عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2006, 10:46 PM   رقم المشاركة : 10
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


مشاركة: البداية والنهاية الجزء الرابع عشر

وفي ثاني عشر رمضان عزل أمين الملك عن وزارة مصر واضيفت الوزارة إلى الامير علاء الدين مغلطاي الجمالي استاذ دار السلطان وفي أواخر رمضان طلب الصاحب شمس الدين غبريال إلى القاهرة فولى بها نظر الدواوين عوضا عن كريم الدين الصغير وقدم كريم الدين المذكور إلى دمشق في شوال فنزل بدار العدل من القصاعين وولى سيف الدين قد يدار ولاية مصر وهو شهم سفاك للدماء فأراق الخمور وأحرق الحشيشة وأمسك الشطار واستقامت به أحوال القاهرة ومصر وكان هذا الرجل ملازما لابن تيمية مدة مقامه بمصر
وفي رمضان قدم إلىمصر الشيخ نجم الدين عبد الرحيم بن الشحام الموصلي من بلاد السلطان ازبك وعنده فنون من علم الطب وغيره ومعه كتاب بالوصية به فأعطى تدريس الظاهرية البرانية نزل له عنها جمال الدين بن القلانسي فباشرها في مستهل ذي الحجة ثم درس بالجاروضية ثم خرج الركب في تاسع شوال واميره كوكنجبار المحمدي وقاضيه شهاب الدين الظاهري وممن خرج إلى الحج برهان الدين الفزاري وشهاب الدين قرطاي الناصري نائب طرابلس وصاروحا وشهري وغيرهم وفي نصف شوال زاد السلطان في عدة الفقهاء بمدرسته الناصرية كان فيها من كل مذهب ثلاثون ثلاثون فزادهم إلى أربعة وخمسين من كل مذهب وزادهم في الجوامك أيضا وفي الثالث والعشرين منه وجد كريم الدين الكبير وكيل السلطان قد شنق نفسه داخل خزانة له قد أغلقها عليه من داخل ربط حلقه في حبل كان تحت رجليه قفص فدفع القفص برجليه فمات في مدينة أسوان وستأتي ترجمته

وفي جمادي الاولى عزل طرقشي عن شد الدواوين وتولاها الامير بكتمر وفي ثاني جمادي الاخرة باشر ابن جهبل نيابة الحكم عن الزرعي وكان قد باشر قبلها بأيام نظر الايتام عوضا عن ابن هلال وفي شعبان اعيدا الطرقشي الى الشد وسافر بكتمر الى نيابة الاسكندرية وكان بها الى أن توفي وفي رمضان قدم جماعة من حجج الشرق وفيهم بنت الملك أبغابن هولاكو وأخت ارغون وعمة قازان وخربندا فأكرمت وأنزلت بالقصر الابلق وأجريت عليها الاقامات والنفقات
وفي جمادي الاولى عزل طرقشي عن شد الدواوين وتولاها الامير بكتمر وفي ثاني جمادي الاخرة باشر ابن جهبل نيابة الحكم عن الزرعي وكان قد باشر قبلها بأيام نظر الايتام عوضا عن ابن هلال وفي شعبان اعيدا الطرقشي الى الشد وسافر بكتمر الى نيابة الاسكندرية وكان بها الى أن توفي وفي رمضان قدم جماعة من حجج الشرق وفيهم بنت الملك أبغابن هولاكو وأخت ارغون وعمة قازان وخربندا فأكرمت وأنزلت بالقصر الابلق وأجريت عليها الاقامات والنفقات
وفي سابع عشر ذي القعدة زينت دمشق بسبب عافية السلطان من مرض كان قد اشفى منه على الموت وفي ذي القعدة درس جمال الدين بن القلانسي بالظاهرية الجوانية عوضا عن ابن الزملكاني سافر على قضاء حلب وحضر عنده القاضي القزويني وجاء كتاب صادق من بغداد إلى المولى شمس بن حسان يذكر فيه أن الامير جوبان أعطى الامير محمد حسيناه قدحا فيه خمر ليشربه فامتنع من ذلك اشد الامتناع فالح عليه واقسم فأبى أشد الاباء فقال له إن لم تشربها وإلا كلفتك ان تحمل ثلاثين تومانا فقال نعم احمل ولا أشربها فكتب عليه حجة بذلك وخرج من عنده إلى أمير آخر يقال له بكتى فاستقرض من ذلك المال ثلاثين تومانا فأبى أن يقرضه إلا بربح عشرة توامين فاتفقا على ذلك فبعث بكتى الى جوبان يقول له المال الذي طلبته من حسيناه عندي فإن رسمت حملته إلى الخزانة الشريفة وإن رسمت تفرقه على الجيش فأرسل جوبان إلى محمد حسيناه فأحضره عنده فقال له تزن أربعين تومانا ولا تشرب قدحا من خمر قال نعم فأعجبه ذلك منه ومزق الحجة المكتوبة عليه وحظى عنده وحكمه في أموره كلها وولاه ولايات كتابه وحصل لجوبان إقلاع ورجوع عن كثير مما كان يتعاطاه رحم الله حسيناه
وفي هذه السنة كانت فتنة بأصبهان قتل بسببها ألوف من أهلها واستمرت الحرب بينهم شهورا وفيها كان غلاء مفرط بدمشق بلغت الغرارة مائتين وعشرين وقلت الاقوات ولولا ان الله اقام للناس من يحمل لهم الغلة من مصر لاشتد الغلاء وزاد أضعاف ذلك فكان مات أكثر الناس واستمر ذلك مدة شهور من هذه السنة وإلى أثناء سنة خمس وعشرين حتى قدمت الغلات ورخصت الاسعار ولله الحمد والمنة وممن توفي فيها من الاعيان توفي في مستهل المحرم
*3* بدر الدين بن ممدوح بن أحمد الحنفي
@
قاضي قلعة الروم بالحجاز الشريف وقد كان عبدا صالحا حج مرات عديدة وربما أحرم من قلعة الروم أو حرم بيت المقدس وصلى عليه بدمشق صلاة الغائب وعلى شرف الدين بن العز وعلى شرف الدين بن نجيح توفوا في أقل من نصف شهر كلهم بطريق الحجاز بعد فراغهم من الحج وذلك أنهم غبطوا ابن نجيح صاحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية بتلك الموتة كما تقدم فرزقوها فماتوا عقيب عملهم الصالح بعد الحج
*3* الحجة الكبيرة خوندا بنت مكية
@ زوجة الملك الناصر وقد كانت زوجة أخيه الملك الاشرف ثم هجرها الناصر وأخرجها من القلعة وكانت جنازتها حافلة ودفنت بتربتها التي أنشأتها
*3* الشيخ محمد بن جعفر بن فرعوش
@ ويقال له اللباد ويعرف بالمؤله كان يقرئ الناس بالجامع نحوا من اربعين سنة وقد قرأت عليه شيئا من القراءات وكان يعلم الصغار عقد الراء والحروف والمتفنة كالراء ونحوها وكان متقللا من الدنيا لا يقتني شيئا وليس له بيت ولا خزانة إما كان يأكل في السوق وينام في الجامع توفي في مستهل صفر وقد جاوز السبعين ودفن في باب الفراديس رحمه الله وفي هذا اليوم توفي بمصر
*3* الشيخ أيوب السعودي
@ وقد قارب المائة أدرك الشيخ أبا السعود وكانت جنازته مشهودة ودفن بتربة شيخه بالقرافة وكتب عنه قاضي القضاة تقي الدين السبكي في حياته وذكر الشيخ أبو بكر الرحبي انه لم ير مثل جنازته بالقاهرة منذ سكنها رحمه الله
*3* الشيخ الامام الزاهد نور الدين
@ ابو الحسن علي بن يعقوب بن جبريل البكري المصري الشافعي له تصانيف وقرأ مسند الشافعي علي وزيرة بنت المنجا ثم إنه أقام بمصر وقد كان في جملة من ينكر على شيخ الاسلام ابن تيمية أراد بعض الدولة قتله فهرب واختفى عنده كما تقدم لما كان ابن تيمية مقيما بمصر وما مثاله غلا مثال ساقية ضعيفة كدرة لاطمت بحرا عظيما صافيا او رملة ارادت زوال جبل وقد أضحك العقلاء عليه وقد أراد السلطان قتله فشفع فيه بعض الامراء ثم انكر مرة شيئا على الدولة فنفى من القاهرة إلى بلدة يقال لها ديروط فكان بها حتى توفي يوم الاثنين سابع ربيع الاخر ودفن بالقرافة وكانت جنازته مشهورة غير مشهودة وكان شيخه ينكر عليه إنكاره على ابن تيمية ويقول له أنت لا تحسن ان تتكلم
*3* الشيخ محمد الباجر بقي
@ الذي تنسب اليه الفرقة الضالة الباجر بقية والمشهور عنهم إنكار الصانع جل جلاله وتقدست اسماؤه وقد كان والده جمال الدين بن عبد الرحيم بن عمر الموصلي رجلا صالحا من علماء الشافعية ودرس في أماكن بدمشق ونشأ ولده هذا بين الفقهاء واشتغل بعض شيء ثم أقبل على السلوك ولازم جماعة يعتقدونه ويزورونه ويرزقونه ممن هو على طريقةوآخرون لا يفهمونه ثم حكم القاضي المالكي باراقة دمه فهرب إلى الشرق ثم إنه أثبت عداوة بينه وبين الشهود فحكم الحنبلي بحقن دمه فأقام بالقانون مدة سنين حتى كانت وفاته ليلة الاربعاء سادس عشر ربيع الآخر ودفن بالقرب من مغارة الدم بسفح قاسيون في قبة في أعلى ذيل الجبل تحت المغارة وله من العمر ستون سنة
*3* شيخنا القاضي أبو زكريا
@ محي الدين أبو زكريا يحيى بن الفاضل جمال الدين إسحاق بن خليل بن فارس الشيباني الشافعي اشتغل على النواوي ولازم ابن المقدسي وولى الحكم بزرع وغيرها ثم قام بدمشق يشتغل في الجامع ودرس في الصارمية وأعاد في مدارس عدة إلى أن توفي في سلخ ربيع الاخر ودفن بقاسيون وقد قارب الثمانين رحمه الله وسمع كثيرا وخرج له الذهبي شيئا وسمعنا عليه الدارقطني وغيره
*3*الفقيه الكبير الصدر الامام العالم الخطيب بالجامع
@ بدر الدين أبو عبد الله محمد بن عثمان بن يوسف بن محمد بن الحداد الامدي الحنبلي سمع الحديث واشتغل وحفظ المحرر في مذهب أحمد ويرع على ابن حمدان وشرحه عليه في مدة سنين وقد كان ابن حمدان يثنى عليه كثيرا وعلى ذهنه وذكائه ثم اشتغل بالكتابة ولزم خدمة الامير قراسنقر بحلب فولاه نظر الاوقاف وخطابة حلب بجامعها الاعظم ثم لما صار إلى دمشق ولاه خطابة الاموي فاستمر خطيبا فيها اثنين واربعين يوما ثم اعيد اليها جلال الدين القزويني ثم ولى نظر المارستان والحسبة ونظر الجامع الاموي وعين لقضاء الحنابلة في وقت ثم توفي ليلة الاربعاء سابع جمادي الآخرة ودفن بباب الصغير رحمه الله
*3* الكاتب المفيد قطب الدين
@ أحمد بن مفضل بن فضل الله المصري أخو محيي الدين كاتب تنكز والد الصاحب علم الدين كان خبيرا بالكتابة وقد ولى استيفاء الاوقاف بعد أخيه وكان اسن من أخيه وهو الذي علمه صناعة الكتابة وغيرها توفي ليلة الاثنين ثاني رجب وعمل عزاؤه بالشميساطية وكان مباشر أوقافها
*3* الأمير الكبير ملك العرب
@ محمد بن عيسى بن مهنا اخو مهنا توفي بسلمية يوم السبت سابع رجب وقد جاوز الستين كان مليح الشكل حسن السيرة عاملا عارفا رحمه اله وفي هذا الشهر وصل الخبر إلى دمشق يموت
*3* الوزير الكبير علي شاه بن أبي بكر التبريزي
@ وزير ابي سعيد بعد قتل سعد الدين الساوي وكان شيخا جليلا فيه دين وخير وحمل إلى تبريز فدفن بها في الشهر الماضي رحمه الله
*3* الأمير سيف الدين بكتمر
@ والي الولاة صاحب الأوقاف في بلدان شتى من ذلك مدرسة بالصلب وله درس بمدرسة أبي عمر وغير ذلك توفي بالاسكندرية وهو نائبها خامس رمضان رحمه الله
*3* شرف الدين أبو عبد الله
@ محمد ابن الشيخ الامام العلامة زين الدين بن المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الحنبلي أخو قاضي القضاة علاء الدين سمع الحديث ودرس وأفتى وصحب الشيخ تقي الدين بن يتميه وكان فيه دين ومودة وكرم وقضاء حقوق كثيرة توفي ليلة الاثنين رابع شوال وكان مولده في سنة خمس وسبعين وستمائة ودفن بتربتهم بالصالحية
*3* الشيخ حسن الكردي الموله
@ كان يخالط النجاسات والقاذورات ويمشي حافيا وربما تكلم بشيء من الهذيانات التي تشبه علم المغيبات وللناس فيه اعتقاد كما هو المعروف من أهل العمى والضلالات مات في شوال
*3* كريم الدين الذي كان وكيل السلطان
@ عبد الكريم بن العلم هبة الله المسلماني حصل له من الأموال والتقدم والمكانة الخطيرة عند السلطان ما لم يحصل لغيره في دولة الأتراك وقد وقف الجامعين بدمشق أحدهما جامع القبيبات والحوض الكبير الذي تجاه باب الجامع واشترى له نهر ماء بخمسين ألفا فانتفع به الناس انتفاعا كثيرا ووجدوا رفقا والثاني الجامع الذي بالقابون وله صدقات كثيرة تقبل الله منه وعفا عنه وقد مسك في آخر عمره ثم صودر ونفى إلى الشوبك ثم إلى القدس ثم الصعيد فخنق نفسه كما قيل بعماته بمدينة أسوان وذلك في الثالث والعشرين من شوال وقد كان حسن الشكل تام القامة ووجد له بعد موته ذخائر كثيرة سامحه الله
*3* الشيخ الامام العالم علاء الدين
@ علي بن إبراهيم بن داود بن سليمان بن العطار شيخ دار الحديث النورية ومدرس الغوصية بالجامع ولد يوم عيد الفطر سنة أربع وخمسين وستمائة وسمع الحديث واشتغل على الشيخ محيي الدين النواوي ولازمه حتى كان يقال له مختصر النواوي وله مصنفات وفوائد ومجاميع وتخاريج وباشر مشيخة النورية من سنة أربع وتسعين إلى هذه السنة مدة ثلاثين سنة توفي يوم الاثنين منها مستهل ذي الحجة فولى بعده النورية علم الدين البرزالي وتولى الغوصية شهاب الدين بن حرز الله وصلى عليه بالجامع ودفن بقاسيون رحمه الله والله سبحانه أعلم
*2* ثم دخلت سنة خمس وعشرين وسبعمائة
@ استهلت وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها وأولها يوم الأربعاء وفي خامس صفر منها قدم إلى دمشق الشيخ شمس الدين محمود الأصبهاني بعد مرجعه من الحج زيارة القدس الشريف وهو رجل فاضل له مصنفات منها شرح مختصر ابن الحاجب وشرح الجويد وغير ذلك ثم إنه شرح الحاجبية أيضا وجمع له تفسيرا بعد صيرورته إلى مصر ولما قدم إلى دمشق أكرم واشتغل عليه الطلبة وكان حظيا عند القاضي جلال الدين القزويني ثم إنه ترك الكل وصار يتردد إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية وسمع عليه من مصنفاته ورده على أهل الكلام ولازمه مدة فلما مات الشيخ تقي الدين تحول إلى مصر وجمع التفسير
وفي ربيع الأول جرد السلطان تجريدة نحو خمسة آلاف إلى اليمن لخروج عمه عليه وصحبتهم خلق كثير من الحجاج منهم الشيخ فخر الدين النويري وفيها منع شهاب الدين بن مرى البعلبكي من الكلام على الناس بمصر على طريقة الشيخ تقي الدين بن تيمية وعزره القاضي المالكي بسبب الاستغاثة وحضر المذكور بين يدي السلطان وأثنى عليه جماعة من الأمراء ثم سفر إلى الشام بأهله فنزل ببلاد الخليل ثم انتزح إلى بلاد الشرق وأقام بسنجار وماردين ومعاملتهما يتكلم ويعظ الناس إلى أن مات رحمه الله كما سنذكره
وفي ربيع الأخر عاد نائب الشام من مصر وقد أكرمه السلطان والأمراء وفي جمادي الأولى وقع بمصر مطر لم يسمع بمثله بحيث زاد النيل بسببه أربع أصابع وتغير أياما وفيه زادت دجلة ببغداد حتى غرقت ما حول بغداد وانحصر الناس بها ستة أيام لم تفتح أبوابها وبقيت مثل السفينة في وسط البحر وغرق خلق كثير من الفلاحين وغيرهم وتلف للناس مالا يعمله إلا الله وودع أهل البلد بعضهم بعضا ولجأوا إلى الله تعالى وحملوا المصاحف على رؤسهم في شدة الشوق في أنفسهم
حتى القضاة والأعيان وكان وقتا عجيبا ثم لطف الله بهم فغيض الماء وتناقص وتراجع الناس إلى ما كانوا عليه من أمورهم الجائرة وغير الجائرة وذكر بعضهم انه غرق بالجانب الغربي نحو من ستة آلاف وستمائة بيت وإلي عشرة سنين لا يرجع ما غرق
وفي أوائل جمادي الأخرة فتح السلطان خانقاه سريافوس التي أنشأها وساق إليها خليجا وبنى عندها محلة وحضر السلطان بها ومعه القضاة والأعيان والأمراء وغيرهم ووليها مجد الدين الأقصرائي وعمل السلطان بها وليمة كبيرة وسمع على قاضي القضاة ابن جماعة عشرين حديثا بقراءة ولده عز الدين بحضرة الدولة منهم أرغون النائب وشيخ الشيوخ القونري وغيرهم وخلع على القارئ عز الدين واثنوا عليه ثناء زائدا وأجلس مكرما وخلع ايضا على والده ابن جماعة وعلى المالكي وشيخ الشيوخ وعلى مجد الدين الاقصرائي شيخ الخانقاه المذكورة وغيرهم وفي يوم الأربعاء رابع عشر رجب درس بقبة المنصورية في الحديث الشيخ زين الدين بن الكتاني الدمشقي بإشارة نائب الكرك وأرغون وحضر عنده الناس وكان فقيها جيدا وأما الحديث فليس من فنه ولا من شغله
وفي أواخر رجب قدم الشيخ زين الدين بن عبد الله بن المرحل من مصر على تدريس الشامية البرانية وكانت بيد ابن الزملكاني فانتقل إلى قضاء حلب فدرس بها في خامس شعبان وحضر القاضي الشافعي وجماعة وفي سلخ رجب قدم القاضي عز الدين بن بدر الدين بن جماعة من مصر ومعه ولده وفي صحبته الشيخ جمال الدين الدمياطي وجماعة من الطلبة بسبب سماع الحديث فقرأ بنفسه وقرأ الناس له واعتنوا بأمره وسمعنا معهم وبقراءته شيئا كثيرا نفعهم الله بما قرؤوا وبما سمعوا ونفع بهم وفي يوم الاربعاء ثاني عشر شوال درس الشيخ شمس الدين بن الأصبهاني بالرواحية بعد ذهاب ابن الزملكاني إلى حلب وحضر عنده القضاة والأعيان وكان فيهم شيخ الاسلام ابن تيمية وجرى يومئذ بحث في العام إذا خص وفي الاستثناء بعد النفي ووقع إنتشار وطال الكلام في ذلك المجلس وتكلم الشيخ تقي الدين كلاما أبهت الحاضرين وتأخر ثبوت عيد الفطر إلى قريب الظهر يوم العيد فلما ثبت دقت البشائر وصلى الخطيب العيد من الغد بالجامع ولم يخرج الناس إلى المصلي وتغضب الناس على المؤذنين وسجن بعضهم وخرج الركب في عاشره وأميره صلاح الدين ابن ايبك الطويل وفي الركب صلاح الدين بن أوحد والمنكورسي وقاضية شهاب الدين الظاهر وفي سابع عشره درس بالرباط الناصري بقاسيون حسام الدين القزويني الذي كان قاضي طرابلس قايضه بها جمال الدين بن الشريشني إلى تدريس المسرورية وكان قد جاء توقيعه بالعذراوية والظاهرية فوقف في طريقه قاضي القضاة جمال الدين ونائباه ابن جملة
والفخر المصري وعقد له ولكمال الدين ابن الشيرازي مجلسا ومعه توقيع بالشامية البرانية فعطل الامر عليهما لأنهما لم يظهرا استحقاهما في ذلك المجلس فصارت المدرستان العذراوية والشامية لابن المرحل كما ذكرنا وعظم القزوينى بالمسروية فقايض منها لابن الشريشنى إلى الرباط الناصري فدرس به في هذا اليوم وحضر عنده القاضي جلال الدين ودرس بعده ابن الشريشني بالمسرورية وحضر عنده الناس أيضا وفيه عادت التجريدة اليمنية وقد فقد منهم خلق كثير من الغلمان وغيرهم فحبس مقدمهم الكبير ركن الدين بيبرس لسو سرته فيهم ومم توفي فيها من الأعيان :
*3* الشيخ إبراهيم الصباح
@ وهو إبراهيم بن منير البعلبكي كان مشهروا بالصلاح مقيما بالمأذنة الشرقية توفي ليلة الأربعاء مستهل المحرم ودفن بالباب الصغير وكانت جنازته حافلة حمله الناس على رؤوس الاصابع وكان ملازما لمجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية
*3* إبراهيم الموله
@ الذي يقال له القميني لاقامته بالقمامين خارج باب شرقي وربما كاشف بعض العوام ومع هذا لم يكن من أهل الصلاة وقد استتابه الشيخ تقي الدين بن تيمية وضربه على ترك الصلوات ومخالطة القاذورات وجمع النساء والرجال حوله في الأماكن النجسة توفي كهلا في هذا الشهر
*3* الشيخ عفيف الدين
@ محمد بن عمر بن عثمان بن عمر الصقلي ثم الدمشقي إمام مسجد الرأس آخر من حدث عن ابن الصلاح ببعض سنن البيهقي سمعنا عليه شيئا منها توفي في صفر
*3* الشيخ الصالح العابد الزاهد الناسك
@ عبد الله بن موسى بن أحمد الجزري الذي كان مقيما أبي بكر من جامع دمشق كان من الصالحين الكبار مباركا خيرا عليه سكينة ووقار وكانت له مطالعة كثيرة وله فهم جيد وعقل جيد وكان من الملازمين لمجالس الشيخ تقي الدين ابن تيمية وكان ينقل من كلامه أشياء كثيرة ويفهمها يعجز عنها كبار الفقهاء توفي يوم الاثنين سادس عشرين صفر وصلى عليه بالجامع ودفن بباب الصغير وكانت جنازته حافلة محمودة
*3* الشيخ الصالح الكبير المعمر
@ الرجل الصالح تقي الدين ابن الصائغ المقري المصري الشافعي آخر من بقي من مشايخ القراء وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي توفي في صفر ودفن بالقرافة وكانت جنازته حافلة قارب التسعين ولم يبق له منها سوى سنة واحدة وقد قرأ عليه غير واحد وهو ممن طال عمره وحسن عمله
*3* الشيخ الامام صدر الدين
@ أبو زكريا يحيى بن علي بن تمام بن موسى الانصاري السبكي الشافعي سمع الحديث وبرع في الأصول والفقه ودرس بالسيفية وباشرها بعده ابن اخيه تقي الدين السبكي الذي تولى قضاء الشام فيما بعد
الشهاب محمود هو الصدر الكبير الشيخ الامام العالم العلامة شيخ صناعة الانشاء الذي لم يكن بعد القاضي الفاضل مثله في صنعة الانشاء وله خصائص ليست للفاضل من كثرة النظم والقصائد المطولة الحسنة البليغة فهو شهاب الدين أبو الثنا محمود بن سلمان بن فهد الحلبي ثم الدمشقى ولد سنة أربع واربعين وستمائه بحلب وسمع الحديث وعنى باللغة والأدب والشعر وكان كثير الفضائل بارعا في علم الانشاء نظما ونثرا وله في ذلك كتب ومصنفات حسنة فائقة وقد مكث في ديوان الانشاء نحوا من خمسين سنة ثم ولى كتابة السر بدمشق نحوا من ثمان سنين إلى أ نتوفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان في منزله قرب باب النطفانيين وهي دار القاضي الفاضل وصلى عليه بالجامع ودفن بتربة له أنشأها بالقرب من اليغمورية وقد جاوز الثمانين رحمه الله
*3* شيخنا عفيف الدين الأمدي
@ عفيف الدين إسحاق بن يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل الأمدي ثم الدمشقي الحنفي شيخ دار الحديث الظاهرية ولد في حدود الأربعين وستمائة وسمع الحديث على جماعة كثيرين منهم يوسف بن خليل ومجد الدين بن تيمية وكان شيخا حسنا بهى المنظر سهل الاسماع يحب الرواية ولديه فضيلة توفي ليلة الاثنين ثاني عشرين رمضان ودفن بقاسيون وهو والد فخر الدين ناظر الجيوش والجامع وقبله بيوم توفي الصدر معين الدين يوسف بن زغيب الرحبي أحد كبار التجار الامناء وفي رمضان توفي
*3* البدر العوام
@ وهو محمد بن علي البابا الحلبي وكان فردا في العوم وطيب الاخلاق انتفع به جماعة من التجار في بحر اليمن كان معهم فغرق بهم المركب فلجأوا إلى صخرة في البحر وكانوا ثلاثة عشر ثم إنه غطس فاستخرج لهم أموالا من قرار البحر بعد أن أفلسوا وكادوا ان يهلكوا وكان فيه ديانة وصيانة وقد قرأ القرآن وحج عشر مرات وعاش ثمانا وثمانين سنة رحمه الله وكان يسمع الشيخ تقي الدين بن تيمية كثيرا وفيه توفي
*3* الشهاب احمد بن عمثان الامشاطي
@ الأديب في الأزجال والموشحات والمواليا والدوبيت والبلاليق وكان استاذ أهل هذه الصناعة مات في عشر الستين
*3* القاضي الامام العالم الزاهد
@ صدر الدين سليمان بن هلال بن شبل بن فلاح بن خصيب الجعفري الشافعي المعروف بخطيب داريا ولد سنة ثنتين وأربعين وستمائة بقرية بسرا من عمل السواد وقدم مع والده فقرأ بالصالحية القرآن على الشيخ نصر بن عبيد وسمع الحديث وتفقه علي الشيخ محيي الدين النووي والشيخ تاج الدين الفزاري وتولى خطابة داريا وأعاد بالناصرية وتولى نيابة القضاء لابن صصرى مدة وكان متزهدا لا يتنعم بحمام ولا كتان ولا غيره ولم يغير ما اعتاده في البر وكان متواضعا وهو الذي استسقى بالناس في سنة تسع عشرة فسقوا كما ذكرنا وكان يذكر له نسبا إلى جعفر الطيار بينه وبينه عشرة آباء ثم ولى خطابة العقبية فترك نيابة الحكم وقال هذه تكتفي إلى أن توفي ليلة الخميس ثامن ذي القعدة ودفن بباب الصغير وكانت جنازته مشهورة رحمه الله وتولى بعده الخطابة ولده شهاب الدين
*3* أحمد بن صبيح المؤذن
@ الرئيس بالعروس بجامع دمشق مع البرهان بدر الدين أبو عبد الله محمد بن صبيح بن عبد الله التفليسي مولاهم المقري المؤذن كان مع أحسن الناس صوتا في زمانه وأطيبهم نغمة ولد سنة ثنتين وخمسين وستمائة تقريبا وسمع الحديث في سنة سبع وخمسين وممن سمع عليه ابن عبد الدائم وغيره من المشايخ وحدث وكان رجلا حسنا أبوه مولى لامرأة اسمها شامة بنت كامل الدين التفليسي امرأة فخر الدين الكرخي وباشر مشارفة الجامع وقراءة المصحف وأذن عند نائب السلطنة مدة وتوفي في ذي الحجة بالطواويس وصلى عليه بجامع العقبية ودفن بمقابر باب الفراديس
*3* خطاب باني خان خطاب
@ الذي بين الكسوة وغباغب الامير الكبير عز الدين خطاب بن محمود بن رتقش العراقي كان شيخا كبيرا له ثروة من المال كبيرة وأملاك وأموال وله حمام بحكر السماق وقد عمر الخان المشهور به بعد موته إلى ناحية الكتف المصري مما يلي غباغب وهو برج الصفر وقد حصل لكثير من المسافرين به رفق توفي ليلة سبع عشرة ربيع الاخر ودفن بتربته بسفح قاسيون رحمه الله تعالى وفي ذي القعدة منها توفي رجل آخر اسمه
*3* ركن الدين خطاب بن الصاحب كمال الدين
@ احمد ابن أخت ابن خطاب الرومي السيواسي له خانقاه ببلده بسيواس عليها أوقاف كثيرة وبر وصدقة توفي وهو ذاهب إلى الحجاز الشريف بالكرك ودفن بالقرب من جعفر وأصحابه بمؤتة رحمه الله وفي العشر الاخير من ذي القعدة توفي
*3* بدر الدين أبو عبد الله
@ محمد بن كمال الدين أحمد بن أبي الفتح بن أبي الوحش أسد بن سلامة بن سليمان بن فتيان الشيباني المعروف بابن العطار ولد سنة سبعين وستمائة وسمع الحديث الكثير وكتب الخط المنسوب واشتغل بالتنبيه ونظم الشعر وولى كتابه الدرج ثم نظر الجيش ونظر الاشراف وكانت له حظوة في أيام الافرم ثم حصل له خمول قليل وكان مترفا منعما له ثروة ورياسة وتواضع وحسن سيرة ودفن بسفح قاسيون بتربتهم رحمه الله
*3* القاضي محيي الدين
@ أبو محمد بن الحسن بن محمد بن عمار بن فتوح الحارثي قاضي الزبداني مدة طويلة ثم ولى قضاء الكرك وبها مات في العشرين من ذي الحجة وكان مولده سنة خمس وأربعين وستمائة وقد سمع الحديث واشتغل وكان حسن الاخلاق متواضعا وهو والد الشيخ جمال الدين بن قاضي الزبداني مدرس الظاهرية رحمه الله
*2* ثم دخلت سنة ست وعشرين وسبعمائة
@ استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها سوى كاتب سر دمشق شهاب الدين محمود فإنه توفي وولى المنصب من بعده ولده الصدر شمس الدين وفيها تحول التجار في قماش النساء المخيط من الدهشة التي للجامع إلى دهشة سوق على وفي يوم الأربعاء ثمان المحرم باشر مشيخة الحديث الظاهرية الشيخ شهاب الدين بن جهبل بعد وفاة العفيف إسحاق وترك تدريس الصلاحية بالقدس الشريف واختار دمشق وحضر عنده القضاة والأعيان وفي أولها فتح الحمام الذي بناه الامير سيف الدين جوبان بجوار داره بالقرب من دار الجالق وله بابان أحدهما إلى جهة مسجد الوزير وحصل به نفع وفي يوم الاثنين ثاني صفر قدم الصاحب غبريال من مصر على البريد متوليا نظر الدواوين بدمشق على عادته وانفصل عنها الكريم الصغير وفرح الناس به وفي يوم الثلاثاء حادي عشرين ربيع الاول بكرة ضربت عنق ناصر بن الشرف ابي الفضل بن إسماعيل بن الهيئي بسوق الخيل على كفره واستهانته واستهتاره بآيات الله وصحبته الزنادقة كالنجم بن خلكان والشمس محمد الباجريقي وابن المعمار البغدادي وكل فيهم إنحلال وزندقة مشهور بها بين الناس قال الشيخ علم الدين الرزالي وربما زاد هذا المذكور المضروب العنق عليهم بالكفر والتلاعب بدين الاسلام والاستهانة بالنبوة والقرآن قال وحضر قتله العلماء والاكبار وأعيان الدولة قال وكان هذاالرجل في أول أمره قد حفظ التنبيه وكان يقرأ في الختم بصوت حسن وعنده نباهة وفهم وكان منزلا في المدارس والترب ثم إنه أنسلخ من ذلك جميعه وكان قتله عزا للاسلام وذلا للزنادقة وأهل البدع
قلت وقد شهدت قتله كان شيخنا أبو العباس أبن تيمية حاضرا يومئذ وقد أتاه وقرعة على ما كان يصدر منه قبل قتله ثم ضربت عنقه وأنا شاهد ذلك
وفي شهر ربيع الاول رسم في إخراج الكلاب من مدينة دمشق فجعلوا في الخندق من جهة باب الصغير من ناحية باب شرقي الذكور على حدة والاناث على حده وألزم أصحاب الدكاكين بذلك وشددوا في أمرهم أياما وفي ربيع الاول ولي الشيخ علاء الدين المقدسي معيد البادرانية مشيخة الصلاحية بالقدس الشريف وسافر اليها وفي جمادي الاخرة عزل قرطاي عن ولاية طرابلس ووليها طينال وأقر قرطاي على خبز الفرماني بدمشق بحكم سجن القرماني بقلعة دمشق قال البرزالي وفي يوم الاثنين عند العصر سادس عشر شعبان اعتقل الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين بن تيمية بقلعة دمشق حضر إليه من جهة نائب السلطنة تنكز مشدا الاوقاف وابن الخطيري أحد الحجاب بدمشق وأخبراه ان مرسوم السلطان ورد بذلك وأحضرا معهما مركوبا ليركبه وأظهر السرور والفرح بذلك وقال انا كنت منتظرا لذلك وهذا فيه خير كثير ومصلحة كبيرة وركبوا جميعا من داره إلى باب القلعة وأخليت له قاعة وأجرى إليها الماء ورسم له بالاقامة فيها وأقام معه أخوه زين الدين يخدمه باذن السلطان ورسم له ما يقوم بكفايته قال البرزالي وفي يوم الجمعة عاشر الشهر المذكور قرئ بجامع دمشق الكتاب السلطاني الوارد باعتقاله ومنعه من الفتيا وهذه الواقعة سببها فتيا وجدت بخطه في السفر وإعمال المطي إلى زيارة قبور الانبياء عليهم الصلاة والسلام وقبور الصالحين قال وفي يوم الاربعاء منتصف شعبان أمر قاضي القضاة الشافعي في حبس جماعة من أصحاب الشيخ تقي الدين في سجن الحكم وذلك بمرسوم نائب السلطنة وإذنه له فيه فيما تقتضيه الشريعة في أمرهم وعزر جماعة منهم على دواب ونودي عليهم ثم أطلقوا سوى شمس الدين محمد بن قيم الجوزية فإنه حبس بالقلعة وسكتت القضية قال وفي أول رمضان وصلت الاخبار إلى دمشق أنه أجريت عين ماء إلى مكة شرفها الله وانتفع الناس بها انتفاعا عظيما وهذه العين تعرف قديما بعين باذان أجرها جوبان من بلاد بعيدة حتى دخلت الى نفس مكة ووصلت إلى عند الصفا وباب ابراهيم واستقى الناس منها فقيرهم وغنيهم وضعيفهم وشريفهم كلهم فيها سواء وارتفق أهل مكة بذلك رفقا كثيرا ولله الحمد والمنة وكانوا قد شرعوا في حفرها وتجديدها في أوائل هذه السنة إلى العشر الاخر من جمادي الاولى واتفق ان في هذه السنة كانت الابار التي بمكة قد يبست وقل ماؤها وقل ماء زمزم أيضا فلولا ان الله تعالى طلف بالناس بإجراء هذه القناة لنزح عن مكة أهلها أو هلك كثير مما يقيم بها وأما الحجيج في أيام الموسم فحصل لهم بها رفق عظيم زائد عن الوصف كما شاهدنا ذلك في سنة إحدى وثلاثين عام حججنا وجاء كتاب السلطان إلى نائبه بمكة بإخراج الزيديين من المسجد الحرام وأن لا يكون لهم فيه إمام ولا يجتمع ففعل ذلك
وفي يوم الثلاثاء رابع شعبان درس بالشامية الجوانية شهاب الدين أحمد بن جهبل وحضر عنده القاضي القزويني الشافعي وجماعة عوضا عن الشيخ آمين الدين سالم بن أبي الدر إمام مسجد ابن هشام توفي ثم بعد أيام جاء توقيع بولاية القاضي الشافعي فباشرها في عشرين رمضان وفي عاشر شوال خرج الركب الشامي وأميره سيف الدين جوبان وحج عامئذ القاضي شمس الدين بن مسلم قاضي قضاة الحنابلة وبدر الدين ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني ومعه تحف وهدايا وأمور تتعلق بالأمير سيف الدين أرغون نائب مصر فإنه حج في هذه السنة ومعه اولاده وزوجته بنت السلطان وحج فخر الدين ابن شيخ السلامية وصدر الدين المالكي وفخر الدين البعلبكي وغيره
وفي يوم الاربعاء عاشر القعدة درس بالحنبلية برهان الدين أحمد بن هلال الزرعي الحنبلي بدلا عن شيخ الاسلام ابن تيمية وحضر عنده القاضي الشافعي وجماعة من الفقهاء وشق ذلك على كثير من أصحاب الشيخ تقي الدين وكان ابن الخطيري الحاجب قد دخل على الشيخ تقي الدين قبل هذا اليوم فاجتمع به وسأله عن اشياء بأمر نائب السلطنة ثم يوم الخميس دخل القاضي جمال الدين بن جملة وناصر الدين مشد الاوقاف وسألاه عن مضمون قوله في مسألة الزيارة فكتب ذلك في درج وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية إلى ان قال وإنما المحز جعله زيارة قبر النبي ص وقبور الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالاجماع مقطوعا بها فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الاسلام فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور الانبياء والصالحين وإنما فيه ذكر قولين في شد الرحل والسفر إلى مجرد زيارة القبور وزيارة القبور من غير شد رحل إليها مسألة وشد الرحل لمجرد الزيارة مسألة أخرى والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شد رحل بل يستحبها ويندب إليها وكتبه ومناسكه تشهد بذلك ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذه الوجه في الفتيا ولا قال إنها معصية ولا حكى الاجماع على المنع منها ولا هو جاهل قول الرسول زوروا القبور فإنها تذكركم الاخرة والله سبحانه لا يخفى عليه شيء ولا يخفى عليه خافية وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وفي يوم الاحد رابع القعدة فتحت المدرسة الحمصية تجاه الشامية الجوانية ودرس بها محيي الدين الطرابلسي قاضي هكار وتلقب بأبي رباح وحضر عنده القاضي الشافعي وفي ذي القعدة سافر القاضي جمال الدين الزرعي من الاتابكية إلى مصر ونزل عن تدريسها لمحيي الدين بن جهبل وفي ثاني عشر ذي الحجة درس بالنجيبية ابن قاضي الزبداني عوضا عن الدمشق نائب الحكم مات بالمدرسة المذكورة
وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* ابن المطهر الشيعي جمال الدين
@ أبو منصور حسن بن يوسف بن مطهر الحلبي العراقي الشيعي شيخ الروافض بتلك النواحي وله التصانيف الكثيرة يقال تزيد على مائة وعشرين مجلدا وعدتها خمسة وخمسون مصنفا في الفقه والنحو والاصول والفلسفة والرفض وغير ذلك من كبار وصغار وأشهرها بين الطلبة شرح ابن الحاجب في أصول الفقه وليس بذاك الفائق ورأيت له مجلدين في أصول الفقه على طريقة المحصول والاحكام فلا بأس بها فإنها مشتملة على نقل كثير وتوجيه جيد وله كتاب منهاج الاستقامة في إثبات الامامة خبط فيه في المعقول والمنقول ولم يدر كيف يتوجه إذ خرج عن الاستقامة وقد انتدب في الرد عليه الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس ابن تيمية في مجلدات أتى فيها بما يبهر العقول من الأشياء المليحة الحسنة وهو كتاب حافل ولد ابن المطهر الذي لم تطهر خلائقه ولم يتطهر من دنس الرفض ليلة الجمعة سابع عشرين رمضان سنة ثمان واربعين وستمائة توفي ليلة الجمعة عشرين محرم من هذه السنة وكان اشتغاله ببغداد وغيرها من البلاد واشتغل على نصير الطوسي وعلى غيره ولما ترفض الملك خربندا حظى عنده ابن المطهر وساد جدا وأقطعه بلادا كثيرة
*3* الشمس الكاتب
@ محمد بن اسد الحراني المعروف بالنجار كان يجلس ليكتب الناس عليه بالمدرسة القليجية توفي في ربيع الآخر ودفن بباب الصغير
*3* العز حسن بن أحمد بن زفر
@ الاريلي ثم الدمشقي كان يعرف طرفا صالحا من النحو والحديث والتاريخ وكان مقيما بدويرة حمد صوفيا بها وكان حسن المجالسة أثنى عليه البرزالي في نقله وحسن معرفته مات بالمارستان الصغير في جمادي الاخرة ودفن بباب الصغير عن ثلاث وستين سنة
*3* الشيخ الامام امين الدين سالم بن أبي الدر
@ عبد الرحمن بن عبد الله الدمشقي الشافعي مدرس الشامية الجوانية أخذها من ابن الوكيل قهرا وهو إمام مسجد ابن هشام ومحدث الكرسي به كان مولده في سنة خمس واربعين وستمائة واشتغل وحصل وأثنى عليه النووي وغيره وأعاد وافتى ودرس وكان خبيرا بالمحاكمات وكان فيه مروءة وعصبية لمن يقصده توفي في شعبان ودفن بباب الصغير
*3* الشيخ حماد
@ وهو الشيخ الصالح العابد الزاهد حماد الحلبي القطان كان كثير التلاوة والصلوات مواظبا على الاقامة بجامع التوبة بالعقبية بالزاوية الغربية الشمالية يقرئ القرآن ويكثر الصيام ويتردد الناس إلى زيارته مات وقد جاوز السبعين سنة على هذا القدم توفي ليلة الاثنين عشرين شعبان ودفن بباب الصغير وكانت جنازته حافلة رحمه الله
*3* الشيخ قطب الدين اليونيني
@ وهو الشيخ الامام العالم بقية السلف قطب الدين أبو الفتح موسى ابن الشيخ الفقيه الحافظ الكبير شيخ الاسلام ابي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد البعلبكي اليونيني الحنبلي ولد سنة أربعين وستمائة بدار الفضل بدمشق وسمع الكثير وأحضره والده المشايخ واستجاز له وبحث واختصر مرآة الزمان للسبط وذيل عليها ذيلا حسنا مرتبا أفاد فيه وأجاد بعبارة حسنة سهلة بانصاف وستر وأتى فيه باشياء حسنة واشياء فائقة رائقة وكان كثير التلاوة حسن الهيئة متقللا في ملبسه ومأكله توفي ليلة الخميس ثالث عشر شوال ودفن بباب سطحا عند أخيه الشيخ شرف الدين رحمهما الله

*3* قاضي القضاة ابن مسلم
@ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع بن جعفر الصالحي الحنبلي ولد سنة ستين وستمائة ومات أبوه وكان من الصالحين سنة ثمان وستين فنشأ يتيما فقيرا لا مال له ثم اشتغل وحصل وسمع الكثير وانتصب للافادة والاشتغال فطار ذكره فلما مات التقى سليمان سنة خمس عشرة ولى قضاء الحنابلة فباشره أتم مباشرة وخرجت له تخاريج كثيرة فلما كانت هذه السنة خرج للحج فمرض في الطريق فورد المدينة النبوية على ساكنها رسول الله أفضل الصلاة والسلام يوم الاثنين الثالث والعشرين من ذي القعدة فزارقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى في مسجده وكان بالاشواق إلى ذلك وكان قد تمنى ذلك لما مات ابن نجيح فمات في عشية ذلك اليوم يوم الثلاثاء وصلى عليه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروضة ودفن بالبقيع إلى جانب قبر شرف الدين ابن نجيح الذي كان قد غبطه بموته هناك سنة حج هو وهو قبل هذه الحجة شرقي قبر عقيل رحمهم الله وولى بعده القضاء عز الدين بن التقى سليمان
*3* القاضي نجم الدين
@ احمد بن عبد المحسن بن حسن بن معالي الدمشقي الشافعي ولد سنة تسع واربعين واشتغل على تاج الدين الفزاري وحصل وبرع وولى الاعادة ثم الحكم بالقدس ثم عاد إلى دمشق فدرس بالنجيبية وناب في الحكم عن ابن صصرى مدة توفي بالنجبيبية المذكورة يوم الاحد ثامن عشرين ذي القعدة وصلى عليه العصر بالجامع ودفن بباب الصغير
*3* ابن قاضي شهبة
@ الشيخ الامام العالم شيخ الطلبة ومفيدهم كمال الدين أبو محمد عبد الوهاب بن ذؤيب الاسدي الشهبي الشافعي ولد بحوران في سنة ثلاث وخمسين وستمائة وقدم دمشق واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري ولازمه وانتفع به وأعاد بحلقته وتخرج به وكذلك لازم أخاه الشيخ شرف الدين واخذ عنه النحو واللغة وكان بارعا في الفقه والنحو له حلقة يشتغل فيها تجاه محراب الحنابلة وكان يعتكف جميع شهر رمضان ولم يتزوج قط وكان حسن الهيئة والشيبة حسن العيش والملبس متقللا من الدنيا له معلوم يقوم بكفايته من إعادات وفقاهات وتصدير بالجامع ولم يدرس قط ولا أفتى مع أنه كان ممن يصلح أن ياذن في الافتاء ولكنه كان يتورع عن ذلك وقد سمع الكثير سمع المسند للإمام احمد وغير ذلك توفي بالمدرسة المجاهدية وبها كانت إقامته ليلة الثلاثاء حادي عشرين ذي الحجة وصلى عليه بعد صلاة الظهر ودفن بمقابر باب الصغير وفيها كانت وفاة
*3* الشرف يعقوب بن فارس الجعبري
@ التاجر بفرجة ابن عمود وكان يحفظ القرآن ويؤم بمسجد القصب ويصحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية والقاضي نجم الدين الدمشقي وقد حصل أموالا وأملاكا وثروة وهو والد صاحبنا الشيخ الفقيه المفضل المحصل الزكي بدر الدين محمد خال الولد عمر إن شاء الله وفيها توفي
*3* الحاج أبو بكر بن تيمراز الصيرفي
@ كانت له أموال كثيرة ودائرة ومكارم وبر وصدقات ولكنه انكسر في آخر عمره وكاد ان ينكشف فجيره الله بالوفاة رحمه الله
*2* ثم دخلت سنة سبع وعشرين وسبعمائة
@
استهلت بيوم الجمعة والحكام الخليفة والسلطان والنواب والقضاة والمباشرون هم المذكورون في التي قبلها سوى الحنبلي كما تقدم وفي العشر من المحرم دخل مصر أرغون نائب مصر فمسك في حادي عشر وحبس ثم أطلق أياما وبعثه السلطان إلى نائب حلب فاجتاز بدمشق بكرة الجمعة ثاني عشرين المحرم فأنزله نائب السلطنة بداره المجاورة لجامعة فبات بها ثم سافر إلى حلب وقد كان قبله بيوم قد سافر من دمشق الجاي الدوادار إلى مصر وصحبته نائب حلب علاء الدين الطنبغا معزولا عنها إلى حجوبية الحجاب بمصر وفي يوم الجمعة التاسع عشر ربيع الاول قرئ تقليد قاضي الحنابلة عز الدين محمد بن التقي سليمان بن حمزة المقدسي عوضا عن ابن مسلم بمقصروة الخطابة بحضرة القضاة والاعيان وحكم وقرئ قبل ذلك بالصالحية وفي أواخر هذا الشهر وصل البريد بتولية ابن النقيب الحاكم بحمص قضاء القضاة بطرابلس ونقل الذي بها إلى حمص نائبا عن قاضي دمشق وهو ناصر بن محمود الزرعي
وفي سادس عشر ربيع الآخر عاد تنكز من مصر إلى الشام وقد حصل له تكريم من السلطان وفي ربيع الاول حصلت زلزلة بالشام وقى الله شرها وفي يوم الخميس مستهل جمادي الاولى باشر نيابة الحنبلي القاضي برهان الدين الزرعي وحضر عنده جماعة من القضاة وفي يوم الجمعة منتصف جمادي الاخرة جاء البريد بطلب القاضي القزويني الشافعي إلى مصر فدخلها في مستهل رجب فخلع عليه بقضاء قضاة مصر مع تدريس الناصرية والصالحية ودار الحديث الكاملية عوضا عن بدر الدين بن جماعة لأجل كبر سنة وضعف نفسه وضرر عينيه فجبروا خاطره فرتب له ألف درهم وعشرة ارادب قمح في الشهر مع تدريس زاوية الشافعي وأرسل ولده بدر الدين إلى دمشق خطيبا بالأموي وعلى تدريس الشامية البرانية على قاعدة والده جلال الدين القزويني في ذلك فخلع عليه في أواخر رجب ثامن عشرين وحضر عنده الأعيان
وفي رجب كان عرس الامير سيف الدين قوصون الساقي الناصري على بنت السلطان وكان وقتا مشهودا خلع على الأمراء والأكابر وفي صبيحة هذه الليلة عقد عقد الأمير شهاب الدين أحمد بن الامير بكتمر الساقي على بنت تنكز نائب الشام وكان السلطان وكيل أبيها تنكز والعقاد ابن الحريري وخلع عليه وأدخلت في ذي الحجة من هذه السنة في كلفة كثيرة
وفي رجب جرت فتنة كبيرة بالاسكندرية في سابع رجب وذلك أن رجلا من المسلمين قد تخاصم هو ورجل من الفرنج على باب البحر فضرب أحدهما الاخر بنعل فرفع الأمر إلى الوالي فأمر بغلق باب البلد بعدالعصر فقال له الناس إن لنا أموالا وعبيدا ظاهر البلد وقد أغلقت الباب قبل وقته ففتحه فخرج الناس في زحمة عظيمة فقتل منهم نحو عشرة ونهبت عمائم وثياب وغير ذلك وكان ذلك ليلة الجمعة فلما أصبح الناس ذهبوا إلى دار الوالي فأحرقوها وثلاث دور لبعض الظلمة وجرت أحوال صعبة ونهبت اموال وكسرت العامة باب سجن الوالي فخرج منه من فيه فبلغ نائب السلطنة فاعتقد النائب انه السجن الذي فيه الامراء فأمر بوضع السيف في البلد وتخريبه ثم إن الخبر بلغ السلطان فأرسل الوزير طيبغا الجمالي سريعا فضرب وصادر وضرب القاضي ونائبه وعزلهم وأهان خلقا من الاكابر وصادرهم بأموال كثيرة جدا وعزل المتولي ثم أعيد ثم تولي القضاء بهاء الدين علم الدين الاخنائي الشافعي الذي تولى دمشق فيما بعد وعزل قضاة الاسكندرية المالكي ونائباه ووضعت السلاسل في أعناقهم وأهينوا وضرب ابن السني غير مرة وفي يوم السبت عشرين شعبان وصل إلى دمشق قاضي قضاة حلب ابن الزملكاني على البريد فأقام بدمشق أربعة أيام ثم سار إلى مصر ليتولى قضاء قضاة الشام بحضرة السلطان فاتفق موته قبل وصوله إلى القاهرة وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك منه مريب وفي يوم الجمعة سادس عشرين شعبان باشر صدر الدين المالكي مشيخة الشيوخ مضافا إلى قضاء قضاة الماللكية وحضر الناس عنده وقرئ تقليده بذلك بعد انفصال الزرعي عنها إلى مصر وفي نصف رمضان وصل قاضي الحنفية بدمشق لقضاء القضاة عماد الدين أبي الحسن علي بن احمد بن عبد الواحدالطرسوسي الذي كان نائبا لقاضي القضاة صدر الدين علي البصروي فخلفه بعده بالمنصب وقرئ تقليده بالجامع وخلع عليه وباشر الحكم واستناب القضاي عماد الدين ابن العز ودرس بالنورية مع القضاء وشكرت سيرته
وفي رمضان قدم جماعة من الاسارى مع تجار الفرنج فأنزلوا بالمدرسة العادلية الكبيرة واستفكوا من ديوان الاسرى بنحو من ستين ألفا وكثرت الادعية لمن كان السبب في ذلك وفي ثامن شوال خرج الركب الشامي إلى الحجاز وأميره سيف الدين بالبان المحمدي وقاضيه بدر الدين محمد بن محمد قاضي حران وفي شوال وصل تقليد قضاء الشافعية بدمشق لبدر الدين ابن قاضي القضاة ابن عز الدين بن الصائغ والخلعة معه فامتنع من ذلك اشد الامتناع وصمم وألح عليه الدولة فلم يقبل وكثر بكاؤه وتغير مزاجه واغتاظ فلما أصر على ذلك راجع تنكز السلطان في ذلك فلما كان شهر ذي القعدة أشتهر تولية علاء الدين علي بن إسماعيل القونوي قضاء الشام فسار إليها من مصر وزار القدس ودخل دمشق يوم الاثنين سابع عشرين ذي القعدة فاجتمع بنائب السلطنة ولبس الخلعة وركب مع الحجاب والدولة إلى العادلية فقرئ تقليده بها وحكم بها على العادة وفرح الناس به وبحسن سمته وطيب لفظه وملاحة شمائله وتودده وولى بعده مشيخة الشيوخ بمصر مجد الدين الاقصرائي الصوفي شيخ سرياقوس
وفي يوم السبت ثالث عشرين ذي القعدة لبس القاضي محي الدين بن فضل الله الخلعة بكتابة السر عوضا عن ابن الشهاب محمود واستمر ولده شرف الدين في كتابة الدست وفي هذه السنة تولى قضاء حلب عوضا عن ابن الزملكاني القاضي فخر الدين البازري وفي العشر الاول من ذي الحجة كمل ترخيم الجامع الاموي اعني حائطه الشمالي وجاء تنكز حتى نظر إليه فأعجبه ذلك وشكر ناظره تقي الدين بن مراجل وفي يوم الاضحى جاء سيل عظيم إلى مدينة بلبيس فهرب أهلها منها وتعطلت الصلاة والاضاحي فيها ولم ير مثله من مدة سنين متطاولة وخرب شيئا كثيرا من حواضرها وبساتينها فإنا الله وإنا إليه راجعون وممن توفي فيها من الاعيان :
*3* الامير ابو يحيى
@ زكريا بن أحمد بن محمد بن عبدالواحد أبي حفص الهنتاني الجياني المغربي أمير بلاد المغرب
ولد بتونس قيل سنة خمسين وستمائة وقرأ الفقه والعربية وكان ملوك تونس تعظمه وتكرمه لأنه من بيت الملك والامرة والوزارة ثم بايعه أهل تونس على الملك في سنة إحدى عشرة وسبعمائه وكان شجاعا مقداما وهو أول من أبطل ذكر ابن التومرت من الخطبة مع ان جده ابا حفص الهنتاني كان من أخص أصحاب ابن التومرت توفي في المحرم من هذه السنة بمدينة الاسكندرية رحمه الله
*3* الشيخ الصالح ضياء الدين
@ ضياء الدين أبو الفدا إسماعيل بن رضي الدين أبي الفضل المسلم بن الحسن بن نصر الدمشقي المعروف بابن الحموي كان هو وابوه وجده من الكتاب المشهورين المشكورين وكان هو كثير التلاوة والصلاة والصيام والبر والصدقة والاحسان إلى الفقراء والاغنياء ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة وسمع الحديث الكثير وخرج له البرزالي مشيخة سمعناها عليه وكان من صدور أهل دمشق توفي يوم الجمعة رابع عشر صفر وصلى عليه ضحوة يوم السبت ودفن بباب الصغير وحج وجاور وأقام بالقدس مدة مات وله ثنتان وسبعون سنة رحمه الله وقد ذكر والده أنه حين ولد له فتح المصحف يتفاءل فإذا قوله الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق فسماه إسماعيل ثم ولد له آخر فسماه إسحاق وهذا من الاتفاق الحسن رحمهم الله تعالى
*3* الشيخ علي المحارفي
@ علي بن أحمد بن هوس الهلالي أصل جده من قرية إيل البسوق وأقام والده بالقدس وحج هو مرة وجاور بمكة سنة ثم حج وكان رجلا صالحا مشهورا ويعرف بالمحارفي لأنه كان يحرف الازقة ويصلح الرصفان لله تعالى وكان يكثر التهليل والذكر جهرة وكان عليه هيبة ووقار ويتكلم كلاما فيه تخويف وتحذير من النار وعواقب الردى وكان ملازما لمجالس ابن تيمية وكانت وفاته يوم الثلاثاء ثالث عشرين ربيع الاول ودفن بتربة الشيخ موفق الدين بالسفح وكانت جنازته حافلة جدا رحمه الله
*3* الملك الكامل ناصر الدين
@ أبو المعالي محمد بن الملك السعيد فتح الدين عبدالملك بن السلطان الملك الصالح إسماعيل أبي الجيش ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب أحد أكابر الامرء وأبناء الملوك كان من محاسن البلد ذكاء وفطنة وحسن عشرة ولطافة كلام بحيث يسرد كثيرا من الكلام بمنزلة الامثال من قوة ذهنه وحذاقة فهمه وكان رئيسا من أجواد الناس توفي عشية الاربعاء عشرين جمادي الاولى وصلى عليه ظهر الخيمس بصحن الجامع تحت النسر ثم أرادوا دفنه عند جده لأمه الملك الكامل فلم يتيسر ذلك فدفن بتربة أم الصالح سامحه الله وكان له سماع كثير سمعنا عليه منه وكان يحفظ تاريخا جيدأن
وقام ولده الأمير صلاح الدين مكانه في إمرة الطبلخانة وجعل أخوه في عشرته ولبسا الخلع السلطانية بذلك
*3* الشيخ الامام نجم الدين
@ احمد بن محمد بن أبي الحزم القرشي المخزومي التمولي كان من أعيان الشافعية وشرح الوسيط وشرح الحاجبية في مجلدين ودرس وحكم بمصر وكان محتسبا بها أيضا وكان مشكور السيرة فيها وقد تولى بعده الحكم نجم الدين بن عقيل والحسبة ناصر الدين بن قار السبقوق توفي في رجب وقد جاوز الثمانين ودفن بالقرافة رحمه الله
*3* الشيخ الصالح أبو القاسم
@ عبد الرحمن بن موسى بن خلف الحزامي أحد مشاهير الصالحين بمصر توفي بالروضة وحمل إلى شاطيء النيل وصلى عليه وحمل على الرؤس والأصابع ودفن عند ابن أبي حمزة وقد قارب الثمانين وكان ممن يقصد إلى الزيارة رحمه الله
*3* القاضي عز الدين
@ عبد العزيز بن احمد بن عثمان بن عيسى بن عمر بن الخضر الهكاري الشافعي قاضي المحلة كان من خيار القضاة وله تصنيف على حديث المجامع في رمضان يقال إنه استنبط فيه ألف حكم توفي في رمضان وقد كان حصل كتبا جيدة منها التهذيب لشيخنا المزي
*3* الشيخ كمال الدين بن الزملكاني
@ شيخ الشافعية باشام وغيرها انتهت إليه رياسة المذهب تدريسا وإفتاء ومناظرة ويقال في نسبة السماكي نسبة إلى أبي دجانة سماك بن خرشة والله اعلم ولد ليلة الاثنين ثامن شوال سنة ست وستين وستمائة وسمع الكثير واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري وفي الاصول على القاضي بهاء الدين بن الزكي وفي النحو على بدر الدين بن ملك وغيرهم وبرع وحصل وساد اقرانه من أهل مذهبه وحاز قصب السبق عليهم بذهنه الوقاد في تحصيل العلم الذي أسهره ومنعه الرقاد وعبارته التي هي أشهى من كل شيء معتاد وخطه الذي هو أنضر من أزاهير الوهاد وقد درس بعدة مدارس بدمشق وباشر عدة جهات كبار كنظر الخزانة ونظر المارستان النوري وديوان الملك السعيد ووكالة بيت المال وله تعاليق مفيدة واختيارات حميدة سديدة ومناظرات سعيدة ومما علقه قطعة كبيرة من شرح المنهاج للنووي ومجلد في الرد على الشيخ تقي الدين ابن تيمية في مسألة الطلاق وغير ذلك وأما دروسه في المحافل فلم أسمع أحدا من الناس درس أحسن منها ولا أحلى من عبارته وحسن تقريره وجودة احترازاته وصحة ذهنه وقوة قريحته وحسن نظمه وقد

درس بالشامية البرانية والعذراوية والظاهرية الجوانية والرواحية والمسرورية فكان يعطي كل واحدة منهن حقها بحيث كان يكاد ينسخ بكل واحد من تلك الدروس ما قبله من حسنه وفصاحته ولا يهيله تعداد الدروس وكثرة لفقهاء والفضلاء بل كلما كان الجمع أكثر والفضلاء أكبر كان الدرس أنضر وابهر وأحلى وأنصح وأفصح ثم لما انتقل إلى قضاء حلب وما معه من المدارس العديدة عامله معاملة مثلها وأوسع بالفضيلة جميع أهلها وسمعوا من العلوم ما لم يسمعوا هم ولا آباؤهم ثم طلب إلى الديار المصرية ليولي الشامية دار السنة النبوية فعاجلته المنية قبل وصوله إليها فمرض وهو سائر على البريد تسعة أيام ثم عقب المرض بحراق الحمام فقبضه هاذم اللذات وحال بينه وبين سائر الشهوات ولاارادات والاعمال بالنيات ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجا فهجرته إلى ما هاجر إليه وكان من نيته الخبيثة إذا رجع إلى الشام متوليا أن يؤذي شيخ الاسلام ابن تيمية فدعا عليه فلم يبلغ أمله ومراده فتوفي في سحر يوم الاربعاء سادس عشر شهر رمضان بمدينة بلبيس وحمل إلى القاهرة ودفن بالقرافة ليلة الخميس جوار قبة الشافعي تغمدهما الله برحمته
*3* الحاج علي المؤذن المشهور بالجامع الأموي
@ الحاج علي بن فرج بن أبي الفضل الكتاني كان أبوه من خيار المؤذنين فيه صلاح ودين وله قبول عند الناس وكان حسن الصوت جهوره وفيه تودد وخدم وكرم وحج غير مرة وسمع من أبي عمر وغيره توفي ليلة الاربعاء ثالث القعدة وصلى عليه غدوة ودفن بباب الصغيرة وفي ذي القعدة توفي
*3* الشيخ فضل ابن الشيخ الرجيحي التونسي
@ وأجلس أخوه يوسف مكانه بالزاوية
*2* ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة
@
في ذي القعدة منها كانت وفاة شيخ الاسلام أبي العباس أحمد بن تيمية قدس الله روحه كما ستأتي ترجمة وفاته في الوفيات إن شاء الله تعالى
استهلت هذه السنة وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها سوى نائب مصر وقاضي حلب وفي يوم الاربعاء ثاني المحرم درس بحلقه صاحب حمص الشيخ الحافظ صلاح الدين العلائي نزل له عنها شيخنا الحافظ المزي وحضر عنده الفقهاء والقضاة والاعيان وذكر درسا حسنا مفيدا وفي يوم الجمعة رابع المحرم حضر قاضي القضاة علاء الدين القونوي مشيخة الشيوخ بالسمساطية عوضا عن القاضي المالكي شرف الدين وحضر عنده الفقهاء والصوفية على العادة وفي يوم الاحد ثامن عشر صفر درس بالمسرورية تقي الدين عبد الرحمن بن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني عوضا عن جمال الدين بن الشريشني بحكم انتقاله إلى قضاء حمص وحضر الناس عنده وترحموا على والده
وفي يوم الاحد خامس عشرين صفر وصل إلى دمشق الامير الكبير صاحب بلاد الروم تمرتاش ابن جوبان قاصدا إلى مصر فخرج نائب السلطنة والجيش إلى تلقيه وهو شاب حسن الصورة تام الشكل مليح الوجه ولما انتهى إلى السلطان بمصر أكرمه وأعطاه تقدمة ألف وفرق أصحابه على الامراء وأكرموا إكراما زائدا وكان سبب قدومه إلى مصر أن صاحب العراق الملك أبا سعيد كان قد قتل أخاه جواجا رمشتق في شوال من السنة الماضية فهم والده جوبان بمحاربة السلطان أبي سعيد فلم يتمكن من ذلك وكان جوبان إذ ذاك مدبر الممالك فخاف تمرتاش هذا عند ذلك من السلطان ففر هاربا بدمه إلى السلطان الناصر بمصر
وفي ربيع الاول توجه نائب الشام سيف الدين تنكز إلى الديار المصرية لزيارة السلطان فأكرمه واحترمه واشترى في هذه السفرة دار الفلوس التي بالقرب من البزوريين والجوزية وهي شرقيها وقد كان سوق البزورية اليوم يسمى سوق القمح فاشترى هذه الدار وعمرها دارا هائلة ليس بدمشق دار أحسن منها وسماها دار الذهب وهدم حمام سويد تلقاءها وجعله دار قرآن وحديث في غاية الحسن أيضا ووقف عليها أماكن ورتب فيه المشايخ والطلبة كما سيأتي تفصيلة في موضعه وأجتاز برجوعه من مصر بالقدس الشريف وزاره وأمر ببناء حمام به وبناء دار حديث أيضا به وخانقاه كما يأتي بيانه وفي آخر ربيع الاول وصلت القناة إلى القدس التي أمر بعمارتها وتجديدها سيف الدين تنكز قطلبك فقام بعمارتها مع ولاة تلك النواحي وفرح المسلمون بها ودخلت حتى إلى شط المسجد الاقصى وعمل به بركة هائلة وهي مرخمة ما بين الصخرة والاقصى وكان ابتداء عملها من شوال من السنة الماضية وفي هذه المدة عمر سقوف شرافات المسجد الحرام وإيوانه وعمرت بمكة طهارة ما يلي باب بني شيبة
قال البرزالي وفي هذا الشهر كملت عمارة الحمام الذي بسوق باب توما وله بابان وفي ربيع الاخر نقض الترخيم الذي يحائط جامع دمشق القبلي من جهة الغرب مما يلي باب الزيادة فوجدوا الحائط متجافيا فخيف من أمره وحضر تنكز بنفسه ومعه العصاة وأرباب الخبرة فاتفق رأيهم على نقضه وإصلاحه وذلك يوم الجمعة بعد الصلاة سابع عشرين ربيع الاخر وكتب نائب السلطنة إلى السلطان يعلمه بذلك ويستأذنه في عمارته فجاء المرسوم بالاذن بذلك فشرع في نقضه يوم الجمعة خامس عشرين جمادي الاولى وشرعوا في عمارته يوم الاحد تاسع جمادي الاخرة وعمل محراب فيما بين الزيادة ومقصورة الخطابة يضاهي محراب الصحابة ثم جدوا ولازموا في عمارته وتبرع كثير من الناس بالعمل فيه من سائر الناس فكان يعمل فيه كل يوم أزيد من مائة رجل حتى كملت عمارة الجدار واعيدت طاقاته وسقوفه في العشرين من رجب وذلك بهمة تقي الدين بن مراجل
وهذا من العجب فإنه نقض الجدار وما يسامته من السقف وأعيد في مدة لا يتخيل إلى أحد ان عمله يفرغ فيما يقارب هذه المدة جزما وساعدهم على سرعة الاعادة حجارة وجدوها في أساس الصومعة الغربية التي عند الغزالية وقد كان في كل زاوية من هذا المعبد صومعة كما في الغربية والشرقية القبلتين منه فابيدت الشماليتين قديما ولم يبق منهما من مدة ألوف من السنين سوى اس هذه المأذنة الغربية الشمالية فكانت من اكبر العون على إعادة هذا الجدار سريعا ومن العجب أن ناظر الجامع ابن مراجل لم ينقص أحدا من ارباب المرتبات على الجامع شيئا مع هذه العمارة
وفي ليلة السبت خامس جمادي الاولى وقع حريق عظيم بالقرايين واتصل بالرماحين واحترقت القيسارية والمسجد الذي هناك وهلك للناس شيء كثير من الفرا والجوخ والاقمشة فإنا لله وإنا إليه راجعون
وفي يوم الجمعة عاشره بعد الصلاة صلى على القاضي شمس الدين بن الحريري قاضي قضاة الحنفية بمصر وصلى عليه صلاة الغائب بدمشق وفي هذا اليوم قدم البريد بطلب برهان الدين بن عبد الحق الحنفي إلى مصر ليلى القضاء بها بعد ابن الحريري فخرج مسافرا إليها ودخل مصرفي خامس عشرين جمادي الاولى واجتمع بالسلطان فولاه القضاء وأكرمه وخلع عليه واعطاه بغلة يزناري وحكم بالمدرسة الصالحية بحضرة القضاة والحجاب ورسم له بجميع جهات ابن الحريري
وفي يوم الاثنين تاسع جمادي الاخرة اخرج ما كان عند الشيخ تقي الدين بن تيمية من الكتب والاوراق والدواة والقلم ومنع من الكتب والمطالعة وحملت كتبه في مستهل رجب إلى خزانة الكتب بالعادلية الكبيرة قال البرزالي وكانت نحو ستين مجلدا وأربع عشرة ربطة كراريس فنظر القضاة والفقهاء فيها وتفرقوها بينهم وكان سبب ذلك انه اجاب لما كان رد عليه التفي ابن الاخنائي المالكي في مسألة الزيارة فرد عليه الشيخ تقي الدين واستجلهه وأعلمه أنه قليل البضاعة في العلم فطلع الاخنائي إلى السلطان وشكاه فرسم السلطان عند ذلك باخراج ما عنده من ذلك وكان ما كان كما ذكرنا وفي أواخره رسم لعلاء الدين بن القلانسي في الدست مكان أخيه جمال الدين توقيرا لخاطره عن المباشرة وان يكون معلومة على قضاء العساكر والوكالة وخلع عليهما بذلك
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرين رجب رسم للأئمة الثلاثة الحنفي والمالكي والحنبلي بالصلاة في الحائط القبلي من الاموي فعين المحراب الجديد الذي بين الزيادة والمقصورة للامام الحنفي وعين محراب الصحابة للمالكي وعين محراب مقصورة الخضر الذي كان يصلي فيه المالكي للحنبلي وعوض إمام محراب الصحابة بالكلاسة وكان قبل ذلك في حال العمارة قد بلغ محراب الحنفية من المقصورة المعروفة بهم ومحراب الحنابلة من خلفهم في الرواق الثالث الغربي وكانا بين الاعمدة فنقلت تلك المحاريب وعوضوا بالمحاريب المستقرة بالحائط القبلي واستقر الامر كذلك وفي العشرين من شعبان مسك الامير تمرتاش بن جوبان الذي اتى هاربا إلى السلطان الناصر بمصر وجماعة من أصحابه وحبسوا بقلعة مصر فلما كان ثاني شوال أظهر موته يقال إنه قتله السلطان وأرسل رأسه إلى أبي سعيد صاحب العراق ابن خربندا ملك التتار
وفي يوم الاثنين ثاني شوال خرج الركب الشامي وأميره فخر الدين عثمان بن شمس الدين لؤلؤ الحلبي أحد أمراء دمشق وقاضيه قاضي قضاة الحنابلة عز الدين بن التقي سليمان وممن حج الأمير حسام الدين الشبمقدار والأمير قبجق والأمير حسام الدين بن النجيبي وتقي الدين بن السلعوس وبدر الدين بن الصائغ وابنا جهبل والفخر المصري والشيخ علم الدين البرزالي وشهاب الدين الطاهري وقبل ذلك بيوم حكم القضاي المنفلوطي الذي كان حاكما ببعلبك بدمشق نيابة عن شيخه قاضي القضاة علاء الدين القونوي وكان مشكور السيرة تألم أهل بعلبك لفقده فحكم بدمشق عوضا عن القونوي بسبب عزمه على الحج ثم لما رجع الفخر من الحج عاد إلى الحكم واستمر المنفلوطي يحكم ايضا فصاروا ثلاث نواب ابن جملة والفخر المصري والمنفلوطي وسافر ابن الحشيشي في ثاني عشرين شوال إلى القاهرة لينوب عن القاضي فخر الدين كاتب المماليك إلى حين رجوعه من الحجاز فلما وصل ولى حجابة ديوان الجيش واستمر هناك واستقل قطب الدين ابن شيخ السلامية بنظر الجيش بدمشق على عادته
وفي شوال خلع على أمين الملك بالديار المصرية وولى نظر الدواوين فباشره شهرا ويومين وعزل عنه
*3* وفاة شيخ الاسلام أبي العباس تقي الدين أحمد بن تيمية
@ قال الشيخ علم الدين البرزالي في تاريخ وفي ليلة الاثنين العشرين من ذي العقدة توفي الشيخ الامام العالم العلم العلامة الفقيه الحافظ الزاهد العابد المجاهد القدوة شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن شيخنا الامام العلامة المفتي شهاب الدين ابي المحاسن عبدالحليم ابن الشيخ الامام شيخ الاسلام ابي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم محمد بن الخضر بن محمد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني ثم الدمشقي بقلعة دمشق بالقاعة التي كان محبوسا بها وحضر جمع كثير إلى القلعة وأذن لهم في الدخول عليه وجلس جماعة عنده قبل الغسل وقرؤا القرآن وتبركوا برؤيته وتقبيله ثم انصرفوا ثم حضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذلك ثم انصرفن واقتصروا على من يغسله فلما فرغ من غسله اخرج ثم اجتمع الخلق بالقلعة والطريق إلى الجامع وامتلأ الجامع أيضا ! وصحته والكلاسة وباب البريد وباب الساعات إلى باب اللبادين والغوارة وحضرت الجنازة في الساعة الرابعة من النهار أو نحو ذلك ووضعت في الجامع والجند قد احتاطوا بها يحفظونها من الناس من شدة الزحام وصلى عليه أولا بالقلعة تقدم في الصلاة عليه أولا الشيخ محمد بن تمام ثم صلى عليه بالجامع الاموي عقيب صلاة الظهر وقد تضاعف اجتماع الناس على ما تقدم ذكره ثم تزياد الجمع إلى أن ضاقت الرحاب والازقة والاسواق بأهلها ومن فيها ثم حمل بعد ان صلى عليه على الرؤس والاصابع وخرج النعش به من باب البريد واشتد الزحام وعلت الاصوات بالبكاء والنحيب والترحم عليه والثناء والدعاء له والقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائهم وثايبهم وذهبت النعال من أرجل الناس وقباقيبهم ومناديل وعمائم لا يلتفتون إليها لشغلهم بالنظر إلى الجنازة وصار النعش على الرؤس تارة يتقدم وتارة يتأخر وتارة يقف حتى تمر الناس وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها وهي شديدة الزحام كل باب أشد زحمة من الاخر ثم خرج الناس من ابواب البلد جميعها من شدة الزحام فيها لكن كان معظم الزحام من الابواب الاربعة باب الفرج الذي أخرجت منه الجنازة وباب الفراديس وباب النصر وباب الجابية وعظم الأمر بسوق الخيل وتضاعف الخلق وكثر الناس ووضعت الجنازة هناك وتقدم للصلاة عليه هناك أخوه زين الدين عبد الرحمن فلما قضيت الصلاة حمل إلى مقبرة الصوفية فدفن إلى جانب أخيه شرف الدين عبد الله رحمهما الله وكان دفنه قبل العصر بيسير وذلك من كثرة من يأتي ويصلي عليه من أهل البساتين وأهل الغوطة وأهل القرى وغيرهم وأغلق الناس حوانيتهم ولم يتخلف عن الحضور إلا من هو عاجز عن الحضور مع الترحم والدعاء له وأنه لو قدر ما تخلف وحضر نساء كثيرات بحيث حزرن بخمسة عشر ألف امرأة غير اللاتي كن على الاسطحة وغيرهن الجميع يترحمن ويبكين عليه فيما قيل وأما الرجال فحزروا بستين ألفا إلى مائة ألف إلى أكثر من ذلك إلى مائتي ألف وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله واقتسم جماعة بقية السدر الذي غسل به ودفع في الخيط الذي كان فيه الزئبق الذي كان في عنقه بسبب القمل مائة وخمسون درهما وقيل إن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها خمسمائة درهما وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير وتضرع وختمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلا ونهارا يبيتون عنده ويصبحون ورؤيت له منامات صالحة كثيرة ورثاه جماعة بقصائد جمة
وكان مولده يوم الأثنين عاشر ربيع الاول بحران سنة إحدى وستين وستمائة وقدم مع والده واهله إلى دمشق وهو صغير فسمع الحديث من ابن عبدالدائم وابن ابي اليسر وابن عبدان والشيخ شمس بن الحنبلي والشيخ شمس الدين بن عطاء الحنفي والشيخ جمال الدين بن الصيرفي ومجد الدين ابن عساكر والشيخ جمال الدين البغدادي والنجيب بن المقداد وابن ابي الخير وابن علان وابن ابي بكر اليهودي والكمال عبدالرحيم والفخر علي وابن شيبان والشرف بن القواس وزينب بنت مكي وخلق كثير سمع منهم الحديث وقرأ بنفسه الكثير وطلب الحديث وكتب الطباق والاثبات ولازم السماع بنفسه مدة سنين وقل أن سمع شيئا إلا حفظه ثم اشتغل بالعلوم وكان ذكيا كثير المحفوظ فصار إماما في التفسير وما يتعلق به عارفا بالفقه فيقال إنه كان أعرف بفقه المذاهب من أهلها الذين كانوا في زمانه وغيره وكان عالما باختلاف العلماء عالما في الاصول والفروع والنحو واللغة وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية وما قطع في مجلس ولا تكلم معه فاضل في فن من الفنون إلا ظن أن ذلك الفن فنه ورآه عارفا به متقنا له وأما الحديث فكان جامل رايته حافظا له مميزا بين صحيحه وسقيه عارفا برجاله متضلعا من ذلك وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة في الاصول والفروع كمل منها جملة وبيضت وكتبت عنه وقرئت عليه أو بعضها وجملة كبيرة لم يكلمها وجملة كملها ولم تبيض إلى الان وأثنى عليه وعلى علومه وفضائله جماعة من علماء عصره مثل القاضي الخوبي وابن دقيق العيد وابن النحاس والقاضي الحنفي قاضي قضاة مصر ابن الحريري وابن الزملكاني وغيرهم ووجدت بخط ابن الزملكاني انه قال اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها وان له اليد الطولي في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتدين وكتب على تصنيف له هذه الابيات
ماذا يقول الواصفون له * وصفاته جلت عن الحصر
هو حجة لله قاهرة * هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية في الخلق ظاهرة * أنوارها اربت على الفجر


التوقيع :


اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عدد مااحاط به علمك
وخط به قلمك واحصاه كتابك
وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين





رد مع اقتباس