عرض مشاركة واحدة
قديم 06-15-2010, 06:00 PM   رقم المشاركة : 7
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: البلاغةُ الواضِحَةُ


(5) النّداءُ
الأمثلةُ:
(1) كتبَ أبو الطيب إِلى الوالي وهو في الاعتقال :
أمَالِكَ رِقّي ومَنْ شَأنُهُ هِباتُ اللُّجَينِ وعِتْقُ العَبيدِ
دَعَوْتُكَ عِندَ انْقِطاعِ الرّجَا ءِ والمَوْتُ مني كحَبل الوَريدِ
(2) وقال أَبو نُواس :
يا رَبِّ إنْ عَظُمَتْ ذنوبي كثْرَةً …فَلَقَدْ عَلِمْتُ بأنَّ عَفْوَكَ أعظمُ
(3) وقال الفرزدق يفتخر بآبائه و يهجو جريرًا :
أُولَئِكَ آبَائي، فَجِئْني بمِثْلِهِمْ، إذا جَمَعَتْنا يا جَرِيرُ المَجَامِعُ
(4) وقال آخر :
أَيا جامِعَ الدنيَا لِغَير بَلاغَةٍ … لِمنْ تَجْمَعُ الدُّنْيَا وأنت تَمُوتُ؟
البحثُ :
إذا أَردنا إقبال أَحد علينا دعوناه بذكر اسمه أو صفة من صفاته بعد حرف نائب مناب أدعو، ويسمَّى هذا بالنداء.
وأَدوات النداء هي: الهمزة، و أي، ويا، وآ، وآي، وأيا، وهيا، ووا.
والأصل في نداء القريب أن ينادى بالهمزة أو أي. و في نداء البعيد أَن ينادَى بغيرهما من باقية الأدوات، غير أن هناك أسباباً بلاغية تدعو إِلى مخالفة هذا الأصل، و سنشرح لك هذه الأسباب فيما يأتي:
تأَمل ا المثال الأَول تجد المنادى فيه بعيداً، ولكن أبا الطيب ناداه بالهمزة الموضحة للقريب، فما السبب البلاغي هنا؟ السبب أَن أبا الطيب أراد أن يبين أن المنادَى على الرغم من بعده في المكان، قريب من قلبه مستحضر في ذهنه لا يغيب عن باله، فكأنه حاضر معه في مكان واحد. وهذه لطيفة بلاغيَّة تسوغ استعمال الهمزة وأي في نداء البعيد.
انظر إلى الأمثلة الثلاثة الباقية تجد المنادى في كل منها قريبا، ولكن المتكلم استعْمل فيها أحرف النداء الموضوعة للبعيد فما سبب هذا؟
السبب أن المنادى في المثال الثاني جليل القدر خطير الشأن فكأَنَّ بُعد درجته في العِظم بعدٌ في المسافة، ولذلك اختار المتكلم في ندائه الحرف الموضوع لنداء البعيد ليشير إلى هذا الشأن الرفيع. وأما في المثال الثالث فلأنَّ المخاطب في اعتقاد المتكلم وضيع الشأن صغير القدر فكأنَّ بُعد درجته في الانحطاط بعدٌ في المسافة. وأما في المثال الأخير فلأن المخاطب لغفلته و ذهوله كأنه غير حاضر مع المتكلم في مكان واحد.
و قد تخرج ألفاظ النداء عن معناها الأصلي و هو طلب الإِقبال إلى معان أخرى تستفادُ من القرائن، و من هذه المعاني ما يأتي:
(1) الزجر كقول الشاعر :
يا قلب ويْحك ما سمعتَ لنَاصِحٍ …لَمَّا ارْتَميْتَ ولا اتقَيْتَ ملامًا
(2) التحسر و التوجع ،قال الحُسَين بن مُطَير الأَسَدِي :
فيا قَبْرَ مَعْنٍ كَيْف وارَيْتَ جُودَهُ ... وقَدْ كانَ مِنْه البَرُّ والبَحْرُ مُتْرعَا
(3) الإِغراء كقولك لمنْ أقبل يتظلم: يا مظلومُ تكلم.
القواعدُ:
(52) النّداءُ طَلَبُ الإِقْبَال بحَرْفٍ نَائِبٍ منَابَ أَدْعُو.
(53) أدوات النِّدَاءَ ثمان : الْهَمْزَةُ، و"أي"، و"يَا"، و"آ"، و"آي" و"أَيا"، و"هيَا"، و"وا".
(54) الهمزة وأي لنداء القريب، وغيرهما لنداء البعيد.
(55) قد ينزل البعيد منزلة القريب فينادَى بالهمزة و"أي"، إشارةً إلى قُربه من القلب و حضوره في الذهن.
وقد ينزَّلُ القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة و"أي"، إشارةً إلى عُلُوِّ مرتبته، أو انحطاط منزلته، أو غفلته وشرود ذهنه.
(56) يخرج النداءُ عن معناه الأصليِّ إلى معان أخرَى تستفادُ من القرائن، كالزجر والتحسر والإغراء.
نموذجٌ
لبيان أدوات النداء في الأمثلة الآتية، وما جرى منها على أصل وضعه في نداء القريب أو البعيد، وما خرج عن ذلك مع بيان السبب:
(1)قال الشاعر :
أَبُنَيَّ إِنَّ أَباكَ كارِبُ يَومِهِ ... فإِذا دُعِيتَ إِلى المَكارِمِ فاعْجَلِ
(2) وقال الشاعر :
يا منْ يرجَّى للشدائد كلِّها … يا منْ إليه المشتكَى و المفزعُ
(3) و قال أبو العتاهية :
أيا منْ عاشَ في الدنيا طويلاً …و أفنَى العمرَ في قيلٍ وقالِ
وأتعبَ نفسَه فيما سيفنَى … يجمَّعُ منْ حرامٍ أو حلالِ
هبِ الدنيا تقادُ إليكَ عفواً … أليسَ مصيرُ ذلك للزوالِ؟
(4)و قال سوار بن المُضَرَّب :
ياأيها القلبُ هلْ تنهاكَ موعظةٌ … أو يُحدِثَنْ لك طولُ الدهرِ نسيانا
(5) وكتب والدٌ لولده ينصحه :
أَحُسَيْنُ إنِّيَ واعِظٌ وَمُؤَدِّبُ فَافْهَمْ فَأَنْتَ العَاقِلُ المُتَأَدِّبُ
الإجابةُ
(1) الأداة "الهمزة" و قد استعملت في نداء القريب جرياً على الأصل.
(2) الأداة "يا" وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل، إشارة إلى علو مرتبة المنادى وارتفاع شأنه.
(3) الأداة "أيا" وقد استعملت في ندا ء القريب على خلاف الأصل، إشارة إلى غفلة المخاطب.
(4) الأداة "يا" وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل، إشارة إلى أنَّ المنادى غافل لاه فكأنه غير قريب.
(5) الأداة " الهمزة " وقد نودي بها البعيد على خلاف الأصل، إشارة إلى أن المنادَى حاضر في الذهن لا يغيب عن البال فكأنه حاضرُ الجثمان.
تمريناتٌ
(1) بيِّن أدوات النداء في الأمثلة الآتية، وما جرى منها على أصل وضعه في نداء القريب أو البعيد، و ما خرج منها عن ذلك مع بيان الأسباب البلاغية في الخروج:
(1) قال أبو الطيب :
يا صائِدَ الجَحْفَلِ المَرْهوبِ جانِبُهُ إنّ اللّيوثَ تَصيدُ النّاسَ أُحْدانَا
(2) وقال الشاعر :
أيا رَبِّ قَدْ أَحْسنتَ عودًا و بدْأةً… إليَّ فلم ينْهَضْ بإحْسانكَ الشكْر
(3) وقال الشاعر :
أَسُكَّانَ نَعْمَانِ الأَرَاكِ تَيَقَّنُوا بأنَّكمْ في ربعِ قلبيَ سكَّانُ
(4)و قال تعالى يحكى قول فرعون لموسى علبه السلام: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} (101) سورة الإسراء.
(5)و قال أبو العتاهية :
أيا منْ يُؤَمِّل طولَ الحياة …و طولُ الحياة عليه خطر
إذا ما كبِرْتْ وبانَ الشَّبابُ …فلا خيرَ في العيش بعدَ الكبر
(6) و قال أبو الطيب في مدح كافور من قصيدة أنشده إياها :
يا رَجاءَ العُيُونِ في كلّ أرْضٍ لم يكُنْ غيرَ أنْ أرَاكَ رَجَائي
(7) أي بُنَيَّ أعدْ عليَّ ما سمعت مني.
(8) أمحمدُ لا ترفعْ صوتكَ حتى لا يسمعَ حديثنا أحدٌ.
(9) أيا هذا، تنبهْ فالمكارهُ مُحْدِقَةٌ بك.
(10) يا هذا لا تتكلمْ حتى يُؤْذَنَ لكَ.
(2)نادِ منْ يأتي، مستعملاً أدوات النداء استعمالاً جارياً على خلاف الأصل من حيث قرب المنادَى وبعده، وبين العلل البلاغية في هذا الاستعمال:
(1) غائباً تحنُّ إلى لقائهِ. (3) منصرفاً عنْ عمله تدعوه إلى الجدِّ.
(2) سفيهاً تنهاهُ عن التعرضِ للكرام. (4) عظيماً تخاطبهُ و ترجوهُ أن يساعدكَ.
(3)ماذا يرادُ بالنداء في الأمثلة الآتية:
(1) وقال الشاعر :
أعدَّاءُ ما للعيشِ بعدك لذةٌ …و لا لخليلٍ بهجةٌ بخليلِ
(2) يا شجاعُ أقدمْ (تقوله لمن يترددُ في منازلة العدو).
(3) وقال الشاعر :
دَعوتُك يا بُنيِّ فلم تجِبْني ... فَرُدّت دَعْوِتي يأساً عليِّ
(4) وقال الشاعر :
بالله قُلْ لي يا فُلا نُ وَلي أقولُ وَلي أُسائِلْ
أتُرِيد في السّبعِينَ ما قد كنتَ في العشرينَ فاعلْ
(5) وقال الشاعر :
يا دارَ عاتكةَ حيِّيتِ منْ دارِ …سيَّرْتُ فيكِ و فيمنْ فيكِ أشعاري
(4)أجب عما يلي :
(1) هات مثالين للهمزة المستعملة في نداء البعيد، وبين السبب في خروجها عن أصل وضعها في كل من هذين المثالين.
(2) هات مثالين للمنادى القريب المنزَّل منزلة البعيد لعلو مكانته.
(3) " " " " " " لانحطاط منزلته.
(4) " " " " " " لغفلته و شرود ذهنه.
(5) مثل للنداء المستعمل في التحسر والزجر والإغراء.
(5)انثر البيتين الآتيين نثرا فصيحاً وهما لأبي الطيب، وبين الغرض من النداء :
يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
================
القصرُ
تعريفه- طرقه- طرَفاه
الأمثلةُ:
(1) لا يفوز إلا المجدُّ.
(2)إنما الحياةُ تعبٌ .
(3) الأرضُ متحرِّكةٌ لا ثابتة.

(4) ما الأرضُ ثابتةً بلْ متحركةٌ.
(5) ما الأرضُ ثابتةً لكن ْمتحركةٌ.
(6) على الرجالِ العاملين نثني.
البحثُ:
إذا تأملت الأمثلة السابقة رأيت أنَّ كل مثال منها يتضمن تخصيص أمر بآخر، فالمثال الأول يفيد تخصيص الفوز بالمجد، بمعنى أن الفوز خاص بالمجد لا يتعداه إلى سواه. والمثال الثاني يفيد تخصيص الحياة بالتعب، بمعنى أن الحياة وقفٌ على التعب لا تفارقه إلى الراحة. وهكذا يقال في بقية الأمثلة.
وإذا أردت أن تعرف منشأ هذا التخصيص في الكلام، كفاك أن تبحث في الأمثلة قليلاً. خذ المثال الأول مثلا و احذف منه أداتي النفي والاستثناء، تجد أن التخصيص قد زال منه وكأنه لم يكن، إذاً النفي والاستثناء هما وسيلة التخصيص فيه، وبمثل هذه الطريقة تستطيع أن تدرك أن وسائل التخصص في الأمثلة الباقية هي: إنما: والعطف بلا، أو بل، أو لكن، و تقديم ما حقه التأخير. ويسمي علماء المعاني التخصيص المستفاد من هذه الوسائل بالقصر، ويسمُّون الوسائل نفسها طرق القصر.
ارجع إلى الأمثلة مرة أخرى وابحث فيها واحدا واحداً : تجد المتكلم في المثال الأول يقصر الفوز على المجد فالفوز مقصور، والمجد مقصور عليه، وهما طرفا القصر. و لما كان الفوز صفة من الصفات والمجدُّ هو الموصوف بهذه الصفة، كان القصر في هذا المثال قصر صفة على موصوف، بمعنى أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر. وتراه في المثال الثاني يقصر الحياة على التعب. فالحياة مقصورة والتعب مقصور عليه ولما كانت الحياة موصوفة والتعب صفة لها كان القصر في هذاالمثال قصر موصوف على صفة بمعنى إن الموصوف لا يفارق صفة التعب إلى صفة الراحة ،ولو أنك تدبرت جميع أمثلة القصر ما ذكر منها هنا و ما لم يذكر، لوجدت كلَّ مثال يشتمل على مقصور و مقصور عليه، و وجدت القصر لا يخلو عن حال من الحالين السابقين. فهو إما قصر صفة على موصوف، وإما قصر موصوف على صفة.
وإذا أردت أن تعرف ضوابط تسهِّل عليك معرفة كلٍّ من المقصور و المقصور عليه في كل ما يرد عليك، فانظر إلى القواعد الآتية تجد ذلك مفصَّلاً.
القواعدُ:
(57) القصرُ تخصيصُ أمرٍ بآخرَ بطريقٍ مخصوصٍ.
(58) طرقُ القصرِ المشهورةِ أربعٌ :
(أ) النفي، والاستثناء، وهنا يكون المقصور عليه ما بعد أداة الاستثناء.
(ب) إنما، ويكون المقصور عليه مؤخراً وجوبا.
(جـ) العطف بلا، أو بل، أو لكن، فإنْ كان العطف بلا كان المقصور عليه مقابلا لما بعدها، وإن كان العطف ببل أو لكن كان المقصور عليه ما بعدهما.
(د) تقديم ما حقُّهُ التأخير. وهنا يكون المقصور عليه هو المقدَّم.
(59) لكلِّ قصرٍ طرفانِ: مقصورٌ،و مقصورٌ عليه.
(60) ينقسمُ القصرُ باعتبار طرفيهِ قسمين:
(أ) قصرُ صفةٍ على موصوفٍ.
(ب) قصرُ موصوفٍ على صفةٍ.
================





الْفَصلُ والوصلُ
(1) موَاضِع الْفَصْلِ
الأمثلةُ:
(1) قال أبو الطيب :
وَمَا الدَّهرُ إِلا مِنْ رُوَاةِ قصائدي…إذَا قُلتُ شِعْرًا أَصْبَحَ الدهرُ مُنْشِدَا
(2) وقال أَبو العلاء :
والنّاسُ بالنّاسِ من حَضْرٍ وبادِيَةٍ، بعضٌ لبعضٍ، وإن لم يَشعُروا، خدَم
(3) وقال تعالى: {.. يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} (2) سورة الرعد
(4) و قال أَبو العتاهية :
يا صاحبَ الدُّنْيَا الْمُحِبَّ لها… أَنْتَ الذي لاَ ينقضي تَعَبُهْ
(5) وقال آخر :
وَإنَّمَا الْمَرْءُ بأَصْغَرَيْه … كُلُّ امرئ رَهْنٌ بمَا لَدَيْهِ
(6)و قال أَبو تمام :
لَيْسَ الْحِجَابُ بمُقصٍ عنْكَ لي أَملاً … إِنَّ السَماءَ تُرَجَّى حِينَ تَحْتجِبُ
البحثُ :
يقصِد علماء المعاني بكلمة " الوصْل " عطفَ جملة على أخرى "بالواو" كقول الأبيوَرْدى يخاطب الدهر :
فَالعَبْدُ رَيّانُ ِمنْ نُعْمى يَجودُ بِها والحرُّ ملتهبُ الأحشاءِ منْ ظمإِ
و يقصدون بالفصل ترك هذا العطف، كقول المعري :
لا تَطْلُبَنَّ بآلةٍ لَكَ حاجةً … قَلمُ البليغ بغيْر حظٍّ مِغْزَلُ
هذا ولكل من الفصل والوصل مواطنُ تدعو إليها الحاجة ويقتضيها المقام، و سنبدأ لك بمواطن الفصل:
تأمل أَمثلة الطائفة الأولى تجد بين الجملة الأولى والثانية في كل مثال تآلفاً تامًّا، فالجملة الثانية في المثال الأَول، و هي "إذا قُلتُ شِعْرًا أصْبح الدهرُ مُنشِدًا " لم تجئ إلا توكيدًا للأولى، وهي جملة "و ما الدهرُ إلا من رواة قصائدي " فإِن معنى الجملتين واحد. والجملة الثانية في المثال الثاني "بعضٌ لبعض وإِن لم يشعرُوا خدمُ " ما جاءَت إِلا لإِيضاح الأولى "الناسُ للناس من بدوٍ و حاضرة " فهي بيان لها، والجملة الثانية في المثال الثالث جزء من معنى الأولى لأَن تفصيل الآيات بعضٌ من تدبير الأمور، فهي بدل منها، ولا شك أنك لَحَظْتَ أن الجملة الثانية مفصولة عن الأولى في كل مثال من الأمثلة الثلاثة، و لا سر لهذا الفصل سوى ما بينهما من تمام التآلف وكمال الاتحاد . ولذا يقال: إن بين الجملتين كمالَ الاتصال.
تأمل مثالي الطائفة الثانية تجد الأمر على العكس، فإنَّ بين الجملة الأول والثانية في كل مثال منتهَى التباين و غايةَ الابتعاد، فإنهما في المثال الرابع مختلفان خبرًا وإنشاء. و هذا جلي واضح. أما في المثال الخامس فأنه لا مناسبة بينهما مطلقا إذ لا رابطة في المعنى بين قوله: " و إِنما المرءُ بأصغريه " و قوله: "كل امرئ رهن بما لديه "، وهنا تجد الجملة الثانية في كل من المثالين مفصولة عن الأولى، ولا سر لذلك إلا كمالُ التباين و شدةُ التباعد ، ولذلك يقال في هذا الموضع إنَّ بين الجملتين كمالَ الانقطاع.
انظر إلى المثال الأخير تر أن الجملة الثانية فيه قوية الرابطة بالجملة الأولى، لأنها جواب عن سؤال نشأ من الأولى، فكأن أبا تمام بعد أن نطق بالشطر الأول توهم أن سائلا سأله، كيف لا يحولُ حجاب الأمير بينك وبين تحقيق آمالك؟ فأجاب: " إنَّ السماء ترجى حين تحتَجب " فأنت ترى أن الجملة الثانية مفصولة عن الأولى، ولا سر لهذا الفصل إلا قوة الرابطة بين الجملتين، فإن الجواب شديد الارتباط والاتصال بالسؤال فأشبهت الحالُ هنا من بعض الوجوه حال كمال الاتصال التي تقَدمت، و لذلك يقال إنَّ بين الجملتين شبهَ كمال الاتصال.
القواعدُ:
(62) الوصلُ عَطفُ جُملةٍ عَلَى أخْرَى بالواو، والفصلُ تَرْكُ هذا العطف، ولكلٍّ مِنَ الفَصْلِ والوصلِ مَوَاضِعُ خاصةٌ.
(63) يَجبُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْن في ثَلاَثَةِ مَواضعَ:
(أ)- أَنْ يَكونَ بَيْنَهُمَا اتِّحَادٌ تَامًّ، وذلك بأنْ تَكونَ الجمْلَةُ الثانيةُ تَوْكِيدًا لِلأولى، أَوْ بَيَاناً لها، أوْ بَدَلاً مِنْهَا، وَيُقَالُ حِينَئِذ إنَّ بَيْنَ الجملَتَين كَمَالَ الاتِّصَال.
(ب)-أنْ يَكونَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ تَامٌّ، و ذلكَ بأنْ تَخَتلفَا خَبَرًا وإنشاءً، أوْ بألا تَكونَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ مَا، وَيُقَالُ حِينَئِذ إن بَيْنَ الجمْلَتَيْن كَمَالَ الاِنْقِطَاع.
(جـ)- أَنْ تَكونَ الثَّانَيةُ جوابا عَنْ سُؤالٍ يُفْهَم مِنَ الأولى، وَيُقَالُ حِينَئِذٍ إِنَّ بَيْنَ الجمْلَتَيْن شِبْهَ كَمَال الاتِّصَال .
(2) مواضِعُ الوصلِ
الأمثلةُ:
(1) قال أَبو العلاء المعري :
وحبُّ العيشِ أعبدَ كلَّ حرٍّ، وعلّمَ ساغباً أكلَ المُرار
(2)و قال أبو الطيب :
وَللسرّ مني مَوْضِعٌ لا يَنَالُهُ نَديمٌ وَلا يُفْضِي إلَيْهِ شَرَابُ
(3)وقال أيضاً :
يُشَمّرُ لِلُّجِّ عَنْ ساقِهِ ويَغْمُرُهُ المَوْجُ في السّاحِلِ
(4) وقال بشارُ بن بُرد :
وأَدْنِ على القُربَى المُقَرِّب نَفْسَهُ ... ولا تُشْهِدِ الشُّورَى امرَأً غيرَ كاتِم
(5) لا وباركَ اللهُ فِيك: تجيبُ بذلك لمن قال:( هل لكَ حاجة أساعدك في قضائها)
(6) لا ولطَفَ اللهُ بهِ: تجيبُ بذلك منْ قال: (هل أبلَّ أخوكَ منْ علته)
البحثُ:
تأمل الجملتين " أَعْبَدَ كُلَّ حرٍّ " و " علم ساغبا أكل المُرار " في البيت الأول تجد أن للأولى منهما موضعا من الإعراب لأنها خبر للمبتدأ قبلها وإن القائل أراد إشراك الثانية لها في هذا الحكم الإعرابي وتأمل الجملتين : " لا يناله النديم " و " لا يفضي إليه شراب " في البيت الثاني تجد أن للأولى أيضا موضعا من الإعراب لأنها صفة للنكرة قبلها و أنه أريد إشراك الثانية لها في هذا الحكم و إذا تأملت الجملة الثانية في كل من البيتين وجدتها معطوفة على الجملة الأولى موصولة بها . و كذلك يجب الوصل بين كل جملتين جاءتا على هذا النحو.
اُنظر في البيت الثالث إلى الجملتين: " يشمِّر لِلُّجِّ عن ساقه"و " يغمُره الموج في الساحل " تجدهما متحدتين خبرَا متناسبتين في المعنى وليس هناك من سبب يقتضي الفصل ولذلك عطفت الثانية على الأولى، والمثال الرابع كذلك مكون من جملتين متحدتين إنشاء هما: " أدنِ " و " لا تشهد " وهما متناسبتان في المعنى وليس هناك من سبب يقتضي الفصل ولذلك عطفت الثانية على الأولى، هكذا يجب الوصل بين كل جملتين اتحدتا خبرًا أو إنشاء وتناسبتا في المعنى ولم يكن هناك ما يقتضي الفصل بينهما.
انظر في المثال الخامس إلى الجملتين: " لا " و " بارك الله فيك "تجد أن الأولى على خبرية والثانية إنشائية . وأنك لو فصلت فقلت: "لا باركَ الله فيك " لتوهم السامع أنك تدعو عليه في حين أنك تقصد الدعاء له، و لذلك وجب العدول عن الفصل إلى الوصل. وكذلك الحال في جملتي المثال الأخير، وفي كل جملتين اختلفتا خبرًا وإنشاء وكان ترك العطف بينهما يوهم خلاف المقصود.
القاعدةُ:
(64) يَجبُ الوَصْلُ بيَنَ الجملتين في ثَلاَثَة مَوَاضعَ:
(أ)- إذَا قُصدَ إشرَاكُهمَا في الحُكم الإعرابي.
(ب)-إذا اتْفَقَتَا خَبراً أوْ إنشاء وكانت بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ تَامةٌ، وَلَم يَكُن هُنَاكَ سَبَبٌ يقتضي الفصلَ بَيْنَهُما.
(جـ)- إذَا اخْتلَفَا خَبَراً و إنشاءً وَأوْهَمَ الفَصلُ خِلاف الْمَقصود.
نموذجٌ
لبيان مواضعِ الوصل والفصل فيما يأتي مع ذكر السبب في كل مثال:
(1) قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (6) سورة البقرة .
(2) وقال الأحنف بن قيس : " لا وفاء للكذوب ولا راحة لحسود " .
(3) وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} (70) سورة هود .
(4) وجاء في الحكم : كفاء بالشيبِ داءً ، صلاحُ الإنسان في حفظِ اللسان.
(5) وينسبُ للإمام علي كرم الله وجهه :
دَعِ الإسْرَافَ مُقْتَصِداً، وَاذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً، وَأَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ، وَقَدِّمِ الْفَضْلَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ.
(6) و لأبي بكر رضي الله عنه : أَمّا بَعْدُ أَيّهَا النّاسُ فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي ؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي ؛ ..
(7) وقال أبو الطيب :
إنّ نُيُوبَ الزّمَانِ تَعْرِفُني أنَا الذي طالَ عَجْمُها عُودي
(8) لا وكُفيتَ شرَّها. (تجيب بذلك من قال: أذهَبتِ الحُمَّى عن المريض؟)
(9) قال تعالى: { وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) } [الشعراء/132-134].
(10) وقال أبو العتاهية :
قَدْ يدرِكُ الرَّاقِدُ الهادِي برقْدَتِهِ وقَدْ يخيبُ أخُو الرَّوْحاتِ والدَّلَجِ
(11) وقال الغزي يشكو الناس :
يصدُّون في البأساءِ من غير علةٍ … و يمتثلون الأمرُ و النهيَ في الخفض
(12) وقال أبو العلاء المعري :
لا يُعجِبَنّكَ إقبالٌ يريكَ سَناً، إنّ الخُمودَ، لعَمري، غايةُ الضَّرَم
(13) وقال الشاعر :
يقولونَ إني أحملُ الضيمَ عندهم… أعوذُ بربي أنْ يضامَ نظيري
(14) وقال تعالى : {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} (49) سورة البقرة.
(15) وقال تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم :{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) } [النجم/3-5].
الإجابةُ
(1)فصل بين الجملتين، جملة : {سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم}، وجملة {لا يؤمنون} لأن بينهما كمال الاتصال إذ أن الثانية لا توكيد للأولى.
(2) وصل بين الجملتين لاتفاقهما خبرا وتناسبهما في المعنى. ولأنه لا يوجد هناك ما يقتضي الفصل.
(3) فصلت جملة { قالوا } عن جملة { و أوجس منهم خيفة } لأن بينهما شبه كمال الاتصال، إذ الثانية جواب لسؤال يفهم من الأولى كان سائلا سأل : فماذا قالوا له حين رأوه و قد داخله الخوف؟ فأجيب { قالوا لا تخفْ }.
(4) فصل بين الجملتين لأنَّ بينهما كمالَ الانقطاع، إذ لا مناسبة في المعنى بين الجملة الأولى والجملة الثانية.
(5) وصل بين الجمل الأربع لاتفاقها إنشاء مع وجود المناسبة، و لأنه لا يوجد هناكَ سببٌ يقتضي الفصل.
(6) فصل بين الجملتين: " أيها الناس " و "إني وليت عليكم" لاختلافهما خبرا و إنشاء فبينهما كمال الانقطاع، ووصل بين الجملتين:"وليت عليكم "ولست بخيركم " لأنه أريد إشراكهما في الحكم الإعرابي إذ كلتاهما في محل رفع، وإذا كانت الواو للحال فلا يصل.
(7) فصل بين شطري البيت، لأن الثاني منهما جواب عن سؤال نشأ من الأولى، فبينهما شبه كمال الاتصال.
(8) وصل بين جملتي لا، وكفيت، لاختلافهما خبرًا و إنشاء، و في الفَصْل إيهام خلاف المقصود، فبينهما وكمال الانقطاع مع الإبهام.
(9) بين جملة " أمدكم بما تَعْلمون" و جملة "أمدكم بأنعام وبَنِينَ وجنَّات و عيون "كمال الاتصال؛ فإن الثانية منهما بدل بعض من الأولى، إذ الأنعام و البنون و الجنات والعيون بعض ما يعلمون.
(10) ووصل أَبو العتاهية بين الجملتين لأنهما اتفقتا في الخبرية، وبينهما مناسبة تامة، وليس هناك ما يقتضي الفصل.
(11) كذلك وصل الغَزِّي بين شطري البيت لما تقدم.
(12) وفصل أبو العلاء بين شطري البيت لأن بينهما كمال الانقطاع إذ الجملتان مختلفتان خبراً و إنشاءً.
(13) بين جملة " يقولون إني أحمل الضيْمَ "و جملة "أعوذ بربي أن يضام نظيري " شبه كمال الاتصال لأن الثانية جواب عن سؤال نشأ من الأولى، فكأن الشاعر بعد أن أتى بالشطر الأول من البيت أحس أنْ سائلاً يقول له: " و هل ما يقولونه من أنك تتحمل الضيم صحيح؟"، فأجاب بالشطر الثاني.
(14) بين جملة:{ يسومونَكم سُوء العذاب }وجملة: { يُذبحون أبْناءكم} كمال الاتصال فإن الثانية منهما بدل بعض من الأولى.
(15) فصل الله تعالى بين الجملتين في الآية الكريمة ،لأن بينهما كمال الاتصال فإن الجملة الثانية بيان للأولى.
تمريناتٌ
(1)بين مواضعَ الوصل فيما يأتي و وضحِ السبب في كلِّ مثال:
(1) قال بعض الحكماء: العبْدُ حُرٌّ إذا قنِع، و الحرُّ عبدٌ إذا طمِع .
(2) وقال ابن الرومي :
قد يسبِقُ الخيرَ طالبٌ عَجِلٌ ويرهَقُ الشرُّ مُمعِناً هَرَبُهْ
(3) وقال أبو الطيب :
الرأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشجعانِ …هُو أوّلٌ وهْيَ المحلُّ الثاني
(4)و خطب الحجاج بن يوسف يوما فقال:
" اللَّهم أَرِني الغَيّ غيّاً فأجتنبَه، وأَرِني الهُدَى هُدىً فأتبعَه، ولا تَكْلني إلى نَفسي فأضلّ ضلالاً بعيداً. واللّه ما أُحِبُّ أنَّ ما مضى منَ الدنيا لي بعمامتي هذهِ، ولمَا بَقِيَ منها أَشبهُ بما مَضى منَ الماءِ بالماءِ" .
(5)و قال الشريف الرضي يرثو أبا إسحاق الصابي :
أعَلمْتَ مَنْ حَمَلُوا عَلى الأعْوَادِ أرَأيْتَ كَيْفَ خَبَا ضِيَاءُ النّادِي
(6)و قال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه :
أَصُونُ عِرْضِي بمالِي لا أُدَنِّسُهُ ... لا بارَكَ اللهُ بَعْدَ العِرْضِ في المالِ
أَحْتالُ للمالِ إنْ أَودَى فأَكْسِبُهُ ... ولسْتُ للعِرْضِ إنْ أَوْدَى بِمُحتالِ
(7)و قال النابغة الذبياني يرثي أخاه من أمِّه :
حَسْبُ الخَلِيَلْينِ نَأْيُ الأرضِ بَيْنَهُما ... هذا عَلَيْها وهذا تَحْتَها بالِ
(8) و قال الطغرائي :
يا وارداً سُؤْرَ عيشٍ كلُّه كدرٌ …أنفقتَ عمركَ في أيامكَ الأُولُ
(9) وقال علي الجارم :
لاَ الدَّمعُ غاضَ وَلا فُؤادُكَ سَالى دَخَلَ الْحِمَامُ عَرِينة َ الرِّئْبالِ
(10) و قالت زينب بنت الطَّثَرِيَّة ترثي أخاها :
وقَدْ كان يُرْوِي المَشْرَفِيَّ بكَفِّهِ ... ويَبْلُغُ أَقْصَى حَجْرَةِ الحَيِّ نائِلُهْ
(11) و قال أبو الطيب :
أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ
(12) وقال الشاعر :
العينُ عبرَى و النفوسُ صوادي …ماتَ الحجا و قضَى جلال النادي
(13) و قال رجل من بني أسد في الهجاء :
لا تحسبِ المجَد تمراً أنت آكلُه …لنْ تبلغَ المجدَ حتى تلعقَ الصَّبِرَا
(14) و قال عمارة اليمني :
و غدر الفتى في عهده و وفائه …و غدر المواضي في نُبُوِّ المضارب
(15)و قال تعالى في قصة فرعون وردِّ موسى عليه السلام:
{ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) [الشعراء/23-29] }.
(16)و قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7) سورة لقمان.
(2)أجب عما يلي :
(1)لِم يعِيبُ الناس العطف في الشطر الثاني من أبى تمام؟
لا والذي هوَ عالمٌ أنَّ النوى صَبِرٌ وأنَّ أَبَا الحُسَيْنِ كَرِيمُ
(2)لِم يحْسنُ أنْ نقول: عليٌّ خطيبٌ و سعيدٌ شاعرٌ، ويقبحُ أَن نقولَ: عليٌّ مريضٌ وسعيدٌ عالِمٌ ؟
(3)أجب عما يلي :
(1) هات ثلاثة أمثلة للجمل المفصول بينها لكمال الاتصال، واستوف المواضع الثلاثة التي يظهر فيها هذا الكمال.
(2) هات مثالين للجمل المفصول بينها لشبه كمال الاتصال.
(3) " " " " " لكمال الانقطاع.
(4)أجب عما يلي :
(1) مثل بمثالين لكل موضع من مواضع الوصل.
(5)انثُر البيتين الآتيين وبين سبب ما فيهما من فصلٍ ووصل، وهما لأبي الطيب في مدح سيف الدولة :
يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرَادَ بسَيْفِهِ أصْبَحتُ منْ قَتلاكَ بالإحْسانِ
فإذا رَأيتُكَ حارَ دونَكَ نَاظرِي وَإذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني
================










الإيجازُ والإطنابُ والمساواةُ
(1) الْمُسَاوَاةُ
الأمثلةُ:
(1) قال تعالى: {.. وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ .. } (110) سورة البقرة .
(2) و قال تعالى: {.. وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ .. } (43) سورة فاطر .
(3) وقال النابغة الذبيانيُّ :
فإنَّكَ كاللَّيْلِ الذي هو مُدْرِكِي ... وإِنْ خِلْتُ أَنَّ المُنْتَأَى عَنْكَ واسِعُ
(4) و قال طَرَفةُ بنُ العَبْد :
سَتُبْدِي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهِلاً ... ويأْتِيكَ بالأَخْبارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
البحثُ:
يختارُ البليغُ للتعبير عما في نفسه طريقاً من طرق ثلاث، فهو تارة يوجز و تارة يُسْهبُ، و تارة يأتي بالعبارة بَين بَيْن، على حسب ما تقتضيه حالُ المخاطب ويدعو إليه موْطنُ الباب، نريد هنا أن نشرح هذه الطرق الثلاث، و سنبدأ بالمساواة لأنها الأول المقيس عليه.
تأمل الأمثلة المتقدمة تجد الألفاظ فيها بقدر المعاني، وأنك لو حاولت أن تَزيد فيها لفظا لجاءت الزيادة فضلا، أو أردتَ إسْقاط كلمة لكان ذلك إخلالا، فالألفاظ في كل مثال مساوية للمعاني، ولذلك يُسَمَّى أداءُ الكلام على هذَا النحو مساواة.
القاعدةُ:
(75) الْمُسَاوَاةُ أَنْ تَكونَ المعاني بقدرِ الأَلْفَاظِ، والألفاظُ بقَدْر المعاني، لا يَزيدُ بَعْضُهَا عَلَى بَغضٍ
------------
(2) الإِيجاز ُ
(1) قال تعالى: {.. أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (54) سورة الأعراف
(2) وقال صَلَّى الله عليه وسَلَّم: " الضَّعِيفُ أَميرُ الرَّكْب " .
(3) وقيل لأعرابي يَسوقُ مالاً كثيرًا: لِمَنْ هَذا الْمالُ؟ فقالَ: للهِ في يدي.
(4) وقال تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (22) سورة الفجر
(5) وقال تعالى: { ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) } [ق/1، 2].
(6) و قال تعالى: في حكاية موسى عليه السلام مع ابنتي شُعَيْب : { فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) } [القصص/24-26].
البحثُ:
تأمل أمثلة الطائفة الأولى تجدْ أن ألفاظها في كل مثال على قلتها جمعت معاني كثيرةً متزاحمة، فالمثال الأَول تضَمَّن كلمتين اسْتَوعبتا جميع الأشياء والشئون على وجْهِ الاستقصاء. حتى لقد رُوىَ أَن ابن عمَر رضي الله عنه قرأها فقال: "منْ بقي له شيء فَلْيطلبه" . والمثال الثاني آية في البلاغة والحسن، فقد جمع من آداب السفر و العطف على الضعيف ما لا يسهل على البليغ أن يُعبًر عنه إلا بالقول المُسْهَب الطويل. وكذلك الحال في المثال الثالث. وهذا الأسلوب من الكلام يسمَّى إيجازاً. ولما كان مدار الإِيجاز هنا على اتساع الألفاظ القليلة للمعاني المتكاثرة والأغراض المتزاحمة، لا على حذف بعض كلمات أَو جمل، سميَ إيجاز قِصَرٍ .
تأمل أمثلة الطائفة الثانية تجد أنها موجَزَةٌ أيضا، وإذا أَردت أن تَعْرف سِرَّ الإيجاز فيها فانظر إِلى المثال الأَول تجد أنه قد حُذف منه كلمة إذ تقدير الكلام فيه و جاءَ أمر ربك، وانظر إلى المثال الثاني تجد أنه حُذف منه جملة هي جواب القسم، إِذ تقدير الكلام {ق والقراَن المجيدِ } لَتُبْعثن. أَما المثال الثالث فالمحذوف فيه جمل عدة، و نَظم الكلام من غير حذف أن يقال: فَذهبتَا إلى أَبيهما، و قصتا عليه ما كان من أمر موسى، فأرسل إِليه، { فجاءته إحْداهما تَمْشي على استحياء}.
ولما كان سببُ الإيجاز في هذه الأمثلة هو الحذف سُمِّي إيجاز حذفٍ، ويشترط في هذا النوع من الإيجاز أن يقوم دليلٌ على المحذوف، و إلا كان الحذفُ رديئاً والكلامُ غيرَ مقبول.
القاعدةُ:
(66) الإيجازُ جَمْعُ المعاني المُتَكاثِرَةِ تَحتَ اللَّفْظِ اَلْقَلِيل مَعَ الإِبانةِ وَاَلإِفْصَاح، وَهُوَ نوْعَان:
(1)- إِيجازُ قِصَرٍ ، و يكَون بتَضمِين العِبارَاتِ الْقَصِيرَةِ معاني قَصِيرَةٍ مِنْ غَيْر حَذْفٍ .
(ب)- إيجاز حَذْفٍ ، ويَكونُ بحَذْفِ كلِمَةٍ أو جملةٍ أَوْ أَكثْرَ مَعَ قَرينَة تُعَيِّن اَلْمَحْذُوفَ.
نَمُوذَجٌ
لبيان نوع الإيجاز في العبارات الآتية:
(1) قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82) سورة الأنعام.
(2) و قال تعالى: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} (85) سورة يوسف
(3) و قال تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا} (31) سورة النازعات.
(4) و قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (106) سورة آل عمران.
(5) وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (31) سورة الرعد.
(6) وقال أبو الطيب :
أتَى الزّمَانَ بَنُوهُ في شَبيبَتِهِ فَسَرّهُمْ وَأتَينَاهُ عَلى الهَرَمِ
(7) أكلتُ فاكهةً و ماءً.
الإجابةُ
(1) في الآية إيجاز قِصَر، لأن كلمة {الأمن } يدخل تحتها كل أمر محبوب، فقد انْتَفَى بها أن يخافوا فقرًا، أَو موتاً، أو جوْرا، أو زوال نعمة، أو غير ذلك من أصناف المكاره.
(2) في الآية إيجاز حذف، لأن المعنى {تالله لا تفتأ تذكر يوسف } فحذف حرف النفي.
(3) في الآية إيجاز قصر، فقد دل الله سبحانه بكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا و متاعاً للناس من العُشب والشجر والحطب واللِّباس والنار و الماء.
(4) في الآية إيجاز حذف، فقد حُذف جوابُ أَمَّا، وأصل الكلام :{فيقال لهم أكفرتم بعْد إيمانكم }.
(5) في الآية إيجاز بحذف جواب لو، إذ تقدير الكلام لكان هذا القرآن.
(6) في البيت إيجاز بحذف جملة: و التقدير و أتيناه على الهَرم فساءنَا.
(7) في العبارة إيجاز حذف جملة، إذ التقدير و شَربْت ماءً.
تمريناتٌ
(1)بين نوع الإيجاز فيما يأتي ووضح السببَ:
(1) قال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91) سورة المؤمنون
(2) وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (199) سورة الأعراف
(3) وقال عليه الصلاة والسلام. « إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا » .
(4) وقال تعالى في وصف الجنة: {.. وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ..} (71) سورة الزخرف.
(5)و قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} (51) سورة سبأ
(6)و قال تعالى: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } (4) سورة فاطر.
(7)و قال صلى الله عليه وسلم: " الطمعُ فقرٌ واليأسُ غِنًى " .
(8) و قال علي كرم اللَه وجهه: " آلَةُ الرِّيَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ" .
(9) ويُنْسب للسموءل :
وإِنْ هُو لَمْ يَحْمِلْ على النَّفْسِ ضَيْمَها ... فَلَيْسَ إلى حُسْنِ الثَّناءِ سبيلُ
(10) و قال تعالى في وصف انتهاء حادثة الطوفان {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (44) سورة هود .
(2)بيِّنْ جمالَ الإِيجاز فيما يأتي و اذكر من أيِّ نوعٍ هو:
(1) كتب طاهرُ بن الحسين إلى المأمون وكان واليَهُ على عُمَاله بعد هزمه عسْكر علي بن عيسى بن ماهان و قتله إِياه:
كتابي إِلى أَمير المؤمنين، ورأْسُ علي بن عيسى بن ماهان بين يدَي، وخَاتمُهُ في يدي، و عسكَرُه مُصرَّف تحت أمري والسلام .
(2)و خطب زياد فقال : أيها الناس لا يَمْنعكم سوءُ ما تَعْلمون منَّا أن تنَنْتفعوا بأحْسَنِ ما تسمعون منّا ،
(3)بين ما في التوقيعات الآتية من جمالِ الإيجاز:
(1) وقَّع أبو جعفر المنصور في شكوى قوم من عاملهم:كما تكونوا يؤمَّر عليكم .
(2) وكتب إليه صاحبُ مِصْر بنُقْصان النيل فوقع :طهِّرْ عسكركَ من الفسادِ يعطِكَ النيلُ القيادْ .
(3) ووقع على كتاب لعامله على حِمص و قد كثُر فيه الخطأ:استبدِل بكاتبك، وإلا أستُبْدِل بك .
(4) وكتب إِليه صاحب الهند أنَّ جُنْدًا شغبوا عليه و كَسروا أقْفالَ بيتِ المال، فَوقَّع: لو عدلْت لَمْ يشْغبُوا ولو وفَيْت لَمْ ينتهِبُوا .
(5) ووقع هارون الرشيد إلى صاحب خرا سان: داوِ جُرْحكَ لا يتسعْ .
(6) ووقع في قصة البرامكة: أنبتتهم الطاعة، و حصدتْهُم المعصية .
(7) وكتب إِبراهيم بن المهْدي في كلام للمأمون : إن عفوت فبفضلك، وإن أَخذتَ فبحقك. فوقَع المأمون: القُدْرة تُذهبُ الحفيظَة .
(8) ووقع زِياد بنُ أبيه في قصة مُتظلم: كُفِيتَ.
(9) ووقَّع جعفر بن يحيى لعامل كَثُرَتِ الشكوى منه:كثُر شاكوك، و قلَّ شاكرُوك، فإما عدلْت، وإِمَّا اعْتَزَلْت .
(10) ووقع في قصة محبوس: الجناية حسبهُ، والتوبةُ تطلقه
(4)اقرأ الحكاية الآتية وبين وجه الإيجاز و نوعه فيما يعرض فيها من أمثال:
كَان لرجل من الأعراب اسمه ضَبَّةُ ابنان. يقال لأحدهما سعْد و للآخر سُعيْد، فنَفَرتْ إبل لضبة فتفرق ابناه في طلبها، فوجدها سعد فردها، فمضى سُعيْد في طلبها، فلقيه الحارث بن كعب، وكان على الغلام بُرْدان؛ فسأله الحارث إياهما فأبى عليه فقتله وأخذ برديه، فكان ضبة إذا أمسى ورأى تحت الليل سوادًا قال: أسعد أَمْ سُعيْد؟ فذهب قوله مثلا يُضرب في النجاح والخيبة، ثم مكث ضبة بعد ذلك ما شاء الله أَن يمكث، ثم إنه حج فوافى عُكاظ فلقي بها الحارث بن كعب، ورأى عليه بُرْدي ابنه سُعيْد، فعرفهما، فقال له: هل أَنت مخبري ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال لقيت غلاماً يوما وهما عليه فسألته إياهما فآبى عليَّ فقتلته فأخذتهما، فقال ضبة: بسيفك هذا؟ قال: نعم، قال: أرنيه فإِني أظنه صارماً؟ فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخذه هزَّه و قال: الحديثُ ذو شُجُون ثم ضربه به فقتل!، فقيل له يا ضَبة: أفي الشهر الحرام؟ فقال: سبقَ السيفُ العذل فهو أول من سارت عنه هذه الأمثال الثلاثة .
(5)أجب عما يلي :
(1)هاتِ ثلاثة أمثلة لإيجاز القِصَر وبين وجه الإيجاز في كل منها.
(2) هاتِ ثلاثة أمثلة لإيجاز الحذف، بحيث يكون المحذوف في المثال الأول كلمة و في الثاني جملة، و في الثالث أكثر من جملة، وبين المحذوف في كل مثال.
(6)بيِّنِ ما في قول أبى تمامِ في المديح من بلاغة وإِيجاز :
فلو صَوَّرْتَ نَفْسَك لم تَزِدْها على ما فيكَ منْ كرمِ الطباعِ
=================



(3) الإطنابُ
الأمثلةُ:
(1) قال تعالى : {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} (4) سورة القدر .
(2) وقال تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} (28) سورة نوح.
(3) وقال: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} (66) سورة الحجر.
(4) وقال عنترة بن شداد في بعض روايات معلقته :
يَدْعُونَ عَنْتَرَ، والرّمَاحُ كأنّها ... أَشْطانُ بِئْرٍ في لَبَانِ الأدْهَمِ
يَدْعُون عَنْتَرَ والسُّيُوفُ كأنها …لَمْعُ الْبَوَارقِ في سحَابٍ مُظْلِمِ
(5) وقال النابغة الْجَعدِي :
أَلا زَعَمَتْ بَنُو سَعْدٍ بأنِّي …- أَلا كَذَبُوا - كَبيرُ السنِّ فإني
(6) وقال الحطَيئة :
تَزُورُ فَتًى يُعطِي على الحَمدِ مالَه …ومنْ يعطِ أثمانَ المَحامِدِ يُحمَدِ
(7) وقال ابنُ نُباتة السعدي :
لم يُبْقِ جودُكَ لي شيئاً أُؤمّلهُ ... تركتني أصحبُ الدُّنيا بلا أَمَلِ
(8) وقال ابن المعتز يصف فرساً :
صَبَبْنَا علَيْهَا ظَالِمِينَ سِيَاطَنَا ... فطَارَتْ بها أَيْدٍ سِرَاعٌ وأَرجُلُ
البحثُ :
عرفتَ فيما سبق معنى الإيجاز؛ ونريد هنا أن نشرح لك نوعاً آخر من الأساليب يقابله ويُضادُّه فتزيد فيه الألفاظ على المعاني لغرض بلاغي.
تأمل المثال الأول تجد لفظ " الروح " فيه زائدًا، لأن معناه داخل في عموم اللفظ المذكور قبله نحو الملائكة، وانظر في المثال الثاني تجد أن لفظ " لي و لوالدي " زائد أيضاً، لدخول معناه في عموم المؤمنين والمؤمنات، وكذلك يشتمل كل مثال من الأمثلة الباقية على زيادة لفظية ستعرفها فيما يأتي، وسترى أيضا أنَّ هذه الزيادة لم تجئ عبثا، وإنما جاءَت لِلطيفة من اللطائف البلاغية التي تزيد قيمة الكلام وترفع من معانيه، وأداءُ الكلام على هذا الوجه يُسمىَّ إطناباً.
ارجع إلى الأمثلة وابحث فيها واحدًا واحدًا تجد طرق الإطناب فيها مختلفة: فطريقه في المثال الأول ذكر الخاص بعد العام، فقد خَص الله سبحانه وتعالى الروح بالذكر وهو جبريل مع أنه داخل في عموم الملائكة تكريما له وتعظيما لشأنه كأنه جنس آخر ففائدته الزيادة هنا التنويه بشأن الخاص.
وطريقه في المثال الثاني ذكر العام بعد الخاص فقد ذكر الله سبحانه و تعالى المؤمنين و المؤمنات وهما لفظان عامان يدخل في عومهما من ذكر قبل ذلك مرة واحدة و مرة مندرجا تحت العام.
و طريقه في المثال الثالث الإيضاح بعد الإبهام فإن قوله تعالى : { إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} إيضاح للإبهام الذي تضمنه لفظ " الأمر " و ذلك لزيادة التقرير و مرة على طريق الإيضاح و التفصيل.
و طريقه في بيت عنترة التكرار لتقرير المعنى في نفس السامع وتثبيته، ويظهر هذا الغرض في الخطابة و في موطن الفخر و المدح و الإرشاد و الإنذار و قد يكون التكرار لدواع أخرى منها التحسر كما في قول الحسين بن مطير يرثي معن بن رائدة :
فيا قبرَ معنٍ أنت أولُ حُفْرَةٍ ... من الأرض خُطَّتْ للسماحة مَضْجَعا
ويا قبرَ مَعْنٍ كيف واريتَ جودَهُ ... وقد كان منه البَرُّ والبحرُ مُتْرَعَا؟
و منها طولُ الفصل كما في قول الشاعر :
لَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ اليَمَانونَ أَنَّنِي ... إِذا قُلْتُ أَمَّا بعدُ أَنِّي خَطِيبُها
وطريقه في المثال الخامس الاعتراض، وهو أن يؤتَى في أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين في المعنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب لغَرض يقصد إليه البليغ، فجملة "ألا كذبوا " قد جاءت في بيت النابغة بين اسم أن و خبرها للإسراع إلى التنبيه على كذب من رماه بالكِبَر، قد يكون من أغراض الإعراض الإسراع إلى التنزيه، نحو: إن الله- تبارك و تعالى- لطيف بعباده، وقد يكون للدعاء نحو إني- وقاك اللهُ- مريضٌ.
وطريقه في المثالين السادس والسابع التذييلُ، وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها تأكيدا لها، فإن المعنى في كلا البيتين قدِ تم في الشطر الأول، ثم ذُيِّل بالشطر الثاني للتوكيد. وإذا تأملت التذييل في المثالين وجدتَ بينهما بعض الخلاف. وذلك أن التذييل في المثال الأول مستقل بمعناه لا يتوقف فهمه على فهم ما قبله، ويقال له إنه جار مجرَى المثل. أما في المثال الثاني فهو غير مستقل بمعناه، إذ لا يفهم الغرضُ منه إلا بمعونة ما قبله، و يقال لهذا النوع إنه غير جار مجرَى المثل.
تأمل المثل الأخير تجد أننا لو أسقطنا منه كلمة "ظالمين"، لتوهم السامع أن فرس ابن المعتز كانت بليدة تستحق الضرب،و هذا خلاف المقصود و تسمَّى هذه الزيادة في البيت احتراسا، وكذلك كل زيادة تجيء لدفع ما يوهمه الكلام مما ليس مقصوداً.
القَاعدةُ:
(67) الإطنابُ زيادَةُ اللفْظِ عَلَى المَعنَى لفائدةٍ وَيكُونُ بأمور عِدة منْها:
(أ)- ذِكْرُ الخَاصِّ بَعْدَ العام لِلتَّنبيهِ عَلَى فَضْلِ الْخَاصِّ.
(ب)- ذِكْرُ العَامِّ بَعدَ الخَاصِّ لإفادَةِ العُمُومِ معَ الْعِنايةِ بشَأن الخاصِّ.
(جـ)- الإِيضاحُ بَعْدَ الإبهامِ، لتقرير الْمَعْنى في ذهن السامِع.
(د)- التكرار لِدَاع: كتمكِين الْمَعنَى من النفس، وكالتَّحَسُّر، وكَطُولِ الْفَصل.
(هـ)- الاعْتِرَاضُ، وهُو أنْ يؤْتَى في أثْناءَ الكلاَم أوْ بَيْنَ كلاميْنِ مُتَّصِلَيْن في المعنى بجُمْلَةٍ أوْ أكْثر لا مَحَلَّ لها منَ الإعراب .
(و)- التَّذْييلُ، وهوَ تَعقيبُ الجمل بجمْلَةٍ أخْرَى تَشْتَمِلُ على مَعْنَاهَا تَوْكيدًا لها، و هُوَ قِسْمان:

(1) جَارٍ مَجْرَى الْمَثَلِ إنِ أسْتَقَلَّ مَعْناهُ و استغنى عَمَّا قبلَهُ.
(2) غيْرُ جَار مجرَى المَثَلِ إن لَم يَسْتَغن عَما قَبلَهُ.
(ز)- الاحتراسُ، وَيَكُونُ حِيَنما يأتي المتكلم بمَعْنى يُمكِنُ أنْ يَدخلَ عَلَيْهِ فيه لَوْم، فَيَفْطِنُ لذلكَ ويأتي بما يُخَلِّصُهُ منْهُ.
نموذجٌ
بين نوع الإطناب فيما يأتي :
(1)قال تعالى: { أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) [الأعراف/97-99] }.
(2) وقال تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) } [الأنبياء/34، 35].
(3) وقال أبو الطيب :
إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
(4) وقال النابغة الجعْدي يهجو :
لَو أنّ الباخلينَ وأنتِ منهمْ ... رَأوكِ تعلَّموا منكِ المِطالاَ
(5) وقالت أعرابيةٌ لرجلٍ: " كَبَتَ اللهُ كُلَّ عَدُوٍّ لكَ إِلاّ نَفْسَكَ " .
(6) و قال تعالى:{ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134)} [الشعراء/132-135].
الإجابةُ :
(1)في الآية إطناب بالتكرار في معْرض الإنذار لتقرير المعنى في نفوس السامعين.
(2) في الآية إطناب بالتذييل في موضعين: أولهما قوله تعالى: {أفإن متَّ فهم الخالدون } وهذا تذييل لم يجر مجرى المثل، و الثاني قوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت } و هو جار مَجْرَى المثل.
(3) في البيت إطناب بالاحتراس في موضعين: أولهما في الشطر الأوَّل بذكر "وهو بي كرم"، وثانيهما في الشطر الثاني بذكر "وهو بي جُبن".
(4) في البيت إطناب بالاعتراض. فقد جاءت جملة: " وأنت منهم " معترضة بين اسم إن و خبرها للإسراع إلى ذم المخاطَب.
(5) هنا إطناب بالاحتراس، لأن نفس الإنسان تجري مجْرى العدو له، فأنها تدعوه إلى ما يوبقه.
(6) في الآية إطناب بالإيضاح بعد الإبهام فإن ذكر الأنعام و البنين توضيح لما أبهم قبل ذلك في قوله : { بما تعلمون }.
تمريناتٌ
(1)وضحِ الغرض من التكرار في كل مثل من الأمثلة الآتية:
(1) قال بعض شعراء الحماسة :
إلَى معْدَنِ العزِّ المؤَثَّل و الندى …… هناك هناك الفضل و الخُلُقُ الجزل
(2) و قالت أعرابية تَرثي ولديها :
يا من أحسَّ بنيَّيَّ اللذين هما … كالدُّرَّتَين تشظَّى عنهما الصَّدف
يا من أحسَّ بنيَّيَّ اللذين هما …سمْعي و طرفي فَطَرْ في اليوم مُخْتَطَفُ
(3) و قال عمرو بن كلثوم في معلقته :
بِأَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ نَكُوْنُ لِقَيْلِكُمْ فِيْهَا قَطِيْنَا
بِأَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ تُطِيْعُ بِنَا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِيْنَا
(4) قال تعالى :{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) } [الشرح/5، 6] .
(2)بين مواطن الاعتراض في الأمثلة الآتية :
(1)قال العباس بن الأحنف :
إِن تمَّ ذا الهجرُ يا ظلومُ ولا ... تَمَّ فمالي في العيش منْ أربِ ِ
(2) و قال أبو الفتح البستي :
فإِنْ حَمِدَ الكريمُ صباح يوم ... وأنى ذاكَ لم يحمَدْ مساءهْ
(3) وقال أبو خراش الهُذَلي يذكر أخاه عُرْوة :
تقولُ: أَراهُ بَعْدَ عُرْوَةَ لاهِياً ... وذلك رُزْءٌ لو عَلِمْتِ جَلِيلُ
فلا تَحْسَبِي أنِّي تَناسَيْتُ عَهْدَهُ ... ولكنَّ صَبْرِي يا أُمَيْمَ جَمِيلُ
(4) وقال الشاعر :
واعلمْ، فَعِلْمُ الْمَرء يَنْفَعُهُ، ... أنْ سَوْفَ يأْتي كُلُّ ما قُدِرا
(3)بين مواطن التذييل و نوعه في كل مثال من الأمثلة الآتية:
(1) قال أبو تمام يُعزي الخليفة في ابنه :
تَعَزَّ أمِيرَ المُؤْمنين فإِنَّهُ ... لِما قد تَرَى يُغْذَى الوَلِيدُ ويُولَدُ
هلِ ابنُكَ إلاّ مِن سُلالَةِ آدمٍ ... لكلٍّ على حَوْضِ المَنِيَّةِ مَوْرِدُ
(2) و قال إبراهيم بن المهدي في رثاء ابنه :
تَبدَّلَ دارَا غيْرَ داري و جيرةً …سوايَ و أحْداثُ الزَّمان تَنُوبُ
(3) وقال الشاعر :
فإنْ أكُ مقتُولا فكُنْ أنْتَ قاتلي… فبعضُ منَايا القَومِ أكرمُ مِنْ بعْض
(4) وقال تعالى: { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } (17) سورة سبأ
(4)بين مواطن الاحتراس وسبب الإِتيان به في الأَمثلة الآتية:
(1) قال أَبو الحسين الجزار في المديح :
ويهتزُّللجَدْوَى إذا ما مدحتهُ ... كما اهتزَّ، حاشا وصفه، شاربُ الخمر
(2) وقال آخر :
وما لي إلى ماءٍ سوى النيلِ غلةٌ ... ولو أنهُ أستغفرُ الله زمزمُ
(3) وقال عنْترة :
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّنِي ... أَغْشَى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَمِ
(4)و قال كعب بن سعيد الْغَنَوي :
حَلِيمٌ، إذا ما الحِلْمُ زَيَّنَ أَهْلَهُ،مَعَ الحِلْمِ، في عَيْنِ العَدُوِّ، مَهِيبُ
(5)بيِّن مواقع الإطناب والغرض منه فيما يأتي:
(1) قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (90) سورة النحل.
(2) و قال أيضا: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} (238) سورة البقرة.
(3) و قال الشاعر :
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
(4) و قال تعالى: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ } [الإنفطار/17، 18].
(5) و قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) } [غافر/38-40].
(6) و قال تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } (12) سورة النمل.
(7) و قال الحماسي :
أقَيْدٌ وَحَبْسٌ واغْترَابٌ وفرقةٌ ... وهَجْرُ حبيبٍ إنَّ ذَا لَعظيمُ
وإن امرأً دَامت مَواثِيقُ وَدِّهِ ... عَلَى عُشْرِ ما بي إنَّه لَكريمُ
(8) و قال تعالى : {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} (120) سورة طـه.
(9) و قال إبراهيم المهدي في رثاء ابنه :
و إنِّي و إن قُدِّمْتَ قَبْلي لعالمٌ ……بأنِّي و إن أبطأتُ عنكَ قريبُ
(10) قال تعالى : {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ } (57) سورة النحل.
(11) و قال أوس بن حجر :
ولَيسَ بخابىءٍ لغَدٍ طَعاماً ... حِذارَ غَدٍ، لكلِّ غَدٍ طَعامُ
(12) و قال تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (104) سورة آل عمران.
(13) و قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (14) سورة التغابن.
(14) و قال تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (53) سورة يوسف.
(15) قال تعالى : {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (4) سورة يوسف.
(6)بين ما ترى في الأبيات الآتية من العيوب البلاغية:
(1) قال أَبو نواس :
أقَمْنا بها يَوْماً ويوماً وثالِثاً ويوماً له يومُ التّرحلِ خَامِسُ
(2) و قال النابغة في وصف دار :
توَهّمْتُ آياتٍ لها، فَعَرَفْتُها لِسِتّة ِ أعْوامٍ، وذا العامُ سابِعُ
(3)و قال أَبو العتاهية :
ماتَ واللهِ سعيدُ بْن وهب … رحِم اللهُ سعِيدَ بْن وهْبِ
يا أبا عثمان أبكيت عيني … يا أبا عُثمانَ أوجعت قلبي
(7)تدبر الكلام الموجز الآتي ثم ضعه في أسلوبين من إنشائك يكون في أحدهما مساوياً لمعناهُ، و في الآخر زائدًا على معناه:
أما بعدُ فعِظِ الناس بفعلِكَ، واًسْتَحْي من اللهِ بقدْر قُربهِ منك، و خَفْه بقدر قدْرته عليك .
(8)لماذا كان كلُّ مثال به فصل لكمال الاتصال ضرباً من الإطناب؟ مثل بأمثلة مختلفة، وبيِّن نوع الإِطناب في كل مثال:
(1) هات مثالين للإطناب بذكر الخاص بعد العام، وآخرين للإِطناب بذكر العام بعد الخاص، وبيِّن فائدة الزيادة التي تضمنها الكلام في كل مثال.
(2) هات مثالين للاعتراض، وبيِّن فائدته في المثالين.
(3) هات أربعة أمثلة للتكرار الحسن، وبين غرضك منه في كل مثال، استوف أغراض التكرار التي عرفتها.
(4) هات مثلين للتذييل الجاري مجرَى المثل، وآخرين للتذييل الذي لم يجر مجرَى المثل.
(5) هات مثالين للاحتراس.
(9)اشرح بيتي المتنبي في وصف شعب بَوَّان ، وبيِّن نوع الإطناب فيها :
مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ
طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ
=================











أثرُ عِلمِ المعاني في بَلاغةِ الكلامِ
نستطيع هنا بعد الدراسة السابقة أن نلخص لك مباحث علم المعاني في أمرين اثنين:
الأول: أنه يبين لك وجوب مطابقة الكلام لحال السامعين والمواطن التي يقال فيها، ويُريك أنَّ القول لا يكون بليغاً كيفما كانت صورته حتى يلائم المقام الذي قيل فيه، ويناسب حال السامع الذي أٌلقي عليه، وقديما قال العرب: لكلِّ مقامٍ مقالُ.
فقد يؤكد الخبر أحياناً كما علمت، وقد يُلقى بغير توكيد، على حسب حال السامع مِنْ جَهْل بمضمون الخبر أو تردد أو إنكار. ومناهضة هذا الأصل بلا داعٍ نُشوزٌ عما رُسم من قواعد البلاغة. انظر إلى قوله تعالى في شأن رُسل عيسى عليه السلام حين بعثهم إلى أهل أنطاكية:
{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) } [يس/13-16] .
فإن الرسل حين أحسٌّوا إنكارهم في المرة الأولى اكتفوا بتأكيد الخبر " بإن ". فقالوا : {إنا إليكم مرسلون} فلما تزايد إنكارهم وجحودهم قالوا: { ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} أكدوا بالقسم وإنَّ واللام.
وقد تَخفَى هذه الدقائق على غير أهل اللغة، رُوي أن الكندي ركب إلى أبي العباس المبرِّد وقال له: "إني أجد في كلام العرب حشواً!
فقال أبوالعباس: "أين وجدت ذلك؟" فقال: "وجدتهم يقولون عبد الله قائم ثم يقولون " إن عبد الله قائم " ثم يقولون " إن عبد الله لقائم " فالألفاظ مكررة والمعنى واحد"؛ فقال أبو العباس: "بل المعاني مختلفة، فالأول إخبار عن قيامه، والثاني جواب عن السؤال، والثالث ردٌ على منكر".
كذلك يوجب علم المعاني أنْ يخاطب كل إنسان على قدر استعداده في الفهم ونصيبه من اللغة والأدب فلا يجيز أن يخاطب العاميُّ بما يخاطب به الأديب الملمُّ بلغة العرب وأسرارها.
قال بعضهم لبشار بن بُرد: "إنك لتجئ بالشيء الهجين المتفاوت؛ قال: "وما ذاك؟" قال: "بينما تثير النقع وتخلع القلوب بقولك :
إِذا ما غَضِبْنا غَضبةً مُضَريَّةً ... هَتكنا حِجَابَ الشَّمْسِ أَو قَطَرت دَما
إِذا ما أَعَرْنا سَيِّداً مِن قَبيلة ... ذُرَا مِنبَر صَلَّى عَلَيْنا وسَلَّما
نراك تقولُ:
ربابةُ ربَّه البيْتِ…..تصُبُّ الخلَّ في الزيتِ
لَهَا عشرُ دجاجاتٍ……ودِيكٌ حسنُ الصَّوْت
فقال بشار: لكلٍّ وجْهٌ وموضع، فالقول الأول جدٌّ، والثاني قلتُه في ربابة جاريتي، وأنا لا آكل البيْض من السوق، وربابة لَهَا عشر دجاجات وديكٌ فهي تجمع لي البيض، فهذا القول عندها أحْسنُ من "قفا نَبك مِنْ ذكرى حبيب ومنْزلِ " عندك!
وكثيرًا ما تجد الشَّاعر يسْهُلُ أحْياناً ويلين حتى يُشْبه شِعره لغة الخطاب، ويخشُنَ آونة، ويصلُبَ حتى كأنه يقذفك بالجلمد، كلُّ ذلك على حسب موضوعه الذي يقول فيه والطبقة التي يُنشدها شعرَه. ومن خير الأمثلة لهذا النوع أبونواس، فِإنه في خمرياته غيرُه في مدائحه ووصفه.
واعتبر هذا الأصل بما كان من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لما أراد أَن يَكتب إلى مَلك فارس اختار أسهل الألفاظ وأَوضحها فقال:
" بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى وَآمَنَ بِاَللّهِ وَرَسُولِهِ وَشَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ اللّهِ فَإِنّي أَنَا رَسُولُ اللّهِ إلَى النّاسِ كَافّةً لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّا وَيَحِقّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فَإِنْ أَبَيْت فَعَلَيْكَ إثْمُ الْمَجُوسِ " .
وحين أراد أَن يكتب إلى أُكيدر صاحبِ دومة الجندل فَخَّم الأَلفاظ وأتى بالجزْل النادر فقال :
" بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ لِأُكَيْدِرٍ حِينَ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ وَخَلَعَ الْأَنْدَادَ وَالْأَصْنَامَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ سَيْفِ اللّهِ فِي دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَأَكْنَافِهَا ، إنّ لَنَا الضّاحِيَةَ مِنْ الضّحْلِ وَالْبَوْرَ وَالْمَعَامِيَ وَأَغْفَالَ الْأَرْضِ وَالْحَلْقَةَ وَالسّلَاحَ وَالْحَافِرَ وَالْحِصْنَ وَلَكُمْ الضّامِنَةُ مِنْ النّخْلِ وَالْمَعِينِ مِنْ الْمَعْمُورِ لَا تُعْدَلُ سَارِحَتُكُمْ وَلَا تُعَدّ فَارِدَتُكُمْ وَلَا يُحْظَرُ عَلَيْكُمْ النّبَاتُ تُقِيمُونَ الصّلَاةَ لِوَقْتِهَا ، وَتُؤْتُونَ الزّكَاةَ بِحَقّهَا ، عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللّهِ وَالْمِيثَاقُ وَلَكُمْ بِذَلِكَ الصّدْقُ وَالْوَفَاءُ . " .
وتكون مطابقة الكلام لمقتضى الحال أيضاً فما يتصرف فيه القائل من إيجاز وإطناب: فللإيجاز مواطنه، وللإطناب مواقعه، كل ذلك على حسب حال السامع وعلى مقتضى مواطن القول؛ فالذكي الذي تكفيه اللمحة يحسن له الإيجاز، والغبي أو المكابر يجمل عند خطابه الإطناب والإسهاب.
وإذا تأملت القرآن الكريم رأيته إذا خاطب العرب والأعراب أوجز كلَ الإيجاز، وأخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي، وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم أسهب وأطنب فمما خاطب به أهل مكة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (73) سورة الحـج.
وقلما تَجدُ خِطاباً لبني إِسرائيل إلا وهو مسهب مطول، لأنَّ يهودَ المدينة كانوا يرون أنفسهم أهل علم وأهل كتاب فتجاوزوا الحد في المكابرة والعناد، وقد يكون القرآن الكريم نزَّلهم منزلة قصار العقول فأطنب في الحديث إليهم، ويشهد لهذا الرأي ما حكاه عنهم وعن مقدار معرفتهم بما في أسفارهم.
وللإيجاز مواطن يحسن فيها ، كالشكر والاعتذار والتعزية والعتاب إلى غير ذلك، وللإطناب مواضع كالتهنئة والصلح بين فريقين والقَصص والخطابة في أمر من الأمور العامة، وللذوق السليم القولُ الفصل في هذه الشئون.
أما الأمر الثاني: الذي يبحث فيه عِلْم المعاني فهو دراسة ما يستفاد من الكلام ضمناً بمعونة القرائن فإنه يريك أن الكلام يفيد بأصل وضعه معنًى، ولكنه قد يودي إليك معنى جديدًا يفهم من السياق وترشد إليه الحال التي قيل فيها، فيقول لك: إن الخبر قد يفيد التحسر، والأمر قد يفيد التعجيز، والنهي قد يفيد الدعاء، والاستفهام قد يفيد النفي، إلى غير ذلك مما رأيته مفصَّلاً في هذا الكتاب.
ويقول لك: إن الخبر قد يلقى مؤكدًا لخالي الذهن، وقد يلقَى غير مؤكد للمنكر الجاحد، لغرض بلاغي بديع، أراده المتكلم من الخروج عما يقتضيه ظاهر الكلام.
ويرشدك علمُ المعاني إلى أنَ القصر قد ينحو فيه الأديب مناحي شتى، كأن يتجه إلى القصر الإضافي رغبةً في المبالغة، فيقول المتفائل :
وما الدنيا سِوَى حُلمٍ لذيذ ……تُنَبِّهُهُ تَباشِيرُ الصباح
ويقول المتشائم :
هل الدَّهْرُ إلا ليلَةٌ طال سُهْدُها …تنفَّسُ عنْ يوْمٍ أحمَّ عصيبِ
وقد يكون من مرامي القصر التعريضُ كقوله تعالى: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (19) سورة الرعد ، إذ ليس الغرض من الآية الكريمة أن يعم السامعون ظاهر معناها، ولكنها تعريض بالمشركين وأنهم لفرط عنادهم وغلبة الهوى عليهم في حكم من لا عقل له.
ويَهديك علم المعاني إلى أن من أغراض الفصل في بعض أنواعه تقريرَ المعنى وتثبيته في ذهن السامع، كما في الفصل لكمال الاتصال وشبهه.
ولعل في هذه الكلمة الموجزة مَقنعاً في بيان ما لعلم المعاني من الأثر في بلاغة الكلام، وُمَا يمدُّه به الناشئ في الأدب من أساليب، وما يرسمُ له من طريق لحسن تأليفها في اختيار الأحوال والمواطن التي تقال فيها.

****************

البابُ الثالثُ- علمُ البديعِ

عرفتَ فما سبق أنَّ علم البيان وسيلة إلى تأْدية المعنى بأساليبَ عدة بين تشبيه ومجاز وكناية، وعرفت أن دراسة علم المعاني تُعِينُ على تأْدية الكلام مطابقاً لمقتضى الحال، مع وفائه بغرض بلاغيٍّ يفْهمُ ضمناً من سياقه وما يُحيط به من قرائن.
وهناك ناحية أخرى من نواحي البلاغة، لا تتناول مباحث علم البيان، ولا تنظر في مسائل علم المعاني، ولكنها دراسة لا تتعدى تزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعة من الجمال اللفظي أو المعنويِّ، ويسمَّى العلمُ الجامع لهذه المباحث بعلم البديع. وهو يشتمل كما أشرنا على محسِّناتٍ لفظية، وعلى محسِّنات معنوية، وإِنا ذاكرون لك منْ كلِّ قسم طرفاً.





رد مع اقتباس