عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2010, 02:44 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: التنشئة الاجتماعية فى ضوء علم النفس الاجتماعى

4




8-4ـ مرحلة الشيخوخة :

الشيخوخة هي عملية بيولوجية حتمية، وهي تمثل ظاهرة من الظواهر التطور أو النمو التي يمر بها الانسان، إذ أنها مجموعة من التغيرات المعقدة في النمو والتي تؤدي مع مرور الزمن الى تلف التركيب العضوي في الكائن الحي وبالنهاية إلى موته.(49)

إذ تعتبر مرحلة الشيخوخة هي المحطة الأخيرة من حياة الإنسان ويطلق عليها بـ "مرحلة أرذل العمر " وهي الطور النهائي في حياة الإنسان الذي يعمر طويلاً. (50)

يقول الله عزوجلّ في كتابه الكريم :﴿ ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً ﴾ .

ولقد اختارت لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية عام 1972 أن سن الخامسة والستين على أنه بداية كبر السن بإعتبار أن هذا السن يتفق مع سن التقاعد في معظم بلدان العالم ولذلك فقد تم تقسيمه الى مجموعتين:(51)

ـ المسن النشط أو الصغير من (75.60) سنة.
ـ المسن الكبير من(75) سنة وما فوقها.

ومن جملة مطالب النمو في مرحلة الشيخوخة، والتي قال بها هافيجهرست Havighorst 1953 نذكر:(52)

ـ التكيف للضغط الجسمي والمتاعب الصحية المصاحية لهذه المرحلة.
ـ التكيف لموت الزوج أو الزوجة ،والتكيف لحياة الوحدة بعد رحيل الأبناء.
ـ تنمية وتعميق العلاقات الاجتماعية القائمة بين الأقران وتهيئة الجو المناسب للحياة الصالحة لهذا السن.

يمر الإنسان خلال مرحلة الشيخوخة بتغيرات كثيرة في حياته العملية والأسرية والاجتماعية، والتي تؤثر بشكل كبير على نفسيته كفقدان المكانة الاجتماعية، وفقدان الأصحاب والاتجاهات الاجتماعية السلبية نحو الكبار، تجعله يتصرف ويفعل سلوكات كالغضب لأتفه الأسباب، الأنانية ،العناد، إهمال والمظهر والشك الإحساس بالوحدة، السلبية والإعجاب بالماضي، العواطف وقد يصبح منتقداً للآخرين…الخ.

- كما يتعرض كبير السن الى مجموعة التغيرات العقلية المتفاوتة في درجة تأثيرها وأهميتها أهمها:

النسيان والتحول إلى التفكير البطيء والتحفظ وعدم التعجل في اتخاذ القرارات. والخيال ونقص القدرة على التعلم وهذا يسبب الانحدار في الأداء الوظيفي للجهاز العصبي المركزي.

كما يتعرض إلى تغيرات تصيب جميع أعضاء جسمه وهي تتسم بالتدهور والضعف والاضمحلال سواء في التركيب أو الوظيفة، في صور تغيرات داخلية كفقدان مرونة الأوعية الداخلية، وضيق التنفس، وخارجية في صبغة الجلد وتراجع في نشاط الحواس والبطئ في المشي وإصابة الشعر بالشيب.

كما تعتبر مرحلة الكثير من المسنين مرحلة العزلة والوحدة والزهد في الحياة، خصوصا الإنسان عندما يكبر تقل حركته ويكبر أبناءه وأقاربه، ويزيد من عزلته. أيضاً زواج الأبناء وموت الزوجة أو الزوج والضعف الجنسي مما يقلل في دائرة الاتصال الاجتماعي.(53)

9 ـ إشكال التنشئة الاجتماعية:

تتكون التنشئة الاجتماعية من شكلين الأول: تنشئة مقصودة والثاني: تنشئة غير مقصودة.

9 ـ1 ـ التنشئة المقصودة: تتم في المؤسسات الرسمية مثل الأسرة والقبيلة والمدرسة ودور العبادة ولكنها تتضح تماماً في المدرسة كمؤسسة تعليمية رسمية.(54) وتأتي الأسرة أو المنزل كمؤسسة مهمة في تنشئة الأفراد عن قصد، فالأسرة تعلم أبناءها اللغة وآداب الحديث والسلوك وفق نظامها الثقافي ومعاييرها واتجاهاتها. وكذلك التعليم المدرسي في مختلف المراحل يكون تعليما مقصودا له أهدافه وطرقه وأساليبه.(55)

إلى جانب هذه المؤسسات توجد الجماعات والأجهزة والمؤسسات التي تمارس عملية التنشئة، ففيها تتم عملية تعليم الطفل ما تريده له هذه المؤسسات، ويتطبع بالطباع المرغوبة في مجتمعه.

9 ـ2 ـ التنشئة اللا مقصودة: تتم أيضا في المؤسسات السابقة الذكر(عدا المدرسة) ولكنها أكثر ما تكون وضوحا في مؤسسات الإعلام المختلفة حكومية رسمية، وشعبية غير حكومية، حزبية أو طائفية وعن طريق هذه المؤسسات ودون أن تفصح عن عملية التوجيه، يكتسب الفرد عادات والقيم والمعايير وغير ذلك من أنواع السلوك التي تريد الدولة توصيلها للأفراد.

ثانياً : الأسس النظرية لعملية التنشئة الاجتماعية :

إن مشكلة التنشئة الاجتماعية هي كيف تنشئ الأطفال بحيث يصبحون أعضاء أكفاء في المجتمع ؟ وما الأساليب أو الأنماط التي ينتهجها الوالدين في التنشئة؟. جعلت هذه التساؤلات إهتمامات بدراسة التنشئة بوصفها ميكانيزم لنقل وبقاء الحضارة واختلافها من مجتمع لآخر كما أسهم كل من علم الاجتماع بمدخله البنائي الوظيفي والاتجاه التفاعلي، وعلم النفس الاجتماعي والطب النفسي والعقلي ومدخل التحليل النفسي وعلم نفس الطفل في زيادة فهم عملية التنشئة الاجتماعية.

وجدير بالذكر أن هناك عدد كبيرا من النظريات الشاملة أو الجزئية التي يمكن أن تصلح لتحليل هذه العملية وسوف نختار أربعة منها نرى أن لها أهمية مباشرة تتفق وما نتوخاه في طرحنا هذا.

1 ـ نظرية التفاعل الرمزي :

تنظر نظرية التفاعل الرمزي إلى عملية التنشئة الاجتماعية أنها تستمر مدى الحياة، وأن التنشئة والسلوك الذي يعتبر تعبيرا عن عملياتها لا يعتمد في كثير من نواحيه عن الدوافع أو الحاجات أو العمليات اللاشعورية أو الخصائص الفطرية أو البيولوجية و إنما يعتمد أكثر على العمليات التفاعلية وعلى المعاني المستدمجة للذات أو للآخرين.(56)

يتضمن التفاعل الاجتماعي مجموعة كاملة من العمليات التي تحدث بين الأفراد ومن خلالهم، ولقد حدد جورج هربرت ميد بين مستويين من التفاعل الاجتماعي في المجتمع الإنساني المحادثة بالإشارة، استخدام رموز لها دلالاتها، ولقد أطلق بلومر على المستوى الأول التفاعل غير الرمزي والمستوى الثاني التفاعل الرمزي.

ويندمج الأفراد في الحياة بوجه عام أو في الزواج و الأسرة بصفة خاصة، في تفاعل غير رمزي حيث يستجيبون في الحال لحركات الآخرين الجسمانية وتعبيراتهم ونبرات أصواتهم، ولكن كثير من تفاعلاتهم تكون على المستوى الرمزي عندما يحاولون فهم معنى فعل كل واحد منهم.

وفي حديثها عن الدور والمركز فكل فرد في المجتمع له عدة مراكز بعضها مورث وبعضها مكتسب فمثلا الجنس (ذكر.انثى) والطبقة تعتبر مراكز موروثة أما المركز الزواجي والمركز المهني فهو مركز مكتسب وكل منا يشتغل مراكز عديدة مثل طالب مراهق، موظف طبقة متوسطة وكل مركز يتطلب سلوك معين مناسباً وهو ما يسمى بالدور، هذا ويشير الدور من وجهة نظر معينة إلى مجموعة من المعايير والتوقعات التي تربط بأوضاع معينة والدور كما يستخدم في الإطار التفاعلي يشير إلى العلاقة ما نفعل نحن وبين ما يفعله الآخرون.(57)

لقد أصبح هذا الإطار والاتجاه مرجعا رئيسيا لكثير من الأبحاث الحالية التي تهتم بالأشخاص داخل محيط الأسرة، وهذا الأمر الذي أدى إلى توجيه عناية كبيرة إلى علاقات الزوج بالزوجة والآباء بالأبناء والأدوار التي تحكمها، والموقف الزواجي وتمثل التنشئة من جانب آخر محوراً هاما في مدخل التفاعل الرمزي لمالها من أهمية مركزية في التنظيم الأسري.


2 ـ النظرية البنائية الوظيفية :

ترتكز النظرية على أن الأسرة بناء يحقق وظيفة مجتمعية، وتنظر للتنشئة الاجتماعية كعملية اجتماعية تعليمية تستهدف إكساب النشئ ثقافة المجتمع، وأن الأسرة تقوم بوظيفة هامة لأعضائها ولمجتمعها تتمثل في اشباع حاجات الأعضاء الاجتماعية النفسية والاقتصادية والحماية والأمن وإكساب المكانة التي تعتبر الوظيفة محورية تربط الأسرة بالمجتمع، وذلك لإعداد النشئ لآداء أدوارهم الاجتماعية وإكسابهم الهوية.

وتشير النظرية إلى أن الأسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي تتفاعل مع عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه، وبذلك يتعرض الأبناء أثناء التنشئة الاجتماعية لعمليات التنشئة الأسرية والامتثال التي تساعده على التوافق الاجتماعي وإرتباطها بعملية التعلم. وفي هذه العملية يستقي الأبناء اتجاهات الوالدين ومواقفهما عن طريق التقليد والمحاكاة للقول أو الفعل أو السلوك وبذلك نجد أن هناك أدوار محدد للذكور وأخرى للإناث يلتزم بها الجميع.(58)

وترتكز النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة، وبين الأسرة والوحدات الإجتماعية من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع .

3 ـ نظرية التعلم الاجتماعي :

تعرف هذه النظرية بأسماء أخرى مثل نظرية التعلم بالملاحظة والتقليد، أو نظرية التعلم بالنمذجة، وهي من النظريات الانتقائية، تنطلق من افتراض رئيسي مفاده أن " الإنسان كائن اجتماعي يعيش ضمن مجموعة من الأفراد يتفاعل معها ويؤثر ويتأثر فيها "، وبذلك فهو يلاحظ سلوكات وعادات واتجاهات مجموعة من الأفراد الآخرين ويعمل على تعلّمها من خلال الملاحظة والتقليد .فوفقاً لهذه النظرية فإن الأفراد يستطيعون تعلم العديد من الأنماط السلوكية لمجرد ملاحظة سلوك الآخرين، حيث يعتبر هؤلاء بمثابة نماذج تم الاقتداء بهم وبسلوكاتهم.(59)

فسرت نظرية التعلم الاجتماعي التعلم على أساس ما يجري خارج الفرد من عمليات، مع عدم إعطاء أهمية لما يجري داخل الفرد كما فعل واطسون، وإعطاء أهمية قليلة للذاكرة و الإدراك. والمبادئ الأساسية لنظرية التعلم الاجتماعي هي الافتراض الشرطي والملاحظة والتعميم والتدعيم والانطفاء، تفسر كيف يمكن للفرد أن يتعلم المعتقدات والقيم والمفاهيم والسلوكيات، وسلم السلوك المقبول أو المرفوض.

إن نظرية التعلم الاجتماعي تؤكد على دور الوالدين أو غيرهما من النماذج في عملية التعلم للطفل، إن الوالدين كليهما يعملان ويقدمان النموذج لسلوك ذريتهما، وكذلك تقول النظرية بأن الأطفال يكتسبون الاتجاهات السلبية إزاء مختلف الجماعات نتيجة سماعهم لوجهات نظر سليمة حول هذه الجماعات من قبل الأشخاص المهمين في حياتهم، أو نتيجة لمكافأة هؤلاء الأشخاص الأطفال عند التصريح بمثل وجهات النظر هذه، فقد وجد آشمو و ديل بوكا Ashmar et Delbaca 1976 أن اتجاهات الأطفال العنصرية تكون قريبة من اتجاهات والديهم، وأن الأطفال يتعلمون التعصبات التي يلاحضونها مع والديهم.(60)

4 ـ نظرية التربية الاجتماعية :

يعد اميل دوركايم من الرواد الغربيين الذين ألقوا الضوء تبيينا وتفصيلاً على الأهداف والاتجاهات الأساسية لنظرية التنشئة الاجتماعية، وهو يرى أن التنشئة الاجتماعية أو التربية بالنسبة له ما هي إلا تنشئة اجتماعية منهجية للأجيال الناشئة، ويقصد دوركايم بالتنشئة أو التربية الاجتماعية أنها عملية إزاحة الجانب البيولوجي، والبحث عن نفسية الطفل و إحلال نماذج السلوك الاجتماعي محله.

وترى النظرية أن الطفل في مراحل نموه الأولى ما هو إلا كائن بيولوجي بحت، خالي من أي خصائص اجتماعية، ومن ثمة تأتي بعد ذلك عملية التنشئة الاجتماعية التي ربطها دوركايم بالتربية كي يتحقق من خلالها التفاعل بين إمكانيات الفرد للتعلم وقبول التربية وبين الظروف الاجتماعية التي تخلق منه كائناً اجتماعياً فعالا، لديه من الإمكانيات الاجتماعية التي تخلق منه كائناً اجتماعياً فعالاً ولديه الامكانيات والقدرات ما يمكنه من القيام بالسلوك الاجتماعي في القطاعات المختلفة للمجتمعً.

ثالثاً : مؤسسات التنشئة الاجتماعية:

إن عملية التنشئة الاجتماعية ليست عملية تعلم رسمي يتلقاه الفرد في المؤسسات الرسمية، وإنما هي أوسع من ذلك بكثير، إذ يدخل فيها اكتساب الفرد لأساليب السلوك والعادات الفردية والمهارات والاتجاهات وغيرها، وهي كلها أمور تنتقل إلى الفرد عن طريق المحيطين به عن طريق التفاعل والتواصل وفي المواقف الحياتية المتعددة، ومن خلال وحدات اجتماعية ومؤسسات ينشئها المجتمع من اجل تنمية استعدادات الأفراد الفطرية وتدريبهم على تلبية حاجاتهم وتأهيلهم للحياة الاجتماعية. ولذلك سنتناول هذه المؤسسات التي تختلف في تقسيمها وتصنيفها باختلاف وظائفها بالتفصيل .

1 ـ الأسرة:

تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية والتربوية المسؤولة عن تزويد الجيل الجديد بالتربية والتعليم واكتساب الخبرات والمهارات والمؤهلات العلمية والتقنية التي هي السبيل الوحيد لنهوض المجتمعات المعاصرة ورقيها وتقدمها، لذا نجد أن الأسرة تسعى من أجل زرع الخصال القيمة والسلوكية الايجابية عند الأحداث والمراهقين والشباب، ورعايتهم من كل الجوانب، ومن أجل اكتساب أسس ومبادئ ومقومات الثقافة والتربية والتعليم لكي يكونوا قادرين على المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع وتطويره في كافة المجالات(61).

2 ـ دار الحضانة:

الحضانة من فعل حَضَنَ يَحضِنٌ حَضناً وحَضَانَةٌٌ: جعله في حٌضنه. الرجل اليتيم: رعاه ورَّباه.

حضانة: مصدر حَضَنَ وهي الولاية على الطفل لتربيته وتدبير شؤونه.

مدارس الحضانة: هي مدارس ينشأ فيها صغار الأطفال. أما حَاضنَة: جمع حَواضن: وهي المراة التي تقوم على تربية الصغير، والمرأة التي تقوم مقام الأم في تربية الولد بعد وفاتها.

تحتضن دار الحضانة الأطفال مجهولون الوالدين، والأطفال الذين عجز الوالدان عن القيام بتربيتهم وحضانتهم بسبب عاهة عقلية، أو حالات الانفصال والزواج بأخرى وتنازل الوالدين عن الطفل.(62)

تعتبر دور الحضانة من أهم العوامل في تنشئة الطفل الثقافية والاجتماعية بعد أسرته لأن تفكير الأطفال في هذه المرحلة من العمر يزداد نمواًَ وتطوراً، مما يستلزم معه إعداد الخبرات التجريبية والتربوية وتدريب الأشخاص القائمين على رعايتهم(63)

توفر الحضانة الايوائية كل وسائل الرفاهية النموذجية للأطفال فتحتوي على عدد كبير من الحجرات يقطن كل عدد خاص من الأطفال في حجرة خاصة، ولهم أم بديلة تقوم برعايتهم وتستوعب احتياجاتهم للحب والحنان كما تتوفر على ملاهي للأطفال، كما توجد بها روضة نموذجية للأطفال ما قبل المدرسة.(64)

تدفع بعض الأسر بأطفالها بين الثانية والرابعة من العمر إلى دار الحضانة، هذا التوجه المبكر لوضع الطفل في مؤسسة يفترض أنها تربوية، يمكن أن يكون بالنسبة للعديد من الاطفال خبرة ثمينة تهيئ للعب مع أطفال من نفس عمره تقريبا.(65) كما تقدم له أهم أوجه الحماية والرعاية أثناء عمل أوليائه، والعمل على توفير الامكانيات والأجهزة والبرامج الاجتماعية، والصحية، والرياضية، والنفسية، والعقلية التي تتناسب مع عمره ولحماية الطفولة ووقايتهم من المشكلات والانحرافات الأخلاقية والسلوكية.(66)

3 ـ رياض الأطفال:

يخلط الكثيرون بين الحضانة ورياض الأطفال، فمنهم من يعتبرها مؤسسات رعاية تربوية واجتماعية ويطلقون عليها جميعا دور الحضانة، كما تختلف هذه التسميات بإختلاف الأقطار. والبعض الآخر يطلق عليها أو على الجزء الخاص بالأطفال من سن(3 .6) سنوات "مدرسة الحضانة"، ولكننا ننظر إليها على أنهما مؤسستان مختلفتان في الأدوات والوظائف وهذا ما كان موضحا مسبقا.

وفي هذا تعرف "رناد الخطيب" روضة الأطفال بأنها:« تلك المؤسسة التربوية الاجتماعية التي يلتحق بها الاطفال من سن مابين الثالثة والسادسة من العمر، كما تعرف في كثير من البلدان بمدارس الحضانة أو مراكز الرعاية النهارية أو رياض الأطفال ».(67)

تعد الروضة ثاني المؤسسات التربوية الهامة التي تسهم في تربية الأطفال وتنشئهم، وهي تلي الأسرة كمؤسسة تربوية أولى، سواء من حيث المكانة الهامة التي تحتلها، أو الدور التربوي الذي تقوم به.

تسهم الروضة في إعداد الطفل جسدياً ونفسياً ومعرفياً واجتماعياًُ وأخلاقيا. وتهتم بمجالات محددة عديدة مثل السلوك النفسي الاجتماعي وتعليم الأطفال الآداب وقواعد المرور واللغة والإلمام بالمبادئ العلمية الأولية إضافة إلى الاهتمام باللعب والموسيقى والغناء وسواها، كما تقوم رياض الأطفال بتهيئة الأجواء النفسية التي يشعر الطفل فيها بالأمان والاستقرار العاطفي الذي يشجعه على الانطلاق والتعبير عن ذاته، وتنمية مهاراته وإشباع مختلف حاجاته.

وقد أثبتت الدراسات التربوية أن الطفل الذي يلتحق برياض الأطفال تنمو لديه العديد من المواهب والقدرات التي لا تتوفر لمن حرموا من الالتحاق برياض الأطفال، لأنه يمارس العديد من الهوايات والأنشطة التي تنميهم نموا متكاملا.(68) فالطفل في مرحلة الروضة متعطش للمعرفة والبحث، فهو يحاول الاستزادة العقلية والمعرفية ويريد معرفة الأشياء التي تثير انتباهه، وأن يفهم الخبرات التي يمر بها، وقد أطلق البعض على هذه المرحلة بـ " مرحلة السؤال ".(69)

3ـ1ـ فوائدها:

يمكن لرياض الأطفال تقديم فوائد للأطفال تشتمل فيما يلي:(70)

* التدرب على المهارات الاجتماعية(مهارات التواصل) يكتسب الطفل مهارات التعاون والتفاوض.
* إدراك مشاعر الآخرين، وثقة أكبر بالأشخاص الكبار، شعور اكبر بالاستقلالية.
* تحسين المهارات الكلامية، ومهارات الإصغاء، الإثارة والنشاط من خلال اللعب.
* اكتساب خبرات جديدة من خلال الأنشطة المبرمجة في محيط الروضة.
* انتقال سهل لمرحلة رياض الأطفال: حيث يكتسب الطفل تقديرا للمدرسة ويطور اتجاها ايجابيا نحوها.

3ـ2ـ أهدافــها:

لقد حدد المؤتمر العلمي لتطوير إعداد المعلم عام 1996 بمصر فلسفة وأهداف مرحلة رياض الأطفال فيما يلي:(71)

* التنمية الشاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحسية والحركية والانفعالية والخلقية والاجتماعية.
* تنمية مهارات الأطفال اللغوية والعددية والنفسية وإنماء قدرته على التفكير.
* التنشئة الاجتماعية والصحية السليمة في ظل قيم المجتمع ومبادئه وأهدافه.
* تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة بهذه المرحلة العمرية لتمكين الطفل من تحقيق ذاته وتكوين شخصيته.
* تهيئة الطفل تدريجيا للحياة المدرسية النظامية، من خلال الانتقال التدريجي من الحياة الأسرية إلى جو المدرسة.

ـ وأهداف أخرى تتمثل في:

* اكتساب الأطفال لآداب السلوك الاجتماعين والمهارات الاجتماعية.
* تصحيح انحرافات الأطفال مما يساير فلسفة الرقصة التربوية.
* العمل على تصحيح الأخطاء التي يقع فيها الآباء والأمهات، وذلك من خلال توجيه الأطفال نحو التربية البناءة.(72)

4 ـ المدرسة:

انه مع تطور المجتمعات ظهرت الحاجة إلى المدرسة التي لم يقصد بإنشائها نقل وظيفة الأسرة إليها. وإنما أريد بها مقابلة تلك الاحتياجات الجديدة الناشئة عن تطور المجتمع وتقدمه باشتراك المدرسة والأسرة، من جانب أو من جوانب قد لا تستطيع الأسرة الوفاء بها في ظل إمكانياتها والتغيرات التي طرأت على المجتمع.

تشترك المدرسة مع غيرها من مؤسسات المجتمع في فعل التنشئة الاجتماعية، وهي أقرب إلى الأسرة والمؤسسة والمدرسة وغيرها من الوكالات الاعلامية. المدرسة هي واحدة من وكالات التنشئة الاجتماعية لكن الفرق بين المدرسة وغيرها من الوكالات أن المدرسة هي الوحيدة المتخصصة بالتنشئة أي ليس لها أدوار أخرى فهي تقتصر على التنشئة، وما يرتبط بها من اصطفاء.(73)

هي أهم المنظمات الاجتماعية التي تعمل على تنشئة الطفل اجتماعيا بخطط وبرامج مقصودة، كما أن لها دورا في بيئة التعلم النفسية والاجتماعية، لها دور خطير في حياة الطلاب لأنها تحقق لهم عوامل النجاح والفشل. يهتم علماء النفس التعليمي بعمليات التعلم وتسهيله وتحسينه، وتنمية التفكير العلمي والابتكار والقدرات العقلية ولذلك يذكر" صلاح مراد" أن التعلم يهدف الى اكتساب التلاميذ للمعرفة وتنمية المهارات في المجالات المختلفة، كما يهدف الى تنمية أساليب التفكير العلمي والاستدلالي.(74)

وتتميز المدرسة كبقية المؤسسات الاجتماعية بالديناميكية والتفاعل وهي من أدلة ازدياد مرحلة التخصص والنواة.(75) يمكن اعتبارها نظاماً متخصصا في التنشئة يعمل بالرموز لما هو مكتوب، وهي من بين وكالات التنشئة الاجتماعية الأكثر تحديداً وذهنية وكثافة وتنظيما.(76)

يقول ويؤكد التربويون على أهمية التربية والتعليم المدرسي ودورهما الفاعل اذ هذا "بوتكن"يقول:« إن أمل الانسانية في إنقاذ نفسها من مضادات المستقبل هو في التربية عن طريق التعلم..»

ويقول "زولتمان zoltman "1972 :« تعد المدرسة واحدة من أهم مؤسسات المجتمع التي ترتبط بموضوع التغير الاجتماعي لذا فإنه لا تكاد توجد مشكلة اجتماعية الا وتمس المدرسة ».(77)

- إن مهمة المدرسة الاولى أن تدرب الاطفال على الحياة التعاونية ذات المساعدة المتبادلة لتغذي فيهم الوعي بالاعتماد المتبادل وتساعدهم عمليا في خلق التوافق لتطبيق هذه الروح في أعمال ظاهرة.(78) وتهتم بالتراث الثقافي التعلم النشط في الحاضر للحياة، أو تهتم بتربية شخصية مرنة قادرة على التغيير والتكيف مع مواقف الحياة المتجددة و باستمرار.(79)

- ومن مهامها أيضا أنها تعمل على تسهيل عملية التعلم والتطور الشامل لكل طالبي العلم.(80)

- فإذا كان دور المنزل مهما في اكتساب الطفل الخبرات والمهارات اللغوية، فإن دور المدرسة ومهمتها لا تقل أهمية، حيث تعمل على تنمية المهارات لدى الناشئة من الطلاب، وذلك مع مراعاة الطرق الابتكارية الحديثة في عملية التعلم.(81)

- وجمل جون ديوي مهام المدرسة في النقاط التالية :(82)

* تدريب الأطفال على الحياة التعاونية مما ينمي فيهم الوعي بضرورة الاعتماد المتبادل وتطبيق هذا ميدانيا في أعمال تجسد هذه الروح.

* توجيه الرعاية في الاتجاهات الفطرية والى فعاليات الطفل وليس الى المادة الخارجية.

* تنظيم الميول الفردية والفعاليات وتوجيهها عن طريق استخدامها.

4ـ1ـ وظائف المدرسة:

إن وظيفة المدرسة في المجتمع تتسع من فلسفته وأهدافه، فان كان هدف التربية أساسا والأساسي في المجتمع هو " أنسنة الإنسان " أي جعله مخلوقا اجتماعيا وإنسانيا يعيش ضمن إطار اجتماعي فالمدرسة هي الإدارة وهي الواسطة لتحقيق ذلك الهدف. والمدرسة وظائف كثيرة انطلاقا من الاتجاهات الفكرية العديدة المتعلقة بدورها. ولها تأثيرها الواضح على الطفل في نواح كثيرة فهي تتولى:

* بث وتعزيز القيم والآمال والمعتقدات، وأنواع المعلومات، وأساليب السلوك التي يتطلبها الأداء المناسب للوظيفة، وتنمية المهارات العلمية والتكتيكية اللازمة للإنتاج الكفء.(83)

* تبسيط التراث الثقافي في خبرات الكبار، وتقديمه في نظام تدريجي يتفق وقدرات الأفراد، وهكذا يتدرج الطفل في تعليمه من البسيط إلى المركب ومن السهل إلى الصعب ومن المحسوس إلى المجرد.

* تنمية شخصية الطفل من جميع جوانبها الجسدية والعقلية والفكرية والاجتماعية والاعتقادية والنفسية.

* تعمل المدرسة على المساهمة في التنشئة الاجتماعية للطلاب، ونعني بهذا المجال التطبيع والتوافق والتكيف والتفاعل الاجتماعي لمقابلة احتياجاتهم ومساعدتهم على مواجهة مشكلاتهم.

* إعداد النشئ للإسهام في كل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع.(84)

* تعزيز لغة التواصل القومي بين جميع أفراد المجتمع وتحقيق الوحدة الثقافية عبر تحقيق التجانس في الأفكار والمعتقدات والتقاليد والتصورات السائدة في المجتمع الواحد.

* تحقيق التربية النفسية والبدنية والأخلاقية والروحية والتربية الاجتماعية والدينية وتحقيق النمو المعرفي واخيرا التربية المهنية .(85)

5 ـ جماعة الرفاق :

تعبر جماعة الرفاق من الجماعة الاجتماعية التي تلعب دورا مؤثرا في عملية التنشئة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة وفي المدارس وخارجها فهي جماعة يشترك أعضائها في الثقافة مشتركة أو عامه وهي جماعة تقارب أعضاؤها غالبا في السن وقد تكون من فئات عمرية متباينة.

وللجماعة الرفاق نظام معياري أو سلوكي يفرض على الطفل مطالب معينة عندما يقوم بمختلف الأدوار، إلا أن تأثير الجماعة في أفرادها أكثر قوة وأعمق جذورا لاشتراكهم في مفاهيم عامة، ولموقف جماعة الرفاق قدرة على إنتاج ضغوط هائلة على الفرد وإجباره على إجراء أنشطة لا يستطيع القيام بها بمعزل عن جماعته، وقد يكون لهذه الأنشطة تأثيرات على تغيير سلوك الفرد.

كما أنه لوحظ من خلال التجارب أن مدى تأثير الفرد بالصحبة هو أمر يتوقف على العلاقة بين الفرد و صحبته، وكلما ازدادت درجة هذه العلاقة ازداد مدى تمسك الفرد لما اصطلحت عليه الجماعة على أنماط سلوكية.

تتسع داخل جماعة الأقران دائرة الارتباطات الاجتماعية بين بعضهم البعض حيث تنمو ذاتية الفرد بصورة كبيرة، كما أن جماعة الأقران هذه يجب أن تنظر إليها على أنها جماعة غير رسمية كما يبدو ذلك في التراث الاجتماعي، ولا يمكن أن نعتبر جزاءاتها مبهمة وغير واضحة ذلك أن النسق الخاص بها هو نسق ثابت يمكن أن نطلق عليه إسم التنظيم الشبابي، بحيث يسعى أعضاء المنظمة الشبابية بقدر كبير من الرضا والسعادة نتيجة انضمامهم إليها حيث أنها تربطهم بتراثهم وثقافتهم التقليدية.


فمثلا يفيد الأقران الشاب المراهق بمبادى سلوكية تتحكم فيه، فعن طريق تحرك المراهق وتشكله داخل جماعة الاقران نجد أنها ترسخ فيه مبادئها ومعاييرها السلوكية، فيستعد المراهق تدريجيا عن المعايير السلوكية للوالدين، في حين يلقى تدعيما وتعزيزاً لسلوكه من الاقران. وبذلك يرى دانفي 1993 أن:« داخل جماعة الاقران تعمل كموجهات لسلوك المراهق وتصبح مصدر تقييم عام لسلوكه ونشاطه».(86) ومن الملاحظ أن اختيار المراهق لجماعة رفاقه يشعر بالولاء والاخلاص الشديد لها، والتحمس لكل مايهم الجماعة ويتعلق بها، يجتمعون ويناقشون شؤونهم ونشاطهم في حماس بالغ وتفاعل مستمر ونجد ان لكل جماعة معايير سلوكية خاصة وعادات وتقاليد تفرضها.

وفي مرحلة الطفولة يؤكد "جون كونجر" kounjer أنه بدخول الطفل في المدرسة فإنه يواجه جماعتين تسهمان في تطبيعه اجتماعيا هما المعلمين والرفاق، وعند ذهاب الطفل للمدرسة سرعان ما يكتشف أن كثير من اشباعاته تعمد على انضمامه لجماعة الاقران وذلك من خلال اللعب الذي يمكن الطفل ان يتعلم كثيرا من جوانب الحياة الاجتماعية، ولتعلم الحقائق والمهارات والمفاهيم والمبادئ من خلال العديد من الاهداف المعرفية المتنوعة من تذكر وفهم وتطبيق وتحليل وتركيب وتقويم مما تتضمنه من استراتيجيات.(87)

ـ ويلخص حامد زهران 1974 اثر جماعة الرفاق في عملية التنشئة الاجتماعية فيما يلي:

- المساعدة في النمو الجسمي عن طريق اتاحة فرصة ممارسة الانشطة الرياضية، والنمو العقلي عن طريق ممارسة الهوايات، والنمو الاجتماعي عن طريق المساعدة الانفعالية ونمو العلاقات العاطفية في مواقف لا تتاح في غيرها من الجماعات.

- تكوين معايير اجتماعية وتنمية الحساسية والنقد نحو بعض المعايير الاجتماعية للسلوك.
- القيام بأدوار اجتماعية جديدة مثل القيادة وتنمية الاتجاهات النفسية.
- المساعدة على تحقيق الاستقلال الذاتي وتحقيق الذات والاعتماد على النفس.
- إتاحة الفرص لتقليد سلوك الكبار وتحمل المسؤولية الاجتماعية.
- إشباع حاجات الفرد إلى المكانة والانتماء.
- إكمال الفجوات وملء الثغرات التي تتركها الأسرة والمدرسة في معلومات الطفل والمراهق خاصة في النواحي الجنسية.

وهكذا نجد للرفاق في مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة أهمية كبرى في توجيه الاتجاهات والميول وتحديد مسار سلوك الفرد وفقا لطبيعة تكوين هته الجماعات، فقد يتعلم منها الفرد السلوك المنحرف، وقد تخلق منه شخصية مبدعة ايجابية ناجحة في حياتها.

6 ـ دور العبادة:

تؤثر دور العبادة في عملية التنشئة الاجتماعية وتعلم الفرد التعاليم الدينية والمعايير السماوية التي تحكم السلوك بما يضمن سعادة الفرد والمجتمع، وإمداد الفرد بمعيار سلوكي معياري، وتنمية الضمير عنده والدعوة الى ترجمة التعاليم السماوية السيامية إلى سلوك عملي، وتوحيد السلوك الاجتماعي والتقريب بين مختلف الطبقات الاجتماعية.(88)

ثمة دور كبير وخطير لأماكن العبادة في توجيه المسار التربوي في حياة الإنسان على مر التاريخ الطويل لظهور الأديان في بدائية، وإنسانية وسماوية. وأماكن العبادة شأنها شأن أي مؤسسة تربوية أخرى تؤثر في حياة الأفراد تأثيرا كبيرا إلى جانب تأثيرها العقائدي والأخلاقي.

فنجد المسجد والكتاتيب والزوايا والمدارس القرآنية والجمعيات الدينية كدعامة أساسية في الدين الإسلامي، والأديرة والكنائس في الديانة المسيحية، والمعابد والبيوت الخاصة عند الديانة الوثنية.

تلعب المؤسسة الدينية دورا هاما في التنشئة الاجتماعية للفرد من حيث: (89)

- تعليم الفرد والجماعة التعاليم الدينية التي تحكم السلوك مما يؤدي الى سعادة أفراد المجتمع.
- إمداد الفرد بإطار سلوكي نابع من تعاليم دينه.
- الدعوة إلى ترجمة التعاليم الدينية وغرس القيم الدينية .
- تنمية الضمير عند الفرد والجماعة، وتوجيه السلوك الاجتماعي والتقريب بين مختلف الطبقات الاجتماعية.

في الإسلام يأتي المسجد ليمثل الدعامة الأولى من دعامات المجتمع إذ يعد المؤسسة الاجتماعية الأولى بعد الأسرة في المجتمع الإسلامي، وظيفته هي صنع المسلم المتكامل البناء، في خلقه وسلوكه وعمله ومبادئه، إذ هو مركز إشعاع وتوجيه وتربية، وذلك بتقديم النصح والتوجيه للمسلمين لمواجهة ما يعترض حياتهم من مشكلات وقضايا.

وفي المسجد يمكن للفرد أن يتربى روحياً وايمانياً وخلقياً واجتماعياً ونفسياً بممارسة العبادات التي تدخل مباشرة في تلبية حاجة الروح من الصلاة والذكر والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن.(90)

يقدم المسجد تربية إسلامية شاملة من تربية دينية وخلقية وعلمية وجسمية ونفسية توازن بين كل هاته النواحي، هذه التربية التي قد نجحت في تأديب النفس، وتصفية الروح والتسامح والعدل، وتثقيف العقل وتقويم الجسم.(91)

يقول يوسف القرضاوي:« إن رسالة المسجد تكمن في كونه جامعة شعبية للتثقيف والتهذيب، وبرلمان دائم للتفاهم والتشاور، ومؤتمر عام للتعارف والتحاب، ومعهد للتربية العلمية ».(92)

أما عن الأساليب التي تتبعها دور العبادة في عملية التنشئة الاجتماعية والدينية فهي الترغيب والترهيب والدعوة إلى السلوك ليس طمعا في الثواب، والابتعاد عن السلوك المنحرف تجنبا للعقاب، والتكرار والإقناع والدعوة إلى المشاركة في تنمية المجتمع وعرض النماذج السلوكية المثالية والإرشاد العلمي.

7 ـ وسائل الإعلام:

يقصد بوسائل الإعلام هنا المؤسسات الأهلية، الحكومية والرسمية وغير الرسمية التي تنشر الثقافة تعرف الأفراد بالتراث قديمه وحديثه، وتعني بالنواحي التربوية كهدف لتكيف الفرد مع الجماعة المحلية إذ تعتبر عنصر أساسي من عناصر التنشئة، ومن هذه المؤسسات: الإذاعة والتلفزيون والصحف ودور السينما والمسارح.

الإعلام معناه فتح آفاق وتفتيح أذهان و إيقاظ أحاسيس وتأكيد انتماء المواطن إلى وطنه ومجتمعه وشده إلى قومه، فتشكل وسائل الإعلام الجماهيرية ولا سيما التلفزيون الذي يتصدر هاته الوسائل من حيث التأثير نظراً لأهميته البالغة لذلك اطلق عليه المرجع الثاني للأسرة نظراً للوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال أمامه، لأنه جهاز قادر على الترفيه والتثقيف في وقت واحد.(93) ومن ثمة يؤثر في عقلية الطفل ووجدانه، ويعتبر أداة هامة للتعليم اذ ينقل الى الفرد المعارف والمعلومات.(94) يقول فيه شايونchayon (1951) على التلفزيون:« أن أثره في التعليم الاجتماعي أنه أقصر الطرق في الوصول الى عالم الكبار إنه المنفذ الذي يطل منه الطفل على عالم الكبار وهو الباب الخلفي السريع لذلك…».(95)

أثبتت مجموعة من الدراسات أن التلفزيون يوسع من مدارك الطفل ويفتح آفاق المعرفة أمامه ويخلق لديه الكثير من الاهتمامات ويستثير لديه الافكار المتنوعة لديه، ويثري خياله ويجعل الروابط بين افراد الأسرة.(96)

كما تعتبر الاذاعة عصب الاعلام حيث اعتبرت احدى الوسائل التعليمية ذات الأهمية الكبيرة باعتبارها وسيلة اقتصادية ولذلك فهي الوسيلة السمعية التي تعتمد على حاسة السمع.(97)

والصحيفة لا تقل في رسالتها عن الأسرة والمدرسة، وهي المحكمة فالصحيفة من خلال موادها المبسطة والتي تنشرها تقدم للفرد أصول المعارف والصحة والآداب والفضيلة والأخلاق والإحساس بالمجتمع والحياة، تقوم بمهمة التعليم هدفها اجتماعي ووظيفة اجتماعية تسعى إلى خلق مجتمع متعارف .

وتأتي دور السينما التي تُكسب الأطفال القيم والتقاليد والعادات التي يعرضها الفيلم، ويزيد انفتاح عقلية الطفل وتفتح الآفاق أمامه وبإطلاعه على تطور العلوم والحياة في الأقطار الأخرى فالسينما ليست أداة للهو بل هي أداة فاعلة من أدوات تنميتهم عقليا وعاطفيا واجتماعيا وخلقيان ووسيلة من وسائل ثقافتهم وهي فن يسهم في تأصيل الكثير من المفاهيم والقيم.

وثم جماعات وحركات تتخذ لها التنشئة الاجتماعية كهدف معلن، كأندية المسنين والحركات الكشفية والمخيمات في الطفل ومراكز رعاية الأحداث والمنحرفين ومراكز رعاية المعوقين ومراكز رعاية المساجين أو إعادة التربية ومراكز رعاية اليتامى والمتشردين والنوادي الرياضية. وأخرى لا تنفع التنشئة الاجتماعية فيها كهدف بذاتها أو كهدف ظاهر للجماعة مثل حركات الشباب التي تتوجه نحو عمل طلابي أو اجتماعي أو سياسي.

خلاصة:

ممَّا تجدر الإشارة الى أن التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً أساسياً في اكتساب الفرد جملة من المعايير والقيم والاتجاهات التي تحفل بها ثقافة المجتمع، ابتداءاً من مرحلة الطفولة مروراً بمرحلة المراهقة ،فمرحلة الرشد وصولا الى مرحلة الشيخوخة، حيث أن لكل مرحلة تنشئة خاصة بها تختلف عن الأخرى ،وذلك بمساعدة الكثير من مؤسسات التنشئة الاجتماعية انطلاقاً من الأسرة والمدرسة، فالروضة وأماكن العبادة ،ووسائل الإعلام وغيرها.ولعل هذه المؤسسات مجتمعة مع بعضها تساعد على تدعيم ما تعلمه الفرد داخل الأسرة.

* تبدوا التنشئة الاجتماعية بأنها عملية مهمة بالنسبة للفرد والمجتمع حيث عن طريقها يكتسب الفرد ذاته الاجتماعية وينقل ثقافته من جيل الى جيل، وبها يبني شخصيته ويكتسب أيضاً عملية التفاعل الاجتماعي داخل البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، وهي عملية تنظم التفاعل والتغير وبالتالي فهي عملية دينامية حيث تعمل على دفع الفرد إلى التفاعل مع أفراد عائلته من حيث الأخذ والعطاء. وهذه العملية حصرها علماء الاجتماع في مجال الأسرة أما التربويون فيدخلونها في نطاق المدرسة.

- طالب في الدراسات العليا.

- ماجستير علم الاجتماع. تخصص : الاتصال في المنظمات.

- جامعة قاصدي مرباح – ورقلة – الجزائر.

- البريد الالكتروني: Cant See Links



- قائمة المراجع:

Cant See Links


التوقيع :



اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات


رد مع اقتباس