عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2010, 03:09 PM   رقم المشاركة : 7
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: معارك الحجاب.. وصعود نجم الحشمة



(الحلقة السابعة)
«خوانم» إيــران ينقلن التجـارب وينشــرن القمــاش


في الحلقة الماضية استعرضت السلسلة جانباً من تجربة بداية ‘’رائدتين’’ من رائدات ارتداء الحجاب في البحرين، وليس الهدف منها الوصول إلى ‘’أول’’ من ارتدت الحجاب، بقدر ما هو التعرف إلى الأجواء التي بدأ فيها، وكيف تم استقبال هذا المنديل الجديد على الرأس، وكيف تحولت لابساته من قلة قليلة محارَبة ومحارِبة أحياناً،ومحاصَرة، إلى أن يسود الحجاب - لا في البحرين وحسب، بل - في الكثير من الدول العربية والإسلامية، وكيف حلّ محل الملابس التقليدية التي كان الناس ‘’يظنون’’ أنها ساترة بما يكفي، فاكتشفوا أنها لا تستر كفاية، ولا بد لها من إضافات بحسب التفسيرات الجديدة القديمة للآيات والأحاديث التي كانت موجودة على الدوام منذ أن نزل الدين الإسلامي، ولكن أعيدت قراءتها من جديد، وأدخلت عليها التفسيرات التي اعتقد واضعوها أنها هي عين الصواب.

النموذجان في الحلقة السالفة (سعاد المير وهيفاء محمود) تنتميان إلى ‘’جمعية الإصلاح’’، الجناح البحريني للإخوان المسلمين، ولكن الصدف تقودنا إلى ‘’رائدة’’ أخرى تختزن تجربتها الخاصة ولكن على ضفة أخرى من ضفاف الحجاب، إنها الناشطة السياسية زهراء مرادي.

تحجّبت مرادي، أو احتجبت مبكراً جداً عندما كانت في الصف الرابع الابتدائي، كان ذلك في العام ,1974 منذ 33 عاماً لم ير غير محارمها رأس مرادي مكشوفة، ولكن حجابها في تلك الفترة ليس هو حجابها اليوم ‘’كان حجابنا في تلك الأيام قطعة مثلثة من القماش تظهر الرقبة، وكنا نلبس المراييل القصيرة نوعاً ما، كان حجابنا أقرب ما يكون إلى ما تلبسه السيدات في الشام’’ حسب ما تقوله مرادي.

خانم.. خانم
لكن مرادي تشرح سبب تحجبها مبكراً قائلة ‘’تحجبنا تأثراً بمعلمة إيرانية كانت تأتي في تلك الأيام إلى البحرين في مأتم بوشهري لتلقي دروساً ووعظاً، كانت تُدعى خانم حكمت (...) تذهب النساء إلى درس خانم حكمت بالحافلات لقدرتها وتمكنها وطريقة إقناعها العالية لهن بأهمية الاحتشام والستر والحجاب (...) كانت والدتي تأخذني إلى دروسها، فقد كانت متأثرة بها أيما تأثر’’.

بقيت خانم حكمت عامين في البحرين تقريباً، وخلفتها خانم سفري التي حملت مشروع ‘’عصمتية’’. كان لخانم سفري التأثير الأكبر على حياة زهراء مرادي وتلقيها للعلوم منها ‘’ولأنها كانت فارسية اللسان، فقد انحصر تأثير دروسها في العجم البحرينيين، فكانت فيما بين العامين 1975-1976 تقيم الحلقات الدينية، وبدأ الحجاب في الانتشار على نطاق ضيق بين الفتيات البحرينيات، فكانت خانم سفري تؤكد كثيراً أهمية الحجاب وأهمية الالتزام به، فاتسعت حلقات الفتيات اللاتي كن ينتظمن فيها، وبدأ عدد من المآتم يفتتح مدارس مماثلة’’ حسب مرادي.

كانت لخانم سفري يد طولى في هذه المدارس التي تقام في المآتم، بل وأتت بمعلمات أخريات من إيران كانت أشهرهن خانم صالحي، ويمكن إطلاق تعبير ‘’صحوة الحجاب’’ على تلك الفترة من السبعينات.
مرادي التي تقيم في حي البنعلي (المحرق) انتقلت إلى المرحلة الإعدادية مع قلة قليلة جداً من الفتيات ترتدي الحجاب على رأسها. لكنها شعرت بارتياح كبير لدى مصادفتها معلمات يرتدين الحجاب أيضاً من أمثال عزيزة جلال المير وأختها سعاد، ومعلمة تدعى آمال. كانت مدرسة زنوبيا الإعدادية للبنات المحضن الأساسي في المحرق كما يظهر لانتشار فكرة الحجاب في البحرين أو لنقل في المحرق على الأقل.

هل كانت المعلمات ‘’يبشّرن’’ بالحجاب أو يمارسن نوعاً من الضغوط على الطالبات غير المحجّبات؟ تجيب مرادي ‘’أشعر الآن أن معلماتنا حملن مسؤولية التعريف بالحجاب (...) ليس الإجبار ولكن التحبيب فيه (...) لم تكن تلك المعلمات يلقين دروس المنهج وحسب، بل وكنّ يقتطعن من الحصص عشر دقائق تقريباً للتنبيه لأهمية الالتزام الديني وأننا وصلنا إلى سن التكليف وأن الحجاب بات واجباً علينا’’.
تضيف ‘’كانت معلماتنا أولئك داعيات ذوات أسلوب وجداني يخاطب مشاعرنا التي كانت تتشكل في تلك المرحلة العمرية’’.

المحاصرة والمقاومة
ساعدت عوامل كثيرة وبتفسيرات مختلفة على انتشار التديّن في المنطقة بأسرها، لكن هذه الظاهرة لم تأت من دون مقاومة تذكر. تروي سعاد المير جانباً من تجربتها مع زميلاتها ومسؤولاتها في المدرسة إثر تزايد عدد الطالبات اللاتي يتحجبن.. الأمر يبدو أوضح في الطابور الصباحي، كأن الرؤوس السوداء الشعر تتقلص لصالح رؤوس بيضاء المناديل، ولكنها لم تكن بتلك السلاسة من وجهة نظر المير ‘’حدثت مواجهات عدة، منها: مديرة مدرسة تمنع طالبات متحجبات من دخول الصف باعتبار أن الحجاب يخالف الزي المدرسي.

معلمة تطلب من طالبة أن تخلع الحجاب وإلا تُحرم من الحصة، ترفض الطالبة خلع الحجاب، فإذا بالمعلمة تنزع الحجاب من على رأس الطالبة بالقوة وترميه على الأرض وتدوسه بقدميها.

معلمات أخريات يحاربن الطالبات المتفوقات في درجاتهن، وتقول إحداهن لطالبة متحجبة ‘’مادام هذا الحجاب على رأسك فلن تحصلي على درجة كاملة’’.

معلمات حاربن الحجاب داخل الفصول، وتقول إحداهن للطالبات إن الحجاب رجعية وتخلف.
مديرة مدرسة تتنصت على معلمة متحجبة لتعرف ما إذا كانت المعلمة تحدث طالباتها عن الحجاب أم لا.
محاولات كثيرة من قبل بعض المعلمات والمديرات مع الطالبات والمعلمات المتحجبات لثنيهن عن ارتداء الحجاب’’. ربما كان لزميلات ومسؤولات الأمس وجهة نظر أخرى فيما ذهبن إليه، فقد تحفظت تلك ‘’الرائدات’’ عن البوح بأسمائهن، فلقد ‘’هداهن الله فيما بعد’’ كما تقول المير، وليس من اللائق اليوم النبش في الدوافع تلك، إلا أن هذه الضغوطات أثمرت مع هيفاء محمود وإن إلى حين.

تقول ‘’اشتد الأمر في مرحلة لاحقة، لا أتذكر الحيثيات الآن، ولكن بفعل القوة والضغط جرى نزع حجابي لمدة شهرين أو ثلاثة (...) قاومت الأمر بشدة وإصرار حتى استعدته من جديد وبدأت أكوّن جماعة تدعو إلى نشر الحجاب في المدرسة (...) كنت في مدرسة زنوبيا الإعدادية للبنات ونجحنا مع الأخوات في نشر الحجاب بين الطالبات’’.

مجايلات محمود يقلن إنهن كنّ يأخذن على هؤلاء الفتيات أنهن تحجبن مساء أمس، ليأتين صباح اليوم التالي داعيات واعظات، ربما هذا مصدر ‘’غيظ’’ بعض اللاتي قاومن الفكرة فترة من الزمن. إلا أن محمود تعطي تفسيراً للأمر بقولها ‘’من لديه قضية ويتحمس لها ويخلص، لا بد أن ينجح يوماً ما (...) من الطبيعي أن يقرأ صاحب القضية في قضيته ويتعمق في القراءة، ويتحدث عنها في كل محفل (...) عندما تسألني اليوم عن آخر كتاب قرأته في مسألة الحجاب سأجيبك ليس قبل 15 عاماً’’. تضيف ‘’لأنني تجاوزت الموضوع وصار الحجاب اليوم جزءاً مني ومن كثير من نساء المجتمع وربما ليس فيه الكثير ليقال أيضاً، فتم طرح الكثير من المسائل والشبهات والردود من كل الأطراف (...) فلم تعد مسألة الحجاب (قضية) بالنسبة لي الآن لكنها كانت كذلك قبل 30 عاماً مثلا (...) كنت أقرأ يومياً، أناقش يومياً وبشكل مكثف عن موضوع الحجاب لأدافع عن هذه القضية وأهضمها تماماً، كان شبه البرنامج والواجب بالنسبة لي’’.



التنظيم للحجاب.. ولما وراءه

على الضفة ‘’الإصلاحية’’ لم ترغب محمود في الاستطراد عن ‘’تنظيم’’ جنيني للحجاب، تكتفي بالقول ‘’كنا 15 فتاة تجمّعنا في البداية (...) ربما هي الفكرة ناتجة أننا واجهنا مشكلة من المجتمع الذي لم يتقبلنا في مطلع الأمر (...) كانت غالبية اجتماعاتنا تجرى في المدرسة (...) نذهب إلى معلمتنا سعاد المير ونجلس إليها فنجد اطمئناناً (...) كان لديها ما يشبه الرسالة وكنا نتلقاها بشغف، توجِّهنا تربوياً خارج نطاق الدرس’’.

تضيف ‘’كانت لدينا فرق تتحرك خارج المدرسة (...) لا أنسى تلك الأيام التي كان الحجاب فيها ينتشر بسرعة كبيرة ومفرحة لنا (...) كانت اتصالاتنا لا تنقطع ببعض وكانت لدينا تقارير يومية عن انتشار الحجاب والعدد الجديد الذي انضم إلى الركب فأصبحنا عدداً كبيراً ملفتاً (...) كانت لدينا الرغبة في تنظيم أمورنا أكثر لكننا لم نكن منظمات بالشكل المعروف للتنظيمات’’. ولكن على ضفة ‘’الخوانم’’ يبدو الأمر أكثر وضوحاً لدى مرادي، التي تقول ‘’المعلمات والدروس والأشرطة الدينية من الطائفتين، والأناشيد التي بدأت تظهر في تلك الفترة كانت سندنا النفسي وزادنا الذي يغذينا لكي نستمر فيما نحن ماضيات فيه (...) ظلت الأشرطة والأناشيد الدينية تزودنا بالحماس بشكل كبير’’.

مازالت ذاكرتها خصبـة لتتذكر نشيدا مكرسا للحـجاب في تلك الأيام يقول:

‘’فليقولوا عن حجابي لا وربي لن أبالي
وليغالــوا في عتـابي إنه يفني شبابي
لن ينالـوا مــن ردائي إنه رمز النقاء
سرت والتقـوى ردائي خلف خيل الأنبياء’’


رد مع اقتباس