عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2003, 09:08 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي








الجنبية في التراث اليمني

الجنبية في التراث اليمني كالوردة في المجتمعات المتحضرة




ولدت قبل الميلاد.. حيث تشير الدلائل التاريخية إلى أن بداية ظهورها كان في الألف الثالث قبل الميلاد .. تؤكد ذلك شواهد قبور لا تزال موجودة في محافظة حضرموت وتحديداً في منطقة الجول الجنوبي كمسلات ضمن الأحجار الدائرية التي تحدد القيود القديمة من تاريخ وقتها منحوت عليها شكل الخنجر الهلالي وتعد هذه الشواهد من أقدم الشواهد على الإطلاق وربما يؤول تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد وهو ما يكشف عنه تمثال «معدي كرب» .



والذي يظهر فيه شكل الجنبية في صورتها الأولى .وتأتي النقود الذهبية الحميرية والتي زينت بها معظم مقابض الجنبية اليمنية القديمة كما يشير موقع «ايلاف» لتقف في صف الرأي الأخير .. وسميت بهذا الاسم لوقوفها بجانب الرجل في سرائه وضرائه وملازمتها لجنبه في حله وترحاله ..


الجنبية .. وردة وخرافة ووفاء !!


قد يتساءل المرء عن ماهية الجنبية وما فوائدها أو استعمالاتها ؟.. ويكفي ان نعرف انه في حين انخفاض قيمة السلعة العادية «أي سلعة» بقدمها ومرور الوقت على شرائها أو صناعتها فان ذلك لا يجري على الجنبية لأنها كلما تقدم بها السن وتعاقبت عليها السنون مدتها بالنضارة والبهاء فتغدو تحفة أثرية ذات قيمة عالية.



وهناك جنابي مرت عليها قرون كاملة وهي تنتقل بالوراثة من جيل إلى آخر لتصبح رمزا للعائلة التي ورثتها عن الآباء والأجداد ..


إن اليمني الذي يرث جنبية قديمة يحافظ عليها كجزء من مقوماته الشخصية ولا يفرط فيها اويبيعها فبيعها يعتبر من المحرمات في القاموس اليمني بل عار يحسب عليه وخصوصا «الجنبية الصيفاني» فإن قيمتها المعنوية تشعره بالزهو والافتخار الزائد .. ومهما كان الإنسان اليمني مدججاً بالسلاح فإن ذلك لا يغنيه عن الجنبية لأن الناس لا ينظرون إلا إليها فتقديرها وحبها يصل إلى درجة العشق.


إنها الإنسان اليمني بتاريخه ومصدر فخره وفطانته. ويظهر ذلك جلياً في عاداته وتقاليده فهي أساس مهنته .. وللجنبية استعمالات عديدة فعندما يحتدم النزاع ويحمي الوطيس بين شخصين أو قبيلتين مثلا وتتوتر العلاقات وتتصادم الرؤى ولا يبقى مجال للنقاش أو التفاهم .. تظل الجنبية ترقب المشهد عن كثب.. في مثل هذه الحالات وهذه الأجواء المشحونة والمتوترة هناك طريقتان لاستعمال الجنبية..


أولها وهي الأقرب إلى ذهن القارئ الذي تربى على العنف ومشاهدة الأفلام البوليسية والقتالية وهي امتشاقها من احد الأطراف ليبدأ طعنا في الطرف الآخر وهي الطريقة البعيدة كل البعد عن استعمالاتها في اليمن إلا في حالات شاذة ونادرة والنادر لاحكم له كما يقال ..


أما الطريقة الأخرى وهي الشائعة والأصل في استخدام الجنبية بعد التزين والحبية بها هو«العدال» أو التحكيم الذي لايتم بدون الجنبية وطريقته أن يخرج احد الأطراف جنبيته ويصيح هذا عدالى إن أنا غلطان أو متعد على الطرف الآخر ويسلمها لطرف ثالث أو يخرجها ليسلمها للطرف الآخر مباشرة في حال إحساسه بغلطه ليقول «محكم لك» أي أنا معترف بخطئي وهذا إقرار مني بذلك وأنا رهن حكمك .. وهنا نستشف التشابه السري بين الوردة والجنبية التي ترفض العنف وتحب السلام وتعمل لأجله .



رقصة الوفاء


كما أنها وفية أيضا وهو من طبعها .. والوفاء يعني مشاركة الآخرين أفراحهم واتراحهم .. وعندما ينصت الفضاء لأغاريد جنبية راقصة فاعلم أن ثمة عيداً أو عرساً لا تكتمل ملامحه إلا بفرحة الجنبية تتهاوى في أيدي الراقصين ملوحين بها نحو السماء ..


في نشوة غامرة لايشعر بها الا من امتشق جنبيته ودخل الميدان وبدأ البرع والشرح «رقصات شعبية يمنية خاصة تؤدى على قرع الطبول والدفوف» لتستعرض الجنبية قدراتها على الإدهاش في حلبة الغناء الرحب .. تتعاون مع الندى .. وتوزع توهجها شموساً لا تجف .. وشلالات من اللؤلؤ المنثور .












الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس