالرياضة واللعب واللهو وهذا أخفها ، وإما إشغاله بالمخدرات وإيقاعه في المسكرات والبلايا ، وقسم متخصص في التجّار وذلك بفتح أبواب الربا على معاملاتهم من كل باب فلا بد من دخوله شاء أم أبى أو يخرج من السوق ، وقسم متخصص في الأطفال بإشغاله منذ الطفولة وتربيته على كل ما هو مستورد ، وغير ذلك ، الخلاصة أنها كلها تصب في هدف واحد مشترك وهو توجيه ضربات لهذا الدين ولأهله حتى تصيبه الضربة القاضية فتقضي عليه وهذا لن يكون بإذن الله ، فمنّا من يسقط من أول ضربة ، ومنّا من يقاوم سنوات ثم يرضخ في النهاية ، ومنّا وهذا ما يرجى في أمثالكم أنه مدرك لخطورة الموقف ، عالم بعدوه ، يدري بأن كل ما يطرح من عصرنة هذا الواقع ما هو الا محاولات تلو محاولات لتغريب المجتمع ، فهو ممسك على دينه قابض عليه كالقابض على الجمر ، منتبه لأهل بيته وأولاده لايسمح لأي شيئ أن يدخل بيته مخالف لتعاليم الدين ، مُربٍ لأولاده على معاني الرجولة ورفض كل هذه التيارات .

من هنا أيها الأحبة كان لزاماً أن تواجه هذه الحملات الخبيثة ، وأن تفضح هذه المؤامرات ، ويفضح أصحابها ، وتكشف أبعاد قضية المرأة وخلفيات الموضوع ، وأن المقصود الأول هو الاسلام ، ويجب أن توضع أمثال هذه المقالات تحت منظار الفحص وتعرية جذور وفروع هذا النبت الخبيث .
وأخيراً اعلموا أيها الآباء ويا أولياء الأمور أنكم مسؤولون أمام الله تعالى عن أولادكم وبناتكم وأهل بيتكم ، وستقف أمام الله تعالى يوم القيامة وستُسأل عن كل جريدة أو مجلة أدخلتها في بيتك ، يبث وينشر فيها مثل هذه الأفكار الموبوئة ، ذات الروائح الكريهة فانتبه ياعبدالله ، فليس كل ما يباع يشترى ، وليست كل مجلة أو جريدة تصلح أن تكون في متناول من لايميز الطيب من الخبيث ، وهناك ولله الحمد بدائل من مجلات نافعة سواء المتخصصة في قضايا المرأة ، أو التي تهم كل أفراد الأسرة ، يمكن شرائها واقتناؤها .
ان ملف المرأة لم يغلق بعد أسأل الله تعالى العون والتيسير ..
اللهم رحمة اهد بها قلوبنا ، واجمع بها شملنا ، ولم بها شعثنا ، ورد بها الفتن عنّا …


العنوان المرأة - 2 -

إن الحمد لله ، نحمده ونستغفره ونستعينه …


أما بعد :
وتتمةً لموضوع المرأة ، وهي الورقة الثانية من الملف الذي فتح في الأسبوع الماضي . وبالمناسبة فإن أوراق ملف المرأة غير مرتبة ، بمعنى أنه لايلزم أن تكون المواضيع متسلسلة بحيث يرتبط لاحقها بسابقها ، ولا يعني أيضاً أن ما قُدّم أنه أهمّ مما سيأتي بعده ، لكنها تأتي هكذا بحسب ما يجول في الخاطر اتفاقاً ، لكنها في النهاية تصب في موضوع أساسي واحد وهو ما نحن بصدده موضوع المرأة .
إن المرأة تواجه تحديات كثيرة في هذا الواقع المرّ ، وتواجه صراعات متعددة الأطراف ، فأنت لاتدري هل تحميها من ذئاب الإعلام ، أم تحافظ عليها من فساد الشارع والسوق ، أم تحذرها من أدعياء التقدم ورافعي راية التغريب ، أم ماذا تقول لها في هذا الوقت العصيب .
ثم إنه ليس بغريب أن يسعى دعاة التغريب جاهدين بكل ما يستطيعون ، محاولين تغريب المرأة ، وإخراجها من بيتها المكنون ، وليس أيضاً بغريب أن تُطرح أطروحات عفنة مما سمعتم من نماذج في الجمعة الماضية ، ممن في قلوبهم مرض أو ممن يكره الدين أو من مرتد أو زنديق .
لكن الأسف كل الأسف أيها الأحبة أن يدخل هذا المضمار بحسن نية أناس محسوبون على أهل الاسلام ، ويمثلون توجهاً إسلامياً معروفاً ، بل وممن يعتبرهم عوام الناس من مشايخ هذا العصر ، ويستفتونهم في كافة شئون حياتهم . أقول إنه من المؤسف أن نحذر من ضمن من نحذر منهم وما نحذر في موضوع المرأة ، من يمثلون الإسلام ، لكنها مصيبة ولا ينبغي السكوت . وحتى أكون واضحاً ولئلا يذهب عقل السامع هنا وهناك فإن المعنيّ هو مفتي قطر . والذي يجب وجوباً التحذير من فتاواه ، وكشف عوار شطحاته وشذوذاته ، وإن أصاب في بعض الفتاوى لأن منطلقاته في الفتوى فيها نظر وطريقته في الاستدلال غير سليمة ، ولهذا فإن العامة مرتاحة ومعجبة بفتاواه ولا أدري هل هذا الإرتياح وهذا الإعجاب ، هو مجرد ارتياح أم لأن فتاواه توافق أهواء ورغبات العامة من تجويز بعض الأشياء المنهي عنها ، والتساهل في كثير من الأمور ، وتمييع الدين ومحاولة تقريبه من حياة الغرب ، كل ذلك بحجة – أقصد مفتي قطر – فقه التيسير ، والفقه المرن ، وفقه معرفة ومراعاة أحوال الناس .
لقد فتح باباً من الشر عظيم عندما أفتى بجواز كشف المرأة لوجهها ، وكثيرين ممن يتساهلن في هذا الأمر يحتجون بقوله وأنه عالم ، وفتح باباً من الشر أيضاً عظيم عندما أفتى بجواز سماع الغناء والموسيقى ، وقد خالف بقوله هذا أعداداً من العلماء المعتبرين في السابق واللاحق . وليس القصد هنا تعداد المسائل الذي خالف فيها المحققين من أهل العلم ، لكن لأن موضوعنا الحديث عن المرأة فإن المفتي قد فتح باباً آخر من الشر أعظم من أختها ، في الأيام التي مضت فيما نحن بصدد الحديث عنه وضمن كلامنا حول قضايا المرأة ألا وهو إباحتهُ لعمل المرأة في التمثيل ، بل والدعوة إلى ذلك ، فاسمع رعاك الله بعضاً من كلامه اذا كنت ممن يتابع برامجه عبر الشاشة أو كنت ممن يرتاح لفتاويه ، يقول القرضاوي :
إن الفقهاء لا يمكن أن يقفوا عاجزين أمام التحدي الإعلامي ويدفنوا رؤوسهم في الرمال وعليهم أن يواجهوا مشكلات العصر بفقه جديد وفهم جديد للتكيف مع تطورات العصر في ضوء ضوابط الشرع …
وقال : إن الاسلام يريد إعلاماً حياً شاملاً من دراما ومسلسلات وأفلام ومسرحيات وبرامج علمية ومهنية وترويحية مختلفة كبدائل كاملة للإعلام الغربي اللاديني الموجه ضد المسلمين ليفسد عليهم دينهم ، وسندهم في ذلك الفقهاء والفقه المعاصر المعتدل المرن …
فهل سمعت أذناك كلاماً أغرب من هذا وممن ؟ من أحد من يعتلي أعلى وأخطر منبر وهو منبر الفتوى . إنه من الطبيعي أن يفكر المسلمون في إعلام يكون بديلاً عن الإعلام الغربي وهذا الكلام في الجملة لاغبار عليه لكن الغبار والمأخذ على البديل الذي يقترحه الشيخ حيث يقول :
إن اشتراك المرأة في التمثيل أمر ضروري لابد منه ، لأننا لانستطيع أن نخرج المرأة من الحياة – تأمل أيها المحب في طريقة الاستدلال " لأننا لانستطيع أن نخرج المرأة من الحياة " – ثم يقول : وأي عمل درامي هادف لاتوجد فيه المرأة فهو عمل غير منطقي ودليلنا على ذلك – إسمع الدليل – أن القصص القرآني منذ آدم عليه السلام حتى الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام لم يهمل وجود المرأة فيه حيث آدم وحواء ، ونوح وامرأته ، وكذلك لوط وزوجته ، ثم الخليل إبراهيم وزوجتيه ، ثم قصة ابني آدم وموسى منذ ولادته ووجود أمه وأخته وامرأة فرعون وابنتي شعيب وحوارهما مع نبي الله موسى ويوسف وامرأة العزيز وسورة كاملة تحكي تفاصيل قصة احتلّت فيها المرأة دوراً رئيساً ، ثم سيدنا عيسى وجدته وقصة والدته مفصلة وحتى قصة زيد بن حارثة وزينب بنت جحش حيث ذكر القرآن هذه القصص كلها وفيها المرأة بدورها الحيوي فكيف بنا نغلق الباب أمامها ونخرجها من الحياة ؟
عجيب هذا الاستدلال أيها الأحبة ، وهل لذكر المرأة في القرآن مجرد ذكر دليل على جواز التمثيل وأن تشارك في مشهد درامي أو تظهر على المسارح كما زعم ، إن المرأة ذكرت في القرآن في بعض المواطن في معرض الذم وأحياناً في معرض الكفر والشرك فكيف يقال بأن مجرد الذكر دليل على جواز التمثيل .
يواصل الدكتور قوله فيقول : إن اشتراك المرأة في التمثيل إشكالية تحتاج للاجتهاد والتغلب عليها لإيجاد حل لها ، وهذا الحل ليس بفقه المنع الذي لايحل مشكلة رغم سهولته ، وترديد الفتوى بأن ذلك حرام حرام ، فتبقى العقد كما هي والنتيجة أن ينطلق الناس بدوننا ، وليس من الحكمة أن نغلق الأبواب فيدعنا الناس ونقف وحدنا فلا بد من أن نتبنى فقه التيسير ونُعمل عقولنا في فقه جديد نجتهد لعصرنا كما اجتهد فقهاؤنا القدامى لعصرهم ، ولو كان الأئمة المجتهدون يعيشون في عصرنا اليوم لتعاملوا مع هذه القضايا بصورة مختلفة وفق هذه القواعد الفقهية بأن عموم البلوى من المخففات ، وأنه اذا ضاق الأمر اتسع ، والمضايقات تجلب التيسير دون افتئات على محكمات النصوص … إلى أن قال : لأنه من غير المقبول إنشاء قصة خالية من المرأة فهذا ضد الواقع .
تأمل كيف يصور الشيخ القضية بأن التمثيل مما عمت به البلوى وأنه أصبح ضرورة ، وأي ضرورة في تمثيل المرأة ؟ إن أقل طالب علم لا يمكن أن يعتبر تمثيل المرأة من باب التحسينيات فضلاً عن الشيخ الذي يعرف ما معنى كلمة ضرورة عند الفقهاء وهو أنه يقوم عليها مصالح الدين والدنيا ، بحيث اذا فُقدت لم تَجرِ مصالح الدنيا على استقامة ، إن الضرورة اذا فُقدت فلا يستقيم النظام بالإخلال بها ، وإذا انخرمت ، حال الأمر الى فساد ، فأين كل هذا من تمثيل المرأة .
اليوم خرجت الفتوى بجواز تمثيل المرأة بحجة أنها ضرورة لمواجهة مشكلات العصر والتكيف مع تطورات العصر فليس بغريب أن تكون الفتوى في الغد عن جواز الرقص للمرأة من أجل مواجهة مشكلات العصر ، ولا بأس بأن تشارك المرأة في الفرق الموسيقية تكيفاً مع تطورات العصر ، وفي النهاية لو جمّعنا هذه الفتاوى لأصبح لدينا ممثلات وراقصات وعارضات أزياء ومغنيات على الطريقة الاسلامية ، فيا للعجب !!! .
ثم هذه الجرأة على فقهاء المسلمين القدامى بأنهم لو عاشوا عصرنا لتعاملوا مع هذه القضايا بصورة مختلفة . وبناءً على كلام الشيخ فإن فقهاء الأمة الأئمة الأربعة أبوحنيفة والشافعي ومالك وأحمد يُصنفون ضمن أصحاب الفقه اليابس والقاسي ، وتكون فتاواهم على وجوب حفظ المرأة وسترها واحتشامها وحرمة تبرجها واختلاطها بالرجال ، فإن هذا في نظر الشيخ أنه من فقه التعسير وليس من باب فقه التيسير الذي ينادي به .
تخيلوا أيها الأحبة أن بنتي أو بنتك حسب هذه الفتوى وأختي أو أختك تخرج من بيتها لتذهب إلى معهد يعلّم التمثيل ثم تتخرج لتكون ممثلة إسلامية بشروط . كم من الفتاوى أفسدت وجرّت على المسلمين أنواعاً من البلاء . وبدلاً من أن يكون الشيخ في قمة المدافعين عن حمى هذه الشريعة وأحكامها نراه ينـزلق في فتاوى حججها التكيّف ومقتضيات العصر وفقه التيسير ، والفقه المرن ، فيطرح طرحاً مشابهاً لأصحاب من يسمون بالاسلام المستنير الذين انطلقوا تحت ضغط الواقع من منطلقات عقلانية تستدبر النص الشرعي والضابط الفقهي .
أيها المسلمون : قال الله تعالى ( وقل للمؤمنات يَغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) فهل يعقل أن يأمر الاسلام بغض البصر عن الرؤية المحرمة ويجيز في الوقت نفسه أن تخرج المرأة في دور تمثيلي في المسرح أو أمام المشاهدين ؟ وقال الله تعالى ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيما) فهل يصح في العقل والنظر أن يأمر الله المرأة بأن تدني عليها من جلبابها لئلا تعرف ثم يجيز في الوقت نفسه أن تظهر على شاشة التلفاز والقنوات ممثلة أو مذيعة ؟ . وفي صحيح مسلم عن جرير رضي الله عنه قال : ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري ) . فإذا كانت فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نظرة الفجأة وهو مما تعم به البلوى في بعض الأحيان ، فهل يعقل أن تجيز الشريعته المتكاملة البريئة من النقص والتناقض أن تخرج المرأة عارضة نفسها في التمثيل أمام كل من يراها؟ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( العينان زناهما النظر … الحديث ) فأي شيئ يكون زنى العينين سوى تسريح النظر في محاسن النساء الأجنبيات والتمتع بالنظر إليهن ، والذي يحدث بتمثيل المرأة أن تظهر بوجهها وجسمها في الشاشة أو على المسرح والأعين تنظر إليها . وفي جامع الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : ( يا علي لاتتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة ) . وهذا الحديث وحده كاف في حسم هذه القضية فهو نص في محل النـزاع لأنه يستنبط منه أنه لايجوز إتباع النظرة الأولى التي هي نظرة الفجأة نظرة ثانية مقصودة متعمدة ، وهذا ما سوف يحدث حتماً بظهور المرأة ممثلة .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
اللهم إن أردت فتنة بعبادك فاقبضنا إليك غير مفتونين
أقول هذا القول ، فإن كان صواباً فمن الله ، وإن كا خطأً فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان ، وأستغفر الله لي ولكم وسائر …


رد مع اقتباس