عرض مشاركة واحدة
قديم 11-18-2003, 04:45 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي








الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم
-رحمة الله-


طفولته وشبابه

ولد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم عام 1912م، ونشأ في كنف الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم الذي اشتهر بالورع والتقوى وسمو الأخلاق وحبه الكبير لمواطنيه، فصاحب السمو المغفور له الشيخ سعيد آل مكتوم لا يختلف اثنان على انه حاكم محبوب من شعبه بما اتسم به سموه، رحمه الله من حكمة وسعة صدر وخلق عظيم ورجاحة عقل وقدرة على مواجهة مثل تلك الظروف القاسية بصبر وإيمان عميق يكمن في نفس مؤمنة بأن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق العظيم. وترعرع الشيخ راشد رحمه الله وطيب ثراه في كنف شيخة فاضلة. والدته المرحومة الشيخة حصة بنت المر التي كانت لها مكانة خاصة في نفوس المواطنين. وهي كما يقول أهل دبي: 'إن حصة بنت المر كانت أماً ليست لراشد فحسب، بل أماً لدبي أجمعها'. وفي جو يسوده التقدير والاحترام المتبادل بين الحاكم والرعية نشأ راشد. وفي مناخ ديمقراطي فريد يقف فيه المواطن حراً طليقاً بفكره ولسانه ومنطقه أمام حاكم البلاد، معبراً عما يجول في نفسه دونما خوف أبداً. كان راشد رحمة الله عليه يراقب عن كثب أسلوب والده، المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، رحمه الله، فاقتبس ما شاء له ان يقتبس من صور تمثل الديمقراطية كما عرفها مجتمعنا دونما زيف أو تلوين، تلك الديمقراطية التي كانت تنبع من منبع عربي إسلامي بدوي أصيل. ومما لاشك فيه أن الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم رحمه الله، والشيخة حصة بنت المر رحمة الله عليها، كانا المؤثرين في حياة راشد. فهما اللذان أحاطاه بالرعاية والعناية الأبوية. تلقى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم دراسته الأولى في الكتاتيب في ذلك العصر الذي كانت تفتقر فيه المنطقة الى وجود المدارس النموذجية. وتعلم سموه ما شاء له أن يتعلم من علوم الفقه واللغة العربية التي كانت توفرها تلك المدارس في ذلك الحين.



ومع بداية الدراسة النظامية بمدرسة 'الأحمدية' التي أسست في أوائل هذا القرن ببر ديرة كان الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم من أوائل الطلبة المنتظمين في فصولها، حيث نهل العلم من خيرة المعلمين الذين كانت تستوعبهم تلك المدرسة، فتفقه في العلوم الدينية الى جانب علوم اللغة العربية والتاريخ والحساب والجغرافيا في وقت مبكر من عمره. ومنذ طفولته اتصف راشد بصفة الرجل المكتمل مختلفاً في تلك الصفة اختلافاً كبيراً عن رفاقه وزملائه. فقد كان أسلوبه في الحياة ينم عن فكر ناضج سابق لعصره. لم يكن راشد محباً للعب أو اللهو كغيره من الزملاء، لقد كان في شبابه شاباً مثابراً وجاداً وباحثاً عن كل ما يرفع الهامات ويسمو بالهمم، نحو الفضائل وسمو الغايات. ومنذ شبابه كان راشد حريصاً كل الحرص على ان يكون لدبي شأن خاص ومكانة خاصة وأسلوب مميز لا مثيل له في الاستعداد لمستقبل بدأ يلوح في الأفق. ويؤكد من عاصر راشداً من رفاق الصبا، أن سموه كان يلتهب حماساً ويتدفق نشاطاً من أجل أن يخلق من الصحراء مدينة حديثة تباهي في جمالها مدن العالم المعاصر.

وانطلق الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم منذ صباه الباكر نحو التشييد والبناء، وكان لابد له أن يحدث ثورة عمرانية لم تشهدها البلاد من قبل، ولكن كل ذلك يحتاج الى عطاء لا ينضب وجهد لا يعرف الكلل أو الملل، والشيخ راشد حباه الله سبحانه وتعالى هذه الميزة التي جعلت منه قائداً بارزاً منذ طفولته. وبكل ماتحمل كلمة 'قائد' من معان، برز راشد كقائد شاب منذ عهد شبابه الباكر، واستطاع بكل مقدرة أن يكسب من حوله الرجال كسباً قائماً على الكفاءة التي بدأت تظهر بوضوح على هذا القائد الشاب، والتي لمسها رفاقه فيه عن جدارة واستحقاق. اكتسب راشد من التجارب في بداية شبابه الشيء الكثير، وعلمته الأيام والسنون ما شاء لها أن تعلمه، فاتسعت درايته، ولمعت حنكته السياسية، وظهرت جدارته للعيان مبشرة بقدوم قائد فذ وسياسي محنك يشار اليه بالبنان. فراشد بن سعيد آل مكتوم كان قريباً من القرارات الهامة التي اتخذت من حين لآخر لادارة شؤون البلاد في تلك الحقبة التاريخية، وكان راشد في أحيان كثيرة الرجل المؤثر تأثيراً مناسباً وحكيماً فيما يصادفه من حالات تتطلب علاجاً خاصاً. وعلى هذا المنوال بدأت مسيرة هذا القائد، منوال الجد والحزم والعزم والمثابرة والتصميم وفرض الهيمنة الشرعية في ربوع البلاد، فكانت بحق بداية موفقة تكللت ولله الحمد بالنجاح في جميع مراحل انطلاقتها بعون من الله وتوفيقه. رحم الله قائد مسيرتنا وطيب ثراه، وبارك الله في أنجاله، ووفقهم إلى ما فيه خير البلاد وصلاح العباد.


Cant See Links


راشد المسيرة والبناء

يقف المواطن في دولة الامارات العربية المتحدة فخوراً ومتباهياً ومعتزاً كلما اقترب عن كثب من الانجازات التي حققها فقيد البلاد الراحل المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم راعي المسيرة والبناء. راشد بن سعيد آل مكتوم كان رجلاً سياسياً قديراً استطاع ان يخلق علاقات أخوية وثيقة بينه وبين جميع الحكام بدول الخليج العربي في كل الظروف وفي جميع الأوقات والأزمنة، تتردد على ألسنة الناس هنا وهناك عبارات الثناء والإعجاب بهذا الرجل الذي كان اتحاد اماراتنا لبنة من لبنات أفكاره العظام التي امتزجت بطموحات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان واندمجت بآمال اخوانهما حكام الإمارات.

إن المجالس في بلادنا هي المكان الذي تعودنا ان نسمع فيه وعن طريقه آراء الناس, الأصدقاء, الإخوة ,الأهل, الأقارب ... كل المواطنين صغيرهم وكبيرهم في نقائهم العربي الأصيل ويكاد أبناء خليجنا يتفقون في هذه الصفة الحسنة ألا وهي التعبير عن آرائهم بكل صدق وصراحة. ومنذ ما يزيد على عشرين عاما وأنا أطوف بمختلف المجالس قبل الاتحاد وقبيل الإعلان عنه، وعن طريق سنواته الأولى وبعد أن شب وترعرع واشتد عوده وبعد أن أضحى الاتحاد اليوم صرحاً شامخاً. .. وفي تلك المجالس وطوال تلك الفترة كنت أستمع الى هذا وأنصت الى ذاك يحدثني الرجل الأكبر سناً من راشد. يحدثني عنه حديثا يطول أو يقصر .. يتعلق بسياسة أو اقتصاد أو بناء أو غيره، ويعود بي في نهاية حديثه الى عبارة واحدة هي أن راشد لا مثيل له وأنه رجل من نوع نادر ومن طراز خاص ويحدثني رجل آخر. رجل من أولئك الرجال الذين يعتبرون من أبناء جيل راشد ومن الذين عاشوا عهد بداية النهضة وعاصروا حركته الدؤوبة وانطلاقته الميمونة نحو البناء والتعمير في مختلف الأصعدة، ويجرنا الحديث الى عصر ما قبل النفط ويتدرج محدثي في سرده للوقائع والحقائق إلى أن يصل بي في نهاية المطاف قائلاً:




راشد شخصية عربية فذة

وأجلس مع هذا يحدثني بعفوية أهلنا التي تعودنا عليها الخالية من كل 'لف أو دوران' البعيدة كل البعد عن النفاق والرياء .. الصادرة من القلب. أجلس معه نتجاذب أطراف الحديث، ويسهب محدثي تارة، ويوجز تارة أخرى وأنا أستمع إليه دون قصد مني في الكتابة أو التأليف أو الرصد لمثل هذه الأحاديث أو تلك. ويطوف محدثي بذكرياته ويحدثني في أمور شتى ويتطرق في حديثه الى الكيفية التي كان يعالج بها راشد الأزمات، وما أن ينهي محدثي كلامه إلا وأرى علامات الاعجاب والتقدير لهذا الرجل بادية على وجهه. فيقول وبكل صدق وحرارة:



'راشد. راشد'

أي انه إسم على مسمى. فقد كان حكيماً، سديد الرأي، يعالج الأزمات على هذا الأساس، وعلى ذلك النحو وبهذا الأسلوب المتسم بالحنكة والفطنة والدراية الواسعة. وانتقل من مجلس إلى آخر ومن جيل إلى جيل إلى جيل. جيل الشباب. ومع هذا الجيل يكون الحديث أشمل. والحوار أكمل. والأسلوب أجمل، المقارنة أدق والتحليل أكثر دقة، ومحدثي هذه المرة رجل نال من التعليم العالي والثقافة الواسعة ما يجعله في مكانة اجتماعية مرموقة، استمع إليه وأنا كلي آذان صاغية فما يصدر عن هذا الرجل وغيره من أبناء جيله يمثل رأياً لجيل حديث من أجيال شبابنا الواعي الذين تلقوا العلوم والثقافة من مصادر مختلفة واطلعوا على حضارات وثقافات العديد من الشعوب وتنقلوا بين أمريكا، وأوروبا، وآسيا وافريقيا، واستراليا. . يحدثني صاحبي هذا حديث المنقب والباحث الجاد والمنصف .. فيقارن تارة ويحلل تارة أخرى. ويبدي وجهة نظر علمية وموضوعية ويطول الحديث مع هذا الشاب الواسع الاطلاع. ويعقب عليه مثقف آخر .. ويضيف الى معلوماته شخص ثالث معلومة جديدة، ويتبادل الشباب أحاديثهم المبنية على العلم والمعرفة فيختلفون في بعض الامور ويتفقون في بعضها ولكنهم كلهم يجمعون على أن:

راشداً عقلية فذة

والتقي محض الصدفة رجلاً من أبناء دول مجلس التعاون واستمع اليه دون سابق معرفة الى حديث يتصل بالموضوع نفسه. . فالرجل الخليجي هذا لا أعرفه. ولا يعرفني. لقد التقينا كما يلتقي الأخوة الخليجيون في سفراتهم من حين لآخر ويتعارفون بمجرد أن يلقي أحدهم نظرة على الآخر. لقد جمعتني الصدفة بذلك الرجل في أحد الفنادق في ذلك البلد الأوروبي البعيد. وما ان علم بأنني من أبناء الإمارات حتى بدأ صاحبي حديثه عن طيب الذكر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم .. والآن وبعد مضي هذه الفترة الطويلة بيني وبين صاحبي الخليجي فقد نسيت كل ما قاله من حديث إن دل على شيء فإنما يدل على حب وتقدير أهل الخليج لذلك القائد الفذ. اللهم إلا عبارة واحدة ظلت عالقة في ذاكرتي رغم تزاحم الهموم والأعباء ألا وهي:

'محظوظون أنتم براشد'. عبارة قالها. ثم افترقنا ذاهباً كل منا في شأنه. وبقيت جملته نبراساً يضيء بين حين وآخر ذاكرتي'.
الصفات القيادية لدى راشد

لكل قائد صفات معينة يجب توافرها فيه لكي يمتلك عوامل النجاح القيادية، وبدون تلك الصفات فإنه بلا شك لن يكون قادراً على التأثير فيمن حوله تأثيراً يمكنه من تسيير دفة الأمور على الوجه الأكمل. وقد كان لدى المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم صفات قيادية متميزة، فهو بحق قائد موهوب منحه الله سبحانه وتعالى صفات القائد الناجح، ومن أبرز تلك الخصال:

القدرة على التخطيط المستقبلي

استخدم المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم التخطيط المستقبلي بكافة أشكاله في بناء نهضته الشاملة وسيرته الخيرة، سواء كان ذلك بالنسبة لرقي وتطوير إمارة دبي، أو فيما يتعلق ويختص بالمسيرة الاتحادية التي يشكل أحد أبرز أقطابها. واستخدم راشد التخطيط طويل المدى وقصير المدى، فكان إذا ارتأى أن الحاجة فقط تدعو إلى خطة قصيرة، شرع في تنفيذها تنفيذاًَ يتلاءم والحاجة إليها أما إذا أراد أن يضع خطة طويلة الأجل، فإن تخطيطه يكون مثارا للإعجاب والدهشة، فقد كان رحمه الله يخطط للآجال الطويلة بكل دقة وعمق وتركيز، والشواهد على ذلك عديدة، والحديث عنها تنطق به المنجزات العملاقة التي تحققت على أرضنا.

القدرة على التحليل والمقارنة

من بين خصاله وصفاته العديدة القدرة على التحليل والمقارنة، فراشد بن سعيد آل مكتوم كان رجلاً وحاكماً من ذلك النوع الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على التحليل والمقارنة. وقد كان ذلك الأسلوب واحداً من أساليبه التي اعتمد عليها في ممارسة مهامه ومسؤولياته المنوطة به كرجل يعتلي سدة الحكم وقمة المسؤولية في هذه البلاد. ومن هذا المنطلق، فإن قضية التطوير والرقي وشموليتها بالنسبة لدبي والإمارات بصفة عامة، والوصول بالبلاد إلى مقدمة الركب الحضاري ليس فقط على المستوى الخليجي، وإنما على المستويين العربي والعالمي، كانت واحدة من أهم أهدافه، وبالتالي فقد اتخذ من التحليل والمقارنة لكافة ما يصادفه خلال تلك العملية التنموية أسلوباً مميزاً في حياته.


رد مع اقتباس