عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2008, 12:38 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

Omna_Hawaa

الاعضاء

Omna_Hawaa غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









Omna_Hawaa غير متواجد حالياً


مشاركة: بـــاب الإعـــراب

ج: هذا صحيح هي أقسام الكلمة؛ لكنها -أيضًا- في النهاية الكلام إنما يتركب من هذه الكلمات الثلاث فلو قلت: إنها أقسامه تجوزا فلا حرج في ذلك.

س: يقول: ذكرت أن معنى "الباء" الإلصاق في قولك: كتبت بالقلم، وفي الحقيقة أنها هنا للاستعانة، وأن مثال الإلصاق مسحت برأسي؟

ج: الواقع أنها في مسحت برأسي للإلصاق لا شك، وفي كتبت بالقلم -أيضًا- للإلصاق؛ لأنها ألصقت المسح بالرأس، وألصقت اليد بالقلم، ولا مانع يمنع من أن تكون للإلصاق، وتؤدي معنى الاستعانة -أيضًا- فإن الحروف يعني: بعض الأمثلة يحتمل معنى واحدًا أو معنيين، وربما أكثر من ذلك، فلا مانع يمنع من أن تكون للإلصاق وللاستعانة أيضًا.
انتهت الأسئلة التي معي من بقايا درس الأمس، هناك -أيضًا- كلمة أود أن أقولها تعليقًا على درس الأمس، نحن حينما تحدثنا عن الحرف "قد" واستطردنا وقلنا: إنه للماضي تفيد التحقيق، كقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ مع الماضي تفيد التحقيق و"قد" تفيد التقريب كما في قول المؤذن عند إقامة الصلاة: قد قامت الصلاة. وأنها مع المضارع، وإما للتقليل كما تقول: قد يحصل كذا. قد يجود البخيل، أو للتكثير -أيضًا- كما تقول: قد يجود الكريم؛ لكن التقليل هو الغالب عليها مع الفعل المضارع.

أحد الإخوة الحضور قال: إن القول بأنها مع المضارع للتقليل يُشْكل علينا في مجموعة من الآيات الكريمة قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ .

آيات كثيرة جاءت معها "قد" داخلة على الفعل المضارع، وهي بالنسبة لله -سبحانه وتعالى- فلا يحسن أن يقال فيها: إنها للتقليل، والواقع أن العلماء يعني: هذه الآيات التي وردت بهذا هي سبع آيات وردت مع الفعل "نعلم" وآية واحدة وردت مع الفعل "نرى" فهي مجموعها في القرآن فيما اطلعت عليه ثماني آيات، والعلماء يعني: لهم في تفسيرها مذهبان.

المذهب الراجح والذي عليه عموم المفسرين هو أن الفعل هنا مضارع؛ لكنه منزَّل بمنزلة الماضي؛ لأن علم الله -سبحانه وتعالى- ممتد في الماضي وفي الحاضر، فمعنى قَدْ نَعْلَمُ أي: قد علمنا، و قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ أي: قد رأينا، فإذا جعلت المضارع بمعنى الماضي تكون حينئذ هنا للتحقيق؛ لأنها مع الماضي للتحقيق، ولا حرج ولا إشكال حينئذ في ذلك.

والزمخشري له رأي آخر وهو -أيضًا- يعني: رأي مقبول، أن قَدْ نَرَى أنها هنا "ربما" بمعنى "ربما" "ربما" -كما تعلمون كما أشرنا إشارة خاطفة- تفيد التقليل، وتفيد التكثير، فهي هنا بمعنى "ربما" التي تفيد التكثير.
فإذًا الحاصل أن "قد" في القرآن الكريم، وفي آيات كثيرة في قَدْ نَعْلَمُ و قَدْ نَرَى الصحيح فيها أنه مضارع منزَّل منزلة الماضي، وحينئذ تكون فيه "قد" للتحقيق، وليست التقليل.

درس الأمس -كما تعلمون- تحدثنا فيه عن تعريف الكلام، وتحدثنا فيه عن أقسام الكلمة الثلاثة: الاسم والفعل والحرف، وعن تعريف كل قسم منها، وعن علامات كل واحد من هذه الثلاثة، ووقفنا عند باب الإعراب.

باب الإعراب: قارئنا أين هو؟ قريب أو بعيد؟ ممكن تقترب هنا، باب الإعراب، نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب الإعراب: الإعراب: هو تغيير أواخر الكلمة باختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا.

وأقسامه أربعة: رفع ونصب وخفض وجزم. فللأسماء من ذلك الرفع والنصب والخفض، ولا جزم فيها، وللأفعال من ذلك الرفع والنصب والجزم، ولا خفض فيها

بس، تكفي هذا، يقول: باب الإعراب، الإعراب قبل أن تدخل في تعريفه. ما الذي يقابله؟

الإعراب يقابله البناء، ولا يمكن أن تخلو كلمة سواء كانت هذه الكلمة اسمًا، أو فعلًا، أو حرفًا من أحد هذين القسمين؛ إمَّا أن تكون معربة، وإما أن تكون مبنية.
فنحاول أن نستعرض هذه الكلمات، وأقسام الكلمة الثلاثة ما الذي منها يدخله الإعراب فقط؟ وما الذي يدخله البناء فقط؟ وما الذي يدخله الاثنان معًا؟ فبالنسبة للأسماء:

الأسماء هل هي معربة دائمًا، أو مبنية دائمًا، أو أنها تجمع بين الأمرين؟

الأسماء في الواقع تجمع بين الأمرين، فمنها ما هو معرب، ومنها ما هو مبني، ولذلك قال ابن مالك -رحمه الله-:

والاسم منه معرب ومبني

ثم قال:

لشبه من الحروف مُدْني

. .. إلى آخره، ليعلل أسباب البناء ما هي؟ إذا عرفنا أن الأسماء يدخلها الأمران:

الإعراب والبناء.

تنتقل إلى الأفعال، هل الأفعال -أيضًا- كذلك؟ أو أنها مختصة بواحد من هذين الأمرين؟ الأفعال -أيضًا- يجتمع فيها الإعراب والبناء.

لا يجتمعان في وقت واحد، وإنما تارة تكون معربة، وتارة تكون مبنية.

القسم الثالث وهو:

الحروف، هل هي مختصة بواحد منها، أو يجتمع فيها الأمران؟ مختصة بواحد وهو البناء، إذًا الحروف كلها مبنية، ولذلك فإن باب الإعراب لن تدخل الحروف معنا في الحديث فيه، وإنما سيكون حديثنا في باب الإعراب مقصورًا على الأسماء والأفعال.

الإعراب في اللغة -كما ذكرت- هو: الإبانة والإفصاح. تقول: أعرب عما في نفسك، وأعرب فلان عما في نفسه؛ أي: أبان وأفصح، وهذا أبرز معاني الإعراب في اللغة، ويرد لمعان أخرى لا نحتاج إليها.
أما في اصطلاح النحويين فإن الإعراب هو: تغيير أواخر الكَلِم، أو آخر الكلمة -كما تشاءون- لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا. تغيير أواخر الكلم لماذا؟ بسبب اختلاف العوامل الداخلية عليها لفظًا، أو تقديرًا.
أنا ذكرت في الدرس الأول أن تغيير أواخر الكَلِم أنها عبارة يُراد بها تغيير حركة الحرف الأخير من الكلمة، وليس المراد به -في الغالب- تغيير الحرف بنفسه، فأنت حينما تقول: جاء محمد، الدال ثابتة لا تتغير إنما الذي يتغير بسبب العوامل هو الضمة، أو الفاتحة، أو الكسرة.
هذه الثلاث تتناوب ونتبادل على هذا الحرف الأخير وهو الدال. فالحرف -إذًا- نفسه لا يتغير، وإنما هو ثابت، وإنما التغير في حركته الداخلة عليه بسبب تغير العوامل الداخلة عليه؛ لأن العوامل الداخلة عليه تارة يدخلُ عليه عامل يطلب فاعلًا فيصير حينئذ مرفوعًا.
تقول: جاء محمد، وتارة يدخل عليه عامل يطلب مفعولًا فيصير حينئذ منصوبًا، فتقول: رأيت محمدًا وتارة يدخل عليه عاملٌ يطلب مجرورًا، كما إذا قلت مررت بمحمدٍ مجرور بحرف الجر، أو إذا قلت: هذا كتاب محمدٍ مجرور بالإضافة، أو إذا قلت: هذا كتاب محمد الكريمِ. فالكريم هنا مجرورة ليس بالإضافة، وليس بحرف الجر، وإنما بالتبعية؛ أي: أنها تابع للمجرور المقتدم فهي نعت له تجر بمثل جره.
فالإعراب إذًا هو: تغيير أواخِر الكلم لماذا تغييرها؟ تغييرها بسبب العوامل الداخلة عليها، معنى ذلك أن التغيير الذي يحصل في أواخر بعض الكلمات أحيانًا، ويكون ليس بسبب عامل داخل عليه لا يعد إعرابًا، ويراد بذلك التغيير الذي يحصل بسبب بعض لغات العرب.
هناك كلمات -مثلًا- مبنية في الواقع؛ لكن العرب مختلفون في لغتهم في بنائها، فمنهم من يبنيها على الضم، ومثل ذلك كلمة "حيث" فالمشهور فيها أنها مبنية على الضم دائمًا، فيقال: "حيثُ" لكن هناك مَن يبنيها على الكسر فيقول: "حيثِ" وهناك من يبنيها على الفتح فيقول: "حيثَ" هذا التغيير الذي في "حيث" لا نسميه إعرابًا.
لماذا؟ لأنه تغير سببه اختلاف لغات العرب، وليس تغيرًا، سببه اختلاف في العوامل الداخلية عليها، فهي "حيثُ" لا يتغير بتغير العوامل الداخلة عليها، فالذين يبنونها على الضم يجعلونها مضمومة دائمًا؛ سواء وقعت في محل رفع، أو في محل نصب، أو في محل جر.
إذًا العامل المتقدم لا يؤثر فيها، والذين يبنونها على الفتح -أيضًا- كذلك يجعلونها مفتوحة؛ سواء وقعت في محل نصب، أو رفع، أو جر. والذين يبنونها على الكسر كذلك يجعلونها مكسورة؛ سواء وقعت في محل رفع، أو نصب، أو جر، فالتغير الداخل عليها ليس سببُه اختلاف العوامل، وإنما سببه لغات العرب، فلا يسمى هذا إعرابًا، وإنما الإعراب هو التغير الذي تسببه العوامل الداخلة على هذه الكلمة.
"لفظًا أو تقديرًا" ما المراد بقوله: "لفظًا أو تقديرًا"؟ المراد به أن آخر الكلمة يتغيَّر بسبب تغير العوامل الداخلة عليها؛ سواء كان أمكن تغييره لفظًا، وذلك في الكلمات التي آخرها حرف صحيح.
الكلمات المختومة بحرف صحيح، يعني: ليس حرف علة، هذه التغير فيها يكون لفظيًّا، تقول: جاء محمد، رأيت محمدا، مررت بمحمد. وتقول: يكتبُ علي، لن يكتب عليًّا، لم يكتب علي.
فالاسم الصحيح الآخر ومثله الفعل الصحيح الآخر التغير عليه يكون تغيرًا ظاهرًا على حرفه الأخير، إذا كان حرفه الأخير -كما قلنا- صحيح الآخر، وهذا ما يسمى تغير لفظي.
أما التغير التقديري فالمراد به ما كان معتل الآخر سواء كان اسمًا أو كان فعلًا. طبعًا نحن نتحدث عن الأسماء والأفعال بصفة عامة؛ لأن الإعراب يشملهما معًا يدخل فيهما ولا حديث لنا في الحروف؛ لأنها كلها مبنية.
فإذا كان الاسم معتل الآخر مثل: الفتى اسم مقصور آخره ألف لازمة، هذا الاسم معرب تقول فيه: جاء الفتى. إذا جئنا نعرب نقول: الفتى اسم مرفوع بضمة مقدَّرة على آخره منعا من ظهورها التعذر، وتقول: رأيت الفَتَى، تقول: الفتى اسم مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على آخره منعا من ظهورها التعذر أيضًا، ومررت بالفتى اسم مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر.
فالفتى -إذًا- اسم معرب وآخره يتغير بتغير العوامل الداخلة عليه، لكنه تغير داخلي لا يظهر تغير تقديري منع منه مانع، وهو أنه يتعذر عليك أن تنطق بالحركات على الألف.
يتعذر يعني: يستحيل، يستحيل عليك أن تظهر الفتحة، أو الضمة، أو الكسرة على الألف فإذا هو اسم معرب، وله أحكام الأسماء المعربة، فهو مثل محمد تمامًا؛ لكنه لا يمكن أن تظهر الحركات عليه فهو معرب إعراب تقديري، وليس معرب إعرابًا لفظيًّا، كمثل محمد ونحوه، ومثل الفتى.
الفعل إذا ختم بحرف علة مثل يسعى ويخشى، تقول: يسعى فعل مرفوع بضمة مقدرة، فإذا أدخلتَ عليه حرف ناصب تقول: لن يسعى منصوب بفتحة مقدرة، فإذا أدخلت عليه حرف جازم قلت: لم يسعَ، ويكون حينئذ مجزوم بحذف حرف العلة، فقوله: "تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا" يراد باللفظ ما كان صحيح الآخر، تظهر الحركات عليه، وبالتقدير ما كان معتل الآخر الحركات عليه.
طبعًا المعتل الآخر يشمل ماذا؟ يُراد به ما خُتِم بحرف علة، وحروف العلة معروفة لديكم "الواو والألف والياء" وسواء كان هذا المختوم بحرف علة سواء كان اسمًا، أو كان فعلًا، فإنه يكون حينئذ معربا إعرابًا تقديريًّا.
طيب بالنسبة لو جاء شخص -مثلًا- وقال كيف أُفَرِّق بين المبني والمعرب إعراب تقديري؟ يعني: لماذا لا نقول: "الفتى" مبنية؟ لماذا نقول: إنها معربة ونحن ما عندنا دليل؟ محمد سهل عليك أن تقول: معربة؛ لأنها تتغير، محمدُ، محمدًا، محمدٍ، ما فيها إشكال.
لكن الفتى، مصطفى، القاضي ونحوه من الكلمات التي لا تظهر عليها حركات الإعراب كيف أستطيع أن أقول: إنها معربة؟ وأنا ما عندي دليل ظاهر على إعرابها؟ وما الذي يجعلني أفرق بينها وبين "مَن وكَمْ والذي والتي ومتى" ونحو ذلك من الأسماء المبنية؟
هل أحد عنده جواب على هذا السؤال؟ هل من جواب على هذا السؤال؟
وهذا مهم جدًّا في التفريق بين الأسماء المبنية والمعربة؟ لأن الأسماء المعربة بحركة ظاهرة هذه، إما فيها إشكال؛ لكن اللبس قد يحصل في الأسماء المعربة بحركات مقدرة، فقد تختلط ببعض المبنيات، فلا نعرف ما المعرب وما المبني؟ لأنه ليس عندنا دليل لفظي. تفضل.
هذا كلام صحيح؛ ولكنه ليس هو الجواب؛ لأن تطبيق علامات الاسم عليها لا يدلنا على أنها معربة، ولا على أنها مبنية؛ لأن المبنيات أسماء، فقد تقبل هذه العلامات، والمعربات أسماء فقد تقبل علامات الاسم، فعلامات الاسم تشكل المعربة والمبنية، فهي صالحة للاثنين، فالشيء المحك، أو العلامة التي نفرق بها بين المعرب بعلامة تقديرية، وبين المبني ليس هذا، وإنما جواب آخر. نعم.
هذا هو الجواب، وفيه أمر آخر يساعد عليه الجواب أن الأسماء المبنية هي التي أشبهت الحرف في واحد من أنواع الشبه المعروفة الأربعة: الشبه المعنوي، أو الوضعي، أو النيابي، أو الافتقار.
وهذه الحديث فيها يطول، فالاسم لا يبنى إلا إذا أشبه الحرف، أما إذا لم يشبه الحرف فإنه يكون معربًا حينئذ، الأسماء المقصورة، والأسماء المنقوصة؛ أي: المعربة إعرابًا تقديريًّا، هذه الأسماء المعربة إعرابا تقديريا لا تشبه الحرف، فإذا كانت لا تشبه الحرف في واحد من هذه الأوجة الأربعة، نقول: إنها معربة سواء ظهرت عليها علامة الإعراب، أو كانت كالمبنيات لا تظهر عليها علامة إعراب، هذا هو الجواب الفيصل.
لكن هناك أمر يساعد ويعين كيف يكون الأمر؟ الأمر المساعد هو أنه الإشكال، أو اللبس بينهما لا يحصل بين المبنيات والمعربات، لا يحصل في كل شيء، فالمبنيات التي ليس آخرها حرف علة هذه واضحة مثل: "مَن" فمَن هذه لا إشكال فيها أنها مبنية؛ لأنها تلزم صورة واحدة، و"كم" لا إشكال في ذلك، وكذلك "الذي" "والتي" لا إشكال فيها "وهؤلاء" لا إشكال فيها.

أين يكون الإشكال؟ يكون الإشكال في المبني المختوم بالألف مثل "متى" لأنه قد يلتبس بالمعرب المختوم بالألف، مثل "الفتى" أما ما عدا ذلك من المبنيات فإنها إذا كانت صحيحة الآخر لا إشكال فيها إن تغيرت بتغير العوامل فهي معربة، إن لم تتغير فهي مبنية.

أما الأسماء التي ينحصر فيها اللبس هي الأسماء المختومة بالألف في الغالب، هذه المختومة بالألف هي التي يحصل فيها اللبس، أما الأسماء المختومة بالياء فاللبس لا يحصل فيها، لماذا؟ لماذا لا يحصل اللبس؟ نعم، لأن الحركة ممكن إظهارها؛ لأنها ثقيلة، ولأنها -أيضًا- تظهر خفيفة في حالة النصب.
فالاسم المنقوص من الأسماء التي إعرابها تقديري؛ لكنها في حالة النصب تظهر عليها الفتحة، كالأسماء الصحيحة تمامًا، تقول: رأيت القاضي والساعي والداعي، فإذًا المبني المختوم بالياء نجربه في حالة النصب؛ إن ظهرت عليه الحركة بسهولة عرفنا أنه معرب، إن لم تظهر عليه حكمنا عليه بأنه مبني.
إذًا ضيقنا دائرة اللبس الآن، اللبس الآن بين المعرب والمبني أصبح محصورًا تقريبًا فيما آخره ألف مثل "متى" ومثل "الفتى" فالفتى اسم معرب، ومتى اسم استفهام، أو اسم شرط مبني، وحينئذ اللبس الذي قد يحصل في "متى" ونحوها مما ختم بألف، والفتى ونحوها مما ختم بالألف وهو معرب وذلك مبني.
هذا لا مجال لمعرفته إلا بتطبيق أوجه الشبه التي ذكرناها، وهي النظر في مدى شبهه بالحرف فهل ينطبق عليه واحد من أوجه الشبه الأربعة؟ الشبه الوضعي، أو المعنوي، أو النيابي، أو الافتقاري، هذه قضية استطردنا فيها لنبين الفرق بين المعرب إعراب تقديري وبين المبني.
الإعراب وإن لم يتحدث المؤلف -رحمه الله- عن البناء فإنه يكاد ويضطرك إلى أن تتحدث عنه؛ لأن البناء قسيم الإعراب، وهما متقابلان، فأي كلمة لا تخلو إما أن تكون معربة، أو تكون مبنية.
فإذا عرفنا بأن الإعراب هو تغيير أواخر الكلمة أو الكلمات بتغير العوامل الداخلة عليها، فإذا عرفنا أن البناء يقابله فكيف سيكون تعريف البناء؟ ما دام هذا تغيير سيكون هذا لزوم، سيكون هذا معناه لزوم البناء، لزوم آخر الكلمة صورة واحدة، وعدم تأثرها، أو تغيرها بتغير العوامل الداخلة عليها.
فأنت -مثلًا- تقول: جاء سيبويهِ بالبناء على الكسر؛ لأنه مبني على الكسر، وتقول: جاء محمدٌ. وتقول: رأيت سيبويهِ ورأيت محمدًا. مررت بسيبويهِ مررت بمحمدٍ. "محمد" تغيرت ثلاث مرات رفع ونصب وجر؛ أما سيبويهِ فهي ثابتة لا تتأثر بالعوامل الداخلة عليها، وكأنها لا تحس بأنه قد دخل عليه عوامل ملتزمة بصورة واحدة لا تتحرك عنها هذا الكلام، يقال -أيضًا- بالنسبة للأسماء وبالنسبة للأفعال.
فالإعراب في الأفعال وفي الأسماء هو: تغير الكلمة سواء كانت فعلا أو اسما. والبناء في الأسماء وفي الأفعال هو: لزوم الكلمة صورة واحدة، وعدم تغيرها بتغير العوامل الداخلة عليها.
أقسامه أربعة: هذه أقسام ماذا؟ أقسام الإعراب؛ إن شئت أن تسميها أقساما كما فعل المؤلف، وإن شئت أن تسميها مصطلحات فلك ذلك، وإن شئت أن تسميها ألقابًا فلك ذلك، يعني: هي تسمى ألقاب الإعراب، أو مصطلحات الإعراب، أو أقسام الإعراب، وكما أن البناء قسيم للإعراب ومقابل له فإنه -أيضًا- في أقسامه كذلك، وفي مصطلحاته.
فكما أن للإعراب أربعة مصطلحات وهي: الرفع والنصب والخفض والجزم -طبعًا الخفض قلنا: إنها هي الجر، ولك أن تستخدم أي واحد من هذين المصطلحين- أقول: كما أن للإعراب أربعة مصطلحات وهي الرفع والنصب والخفض والجزم، فكذلك للبناء أربعة مصطلحات، كل مصطلح منها يقابل مصطلح الإعراب.
فالرفع في الإعراب ماذا يقابله في البناء؟ يقابله الضمُّ، والنصب في الإعراب يقابله في البناء الفتح، والخفض أو الجر يقابله في البناء الكسر، والجزم في الإعراب يقابله في البناء السكون أو التسكين.
هذه المصطلحات مصطلحات دقيقة؛ ولكن مع الأسف لا نجد التزام كثير بها، إذا قلت: جاء محمد. هل تقول: محمد اسم مرفوع أو اسم مضموم؟ اسم مرفوع، فإذا قلت: اسم مضموم يعتبر خطأ؛ لأن كلمة مضموم هذا مصطلح بناء، ومحمد هذه معربة.
إذًا تستخدم معها مصطلح الإعراب وهو الرفع، فتقول: محمد اسم مرفوع، فإذا قلت: اجلس حيثُ جلس محمد. "حيثُ" ماذا تقول فيها؟ تقول: "حيث" اسم مرفوع؟ خطأ لو قلت: اسم مرفوع، وإنما تقول اسم مضموم، أو مبني على الضم، وقس على هذا في كل المعربات والمبنيات.

فرأيت محمدًا، تقول فيها: محمدًا اسم منصوب، وإذا قلت: أين محمدٌ، "أينَ" ماذا أقول فيها اسم مفتوح، أو اسم مبني على الفتح، وكذلك، فإذا قلت: مررت بمحمدٍ تقول في محمد هنا: اسم مجرور، فإذا قلت -مثلًا- مررتُ بهؤلاءِ، أو جاء هؤلاءِ، تقول في "هؤلاء" اسم مبني على الكسر، أو اسم مكسور؛ لكن اسم مبني على الكسر أولى وأفضل.
طيب، فإذا قلت مثلًا: لم يكتبْ محمد، تقول في "يكتب": فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، فإذا قلت مثلًا: مَنْ عندك؟ ماذا تقول في مَنْ؟

تقول: من اسم مبني على السكون، ولا يصح أن تقول فيها: اسم مجزوم، واضح هذا؟

ألقاب الإعراب، وألقاب البناء، والدقة في استخدام المصطلح، وعدم جواز الخلط بين المصطلحين، هذه الأقسام الأربعة وهي ألقاب الإعراب الأربعة،

ما الذي منها خاصٌّ بالأسماء؟ وما الذي منها خاصٌّ بالأفعال؟ وما الذي منها خاصٌّ بالحروف؟


ما الذي خاص بالأسماء هذه الألقاب الأربعة واحد وهو:

الجر، أو الخفض خاص بالأسماء، طيب وما الذي منها يختص بالأفعال؟ الجزم هو الذي خاص بالأفعال، طيب ما الذي منها يختص بالحروف؟ لا يوجد؛ لأن الحروف كلها مبنية، فالحروف لا تدخل معنا في هذا التقسيم أصلًا.

هذا التقسيم مشترك بين الأسماء والأفعال فقط، طيب ما المشترك منها بين الأسماء والأفعال؟ البقية هذه مشتركة، وهي الرفع والنصب فهما مشتركان بين الأسماء والأفعال، والجر أو الخفض خاص بالأسماء، والجزم خاص بالأفعال، إذًا الأسماء كَمْ لها من هذه الأربعة؟ لها ثلاثة، والأفعال لها -أيضًا- ثلاثة كذلك تفضل.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحدثنا في الدرس الماضي عن ملخص لما مر في سابقه، أو في سابقيه، ثم دخلنا بالتفصيل في باب الإعراب، وباب معرفة علامات الإعراب، وأخذنا ربعه الأول، وقلنا في الإعراب -بشكل سريع وموجز، على شكل تلخيص لما سبق-: إن الإعراب قسيم للبناء، وإن البناء والإعراب يدخلان الأسماء والأفعال.

أما الحروف فإنها مبنية، ولا حظ لشيء منها بالإعراب، وعرفنا الإعراب بأنه في اللغة: الإبانة والإفصاح، وهذا أحد معانيه، وأنه في الاصطلاح هو: تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا.

وأن البناء ما دام قسيمًا له فإنه يكاد يكون مضادًا أو معاكسًا له، فالإعراب تغيير، والبناء لزوم أو ثبوت، البناء هو لزوم أواخر الكلمة صورة واحدة، وعدم تغيرها بتغير العوامل الداخلة عليها.

وبينَّا -أيضًا- أن التغيُّر الذي يعتد به ويسمى إعرابًا هو التغير الذي يكون بسبب العوامل، وليس التغير الذي يكون بسبب لغات العرب، فإن للعرب لغات في بعض الكلمات، بعضهم ينطقها بالضم وبعضهم بالفتح، وبعضهم بالكسر، فهذا التغيير المبني على بعض لغات العرب لا يعد إعرابًا، وإنما الإعراب هو التغيير الذي يحصل بسبب تغير العوامل المتقدمة.

وقلنا: إن للإعراب أقسامًا، أو إن شئت سمِّها ألقابًا، أو إن شئت سمِّها مصطلحات أربعة، وأن البناء -أيضًا- له مصطلحات أربعة تقابل هذه المصطلحات، فألقاب الإعراب، أو مصطلحاته هي الرفع والنصب والخفض والجزم، وألقاب البناء التي تقابلها هي الضم في مقابلة الرفع، والفتح في مقابلة النصب، والكسر في مقابلة الجر أو الخفض، والسكون أو التسكين في مقابلة الجزم.

وأن ألقاب الإعراب هذه الأربعة منها ما هو خاص بالأسماء وهو الجر، ومنها ما هو خاص بالأفعال وهو الجزم، ومنها ما هو مشترك بينهما وهو الرفع والنصب.


التوقيع :


الإنفاق والصدقة:
فإنها مجلبة للرزق كما قال تعالى : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه }
[سبأ:39].
وفي الحديث القدسي: قال الله تبارك وتعالى:
« يا ابن آدم أنفق، أُنفق عليك »
[رواه مسلم].

رد مع اقتباس