عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2010, 03:14 PM   رقم المشاركة : 9
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: معارك الحجاب.. وصعود نجم الحشمة



غـربة غيرالمتحجبــات فـي تزايد النسيــج
معارك الحجاب.. وصعود نجم الحشمة (12)



الوقت - غسان الشهابي، نادية الملاح:
سرى الحجاب في المجتمع بسرعة غير محسوبة ربما، وصار يغزو الطبقات جميعاً بلا تباطؤ، وخصوصاً في الطبقة الوسطى من المجتمع والطبقة الفقيرة في الأساس، لكن هناك نسوة وقفن منه على مسافة، ليس كفراً به أو لكونهن لا دينيات مثلا، ولكن بحسب قناعات خاصة من غير ما رفض للفكرة متى ما وصلن فيها إلى قناعة.
‘’القناعة’’ بالحجاب كانت هي الأساس الذي فضلت البعض الوصول إليها ليتآلفن مع ذواتهن بدلاً من التعرض إلى التذبذب في هذا الشأن بعد المضي فيه واكتشاف ما لا يمكن معه الاستمرار نفسياً. في مجتمع ‘’يدّعي’’ المحافظة وأن الدين أساس حركته بشكل ظاهر، فإن وجود امرأة غير متحجبة، ربما أهون من أن تكون متحجبة وتتراجع عن هذه الخطوة، في فترة لاحقة. هذا ما يمكن أن يُنظر إليه على أنه نوع من ‘’الردة’’ الصغرى، وفي أحيان لا يتورع البعض من الذهاب إلى التشكيك في أخلاقيات من تتراجع عن حجابها، على رغم أن لقاءاتنا مع اللاتي اعتبرناهن ‘’رائدات’’ في هذه المسألة قد تجاوزن هذه النظرة كما قلن، وأن المسألة متروكة للقناعة التي تحيل قماش الرأس وحجابه لا يعني بالضرورة الفضيلة.

كما أن غير المتحجبة ليست بالضرورة غير ملتزمة دينياً أو لديها ما يشينها أخلاقياً، وفي ذلك يقول الشيخ يوسف القرضاوي ‘’ومع أن لبس الخمار أو غطاء الرأس أو الحجاب - كما يسمى اليوم - فريضة على المسلمة، ولكنه يظل فرعا من فروع الدين، فإذا كان التشدد في شأنه، والتغليظ على المرأة من أجله سينفرها من الدين بالكلية، ويجعلها تهجر الدين أساسا. فليس من الشرع أن نضيع أصلا بسبب فرع. فكيف بأصل الأصول كلها، وهو الإسلام ذاته؟[1]’’.

لقد فتح انتشار الحجاب جدلا واسعا وسط النساء اسمه ‘’جدل الحجاب’’، لكن المؤسف انه جدل مختزل بشكل فج ونمطي بين من اختارت الحجاب ومن لم تقتنع به. انه من ذلك النوع من الجدل المعتاد لدينا ‘’إما مع أو ضد’’، ‘’إما صواب مطلق أو باطل مطلق’’. فهل يمكن ان يكون هذا هو جدل الحجاب وحججه؟ أليست هناك مساحة مهملة في هذا الجدل؟
هنا نسلط الضوء على المساحة المهملة في جدل الحجاب عبر تجارب متنوعة نستعرضها هنا في هذا السياق لعدد من السيدات والشهادات التي أتت من غير متحجبات، يروين تجربتهن مع زيهن في وسط المجتمع.

انتفاء الغربة

أمين عام جمعية حقوق الإنسان البحرينية سبيكة النجار، لا تشعر بـ ‘’الغربة’’ كونها في مجتمع غالبية فتياته من المتحجبات ‘’فأنا لا أشعر بالغربة من أمر أنا مقتنعة به’’ كما تقول، وتعيد انتشار الحجاب إلى ‘’موجة التعصب الديني المنتشرة ليس في البحرين فقط بل في العالم العربي والإسلامي، وغياب أصوات معتدلة تحاكم كل الظواهر السلبية بما فيها التطرف الديني’’.

في حين ترى الصحافية عصمت الموسوي أن الأسباب الكامنة وراء انتشار الحجاب في البحرين والمنطقة ‘’تختلف من مجتمع إلى آخر’’.

توضح الموسوي ‘’لقد لاحظت أن الحجاب في بعض الدول العربية يتفق مع الواقع الاقتصادي المعيشي (...) فالسفور والملابس والتزيّن مكلف قياسا بالحجاب وهو ما ينطبق أيضا على الفئات الفقيرة في كل مكان (...) بيد أن موجة التدين تطال النساء والرجال في مجتمعاتنا المأزومة التي لم تحقق نجاحا ولا انتصارا في أي مضمار ولا تنمية ولا حداثة على كل الأصعدة’’.
تضيف ‘’أنظر على سبيل المثال إلى تقارير التنمية البشرية العربية، تقول إننا البلدان الأضعف ديمقراطيا والأقل عدالة اجتماعية والأسوأ في ممارسة الحريات وإنتاج وتداول المعرفة وتمكين النساء (...) ماذا يفعل الإنسان العربي إذا وجد طريقه الراهن مسدوداً وليس ثمة أمل في المستقبل؟ من الطبيعي ان يستدير إلى الخلف الذي يشكل بالنسبة له احد مصادر النور التي تمنح بعضا من الأمل وتعين على مكابدة هذا الواقع’’.

اختزال المرأة في الجسد

لدى عصمت الموسوي استدراك مهم هنا إذ تقول ‘’لكن الأمر المحير بالنسبة لي هو أن جسد المرأة محاط بالعذاب والخوف والغواية، هو العرض والشرف والكرامة، اشعر أحيانا أن المرأة العربية مبتلاة بهذا الجسد.. كأن اختزل في الجسد فقط’’.
لا تنكر الموسوي شعورها بالغربة في مجتمعها بسبب كونها غير متحجبة، فترد بالقول ‘’نعم اشعر بكثير من الغربة، وتزعجني النظرات المستهجنة لسفوري من قبل البعض (...) أتمنى أن نصل نحن السافرات والمتحجبات إلى حالة من القبول والاحترام بيننا’’.

الغربة ذاتها تشعر بها أيضاً الصحافية هناء بوحجي التي يزداد شعورها بالغربة هذه ‘’عندما أكون وحدي بين مجموعة من المتحجبات (...) لكن هذا لا يدعوني إلى أن أتحجب فقط حتى لا أكون مختلفة، فهذا يعني أنني يجب أيضا أن أغير من مظهري في كل مرة يتصادف وجودي مع فئة مختلفة عني’’.
تضيف بوحجي ‘’أعتقد من المهم أن أكون نفسي أولا؛ لأن غربة الإنسان عن نفسه أقسى من غربته المجتمعية’’.

تجد سبيكة النجار نفسها اليوم متآلفة مع ذاتها في الخيار الذي اختارته، ولكنها لا تعوّل كثيراً على استمرار الحال على ما هو عليه حتى النهاية ‘’لا أستطيع أن أتكلم عن المستقبل، فلا أحد يعرف ماذا سيحدث له من تغييرات نفسية وغيرها قد تنسف قناعاته الحالية’’. وكذلك الموسوي لأنها قضت وقتاً تقرأ في المسألة ‘’حاليا متآلفة مع نفسي جدا، لقد تعودت مساءلة كل شيء حولي منذ وعيت، قرأت عن الحجاب كثيرا واخترت ما وجدته منسجما مع فكري وميولي’’.


الانسجام مع الذات

انه الموقف نفسه الذي تقفه بوحجي في شأن الحرية واحترام التنوع والاختلاف، فهي ترى ‘’من المهم أن يكون الإنسان منسجما مع نفسه وأن يكون مقتنعا بمظهره في كل وقت (...) سوف أتحجب عندما أشعر أنني أود أن أفعل ذلك وأنني لن أشعر بغربة عن نفسي لو فعلت (...) لكن لن أتحجب لأعجب المجتمع، فعلى أفراد المجتمع أن يتعلموا احترام الآخر’’.
غير أن هذه الغربة لا تقتصر على النظرات والتردد من الخوض في نقاشات أو علاقات جادة بين المتحجبات وغير المتحجبات من النساء، بل أيضاً تمتد أحياناً إلى ما يصل إلى أسماع غير المتحجبات من وصوف ‘’مزعجة’’، أو كما تقول الموسوي ‘’أسوأ ما يقال أن السافرة خارجة عن الدين، فيدعون لها بالهداية كل يوم’’.

تشعر بوحجي كذلك بعدم الارتياح ‘’عندما تفترض المتحجبات أنهن (الصواب) ويتمنين أن يمنّ الله بالهداية عليّ وعلى غير المتحجبات إلى الطريق الصحيح (...) كأنهن يفترضن أننا نسلك طريقا غير صحيح (...) والأسوأ هو أن دين غير المتحجبات ناقص (...) لكنني أناقشهن في هذا الأمر لأن الكثيرات من المتحجبات لا يعرفن ولا يفقهن في أمور دينية كثيرة بل إنهن يتلقين التعليمات دون تمحيص أو تفكير’’.
‘’التمحيص’’.. ‘’التفكير’’.. ‘’النقد’’، جملة من المصطلحات التي تستخدمها المتحاورات في هذه الحلقة، فالموسوي ناقشت هذه المسألة مع نفسها أولاً ‘’لم أفكر في ارتداء الحجاب مطلقا، لقد تعودت أن اخضع كل شيء في حياتي للنقد والسؤال والشك، عشت في بيئة محافظة، لكن أحدا لم يفرض عليّ الحجاب (...) اليوم تكاد تكون كل صديقاتي متحجبات ما عداي، لكن الاختلاف لا يزعجني أبدا’’.

ماذا بعد التحولات؟

النجار التي شهدت تحولات من صاحباتها في شأن الحجاب تقول ‘’ارتداء الحجاب بالنسبة لبعض الصديقات جاء عن اقتناع وليس نتيجة لضغوطات مجتمعية (...) لكن الأهم من ذلك أنني لم ألحظ عليهن أية تغييرات في المواقف من مسائل أساسية مثل قضية المرأة والمساواة والعدالة والحريات العامة وغيرها’’.
هذا ما لم تلاحظه الموسوي في تحولات رفيقاتها، ربما تشعر ببعض الأسى نتيجة الانقلاب الذي حدث لبعضهن ليس من ناحية الملبس والمظهر، ولكن التحول الفكري أيضاً ‘’وجدت رفيقاتي يستجبن في البداية لمجاراة المشهد العام والانسجام مع حجاب الأخوات والأم وزميلات المدرسة وكل الأجواء المحيطة بهن (...) بعضهن تأقلمن معه وبعضهن خلعنه لاحقا، لكن ارتداء الحجاب ترافق دوما مع نقلة فكرية ودينية بالنسبة للاتي انسجمن معه وصرن مدافعات شرسات عنه’’.
هوامش
[1] موقع الشيخ يوسف القرضاوي.


مـــا لـــــــم أكـــــن أتوقـعــــــــه

‘’لم يكن ثمة ما يحرك الحياة في عيني سوى الحب.. التقيته في حفل خطوبة أختي وأخيه، رأيته من بعيد نظرنا لبعضنا فتعلقنا، فعشقنا، كنا لا نزال في سن صغيرة (...) لم أكمل دراستي بعد، كنا في الثانوية، تفتحت مشاعر كل منا على الآخر، وعلى إثر التقارب بين أسرتينا التقينا كثيرا، عرف الكل بحبنا، وأحب الكل هذه المشاعر المتفتحة..

ثلاثة أعوام من العشق الذي لم تشبه شائبة، بعدها تقدم لخطبتي، رفضت أمي في البداية لمخاوف لم تصرّح بها، ربما لأن أختي زوجٌ لأخيه وربما لمشاعر أمّ لم تظهر إلى السطح، عائلته أبدت تمنّعاً بسيطا لأني أكبره بعام، لكنهم ما لبثوا أن وافقوا بسبب إصراره، لم أكن حينها متحجبة، كان يحبني كما أنا، كنت أرتدي أحيانا العباءة مسايرة للوسط الذي أعيش فيه، لكنني كنت أفضل ثيابي التي أنفق عليها الكثير من المال، وما إن أرى فستانا يعجبني على شاشة التلفاز حتى أسرع في تفصيل ما يشبهه، لم تكن أمي تقصّر في منحي ما أريد، كذلك هو، بقينا مخطوبين لمدة ثلاثة أعوام، حتى تحسن وضعه الوظيفي، وشرع في إعداد مكان يضمنا.

كان هذا المكان هو منزل أمي، التي خصصت لنا جزءا منه، قام هو بترتيب المكان وإعداده ليكون مناسبا لنا، عشنا معا، وأمي كانت تعامله كابن لها، فقد أحبته كثيرا، لم يشأ الله أن نرزق بطفل طيلة فترة زواجنا الذي لم يستمر أكثر من ثلاث سنوات أخرى.
خلال تلك الفترة طرأ تغيير كبير على حياتي، كان حجابي السبب فيه. نعم، ارتديت الحجاب، ولم أقبل المساومة فيه، انقطعت عن سماع الأغاني، والتزمت الحجاب الإسلامي، لا يعني ذلك أني لم أكن مقتنعة بالحجاب في السابق، لكني يوم ارتديته، ارتديته لأني شعرت أنني الآن فقط قادرة على الالتزام به وبما يستوجبه من ستر وتديّن؛ لأن الحجاب في نظري ليس مجرد شكل أو قطعة قماش، الحجاب يجب أن يكون حجابا روحيا يفصل بين المرء وبين الأخطاء..

حين ارتديت الحجاب ظننت أن هذا سيجعل من حياتي الزوجية أفضل، لا أنكر أن زوجي قد أسعده حجابي في البداية، لكنه لاحقا تذمر من ذلك، ربما لأني أفرطت في التطبيق، تأثرت علاقتنا، وبدأت المشكلات تطفو وتلح على حياتنا، فقد كنت منكبة - أكثر من اللازم ربما - على أمور العبادة، حتى خرجت مشكلاتنا عن السيطرة، تدخل الأهل من كلا الطرفين فازدادت الأمور سوءاً، وصل الأمر إلى الطلاق.
كان الأمر مؤلما كثيرا لكنه حدث، لم أنسه يوما وأظنه كذلك لم ينسني، أنا اليوم متزوجة، ولي طفلان، وزوجي متدين وملتزم، سعيدة معه نعم، لكني الزوجة الثانية له، اليوم أشعر كثيرا كم كان زوجي الأول يتضايق من إسرافي في التطبيق، أشعر بذلك كلما ألحّ عليّ زوجي اليوم في أمر من الأمور، التي يجعلني أحس وكأنها مفروضة عليّ فرضا، كأن أذهب إلى حفلات الزواج مثلا، ففي السابق كنت أرفض ذلك بسبب جوّ الطرب والرقص الذي يسود تلك الحفلات، أما الآن فأنا أضيق ذرعا حين يرفض زوجي حضوري لمثل تلك الحفلات.

ربما وصلت إلى حال التوازن اليوم بين ما يجب عمله في حياتي الجديدة، ربما تسرعت في زواجي الأول حينما لم أستطع الموازنة، ربما زوجي السابق أيضاً لم يصبر عليّ ويتفهم تحولاتي الجديدة.. لم يكن الأمر متعلقا بالحجاب في الأساس، بل في طريقة التطبيق له.. ربما تصدق عليّ مقولة ‘’كل مركب أوّله صعب’’، وأنني لم أوغل في التدين برفق’’.

* فضيلة

اكتــئــــاب نـــفـــسي جـــمـــــاعي

* زينب: مصر في أسوأ أحوالها يا صلاح.. كأن ما ناضلنا من أجله أنا وزملائي كان سراباً.. لم تتحقق الديمقراطية، ولم نتحرر من التخلف والجهل والفساد.. كل شيء تغير إلى الأسوأ.. الأفكار الرجعية تنتشر في مصر كالوباء. تصور أنني المسلمة الوحيدة في إدارة التخطيط، من بين خمسين موظفة، التي لا ترتدي الحجاب!
* صلاح: كيف تحولت مصر بهذه الطريقة؟!
* زينب: القمع، الفقر، الظلم، اليأس من المستقبل.. غياب أي هدف قومي. المصريون يئسوا من العدل في هذه الدنيا فصاروا ينتظرونه في الحياة الأخرى!.. ما ينتشر في مصر الآن ليس تدينا حقيقياً، إنما اكتئاب نفسي جماعي مصحوب بأعراض دينية!

* علاء الأسواني
‘’شيكاجو’’ (رواية) - الطبعة السادسة، ص 381


رد مع اقتباس